رواية عشق الادهم الجزء الثانى (طغيان) الفصل الخامس عشر 15 والاخير بقلم شهد السيد


  رواية عشق الادهم الجزء الثانى (طغيان) الفصل الخامس عشر والاخير 

"لا أنكر أنكِ الشعور العميق المركون في صدري
للحد الذي لا يُنسى ولا يُمحى مني، و أنكِ اللهفة
التي لا تتوقف عن الأستقرار و الخلود بي رغم كل مايحدث، لا أنكر أني لا أستطيع تخطي الحب
الذي جعل مني شخصاً آخر لا أعرفه، جعلني
لا أعرفُ سوى حبّك ولا أدل الا وجهتك والطريق
الذي يؤدي إليك.

بحثت عن الطوق الخاص بها بتوتر لكنها شهقت بتفاجؤ والتفتت سريعًا عندما قام بدغدغتها، عقد يده حول جسدها يحتضنها يقتنص قبلة خاطفة من شفتيها قائل بنبرة مشاغبة مُحببه لقلبها:
_يحلاوتك يا ليلو.

إبتسمت تحاول دفعه تجيبه بصوت مرهق:
_اتأخرت على جودي لازم أمشى. 

نظر بـساعة يده يجيبها ببساطة: 
_فاضل ساعتين. 

أنهى حديثه يسحبها رغمًا عنها متجاهل إعتراضاتها، تسطح فوق الفراش يجذبها لجواره يضمها لأحضانه رغم تصلب جسدها أسفل يده: 
_إهدى وارتاحي. 

همت بالإعتراض لكنه إستطاع السيطرة عليها بالأخير لتصمت تريح عظام جسدها المرهقة بعد مرور عشرة أيام على ولادتها لصغيرهم الأول"  عز الدين "

فــــــــلاش بــــــاك

صدح صوت الرعد والبرق معًا وسط سيول الأمطار بالخارج وإندمج معهما صوت صراخ ليليان المتعالى من غرفة الولادة. 

تمسكت فرح بيد حازم تشعر بالرهبة من أصوات الصراخ المتلاحقة ومدى الألم الظاهر بصوتها، نظرت لمعدتها المنتفخة آثر حملها بالشهر الخامس وعادت تنظر لحازم تحادثة بصوت منخفض: 
_أنا حاسه هولد من الخوف. 

إبتسم بهدوء يضمها لأحضانه يحاول تهدئتها ونظر لمازن الجالس على مقربة منه قائل: 
_أتصل على جاسر قال من بدرى انه جاي، أطمن عليه. 

زفر مازن ببطئ يحرك كتفيه بقلة حيلة وهو يجيبه: 
_مفيش شبكة، حاولت أكلم ليان أقولها متجيش فى المطر ده بس معرفتش. 

اومأ حازم وصمت ينظر نحو أدهم الذى لم يجلس لدقيقة واحدة، يسير دون هواده أمام باب الغرفة المغلق، توقف أمام الباب وقد تسارعت دقات قلبه المنقبض ألمًا على مُعاناتها بعدما إزاد صراخها ولم ينقطع ولم يمضي سوى خمس دقائق وإختفى صوتها تمامًا. 

إقترب يستند بكفى يده لباب الغرفة يحاول الإستماع لأى شئ بالداخل، إزدادت هواجس الخوف لديه ليغمض أعينه بقوة يهمس بداخله: 
_يــارب. 

عقب نطقه لها إستمع لصوت بكاء ضعيف أتى من الداخل، زفر أنفاسه براحه وفتح أعينه يبتعد عن الباب قليلًا بأنتظار خروج زوجته وطفلهما الأول. 

بينما بالداخل بعدما قضت دقائق عسيرة بالدفع أرتخى جسدها تمامًا وتسارعت أنفاسها بعدما واخيرًا أتى للحياة بسلام، شعرت بالخدر والألم معًا يسيطر على كامل جسدها، أنسابت دموعها أكثر عندما أغمضت أعينها قبل أن تعيد فتحهما بوهن عقب نطق الممرضة للطبيبة: 
_البيبي نازل ساكت.!! 
شكله ميت.!! 

شعرت بإنقباض قلبها لسماعها تلك العبارة تراقب الطبيبة برؤية غير واضحة بسبب دموعها تحمل الرضيع من قدميه رأس على عقب تضربه على أماكن متفرقة من جسده حتى صاح باكيًا. 

