رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل السابع عشر 17 بقلم دينا جمال


رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل السابع عشر 

بناء على رغبة القراء هنحط في بداية كل فصل كل عيلة بولادها عشان الناس اللي لسه بتتلغبط 
جاسر ورؤي أبطال الأجزاء اللي فاتت عندهم 6 أولاد رعد وجوري أول تؤام 
يوسف ومريم تاني تؤام 
سليم وياسين آخر تؤام
-----------------
نرمين أخت جاسر اللي جاسر كان بينتقم من صبري وبنته شاهندا عشانها 
نرمين وياسر جوزها عندهم 2 
( جاسر الكبير 29 سنة دكتور نفسي 
اريج في 2 كلية طب )
ياسر كان ليه بنت من مراته اللي ماتت قبل ما يتجوز نرمين اسمها سما جوزها اسمه مصطفى
______________
عاصم أخو رؤي خال العيال اللي كان بيحب تهاني واتجوز حلم في الجزء التاني عنده ولدين 
حسين الكبير مهندس ، مراد الصغير في ثانوية عامة ساقط سنة 
_____________
رؤى كان ليها جيران أخ وأخت ساكنين سوا اللي هما عمرو وايمان 
ايمان اتجوزت علي صاحب جاسر وعندها شريف الكبير ظابط شرطة ، وليان الصغيرة المدلوقة على الجاموسة جواد 
_________
أما عمرو فاتجوز روان بنت صاحب الشركة اللي كان شغال فيها وخلف ولد وبنت 
جواد جاموسة متنقلة مهندس ديكور 
ومرام دلوعة ماما 22 سنة في كلية إعلام ومخطوبة لشريف ابن عمتها 
________
فاضل طرب وملاك ، ومليكة وتوحة وكل الناس دي هنعرف اصلهم وفصلهم فيما بعد 
لما تتلغبط اطلع بص هنا وكمل الفصل عادي 
نبدأ الفصل ❤
____________
الحي الهادئ منذ لحظات تحول بين لحظة وأخرى إلى لقطة من فيلم اكشن ، شجار وصرخات تأتي من هنا وهناك وأصوات الضرب محمود وعمال الورشة يحاولون الدفاع عنها حين لاحظ جميعهم إن هؤلاء المعتدين يحاولون تدمير ما فيها ، لا يفهم ما يحدث من هؤلاء وماذا يريدون من محمود وورشته تحديدا ... اندفع أهل الحي يدافعون معه أما منير فيجلس في السيارة يراقب بابتسامة كبيرة ما يحدث ، صحيح أنه ذلك المحمود يبدي شجاعة وقوة لم يتوقعها ولكن عدد رجاله أكثر وكما هو معروف العدد دوما ما ينتصر ، محمود يحمل بين يديه سلسلة ضخمة من الحديد يضرب بها بعنف لا يفهم ما يحدث ولكنه لن يكن لقمة سائغة لهم ، في خضم ما يحدث توقفت سيارة سوداء في منتصف الحي نزل عاصم من السيارة ، يغلقها على من بداخلها 
ليهرع إلى محمود ممسكا بمقعد خشبي من مقاعد المقهى الشعبي يضرب به أحد الرجال الذي كاد يباغت محمود ويطعنه ... في حين أصفر وجه منير حين رأى عاصم فما كان منه إلا أن أشار لأحد الرجال لينسحب الجميع وبالفعل بدأوا بالركض صوب السيارة التي تنتظرهم بعيدا وخلفهم عاصم ومحمود يحاولون اللحاق بهم ولكن ذلك لم يحدث ، وقف عاصم يلتقط أنفاسه نظر لمحمود يسأله مدهوشا :
  - هو في اي مين دول 
القي محمود السلسال من يده جانبا يمسح جبينه براحة يده :
- مش عارف والله بس حد كان قاصد يدشمل الورشة لولا الرجالة وقفولهم ، ما فيش حد أعرفه اصلا عشان يبقى عاوز يأذيني 

قطب عاصم جبينه قلقا على فاطمة وجودها هنا لم يعد آمنا ... توجه صوب السيارة يفتح الباب المجاور للسائق لتنزل حلم منه تطلعت إليه تهمس قلقة مرتعدة :
- أنت كويس يا عاصم حصلك حاجة 
ابتسم يطمأنها ليلتفت كلاهما على صوت صفاء وهي تصيح باسم ولدها قلقة :
- محمود ، اطلع بسرعة 
 ظن محمود أن مكروها أصاب والدتها أو فاطمة وكذلك ظن عاصم ... ليتحركوا جميعا لأعلى سريعا فتحت صفاء الباب هرعت إلى ولدها تحتضنه تغمغم خائفة :
- أنت كويس يا ابني حد أذاك مين دول حسبي الله ونعم الوكيل فيهم 
ابتسم محمود يقبل يدي والدته ورأسها يطمأنها :
- أنا زي الفل ما تقلقيش ..
وأردف يمازحها :
- ها المحشي خلص ولا لسه أنا بنهار من الجوع 

- هو الحوار فيه محشي خالة صفاء طب يا جماعة مش تقولوا قبل ما اجي
غمغم بها عاصم ضاحكا لتلتفت صفاء له لتراه يقف على درجات السلم وخلفه تظهر حلم تبتسم متوترة ، ابتهجت صفاء حين رأتها تغمغم سعيدة :
- بت يا حلم وحشاني ، خش ياض إنت وهو عشان أعرف احضن البت بدل ما انتوا واقفين زي أسدين قصر النيل كدة 
ضحك كلاهما يتحركان للداخل سريعا ، اقترب حلم من صفاء تعانقها لتغمغم الأخيرة ضاحكة :
- وحشاني يا بت يا نملة ، لسه بتتحرشي بالواد عاصم بردوا
أحمر وجه حلم خجلا توسعت حدقتيها تحرك رأسها للجانبين سريعا لتردف صفاء ضاحكة :
- يا بت يا كدابة ، فاطمة قالتلي أن عندكوا ولدين ، أكيد أنتِ اللي اتحرشتي بالواد ... خشي يلا عملالكوا حلة محشي تحلفوا بيها العمر كله 
ضحكت حلم تدخل بصحبة صفاء للداخل رأت فاطمة تحتضن أخيها ابتهجت سعيدة حين رأتها ترتدي جلباب منزلي طويل وتضع حجاب فوق رأسها لوجود ابن السيدة صفاء ، اقتربت منها تعانقها سعيدة :
- وحشتيني يا طمطم عاملة ايه يا حبيبتي 
ابتسمت فاطمة ابتسامة باهتة تومأ برأسها دون كلام ، اقتربت صفاء منهم تغمغم متضايقة:
- انتوا لسه هتتعرفوا على بعض قومي يا بت أنتِ وهي نحط الأكل 
هبت حلم سريعا ليضحك عاصم عاليا يحادث صفاء :
- براحة يا ست صفاء إحنا متغديين قبل ما نيجي 
- وجع البطن ولا رمي الطبيخ يا أخويا أنت وهي 
اردفت بها صفاء وهي تختفي داخل مطبخ شقتهم ...هي وحلم وفاطمة في حين اقترب محمود يجلس جوار عاصم يُخفض صوته حد الهمس يحادثه :
- بص هو في حاجة حصلت الصبح مش عارف ليها علاقة ولا لاء ، الصبح فاطمة كانت بتجيب حاجات من السوق صدقني أنا روحت معاها عشان ما حدش يضايقها ، المهم في واحد اسمه منير ظهر فجاءة واتكلم معاها بأسلوب سخيف أنا هزقته ومشيته بس هو فضل يبرطم أنه مش هيسكت 
كور عاصم كفه يشد عليه بعنف تتسارع أنفاسه غضبا طحن أسنانه يهمس غاضبا :
- يبقى هو اللي بعت الرجالة دي عشان تأذيك ، أنت ما تعرفوش منير دا مريض وغلاوي ، دا كان من ضمن المشتبه فيهم في قتل نور أخوه بس خرج منها وبعدها هدد فاطمة أنها تتجوزه بالعافية قال ايه عشان ابن أخوه ما حدش غريب يربيه ، المختل كان عاوز يتجوزها وهي حامل كان هيحبسها في البيت ، بس أنا وجاسر عدمناه العافية دا خد ضرب يعلمه العفة ، بس واضح أن ديل الكلب عمره ما يتعدل ، و رحمة أبويا ما هسيبه ... أوعى تجيب سيرة قدام فاطمة خليها فاهمة أنها خناقة تمام 
حرك محمود رأسه موافقا سريعا ... صمت حين جاءت فاطمة تضع أحد أطباق الطعام على سطح تلك الطاولة ذات الأقدام القصيرة ومن بعدها حلم وصفاء وضعوا الطعام على الطاولة قبل أن يجلسوا نظرت فاطمة لعاصم تنحنحت تهمس له :
- عاصم معلش عوزاك في كلمتين
اومأ لها ليقم من مكانه توجه إليها يجذب يدها لغرفة رؤى يغلق الباب عليهم ، اقترب منها يحتضن وجهها بين كفيه يسألها قلقا :
- مالك يا حبيبتي في حد زعلك ، مش عايزة تيجي بقى تقعدي في بيتك ... طب حد كان بيضايقك حلم ولا حد من الولاد زعلك 

