رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل الثامن عشر 18 بقلم دينا جمال


 رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل الثامن عشر

بناء على رغبة القراء هنحط في بداية كل فصل كل عيلة بولادها عشان الناس اللي لسه بتتلغبط 
جاسر ورؤي أبطال الأجزاء اللي فاتت عندهم 6 أولاد رعد وجوري أول تؤام 
يوسف ومريم تاني تؤام 
سليم وياسين آخر تؤام
-----------------
نرمين أخت جاسر اللي جاسر كان بينتقم من صبري وبنته شاهندا عشانها 
نرمين وياسر جوزها عندهم 2 
( جاسر الكبير 29 سنة دكتور نفسي 
اريج في 2 كلية طب )
ياسر كان ليه بنت من مراته اللي ماتت قبل ما يتجوز نرمين اسمها سما جوزها اسمه مصطفى
______________
عاصم أخو رؤي خال العيال اللي كان بيحب تهاني واتجوز حلم في الجزء التاني عنده ولدين 
حسين الكبير مهندس ، مراد الصغير في ثانوية عامة ساقط سنة 
_____________
رؤى كان ليها جيران أخ وأخت ساكنين سوا اللي هما عمرو وايمان 
ايمان اتجوزت علي صاحب جاسر وعندها شريف الكبير ظابط شرطة ، وليان الصغيرة المدلوقة على الجاموسة جواد 
_________
أما عمرو فاتجوز روان بنت صاحب الشركة اللي كان شغال فيها وخلف ولد وبنت 
جواد جاموسة متنقلة مهندس ديكور 
ومرام دلوعة ماما 22 سنة في كلية إعلام ومخطوبة لشريف ابن عمتها 
________
فاضل طرب وملاك ، ومليكة وتوحة وكل الناس دي هنعرف اصلهم وفصلهم فيما بعد 
لما تتلغبط اطلع بص هنا وكمل الفصل عادي 
نبدأ الفصل ❤
_____________
في الطريق تحاشت طرب بشتى الطرق النظر نحو جاسر ، فنظراته الحادة الثاقبة باتت أشد حدة من ذي قبل ، استندت برأسها إلى كتف رعد تغمض عينيها متعبة ، اجفلت خائفة حين سمعت رعد يحادث أبيه :
- صحيح يا بابا عرفت مين اللي عمل كدة 
فتحت عينيها قلقة وجهها يشحب رمت نظرة خاطفة صوب جاسر لتراه ينظر إليها محتدا قبل أن يوجه حديثه لرعد :
- كوثر الخدامة ، بتقولي أنها غيرانة من أمك وعشان كدة كانت عاوزة تحرق قلبها عليك ، بس أنا حاسسها كذابة على العموم هي هتقول الحقيقة هتروح مني فين ولا ايه يا طرب 
فرت الدماء من جسدها خوفا لتتمسك بذراع رعد تومأ برأسها مذعورة ، رفع رعد يده يمسح على رأسها بخفة يحادث والده :
- مالها طرب بس يا بابا ، دي ضحت بحياتها عشاني 
ابتسم جاسر ابتسامة صفراء بها قدر ليس بهين من السخرية يردف ضاحكا :
- ايوة طبعا مين يشهد للعروسة ، مالهاش يا سيدي انا بشهدها بس على الكلام ، أصل كانت بتقولي أن كوثر مش هتقول الحقيقة أبدا ، بس هي ما تعرفش إن ليه زمان كانوا بيقولوا عليا شيطان !
وضحك من جديد تلك المرة ضحكاته ارعبتها ، علمت تمام الثقة أن كلماته تلك كان يقصدها بها هي ، يتوعدها بشكل مبطن ، لتخفي وجهها داخل صدر رعد .. مما جعله يقطب جبينه قلقا على حالها مال برأسه قليلا ناحية اذنها يهمس يسألها قلقا :
- مالك في اي 
حركت رأسها للجانبين دون أن ترفع رأسها عن صدره ، ليربت على رأسها برفق حين رفع نظره رأى والده ينظر إليها نظرة حادة غاضبة ؛ ليتنهد حائرا ما به والده الآن ، أخيرا وصلت السيارة إلى الحديقة ... ابتهجت طرب حين رأت شقيقتها تجلس على مقعد يجاور طاولة تذاكر ، ملاك ما عادت تذاكر دروسها إلا قليلا والامتحانات اقتربت ، توقفت السيارة لينزل رعد أولا يمسك برفق يجذبها لخارج السيارة ، تهلل وجه ملاك فرحا ما أن رأتها لتدفع مقعدها صوبها تعانقها ، نزلت طرب لمستواها تعانقها برفق تمسح على رأسها تهدئها :
- أنا كويسة يا حبيبتي ، ما تخافيش يا حبيبتي ... أنا مبسوطة بجد إني شيفاكِ بتذاكري ، عشان خاطري يا ملاك لو بتحبيني ذاكري كويس مش عيزاكِ تسقطي يا حبيبتي
حركت ملاك رأسها بالإيجاب سريعا تغمغم متلهفة :
- حاضر ، أوعدك أني هذاكر كويس عشان خاطرك أنتِ بس 
تدخل جاسر في تلك اللحظة يغمغم :
- صحيح كويس أنكوا فكرتوني أنا عايز الورق بتاع ملاك عشان انقلها للمدرسة اللي فيها يوسف ومريم 
ارتبكت طرب ولم تعرف ما تقول ، ملاك ورقها في مدرسة قديمة قريبة من المنزل التي كانت تمكث فيه مع زوجة والدها الحية ، نظرت صوب جاسر تغمغم :
- ورق ملاك في مدرسة في **** بس أنا مقدمة ليها شهادة مرضي وهما عارفين حالتها وأنها ما بتروحش 
ابتسم جاسر ساخرا قبل أن يردف متسألا :
- مش بعيدة المدرسة دي شويتين عن الشقة اللي كنتِ قاعدة فيها مع مرات أبوكِ ، لو ما تخونيش الذاكرة دي الشقة اللي رعد كان عندك وأنا روحتها مرة قبل كدة
هنا شحب وجهها تماما ولم تجد إجابة لسؤاله بحثت كثيرا داخل عقلها عن إجابة ولكن لا شئ لم ينقذها في تلك اللحظة سوى ملاك وهي تدافع عنها محتدة :
- أنا بجد مش فاهمة لو حضرتك مش طايقنا أوي كدة ما تسيبنا نمشي ، المدرسة بعيدة ولا قريبة تقدر تقول أنها المدرسة الوحيدة اللي قبلت بالبنت المشلولة 
أدمعت عينيها تنظر لشقيقتها ألما ، ملاك دون أم تعلم انقذتها من سؤال جاسر الذي كاد يكشف كل شئ ، حمحم رعد ينظر لأبيه معاتبا يغمغم :
- بابا أرجوك كفاية بقى ، طرب واقفة بالعافية بجد كفاية أسئلة ، وسيب موضوع ملاك أنا اللي هنقلها 
كاد جاسر أن ينفجر في وجهه ويخبره أن زوجته تخفي الكثير وأنه دوما ما يحول بينه وبين معرفته الحقيقة منها بسبب خوفه الشديد عليها منه ، زفر أنفاسه يحرك رأسه على مضض ... ربتت طرب على وجه ملاك تهمس تترجاها :
- كملي مذاكرة عشان خاطري يا ملاك واوعدك لو جبتي مجموع كبير هنمشي من هنا 
ابتسمت ملاك سعيدة تومأ برأسها لشقيقتها لتدفع مقعدها تعود لطاولتها من جديد ، في حين مالت طرب على صدر تهمس متعبة :
- رعد أنا مش قادرة امشي ، جسمي واجعني أوي 
نظر لها قلقا قبل أن يحملها بين ذراعيه لتستند برأسها إلى صدره تحرك بها إلى داخل منزله لتستقبله والدته تغمغم مشفقة :
- يا حبيبتي يا بنتي هتلاقيها تعبانة لسه ما كنش لازم تخرج من المستشفى دلوقتي ، اطلع يا ابني وأنا هجبلكوا الأكل 
ابتسم لوالدته يشكرها يكمل طريقه صوب غرفته دفع الباب ليدخل وضعها على فراشه ، لتميل بجسدها تخلع الحذاء تلقيه أرضا ، ترتمي على الوسادة خلفها ... تتنفس بصعوبة تشعر بالألم يداهمها من جديد ... بسط رعد يده على جبينها ليزفر أنفاسه قلقا :
- جسمك بيسخن تاني يا طرب ، ما كنش لازم تخرجي من المستشفى دلوقتي دا مش دور برد ، هجبلك الأكل عشان تاخدي العلاج 
تحرك ليخرج من الغرفة ليجد والدته تقترب من غرفته تحمل صينية الطعام ، شكرها يأخذها منها ليعد إليها وضع الطعام أمامها ، ليبسط يده على جبينها لتتسع حدقتيه قلقا :
- يا ربنا ، جسمك نار في لحظة ... في اي الدكتور قال حرارتك مش هتعلى تاني ، مالك يا طرب فيكِ أي
أغمضت عينيها لتنساب دموعها ألما حرارتها مرتفعة خوفا وليس ألما ، دُق الباب ليتحرك رعد سريعا يفتحه ، سمعته يغمغم متلهفا خائفا:
- بابا حرارتها نار ، مش الدكتور قال حرارتها مش هتعلى تاني 
سمعت جاسر يهدأ رعد قبل أن تسمع خطوات تقترب ، في تلك الأثناء بدأت نظراتها تتشوش بالكاد تلمح ما يحدث أمامها ، انتفض جسدها حين حطت يد باردة على جبينها تلك ليست يد رعد ، بدأت تستمع إلى صوت جاسر وهو يحادث رعد:
- فعلا حرارتها عالية ، أنا هكلم الدكتور اسأله 
وصمت حل بعد ذلك والرؤية تتلاشى أمام عينيها شيئا فشئ ، أعادها صوت جاسر إلى الواقع من جديد حين سمعت صوت جاسر يغمغم بنبرة حادة :
- اديك سمعت ، الدكتور بيقول أنها عدت مرحلة الخطر وأن مش من الطبيعي أن درجة حرارتها تعلى أصلا ، أنت مش ملاحظ أنها ما تعبتش غير لما أنا سألتها على ورق أختها ، البنت دي مخبية مصيبة وأنا واثق من كدة 
انتفض جسدها أثر كلماته ليأتي صوت رعد يدافع عنها :
- يا بابا ارحمها بقى حرام عليك ، أنت مش شايف حالتها ... مخبية مصيبة مخبية كارثة أنا قابل مراتي وأنا حر ، بس أرجوك كفاية كدة .. بص جسمها بينتفض إزاي وأنت بتقول ايه ، أعمل ايه أنا ، اسيبها تموت عشان إنت مقتنع أنها مخبية مصيبة 

خرجت شهقة باكية عالية من بين شفتيها أوقفت الشجار ونظر كلاهما لها ، زفر جاسر أنفاسه حانقا ربما رعد محق الفتاة حرفيا تحتضر .... جسدها ينتفض وجهها أصطبغ باللون الأحمر من شدة حرارته ... وجه حديثه لرعد يغمغم سريعا :
- مش وقته فعلا ، الحرارة غلط على المخ بسرعة ساعدني لازم الحرارة تنزل !!