زفرت أنفاسها براحه وإنسابت دموعها بخوف نهش قلبها وتابعت بأعينها إقتراب الممرضة منها تضع الرضيع فوق جسدها برفق شديد، إزداد إنسياب دموعها وهى تحطيه بحماية تضمه لصدرها تتأمل حجمه الصغير فوق جسدها وصراخه الذى بدأ بالهدوء فور شعوره بقربها منه، طبعت قبلة عميقة ورقيقة فوق رأسه كأنه جوهرة ثمينة للغاية، شعرت بقبلة تطبع فوق جبينها وصوته الدافئ الحنون يحادثها هامسًا: 
_حمدالله على سلامتك يا أم عز. 

شبه إبتسامة شاحبه ومرهقة إرتسمت فوق وجهها وهى تتابع الممرضة تأخده من بين أحضانها حتى تقم بتحميمه وإلباسه، أغمضت أعينها بأستسلام تام وشحوب. 

نهاية الفلاش باك

كادت تسقط بالنوم بعد أرق صابها طوال أيام عدة لكنها إستفاقت سريعًا عندما أستمعت لصوت بكاء ضعيف يأتى من الفراش الصغير المجاور لفراشهما تنطق أسمه بلهفة:
_عــز. 

نهضت تحمله تحاول تهدئته برفق وحنو وجلست تطعمه حتى غفى مجددًا ورفعته قليلًا تطبع قبلة رقيقة فوق رأسه تحركه بلطف، إعتدل أدهم بنومته يحادثها بصوت منخفض:
_حطيه فـ سريره وننام شويه. 

أغمضت أعينها بقوة تحاول التحامل والإستمرار تجيبه بصوت منخفض: 
_هستنى ينام كويس واكمل لبس، نام انتَ ياحبيبي. 

تأمل أعينها الحمراء الذابلة التى يحيطها هالة سوداء، ترهق نفسها بشكل مبالغ من بعد ولادتها، تكاد لا تنم خشية ان يبكى الصغير دون أن تستمع له. 

دقائق ونهضت بالفعل تضع الصغير بفراشه تمسك بالثوب  لكنها توقفت تتأمل مظهرها قليلًا، بيدها الأخرى قامت بجمع الثوب المنزلى ليلتصق بجسدها يظهر ثناياه بوضوح بعدما زاد وزنها بشكل ملحوظ، زفرت بتروى وكادت تغادر لكنها توقفت عندما تسأل هو: 
_انتِ هتلبسي الفستان ده.؟ 

اومأت بالموافقة ليكمل وقد ظهر الرفض على وجهة: 
_لأ، هيبقى ملزق ومفصل جسمك. 

زفرت بإحباط تحاول التبرير: 
_مش للدرجادى هو بس عشان جسمي بعد الولادة... 

نهض من فوق الفراش يجيبها برفض قاطع: 
_ولا قبل ولا بعد حاجه أديقت متلبسيهاش. 

ضمت شفتيها بإختناق تجلس فوق الفراش توليه ظهرها تجيبه بصوت متحشرج: 
_أعمل اى يعنى، ما اى حد طبيعي جسمه بعد الحمل والولادة بيتغير، لو شكلى مدايقك أوى كده هعمل عملية و... 

أجابها ضاحكًا بعدما تقدم يجلس جوارها يضع حقيبة فاخرة بجوارها يحيط كتفيها يضمها لأحضانه يضيف بعبث: 
_و اى بس يا حلو زمانك، انتِ أخدتى الكلام بشكل تانى خالص كل قصدي اى حاجه بقيت ضيقه متلبسيهاش عشان العود الملفوف لفة حلويات ده مبيانش لحد بره، وبعدين أنا جبتلك فستان جديد تحضري بيه الفرح، ميهونش عليا الجميلة بتاعتي تضايق. 

أبتسمت رغمًا عنها تعانقه بأمتنان تجيبه بصوت هامس: 
_انتَ اللى أجمل حاجه فى حياتى. 

ربت فوق ظهرها وخصلات شعرها يجيبها بمزاح: 
_ونسيتي عز روح قلب ماما.؟؟ 

ضحكت أكثر تبتعد عنه عندما جذب الحقيبة يخرج منها ثوب بسيط أسود به نقوش بارزه من الورود فى الجزء العلوي وحزام عريض أسفل الصدر وبعدها يهبط بأتساع طفيف أسفله طبقة من اللون السُكرى القاتم، نال إعجابها حقًا رغم أنه بالمعتاد لا يفقه شئ حول إنتقاء الملابس المناسبة للسيدات. 