ابتسمت تحرك رأسها للجانبين تغمغم :
- لا يا عاصم وأنت عارف وواثق أنهم مستحيل يعملوا كدة ، دا كفاية حسين اللي معتبر نفسه أبويا وكل شوية يكلمني وكل يوم يجيبلي حاجة حلوة وهو جاي ، ولا مراد وخفة دمه ... وحلم طول الوقت مش عارفة تعملي ايه ولا ايه ، أنا بس مش عارفة تايهة ومش عارفة ارسى على أنهي شط ... أنا عيزاك في حاجة تانية وعارفة اني هتقل عليك ... خالة صفاء ومحمود ما بيرضوش يخلوني ادفع حاجة في البيت خالص ، وأنا حاسة كدة إني عبء عليهم ، فأرجوك اتكلم معاهم أنه كدة ما ينفعش وأن الحال لو على كدة أنا همشي وهرجع اقعد عندك 
تنهد عاصم حزينا على حالها المشتت قبل أن يومأ برأسه موافقا ، لف ذراعه حول كتفيها يقرب رأسها من صدره يقبل قمة رأسها يهمس بحنو :
- حاضر يا حبيبتي ، لو بس تسمعي كلامي وترجعي تعيشي معايا ... آه صحيح رؤى بتقولك ما تزعليش منها .. الدنيا عندها مقلوبة خالص ، أنا هروحلها بكرة اشوف في اي 

اومأت برأسها تبتسم له ليتحركان للخارج ... جلس عاصم في المنتصف بين فاطمة ومحمود على الأرض لتوجه صفاء حديثها لعاصم :
- المرة الجاية تجيب عيالك معاك ، البت حلم بتقولي عندكوا ولدين ما شاء الله واحد مهندس والتاني ...
- ساقط ثانوية عامة وبيعيد
غمغم بها عاصم ليضحك ساخرا على حاله لديه ولادان سيصيبانه بأزمة قلبية قربيا ، أحدهما يهيم خلف ابنة جاسر مهران الكبرى والآخر يسعى خلف الأخرى ويظن أنه أحمق لا يعلم أنه يحبها !!
________________
استيقظت قبل ساعة من الآن اغتسلت وبدلت ثيابها وتحركت تخرج من الفندق تفكر فيما قال لها حسين ، أيعقل أن زين هو سبب كل ما حدث ولكن الفتى يبدو مسكينا هيئته لا توحي تماما أنه يكن داخله أي شر أو حقد ... توقفت أمام مياه البحر تنظر لموجها شاردة تفكر زين وحسين ، ابتسمت متعجبة فالاسمين قريبا الشبه جداا ببعضهما البعض ، كما أن ملامح زين أحيانا كثيرة تذكرها بملامح حسين ، ترى ما الرابط بينهما ... لما يظهر زين دوما حين تبدأ علاقتها بحسين في أن تتحسن ... إن كان حسين محقا بشأنه فهو يفعل ذلك عن قصد ولكن ما دليل حسين ربما هي فقط تظلمه ، بمعنى أدق حسين كان ولازال يحبها حتى لو حاول أن يظهر العكس ترى ذلك جيدا في عينيه وربما هو فقط يغار من زين، انتفضت حين سمعت صوت حسين يأتي من خلفها :
- بتفكري في كلامي مش كدة 
التفتت له لتتنهد حائرة تحرك رأسها بالإيجاب ليبتسم هو يردف ببساطة :
- أنا عارف أنك متضايقة وشايفة إني أكيد متحامل عليه ، وفين دليلي أن هو السبب ، بس أنا حاسس بردوا أن هو السبب في كل اللي بيحصل الفترة دي 
مجرد احساس لا يمكن أن يكن دليلا دامغا ضده ... تحركت جوار حسين تسير على شاطئ البحر تود بداخلها أن تختبر شيئا ، التفتت له ابتسمت تردف بنبرة خجولة :
- صحيح أنا نسيت أقولك مش أنا قبل ما اجي كان متقدملي عريس حقيقي شخص هايل 
رأت كيف في لحظة تبدل وجهه واختفت ابتسامته وقطب جبينه ، رأت يده وهي تنقبض تكاد تسمع صوت أسنانه وهو يطحنها بعنف وكيف تسارعت أنفاسه فجاءة ليغمغم محتدا :
- مين دا ولحقتي عرفتيه أمتى ، ومالك مكسوفة كدة ليه وأنتي بتتكلمي  عنه هو عجبك ولا إيه 
هنا تأكدت لازال يحبها وتوجه عقلها لفكرة أن يلقي التهم جزافا على زين حتى تبتعد عنه ، ابتسمت ساخرة تكمل طريقها في حين ظل هو واقفا يكاد ينفجر من الغضب التفتت له تغمغم:
-  أنا رفضت العريس يا حسين 
هنا ابتسم وتنفس الصعداء يتحرك صوبها ، رآها تأخذ طريق المستشفى من جديد ليقترب منها يغمغم متضايقا :
- ما احنا كنا لسه عنده قريب يا چوري  ، هنروح ليه تاني
التفتت له وابتسمت تمد يدها صوبه ليتحرك إليها كاد أن يمسك بيدها حين سحبتها  سريعا تغمغم ضاحكة :
- أنا ما يمسكش أيدي راجل غريب قبل ما يكتب كتابي يا باشمهندس حسين 
لم يفهم ما قالت عقله توقف عن الاستيعاب في تلك اللحظة هل تخبره أنها موافقة على زواجهم ، أم أنها فقط تمزح تعبث بعقله كما اعتادت تلك الجنية أن تفعل ... تحرك معها مجبرا إلى المستشفى من جديد ، حين دخلا إلى غرفته رأته چوري يبكي توسعت حدقتيها مدهوشة اقتربت منه تغمغم قلقة:
- مالك يا حسين بتعيط ليه 
رفع وجهه إليهم لم ينظر إليها بل وجه أنظاره إلى حسين ينظر إليه حزينا تتسابق الدموع من عينيه ... قطب حسين جبينه ينظر له مشفقا لا يفهم لما ينظر إليه بتلك الطريقة وكأنه يعاتبه ويطلب منه السماح في الآن ذاته !!
_________
الثامنة والنصف مساءً جسدها بالكامل يرتجف وهي تجلس جوار والدتها في سيارة الأجرة المتجه بهم إلى منزل شقيقتها سما ، حاولت وحاولت مع والدتها حتى لا تذهب ولكن نرمين رفضت تماما وأصرت على ذهابها معها حتى دون إرادتها ... ارتجفت كل ذرة بها حين وصلوا أسفل عمارة شقيقتها تكاد تبكي بالكاد تمنع دموعها من الانهمار ... صعدت خلف والدتها إلى الطابق الثاني .. دقت نرمين الباب لحظات وفتحت سما لهم ، ابتسمت سعيدة تحتضن والدتها :
- ماما وحشتيني أوي ، خشي تعالي ... ايه دا اخيرا ست أريچ جت تزورني ... تعالي روچا واقفة عندك ليه 
ومدت يدها تمسك بيد شقيقتها لتجذبها للداخل لتلاحظ أن يديها بادرة كالثلج التفتت لها تسألها قلقة :
- مالك يا روچا أنتِ سقعانة ولا ايه ، أيدك ساقعة أوي في اي يا حبيبتي
حاولت أريچ أن تبتسم قبل أن تحرك رأسها تنفي وجود أي شيء ، جلست جوار والدتها على الأريكة لتغمغم سما سعيدة :
- هجبلكوا حاجة تشربوها ، ثواني 
ودخلت إلى مطبخ شقتها وتحركت عيني أريچ القلقة هنا وهناك تتمنى ألا يظهر مصطفى أبدا 
عادت سما بعد لحظات ومعها أكواب العصير وضعتهم أمامهم تغمغم مبتسمة:
- عارفة يا ماما هتسألي على الولاد ، مع مصطفى راحوا يزوروا حماتي 
هنا تنفست أريچ الصعداء هو ليس هنا وتتمنى ألا يعود حتى تنتهي زيارتهم ... حاولت أن تصلح ما أفسدت هي ، نظرت لسما تهمس تترجاها :
- سما عشان خاطري ما تزعليش من جاسر والله هو بيحبك هو والولاد أوي ، عشان خاطر بابا وماما ، واعتبري اللي حصل ما حصلش ، جاسر سايب البيت بقاله أكتر من أسبوع 

تنهدت سما متضايقة توجه حديثها لأريچ:
- وأنتِ فاكرة أن أنا مش زعلانة أنه سايب البيت ... أنا وجاسر يا أما اتخانقنا وشدينا شعور بعض كدة ، وبنرجع نتصالح وكأن ما فيش حاجة حصلت ... بس هو فعلا زودها كان عمل ايه مصطفى عشان يهينه يضربه ويطرده بالمنظر دا ... دا نزل من البيت بالبجامة ، مصطفى عمره ما أذاه ولا قال في حقه كلمة وحشة ما يبقاش دا جزاه في الآخر يا أريچ 
لما تتجوزي هتفهمي أنا بتكلم في ايه 