____________
في تمام السادسة مساء ... في العيادة الخاصة بجاسر راضي .... دخل جاسر إلى العيادة بصحبة سامر يلقي التحية على الجميع والأخير يسير جواره واجما غاضبا يقبض جاسر على يده يجذبه معه للغرفة الخاصة به ، دخل جاسر إلى الغرفة يغلق الباب ليغمغم سامر محتدا :
-جاسر أنا عايز امشي ، وحقيقي حركة مش لطيفة تماما أنك تفصل الدش والراوتر عشان ما اشوفش الماتش إلا لو جيت معاك أم الجلسة ، مش أنت اللي كنت بتقولي إن أنا مش مريض نفسي خلاص رجعت في كلامك 
تجاهله جاسر ليتحرك يجلس خلف طاولة مكتبه يفتح حقيبته الصغيرة يخرج منها مذكرة صغيرة وموس حاد وضعهم على المكتب أمامه ، ينظر لسامر ليرى وجهه أصفر يبدو أن عقله لم يتوقع تلك المفاجأة بتلك السرعة ، ابتسم جاسر يردف بهدوء :
- أنا عندي 29 سنة بشتغل في المجال دا من وأنا أولى جامعة كمتدرب تحت أيد والدي لحد ما بقيت دكتور ، بشوف في السنة الواحدة ما يزيد عن 100 حالة ... من ساعة ما خدتك من المستشفى يا سامر وأنا واثق أنك بتهاودني ، بتاخدني على قد عقلي زي ما بيقولوا العلاج بترميه كوباية العصير بتدلقها وأنا بعمل نفسي مش واخد بالي ... الموس دا جايبه معاك من المستشفى معرفش جبته منين المهم أنه معاك ، 
أول ليلة سيبتك فيها في الأوضة وأنت عامل تعبان ومش قادر صحيت أول ما قفلت الباب تدور على الشنطة بتاعتك ولما لقتهاش بدأت تدور على أي حاجة حادة ولما لقتش كنت متغاظ وفضلت تخبط في الحيطان ، ودلوقتي المذكرات دي وأنت بتكلم شبح والدتك وبتوعدها أنك جاي ، ليه يا سامر ...ليه مش عايز تعيش حياتك تاني 
أحمرت عيني سامر غضبا وشعوره بأنه كان مغفل يزيد غضبه ، تحرك صوب مكتب جاسر يصرخ فيه :
- أنت مش فاهم حاجة أنا لازم أموت ، هي مش هتسامحني غير لما أموت أنا كمان وأروحلها ، بتجيلي كل ليلة تعاتبني وتقولي إني السبب في موتها ، أنا مش عاوز أعيش أنا عايزها ، أنا عايز أمي 
قام جاسر من مكانه يتحرك صوب سامر وقف على بعد خطوتين منه يحادثه :
- وبعدين بعد ما تنتحر وتقابل والدتك تفتكر هتبقى راضية عن اللي أنت عملته وتفتكر فعلا أن والدتك هي اللي بتجيلك كل ليلة تعاتبك ، الله يرحمها كانت بتحبك جداا يعني مستحيل بكل الأحوال تشيلك ذنب موتها يا سامر ، عايز تنتحر اتفضل الموس على المكتب أهو ، وانهي كل حاجة حياتك أحلامك حلم والدتك أنك تبقى دكتور ، حلم والدتك أنك تتجوز ويبقى عندك أولاد ، اقهر قلب والدك تفتكر هو كمان مش حزين أنا أعرف أن بينهم قصة حب كبيرة أوي ، بس هو متمسك بالدنيا عشانك .. بيتمنى اللحظة اللي هترجع فيها زي ما كنت ، لما تنتحر هيبقاله مين في الدنيا ، الحزن هيقتل قلبه ، فأنت كدة فعلا هتبقى قاتل ، قتلت نفسك ووالدك المسكين ، يلا اتفضل الموس قدامك اهو أنا مش همنعك 
احتقنت عيني سامر بالدموع ينقل أنظاره بين الموس الحاد وجاسر الواقف أمامه وكلماته عن والده تصفع عقله بعنف ... انهمرت دموع عينيه يهمس بحرقة :
- أنا عايز أمي ، أنا بس عاوز أمي 
تحرك جاسر من مكانه يفتح باب غرفة المكتب ليدخل  والد سامر منها ، ينظر لحال ولده حزينا .. جاسر اتصل به منذ دخولهم للغرفة واستمع إلى ما حدث بالكامل ، ومنعه جاسر من التدخل حتى يطلب منه ... اقترب من ولده وقف أمامه يردف بنبرة حانية :
- وحشتني يا سامر ، وحشتني يا ابني ... ليه يا سامر اللي أنت بتعمله في نفسك دا ، يا ابني دا أنا ما صدقت أن جاسر قالي أنك بتتحسن ، 
عايز تسيبني زي ما هي سابتني دا أنت ابني الوحيد ، دا أنا عايش عشان اللحظة اللي هترجع فيها تاني لحضني ، نادية مش مشيلاك الذنب ، أنت ما تعرفش هي حزينة قد ايه على حالك دا كل ليلة بشوفها أنا بقى وهي بتبكي على حالك ، عشان خاطرها وخاطري يا ابني ما تحرقش قلبي عليك
انهمرت الدموع من عيني سامر ليرتمي بين أحضان والده يشهق في البكاء كالطفل الصغير يعانقه والده يبكي هو الآخر ، في حين يقف جاسر يبتسم صدقا اشتاق لوالديه وللبيت ولأريچ ، تلك الصغيرة الحائرة دائما يخشى عليها أن تقع في أي فخ في غيابه ... تنهد قلقا  حين تذكرها عليها أن يتواصل معها في أقرب وقت ممكن ليطمأن عليها ، تحرك إليهم يرسم ابتسامة صغيرة على شفتيه يغمغم :
- اعتقد أن سامر هيروح مع حضرتك وهشوفه كل تلات الساعة 8 ونص بإذن الله 
نظر سامر إليه مدهوشا لعدة لحظات قبل أن يومأ برأسه تحرك جاسر صوب مكتبه كتب عدة أدوية على سطح الورقة يعطيها لوالد سامر يغمغم مبتسما:
- اتفضل تخليه يمشي على الدوا بانتظام ، دي فيتامينات ومضادات اكتئاب هتبقى مفيدة ليه جداا .
شكرا الرجل جاسر مبتسما يتحرك بصحبة سامر إلى خارج ، ظل سامر ينظر إلى جاسر وكأنه ينتظره أن يطلب منه البقاء ولكنه لم يفعل ، جذبه والده للخارج يغلق الباب ليغمض جاسر حدقتيه متعبا قلقا على أريچ لسبب لا يعلمه يشعر بها على حافة فوهة ما ، مضت عدة دقائق حاول الاتصال بها فيهم ولكنها هاتفها مغلق ... وجد الباب يدق وقبل أن يسمح للطارق بالدخول فتح سامر الباب ودخل 
يغلق الباب تحرك يجلس على المقعد المجاور لمكتبه ليرفع جاسر حاجبه الأيسر يغمغم ساخرا:
- نعم يا دكتور سامر ، مش جلسة حضرتك خلصت اتفضل في ناس كتير برة 
زفر سامر أنفاسه حانقا متوترا يغمغم بعد عدة لحظات قبل أن يرفع رأسه إليه يسأله :
- أنا عايز أعرف أنت متضايق مني ليه ، أنت اللي طلعت مغفلني على فكرة وعارف كل حاجة ، بص أنا 
قاطعه جاسر يردف بنبرة جافة باردة :
- أنت ضحكت عليا يا سامر وإحنا اتفقنا أننا نكون أصدقاء قبل ما أكون الدكتور اللي بيعالجك 
زفر سامر أنفاسه حانقا قبل أن يلتقط تمثال  صغير موضوع على مكتب جاسر ينظر إليه يغمغم:
- على العموم أنا قولت لبابا يمشي وأن أنا هفضل الفترة الجاية معاك ، الكتب لسه ما لحقتش اخلصها
ابتسم جاسر ساخرا يكتف ذراعيه أمامه يردف متهكما :
- أنت كدة بتحطني قدام الأمر الواقع يعني ، تعرف يا سامر أنت لو أخويا كنت ولعت فيك بجاز ، قوم يلا 
قام سامر من مكانه ليدفعه جاسر أمامه إلى باب غرفة داخلي فتحه جاسر لتتسع حدقتي سامر يغمغم مدهوشا :
- كل دي كتب ، أنت عاشق للكتب ... في مسلسل أجنبي أنا شوفته قبل كدة البطل بردوا كان عاشق للكتب وطلع في الآخر سريال كيلر ، أنت قتال قتلة زيه صح 
لم يعيره جاسر انتباها تحرك صوب أحد رفوف المكتبة يلتقط منها كتابا يعطيه له يغمغم :
- اقرأ دا ، على ما اخلص الكشوفات اللي عندي وما تفتحش الباب أبدا على المكتب وأنا شغال عشان خصوصية المرضى عندك تلاجة فيها ماية وعصير والباب اللي قصادك دا ، باب حمام
أنا حاسس إن معايا ابن أختي والله ، صحيح قولي هتعمل  في السنة اللي قربت تخلص دي ، دي آخر سنة ليك هتهبب إيه ما تعرفش تدخل الامتحانات
حرك سامر رأسه للجانبين يغمغم ممتعضا :
- لاء لسه لأني ما حضرتش من أول السنة اصلا وشايل الترم الأول اصلا وامتحانات العملي خلصت والنظري بدأت خلاص ، هضطر استنى للسنة الجاية
ربت جاسر على كتفه يغمغم يشجعه :
- مش مهم خلاص ، المهم دلوقتي نركز على أنك تعدي آخر خطوة في المرحلة دي والسنة بإذن الله تجيب تقدير كويس ، هسيبك مع الكتاب 
تحرك صوب الباب ليلتفت له قبل أن يغادر يغمغم ساخرا:
- ويكون في علمك ، أنت اللي هتغسل المواعين المتكومة في الحوض لما نروح
وتركه وغادر يتنهد بارتياح كان على أتم ثقة أن سامر سيعد ، حين دخل إلى مكتبه من جديد رأى مليكة وزينب داخل المكتب ، شعر بالغضب من مساعدته منذ متى والحالات تدلف لغرفته دون أن يخبرها ، رسم ابتسامة صغيرة على ثغره يغمغم مرحبا :
- يا اهلا وسهلا اتفضلوا 
رفعت مليكة يدها تشير إلى الباب الذي خرج منه توا تحادثه بنبرة اتهام واضحة :
- هو ايه ورا الباب دا ؟
ضحك في نفسه ساخرا في تلك اللحظة شعر وكأنه الزوج الخائن الذي يقيم علاقات محرمة في غرفة جانبية في مكتبه ، كان بإمكانه أن يخبرها ما خلف الباب ولكنه لم يعجبه نبرة الإتهام في صوتها ليغمغم يحرجها :
- اعتقد دا شئ يخصني أنا بس 
حمحمت محرجة تنظر بعيدا ، اقترب منهم يطلب منهم الجلوس ما أن فعلوا هبت زينب تغمغم :
- معلش يا دكتور جاسر أنا والدي على أول الشارع خمس دقايق وجاية عشان هو متلغبط في العمارة 
ابتسم يومأ برأسه بالإيجاب لتخرج سريعا من الغرفة تاركة مليكة وجاسر في الغرفة بمفردهما ، التقط جاسر كوب الماء الذي أمامه يرتشف منه قبل أن يوجه حديثه لها :
- تعرفي إيه عن الألم يا مليكة 
قطبت جبينها من سؤال العجيب المفاجئ لتحرك رأسها للجانبين كأنها تخبرها أنها لا تعلم ماذا يعني ، ليردف ساخرا يستفز عقلها :
- معقولة تبقي متعلمة ومثقفة وبتعملي ماجستير في الزراعة تقريبا وما عندكيش معلومات عامة 
ونجح شعرت بالغضب ، شعرت بنبرة سخرية في صوته تخبرها أنه يستهزأ بها ، لتغمغم بنبرة حادة :
- أعرف كتير وما احبش استعرض معلوماتي قدامك ، بس لو عايز تعرف فالألم شعور كويس بيطهر ...
- بيطهر الجسم من الآثام والخطايا مين بقى المجنون السا..دي اللي حفظك الكلمتين دول !!
غمغم بها بنبرة حادة غاضبة ، ليرتجف جسدها ويمر في عقلها مشاهد كثيرة متعددة وصرخات من الألم تعلو وصوتها وهي تتوسل
 ( أرجوك ارحمني يا عمار !!)