إبتسمت بسعادة ظهرت جيدًا بأعينها تعانقه تصيح بصوت تلقائي مرتفع بعض الشئ: 
_ياحبيبي، تسلم ايدك شكله حلو أوي عرفت أربيك. 

ضحك يضمها لأحضانه يحادثها بمشاكسة بصوت منخفض: 
_انتِ كل شويه تحضنيني وممكن أعتبر ده إغراء على فكرة! 

أتسعت أعين ليليان تبتعد عنه تجيبه بحزم: 
_هكرر تانى انتَ بقيت بيئة فى كلامك كلها أيام والولد يلقط منك، عيب كده. 

نظر أدهم نحوها بإستنكار يجيبها بتصميم: 
_هو أنا كده مبعرفش أذوق الكلام. 

زفرت بسأم ونهضت تغادر نحو الحجرة الصغيرة الملحقة بغرفتهما لإرتداء ملابسها بينما نهض هو يقف جوار فراش الصغير يتأمل ملامحه الساكنه للغاية، يبدو لطيف بحق ذو وجه ملائكى وبشرة ناعمة وأعين خضراء مثل والدته، إبتسم عندما تذكر حديث جودي منذ ان رأت

" الواد ده هيطلع خاين، اى راجل عينه ملونة بتبقى زايغة! "

_________________________________________

_طب انتِ زحلانه ليه بث يا ماما، طب أنا أثف. 

أنهى آدم حديثه يحاول مراضاة والدته الباكية لسبب لا يعلمه إلا الله.! 

ذم آدم شفتيه بيأس ينظر لمعدتها المنتفخة قليلًا يضيف:
_طب النونى زحلك.؟ 

تركت المنديل من يديها تحرك رأسها بالرفض تزامنًا مع دلوف جاسر لحجرة الجلوس يمسك بحقائب عديدة بيديه لينهض الصغير واقفًا فوق الأريكة يحادث والده بنفاذ صبر:
_تل ثويه أقول أثف أثف متزحليش، وضربت النونى زحلت، ثالحها انتَ ثويه بقى. 

ضحك جاسر رغمًا عن جدية حديث الصغير يترك الحقائب التى بيده وإقترب يجذبه ليقف أمامه يحادثه فى جدية: 
_قول عين. 

-حين. 

_عيين. 

-حييين. 

وضعة جاسر أرضًا بيأس وجلس جوارها يميل بجزعة العلوي نحوها يطبع قبلة رقيقة فوق وجنتها يتسأل بلطف: 
_مين زعل حبيبي وأنا مش موجود. 

تفاجئ بها تعاود البكاء مجددًا ترتمى بين أحضانه تجيبه بحرقة من بين دموعها:
_الجواري حرقوا وش السلطانة هويام، بقيت مشوهة والسلطان مش هيبصلها تانى. 

ولأجل ماحدث بينهما بالسابق لم يقضى معها فترة
" هرمونات الحمل " كما أخبره اصدقاؤه بصعوبة تلك الأيام وها هو يكتشفها بنفسه، كل هذا لأجل مشهد سينمائى! 

رغم غرابة الموقف أحتضنها يجاريها بالحديث:
_طب والسلطان عرف.؟ 

شهقت تبتعد عنه تحرك رأسها بالنفى تلقى المنديل من يدها: 
_مشوفتش الحلقة اللى بعديها، النت فصل واتصلت بيك تليفونك مقفول. 

ضم شفتيه يجيبها بأسف: 
_فصل شحن بعد ما كلمتك، قومى أجهزى يلا عشان منتأخرش و واحنا راجعين هشحنلك النت حاضر. 

اومأت بالإيجاب ونهضت تختطف حلوي من الحقيبة تلتهمها بنهم شديد وهى متجهة نحو الغرفة، مرر يده بخصلات شعره بإرهاق يسيطر على كامل جسده، لم ينم منذ الأمس وها هو على وشك حضور حفل زفاف صاخب. 

نهض يقبض على بنطال آدم يرفعه بالهواء يتجه به نحو غرفته محذرًا: 
_هتصوت هلسعك بالقلم. 

إبتسم الصغير بثقة يجيبه: 
_هثوت أكتر وماما تيجي تعيط تانى والنونى يتعب. 