لتتحدث نرمين تقاطع حديثهم :
- لو أعرف بس ايه اللي حصل خلاه يعمل كدة ، مش راضي يقول ... هتلاقي حد مؤذي وصله حاجة غلط قومت الدنيا منه لله 
قبضت أريچ يدها بعنف تكمش أطراف ثيابها ... في اللحظة التالية انتفضت كل ذرة بها حين فُتح الباب وظهر مصطفى والأطفال ... في اللحظة التي دخل ورآها فيها ظهرت ابتسامة خبيثة مخيفة على ثغره وانظاره تشملها بنظرة سريعة ، قبل أن يوجه تركيزه لنرمين يغمغم سعيدا :
- مش معقول حماتي عندنا منورانا والله يا ست الكل اتفضلي استريحي
وتحركت عينيه إليها يمد يده ليصافحها يغمغم مبتسما :
- اهلا يا روچا عاملة ايه منورانا والله 
مدت يدها حتى لا يُشك اي منهم في أمرها حين لامست أصابعها كف يده شعرت بوخز مؤلم في كافة أنحاء جسدها .. سحبت يدها سريعا ليبتسم إبتسامة جانبية ، جلس على المقعد القريب من أريچ يوجه حديثه لسما :
- ايه يا سمسمة مش هنقوم نحضر العشا وحاجة حلوة كدة لماما وروچا ما بيجوش كل يوم
وقفت سما سريعا تغمغم مبتسمة :
- عيوني حالا يبقوا جاهزين ، وأنت معلش غير للعيال هدومهم 
بدا متضايقا محرجا للغاية وهو يردف :
- أنتِ عارفة يا سمسمة إني ما بعرفش 
وقفت نرمين تبادر سريعا :
-أنا هغيرلهم تعالوا يا حبايب تيتا نغير 
وحدث ما أراد انفرد بها ... انتفضت حين قام يجلس على الاريكة ملتصقا بها يهمس لها بنبرة خبيثة :
- وحشتيني يا روچا كل دا ما شوفكيش ، هو مصطفى ما وحشكيش ولا إيه 
ترقرقت الدموع في عينيها تهمس تترجاه :
- أرجوك يا مصطفى كفاية لحد هنا ... أنا كنت 
عيلة صغيرة مش فاهمة وأنت جوز أختي ، أرجو كفاية اللي حصل بين سما وجاسر ، أنت عندك بنت وما ترضاش تتحط في نفس موقفي دا ، أرجوك كفاية
تبدلت قسمات وجهه إلى أخرى ساخرة لامبالية يتهكم منها:
- بنتي أنا هربيها كويس وبعدين ما عندهاش أخت عشان تبص لجوز أختها زيك ... ودخول الحمام مش زي الخروج منه ... وانا دلوقتي سايب الحبل على الغارب وعايزك تيجي بمزاجك ، شوية كمان وهيبقى بالعافية وغصب عنك ، فخلينا حلوين مع بعض أحسن 

ومد يده يضعها على فخذها يحركها بشكل مقزز لتهب واقفة تنظر له مشمئزة كارهة ... رأت والدتها تقترب منهم لتغمغم سريعا :
- ماما أنا واحدة صاحبتي لسه مكلماني في مشكلة في البحث اللي بنعمله والمفروض التسليم بكرة مش هتأخر هخلص واسبقك على البيت ، عن إذنك
جذبت حقيبتها تهرع للخارج نزلت تركض على سلم البيت تسرع خطاها إلى أن خرجت من الحي بأكمله لتقف جانبا تلتقط أنفاسها تبكي .. لا يجد عقلها حلا لما هي فيه ... في تلك اللحظة تذكرت عمار والعنوان الذي أرسله لها 
لتجد نفسها تستقل سيارة أجرة تخبره بالعنوان 
توقف عقلها عن التفكير في أي شيء سوى كلمات عمار عن الألم ... وقفت السيارة بعد مسافة لم تكن بالطويلة ، نزلت منها تنظر للعمارة السكنية أمامها وداخلها ألف صوت يصرخ فيها بأن تهرب ، بأن لا تصعد ولكن ما فعلت العكس ، تحركت تجر قدميها إلى الطابق الخامس ... وقفت أمام الشقة المطلوبة ... دق قلبها بعنف حين امتدت يدها لجرس الباب ، انتظرت لدقائق طويلة حتى ظنت أنه ليس بالداخل ، تنفست الصعداء التفت لتغادر لتسمع صوت الباب يُفتح وصوته يغمغم مدهوشا سعيدا في الآن :
- أريچ! معلش كنت نايم .. تعالي ادخلي 
ارتجفت ساقيها بعنف تعطيه ابتسامة مرتعشة 
افسح لها الطريق لتدخل هي ويغلق هو الباب ... تقدمها يشير إلى أحد المقاعد جلست على المقعد المجاور له لتتبدل نظرته إلى أخرى غاضبة وتتبدل نبرته إلى أخرى حادة :
- أنا شاورت على الكرسي دا على فكرة يبقى تقعدي على دا !!
نظرت إليه مرتبكة لتحرك رأسها بالإيجاب سريعا قامت تجلس على المقعد حيث أشار ، تقبض بيديها على حقيبتها قلبها ينتفض بعنف ، في حين غاب هو لبضع دقائق وعاد يبتسم كما كان يحمل كوبين من العصير مد يده بأحدهم إليها لتأخذه بيد ترتجف ، مما جعله يردف ببساطة:
- أنتِ خايفة ليه كدة أنا مش هأذيكِ ، وفي اي وقت حبيتي تنهي اتفاقنا أنتِ حرة 
أخذ الكوب من يدها يضعه جانبا يحتضن يديها بين كفيه يهمس بنبرة دافئة حانية :
- أريچ أنا عارف أنك خايفة ، عارف أنا ايه اللي لفت نظري ليكِ يا أريچ غير أنك طبعا بنت جميلة أوي ... إني حسيتك طفلة صغيرة محتاجة حنان ورعاية مفتقداهم ، شعور بالذنب والندم دا بسبب قلة الاهتمام بيكِ ... خليني اساعدك وأنا هحررك من كل المشاعر دي ، هكون ليكِ الأب والأخ والصديق والحبيب مع حدود إني مستحيل هلمسك وأو هيكون في بينا علاقة زوجية .. قولتي ايه 
ابتلعت لعابها وكل ذرة بها ترتجف خوفا ولكن نبرته وهو يتحدث ساحرة بشكل سيطر على كيانها ... رعاية هل هي حقا لم تلاقي الرعاية والاهتمام في تلك اللحظة لا تتذكر ، لكن ربما هو محق ... رأته يجلب ورقة من على الطاولة جواره وقلم مد يده له بالقلم يغمغم مبتسما :
- دا العقد اللي هيبقى بينا ما تقلقيش مش عقد عرفي ... دا اللي هينظم العلاقة بينا وفي أي وقت تحبي تقطعيه أنتِ حرة زي ما قولتلك 
تحركت مقلتيها تنظر لصفحة العقد أمامها لترتجف أكثر ... هبت واقفة تطرف عينيها الدموع تغمغم حائرة :
- مش عارفة ...مش عارفة 
ابتسم مترفقا يطوي الورقة يعطيها لها يغمغم مترفقا :
- خليه معاكِ ، ووقت ما تبقي عارفة يا تمضي عليه ، يا تحرقيه ... بس قوليلي الأول أنتِ كنتي جيالي ليه ؟!
حركت رأسها للجانبين وكأنها تخبره أيضا أنها لا تعرف ... ابتسم من جديد يقترب منها كوب وجهها بين كفيه يغمغم بنبرة مترفقة للغاية :
- عايزة تجربي الألم 
تركها يجلب شيئا ما عاد لتجد في يده مسطرة من الخشب متوسطة الطول لتقطب جبينها مستنكرة هل يظنها طفلة يعاقبها بمسطرة من الخشب ... أمسك كف يدها يفتحه قبل أن يضربها نظر إليها يهمس :
- غمضي عينيك وركزي مع شعور الألم بس 
وفعلت أغمضت عينيها متوترة ، وقع المسطرة على يدها لم يكن قويا كما ظنت ولكن عقلها توجه لأول ذكرى لها مع مصطفى لتشعر بالألم يزداد والذكريات تتابع لتنفجر في البكاء من الألم والندم معا ... لتشعر بعمار يجذبها إلى أحضانه يعانقها يمسح على رأسها يهدئها  يبتسم في خبث لم تره ، طعم سهل جذبه لشباكه التي ظلت فارغة طويلا !!
_______________
في إحدى المستشفيات تحرك رعد ذهابا وإيابا يكاد قلبه ينفجر من الخوف تسمم ، والسم قوي والأطباء يحاولون جاهدين إنقاذها ...طرب أخذت السم بدلا منه كان من المفترض أن يكن هو مكانها الآن .... ضرب الحائط بقبضته عدة مرات يشد على خصلات شعره بعنف ... طرب بالداخل تنازع الموت منذ ساعات طويلة 
بسببه وهو يقف هنا مقيد عاجز عن فعل أي شئ ... ملاك شقيقتها سيتوقف قلبها من شدة البكاء المسكينة ، الجميع هنا يحاولون طمأنته أنها ستكون بخير عدا أبيه جاسر ليس هنا ، كان هنا قبل ساعة وفجاءة اختفى من بينهم ولا أحد يعلم أين ذهب ... اقتربت رؤى من رعد تواسيه :
- هتبقى كويسة يا ابني بإذن الله هتبقى كويسة ، ادعيلها .... ملاك أختها مقطعة قلبي مش مبطلة عياط يا عيني 
نظر لوالدته لتدمع عينيه يهمس بحرقة :
- دي اتسممت مكاني ، زي ما تكون عارفة أن الشاي فيه حاجة عشان كدة أصرت تشربه 
لو جرالها حاجة مش هسامح نفسي أبدا 
جذبته رؤى تعانقه تربت على رأسه تدعو أن يمر الأمر على خير ... تبحث حولها عن جاسر وجوده جوار رعد ربما سيساعده ولكنه غير موجود ...رأت يوسف هناك ينظر صوب ملاك مشفقا حزينا ما باله هل يحبها هو الآخر أم أنه فقط مشفق عليها ... انتفض الجميع حين خرج الطبيب من الغرفة ليهرع رعد إليه يسأله متلهفا :
- طمني يا دكتور ، اخبارها ايه .. هي كويسة مش كدة 
ابتسم الطبيب يربت على ذراعه  يغمغم بهدوء :
- الحمد لله نقدر نقول تجاوزنا مرحلة الخطر ، بس لازم تفضل تحت الملاحظة ... خير بإذن الله ما تقلقش 