هبت واقفة تريد المغادرة لتسمع صوته يغمغم ساخرا :
- بتهربي ليه ، هو اللي علمك تعوري نفسك كل ما تحسي بالذنب ، هو اللي علمك أن الألم شعور سامي بيخلص النفس من عذاب الضمير والندم حتى لو على ذنب عمله من غير قصد 
أو ذنب اتعرض ليه بس هو شايف نفسه بردوا الغلطان ، وصلك لأنهي مرحلة يا مليكة الخضوع 
صرخت بشراسة تقاطعه تصيح بعنف :
- لاء أنا ما خضعتش أنا قاومته ، قاومته وهربت ، هو ضحك عليا لعب على إحساسي بالندم ، قالي أن الألم هو سبيلي الوحيد ، بعدت عنه وهربت بس ما بقتش عارفة اخلص من العادة دي ، أنت مالك اصلا أنت فاكرني مريضة عندك ، زينب هي اللي مريضة مش أنا 
وتحركت لتغادر ليلحق جاسر بها سريعا أمسك بيدها يغمغم سريعا :
- اللي كان عند زينب دا عرض مش مرض ، مجرد ما رجعت تحس بالأمان تاني واتفسخت خطوبتها على الشاب دا ، بدأت تعيش حياتها بشكل طبيعي والفضل يرجع لوالدها مش ليا 
أنتِ بقى محتاجة مساعدة يا مليكة ، أرجوكِ اسمعيني أنا أقدر أساعدك أنتِ كدة بتدمري نفسك 
التفتت له رأى الكثير من الصرخات داخل مقلتيها ، رأى فتاة صغيرة تصرخ من الألم ينهشها العذاب جذبت يدها من يده تحادثه محتدة :
- مالكش دعوة بيا ، روح شوفلك واحدة غيري تعمل عليها مصلحة
وتحركت للخارج ليرفع يده يشد على شعره غاضبا ، أليست تلك مليكة التي كان يبحث عنها في كل مكان لينتقم لوالدته منها أليست هي حفيدة صبري ، والآن ماذا يترجاها ليساعدها وهي ترفض ، عليه أن يعرف ما حل بها .. وسيعرف وأن كان ذلك يتضمن السفر إلى أهلها ليعلم كل شيء
_____________
السابعة والنصف مساء في مكتب الديكور الخاص بجواد .. على مكتبها تشعر ليان بالحزن الشديد فجواد لم يتحدث معها اليوم ولو بكلمة واحدة ، بالطبع بسبب شريف لولا ما فعله ما كان نبذها جواد بتلك الطريقة تكاد تبكي من تجاهله لها اليوم بأكمله ، تركت القلم من يدها تتحرك لخارج المكتب اصطدمت في طريقها بشهاب اعتذرت منه ولكنه لم يرد لم يعيرها انتباها تماما وأكمل طريقه لمكتبه وكأنه لم يرها ، شهاب لم يعد يتحدث معها منذ أن تشاجرت معه لأن جواد يغار منه ، هي محقة جواد يغار وعليها أن تحترم غيرته عليها من أي رجل آخر ، تحركت صوب مكتب جواد لم تجد مساعدته في مكتبها ، أين تلك الفتاة لما معظم الوقت لا تجدها مكانها ... تحركت صوب باب الغرفة وقبل أن تدق الباب سمعت صوت غريب يأتي من داخل الغرفة ، ذلك صوت مساعدة جواد تعاتبه :
- ليه العنف دا يا جواد من امتى وأنت بتعاملني كدة 
قطبت جبينها لا تفهم ما تعني لتسمع صوته يغمغم حانقا :
- سوزي اخرجي عشان لو حد جه ، مش هتفضلي سايبة المكتب كل دا ... وأنا يا ستي آسف تمام كدة
ومن جديد لم تفهم ما يحدث أرادت أن تفتح الباب فجاءة وتدخل لكن لا حق لها ، رفعت يدها تدق الباب لحظات وظهرت مساعدته تبتسم لها نظرت ليان سريعا تبحث عن علامات ضرب على الظاهر من جسدها ولكن لا شيء ، قطبت جبينها حين غمغمت الأخيرة :
- آنسة ليان اتفضلي ، كنت لسه هكلمك باشمهندس جواد عاوزك 
ابتسمت ليان لها مرتبكة ، لتتحرك لداخل الغرفة لم تجد جواد بالداخل قطبت جبينها تبحث عنه بعينيها إلى أن رأته يخرج من باب المرحاض ابتسمت له متوترة في حين اقترب هو منها رأت كدمة متورمة تعلو فكه أثر يد شريف أشار لها للاريكة لتجلس يغمغم مبتسما:
- اقعدي يا ليان واقفة ليه ، أنا كنت عاوز اكلمك في موضوع مهم 
ابتسمت خجلة على الأريكة ليجذب مقعد يجلس أمامها مال بجسده يستند بمرفقيه إلى فخذيه يسألها :
- مين البنت اللي كانت قاعدة جنبك وشريف شالها هي رجلها مكسورة مش كدة
شعرت ليان بالضيق فأول محادثة تدور بينهما اليوم تكن عن نور ، تلك الفتاة الغريبة التي اقتحمت حياتهم مؤخرا ، زفرت أنفاسه تغمغم متضايقة :
- دي أخت واحد صاحب شريف ، شريف خبطها بالعربية من غير ما يقصد وأخوها مسافر عشان كدة هي قاعدة عندنا دا غير أنها خارسة ما بتتكلمش ، بتسأل عنها ليه يعني
شردت عينيه يتذكرها صوتها كان أنعم ما سمع يومها ، جسدها وهي تتحرك أمامه كفراشة ترفرف بنعومة بين الأزهار ، وجنتيها المتوردة من الخجل دوما أثر غزله الدائم ، نظر إليها يغمغم:
  - لاء أبدا أصلها شوفتها عندكوا مرة ولما جيتوا كانت معاكوا ، فافتكرها حد من القرايب وأنا ما اعرفوش ، المهم انا عايز اقابلك برة يوم أجازة وعارف أنك هتقولي ماما وشريف وبابا والأهل والجيران والصحاب مش هيوافقوا فأنتِ هتقوليلهم أنك عايزة تخرجي مع نور مثلا تشتروا هدوم وأنا هخلي تاكسي مخصوص يستناك تحت البيت يوم الجمعة الجاية تمام يا حبيبتي
رفرف قلبها فرحا أثر كلمته الأخيرة لتومأ برأسها سريعا مبتهجة سعيدة ،في حين ابتسم هو سعيدا نهاية الأسبوع ستكن الحبيبة بين يديه أخيرا ، أجفل حين غمغمت ليان  :
- جواد صحيح ، المساعدة بتاعتك دي على طول ما بتبقاش على مكتبها .. وبعدين سمعتها بتقول حاجة غريبة ليك 
وقصت عليه ما سمعت ليبتسم هو ساخرا تلك الفتاة بلهاء أو تدعي ذلك اومأ برأسه يغمغم :
- أنا هخليها تترزع على مكتبها بعد كدة ما تقلقيش ، خلاص ما بقاش ليها لازمة ... ما بقاش لأي منهم لازمة بعد كدة
وللمرة السابعة لم تفهم ما يحدث ولكنها شعرت بالقلق من نبرة صوته المتوعدة لتبتسم متوترة تحرك رأسها 
____________
الثامنة مساءً في منزل ياسر راضي ... جلست أريچ في غرفتها ترتجف لا تعرف ما تفعل أتوقع على ذلك العقد ، أم ترضخ لتهديدات مصطفى ضمت ركبتيها لصدرها تنهمر دموعها خوفا ، يتحرك جسدها للأمام والخلف هي أخطأت منذ البداية حين وقعت في عشق مقزز مع زوج شقيقتها هي أذنبت وعليها أن تدفع ثمن ذلك ، ربما الألم كما قال عمار سيخصلها من شعورها السام الحاد بالذنب ، قاطع أمواج تفكيرها الضحلة صوت جرس الباب انتفضت مفزوعة ولا تعرف لما ، جل ما تعرفه أن خوف والدتها الزائد عليها هو السبب فيما هي فيه ، هو السبب في كونها شخصية ضعيفة لا تقدر على إتخاذ قرار واحد بمفردها لا مقدرة لها على حل أبسط المشكلات ، سقطت فريسة مشاعر حمقاء لم تجربها قبلا ، انتفضت حين سمعت صوت والدتها تصيح باسمها :
- يا أريچ ، تعالي سما هنا ومعاها تميم وكيان 
لم تقل والدتها اسم مصطفى إذا في الأغلب هو ليس بالخارج ، تحركت تجر قدميها إلى الخارج ألقت نظرة سريعة على محيط الصالة لم تجده لتتنفس الصعداء اقتربت تجلس جوار شقيقتها ، لتعانقها الأخيرة تغمغم سعيدة :
-  روچا وحشتيني ما لحقتش اقعد معاكِ خرجت من المطبخ لقيتك مشيتي ، ايه يا بنتي جريتي روحتي فين 
ابتسمت متوترة تحرك رأسها للجانبين دون أن تنطق بحرف ، ليرتجف قلبها فزعا حين أردفت والدتها :
- اومال مصطفى ما طلعش معاكِ ليه ، هو لسه زعلان 
ابتسمت سما تحرك رأسها للجانبين تغمغم:
- لا يا ماما أنتِ عارفة مصطفى طيب ، هو بس لما عرف أن بابا لسه ما جاش اتكسف يطلع ، قال يروح يزور والدته اصلها اتصلت بيه
ومن ثم تنهدت قلقة تردف :
- أنا قلقانة من اتصالتها بيه الكتير الفترة دي ، أنتِ عارفة أنها ما بتحبنيش ، تفتكري بتدبر لحاجة 
قامت نرمين تجلس جوار ابنتها من الناحية الأخرى تحاول أن تطمأنها :
- هتخرب على ابنها يعني يا بنتي ، هي عارفة أن مصطفى بيحبك وعنده بيت وعيال ، ما فيش أم هتخرب حياة ابنها بعد السنين دي كلها .. ما تخليش الشيطان يلعب في دماغك  تصدقي بقى حماتك بتحبك ، عملالك طاجن البامية اللي بتحبيه وعاملة چيلي بالفواكه أنتِ عارفة تميم وكيان بيحبوه إزاي ، هقوم اجبلكوا
قامت نرمين متجهه صوب المطبخ ، وبقيت أريچ جوار شقيقتها .. نظرت سما لأريچ لتتنهد بقوة تهمس بصوت خفيض :
- أنا مش عايزة أقلق ماما ، بس مصطفى متغير يا أريچ مش عارفة ماله ، معظم الوقت برة البيت ، بيلمح بكلام غريب كدة عن تربية كيان وأنها لازم تتربى بطريقة شديدة لأنها بنت ، دا بيقولي لما تكبر سنة ولا اتنين هختنها أنتِ متخيلة ، أنا اتخانقت معاه وصوتنا جاب آخر العمارة ، وهو اعتذرلي عشان كدة قالي تعالي روحي عند مامتك شوية ... أنا بجد مش فاهمة في اي وعلى طول حاطط وشه في الموبايل 
أنا قلقانة أوي يا أريچ
اضطربت حدقتيها تغشاها الدموع تنظر لكيان إبنة شقيقتها الصغيرة وهي تلعب أرضا بالمكعبات ، مصطفى يخشى أن تحاسب ابنته على مشروباته هو ...في اللحظة التالية عانقتها سما تبكي بحرقة لتنهمر دموعها هي الأخرى تعانق شقيقتها تعتذر لها مئات المرات داخل نفسها ، قلبها يتفتت إلى شطايا دامية وعقلها لا يتوقف عن لومها !!
___________
العاشرة مساءً في منزل عمرو وروان ... تحديدا في غرفة مرام تحركت مرام من فراشها بعد مكوث طال لساعات تعيد كلمات شريف الحادة القاسية في عقلها ، المضحك في الأمر أنها حين عادت لأنها نسيت نظارتها رأته يجلس مع تلك الفتاة المسماة أريچ ويتحدث بلباقة ولطف شديد ، شريف لا يعرف معنى القسوة سوى معها ، يريدها أن تكن الزوجة الضعيفة صاحبة الجناح المطوي المنكسر ليفرض هيمنته عليها ، قامت من مكانها تفتح جهاز الكمبيوتر المحمول الصغير لتجد مئات الرسائل التي تسأل عن سبب غيابها وآخرهم رسالة من إحدى الفتيات التي قابلتهم في المطعم وصورتهم معا وكانت تلك فرصتها اخذت الصورة وفتحت موقع ( الانستغرام ) تنشرها وتكتب بعض العبارات التي اقتبستها من صفحة أخرى ( بعد طول غياب أدركت أن الشيء الوحيد الذي يستحق أن أحارب من أجله هو أنتم ... اشتقت لكم ... مرام ) 
ما إن نشرت الصورة انهالت التعليقات السعيدة بعودتها من جديد ... 