أغمض أعينه بقوة يضعه فوق الفراش يجذبه نحوه: 
_طب والله لوديك لدكتور تخاطب عشان لسانك ده يتظبط. 

حاول الصغير إبعاد يد جاسر عن ملابسه يضحك بصخب: 
_انت‌َ ماثك حرامى. 

جذب البدلة الصغيره الموضوعه خلف باب الغرفة وعاد ينزع عن الصغير ثيابه يحادثه بجدية: 
_هنسمي أختك اى.؟ 

نظر لسقف الغرفة يلوى فمه الصغير يهمهم بتفكير قبل ان يجيبه بحماس: 
_حلا. 

إبتسم بهدوء يلبسه قميص البذلة: 
_حلو إسم حلا. 

زفر آدم بضيق يجيبه بتوضيح: 
_حُــــلا يا بابا حُــلا مث حلا

-ما أنا فاهم ياحبيبي ماشي موافق، يبقي حلا وآدم. 

_يووه عمرك ما هتفهم! 

_________________________________________

عادت بظهرها للخلف تغمض أعينها بسكون لأيدي المصففه التى بدأت بجمع بعض خصلات شعرها برقة بالغة، زفرت طويلًا تحاول السيطرة على مشاعرها، اليوم زفافها.! 

شعرت بإختناق داهمها عندما تذكرت ما حدث اليوم وهى تستلم ثوب زفافها من المتجر، كان هناك عروس أخرى برفقة والدتها التى كانت سعيدة للغاية، من المؤكد أن كانت والدتها على قيد الحياة لكانت..سعيدة.! 
شعرت بدمعة تسيل من أعينها المغلقة فـ رفعت يديها سريعًا تزيلها مما تسبب لإفساد زينة وجهها، لاحظت الفتاة المسؤولة عن تزينها ماحدث لتقترب سريعًا تصلح ما أفسدته، عادت تغمض أعينها من جديد بإستسلام، شبه أبتسامة هادئة ظهرت على وجهها عندما تذكرت ماحدث صباحًا.. 

فــــــــلاش بــــــاك

صعدت للمقعد المجاور له تحادثة على عجالة: 
_بسرعة فات على معاد الإستلام نص ساعة، جبت بدلتك.؟ 

اومأ زياد يدير السيارة مبتعدًا عن المنزل قليلًا ومد يده بحركة مفاجأة يقبض على خصلات شعرها الظاهرة من أسفل حجابها الموضوع بطريقة عشوائية: 
_اى دول هاه لسه مدخلوش الإسلام.؟ 

صرخت بتفاجؤ تبعد يده بحده تضربه بعــ.ـنف فوق ذراعه: 
_انتَ عبيط يالا هو أنا محجبة اصلًا.! 

ترك الخصلات العالقة بأصابعه وأجابها بنبرة إستفزازية:
_ما هو شغل النص حجاب ده مياكلش معاها، شوية لابسه إيشارب ستى وشويه طرحة واقعه فى اى يابت ما تظبطى.! 
يا تلبسيها عدل يا متتنيليش تلبسيها. 

-إسمها تربون يا جاهل. 

_بس يابت، إتنيلي أعدليها ودخلى شعرك ده جوه. 

زفرت بضيق تعيد إرتدائها بشكل منظم قليلًا  وعقدت يدها بصمت والضيق يعتلى وجهها، توسعت أعينها بدهشة عندما شعرت بأصابعة تتلمس عنقها يخرج السلسال الذهبي المدون فوقها أسمها يتسأل بنبرة هادئة: 
_بتحبيها. 

وبدون إهتمام همهمت بالموافقة وعادت تنظر من النافذة  لتبتسم رغمًا عنها عندما أستمعت لنبرتة العابثة يضيف: 
_وأنا بحبك. 

أتسعت إبتسامتها ليمد يده تتشابك أصابعها بأصابعه يطبع قبلة عميقة فوق كف يدها يحادثها بنبرة صادقة: 
_وعد منى قدام ربنا ما أكون يوم سبب فى حزنك. 

إبتسمت بإطمئنان تميل نحوه تستند برأسها فوق ذراعه. 

نهاية الفلاش باك. 