أين جاسر لما لم يظهر معهم .. أين اختفى فجاءة ربما تراه هناك مستودع قديم يجلس على مقعد من الجلد يضع ساقا يضع ساقا فوق أخرى يمسك في يده مسدس مزود بكاتم للصوت ينظر للمقيدة أمامه يغمغم ساخرا:
- قولتيلي بقى يا كوثر مين اللي قالك تحطي السم في كوباية إبني 
نبرته كانت باردة كالصعيق تندفع كالسهام تُرجف أوصالها ذعرًا على شفى الموت ... ذلك الرجل الجالس أمامها لا يشبه تماما رب عملها الذي عملت لديه لأعوام وكأنه شخص آخر مخيف مرعب ... ابتلعت لعابها تبحث عن شيء يقوله لتصرخ مذعورة حين رفع المسدس يطلق الرصاص ، مرت رصاصة فوق رأسها مباشرة تخترق الحائط خلفها ابتسم يغمغم ساخرا :
- إلا الكذب ، كنتِ لسه هتكذبي ، ها يا كوثر مين اللي وزك عشان تعضي الأيد اللي اتمدتلك بالخير لسنين وياريته اذى يتلم دا أنتِ عاوزة تقتلي ابني ، تخيلي بقى هعمل فيكِ ايه ...ما هو أنتِ مش هتبقي اغلى عندي من ابني 
هتقوليلي مين اللي عمل كدة بالحسنى ولا اقسملك هخليكي تحلمي بالموت من العذاب اللي هتشوفيه على أيدي

ارتجفت كل خلية بها ذعرا تنهمر الدموع من عينيها ، ارتجفت الأحرف بين شفتيها تتوسله باكية :
  -ابوس ايدك يا باشا سامحني وزة شيطان والله العظيم ما هتتكرر تاني 
وصمتت لعدة لحظات قبل أن تغمض عينيها وتتعالى شهقاتها ... رفعت رأسها إليه تهمس حاقدة :
- ما فيش حد وزني ، شيطاني هو اللي وزني انا كنت بغير من مدام رؤى عندها كل حاجة جوز بيحبها وولاد وبيت كبير وفلوس .. خدت حاجة في الدنيا وأنا جوز عاطل بتاع كيفه ، واخد فلوسي بالعافية والضرب عشان يشم بيهم ، وابن معاق وفقر وضنك ... قلبي اتحرق من الغيرة سنين وأنا شيفاها ... كان اللي بيبرد ناري شوية خناقك مع رعد ... كانت دايما تدخل المطبخ تعيط على اللي بيحصل بينكوا ، بس حتى في دا انتوا اتصالحتوا ، بقت سعيدة ومبسوطة ورجعت الدنيا تديلها كل حاجة وابني ربنا رحمه من الدنيا ومات ... مات زي كلب السكك ما حدش عرف بموته ، أبوه نفسه قال في داهية ... كنت عايزة اكسرها واحرق قلبها زي ما أنا طول عمري مكسورة ومحروق قلبي ، بس مرات ابنك شافتني ، أنا كنت حاسة أنها شافتني بس لما ما اتكلمتش قولت يبقى ما شافتش حاجة ... واهي فدته وما متش 
وقف جاسر عن مقعده ليتحرك نحوها ، قبض على ذراعها بعنف يجذبها عن الأرض وقفت أمامه ليصرخ فيها :
- أنتِ ايه يا شيخة شيطانة ... ايه القرف والحقد اللي جواكِ دي ... وعيزاني اسامحك وارجعك تعيشي في بيتي بأمارة ايه ... أنا هوديكِ في ستين داهية ... أنتِ مريضة ومحتاجة تتعالجي ... اللي قولتيه دلوقتي اتسجل صوت وصورة قسما بربي لهوديكِ ورا الشمس إلا بقى لو كنتي بتحمي حد تاني بالفيلم اللي قولتيه دا على العموم أنا هتأكد بنفسي 
____________
في المستشفى حيث توجد طرب داخل غرفة العناية يتصل بجسدها عدة محاليل ، جسدها ساكن متعب غائب عن الدنيا التي فعلت به الافاعيل ... تراها هناك تجلس على شاطى نهر جارٍ قدميها داخل المياه ترتدي فستان ازرق اللون تعقد شعرها كجديلة طويلة ، تحرك قدميها في الماء كطفلة صغيرة تبتسم سعيدة ... نظرت جوارها فجاءة لتشق السعادة قسمات وجهها تغمغم فَرِحة :
- بابا أخيرا جيت بقالي كتير مستنياك .. اومال فين ماما ، ما جتش معاك ليك
ابتسم  جلال يمد يده يمسح على رأس ابنته برفق قبل أن يجذبها لأحضانه يربت على ظهرها برفق يغمغم بنبرة حزينة حانية :
- وحشتيني يا طرب ....وملاك وكاملا وحشتوني أوي ، سامحيني يا بنتي ... أنا اللي دخلت الحية بايدي بيتنا .... عشان تدمر حياتنا 
خلي بالك من نفس ومن ملاك ومن مامتك ، وقوليلها تسامحني يا طرب ..
وتلاشى فجاءة لتجد نفسها تحتضن الفراغ انهمرت الدموع من عينيها بحرقة تنادي باسمه مرة بعد أخرى دون فائدة ... شعرت بالفراغ والبرد الشديد قبل أن تشعر فجاءة بلمسة حانية دافئة تتحرك على وجهها ، أغمضت عينيها تستشعرها بكل جوارها وحين فتحت عينيها رأت نفسها في مكان آخر في غرفة غريبة لا تعرفها رعد يجلس أمامها يمسح بكفه الدموع التي تغرق وجهها ... ابتسم ما أن وقعت عينيها عليه لترى عينيه تملئها الدموع مال يقبل جبينها لتتساقط دموعه على صفحة وجهها يهمس بحرقة :
- شربيته مكاني ليه ... ما كنتش هسامح نفسي أبدا لو جرالك حاجة ... كنت هموت من الخوف عليكِ ... الساعات اللي فاتت مرت عليا سنين 
ابتعد عنها قليلا فقط ينظر لعينيها رفعت يدها بوهن لتسمح الدموع التي تغرق وجهه ليمسك بكف يده يقبل باطنه لا يحيد بعينيه عنها لحظة ابتسمت مرهقة خرج صوتها ضعيفا :
- ما تحملش نفسك الذنب يا رعد ... أنا اللي اصريت أشرب الشاي لو أعرف أن فيه حاجة كنت رميته ما شربتوش ... وبعدين أنا كويسة صدقني أنا كويسة وعايزة أخرج .. أنا ما بحبش المستشفيات يا رعد ليا فيها ذكريات وحشة أوي ... أرجوك عايزة امشي