في تلك الأثناء كان شريف في طريقه لمنزل عمرو وصل إشعار لهاتفه فتحه ليضعط مكابح السيارة بعنف توقف على أحد جانبي الطريق ينظر لما فعلت غاضبة خاصة وقد رفعت صورة أخرى لهما معا وهما في المطعم ، أعاد تشغيل محرك السيارة يكمل طريقه غاضبا إلى منزل عمرو أوقف السيارة في حديقة المنزل ، يطرق الباب فتح له عمرو الباب ليندفع شريف للداخل يرفع الهاتف في وجه عمرو يصيح غاضبا :
- شايف يا خالي بنتك ما فيش فايدة فيها أبدا 
بنتك طلعت بتنميني الفترة دي عشان اوافق اطلع معاها في البرنامج ولما رفضت راحت فتحت الحسابات تاني ونشرت صورة ليا أنا وهي في المطعم ... أنا مش فاهم بجد هو الكلام ما بيأثرش فيها 

- لاء ما بيأثرش 
التفت كلاهما لصوت مرام الذي يأتي من ناحية سلم البيت ، هناك تقف مرام تكتف ذراعيها أمامها تبتسم ساخرة ، نزلت الدرجات الفاصلة بينهما تجلس على آخر درجات السلم تغمغم ساخرة :
- لاء ما مش بيأثر ... أنا هعمل اللي أنا عوزاه ... عاوز تكمل في الخطوبة اهلا وسهلا مش عاوز دبلتك وشبكتك ومع ألف سلامة أنا لو عوزت اتخطب بكرة الصبح هيجيلي بدل العريس ألف 
-مرااام 
صاح بها عمرو غاضبا يرمي ابنته بنظرة حادة لتقف مرام اقتربت منهما نقلت انظارها بين أبيها وشريف لعدة لحظات قبل أن تصرخ فيهم :
- انتوا عايزين مني ايه ، ليه مش قادرين تفهموا أن أنا حرة وأن أنا مش عيلة صغيرة ، أنا من حقي اعمل اللي أنا عوزاها ... لكن اللي بيحصل أن عمرو باشا على طول بيهددني وشريف باشا على خطاه زعيق وتهديد ..أنا بجد قرفت منكوا 
وصفعة قوية حطت من يد عمرو على وجه مرام اخرستها تماما ... انتفض شريف مدهوشا يتحرك إليها يغمغم محتدا :
- ليه يا خالي ، مرام أنتِ كويسة 
نظر عمرو لها في تلك اللحظة لم يكن يرى سوى روان وهي في مثل عمرها حين كانت تصرخ في والدها ، مرام نسخة عنها في كل شيء ... دفعت مرام يد شريف بعيدا عنها تنظر لوالدها ابتسمت تغمغم ساخرة :
- كدة أنت بتربيني يعني ... طيب يكون في علمك يا عمرو بيه أنا هعمل بردوا اللي أنا عوزاه ... وأنت مش هتقدر تمنعني ، لا إنت ولا هو وأنا حقيقي بكرهك ، بكرهك من كل قلبي 
ونظرت لشريف تغمغم تستفزه تلقيه كما فعل هو صباحا :
- وأنت يا شريف أنا ما انكرش إن أنا بحبك ، بس سوري أنا بحب حياتي اللي أنت عايز تمنعني عنها أكتر ، عايز تفضل في حياتي تفضل فيها زي ما هي ... مش عاوز دبلتك واتفضل ... أريچ حلوة ومطيعة روح اتجوزها 
وتحركت لأعلى تاركا كل منهما في حال مختلف عن الآخر
______________
الساعة الآن ربما الخامسة فجرا حين فتحت عينيها من جديد المكان مظلم للغاية شعرت بنفسها يختنق ، مدت يدها إلى مصباح الإنارة تضئ المكان بضوء ضعيف رأت رعد ينام جوارها ورأت محلول ما موصل برسغ يدها كما رأت لاصقة طبية خافضة للحرارة ملتصقة بجبينها مدت يدها تنزعها ... نظرت جوارها رأت الكثير من علب الأدوية وبعض المحاقن الفارغة ملقاة في سلة المهملات ... كانت ترتدي جلباب بيتي خفيف لا تعرف ملك من ، مدت يدها تنزع المحلول عن يدها بعنف جعل قطرات الدماء تتساقط من جرح يدها ... أغمضت عينيها متألمة تضم ركبيتها لصدرها وعقلها يستعيد شريط حياتها ... منذ أن كانت طفلة صغيرة ومن ثم شابة مدللة تعشق الحياة ، إلى الحال التي هي عليه الآن مشتتة ضائعة لا تعلم ما تفعل خائفة من كل شيء وهي لم تكن ذلك يوما ... رعد طيب ونبيل تثق أتم الثقة أنه سيعتني بشقيقتها ، رعد لا يستحق الأذى أبدا ... مسحت على خصلات شعره بكفها برفق تنساب قطرات دموعها تهمس بصوت خفيض للغاية:
- سامحني يا رعد وأرجوك خلي بالك من ملاك بس أنا حقيقي مش لاقية حل تاني غير دا ، أنا مش هقدر ااذيك وأخاف أقول أي حاجة لباباك ملاك تتأذى ، لو أنه أكيد لو عرف أنا هنا ليه هو أول واحد هيأذيني أنا مش فارق معايا نفسي ، أنا خايفة أوي على ملاك 
وقامت تترنح في خطاها تشعر بالدوار ... تحركت لخارج الغرفة تمشي بهدوء إلى السلم المتجه صوب السطح ... ولحسن حظها وربما العكس رآها جاسر حين خرج من غرفته ليصلي 
تحرك خلفها بخفة يقطب متعجبا تبدو متعبة تترنح في خطاها إلى أين تذهب من الأساس ولما تتجه إلى سطح البيت ... صعد السلم خلفها تاركا مسافة حتى لا تراه ... أطل برأسه ينظر لما تفعل ليراها تحاول الصعود إلى سور السطح هنا فهم ما تريد فعله اندفع لداخل السطح سريعا يقبض على ذراعها يجذبها عن السور قبل أن تصعد ، شهقت مفزوعة خاصة حين رأته ليطحن أسنانه يهمس لها غاضبا :
- أنت رايحة تهببي ايه ، عايزة تنتحري ... أنت عاوزة ايه بالظبط أنا حقيقي مش فاهمك ... أنتِ عايزة ايه يا طرب وأنا أوعدك هنفذهولك
انهمرت الدموع من عينيها تهمس له بحرقة :
- عايزة أعيش حياتي من غير خوف ، عايزة ابص لنفسي من غير ما اقرف لنفسي كل ما افتكر شكلي ببدلة الرقص ، نفسي أنام ليلة من غير خوف ... عايزة اطمن على ملاك وما فيش حاجة تأذيها ، أنا عايزة بابا .... عايزة اشكيله اللي عملته فيا الدنيا ... أنت فاكر أن أنا وحشة وأنا فعلا وحشة بس اقسملك اني عمري ما اذيت رعد ولا فكرت ااذيه حتى ، أنا تعبت من الدنيا ... تعبت من حياتي ... أرجوك كل اللي بطلبه منك خلي بالك من ملاك ، ملاك مالهاش ذنب في أي حاجة وأنا استحملت كل حاجة حصلتلي عشانها ... تعرف أنا ما خوفتش من راجل ضخم كان عاوز يغتصبني وضربته وفتحت دماغه ، بس بخاف من نظرة القرف اللي بشوفها منك .... أنا والدي بردوا كان بيحبني أوي زي ما حضرتك بتحب رعد ، بس هو مشي وسابني ... وساب الدنيا تلطش فيا زي ما تحب ... أنا كل اللي عوزاه دلوقتي إني اروحله وابطل جري في الدنيا 
شعر بالشفقة والحزن والألم في آن واحد وهو نادرا ما يشعر بتلك المشاعر ... يبدو أن رؤى قد أصابته بمشاعر طيبتها المفرطة ، ابتلع لعابه ينظر لحالها الحزين دموعها المتسابقة ليتنهد بقوة يربت على رأسها برفق يغمغم :
- طب اهدي وبطلي عياط ، أنتِ طلعتي عينينا على ما حرارتك نزلت ... اهدي طيب يا بنتي وكل حاجة هتبقى كويسة 
اغمض عينيه للحظات يزفر أنفاسه بعنف يغمغم بنبرة هادئة :
- بصي يا طرب أنا هعتبرك من اللحظة دي مش مرات ابني بس ، لاء بنت من بناتي زي مريم وچوري هكون ليكِ سند وأمان الأب حتى لو ابني زعلك في يوم أنا اللي هخدلك حقك منه ، وهمحي كل الماضي بتاعك هنسفه كأنه ما كنش موجود ، هديلك الثقة والأمان مقابل دا مش عايزك تخبي عليا وأنا اقسملك بالله أن مهما كان اللي هتقوليه أو اللي عملتيه أنا هصحله بشرط أنتِ اللي تقولي مش أنا اللي أعرف ، وأنا مش عاوز أعرف حاجة دلوقتي ... أنا عايزك تنزلي ترتاحي بس وأنتِ مطمنة ومش خايفة من أي حاجة 
اضطربت حدقتيها تنظر له مدهوشة لا تصدق ما تسمع منه ، والد رعد تقبل وجودها بينهم بل ويخبرها أنه سيكون لها أبا ... خافت من أن يكن يخدعها ولكن نظرات عينيه كانت هادئة صادقة ... انهمرت الدموع من عينيها بعنف تسأله بعينيها خائفة أن كان صادقا ، ليبتسم يائسا يحرك رأسه بالإيجاب ... شقت ابتسامة خائفة ثغرها قبل أن تتحرك قدميها صوبه وقفت أمامه تنظر إليه تتخيل وجه والدها مكان وجهه لترتمي بين أحضانه تشهق في البكاء بعنف تنتحب كطفلة في الخامسة ، تنهد مشفقا على حالها ليرفع يده يربت على رأسها برفق يهمس بحنو :
- بس يا بنتي اهدي ، صدقيني كل حاجة هتبقى كويسة !!