أستفاقت عقب أصوات الزغاريد التى أرتفعت تزامنًا مع دخولهم جميعًا، أبتسمت تتأمل ليليان التى وقفت خلفها تضع بنفسها حجاب الزفاف الطويل بدلًا عن والدتهما، كلاهما يشعر بعاطفة كبيرة ومشاعر ثائرة لتلك اللحظة التى إكتملت بوضع ليليان عقد ذهب مُطعم بالألماس حول عنقها تطبع قبلة عميقة فوق رأسها:
_الهدية دى مختلفة لأنها مش منى، دى هدية جوازك من بابا وماما. 

تلمسته جودي بأصابع مرتشعة تتسأل بصوت هامس:
_بس ورثى من بابا لسه فـ البنك مسحبتهوش. 

جثت ليليان على ركبتيها أمام شقيقتها تلبسها حذاء زفافها تحاول إخفاء دموعها المتجمعة: 
_قبل ما بابا يتوفى وأنا وهو مع بعض قالى أنه كان عامل وديعتين فى البنك، واحده بأسمي وواحده بأسمك وإحتاج فلوس فـ سحب الودايع وقالى أفكره يرجعهم تانى، بس ملحقش وسابنا ومشى، حقى أنا أخدته من زمان والعقد ده بحقك انتِ. 

تدخلت ليان بتلك اللحظة تحاول تخفيف الأجواء مازحة: 
_ايوة يا جوجو كبرنا وشيلنا مسؤولية، مش عارفه بجد ازاى هتبقو زوجين عاقلين مسؤولين عن بيت وأطفال فيما بعد، ده انتوا ذات نفسكم أطفال ياروحي. 

ضحكت جودي تحتضن آدم الذى إقترب منها يتسأل بإحباط: 
_خلاث اتجوزتى ومث هنلعب تاني. 

طبعت قبلة عميقة فوق وجنته تجيبه بنفى: 
_لا طبعًا هنلعب واجيبك تبات معايا كمان، بس فى البيت الجديد بقى نسيب زياد ينام لوحده وننام احنا ثوا ثوا. 

ضحك الصغير عندما قلدت حديثة وإبتعد عندما قامو بمساعدتها على النهوض والخروج لزياد الواقف يواليها ظهره منشغلًا بالحديث مع أصدقاءه لكنه إنتبه فور ان لكزة أحد اصدقاءه، التفت ينظر نحوها بإبتسامة أتسعت رويدًا رويدًا، كانت أجمل ما رأته عينه يومًا لا يصدق أنه وبعد كل ما حدث فاز بها وأصبحت بين يديه! 

إقترب يقبل كلتا يديها وسط أصوات التسفيق والزغاريد السعيدة من أجلهم، ولم يمضي الكثير وكانت بين يديه يدور بها وسط كل المتواجدين والشرارات والاضواء منبعثه من حولهم. 

على مقربة منهم.. 

توقفت عن السير تنظر لقدميها بتعبيرات باكية وعادت تنظر لحازم المنشغل بالحديث بالهاتف: 
_رباط الكوتشي اتفك. 

جذب أحد المقاعد القريبة يضعه خلفها وجثى أمامها يعيد ربطة حتى لا تنحنى هى وتؤلمها معدتها المنتفخة، لاحظت وقوف بعض الشباب القريبين منهم والمنبهين لفعلة حازم يبدو أنهم يسخرون مما فعل.! 

حاولت تحاشي نظراتهم المتفحصة والتى ذكرتها بنظرات نصار.! 

تقلصت معدتها بعنف وأمسكت بيده تحادثه بصوت منخفض:
_عاوزه أطلع برا فى ريحة سجاير وحشه. 

اومأ وحاوط كتفيها يجذبها نحو الخارج وسرعان ما أنهى مكالمته وانتبه لها:
_أجبلك كرسي تقعدي.؟ 

حركت رأسها بالرفض تخبئ وجهها بصدره أكثر ليزفر بتروي وتسأل: 
_مالك طيب، حاسه بهبوط السكر وطى.؟ 

رفضت من جديد ليصمت يضمها لأحضانه يمسد فوق رأسها بلطف مراعيًا حالتها بسبب إقتراب موعد ولادتها، إنتبه لها عندما رفعت رأسها تحادثه بوجه متغصن من الألم: 
_مغص رهيب، بيضرب جامد فيا. 

ربت فوق معدتها برفق وسحبها معه نحو سيارته يعاونها على الصعود يريح لها المقعد: 
_هروح اعتذر لأدهم واقوله اننا هنمشي. 

اومأت بصمت واحتضنت معدتها برفق تحاول عدم الإهتمام بألمها لكنها شعرت بحاجتها الملحه للذهاب للمرحاض، هبطت من السيارة تعود لقاعة الزفاف بخطوات سريعة بعض الشئ تختفى بداخل المرحاض لعدة دقائق، خرجت من جديد لتقابل ليليان الواقفة ترحب بأحد ضيوفها، إقتربت منها قائلة بأسف: 
_حقك عليا متزعليش بس والله حاسه بألم رهيب. 

أبتسمت ليليان بصفاء تحتضنها بتقدير: 
_حبيبتي عذراكِ، روحى وطمنيني عليكِ، خلى بالك من نفسك. 

ودعتها فرح وسارت نحو الخارج تغادر الزفاف برفقة حازم 

_________________________________________

وقفت أمام بوابة المطار تودعهم قبل مغادرتها، إقتربت منها ليليان تحتضنها تحادثها بصوت هامس حنون بجوار أذنها: 

_متتخيليش فرحتى بيكِ قد اى، بنتي واختى وصاحبتي  كبرت قدام عيني وفرحها النهاردة، حاسه الوقت جرى بيا بسرعة أوى.

أنهت ليليان حديثها تجهش فى بكاء حاولت ردعه طويلًا، أحتضنتها جودي تحاول تهدئتها بأعين دامعه: 
_ينفع أم العروسة تعيط.؟ 
ولا انتِ مش أمى بقى وخلاص بقى عندك عز وهتنسيني ومبقتش بنتك. 

أنهت حديثها تبكى رغمًا عنها هى الأخرى مما جعل ليليان تضمها لأحضانها بحنو بالغ تطبع قبلات متفرقه فوق رأسها ويدها: 
_بنتي وحبيبتي وأول فرحتى، مبروك يا نن عيني بابا وماما فرحانين بيكِ أوى يا جودي. 

قطع وصلة البكاء الحارة بينهم زياد عندما جذب جودي بعيدًا عنها يمازحها: 
_بقيت مراتي خلاص وأنا راجل حمش مبحبش ستات تحضن مراتي بعد اذنك، خد ياعم مراتك سكتها بمعرفتك. 

انهى حديثه ينظر لأدهم الذى أحتضن ليليان يحاول تهدئة نوبة بكائها الهيستيريا، بينما على مقربة منهم حادث مازن ليان بمشاغبة: 
_يبختك يا زياد أمك راضية عليك مش زى ناس غضبانه عليا. 

انهى حديثه يغمزها بمعنى فهمته جيدًا لتكمم فمه بحدة واهية: 
_بس أسكت شوية. 

أبعد يدها ينظر لأدهم الواقف على بعد منه:
_الواد ده لو مقضاش نص المدة وبعتلى أكمل النص التانى هخليه يكره اليوم اللى اتولد فيه عشان تبقى شاهد. 

سحب زياد الحقيبة الكبيرة من يد شقيقة يقترب من مازن يجيبه بثقة: 
_أنا وريث يالا فى الشركة دى يعنى ممكن الصبح اقولك سيب الموقع والشمس اللى مسلوق فيها وتعالالى مكتبي المكيف، بعدين أنا واحد أخويا مطلعنى شهر عسل فى المالديف يعنى يكون فى بينا احترام انتَ تقولى يا بشمهندس زياد وأنا اقولك يا زفت يا مازن شوف شغلك. 

إعتدل مازن يهم بضربه لكن تراجع زياد يدفع أدهم نحوه:
_لا أنا عريس لما أرجع نتخانق. 

فصل أدهم بينهما وعانق أخيه بحرارة يودعه: 
_خلى بالك من نفسك الفيزا فيها فلوس ولو احتاجت تانى أتصل بيا، وابقى طمنى عليك دايمًا. 

أبتسم زياد يطبع قبلة ممتنه فوق كف يد أخيه وودعه يختفى داخل المطار، دقائق وجدوا الطيارة تحلق عاليًا معلنة عن بداية حياة جديدة . 

_________________________________________

بعد مرور ستة أشهر... 

جلست جوارها تتسأل بصدمة من ما سمعته للتو: 
_بتهزري، حامل ازاى. 

ضحكت ليليان وأجابت فرح نيابة عنها:
_حقيقي سؤال غبى جدًا، بعدين مش شايفه فى مشكلة حملت دلوقتى زى حملت بعدين. 

أيدت سارة حديث فرح بينما أعترضت ليان: 
_مش ده قصدي، قصدي إن عز لسه صغير وهتبقى متمرمطة وسطهم. 