حرك رأسه موافقا ليقبل جبينها من جديد يهمس يحادثها :
- هشوف الدكتور حاضر ... ملاك هتتجنن عليكِ صحيح استني اندهالك 
وخرج من الغرفة لتغمض عينيها مرهقة جسدها بالكامل يتأوه متألما ... يتردد في عقلها الحلم الذي رأته ورسالة والدها الغريبة ، والدتها ماتت منذ أعوام كيف يريد منها أن توصل إليها رسالة أن تسامحه ... صحيح أن أغلب أحلامها حقيقية ولكن ربما يكن ذلك الحلم أثر المخدر والسم ... اجفلت حين انفتح الباب ودخلت ملاك تدفع مقعدها بعنف صوبها حاولت أن تستقيم قليلا لتعانقها ... استندت بكفيها الى سطح الفراش تجذب جسدها بألم شديد لم تظهره على وجهها حتى لا تفزع ملاك ... دفعت ملاك جسدها ترتمي بين أحضان طرب تشهق في البكاء تتوسلها إلا تتركها :
- ما تسبنيش يا طرب ... عشان خاطري ، أنا ماليش غيرك في الدنيا ... لو بعدتي عني هموت يا طرب 
لفت ذراعيها حول شقيقتها تعانقها برفق تربت على ظهره أغمضت عينيها لتدمع عينيها تتذكر الحلم وأبيها وهو يعانقها لا تزال تشعر بوجوده بالدفئ والأمان التي كانت تشعر بهما في وجوده ... انهمرت دموعها تحاول أن تهدأ شقيقتها :
- أنا كويسة يا حبيبتي صدقيني أنا كويسة .. أنا حتى قولت لرعد يقول للدكتور يخرجني صدقيني أنا كويسة أوي 
المشهد كان فعلا مُحزن جعل كل من كان واقفا تدمع عينيه أو يبكي عدا يوسف الذي ظل ينظر إلى ملاك وهي تتمسك بأحضان شقيقتها وكأنها تتشبث بطوق نجاتها الوحيد في الدنيا ... ملاك تحب شقيقتها وطرب فعلت الكثير لأجلها ربما لذلك ملاك لم تحتقر وظيفة شقيقتها لأنها كانت تعلم أنها مجبرة عليها ... وربما أيضا لذلك لم تخبره بها وكيف ستخبره صحيح ؟ شعر في تلك اللحظة أنه قد جار عليها ... شعر بالألم والحزن ولكنه لم يشعر بالشفقة الآن .. شعر بالمسؤولية تجاهها برغبة قوية في أن يعانقها ويخبرها أنه هنا ولن يرحل أبدا لن يتركها أنه سيكون الحامي لها وألا تخاف أبدا و هو هنا ، تنهد بعنف رأسه مزدحم بالأفكار دوما ما يكون هكذا ... تحرك لخارج الغرفة يجذب مراد معه ليجده يمسح دموعه التفت له يغمغم :
- يا أخي يخلوك تبكي وأنت اصلا فرفوش ، بس حقيقي صعبانين عليا أوي ... واعتقد أن عمي جاسم هيشيلها جميلة لطرب أنها أنقذت أخوك وأكيد هيغير معاملته ليهم
حرك يوسف رأسه ينظر للفراغ شاردا ربما !!
أما في الداخل فاقتربت رؤى منهم جلست جوار طرب وملاك تجذب ملاك من بين أحضان طرب تعانقها تربت على رأسها :
- تعالي يا بنتي عشان ما تتعبيهاش ... كفاية عياط يا ملاك من الصبح ما بطلتيش عياط  يا حبيبتي .. قوليلها تبطل عياط يا طرب يمكن تسمع منك 
ابتسمت طرب مرهقة تمد يدها تسمح على رأس شقيقتها برفق تحادثها :
- ملاك هزعل منك والله بطلي عياط يا حبيبتي 
نظرت رؤى لطرب ممتنة وداخلها ألف كلمة شكر تقولها لها ... يكفي أنها فدت حياة ولدها حتى لو لم تكن تقصد 
في تلك اللحظة دُق الباب ودخل جاسر يبتسم ! ... ابتلعت طرب لعابها خائفة ما إن رأته ليقترب هو لداخل الغرفة يوجه حديثه لطرب :
- حمد لله على سلامتك يا بنتي !!
توسعت حدقتي طرب مدهوشة من كلمته الأخيرة لتومأ برأسها سريعا مرتبكة ... التفت للواقفين حوله يردف :
- رؤى خدي البنات واستنوني برة خمس دقايق أنا عايز طرب في كلمتين لوحدنا 
وقفت رؤى سريعا من مكانها اقتربت من زوجها تهمس له سريعا :
- جاسر بالله عليك البنت تعبانة وكفاية أنها فدت ابنك ، عشان خاطري ما تقولهاش حاجة تزعلها ..
ابتسم لزوجته قبل أن يرفع كفه يربت على وجنتها برفق يغمغم يطمأنها :
- ما تخافيش 
تنهدت رؤى قلقة تومأ برأسها حاولت جذب مقعد ملاك لتصرخ الأخيرة غاضبة :
- لاء أنا مش هسيب أختي ، هو هيزعلها وهيقولها كلام يضاقيها ، أنا وأختي هنمشي هنبعد عنكوا ، ابعد أنت كمان عنا مالكش دعوة بينا 
ابتسم جاسر في هدوء لينزل لمستوى ملاك يحادثها بنبرة حانية :
- جدعة يا ملاك عشان خايفة على أختك ومش قابلة ليها أي كلمة تزعلها ، ما تخافيش يا ستي أنا مش هضايقها ... روحي مع مريم ورؤى يلا 
رمته ملاك بنبرة مرتبكة خائفة على شقيقتها قبل أن تجذب رؤى مقعدها لخارج الغرفة تنظر لجاسر تترجاه بعينيها أن يترفق بالفتاة ، قبل أن تخرج تجذب الباب.... جذب جاسر مقعد من جانب الغرفة يجلس بالقرب من فراش طرب نظر إليها يتمتم مبتسما :
- حمدلله على السلامة 
حاولت أن تبتسم فلم تستمع بالكاد حركت رأسها تشكره بإماءة صغيرة ... اقترب بجسده يسند مرفقيه إلى فخذيه يغمغم فجاءة :
- ليه شربتي كوباية الشاي وأنتِ عارفة أن فيها سم 
أصفر وجهها حاولت أن تجد كذبة تقولها ليقاطعها هو بنبرة مهيمنة جافة:
- بصي يا طرب أنا عندي حساسية من الكذب وأنا مش عيل صغير وأعرف اللي قدامي ييكذب ولا لاء ... وما تخافيش إنتِ ليكِ جميل في رقبتي دلوقتي إنتِ انقذتي ابني فمهما كان اللي مخبياه هسامحك عليه ، بس اتكلمي بصراحة 
ابتلعت لعابها مذعورة تقبض كفيها على أطراف الغطاء قبل أن تتمتم مرتجفة :
- أنا كنت داخلة المطبخ عند والدة رعد ، شوفت الخدامة بتخبي كيس شكله غريب في كم هدومها ... ما عرفش ايه دا بس شكلها كان مرتبك جداا ... خوفت أقول ما حدش يصدقني ... ولما جت حطت الكوبيات وكانت كوباية رعد شكلها مختلف وهي اللي شالتها وادتهاله عشان تتأكد ما حدش غيره ياخدها شكيت أنها تكون حطت اللي كان في الكيس في كوباية رعد عشان كدة خدتها بسرعة ... والله دا اللي حصل ، أنت ممكن ما تكنش مصدقني بس....
- أنا مصدقك 
قاطعها يقولها بهدوء لتتوسع حدقتيها مدهوشة ، نظرت إليه لترى ملامح وجهه لا تزال حادة جامدة كما هي ، إن كان يصدقها لما ينظر إليها بتلك الطريقة ... انتفض قلبها مذعورا حين أردف من جديد :
- بس إنتِ مخبية حاجة تانية ، وحاجة أكبر كمان ... مخبية ايه يا طرب 
وصمت لعدة لحظات يراقب رد فعلها ليراها تنظر للاشيء تحرك رأسها تنفي ما يقوله ليتنهد بعمق يردف بنبرة أكثر لينًا :
- طرب أنا أب .. وما عنديش في الدنيا أغلى من ولادي وخصوصا رعد لأني اذيته كتير ومش هسمح لأي حد في الدنيا أنه يأذيه ، لو في حد ضاغط عليكِ بحاجة قوليلي واوعدك هيفضل سر بينا رعد مش هيعرف بيه . أنا هقدر احميكِ إنتِ وأختك ، أظن أنتِ عارفة كويس أنا مين ... اقسملك بالله ما حد هيقدر يأذيكِ لا إنتِ ولا أختك 
نظرت إليه عدة لحظات مشتتة متعبة ، وحين فتحت فمها لتتحدث ... فُتح باب الغرفة وظهر رعد الذي بدا متضايقا للغاية من استجواب والده لها وهي في تلك الحال ... دخل إلى الغرفة يغمغم متضايقا :
- دا وقته يا بابا ، أنت مش شايف حالها عامل إزاي ... الدكتور بيقول أنها لسه تعبانة وجداا ، أرجوك كفاية 
قام جاسر من مكانه نظر إليها عدة لحظات قبل أن يتحرك صوب رعد ربت على كتفه يغمغم:
- خلي بالك من مراتك ،أنا هسيبلك جارد برة يكونوا تحت أمرك في اي وقت ... أنا هاخد أختها وباقي العيلة اللي برة ونروح 