أغمضت عينيها مستكينة تشعر بالأمان بعد وقتٍ طويل من الألم والخوف تسمع صوته وهو يهدأها وكلمة ابنتي التي يقولها تشعرها بالأمان ، ابتعدت عن أحضانه ببطء لترفع يديها تمسح دموعها بكمي جلبابها تبتسم متوترة قبل أن تتلعثم مرتبكة :
- بجد ، بجد حضرتك هتعتبرني زي بنتك 
ابتسم جاسر مترفقا يربت على وجنتها بحنو يردف :
- ايوة يا ستي ، بس خدي بالك ما يغركيش الحنية أنا قلبتي والقبر ، فتبقي بنت شاطرة كدة وما تخبيش عليا أي حاجة 
ابتسمت خائفة تومأ برأسها سريعا ليمسك برسغ يدها يجذبها خلفه ينزلان السلم ترك يدها حينئذ يغمغم ضاحكا :
- ما اضمنش اسيبك فوق أحسن الجنونة تطلع تاني ولا حاجة ، يلا على أوضتك ... يلاا
غمغم بها ببعض الحدة لتفر من أمامه سريعا ليضحك عابثا يلوح لها ما أن اختفت من أمامه اختفت ابتسامته تماما وتجهم وجهه واحتدت نظرات عينيه يغمغم مع نفسه :
- لما اشوف اخرك ايه يا طرب ، تبقي غبية لو فكرتِ أنك ممكن تلعبي على جاسر مهران 
وتحرك إلى غرفته ليتوضأ ويصلي الفجر ، أما طرب فما إن دخلت غرفتها وجدت رعد أمامها ينظر لها قلقا تقدم صوبها سريعا يحتضن وجهها بين كفيه يسألها قلقا :
- كنتِ فين يا طرب ، أنتِ كويسة ... أنا كنت لسه هنزل أدور عليكِ تحت 
ابتسمت له قبل أن ترتمي بين أحضانه تلف ذراعيها حول عنقه بقوة تدفن وجهها بين أحضانه تهمس ممتنة :
- أنا بحبك أوي يا رعد ...تعرف أنا ما حدش اهتم بيا كدة من سنين ... بجد شكرا لكل حاجة بتعملها عشاني 
ابتسم سعيدا يلف ذراعيه حولها ، لا يعرف ما بها لكنها تبدو سعيدة مشرقة بالأمس كانت تحتضر كاد أن يموت رعبا بسببها ... ابتعدت عن أحضانه ببطئ ترفع عينيها إليه لتقترب منه ولأول مرة هي من تبادر وتقبله ، اندهش رعد للحظات قبل أن يتجاوب معها ... يشدد على وجودها بين أحضانه ... يتذكر كل لحظة جمعتهم منذ أن قابلها أول مرة حين حاولت أن تلقي بنفسها في الماء إلى الآن ، لم يكن يظن ابدا ان الحب سيدق أبواب قلبه إلا حين أحبها 
ابعدها عنه ببطئ شديد ينظر إلى عينيها يبتسم سعيدا يتمتم :
-وأنت بحبك أوي ، أوي يا طرب .. أنا اصلا عمري إني ممكن أحب ، كان عندي أزمة أكبر وهي والدي واللي بيعمله كنت خايف اتجوز ، خايف لأكون نسخة عن والدي لو خلفت ... بس بعد ما فهمت لاء أنا عايز أخلف عيل واتنين وتلاتة أنا عايز منك عيال كتير أوي يا طرب ، عايز أعيش معاكِ حاجات كتير أوي ما عيشتهاش ممكن 
طرفت عينيها الدموع تومأ برأسها بالإيجاب سريعا لتتسع ابتسامته يعانقها بقوة ، ابعدها عنه بعد عدة لحظات يغمغم :
- الفجر أذن يلا عشان نصلي 
تُصلي هل يعلم أنها منذ أعوامٍ كانت تخجل من أن تقف تصلي بعد أن ترتدي تلك الحلة الفاضحة أمام السكارى والمخمورين ... ابتلعت لعابها تهمس مرتبكة :
- أصلي ... يعني أنت تفتكر أن ممكن ربنا يقبل ليا صلاة 
ابتسم يقطب جبينه مستنكرا ما تقول قبل أن يردف مبتسما :
- أنتِ من يهود بني قريظة يا بنتي ... بصي يا طرب ربنا سبحانه وتعالى أرحم علينا من رحمة أمهاتنا علينا ... دا من أول أسماءه الحسنى الرحمن الرحيم ... مهما ظلمنا أنفسنا في فرصة تانية وتالتة وعاشرة ... المهم أنك تصدقي نية التوبة فهماني 
اومأت برأسها سريعا تتنفس الصعداء تفكر في كلماته لعدة لحظات قبل أن ترفع رأسها إليه تسأله متربكة :
- طب أنا عندي سؤال معلش ، أنا فضلت مدة كبيرة ادعي ربنا بحاجات كتير بس ولا دعوة استجابت لدرجة إني افتكرت أن ربنا يعني ما بيحبنيش 
- ما كنش خلقك من الأساس 
قاطعها رعد يغمغم بها بنبرة قوية هادئة في الآن ذاته ، لتراه يتحرك صوبها يردف مبتسما :
- أنتِ عارفة فين المشكلة أن المعظم وأنا مش عاوز أعمم ، بيدعي ربنا كدة وهو جواه بيقول يلا بقى أما اشوف ربنا هيستجيب لي ولا لاء ، ربنا سبحانه وتعالى ما يتحطتش في اختبار تشوفه هيستجيب دعواتك ولا لاء ، شرط أساسي وأنت بتدعي أنك تكون واثق تمام الثقة 
إن ربنا تمام الثقة أن ربنا هيستجب دعائك ، مش تشوف بقى وترجع تزعل لما ما يستجابش ، وبعدين حتى لو الدعاء ما اتحققش في وقتها ما يمكن ربنا بيختبر صبرك ، ربنا أعلم أن اللي بتدعي بيه ممكن يكون اذى ليك فمش هيستجيب دعائك وهيعوضك بحاجة أحسن ، ولو ما حصلش دا ولا دا ، فالدعاء دا ما بيروحش هدر لاء دا بيتحول حسنات مستنية صاحبها يوم القيامة ، فما تدعيش يا طرب وأنتِ في قلبك شك ، لازم تكوني متأكدة تمام اليقين أن ربنا هيستجيب لدعائك ، فهماني يا حبيبتي ويلا بقى اجري اتوضي عشان الوقت ما يفوتناش ، أنا هتوضى عند الواد يوسف وأروح اصحيه يصلي 
ابتسمت تحرك رأسها توافقه ، ليتحرك لخارج الغرفة متجها إلى غرفة شقيقه ، فتح الباب ليرى فراش الأخير فارغ في اللحظة التالية رآه يخرج من مرحاض غرفته ليضحك رعد يغمغم :
- كنت لسه جاي اصحيك ، اوعى بقى عشان عاوز الحمام 
رفع يوسف حاجبيه مدهوشا مما يقول أخيه ليفسح له الطريق قبل أن يدلف رعد إلى المرحاض التفت لشقيقه يغمغم :
- صحيح يا يوسف ، بما إنك قريب أوي لملاك عكس ما قولتلي يعني ، حاول تقنعها تحضر معاكوا المراجعات النهائية ، أنا ممكن اجيب مدرس هنا البيت بس أنا عاوزها تخرج من الحبس اللي هي حابسة نفسها فيه بالعافية دا فاهمني 
اومأ يوسف برأسه ويبدو أنه اقتنع بكلام أخيه ، ليتحرك رعد صوب المرحاض توضأ وعاد إلى غرفته ليجد طرب قد شرعت في الصلاة دون أن تنتظره وقف عدة لحظات يراقبها مبتسما قبل أن يشرع في صلاته هو الآخر ... انتهت طرب أولا وجلست تشاهد رعد وهو يصلي تفكر شاردة فيما حدث في ساعة تقريبا ، بدأ اليوم بمحاولتها للانتحار وانتهى بكونها تصلي الفجر هل حقا ابتسمت لها الحياة اخيرا جاسر تقبل وجودها ورعد يحبها وتعش بين عائلة طيبة مثلهم .. هل من الممكن أن يختفي الماضي ولكن كيف وذلك البغيض لازال يهددها ، آخر ما وصلها منه بعد خروجها من المرحاض رسالة قصيرة قال تتضمن ( ما تبقيش غبية كوثر مش تبعنا ... كوثر مجنونة وكانت عاوزة تموت رعد فعلا ... أنا مستعد أبعدك عن المهمة دي بس بشرط ما تجبيش سيرتنا قدام جاسر مهران لو جاسر عرف حرف واحد عنا هيتهد المعبد على دماغك إنتِ أول واحدة ) 
ومن ثم انحذفت الرسالة من تلقاء نفسها ما أن قرأتها ... لتتركها في حيرة من أمرها أتصمت كما اخبرها وينتهي كل شيء كما قال أم أنه فقط كان يخدعها وعليها أن تخبر جاسر بكل شيء ...لم تعد تعرف ما تفعل ولكنها لا تزال خائفة من جاسر رغم كل شيء ربما فيما بعد يثبت صدقه وتستطيع أن تقص عليه ما حدث .. ولكن تلك الرسالة معناها أن كل شيء انتهى ... تنهدت حائرة تضع كفيها على وجهها تفكر خائفة ... اجفلت حين حط رعد كفه على كتفها يسألها :
- مالك يا طرب أنتِ كويسة
رفعت وجهها إليه وحركت رأسها بالإيجاب ، استندت على كتفه حين جلس جوارها ترتب ما ستفعل ، ليس معنى أنهم اخبروها أنها ابتعدت عن لعبتهم المدنسة أن اللعبة انتهت ، بالتأكيد سيسعون لمطاردة رعد وإلحاق الأذى به ... وذلك لن تسمح به أبدا ... رفعت وجهها إليه وابتسمت تخطط للكثير 
بعد ساعتين تقريبا كانت طاولة الإفطار معدة ... تركت طرب رعد ونزلت سريعا لأسفل تتجه صوب المطبخ تلقي نظرة خاطفة على كل خادمة فيه ... لم تلاحظ شيئا غريبا فابتسمت تتجه لداخل المطبخ تتجه صوب رؤى تغمغم مبتسمة :
- صباح الخير حضرتك عاملة ايه
التفتت رؤى إليها تبتسم سعيدة تغمغم مترفقة :
-صباح الفل يا حبيبتي ... الحمد لله شكلك أحسن كتير عن امبارح ...وبعدين ايه حضرتك دي ما تقوليلي يا ماما لو مش عايزة طبعا بلاش
ابتسمت طرب سعيدة تعانقها ممتنة ... ابتعدت عنها قليلا تغمغم :
- أكيد يا ماما ، ممكن بقى تسيبني أنا أعمل الشاي طالما حضرتك عملتي الفطار
ابتسمت رؤى لها تفسح لها الطريق وقفت طرب تعد أكواب الشاي عينيها تتحرك حذرة هنا وهناك خلسة تحاول أن تلمح شيئا غريبا يحدث ولكن لم يحدث شيء ... حملت صينية الشاي خلف خلف رؤى تتحرك خلفها متجهين إلى صالة الطعام ابتسم رعد ما أن رآها ... جذبت المقعد تجلس جواره مالت على أذنه تهمس عابثة :
- عملالك الشاي بايدي يا رعدود وحسرة عليها يا حسرة عليها 
قطب جبينها لعدة لحظات قبل أن يغمغم متعجبا :
- ايه حسرة عليها دي ، طرب لو دا افيه من فيلم عربي فأنا قولتلك كتير أنا ما بشوفش افلام عربي 
تنهدت ساخرة تقلب عينيها تشاكسه ، أما يوسف فكان يحاول اختلاس النظرات لملاك التي أحمر وجهها خجلا ولاحظت مريم ذلك فابتسمت سعيدة يبدو أن يوسف معجب بملاك وهي ايضا كذلك ، ذلك معناه ان مراد لازال لها ولكن أين مراد لما لم يأتِ اليوم ... ويبدو أن يوسف ايضا لاحظ ذلك لتجده يخرج هاتفه يتصل به يوسف لا يحادث سوى مراد صباحا ... طال الانتظار ولم يرد وأخيرا أجاب سمعت يوسف يحادثه :
- ايه يا ابني فينك ما جتش ليه ، دا الدرس بعد ساعة
وصمت يقطب جبينه لتتسارع دقات قلبها قلقا عليه خاصة حين غمغم يوسف قلقا :
- رجلك اتجزعت إزاي يعني ، طب يا مراد بذمتك دا وقت كورة ....يا سيدي مش بقطمك ، هتعرف تيجي الدرس يعني طيب هشوفك هناك 
وأغلق الخط نظر لرعد يغمغم متضايقا :