جففت ليليان يدها تجيبها بإبتسامة ونبرة حنونة: 
_مش مهم أنا، أهم حاجه عندى راحة عيالى وسلامتهم، متتخيليش فرحت قد اى ومحطتش فى دماغى اى عواقب ممكن تقابلنى. 

أبتسمت ليان وإنتبهت لآدم الذى أتى سريعًا: 
_ دُنيا بنتك صحيت وبتعيط وهتصحى عمر وعز تعالى بسرعة. 

تركت ليان ما بيدها وغادرت المطبخ راكضة نحو الغرفة لكنها تفاجئت بأستمرار نومها، همت بالخروج لكنها أصتدمت بـ مازن الذى دفعها للداخل يغلق الباب من خلفهما:
_مكنتش هعرف أصتادك غير كده. 

زفرت براحة تجيبه بنبرة منخفضة:
_ياحبيبي أعقل عندنا ضيوف مينفعش كده. 

جذبها نحو الفراش وفتح الحقيبة الصغيرة التى بحوزته يخرج أموال كثيرة مما جعلها تجلس جواره تتسأل بإستنكار: 
_بتوع اى دول. 

وضع بين يديها الأموال يجيبها بإبتسامة هادئة: 
_ دول الـ 100 ألف اللى بعتى نصيبك فى الشقة بتاعتك انتِ وليليان ليها وقولتلك لما تفرج هديهملك واديها فرجت. 

نظرت للأموال التى بيدها تتسأل بأندهاش: 
_جبتهم منين دول. 

-كنت داخل جمعية من قبل جوازنا بكتير وجه حصل حبة مشاكل ووقفت فترة ولما اشتغلت فضلت مكمل فيها قولت هتفيدنا وحاولت اخدها بدرى عن معادى عشان عملية رهف بس معرفتش واخدت منك الفلوس وقولت لما اقبضها ارجعهملك، واديني رجعتهم وعليهم دى. 

أنهى حديثه يخرج سلسال ذهبي به دوائر صغيرة متلاصقة يضعه حول عنقها، أبتهجت للغاية تتلمسه بسعادة وتركت الأموال من يدها تحتضنه بشدة: 
_خدهم خليهم معاك شيلهم لوقت عوزه معاك يزيدوا، بعدين أنا مأمناك على نفسى مش هأمنك على فلوسى.؟ 

أبتسم يطبع قبلة عميقة فوق رأسها يجيبها بإبتسامة هادئة: 
_أنا خدتهم على سبيل السلف ورجعتهم تانى خليهم معاكِ ولو احتاجت حاجة هقولك، قومى شوفى ضيوفك وانا هنام جمب دُنيا شوية لحد معاد الغدا. 

همهمت تتصنع الغيرة وهى تعقد يدها أمام صدرها:
_آه ماهى حبيبتك، نام نام. 

وقبل ان تنهض أمسك بوجهها يلثم شفتيها ببعض القوة الممتزجة بالعمق والرقة وأبتعد عنها يدغدغها على حين غره: 
_اطفى النور وخلى ليلتك تعدى واطلعى لضيوفك. 

لم تنطق وغادرت الغرفة بالفعل تعود للمطبخ لتوقفها سارة الجالسة أمام التلفاز:
_ممم وشك أحمر كده ليه ده حتى الجو هوا يا بطة. 

أمسكت بأحد الوسائد تلقيها بوجهها وسارعت بالدلوف للمطبخ قبل ان تتعالى أصوات ضحكاتهن عليها. 

ولم يمضى الكثير وكان الجميع واقفًا حول طاولة الطعام، منهم الواقف ومنهم الجالس يتشاركون الحديث بأجواء عائلية مُحببه لقلبهم، أفتقدوها سابقًا ووجدوها بحضور بعضهم البعض، وجود أشخاص يحبوك وتتقبل وجودهم بحياتك أمر رائع، عليك تجربته..! ♡

_________________________________________

"هى لو أتجوزت واحد غيرك تخلف، وانتَ لو اتجوزت واحده غيرها تخلف، إنما انتو الإتنين مع بعض مستحيل"

إزداد أنهمار دموعها وكلمات الطبيب لم تفارق عقلها للحظة واحده، لن تصبح أم طوال حياتها.! 