اومأ رعد ليتحرك جاسر للخارج يجذب الباب يغلقه عليهم ... اقترب رعد من طرب جلس على حافة فراشها لترتمي برأسها على صدره تتمتم بنبرة مرتعشة :
- رعد أنا سقعانة أوي ... احضني أرجوك 
لف ذراعيه حولها سريعا يضمها إليه ، يشعر بحرارة تنبعث من جسدها ، رفع يده يتحسس جبينها لتتوسع حدقتيه يغمغم قلقا :
- جسمك نار يا طرب ، كان عنده حق الدكتور لما رفض يكتبلك على خروج ... 
مد يده يضغط على الزر المجاور لفراشها يضمها لأحضانه يشعر بجسدها ينتفض ودموعها تنزل على صدره تتشبث به خائفة تهذي بفعل الحرارة :
- أنا خايفة يا ماما ... يا بابا تعالا خدني بقى ... 
ابعدي عني أنا مش هشتغل رقاصة ... لا ملاك لاء ما تأذيش هعمل اللي أنت عايزه ... رعد أنا آسفة سامحني ما تاخدش ابني مني ... موتني أنا ، أنا ما اقدرش أموت واحد برئ مالوش ذنب ...
وبدأت تتألم وتصرخ وتنتفض بين أحضانه وهو يحاوطها بذراعيه يحاول أن يهدئها بلا فائدة 
صراخها يزداد إلى أن أخيرا جاء الطبيب ومعه ممرضة ، طلبوا منه الخروج .. تحرك مجبرا لخارج الغرفة ينظر إليها من خلال زجاج غرفتها ، ذلك الطبيب يسرع بحقنها بشيء ما ، ولكنه لا يفهم لما تصرخ بتلك الطريقة ... شعر بيد توضع على كتفه نظر جواره سريعا ليجد والده يقف جواره يشد على كتفه برفق يواسيه :
- هتبقى كويسة ما تقلقش ، دا أثر السم جسمها بيخلص منه 
عاد ينظر إليها ليجد جسدها قد سكن أخيرا .. 
____________
في صباح اليوم التالي قرابة الثانية ظهرا خرج شريف من عمله توجه إلى منزله أولا ليبدل ثيابه لغاية في نفسه ... فتح باب المنزل بمفتاحه ليجد نور تجلس مع والدته في الصالة يشاهدان التلفاز ... القي التحية اقترب يرتمي على أقرب مقعد لهم يغمغم متعبا:
- هي ليان فين ؟
التفتت إيمان له تغمغم :
- في الشغل ، مش عاوز بردوا تقولي اتخانقت مع جواد ليه
رفع يديه يمسح وجهه براحتي يده يغمغم متعبا :
- قولتلك يا ماما كنا بنهزر ، و الموضع زاد شوية ، هو هزار الشباب كدة على فكرة .. حتى اسألي جواد ولا ايه يا نور 
نظر إليها لتتوسع حدقتيها تشير لنفسها نظرت أرضا سريعا ترفض الإجابة لتردف إيمان :
- ما ترخمش على البنت ، طب جواد وبتهزروا ، ليان بقى الصبح لسه بجيبلها سيرتك ركبها 100 عفريت وأنا مش عايزة اتكلم معاه تاني دا أناني وما بيحبش غير نفسه وخدت بعضها ومشيت ، أنت زعلتها ولا إيه 
ابتسم ساخرا يومأ برأسه هو الأناني هنا لأنه لا يريدها أن تسقط ضحية فخ ذلك المدنس جواد 
قام من مكانه يغمغم ساخرا:
- ايوة أنا أناني جداا ، عن إذنك يا أمي أنا هروح اغير هدومي عندي مشوار مهم 
وتوجه إلى غرفته بدل ثيابه الرسمية إلى أخرى ليأخذ سيارته ويتوجه إلى جامعة مرام ... بعد مدة ليست بقليلة وصل ... توجه إلى مقهى الجامعة حيث تقضي معظم وقتها هناك وبالفعل رآها هناك ، رفع يده ليجذب انتباهها يراقب رعد فعلها ، رأى كيف امتعضت قسمات وجهها للحظات قبل أن ترسم على شفتيها ابتسامة كبيرة ، توجهت إليه تغمغم سعيدة :
- شريف ايه المفاجأة الحلوة دي ، وحشتني 
ابتسم لها يمسك بكف يدها يغمغم :
- تعالي عازمك على الغدا 
ابتسمت سعيدة تلوح لأصدقائها وداعا ، فتح المقعد المجاور له لتشكره وتجلس ، توجه يجلس جوارها يدير محرك السيارة متوجها لمطعهم المعتاد ، في الطريق كل منهما كان شاردا مرام تود أن تخبره بأمر البرنامج ... فذلك الرجل من الاعداد أخبرها بالأمس أن لديها أسبوع فقط وسيبحثون عن غيرها لتكن ضيفة البرنامج فغيرها يوجد الكثيرون ، تحاول أن تجد طريقة لتقنع شريف بها وتتمنى أن يوافق ... وصلوا للمطعم نزلت من السيارة تمسك بكف يده يدخلان للمطعم ... إلى إحدى الطاولات ، جذب لها المقعد لتشكره بابتسامة لطيفة وتجلس ... جاء النادل وأخذ طلباتهم وغادر وجلست هي ترتب في عقلها ما يجب أن تقوله وقبل أن تردف بحرف سمعت صوت فتاة تصيح باسمها سعيدة ، نظرت جوارها لتجد مجموعة من الفتيات والشبان يقتربون صوبها ... اقتربت منها إحدى الفتيات تعانقها تغمغم سعيدة:
- أنتِ البلوجر مرام ، أنا بحبك أوي .. احنا كلنا بنحبك ... ممكن أتصور معاكِ
ابتسمت لها تومأ برأسها بالإيجاب وقفت جوار الفتاة تلو الأخرى يلتقطون الصور ، وشريف يجلس يشاهد دون أن يعترض أو يتدخل ... حتى رأى أحد الشبان يقترب منها فجاءة حد الالتصاق ليلتقط صورة معها وما زاده غضبا أن مرام لم تمانع بل ابتسمت ، هب واقفا يأخذ الهاتف من يد الفتاة قبل أن تلتقط الصورة ، اندفع صوب الشاب الواقف أمامه يقبض على تلابيب ثيابه يغمغم غاضبا:
- دي لو أختك مش هتلزق فيها كدة ، غور أنت وهو من هنا ... مش ناقصة هطل ، روحوا شوفلكوا حاجة مفيدة اعملوها بدل العته دا 
جذب يد مرام يعيدها لمقعدها يعيد الهاتف للفتاة ليغادر الجمع سريعا ، أما مرام فنظرت إليه غاضبة كادت أن تصرخ فيه أنه يدمر حياتها المهنية ولكنها تذكرت أنها تسعى لموافقته للظهور معها في البرنامج ، مدت يدها تمسك بكف يده لينزع كف يده ينظر إليها غاضبا يهمس محتدا :
- أنتِ إزاي تسمحيله يلزق فيكِ كدة ولو أنا ما كنتوش موجود وبعدته كنتي هتسيبهم كلهم يلزقوا فيكِ 
اخفضت رأسها لأسفل تفرك يديها تحاول أن تبدو نادمة لأقصى حد ممكن ، ادمعت عينيها تهمس :
- أنا آسفة يا شريف ما تزعلش مني ، أنا ما خدتش بالي أنا آسفة بجد
واغمضت عينيها تصطنع أنها على وشك البكاء ليزفر أنفاسه ، مد يده يربت على كف يدها برفق يغمغم :
- خلاص يا مرام اهدي ، والحمد لله أننا بعدنا عن القرف دا كله ... خلاص ما تعيطيش مش زعلان 
رفعت وجهها إليه وابتسمت تمسح دموعها التي لم تزرفها من الأساس ، جاء النادل وبدأوا في الأكل ....ومرام تحاول إيجاد صيغة مناسبة لتخبره بما تريد ... وضعت الشوكة من يدها تغمغم متوترة :
- شريف أنا ممكن اتكلم معاك في موضوع مهم بس أرجوك ما تقفش من أول كلمتين 
وضعت الشوكة من يده هو الآخر يوجه أنظاره إليها يردف مبتسما:
- أكيد قولي 
أخذت نفسا عميقا قبل أن تزفره بعنف تغمغم متوترة :
- شريف أنت من ساعة ما قولتلي ابعدي عن حياة الانستا والسوشيال ميديا واقفلي الاميلات كلها أنا وافقت وما فتحتهمش تاني ، وقولت مش مهم اي حاجة في الدنيا غيرك ، بس امبارح كلمني فريق إعداد برنامج مشهور أوي يا شريف أنت أكيد عارفه وعايزني ضيفة فيه أنا وأنت قولت إيه ... أرجوك وافق أنا عملت اللي قولتلي عليه ، واوعدك آخر حاجة هتبقى البرنامج دا 
ابتسم ظل مبتسما دون أن ينطق بحرف لفترة ليست بقليلة مما أثار قلقها ، كتف ذراعيه أمام صدره يغمغم ساخرا:
- غريبة أوي مع أن الراجل بتاع فريق إعداد البرنامج دا كلمني من أسبوعين وقالي أنك قولتيله أنك محتاجة فرصة عشان تقنعيني 
شحب وجهها وتوسعت حدقتيها ذهولا شريف يعلم كان يعلم منذ البداية ولم يخبرها ، وانتظر إلى أن تفعل هي ، أرادت إن تقول شيئا ولكن الكلمات علقت داخل ثغرها 
فلم تجد ما تقوله ... عاد شريف يمسك الشوكة نظر إليها قبل أن يكمل طعامه يغمغم مبتسما :
