رواية ليست ذنبى حمزة ومنى الفصل الثامن عشر بقلم عائشة الكيلاني
المكان كله كان هادي بشكل مخيف، إلا من صوت الأجهزة اللي بتقيس نبضها وتنفسها. نور كانت هناك، بين الحياة والموت، محبوسة في عالم مظلم، بس جوه الظلام ده، كان في نور صغير بيحاول يشق طريقه.. صوت ريان، وهو بيهمس لها جنب سريرها:ـ "نور.. لو كنتي سامعاني، كفاية بقى.. ابنك محتاجك، وأنا.. أنا كمان محتاجك، حتى لو مش هعترف بده قدامك."
إيده كانت متشنجة وهو ماسك كفها البارد، قلبه بيتصارع بين خوفه ووجعه، وعقله بيرجّع كل لحظة بينهم، كل مرة خناقه معاها علشان خايف عليها، كل مرة منعها من حاجة لمجرد إنه شايف إنه الصح. بس دلوقتي.. وهي نايمة قدامه، عاجزة، حاسس إنه كان أكبر غلط في حياتها.في اللحظة دي.. رمشت نور، رمشة خفيفة جدًا، كأنها بتحاول ترجع لعالمه، لعالم ابنها. قلبه دق بسرعة، بص لملامحها، عينه فضلت مترقبة.. يا ترى دي بداية رجوعها، ولا مجرد وهم أما برة، ففرح ونغم كانوا قاعدين على أعصابهم، رهف كانت ساكتة لأول مرة، يمكن لأنها شايفة وجع ريان قدامها بعينه. بس اللي محدش كان متوقعه.. إن اللحظة دي، هتكون مجرد بداية للعاصفة اللي جاية دي بداية تشويقية للحلقة الجديدة، وهنكمل منها على حسب المواجهة اللي هتحصل بينهم.. تحب أزود حاجة أو أعدل في حاجة
عيونه اتسعت، وقلبه دق بجنون وهو شايف صوابعها تتحرك حركة خفيفة، كأنها بتحاول توصل له، تثبت له إنها لسه هناإنها لسه بتحارب:ـ.ـ نور
صوته كان ضعيف، أقرب للرجاء من النداء، لكنه كان كفاية يخلي الدكتور يجي بسرعة.الدكتور قرب منها، فحص العلامات الحيوية، وبعدين قال بحذر:ـ ده تطور كويس، بس لسه بدري نحكم.. محتاجة وقت.
ريان قرب أكتر، همس جنب ودنها، صوته كان مليان ضعف، ولأول مرة مش بيحاول يخبيه:ـ حاربي.. مش علشاني، علشانه هو.. ابنك محتاجك أكتر مني بكتير."
لكنها ما ردتش، ما فتحتش عيونها.. بس مجرد الحركة الصغيرة دي كانت كفيلة تخليه يتمسك بالأمل.
مرت أيام، كل يوم بيقضي نصه بين اوضة نور والحضانة. كان بيرفض يسيبهم، بيقضي لياليه على كرسي جنبها، ومجرد إنه يسمع صوت جهاز القلب شغال كان بيديه إحساس بالأمان.
أما الطفل، فكان بيحاول.. كان صغير وضعيف، لكن صوته لما كان بيعيط، كان بيدّي ريان أمل. كأنه بيقوله: "أنا هنا.. ومش هسيبك لوحدك."
وفي يوم، وهو قاعد جنبها، ماسك إيدها كعادته، حاسس بالفراغ بيكله، سمع صوت ضعيف جدًا.. زي الهمس.:ـ ري...ان...
كأن حد صب نار في عروقه، رفع راسه بسرعة، عيونه اتسعت وهو شايف جفونها بترتعش، شفايفها بتتحرك بصعوبة.ـ نور
عيونها فتحت ببطء، كانت مرهقة، ضعيفة، لكن أول ما شافتها، دمعة وحيدة نزلت على خدها.:ـ ابني... فين
ريان حس بغصة، ابتسم رغم الدموع اللي لمعت في عيونه، قرب منها وهمس:ـ هنا.. عايش.. زيه زيك، محارب عنيد زي أمه.