- مراد مش عاوز يجيبها البر ، كان بيلعب كورة امبارح ورجله اتجزعت مراد لو سقط السنة دي خالي عاصم ممكن يتشل فيها 
لا تعرف كيف منعت نفسها من البكاء شدت يدها على ثيابها تحاول أن تهدأ وقلبها يصرخ قلقا عليه ، لحظات ونزل جاسر من أعلى ، وقف جوار مقعده قبل أن يجلس التفت لهم جميعا يغمغم مبتسما :
- صباح الخير ، من النهاردة خلينا نقول من اللحظة دي طرب وملاك بقى زيهم زيكوا جزء من العيلة وليهم نفس الحقوق وبردوا نفس الواجبات ، وعليه في خلال 24 ساعة هيكون كل الماضي اختفى تماما يا طرب ، أما ملاك فمش بمزاجك تماما الرفض ، أنتِ هتروحي مع يوسف ومريم ومراد المراجعات وخصوصا أنه خلاص الامتحانات على الأبواب ... مش عايز اسمع أي مشاكل من العيلة دي لمدة سنة قدام بدل ما اقوم أولع فيكوا كلكوا وشكرا
ومن ثم جلس إلى مقعده ينظر حوله ليغمغم متعجبا :
- اومال فين الواد اللي طالعلي في البخت ، مراد فين
تنهد يوسف يغمغم متضايقا :
- رجله مجزوعة هيروح على الدرس على طول 
همهم جاسر متفهما ... يشرع في تناول طعامه لتغمغم طرب فجاءة :
- هو أنا ممكن اشتغل مع حضرتك ومع رعد ، أنا خريجة إدارة أعمال ومن زمان وأنا معايا كذا لغة منهم الانجليزي والفرنساوي والالماني 

قطب رعد جبينه متضايقا لم تخبره وها هي تضعه في موقف محرج أمام أبيه ، التفت لها ينظر إليها محتدا لاحظ جاسر نظرات رعد لها ليغمغم :
- واحدة واحدة يا طرب أنتِ لسه تعبانة عشان ما يحصلكيش انتكاسة ، ما تاخديش الدنيا قفش واحدة واحدة ... مين بيرن الباب دلوقتي 
قام يوسف من مكانه يفتح الباب لتتسع حدقتيه حين وجد وليد يقف أمامه ، نظر له متوترا في حين ابتسم وليد سعيدا ... يغمغم متلعثما :
- أنا كنت عاوز أقابل عمي جاسر 
حرك يوسف رأسه ينظر لأبيه مدهوشا ليقم جاسر من مكانه تحرك صوب الباب لم تقل دهشته هو الآخر حين رأى وليد أمامه ليغمغم يسأله :
- خير يا ابني في اي 
أدمعت عيني وليد ينظر لجاسر يتوسله قبل أن يتمتم متلهفا :
- أنا بشكرك بجد شكرا لحضرتك ، أنا اقسملك بالله بقيت كويس جداا وعارف كمان روحت عملت عمرة أنا ووالدي ودعيت ربنا كتير أنه يسامحني على اللي كنت عاوز اعمله والحمد لله أنه منعني ودكتور جاسر ساعدني أوي ، بس أرجوك أنا ويوسف صحاب من 6 سنين أنا ماليش صاحب غيره ، أرجوك يا عمي ما تبعدوش عني 
زفر جاسر أنفاسه حانقا ما بال الجميع اليوم يثيرون شفقته وذلك الشاب يكاد يبكي أمامه لأن يبعد صديقه عنه ، رأى والد وليد يقترب منه وقف جوار ولده يغمغم :
- جاسر باشا صدقني وليد كل اللي بيقوله انه نفسه بس يوسف يسامحه وترجع صداقتهم زي ما كانت 
تنهد جاسر قلقا قبل أن يومأ برأسه يفسح الطريق لوليد ليدخل يغمغم :
- ادخل يا وليد 
استأذن والده يبتسم لجاسر يشكره سعيدا ممتنا ، أغلق جاسر الباب ليجد يوسف يقف أمام وليد ينظر إليه والأخير يخفض رأسه أرضا يغمغم بنبرة خفيضة يملئها الألم :
- أنا آسف يا يوسف بجد آسف ، آسف لأني في يوم كنت بحاول اقنعنك بالقرف دا ... أنا فهمت ، فهمت كل حاجة وقد ايه هكون كنت هبقى شخص عاصي ومقرف ، وزي ما قولتي قبل كدة هخسر كرامتي واحترامي لنفسي ، أنا بجد آسف ، آسف أوي 
وبكى ، نظر يوسف لأبيه ليشعر جاسر بالأسى على حال الشاب الصغير ، اقترب منه وقف جوار وليد يربت على كتفه يغمغم مبتسما :
- المهم دلوقتي أن القطرة رجعت سليمة زي ما كانت ، وعلى يوسف فهو كان بيعرف أخبارك أول بأول من جاسر ابن عمته 
توسعت حدقتي يوسف ينظر لوالده مدهوشا كيف عرف والده بذلك من الأساس ، في حين ابتسم جاسر ساخرا ولم يجيب ، تنهد يوسف متوترا قبل أن يستعيد رباط جأشه يغمغم بنبرة حازمة :
- قسما بربي يا وليد لو شيطانك وزك تفتح المواقع المنيلة دي تاني ... همثل بجثتك حي 
التعبير عنيف جعل الجميع ينظرون إلى يوسف مدهوشين ، خاصة جاسر الذي لاحظ كيف تغيرت نبرة صوت حتى نظرات عيني ولده لأخرى حادة قوية ، يوسف يُخفي خلف شخصيته اللطيفة شخصية قاسية حادة قيادية ستظهر ملامحها كاملة كلما كبر أكثر ، أما وليد فضحك يومأ برأسه يعانق صديقه سعيدا تدمع عينيه فرحا ، صدمه يوسف على ظهره بقوة يغمغم حانقا :
- وحشتني يازفت
___________________
لم تذهب إلى الجامعة كما أخبرت والدتها أنها ستفعل وإنما توجهت إلى منزل عمار تتذكر كل كلمة قالتها لها سما بالأمس وبكائها العنيف بين أحضانها ... لتقرر محاربة الندم بالألم كما اقنعها عمار ، وصلت أمام باب منزله شعرت بنفس الرجفة والخوف التي شعرت بهما في المرة الماضية رفعت يدها لتدق الجرس وداخلها ألف صوت يصرخ فيها إلا تفعل ولكنها فعلت دقت الجرس ليفتح عمار لها الباب بابتسامة كبيرة يفسح لها الطريق لتدخل إلى داخل منزله ، خطت للداخل يشعر بداخلها يخبرها بأنها تخطو إلى حجر أفعى ، انتفضت حين أغلق الباب واقترب منهم يبتسم سعيدا ، مدت يدها إلى حقيبة يدها تخرج منها الورقة تعطيها له ،ابتسم في خبث وكأنه حية اسقطت فريستها توا ها هي امامه من جديد تعطيه عقد خضوعها دون أن تدري ... التقط الورقة منها يغمغم سعيدا : 
_كنت واثق أن هتمضي عليه 
كانت خائفة وزاد خوفها ابتسامته الكبيرة المخيفة ، كل ذرة بها تنتفض بعنف فتحت فمها لتتقطع نبرتها من الخوف :
_ هو ايه اللي المفروض هيحصل دلوقتي
اقترب منها سريعا يضع سبابته على فمها يهمس بنبرة حادة مهيمنة :
_هشش من اللحظة دي الكلام بإذني أنا ، طول ما أنا قولتش تتكلمي تفضلي ساكتة خالص 
توسعت حدقتيها فزعا من نبرته المخيفة ارتدت للخلف تنظر له مفزوعة ليضحك هو ساخرا يقبض على ذراعها يعيدها لنفس النقطة حيث كانت واقفة يردف بنبرة أكثر حدة :
_ حتى الحركة بإذني أنتِ فاهمة يا أريچ ما تخلنيش أوريكِ الوش التاني بالسرعة دي
تركها وتحرك يجلس على المقعد المقابل لها يضع ساقا فوق أخرى يغمغم متلذذا :
_دلوقتي نتكلم بصراحة ، أنا بقالي مدة كبيرة مراقبك يا أريچ وعارف قد ايه أنتِ شخصية هشة مالكيش صحاب ، في الاغلب كان مقفول عليكِ أوي ، مواصفات هايلة دا غير طبعا أنك جميلة ومطيعة وهادية وبعد ما وقعتي عقد خضوعك....
شقهت مذعورة تضع يدها على فمها تغمغم مذعورة :
_عقد ايه ؟!!!
ضحك عاليا ليتحرك من مكانه اقترب منها حتى بات امامها يردف ساخرا :
_ ما هو أنتِ لو كنتي قريتي العقد ما كنتيش مضيتي عليه ، بس أنا كنت واثق أنك مش هتقريه 
وفي لحظة اختفت ابتسامته يمد يده يقبض على حجابها بعنف لتصرخ من الألم ويغمغم هو محتدا :
_ولأخر مرة تتكلمي من غير إذني 
____________
- أريييييج لااااااا
صرخ بها جاسر مذعورا ليستيقظ من نومه جسده يغرق في العرق يلهث بعنف ، كابوس بشع رأى فيه شقيقته تسقط من فوق جرف عالٍ ومجموعة ذئاب تركض صوبها أحد تلك الذئاب قبض على رقبتها بأسنانه ... دخل سامر إلى غرفته يسأله :
- مالك يا عم في اي بتصرخ ليه 
بحث حوله متلهفا مذعورا عن هاتفه إلى أن وجده يبحث عن رقم أريچ يتصل بها مرة بعد أخرى يغمغم محتدا :
- ردي يا أريچ 
أخيرا فُتح الخط ليغمغم سريعا :
- ألو أريچ أنتي فين بتصل بيكِ من بدري ، ألو أريچ أريچ 
لم يصل إليه سوى صوت حركة غريب ومن ثم صوت شخص ما يتألم وآخر ما وصل إليه كان صوت شقيقته تصرخ مذعورة :
- الحقني يا جاااسر 
وصرخة عالية متألمة لها لينتفض من مكانها يصرخ مذعورا :
-أنتي فين يا أريچ ردي عليا ، أريچ في اي 
وأغلق الخط ليقف للحظات مصعوقا ... قبل أن ينظر لسامر يصرخ خائفا :
- أريچ ، أريچ في حد بيأذيها ...أختي ، أبلغ البوليس ولا أروح فين ولا أعمل ايه ...
أقترب سامر منه يغمغم سريعا :
- أنا أقدر اعرفلك أريچ فين .. أنا ما كنتش ناوي أعمل كدة تاني ، بس إحنا لازم نلحق أختك 
غمغم بها سامر سريعا ليهرع من غرفة جاسر يسرع خطاه إلى غرفته يخرج حاسوبه المحمول من إحدى حقائبه يهرع إلى الصالة أزاح اطباق الطعام الفارغة التي لا تزال على الطاولة منذ الأمس يضع حاسوبه وجد جاسر جواره يراقب متوترا خائفا ما يفعل ، لأول مرة منذ معرفته بجاسر يرى ذلك الخوف الكبير المرتسم على وجهه ، عمل سريعا على فتح إحدى تلك البرامج التي لديه يضع العديد من الأكواد الخاصة به لينفتح البرنامج نظر لجاسر يغمغم :
- قولي رقم أريچ
وسريعا أخبره جاسر بالرقم ليكتبه سامر وتبدأ أرقام كثيرة على الشاشة تتحرك بشكل غريب وسريع نظر سامر صوب جاسر يغمغم :
 -بص يا جاسر أنا فعلا ما كنتش ناوي استخدم البرامج دي تاني عشان سمعت إنها حرام بس دي حالة انسانية أنا اقدر احدد بالظبط اختك فين الموقع والعنوان ولو في كاميرا مراقبة في المكان اللي هي فيه أنا اقدر اخترقها 
وما تسألش أنا بعرف كدة إزاي اديني خمس دقايق بالظبط
وقف جواره قلبه يكاد يتوقف من الخوف الدقائق تمر ساعات وما على سطح الشاشة أمامه يتحرك بشكل غريب ، إلى أن وجد سامر يغمغم سريعا :
-أريج في شارع .... في الزمالك في شقة دكتور اسمه عمار كامل ... كاميرا المراقبة الوحيدة قدام الشقة بس اقدر اشغل صوت يمكن نلقط حاجة
وفعل، رأى جاسر أمامه ممر فارغ أمام باب شقة مغلق لا شيء بعد عدة لحظات سمعوا صوت أريچ وهي تصرخ : 
_ارحمني أرجوك !!