- هنتغاضى عن كل اللي حصل ، لأن أنا كدة كدة مش موافق ، أنا حياتي الشخصية مش مشاع للكل ودا حقي ... عايزة تطلعي اتفضلي لوحدك ، آه صحيح دا بتاع الإعداد قالك لازم أنتِ وخطيبك ، خلاص بقى يا مرام مالكيش نصيب 
شعرت بالغضب الشديد من نبرته الباردة التهكمية يسخر منها لأنها أخفت عنه الموضوع 
، قبضت كف يدها على منديل الطاولة تحاول ألا تصرخ في وجهه تهمس ببعض الحدة :
- ليه رافض ، أنا وافقت إني اقفل الاميلات كلها ، هيحصل ايه لو وافقت أنت كمان ، أنا عايزة اطلع في البرنامج دا 
شرب بعض العصير من الكوب المجاور له يحادثها بهدوء :
- إحنا مش في البورصة يا مرام زي ما من حقك تطلعي أنا من حقي أرفض 
وضعت الشوكة من يدها بعنف تجز أسنانها بعنف خرج صوتها غاضبا :
- أنت ليه بتحارب نجاحي ليه مش عايزني انجح ، أنت بتغير مني ومن شهرتي مش كدة 
ضحك عاليا ... ظل يضحك حتى بدأ يسعل بعنف التقط كوب الماء من جواره يرتشف منه القليل يحاول أن يهدأ وفعل بعد عدة لحظات هدأت ضحكاته  خاصة حين رآها تنظر له غاضبة وكأنه هو الوغد الدنئ الذي يسعى جاهدا لتدمير حياتها وجه تركيزه إليها يغمغم مبتسما :
- أنهي نجاح دا مرام معلش ، نجاحك في تصوير حياتنا وعرضها على أنها فيلم حي واللي رايح واللي جاي يتفرج ، نجاحك في شوية صور ... أنا كشريف مش شايف أي نجاح في أنك تطردي عيلة صغيرة مريضة محتاجة مساعدة وبعدها بخمس دقايق تعملي فيديو عن مساعدة المحتاجين دا اسمه نفاق ورياء ، نجاح مرسوم على الرمل شوية هوا يطيروه 
مرام أنتِ لو النت فصل عن مصر نجاحك دا هيختفي ... يا ريتك نجاحك دا في الكلية اللي بتعدي كل سنة فيها بمقبول عشان أنتِ مش فاضية للمذاكرة الفيديوهات واخدة كل وقتك 
وهغير من إيه ... مرام أنتِ حرفيا ما فيش إنجاز ملموس في حياتك أنا اترددت كتير أقولك الكلام دا بس اسمعيها مني لأول وآخر مرة ... إنتِ عايشة حياة تافهة فاضية ما بتحققيش فيها حاجة ... علاقتك بأهلك مقتصرة أنك خايفة أن عمي عمرو يقلب عليكِ ويقفلك الاميلات ، وطنط روان تاخدي صورة معاها كل يوم والتاني وترفعيها وتكتبي عليها أحلى أم في الدنيا ... حتى جواد أخوكِ ما تعرفيش عنه حاجة لو كنتِ قريبة منه كان حاجات كتير أوي اتغيرت في شخصيته ... أما بقى في الحياة العملية فحدث ولا حرج من ثانوية عامة من ساعة ما اتجريتي في سكة البلوجر والفيديوهات جبتي مجموع زي الزفت عشان ما كنتيش فاضية تذاكري ، وعشان عمي عمرو ما يزعلكيش دخلك إعلام خاص وقال أكيد هتتعلم من غلطها ... واللي بتعدي كل سنة بمقبول وسقطتي سنة والهانم لسه في سنة تالتة واللي قدها اتخرجوا ... فين بقى الإنجاز اللي في حياتك يا مرام ... حلقة البرنامج اللي هتموتي وتطلعيها ، هتطلعي تقولي فيها ايه ، أنا بشكر جمهوري الحبيب أنه بيدعمني على عمل اللاشيء ، أنا حقيقي بشكره أنه بيساعدني إني أضيع وقته ووقتي في تفاهات لا جدوى منها ... آخر اللي عندي يا مرام أنا مش هطلع معاكِ في البرنامج دا ، ومش هسيبك لاء أنا هظبطلك صومايل مخك اللي ضربت دي ... ودموعك دي لو ما خلتكيش تراجعي حساباتك من أول وجديد يبقى مالهاش اي لازمة 
وكم كانت كلماته قاسية متتابعة عنيفة ، وكأنها يصفعها لا يتحدث معها ... شقت الدموع وجهها تجري بغزارة على خديها .. قامت من مكانها تجذب حقيبتها ، حاول اللحاق بها لتدفع يده بعنف تصرخ فيه :
- ابعد عني أنا بكرهك 
واندفعت تركض لخارج المطعم توقف سيارة أجرة ، وقف مكانه ينظر لسيارة الأجرة وهي تغادر يزفر أنفاسه بعنف ، أخرج هاتفه من جيب سرواله يطلب رقم عمرو ما إن أجاب الأخير غمغم شريف :
- قولتلها يا عمي كل الكلام اللي أنت عاوزه
وصمت لبضع لحظات يستمع إلى ما يقول عمرو ليقاطعه يردف :
- أنا عارف إن حضرتك قولته ليها كذا مرة بكذا شكل وما فيش نتيجة ، بس أنا اعتقد أن المرة دي هتبعد ، لأن أنا فعلا طريقتي كانت قاسية أوي ... على العموم أنا هكلم حضرتك بليل اطمن عليها ، سلام 
وأغلق معه الخط يغمض عينيه متعبا ..مشهدها وهي تبكي يمزق قلبه إلى أشلاء ولكن ما البيد حيلة عليها أم تستيقظ من تلك الدوامة الواهية حتى لو بصفعة قاسية ، نظر جواره سريعا حين سمع صوت فتاة تصرخ خائفة تحادث شخص ما :
- بقولك ابعد عن طريقي لهصرخ وألم عليك الناس 
تلك الفتاة يعرفها أريچ ... يبدو أن أحد الشباب الضال يضايقها وكالعادة في الآونة الأخيرة لم يتدخل أحد ليساعد ... تحرك هو سريعا صوبها ليجد ذلك الشاب يتغزل فيها بشكل فج :
- اسمعي بس يا قمر ، هنشرب حاجة المطعم اهو ... يا ستي أنا مش بعاكس أنا غرضي شريف 
اقترب شريف منهم قبض على كتف الشاب بعنف يصرخ فيه غاضبا:
- لحظة لو لمحتك قدام عيني هوديك في ستين داهية 
ابتعد الشاب سريعا نظر إليها ليراها تقف بعيدا
تبدو مذعورة ، اقترب منها يردف مترفقا :
- اهدي يا أريچ ، دا عيل زبالة 
نظرت إليه تحاول أن تبتسم تومأ برأسها بالإيجاب ، ليشير هو إلى المطعم حيث كان هو ومرام يغمغم :
- تعالي اشربي حاجة واهدي ، ما تقلقيش أنا مش بعاكس
وضحك لتعطيه ابتسامة مرتبكة ... تحركت جواره ذهب معها إلى طاولة أخرى يشير إلى نفس النادل يطلب منه حساب الطعام ، نظر لأريچ يغمغم :
- تشربي ايه ، اجبلك لمون بالنعناع بيعملوه هنا حلو أوي 
حركت رأسها بالإيجاب تنظر لأسفل تفرك يديها تحاول أن تهدأ ، وجود شريف في تلك اللحظة انقذها من ذلك الوغد التي لا تعرفه يكفي ما هي فيه ليأتي ذلك الوغد أيضا ، أجفلت على صوته يغمغم :
- أخبار جاسر ايه وعمي ياسر وطنط نرمين سمعت صحيح أن سما رجعت من السفر حمد لله على سلامتها
رفعت رأسها إليه قليلا تحاول أن تبتسم تشكره بصوت هامس خفيض للغاية على ما فعل ليعقد جبينه يردف مبتسما :
- يا ستي لا شكر على واجب ، أنتِ زيك زي البت ليان ، بس اللي مضايقني فعلا ذعرك دا، اللي يعاكس اديله باللي رجلك بالشطنة اللي أيدك وعلى دماغه ، يا ستي أبسط الحلول صوتي ولمي عليه الشارع ، إنما ما تقفيش تعيطي كدة ، انشفي شوية يا أريچ ما ينفعش تبقي هشة كدة 
اومأت برأسها تتحاشى النظر إليه حمحم هو يحاول أن يقل شيئا ليشغل عقلها به عما حدث قبل قليل تلك الطريقة تنفع بصدق مع ليان ، ابتسم يردف :
- صحيح أنا عارف أنك في كلية طب بس مش عارف في سنة كام 
- تانية 
همست بها بصوت خفيض مرتبك ، ليبتسم هو يردف مازحا :
- مش إهانة والله بس حقيقي مش قادر اتخيل أنك بتشوفي جثث وبتشرحي ميتين وأنتِ كتكوتة أوي كدة ... طب يا ستي كنتي طلعتي المشرط من الشنطة دبتيه في رقبته واسمه دفاع عن النفس 
ولكن يبدو أن مزحته لم تكن جيدة كفاية فهي لم تبتسم حتى ، ما حدث أن هاتفها دق بنغمة قصيرة ... أخرجته من حقيبتها ما أن نظرت لشاشة الهاتف شحب وجهها وكأنها رأت الموت بذاته ... ارتعشت يدها بشكل ملحوظ مما جعله يظن أن هناك من يهددها ، حمحم يردف بنبرة هادئة :
- أريچ لو في حد بيهددك بحاجة صور أو غيره فى دلوقتي قسم كامل مسؤول عن حوادث ابتزاز الإنترنت والموضوع بيتم في سرية تامة 
عشان الموضوع منتشر كتير الفترة دي ، ولو خايفة حتى تروحي تبلغي عشان ما حدش من البيت يعرف أنا ممكن اساعدك ، أصل أنتِ ما شوفتيش وشك لما فتحتي شاشة الموبايل كان شكلك مذعور جداا
هبت واقفة تقبض على هاتفها قلبها يدق بعنف لتغمغم متوترة :
- أنا عايزة أمشي لو سمحت شكرا على مساعدتك 
وقف هو الآخر يغمغم سريعا يحاول أن يثنيها عما تقول :
- طب استني العصير أهو ، اشربيه وامشي ... اقعدي يا أريچ الهروب من المشكلة عمره ما كان حل ليها أبدااا 
ارتجفت نظراتها تحرك رأسها للجانبين بعنف جذبت حقيبتها لتتركه وتغادر المطعم سريعا ليتنهد يغمغم ساخرا :
- هو ايه الحكاية النهاردة كل واحد تضايق من كلمتين تقوم شادة شنطتها وماشية !
____________
هناك في منزل جاسر مهران .. استيقظ يوسف بعد الظهر بساعة تقريبا اغتسل وصلى وأعد المواد التي سيبدأ في مراجعتها ... تحرك صوب شرفة غرفته المطلة على الحديقة ليفتحها ليبصر ملاك تجلس هناك على مقعدها المتحرك تنظر لباب منزلهم بلهفة كطفلة صغيرة تنتظر والدها عينيها تزرف الدموع بين الحين والآخر ، تنهد حزينا على حالها ...دخل إلى غرفته يلتقط كتاب اللغة العربية وعدة ملخصات  وبضع أوراق فارغة وعدة أقلام وتحرك لأسفل رأى مريم كعادتها تجلس على طاولة الطعام الكبيرة تنشر كتبها بشكل عشوائي تختار بينهم عن طريق قرعة تقريبا ابتسمت ما أن رأته تغمغم ساخرة:
- كل دا نوم مش أنت اللي قولت هصحى من بدري أذاكر ... لو خارج لملاك ما تتعبش نفسك أنا بقالي أكتر من ساعتين بتحايل عليها تدخل حتى تفطر مش راضية غير لما أختها تيجي 
أشار إلى الطاولة أمامها يغمغم:
- نظمي الهرجلة دي ... وابداي من الأسهل للأصعب مش شغل حادي بادي اللي بتعمليه دا وما تنسيش أن العربي فروعه كتير ، طالما بتحبي تذاكري لوحدك 
وتركها يكمل طريقه للخارج حيث تجلس ملاك وضع ما في يده على الطاولة ليتحرك إليها جذب المقعد يدفعها نحو الطاولة شهقت خائفة حين جذبها فجاءة رفعت وجهها تنظر للفاعل ليغمغم هو بنبرة جافة للغاية :
- طرب كويسة وكلها كام ساعة وتيجي ، واحنا في العد التنازلي للثانوية مش هتضيعي اليوم وأنتِ قاعدة باصة على الباب
دفعها إلى أن وصلت للطاولة يجذب المقعد المقابل لها يفتح إحدى الملخصات أمامه يغمغم :
- نبدأ بالأدب عشان سخيف ابن جزمة ، شعراء مدرسة المهجر ..
قاطعته قبل أن يكمل تردف ساخرة :
- أنت بتهزر صح ، هو مش أنت نفس اليوسف اللي من كام يوم قالي أنا مش عاوز أعرفك تاني ، وإني شخصية كدابة ما تحبش تعرف واحدة زيي ... جاي دلوقتي ليه اصلا ؟! ، انجح اسقط دا مش شغلك اصلا
تنهد بعمق يضع القلم من يده ينظر إليها ليرى دموعها تغرق وجهها ، اضجع  بظهره إلى ظهر المقعد يحاول أن يعتذر منها :
- بصي مبدئيا أنا آسف ، أنا فعلا اتسرعت في الحكم عليكِ ، بس أنا حقيقي بكره الكدب أوي يا ملاك ، عادة فيا وببقى مش طايق اللي قدامي لما بعرف أنه كدب عليا ، أنا عارف أنه أكيد مش سهل أنك تقولي الحال اللي أنتِ فيه حتى لو غصب عنكوا ، فأكيد كنتي هتتفهمي أنتِ واختك غلط ... أنا حقيقي آسف على اللي قولته ، النقطة التانية أرجوك يا ملاك مش عايزك تضيعي السنة دي عشان خاطر أختك ، تخيلي حزنها هيبقى عامل إزاي لو بعد الشر سقطتي ، وهي بتعمل كل اللي في وسعها عشانك ، دي أبسط كلمة شكر تقوليها ولا أنتِ ايه رأيك
محق ، لا تنكر أنه محق ... حركت رأسها توافق ما يقول ليبتسم لها يفتح الأوراق من جديد يغمغم :
- يبقى نرجع للأدب اللي مسوح جيل كامل دا 
خرجت ضحكة صغيرة من بين شفتيها ، جعلت من وجه رؤى الواقفة هناك في شرفة غرفتها تشاهد ما يحدث منذ البداية يمتعض قلقا وضيقا ، ما علاقة يوسف بملاك منذ البداية وهي تشعر بنظراته الغريبة إليها ، ستكن كارثة بكافة المقاييس إن كان يكن لها المشاعر ، فجاسر بالكاد يتحمل وجود طرب ... ويوسف لا يزال شابا مراهقا تتقلب مشاعره بين يوم وليلة عكس تلك الصغيرة التي لا تعرف عن الدنيا الكثير وأن تعلقت بيوسف في فترة مراهقة مبعثرة المشاعر ، وأحب هو فيما بعد سيؤذيها !!
____________
فتحت عينيها تبصر الدنيا من جديد أين هي ، غرفة المستشفى من جديد تشعر بجسدها أفضل حالا عن ذي قبل نظرت حولها لتجد رعد ينام على مقعد جوارها كف يده يمسك بيدها ، ابتسمت مرهقة هو ايضا يبدو مرهقا ... تشعر بألم شديد في رأسها صداع بشع ينخره بعنف 
رفعت يدها لتضعها على رأسها ليستيقظ رعد مفزوعا ... اقترب منها سريعا يبسط راحة يده على جبينها يغمغم قلقا :
- أنتِ كويسة ، الحمد لله مش سخنة 
- هو ايه اللي حصل ؟ 
همست بها تستند بكفيها إلى الفراش تحاول أن تعتدل ليقترب سريعا يحمل جسدها بخفة يساعدها لتجلس منتصفة يضع وسادة خلف ظهرها نظرت لوجهه المتعب وهو مشغول في وضع الوسادة خلف ظهرها حتى تجلس بشكل مريح لتبتسم ويدق قلبها ، اقتربت منه تطبع قبلة صغيرة على وجنته تهمس تشكره :
- شكرا على كل اللي بتعمله عشاني يا رعد 
ارتجف جسده يضربه شعور لذيذ يدغدغ كيانه تنهد بعمق يجذبها لأحضانه يهمس بنبرة قوية محمومة بالمشاعر :
- أنا بحبك يا طرب ، حقيقي بحبك أوي 
رفعت وجهها إليه تبتسم لتجد لسانها يتحرك يهمس :
- وأنا كمان بحبك يا رعد 
لا تعرف أكانت حقا تقصدها أم أنها ققط أرادت رؤيته سعيدا بعد كل ما فعل لأجلها ، وتلك اللامعة السعيدة التي انارت حدقتيه أخبرتها أنها كانت محقة حين نطقتها حتى وإن لم تكن تقصدها بالمعنى العميق ، حاوط وجهها بكفيه يقترب برأسه منها واستسلمت له مبتسمة تلف ذراعيها حول عنقه تلتحم معه ، في خضم موجتهم الخاصة فُتح الباب فجاءة وكان جاسر  توسعت حدقتيه يجذب الباب يغلقه مما جعل رعد ينتفض سريعا يبتعد عنها ، دق جاسر الباب من جديد دخل إلى الغرفة يوجه حديثه لرعد ممتعضا :
- يا ابن الكلب ، هو أنت في البيت ما تتنيل تقفل الباب بالمفتاح طالما ناوي تتنيل تقل أدبك في المستشفى ، يلا اجهزوا الدكتور كتبلها على خروج ، وأنا مش هقف لأهلك ندرجي برة ... اتنيل أخرج معايا وفي ممرضة هتيجي تساعدها 
حاولت رعد إلا يضحك يحرك رأسه بالإيجاب 
طفقه جاسر بنظرة حادة يغمغم :
- اطلع من الأوضة الاقيك في ضهري ، لو اتأخرت ثانية هرقدك جنبها متكسر، على الآخر الزمن هنتفضح في المستشفيات عشان شوية عيال 
هنا انفجر رعد في الضحك لم يقاطع ما يحدث سوى دخول الممرضة لتساعد طرب ، خرج رعد يجذب الباب خلفه ، مرت عدة دقائق قبل أن تخرج الممرضة معها حقيبة ثياب صغيرة أخذها رعد منها وهي ها طرب خرجت تتكأ على ذراع الممرضة شكرها رعد مال برأسه يهمس لها:
- قادرة تمشي ولا اشيلك ما فيهاش كسوف 
حركت رأسها نفيا سريعا تهمس محرجة :
- لاء أنا قادرة امشي 
اسندها يتحركان للخارج ، في حين ظل جاسر مكانه حين لمحت عيناه ورقة صغيرة ملقاة على سطح الفراش ... توجه لداخل الغرفة يلتقط تلك الورقة فتحها ليجد جملة واحدة خُطت على سطحها 
( اللعبة لسه ما خلصتش ، ما تفتكريش أنك هتنسحبي بسهولة )
كور الورقة في يده ، يبدو أن زوجة ولده تُخفي الكثير كما ظن !!

تعليقات



×