نور حاولت تبتسم، بس كانت ضعيفة أوي. همست بصوت مبحوح:ـ كنت عارفه إنك مش هتسيبني..
ريان شد على إيدها، بصوت مليان وجع:ـ عمري ما كنت هسيبك.. إنتي اللي بعدتِ.
نور رمشت بضعف، همست كأنها بتعتذر:ـ كنت بخاف.. بس دلوقتي.. مطمنة."
ريان قرب راسه منها، همس بصوت مهزوز:ـ إوعي تسيبيني تاني.
بس هل اللي بينه وبينها هيرجع زي الأول ولا اللي حصل هيسيب جرح مش سهل يلتئم
نور بصتله:ـ عايزة اشوف ابني يا ريان ارجوك
ريان قبل جبينها:ـ حاضر هتشوفيه تتحسني الاول و تشوفيه
نور بصتله بخوف:ـ هو فيه حاجة.. ا ابني مات و انت مش عايزني اعرف مش كدا
ريان:ـ والله العظيم هو كويس بس الدكاترة بيعملوا له شوية فحوصات طبية مش اكتر لانه اتولد قبل معاده
فرح و نغم دخلوا:ـ اخيرا فوقتي وقعتي قلوبنا يا شيخة
نغم اقتربت منها و فتحت الفون:ـ بصي عريس بنتي حلو ازاي طالع لخالتو طب شبهي على فكرة
فرح:ـ يا بنتي بطلي فشر شبهك ازاي انتي عندك عيون ملونه زيه كدا المصيبة ان لا امو ولا ابو عيونهم ملونه انتوا خاطفين الواد ولا اي بصي حلو ازاي بس زنان اوى زيك
فرح و نغم قعدوا يفرجو نور على صور ابنها الى مصورنها له من وراء الازاز نور عيونها دمعت لم شافت ابنها دموع فرح و خوف خايفه لتكون الى عملته غلط في حقه بقت تدعي ربنا ان ابنها يبقا بخير
عدا شهر نور اخيرا خفت هى و الطفل بعد وصولهم القصر، وبعد ما نام الطفل في سريره، الجو كان مشحون بطريقة تخنق.
ريان كان واقف بعيد، إيده في جيوبه، وعيونه سابحة في ملامح البيبي كأنه بيحاول يستوعب إنه بقى أب، وإنه كان غايب عن اللحظة دي.
نور أخيرًا استجمعت شجاعتها، التفتت ناحيته، وقالت بهدوء متوتر:ـ ريان
لكنه قاطعها بصوت بارد، كأن صوته بيخفي تحت بروده نار مشتعلة:ـ هو بيشبهك أكتر، بس عيونه… عيونه زيى
نور بصتله بتوتر اكبر، قلبها بيدق بسرعة، عارفة إن ده مش هدوء، ده الإعصار اللي جاي.
ريان لفّ ناحيتها، مشي بخطوات بطيئة لحد ما بقى قدامها، عيونه غامقة بمشاعر مكبوتة:ـ ارتحتي
نور:ـ ريان اسمعني
ريان بصوت ملئ بالغضب و العصبية:ـ ردى عليا ارتحتي.. هاا ارتحتي و انا كنت بدور عليكى كل يوم ارتحتي لم كنت بكلم صورك زى المجنون انتى مكنتيش احساسي كان عمل ازاي و انا مش عارف مراتي فين و بتعمل اي حصلها حاجة جرلها مصيبة امك الى مكنتش عارفه تنام ولا ترتاح من خوفها عليكى جالك قلب تعملي فيا كدا انتي بتعقبني علشان خايف عليكي ررردى عليا
صوته كان بيعلى مع كل كلمة، غاضب، محطم، ومجروح في نفس الوقت.