انتفض جاسر مذعورا حين سمع صوت صرخات شقيقتها ليصدح صوته غاضبا:
- وحياة أبويا لأدفنه حي لو مسها 
واندفع إلى غرفته لم يكن فقط يبدل ثيابه بل أحضر سلاحه المرخص معه خرج يركض من الغرفة ليجد سامر ينتظر يمسك في يده مضرب لعبة ( البيسبول ) الضخم يغمغم :
- يلا بسرعة
واندفع كلاهما إلى خارج الشقة رأتهم مليكة وهم على حالهم ذاك لتسأل مستنكرة :
- ايه دا في اي ، انتوا رايحين تتخانقوا 
لم يجب اي منهما لم ينتظروا المصعد حتى تسابقت أقدامهم على السلم ، ومنه إلى السيارة يضعط جاسر على الدعاسات يكاد يدعسها 
وصرخات شقيقته لا تفارق رأسه أبدا ، يتوقع أسوء الاختيارات ولكنه لا يفهم إلى الآن لماذا ذهبت أريچ لمنزل عمار ، ما الدافع الذي جعلها تفعل ذلك ... طال الطريق وهو يتلظى بنيران القلق كلمات سامر التي يحاول بها أن يطمأنه لم تنفع تماما ... أخيرا وصل للمكان ، اندفع يركض يسابق الريح ومن خلفه سامر إلى أن وصلا إلى الطابق المنشود هرع الشقة ولكن على عكس ما توقع بابها كان مفتوح من الأساس ، جذب مسدسه في يده يتحرك داخل الشقة هنا وهناك ، سمع صوت أنين متألم يأتي من غرفة مجاورة له تحرك إليها سريعا فتح الباب لتجحظ مقلتيه ما بين الذهول والألم والخوف ، تمنى أن يكن لا يزال يحلم ... أريچ شقيقته الصغرى ، تلك المدللة المشاغبة البريئة ... أمامه يستر جسدها بقايا ثياب يديها معلقة بسلاسل من حديد تنزل من سقف الغرفة ، التفت خلفه يصرخ في سامر :
- ما تجيش هنا شوفلي الكلب دا لسه في الشقة ولا هرب 
دخل إلى الغرفة وأغلق الباب حتى لا يراها سامر ... سارع يكسر أقفال تلك السلاسل ويبدو أن عمار كان لا يزال يسخر منه فقد ترك له المفاتيح على قلادة حول رقبة شقيقته ... نزع القلادة يفتح لها الاقفال لتنهار أرضا جسدها ينزف ، الجروح تغطيها وجهها مكدوم ... نزل أرضا يرفع جسدها بين ذراعيه لتتمسك به تبكي بحرقة ، لم تكن في حال تسمح لها بأن يسألها أي سؤال وهو بالكاد يمسك دموعه من بشاعة ما يرى ... نظر حوله هنا وهناك يبحث عن شيء ليغطيها به ... قام من جوارها سريعا يفتح الدولاب لتشخص عينيه مما رأى ... ذلك الوغد المريض الساد..ي
سيمزق عنقه ما أن يضع قبضته عليه جذب فستان وجده في دولابه يضعه على شقيقته التي شبه فقدت وعيها حملها بين ذراعيه يخرج بها من الغرفة ليجد سامر يقف مكانه يكاد يشتاط غضبا هو الآخر ، نظر لأريچ شقيقة جاسر خائفا قبل أن ينظر إليه يهسهس محتدا :
- الكلب هرب كان عارف أننا جايين بس سايب ايه 
رفع دميه من القماش طبع عليها صورته هو وأريچ تمسك بورقة كُتب عليها 
( يا حرام اهي دلوقتي روچا هتبقى نسخة من ماما يا جاسورة ) 
إذا الوغد كان يستهدفه ... قتله فقط حل غير موجود في قاموس كلماته سيريه كيف سيتلذذ بتمزيق جسده إلى فتات ، حمل أريچ ينزل بها لأسفل وضعها في سيارته على الأريكة الخلفية  وهي بين أحضانه ليتولى سامر أمر القيادة ، نظر سامر لجاسر من خلال مرآة السيارة يسأله:
- نطلع على مستشفى 
اومأ جاسر برأسه سريعا يغمغم :
- ايوة طبعا ، بس أكيد مش المستشفى اللي شغال فيها والدي شوف واحدة بعيدة ولا اقولك ... اطلع على عيادة **** ، دي في شارع***
حرك سامر رأسه سريعا ليخرج جاسر هاتفه من جيب سرواله يتصل بأحد ما يغمغم سريعا :
- ميرنا ، أنا جاسر أنا عارف إن العيادة بتاعتك مقفولة دلوقتي بس أنا محتاجك ضروري يا ميرنا دي مسألة حياة أو موت ، أنا جايلك على هناك 
واغلق الخط ينظر لشقيقته الساكنة بين أحضانه تنهمر دموعها تنتفض بين الحين والآخر ... إلى أن وصل سامر للعنوان ، حملها جاسر بين ذراعيه يصعد بها إلى الطابق الثاني ... وجد باب العيادة مفتوح دخل لينظر خلفه يغمغم :
- سامر اقفل الباب بعد ما تدخل 
خرجت من غرفة الكشف طبيبة شابة في نهاية العشرينات في مثل عمر جاسر تقريبا ، شهقت مذعورة ما أن رأت أريچ ، لتهرع إليه تغمغم سريعا :
- مالها أريچ يا جاسر
نظر جاسر لسامر يطلب منه الإنتظار هنا ، ليدخل وهو يحمل شقيقته إلى غرفة الكشف ، اغلقت ميرنا الباب اقتربت منه تسأله مذعورة:
- في اي ، ايه اللي حصل
وضع شقيقته على فراش الكشف ينظر لميرنا زاغت حدقتيه يشعر بأنفاسه تغلي من القهر والغضب يهمس محتدا :
- ما اعرفش ايه ، بس هعرف قسما بالله ما حد هيرحمه من أيدي ... المهم دلوقتي جسمها كله متجرح وعلامات ضرب .... اتصرفي يا ميرنا وفي حاجة كمان ... 
أخفض صوته حد الهمس حتى باتت هي فقط من تسمع يردف :
- حاولي تسأليها إن كان اعتدى عليها ولا لاء ضروري يا ميرنا ، اسأليها مرة واتنين وتلاتة هي بتثق فيكِ وقوليها أنك مش هتقوليلي ، ميرنا أرجوكِ 
اومأت برأسها سريعا تطلب منه الخروج من الغرفة تحرك للخارج ينظر إلى شقيقته التي فتحت عينيها تنهمر منها الدموع ، خرج يجذب الباب خلفه تهاوى على أقرب مقعد قابله يغمض عينيه ، قام سامر من مكانه يجلس جواره يغمغم يواسيه :
- اهدا يا جاسر هتبقى كويسة وصدقني هنلاقيه ، أنا هعرف الاقيه 
لم يرد بحرف فقط نزلت دموعه في صمت ومشهد شقيقته يتكرر أمامه لا يصدق أن أريچ الصغيرة حدث بها ذلك ، ذلك المريض كان يتقصد الإنتقام منه فاختار شقيقته ليهشمها ، رفع سامر يده يضعها على كتفه يشد على كتفه يحاول أن يواسيه ، دقائق طويلة مرت وصلت للساعة وميرنا لم تخرج وهو على شفا الانهيار ، أخيرا بعد ساعة ويزيد خرجت من الغرفة هرع جاسر إليها ينظر إليها متلهفا لتمسك ميرنا بذراعه تجذبه معها إلى غرفة أخرى ليبادر يسألها مذعورا :
- هي عاملة ايه دلوقتي ، وأنتي عملتي ايه ، سألتيها 
حركت رأسها للجانبين رفعت نظارتها تمسح دموعها تهمس بحرقة:
- اللي عمل فيها كدة لازم يتحاسب يا جاسر ، أنا ما سألتهاش عشان أنا اديتها مخدر ما استحملتش المعقم يا عيني كانت بتتلوى من الوجع ، بس هو ما اغتصبهاش أنا متأكدة وما تقوليش أنتي إزاي تعملي كدة هي ما كنتش واعية ... الجروح اللي جسمها كله صعبة أوي يا جاسر ، في حر..وق شمع على رجليها ، أنا لحقتها بسرعة عشان ما تسيبش علامات ، وشعرها أنت ما خدتش بالك أن شعرها اتقص منه جزء كبير 
كور قبضته يشد عليها بعنف والنيران تنغرز في قلبه تحرقه ، نظر إليها حين أردفت :
- أنا عمقتلها الجروح كلها وخد الروشتة دي فيها كل الادوية بمواعيدها ، المهم دلوقتي هتقول ايه لطنط نرمين وعمي ياسر
نظر إليها ليغمغم سريعا :
- طبعا مش هقولهم حاجة دلوقتي خالص ، ميرنا أنتي الوحيدة اللي وثقت فيها ، عشان إحنا متربين مع بعض من صغرنا ... ميرنا وحياة محمد وأحمد ولادك ما تقوليش ليهم حاجة 
تنهدت حزينة تعده أنها لن تقل شيئا ... ليشكرها ، تحرك إلى غرفة الكشف حيث شقيقته ، نظر لها ومنع نفسه من البكاء على ما يرى ، تقدم يحملها بين ذراعيه يخرج من العيادة ومعه سامر الذي أسرع يفتح له باب السيارة ... جلس جاسر جوار شقيقته يفكر فيما سيفعل لأول مرة يجد نفسه عاجز عن إيجاد حل ، حلوله أجمع دامية مخيفة ... حاول أن يرتب أوراق أفكاره الأهم فالمهم ، الأهم الآن أن يجد عمار وذلك ما سيبدأ به بعد الاطمئنان على أريچ والأهم أيضا أن أريچ ستحتاج إلى طبيب نفسي على وجه السرعة بعد ما حدث لها وأليس هو ذلك الطبيب النفسي البارع كما يفتخر ويتباهى ، ويأتي مع ذلك محاولة إخفاء الأمر عن والديه عليه أن يجد حجة مقنعة يقولها لهما يقنعهما بها حتى تظل أريچ عنده دون أن يشك أي منهما في شيء ولكن ما هي ، يشعر بعقله معطل عن إيجاد أي حل مناسب ، زفر أنفاسه يمسح وجهه بكف يده نظر لسامر يغمغم :
- سامر وقف العريبة قدام أقرب محل هدومي حريمي 
اومأ سامر برأسه متفهما ، بعد دقائق توقفت السيارة أمام محل ثياب لينزل جاسر منها نظر لسامر يغمغم :
- خليك في العربية مش هتأخر 
وفعل سامر ، جلس في السيارة لف رأسه ينظر صوب أريچ يشعؤ بالأسى على حالها تبدو الفتاة تبدو هشة للغاية على ما حدث لها ... ذلك العمار سيهدمه ما أن يجده ولن يطول اختفاءه أبدا ..
أما داخل المحل فتحرك جاسر بصحبة إحدى عاملات المحل يطلب منها عدة ثياب وقف ينتظرها لتحضر ما طلب ، ليتناهى إلى اسماعه صوت فتاة تغمغم :
- يا ستي أنا آخر مرة كنت عاوزة اروح عند صاحبتي قولت لماما دي باباها توفى وهو مسافر الخليج أصلا 
فكر في الأمر ، ربما يخبر والديه أن إحدى صديقات أريچ توفت وهي منهارة لذاك ولكن أريچ لا صديقات لها من الأساس ، شقيقته كانت وحيدة للغاية لدرجة سقوطها فريسة لذلك الوغد ، جاءت العاملة واحضرت له الثياب ليشكرها دفع الحساب وتحرك للخارج إلى السيارة وضع الحقائب في صندوق السيارة يعد لمكانه من جديد ، جلس جوار شقيقته تحرك سامر بالسيارة عائدا للبيت ، في تلك اللحظة تذكر مليكة ... ألم يعزم على الانتقام في تلك اللحظة شعرت بمدى قبح ما كان يريد أن يفعل الإنتقام من فتاة لدرجة تدميرها فتاة لا ذنب لها سوى أن نفس مريضة اختارتها هو أسوء ما يمكن أن يحدث ، حين وصلت السيارة حمل جاسر شقيقته إلى شقته بالأعلى حين وصلا للطابق وجد مليكة تخرج من منزلها تضع حقيبة القمامة في الصندوق خارجا نظر إليها يهمس بنبرة خاملة متعبة:
- أنا محتاج مساعدتك 
قطبت جبينها تنظر للفتاة على ذراعيه قلقة ولكن وجهه كان يعبر عن أقصى مراحل الألم والعذاب ، حركت رأسها توافق تقدمت تدخل إلى الشقة رأته يدخل وهو يحمل الفتاة إلى غرفة جانبية لتلحق به وقفت عند باب الغرفة لتراه يضع الفتاة على الفراش ، استقام ينظر إليها قبل أن يهمس بنبرة حزينة تتألم :
- دي أريچ أختي الصغيرة ، على قد ما كنت بتضايق من دلعها وشايفها مستهترة وما تعرفش تشيل مسؤولية على قد ما أنا ما خدتش بالي أننا اللي عملنا فيها كدة ، أريچ مالهاش ولا صديقة واحدة ومستحيل ابقى أنا الصديق دا مش هتوافق حتى ... أنا برجوكِ يا مليكة تخليكِ جنبها خصوصا الأيام الجاية أنا مش عارف هي لما تفوق هيكون رد فعلها ايه ، لاء أنا بكذب أنا عارف بس بتمنى ما يحصلش 
لأول مرة تشعر بالشفقة عليه خاصة وهي ترى تلك الدموع الساكنة في مقلتيه يمنعها كبريائه كي لا يبكي أمامها ، دوما ما كانت تراه الطبيب المتعجرف المغرور وبعد آخر لقاء بينهما ما عادت تريد رؤياه من جديد ولكن ما يحدث الآن مرتبط بفتاة صغيرة تبدو مدمرة حرفيا 
______________
اضطجع إلى ظهر مقعده ينظر لساعة الحائط الخامسة عصرا ابتسم حين مر بباله ما حدث قبل عدة ساعات 
Flash back
حين انتهوا من الفطور تحرك بصحبة والده إلى خارج المنزل ليتوجهوا إلى المنزل قبل أن تخطو قدميه إلى خارج المنزل سمع صوتها تغمغم سريعا:
- رعد ثواني 
تحرك والده يسبقه إلى السيارة ، أما هو فانتظرها لتجحظ مقلتيه حين رآها ترتمي بين أحضانه لفت ذراعيها حول عنقه تقبل وجنته تهمس برقة :
- هتوحشني ، ممكن اطلب منك طلب عشان خاطري
ابتسم يومأ لها من الجيد أن الباب بعيد عن غرفة الطعام وإلا كان رآه الجميع انتبه حين همست تترجاه :
- عشان خاطري يا رعد لو بتحبني وحياة أغلى حاجة عندك ، ما تشربش اي حاجة من أيد أي حد ، أقولك أعمل أنت لنفسك أكيد في كاتل في مكتبك ، عشان خاطري اوعدني واحلف 
ابتسم يربت على خصلات شعرها برفق يحرك رأسه بالإيجاب يغمغم ضاحكا :
- حاضر يا ماما طرب أوعدك مش هشرب وهعمل لنفسي أي حاجة أنا عاوزها ، حاجة تاني 
ابتسمت تعانقه فلم يرى ابتسامتها المتوترة الخائفة ، ودعها ... يتحرك للخارج جلس جواره خلف المقود ليغمغم جاسر ساخرا :
- شغل الكناريا دا على الصبح المرارة يا عم رعد والنبي 
ضحك رعد عاليا ، يدير محرك السيارة لاحظ أن والده لم يرفع عينيه عن شاشة الهاتف طوال الطريق كان منهكما للغاية في الحديث مع شخص ما ، إلى أن وصلت السيارة إلى وجهتها ، نزل من السيارة ليجد أبيه يمسك بكف يده مما جعله يقطب جبينه متعجبا ، جذبه للداخل ليجد موظفي الشركة بأكملها يقفون في باحة الإستقبال قطب جبينه ينظر إليهم متعجبا ليجد صوت أبيه يصدح من جواره :
- صباح الخير ، مبسوط إني شايفكوا كلكوا قدامي دلوقتي ، ومبسوط أكتر أن رعد ابني ودراعي اليمين رجع لشركته تاني ، وبالمناسبة دي قررت صرف شهر مكفاءة لكل موظف في الشركة ... وقررت بردوا بما أن رعد يبقى المسؤول الأول عن كل الصفقات اللي هتقوم بيها الشركة من حيث الرفض أو الإيجاب 
نظر رعد لأبيه مدهوشا في حين ابتسم جاسر يردف:
- أنت قدها وقدود يا رعد آل مهران
ومن ثم نظر للجمع أمامه الذي بدأ يصفق ليغمغم مبتسما :
- اتفضلوا كل واحد يرجع مكتبه 
وبدأ الجمع يتفرق نظر رعد لأبيه يبتسم ليجذبه جاسر من يده يغمغم سعيدا :
- تعالا أوريك مكتبك الجديد أحلى من مكتبي والله 
ابتسم رعد سعيدا يتحرك بصحبة أبيه وقف جاسر أمام باب مكتب مغلق ، فتح الباب يضئ إنارة المكان أشار له يغمغم مبتسما:
- مكتبك
نظر رعد حوله مدهوشا ، والده كان محقا مكتبه يفوق مكتب أبيه حجما به حائط كبير من الزجاج يطل على حديقة الشركة ، ألوانه هادئة متناسقة به مكتب كبير وكرسي كبير من الجلد الأسود وشاشة ضخمة ومرحاض خاص ، نظر لأبيه يغمغم:
- كتير كدة يا بابا المفروض دا يبقى مكتبك أنت مش مكتبي أنا 
ابتسم جاسر ليتحرك صوب المكتب جلس على المقعد يغمغم :
- طب ما هو بتاعي فعلا ، أنت صدقت يلا ولا ايه ، أنا هاخد المكتب دا وأنت هتاخد مكتبي ، أنا من زمان كان نفسي يبقى عندي حيطة ازاز ابص منها على الجنينة زي أبطال الأفلام الأجنبي 
ضحك رعد عاليا يضرب كفا فوق آخر لا يعرف كيف لم يلاحظ منذ البداية ذلك اللوح الزجاجي الموضوع على المكتب نقش على سطحه
( رئيس مجلس الإدارة ، جاسر مهران )
ودع رعد أبيه وهو يضحك لا يصدق تلك الأفعال الصبيانية التي تصدر منه ، ولكن مكتب والده لازال ضخم الحجم ، دخل الى مكتب أبيه وجد لوح الزجاج على المكتب تلك المرة باسمه هو ، ما أن جلس وجد الباب يُفتح ودخل علي يحمل الكثير من الملفات وضعها على المكتب ، نظر لرعد يغمغم مبتسما :
- أولا حمدلله على السلامة نورت مكتبك الجديد ، طبعا جاسر عملها فيك وخد المكتب الجديد لنفسه ، ثانيا بقى دول 35 صفقة عايزك تراجعهم كويس أوي ، خد بالك جاسر مش طايق حركة أنك سيبت الشركة وروحت اشتغلت مع حمزة السويسي وكسبت شركة أخوه كذا صفقة كانت هتاخدها الشركة ، فركز في الملفات كويس 
ضحك رعد يومأ برأسه يغمغم :
- قول كدة بقى هو مش بيرقيني دا بيلبسني ، أنا قولت جاسر مهران مش سهل كدة بردوا 
Back
عاد من ذكراه على صوت الباب يُدق سمح للطارق بالدخول لتتسع حدقتيه حين رأى طرب تقف أمامه تمسك بحقيبة من الورق عليها اسم مطعم شهير ، قام من مكانه توجه إليها يسألها مدهوشا :
- طرب أنتِ بتعملي ايه هنا :
ابتسمت تقترب منه تقبل وجنته تلف ذراعيها حول عنقه تغمغم سعيدة :
- وحشتني فقولت لمامتك إني هجيبلك غدا واجي أشوفك ، هو دا مكتبك حلو أوي يا رعد 
ووضعت حقيبة الطعام على سطح المكتب تتحرك هنا وهناك تنظر للمكان حولها ليقترب رعد منها ، امسك ذراعها برفق يجذبها لتنظر إليه يغمغم متعجبا :
 - طرب أنتي لسه تعبانة واللي بتعمليه دا ما ينفعش ، مش عشان بقيتي كويسة شوية تفضلي تتنطنطي من هنا لهنا ، طرب من فضلك روحي وخدي علاجك وارتاحي ... يلا 
قررت أن تدلل كما ترى في الأفلام التي لا يتابعها هو عله يتراجع عما يقول لفت ذراعيها حول عنقه تسبل عينيها بدرجة مبالغ فيها تهمس تصطنع الدلال :
- كدة يا رعدودي ، عايزني امشي 
قلب عينيه يغمغم ساخرا :
- وأنتِ لما تقلدي سعاد حسني في صغيرة على الحب أنا كدة هنهار يعني ، يلا يا حلوة على البيت 
زفر أنفاسه حانقة ، المخادع يخدعها كيف يخبرها أنه لا يشاهد الأفلام وعلم أنها تقلد أحدهم ... فما كان منها الا انها جلست على الأرض تربع ذراعيها تغمغم ساخرة :
- مش ماشية ، مش ماشية وأمور الاستعباط دي ما بتاكلش معانا ... وبعدين دا أنا جايبة أكل قد كدة عاوز تاكله لوحدك ايه الطمع .. يلا انزل اقعد على الأرض ناكل أنا وأنت لقمة هنية تكفي 300 
ضحك يائسا يضرب كفا فوق آخر لتجذبه من ساق بنطاله الجينز تغمغم :
- يا بيه يا بيه يا طويل إنت ، اقعد بقى وألا والله هقعد أقولك قفشات من هنا لحد ما يجيلك صداع ، طيييييب عارف اممممم
لم تنطق بحرف حين سريعا نزل لمستواها يكمم فمها بكف يده يغمغم مذعورا :
- بالله عليكي كفاية قفشات هنهار ،  متجوز الخليل كوميدي ... هترزع والله هقعد 
ضحكت عاليا تجذب حقيبة الطعام تفتحها ، ترص الطعام على الأرض تفتح العلب تشمر عن ساعديها ليضحك على ما فعلت أمسك بإحدى الشطائر ما أن قضم منها قضمة منها لم يمضعها حتى وجد الباب يفتح وصوت والده يغمغم :
- رعد الملف......
وصمت وتوسعت حدقتيه ينظر للمشهد أمامه مصعوقا ، لا يجد كلمة يقولها ، ينظر لطرب التي تمسك بحفنة كبيرة من البطاطا المقلية ولولده الذي يبدو أن فمه ممتلئ بالطعام طحن أسنانه يغمغم حانقا :
- دا أنا هعلقك أنت وهي لما نروح فاتحنها مطعم وبتاكلوا على الأرض ، لو حد دخل يفتركنا شغالين في سوق 
كتمت طرب ضحكتها بصعوبة لتقم من مكانها تأخذ الورق من يد جاسر تضعه جانبا ، جذبت يده ليتحرك إليهم تغمغم ضاحكة :
-اقعد بس يا بابا كل معانا وأنت هتنبسط والله 
تفاجئ رعد من كلمة ( بابا) وتفاجئ أكثر أن والده لم يعترض ولم يبدو حتى غاضبا فقط نزع سترة حلته يضعها جانبا يغمغم ساخرا:
- اديني هتزرع يا أخرة صبري أنتي وهو ، أما نشوف اخرتها معاكوا 
وجلس أرضا جوارهم يشمر عن ساعديه ليبتلع رعد ما في فمه يشير إليها يغمغم يدافع عن نفسه :
- على فكرة والله هي مقعداني بالإكراه باستخدام سلاح الألش والقفشات وأنت عارف أنا بكرههم قد ايه هما والنكت الرخيصة
ضحك جاسر ينظر لطرب يغمغم ساخرا :
- تبقى تقول ألشة واحدة وأنا البسها طبق البطاطس 
ضحكت طرب عاليا ليبتسم جاسر في وجهها وداخلها يزداد فيها شكا ، ما الذي اتي بها إلى هنا من الأساس ، ماذا تريد تلك الفتاة تحديدا ؟!
_______________
انتهى الدرس اخيراا ... لا تصدق مدى طول تلك الحصة شعرت أنها لا نهاية لها ، تعرف انها المراجعة الأخيرة ولكن عقلها توقف عن الاستيعاب قبل ساعتين من الأساس ، خاصة وأن مراد يجلس هناك يلتف رباط ضاغط حول كف قدمه يستند على عصا ، ما أن بدأ الطلاب بالرحيل انتظرته جوار سيارتهم جوارها ملاك 
التي تبدو شاردة منذ مدة طويلة ولكن ذلك لا يهم الآن ، اقترب يوسف يسير جواره وليد ومراد ، وقفت سيارة خالها في اللحظة التالية ليخرج عاصم منها بدا حقا غاضبا ، واشاح مراد برأسه ما أن رآه ليتقدم عاصم منهم ابتسم يحادث :
- ازيك يا يوسف عامل ايه وأخبار رؤى ايه 
ابتسم يوسف يرد تحيته والجميع لا يفهم ما يحدث ، تبدل وجه عاصم ضيقا ينظر لمراد يغمغم :
- مش يلا ولا إيه 
تحرك مراد مجبرا يسير أمام أبيه حين مر من جوار مريم لم ينظر لها حتى ... اكمل طريقه إلى أن وصلا لسيارة عاصم ليجلس مراد على المقعد جوار أبيه الذي انطلق به بالسيارة دون أن ينطق حرفا ... قطب يوسف جبينه لينظر صوب مريم ليرى وجهها الشاحب وكيف تمنع دموعها بصعوبة ، شيء ما حدث ويبدو أن مراد كان يكذب ولم يسقط وهو يلعب الكرة كما قال 

تعليقات



×