شعر بمدى القهر الدفين التى تتعرض له ويعبر عنه صمتها المريب، أمسك كف يدها يقبلها بلطف ومواساة: 
_جودي حبيبتي، صدقيني الموضوع مش فارق معايا أهم حاجة إن انتِ معايا، ربنا أكيد له حكمة فـ ده، حزنك ده صعب عليا. 

-متتخيلش وجع قلبى وأنا لأول مره ببص لعيالهم بحرمان. 

أنهت حديثها تبعد يدها عنه بصمت ولم تبعد أعينها عن النافذة حتى رأت ما لفت أنظارها، طفل ملقى بجانب الطريق يكاد ينفطر من البكاء، أنتفض جسدها تمسك يده تصرخ به: 
_أقف بسرعة. 

ضغط فوق مكابح السيارة لتقف دفعة واحدة وهو لا يفهم شيئًا مما يحدث وقبل ان يتسأل هبطت سريعًا تركض للخلف تنحنى تحمل الصغير بين يديها وكامل جسدها ينتفض، لحق بها سريعًا ووقف لجوارها يراقب الطفل الذى بين يديها وينظر حولهما بتراقب، الطريق فارغ للغاية عدا بعض السيارات المارة من الحين للأخر، رطب شفتيه يحادثها بحسم:
_سيبيه ويلا، يمكن أهله يرجعو ياخدوه أو حد يوديه القسم. 

أبتلعت لعابها بأرتباك تنظر للطفل الذى بين يديها وأنتبهت لصوت نباح الكلاب الضالة وأجابته بتردد كبير: 
_هياكلوه. 

زفر يمرر يده بين خصلات شعره يجيبها بقلة حيلة: 
_طب تعالى نسلمه فـ القسم. 

تعلقت أنظارها فوق ملامح الطفل، يبدو حديث الولادة ماذا فعل ليكن مصيره ظلمات الليل وأخطار الحياة، عادت معه للسيارة تضمه لصدرها بحماية بالغة وأعينها تزرف الدموع بلا توقف، هناك من يتمنى طفل ولن يحصل عليه مثلها، وهناك من حصل عليه وفضل التخلى عنه، إزداد بكاءه لتنظر نحو زياد تجيبه بصوت متحشرج: 
_ممكن نجبله أكل قبل ما نوديه، عشان خاطري.

نظر نحو الطفل واومأ بالإيجاب، توقف وهبط يختفى قليلًا ثم عاد يمسك بكوب به مياة دافئة وحقيبة صغيرة بها علبة لبن صناعي ورضعة من البلاستيك، قام بإعداد الرضعة وأعطاها لها لتبدأ بإطعامه حتى هدأ تمامًا وغفى بين يديها. 

طال الصمت بينهما حتى قطعته هى: 
_حاسة أنها إشارة من ربنا لينا. 

أدار المحرك يجيبها بثبات واهى: 
_هنسلمه فـ القسم ونروح عشان عندى شغل بدري. 

صمتت للحظات قبل ان تصرخ بوجهة باكية: 
_انتَ ليه مش حاسس بيا والموضوع ولا فارق معاك، بس انتَ عندك حق فعلًا تبقى بالهدوء ده أبسط ما عندك هتتجوز عليا واحده تجبلك بدل العيل عشرة وأنا أفضل كده طول عمري، خليه معايا أبوس إيدك يا زياد خليه وطلقني ومش عاوزه منك اى حاجة. 

أوقف السيارة والتفت نحوها يجيبها بصراخ مماثل: 
_انتِ اللى على طول شيفاني خاين وممكن اتخلى عنك أنا مش كده، أنا كنت بتقطع أكتر منك لما شوفته مرمي كده، بس، مينفعش حتى لو اتبنينا طفل مش هيبقى بأسمنا هيبقى عنده شهادة ميلاد بأسامى أب وأم غيرنا. 

-طب ما ده معانا ومحدش يعرف عنه حاجة، لو ليا غلاوة عندك متاخدهوش منى، ربنا باعتلى هدية يبرد بيها نار قلبي، عشان خاطري. 

أنهت حديثها بقهره وبكاء تحاول التوسل إليه، بينما هو شعر بأنه كالغريق وطال صمته حتى عادت تتسأل:
_هتسبهولي.؟ 
-هسيبهولك. 

تمت بحمد الله 

انتهت احداث الرواية نتمني ان تكون نالت اعجابكم وبانتظار ارائكم في التعليقات وشكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم

للمزيد من الروايات الحصرية زورو قناتنا علي التليجرام من هنا
تعليقات



×