نور حاولت تحافظ على هدوئها، لكنها كانت حاسة برجليها بتترج، رفعت راسها وقالت بحدة:ـ اه ارتحت و سبق و قولت انى متنزلة عن عمري بس ابني يكون بخير حتي لو التمن بعدي عنك العمر كله المهم انه يكون بخير انا كنت بحمي ابني منك و من انانيتك اعمل اي بحبك و انت عايز تحرمني من احلامنا و الحياة الى حلمنها
ريان ضحك ضحكة قصيرة، قاسية، وهو بيهزّ راسه بعدم تصديق:ـ مني انا .. انا اناني علشان خايف عليكي ابقا اناني انتي كنتي بين الحياة والموت تقدري تقوليلي لو كان حصلك حاجة كان هيعمل انا كنت بحاول انقذك كنت بحاول احميكي لاني بحبك
نور ردّت بانفعال، عنيها بتلمع بدموع محبوسة. :ـ كنت عايزني أق.تله، ريان، وكان أسهل عليك تفقده بدل ما تفقدني، بس أنا… أنا مقدرتش أختار! فاخترت أبعد عنك، علشان متجبرنيش على حاجة تخليني أكرهك و محدش قالك حبني محدش قالك تكون اناني في حبك ليا أو تكون متحكم فيا و في حياتي انا مش ندمانة انى عملت كدا و لو رجع الزمان كنت عملت كدا و اكتر بس ابني يكون بخير سااامع مضحيش تانى محدش طلب منك تحبني ولا تضحي علشاني تمام اانت كداب يا ريان كداب كل حاجة بتعملها كدب أأنت كدبت عليا في موضوع امي و دلوقتي كدبت في موضوع انك متعرفش حاجة عني ما مش معقول ريان الشاذلي يقعد كل دا. ميعرفش حاجة عن مراته مش كدا انت كنت معايا قبل ما ياغمو عليا ااانت كل يوم تثبتلي انك اكبر كداب و مخادع انا بجد ندمانة انى حبيتك ااابعد عني مش عايزك ولا عايزة انانيتك بكرهكك
ريان سكت لحظة، كأن كلامها ضرب.ه في مق.تل. قرب منها، خفض صوته، لكن نبرته كانت تهتز بغضب:ـ انا اسف انى خوفت عليكى مش ها تكرر
ريان خرج من الاوضة بغضب و وجع نور حطت راسها بين ايديها و هى متعصبة من حالها
بالليل نور فتحت بلهفة:ـ ريان
نرمين دخلت:ـ انا مش ريان .. بصي يا حبيبتي انا اه امك و انتي بنتي لكن ريان دا ابني الى مخلفتوش
نرمين بصتلها بعتاب و بعض الغضب:ـ انتي غلطتي و الغلط ركبك كلك على بعضك غط زى ابوك مش بيجي غير على الى يمد ايده له انتي قللت الادب و مش متربية الى تتكلم و ترفع صوتها بالطريقة دى انتي بنتي لكن اخر مرة ترفعي صوتك على ريان غط تجي و انا الى اخدلك حقك مش تقلي ادبك لو حد اناني ف هو انتي لانكي مرعتيش ان فى راجل خايف عليكي ولا ام هتموت من قلقها
نور بغضب و قوة:ـ انتي اخر واحدة تحسبني ولا تتكلم عن الأمومة و اخر مرة تدخلي في حياتي لانى عمري ما اعتبرتك ام ليا
نرمين بصتلها بياس و غضب و خرجت نور راحت تشيل ابنها الى صحي.. اتفضل
رهف بابتسامة:ـ عاملة اي دلوقتي
نور:ـ الحمدلله بقيت احسن شكرا
رهف:ـ احنا اهل ما مرات حبيبي احطها جوه عيني
نور اتجمدت مكانها و قالت بعدم فهم:ـ حبيبك.. اه اخوكي يعني
رهف بصتله بوجع:ـ ريان عمروا ما كان اخويا ريان ابن عمي و حبيبي.. انا بحب ريان تو انا بعشقو بس مش كل الى بنحبه لازم نكون لينا انا حبيته لكن هو حبك انتي مع ان واثقة انكي مش تستاهلي الحب دا المفروض انا الى اكون مكانك انا ساعدك علشان مرات حبيبي و ابنك في عيني علشان ابن ريان ف هحطو في عيني و اقفل عليه ريان دا حته من قلبي يا بت عمتي... ريان كان مستشار اكتر من دكتور كل دول كانوا دكاترة مش جيران و ساعدوكي علشان حبيبي طلب منهم كدا حبيبي... انا بحب ريان بحبه اوى بموت فيه
نور بصتلها بصدمة و .....
يا نور هتعمل فيها اي
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم