رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل الرابع عشر 14 بقلم دينا جمال


  رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل الرابع عشر

بناء على رغبة القراء هنحط في بداية كل فصل كل عيلة بولادها عشان الناس اللي لسه بتتلغبط 

جاسر ورؤي أبطال الأجزاء اللي فاتت عندهم 6 أولاد رعد وجوري أول تؤام 

يوسف ومريم تاني تؤام 

سليم وياسين آخر تؤام

-----------------

نرمين أخت جاسر اللي جاسر كان بينتقم من صبري وبنته شاهندا عشانها 

نرمين وياسر جوزها عندهم 2 

( جاسر الكبير 29 سنة دكتور نفسي 

اريج في 2 كلية طب )

ياسر كان ليه بنت من مراته اللي ماتت قبل ما يتجوز نرمين اسمها سما جوزها اسمه مصطفى

______________

عاصم أخو رؤي خال العيال اللي كان بيحب تهاني واتجوز حلم في الجزء التاني عنده ولدين 

حسين الكبير مهندس ، مراد الصغير في ثانوية عامة ساقط سنة 

_____________

رؤى كان ليها جيران أخ وأخت ساكنين سوا اللي هما عمرو وايمان 

ايمان اتجوزت علي صاحب جاسر وعندها شريف الكبير ظابط شرطة ، وليان الصغيرة المدلوقة على الجاموسة جواد 

_________

أما عمرو فاتجوز روان بنت صاحب الشركة اللي كان شغال فيها وخلف ولد وبنت 

جواد جاموسة متنقلة مهندس ديكور 

ومرام دلوعة ماما 22 سنة في كلية إعلام ومخطوبة لشريف ابن عمتها 

________

فاضل طرب وملاك ، ومليكة وتوحة وكل الناس دي هنعرف اصلهم وفصلهم فيما بعد 

لما تتلغبط اطلع بص هنا وكمل الفصل عادي 

نبدأ الفصل ❤

______________

أطلال الماضي ، ذكريات الطفولة ، كل لحظة مرت عليها وهي صغيرة من الطفولة للصبا للشباب ، صوت أبيها وأحضان أمها ، خطبتها على زوجها الحبيب ، سعادتها ذكرياتهم معا ، زواجها أيام سعيدة قضتها كحلم قصير فاقت منه على صفعات لا يتحملها أشد الرجال ، ماتت والدتها وبعدها بفترة قليلة زوجها وهي عروس حتى الطفل الذي لم تره عينيها مات قبل أن تفعل ، نبذها الجميع ويريدون منها أن تتحلى بالصبر عن أي صبرٍ يتحدثون لو تعرض أي منهم لِما تعرضت له ، لمَا حافظ على ثبات عقله من الأساس ، تحركت عينيها بغير هدى تبحث عن طيف يؤنسها في منزلها القديم ، تجلس على الاريكة ترفع ساقيها تضمهم لصدرها تشعر بأن كل خلية فيها تتألم ... اجفلت فجاءة على صوت باب يدق قامت من مكانها تتجه صوب الباب نظرت للساعة على الحائط لتراها التاسعة والنصف ابتلعت لعابها تستعد للمواجهة ظنت أنه عاصم وبالطبع سيكن غاضب لما فعلت ولكنها حين فتحت الشرفة الصغيرة في الباب القديم أبصرت السيدة صفاء تقف أمامها تحمل صينية كبيرة عليها كل ما لذ وطاب امتعضت صفاء تغمغم حانقة :

-افتحي يا بت هتسبيني واقفة شايلة الأكل كدا لما ضهري اتقطم 

أسرعت فاطمة تفتح باب المنزل لتدفع صفاء الصينية إليها تغمغم :

شيلي يا بت عني دخليني كدة ، خش يا محمود 

وضعت فاطمة الصينية جانبا رفعت رأسها تنظر لمن دخل توا ، لتقع عينيها على محمود لم يتغير كثيرا عن الشاب صاحب العشرين عاما الذي عرفته قبل أن يسافر ، وربما فعل قسمات وجهه باتت أكثر حدة وألما وكأنه هموم الدنيا فوق كتفيه مثلها ، سرعان ما تغيرت نظراتها المتفحصة إلى أخرى حانقة حين تذكرت ما فعله صباحا ليتنحنح هو محرجا يردف :

- أنا آسف يا فاطمة على اللي عملته في العربية الصبح واوعدك أنها هترجع زي الأول وأحسن ومن غير فلوس خالص يا ستي 

منعت شفتيها من الابتسام بصعوبة ، والدته هي من أرغمته على فعل ذلك ، منذ الصغر والسيدة صفاء كلمتها لا ترد عند جميع أطفال الحي لسبب مجهول ينفذ الجميع ما تقول دون اعتراض ، قال ما قال والتفت وغادر يجذب الباب يغلقه عليهم نظرت صوب صفاء تبتسم لها متوترة لتقترب الأخيرة منها وقفت أمامها تعقد ذراعيها تغمغم بنبرة حادة :

- اوعى تكوني زعلتي من الكلام اللي قولته ليكي ولا انفلقي عادي أنا ما بعرفش اسكت على الغلط ، واللي أنتي بتحاولي تحطي نفسك فيه دا هو الغلط بعينه ، حطي الصينية على الأرض ناكل لقمة وتحكيلي اللي حصل وايه اللي عمل فيكي كدة 

لم تكن لها القدرة على فتح ذلك الجرح الذي لم يندمل أبدا في ذلك الوقت ، تجمعت الدموع في مقلتيها تحرك رأسها للجانين بعنف ، شعرت صفاء بالحزن على حالها لتقترب منها تعانقها تمسكت فاطمة بها بعنف تنهمر دموعها بعنف تتعالى شهقاتها الحزينة تقبض أصابعها على جلباب السيدة وكأنها تحتمي بها مما لاقت !

_____________

العاشرة إلا ربع لا تصدق أنها وصلت أخيرا ،لا تصدق أنها قضت ما يزيد عن اثنتا عشر ساعة في الطريق ، يبدو أن غضب والدها ورفضه لسفرها جعلها تتعسر في طريقها في البداية حادث وتم قفل الطريق لما يزيد عن ساعتين ومن ثم تعطلت سيارتها من الجيد أنها كانت قريبة من ورش السيارات وأخيرا وليس آخرا انفجر الإطار وظلت جوار السيارة لا تعرف كيف تبدل إطار السيارة ، وظلت ما يزيد عن ساعة إلى أن مرت سيارة بها أسرة ساعدها رب الأسرة على تبديل الإطار وها هي أخيرا أمام الفندق الذي من المفترض أن يكن حجز الغرف به ، فتحت باب سيارتها ونزلت متعبة شاحبة حجابها شبه مبعثر ثيابها عليها الكثير من آثار الغبار ، قدميها تؤلمها ، كل ذرة بها تؤلمها ليست فقط قدميها ، بالكاد استطاعت جذب حقيبتها من السيارة توجهت للداخل تحاول ألا تعرج من ألم قدميها ، وصلت لمكتب الاستقبال تنهدت تغمغم متعبة :

- مساء الخير لو سمحت في حجز باسم چوري جاسر مهران تبع شركة عاصم للمقاولات 

نظر الموظف لهيئتها مرتابا لعدة لحظات لتتأفف چوري تغمغم حانقة :

-أنت هتصورني ما تخلص لو سمحت أنا جاية من سفر طويل ادي البطاقة عشان تتأكد 

ووضعت بطاقتها الشخصية أمامه ، اومأ الموظف برأسه سريعا يحمحم مرتبكا :

- أنا آسف يا افندم حجز حضرتك في غرفة 502 ، على فكرة الباشمهندسين اللي مع حضرتك وصلوا من بدري الشركة كانت حاجة 3 غرف جنب بعض 

اومأت برأسها متعبة تود فقط أن تغتسل من أثر الطريق وترتمي إلى الفراش وحين يطلع النهار ستفهم كل شئ 

اخذت مفتاح الغرفة من الموظف اقتربت من المصعد ما أن ضغطت رز استدعائه سمعت من خلفها صوت حسين يغمغم مذهولا :

-چوري أنتِ جيتي هنا إزاي 

التفت خلفها لتجد حسين يرتدي ملابس صيفية يتحرك إليها ينظر لها مدهوشا كادت أن تقول شيئا ليبادر هو يسألها قلقا :

- أنتِ شكلك مرهق أوي كدة ليه وايه التراب دا كله أنتِ كويسة ؟

اومأت برأسها تعطيه ابتسامة شاحبة متعبة :

-ايوة الطريق بس كان طويل وعجيب أوي ، يمكن عشان بابا ما كنش راضي عن السفرية دي 

تفحصها بعينيه قلقا ، قبل أن ينتهد بقوة يهمس مترفقا :

- چوري أنا عارف إن من حقك تشوفي تعبك بيتحقق وتشاركي في تحقيقه ، بس إحنا فعلا بنتعب هنا أوي وأنا مش عايزك تتبهدلي 

حاولت أن تبقي عينيها مفتوحة من شدة التعب تشعر برغبة في النوم واقفة تثائبت تغمغم متعبة :

- أنا مش هتبهدل وأنت موجود يا حسين ، معلش أنا هطلع أنام عشان بجد مش قادرة


جملة واحدة جعلت قلبه يتقافز فرحا ظل قلبه يعيدها مرارا وتكرارا طلبت المصعد للمرة الرابعة تقريبا دخلت إليه ليلحق بها خوفا عليها تبدو حقا متعبة ، نظرت إليه لتبتسم ناعسة :

- مش قولتلك ، اديك ركبت معايا الاسانسير عشان خايف أحسن أتعب 

حاول أن يتبع نصيحة شقيقه مراد التي تؤتي ثمارها لو ترك العنان لنفسه لصرخ منفعلا يخبرها بحبه ، تنهد بعمق يشد على كفه يحاول أن يهدأ يعطيها ابتسامة صغيرة هادئة ، وصل المصعد إلى الطابق المحدد ليسير جوارها إلى أن اقتربا من الغرف التفت إليها يغمغم :

- أما في أوضة 501 جنبك لو عوزتي اي حاجة خبطتي عليا

وصل لغرفتها لتجد العامل ينتظرها هناك بالحقيبة اقترب حسين منه يدس يده في جيب سرواله يعطي له بعض المال ليشكره الرجل ويغادر ، اقتربت چوري تفتح باب غرفتها بالمفتاح ليحمل حسين الحقيبة يضعها جوار الباب من الداخل ، حمحم يغمغم متوترا :

- ابقي اقفلي على نفسك من جوا كويس بالترباس ما تعتمديش على المفتاح بس ، استريحي تحبي اطلبلك عشا 

استندت برأسها إلى حافة الباب من التعب بالكاد ابتسمت تهمس له :

- لاء يا حسين أنا كلت في الطريق وحاضر هقفل الباب من جوا ، تصبح على خير

ابتسم يطلب منها أن تغلق الباب استأذنت منه وفعلت ظل واقفا إلى أن سمع صوت المزلاق يغلق من الداخل ليطمأن قليلا يتوجه إلى غرفته ، على شفتيه ابتسامة كبيرة يفكر هائما ربما لذلك لم يلاحظ زين الذي كان يقف بعيدا يراقب المشهد منذ البداية !!

_____________

الألم شعور سئ يتهرب الجميع منه ، الألم من شظية صغيرة تخترق الجسد ، فما بالك من شظايا تمطر كالسيل تخترق الروح ، وقفت أمامه متجمدة كل ذرة بها ترتجف ألما مع تلك النظرات المشمئزة التي يرميها بها ، وكل ذرة به تحتضر وهو يراها أمامها بذلك الشكل ، مهاب انسحب من الغرفة تاركا إياهم بالداخل خرج يخرج الباب خلفه يخرج هاتفه يطلب رقم عدي  ليهمس له سريعا ما أن إجاب :

-الحق يا عُدي بيه ، رعد ابن جاسر مهران وعرف أن طرب رقاصة أنا قولت أبلغ جنابك...


أما داخل الغرفة فلم يكن هناك شعور يطغى على الألم ، ابتسم رعد في سخرية سرعان ما تحولت ابتسامته لضحكات عالية مريرة ساخرة :

- ياربي يا طرب حتى أنتِ ، دا أنتِ الذنب الوحيد اللي في حياتي ذنب كل ما أحاول ابطله ألاقي نفسي مدمن عليه أكتر ، دا أنا ما صدقت الاقي ليا ملجأ ، عشت سنين عمري في بيتنا بين أهلى وحاسس أن غريب ومع بنت غريبة شوفتها بترمي نفسها في الماية حسيت أنها وطن يا طرب 

صمت حين زاد الألم في قلبه عن حد الاحتمال اختفت ابتسامته يقبض كفيه ليلجم زمام أمره 

بصعوبة ، أحمرت حدقتيه تحتقن بالدموع ليغمغم ملتاعا :

- ليه تضحكي عليا ليه ، أنا اذيتك في ايه ، أنا طلعت أكبر مغفل ، أنتِ مش بتحتقري نفسك ، كدابة وملوعة ولا أنا هستنى ايه من رقاصة صحيح تطلع معلمة أجيال ، ما هي لازم تبقى شبه البيئة اللي هي مزوعة فيها ، هي دي بيئتك ، أنا بس مش قادر وش البراءة اللي كنتي بتعمليه ، أنتِ عارفة أنا المفروض اعمل ايه دلوقتي أروح أعتذر للولدين بتوع الملاهي ، اصلهم طلعوا على حق وأنا اللي طلعت مغفل أنتي النمرة بتاعتك فعلا بترقص الشارع كله ، يا راقصة مصر الأولى مش دا لقبك بردوا، أنا حقيقي بندم على كل لحظة ضيعتها على واحدة زيك ، آه صحيح كنت هنسى 

مد يده في جيب سرواله يخرج حزمة من النقود ألقاها في وجهها يغمغم ساخرا :

- أصلهم قالولي أن اللي بيدخل أوضتك هما كبار الزوار بس وبيدفعوا مبالغ ضخمة ، دول كفاية ولا اكتبلك شيك على بياض ، بس معلش أنا ماليش في أكل الشارع أنتي عارفة 


- كفااااية بقى حرام عليك 

صرخت بحرقة قلبها المحترق تحت وقع إهانته اللاذعة جرت الدموع تشق وجهها لتكمل صارخة :

- كفاية بقى كفاية ، أنت فاكر إن أنا هنا بمزاجي ، فاكر أن أنا معرية نفسي بإرادتي ، أنا بعمل كل دا غصب عني أنا ما عنديش حتى اختيار إني أرفض 

ابتسم ساخرا يدس يديه في جيبي سرواله يتهكم منها :

- يا طرب أنا قولتلك قبل كدة أنا ما بتفرجش على أفلام عربي فبطلي تعيشي في دور البطلة المقهورة اللي ما لقتش شغلانة وبتصرف على أمها واخوتها فقررت ترقص بس بشرفها ، سيناريو مبتذل زي بدلة الرقص اللي أنتي لابساها كدة 

لن يصدقها ولن تلومه ، بل قررت أن تخبره بكل شئ ، صرخت بحرقة تقاطعه :

- والله غصب عني وجودي هنا غصب عني لبسي القرف دا غصب عني ، اقسملك اللي أنا فيه دا غصب عني ، أنا أبدا ما كنتش عاوزة اخدعك أنا بس ما كنتش عاوزة اشوف نظرة القرف اللي أنا شيفاها دلوقتي ، أرجوك اسمعني لآخر مرة ، ولو ما صدقتنيش اعمل اللي أنت عاوزه إن شاء الله حتى تحبسني ، أرجوك يا رعد آخر مرة عمرك ما كنت قاسي يا رعد 

شعر بجسده ينتفض من الغضب والألم لا يريد سماعها ولا يرغب سوى في سماع صوتها ، يتمنى من كل قلبه ، يتمنى ماذا ؟ هو حتى لا يعرف ماذا يتمنى ، التقطت رئتيه تيار هواء قوي عله يخمد به تلك النيران المندلعة داخله أشاح بوجهه بعيدا عنها يغمغم :

- غيري القرف اللي عليكي دا أنا مستنيكي برة

خرج من الغرفة يجذب الباب عليها وقف ينظر أرضا يحاول أن يهدأ ولكن ما أن يمر أمامه مشاهدها وهي ترقص تشتعل نيرانه من جديد ، ظل واقفا بالخارج لمدة عشر دقائق تقريبا إلى أن خرجت طرب الفتاة التي يعرفها ، ابتسم ساخرا بارعة تلك الطرب في تغير حالها من حال لحال في عشر دقائق فقط ، اشار لها لتتقدمه إلى الخارج يشعر بها ترتجف وهي تتحرك جواره أوقف سيارة أجرة يطلب من السائق الخروج من ذلك المكان سريعا ، أقرب ما طرق لعقله كورنيش النيل ، بعد مدة بسيطة توقفت سيارة الأجرة هناك نزل منها يحاسب السائق لتحلق به في بقعة فارغة وقفت أمامه ظلت صامتة بضع لحظات ليتهكم منها :

- أنا مش جايبك هنا تتفرجي عليا ولا لسه بتحاولي تألفي كدبة 

بكت تحرك رأسها للجانبين رفعت وجهها إليه تشد بأصابعها على حقيبتها يخرج صوتها بشق الأنفس يرتجف :

- الست اللي أنت شوفتها عندي في البيت وقالتلك أنها خالتي تبقى مرات بابا الله يرحمه ، بسببها أنا في عذاب وذل ... بابا مات بعد ما اتجوزها على طول وفلوسه كلها هي نهبتها ، كتفتني وخلتني مضيت بالعافية على شيك بمليون جنية عشان تلوي دراعي ، في الحقيقة هي لاوية إيديا الإتنين منهم بالشيك والايد التانية بملاك اختي الصغيرة كل اللي بقيالي في الدنيا ، ملاك قعيدة كرسي متحرك بسبب حادثة حصلتلها ، وهي دايما بتهددني بيها ، إنها هتقتلها وشوية هترميها في الشارع وأنا مش موجودة ومرة تقولي هتخلي حد يغتصبها وهي لسه عيلة صغيرة في 3 ثانوي والله يا رعد أنا مستعدة أموت ولا إن ملاك تتأذي ... أنت لما روحتلها هناك قالت أنك أكيد غني ومعاك فلوس وعملت عليك الفيلم دا عشان أصعب عليك ، أنت مش أول واحد تقوله كدة ، بس أنا دايما كنت بطفشهم من أول يوم ،بس أنت في حاجة منعتني إني أبعد عنك أنا ما استغلتكش يا رعد وعمري ما فكرت اخد منك فلوس ، اقسملك أن دي الحقيقة عاوز تصدقني أو لاء ، أنا قولت كل اللي عندي 

وانهمرت دموعها تبكي ووقف هو يتأرجح بعنف على شعوره بالغضب والشفقة والألم 

لا يعرف أيصدقها أم ، أتلك قصة أخرى من تأليفها أم هي ضحية 

وقف يلتقط أنفاسه يحاول أن يهدأ ، في اللحظة التالية اوقف سيارة أجرة يخبره بعنوانها ، فتح الباب الخلفي يشير لها لم تعترض كل ما ترغب فيه أن تنتهي تلك الليلة فقط ، جلس جوار السائق يخبره بالعنوان ، عينيه تراقبها من خلال المرآة ، الطريق طال إلى أن وصلوا أخيرا أعطى للسائق نقوده يشير لها لتتحرك أمامه ، وصلا إلى الطابق ليسمع صوت السيدة يأتي من الداخل :

- ايوة جاية اكيد الزفتة اللي اسمها طرب انتي لحقتي خلصتي نمرتك يا أختي 

فتحت الباب لتجد رعد يقف أمامها ليصفر وجهها وتضطرب حدقتيها ترسم ابتسامة ودودة على شفتيها تغمغم سريعا :

- رعد إزيك يا إبني ، عاش من شافك 

هنا ضحكت طرب ساخرة توجه حديثها لها :

- ما بلاش وش الطيبة دا يا مرات أبويا أنا قولت لرعد على كل حاجة 

توسعت حدقتي السيدة في صدمة لتتغير ملامحها إلى أخرى شرسة في لحظة تحادث طرب متهكمة :

- أصلك فقرية طول عمرك ، كاتك القرف أنتي واختك اللي متلقحة جوة زي القتيلة دي 

توسعت حدقتي رعد استنكارا أتلك هي السيدة التي كانت ترحب به قبل لحظات ، تحرك للداخل يدفعها من طريقه ليسمع تصرخ فيه من خلفه :

- أنت رايح فين يا جدع أنت ، أنتي جيبالي فتوة يا ست طرب ، أطلع برة بدل ما ألم عليك الجيران 

تحرك للداخل يبحث بين الغرف إلى أن وجد فتاة صغيرة في عمر مريم شقيقته مسطحة على فراش جوارها زجاجات دواء ومقعد قديم متحرك ، تحركت قدميه صوب الفتاة ينظر لها مشفقا ، التفت خلفه حين أستمع صوت تلك السيدة تصرخ فيه:

-اطلع برة بدل ما ألم عليك الجيران أنت والمحروسة ، روحوا شوفلكوا اي خرابة هي كمان جيباك البيت ، من امتى يعني دا أنا قطعت جسمها من الضرب قبل كدة ألف مرة عشان توافق تبات ليلة واحدة وهي تقول كرامتي وشرفي 

انكمش وجه رعد تقززا من تلك السيدة المجنونة التي تقف أمامه ليصرخ فيها محتدا :

- أنا لحد دلوقتي بتعامل أنك واحدة ست، أنتي صحيح حية مش واحدة ست ، وأنا لو عوزت ادفنك مكانك هنا هعمل كدة واللي زيك مالوش دية ، بس أنا مش هوسخ أيدي بدمك أنتي 

اخرج دفتر الشيكات من جيب سترته يخط مبلغ المليون جنية على سطحه ، أمسك الشيك بين أصابعه يريه لها يتمتم:

-ادي المليون جنية هاتي الشيك اللي ممضية طرب عليه 

ضحكت عاليا تردف ساخرة:

- وأنا بقى أصدق أن حتة عيلة زيك معاه مليون جنية أنا قولت كببرها هتقلبك في 100 ألف بس طلعت فقرية زي عادتها 


ابتسم رعد ساخرا اقترب خطواته منها لتحتد نظراته بشكل كبير غير معتاد أخفض صوته حتى بات هسيسا مرعبا يحادثها :

- أنا رعد جاسر مهران ، أنا لو عايز اخد منك الشيك بالعافية واخفيكِ من من على وش الأرض هعمل كدة في رمشة عين 


مزق الشيك بين يديه ليخرج ورقة جديدة يخط عليها المبلغ مضاعف رفعه أمامها يغمغم :

- مليون الشيك بتاع طرب والمليون التانية مهرها ، يا اما تاخدي الشيك وتجيبي الشيك يا صدقيني هخسف بيكي الأرض

ابتلعت لعابها مذعورة بتردد ملحوظ أخرجت الشيك من بين طيات ثيابها تغمغم:

-سلم واستلم أنا اضمن حقي منين 

ضحك ساخرا يعطيها الشيك ينتزع الآخر مزقه إلى إشلاء أمام أعين طرب التي تمنت في تلك اللحظة إن كانت أخبرته بالحقيقة ولكنها لا تزال مرغمة ، أقترب من زوجة ابيها الزائفة خطوة يشهر سبابته أمامها يهمس يتوعدها :

-لسه حسابك معايا غالي 

نظر صوب طرب التي تقف بعيدا جسدها يرتجف تبكي قدميها بالكاد تحملها ، اقترب من فراش ملاك يحملها بين ذراعيه نظر صوب طرب يغمغم:

-يلا 

اومأت له سريعا ليتحرك للخارج وهي أمامه وخلفه صوت زوجة أبيها وهي تسبها 

نزل بملاك لأسفل يقف بها في منتصف الشارع التفتت طرب إليه تسأله شاردة:

- أنا هعمل ايه دلوقتي هروح فين 


- هتعملي إيه هتبقي مراتي ، وطبعا هتيجي معايا بيت العيلة!!

احتاجت عدة لحظات لتستوعب ما يقول رعد يريدها زوجة بالطبع يشفق عليها مما قالت وحدث أمامه، رعد المسكين أنها الآن لا تزال تخدعه ، نصف كلامها حقيقي والنصف الآخر اخفته ، تلك السيدة التي تمكث بالأعلى وظهرت مرة بدور خالتها ومرة أخرى بدور زوجة أبيها الشريرة هي حتى لا تعرفها من الأساس ، حتى الشيك الذي معها مزيف مزور ، الشيك الاصلي باضعاف ذلك المبلغ ، نظرت إليه تحرك رأسها للجانبين بعنف تغمغم تترجاه :

- لا يا رعد أرجوك ، أنت كدة بتبقى بتدمر حياتك ، خليك واقف جنبي بس من غير ما تيجي على حساب حياتك


حياته ، اكتشف في اللحظة التي ظن فيها أنها تخدعه أنها باتت تملك جزء كبير من حياته الألم الذي شعر وقتها لا علاج له سواها ، التفت لها بجسده وهو يحمل شقيقتها الفاقدة للوعي بين ذراعيه تحركت عينيه على قسمات وجهها يردف شاردا :

- أنا مش بشفق عليكي يا طرب ، أنا بشفق على نفسي ، وبردوا مش بجبرك لو رفضاني تمام تعالي بس نوقف تاكسي عشان أختك

تحرك يوقف سيارة أجرة وضع ملاك على الأريكة الخلفية وجوارها جلست طرب ورعد جوار السائق ، التفت السائق برأسه لرعد يسأله :

- على فين العزم يا باشمهندس 

نظر لطرب عدة لحظات قبل أن يوجه حديثه للسائق :

- اطلع على أقرب مأذون شرعي 

تحرك السائق الثانية عشر ليلا يبحث عن مكتب مأذون شرعي قريب أما هي فكانت في وضع يرثى له ، لها الحق في الرفض لن يجبرها ، هو من يجبرها ؟! ضحكت في نفسها ساخرة تتألم لو فقط يعلم أنه لا يزال الضحية هنا ، احتضنت شقيقتها بقوة حين توقف السائق أخيرا أمام مكتب مأذون شرعي نظر لها تنهد بعمق يهمس لها :

- لو مش موافقة عادي يا طرب ، أنا مش بجبرك على حاجة ونكمل الطريق عادي 

كورت كفها تشد عليه متوترة خائفة كل ذرة بها ترتجف ، مسحت على رأس شقيقتها بخفة قبل أن تنظر إليه تهمس مترددة خجلة :

- أنا موافقة!

ابتسم يشعر قلبه بالسعادة في نهاية يوم طويل مر عليهم جميعا وكأنه مئة وعام ، مد يده ليفتح باب السيارة ليأتيه صوت السائق من خلفه يغمغم :

- لو عايز البنوتة الصغيرة هنا أنا ما عنديش مانع لحد ما ترجعوا ما فيش مشكلة ، ولو عايزني شاهد بردوا يا هندسة أنا راجل يعرف ربنا وبصلي الفرض بفرضه 

نظر له رعد وابتسم يومأ برأسه مرحبا ، نزلوا جميعا عدا ملاك وأغلق السائق السيارة جيدا إلى حين عودتهم ... تحرك السائق جوار رعد وهي تخلفت عنهم تتحرك متوترة خائفة مرتبكة ، فجاءة توقف رعد التفت ينظر لها قبل 

إن يقترب منها يسألها بصوت خفيض :

- ما فيش أي حد من أهلك يقدر يجي يبقى وكيل ليكِ 

شعرت بالألم ، بالألم الشديد والدها مات وعمها بالطبع لن تخبره بأنها ستتزوج رعد سيدمر حياتها كما يفعل منذ أعوام ، شعور كونك وحيدا في تلك اللحظة كان أكثر من مؤلم أخفضت رأسها تحرك رأسها للجانبين ، ليتنهد بعمق مشفقا على نظراتها الحزينة :

- طب تعالي وهنسأل المأذون وهنشوفلها حل 

اومأت برأسها تتحرك خلفه إلى أن وصلا إلى مكتب مأذون شرعي من الجيد أنه لم يرحل بعد ، كاد رعد أن يدلف لمكتب المأذون حين لقت نظره باب الشقة المقابلة لها تحديدا اللافتة الصغيرة التي تعرف عن صاحب الشقة ، تحركت قدميه إلى باب تلك الشركة ليرفع يده يدق الباب بهدوء تحت دهشة طرب مما يفعل ، انتظر لبضع لحظات إلى أن انفتح الباب وخرج منه رجل في منتصف عقده الخمسين تقريبا بشوش هادئ رزين الملامح ، ينظر له مستفهما ليحمحم رعد يخرج بطاقته من جيبه أعطاها للرجل قبل 

ان يتنهد بعمق يغمغم :

- أنا آسف جداا لإزعاج حضرتك بليل ، بس أنا محتاح مساعدة منك ، حضرتك قاضي زي ما مكتوب على الباب وكنت يطلب من حضرتك لو مش هترفض تبقى وكيل مراتي أو البنت اللي هتبقى مراتي ، أنا عارف أنه طلب غريب ومن حقك ترفض طبعا 

نظر الرجل للبطاقة في يده ومن ثم لوجه الفتى ، أعاد النظر للبطاقة يقرأ اسم الفتى من جديد قبل أن يعقد جبينه يغمغم مستفهما :

- أنت ابن راجل الأعمال جاسر مهران ؟! 

اومأ رعد برأسه موافقا يغمغم:

- هو حضرتك تعرف والدي ؟

حرك الرجل رأسه للجانبيبن يغمغم:

- ما فيش بينا معرفة شخصية أنا سمعت عنه ، سمع خير كتير ... أنا عايز افهم السبب اللي جايبك تتجوز الساعة 12 بليل وفين اهلك وابوك أو حتى أهل البنت ولا أنت هتتجوزها غصب عنها ولا اعتديت عليها وعايز تتجوزها ولا ايه أنا مش فاهم 

حرك رعد رأسه للجانبين ينفي ما يقول الرجل ليغمغم سريعا :

- حضرتك أنا والدي مربيني كويس ومستحيل اي حاجة من دي ، ولو فعلا كنت عملت كدة ما كنتش خبطت على بابك وطلبت منك المساعدة 

ظل الرجل صامتا ينظر له عدة لحظات قبل أن يتنهد يومأ برأسه :

- ماشي ، أما نشوف أخرتها ، بس خد بالك لو كنت عامل اي مصيبة أبوك مش هينفعك وأنا بنفسي هخليهم يتحروا عنك بكرة 

لم يتأثر رعد بما يقول فهو لم يفعل ما يخافه من الأساس حرك رأسه يوافق ما يقول الرجل بهدوء تام ، ليتنهد الأخير غاب لبضع دقائق يبدل ثيابه ويحضر بطاقته الشخصية ، دخل لمكتب المأذون بصحبة رعد وقبل أن يفعل نظر لطرب يسألها :

- أنتِ موافقة على الجواز منه بكامل إرادتك يا بنتي، ما تخافيش من أي حد وقولي الحقيقة 

حركت رأسها بالإيجاب تهمس بنبرة حاولت جعلها هادئة :

- ايوة يا افندم ما حدش اجبرني والله 

تنهد الرجل يبتسم لها ليتحركوا إلى داخل مكتب المأذون بعد أن فوضت طرب القاضي ليكن وكيلا لها وضع رعد يده في يد القاضي الذي عرف أن اسمه نبيل والمأذون بينهما يعقد القران ، كل حرف كان ينطق بها كان يرجفه ، يعرف أن ما يفعله الآن سيفتح عليه أبواب الجحيم تستعر في وجهه من والده ووالدته وجميع العائلة من ناحية ونفسه من ناحية أخرى ، لا يزال جزء ليس بهين داخله غاضب منها نافر من مشهدها وهي بتلك الحلة الخليعة حتى وإن كانت مجبرة ، فكرة أنها قضت أعوام ترقص أمام الرجال يشعل داخله النيران بعنف ، أجفل من شروده على جملة المأذون المعتادة ( بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير ) 

مر ما حدث بينهما وكأنه حلم كلاهما لا يصدق أنهما يوقعان على عقد زواجهما ، رفعت وجهها إليه ما أن وضعت بصمتها على قعد الزواج وخطت اسمها لتراه يبتسم لها ، رغم ابتسامته عينيه شاردة تشعر به يغضب فجاءة لتعود ملامحه للشرود من جديد ، هل هو غاضب ؟ على أغلب تقدير هو نادم على ارتباط اسمه وحياته بفتاة مثلها ، ارتبكت حين نظر لعينيها فجاءة لتبلع لعابها تبتعد بعينيها عنه ، رأته وهو يشكر ذلك القاضي والأخير يبارك له ، ومن ثم تحرك إلى المأذون ليعيطه ما يسبه عقد زواجهم إلى أن ينتهي توثيق عقد الزواج وفي النهاية تحرك إليها ، اقترب منها يمد يده ولأول مرة يمسك بيدها ، حين حاولت هي أن تفعل ذاك من قبل ابتعد عنها رافضا والآن هو من بادر ليمسك يدها ،ارتجف جسدها يهتز بشعور غريب ربما هو الأمان لا تعرف منذ سنوات لم تذق للأمان طعما حتى نسيت كيف يكون ذلك الشعور خرجوا من مكتب المأذون بصحبة السائق حيث لا تزال ملاك نائمة في سباتها الإجباري على أريكة سيارة الأجرة ، جلست طرب جوارها وانطلقت سيارة الأجرة بمشاعر متضاربة خائفة مرتبكة وفقط شعاع نور ضئيل للغاية من السعادة 

____________

منذ ساعة وهو يحاول أن يعي تقريبا أنه نام النهار بطوله كيف فعل ذلك ، حتى هاتفه لم يستيقظ على صوته ، أكان متعبا لدرجة جعلت جسده يرفض إطاعة عقله ، منذ متى دوما كان عقله صاحب القرار الأول في كل شئ وعلي كل عضو حتى على العقل نفسه وعلى تلك المشاعر السخيفة التي يحاول صنعها ... أمسك هاتفه ينظر إليه ليجد العديد من المكالمات من والدته وأريج ومساعدته في الحياة وعدة رسائل من المرضى وبين كل ذلك الزحام لم يجد ولو مكالمة واحدة من أبيه ، ابتسم ساخرا يلقي الهاتف جواره اليوم تخلف عن مواعيد جميع الجلسات دون حتى أن يبدي أسبابا وهو لم يعتاد على ذلك ، تأفف حانقا من نفسه ، اليوم كان سياخد خطوة أخرى في رحلة رقية وها هي الخطوة تأخرت لأنه نام ، واليوم أيضا كان لديه جلسة مع سامر الفتى لا يزال يتأرجح على حبال عقله بين رفض الحياة وقبولها ، طرد أبيه له من المستشفى لن يمنعه من أن يكمل حالة سامر على أي حال ، والآن مصيبته الأخيرة مليكة وصديقتها التي حتى لا يذكر اسمها يمكثان في الشقة المقابلة له ، يالحسن حظه وسوءه معا ، ارتمى بجسده على أقرب مقعد يرسل رسالة صوتية لمساعدته 

( مساء الخير يا شروق معلش بلغي كل الحالات ، اللي كان معادهم النهاردة أن الميعاد هيتأجل ليوم الخميس وأن تمن الجلسة هيبقى فيه تخفيض 25 في المية بسبب التأجيل )

وضع الهاتف جواره لينحني بجسده يمسح وجهه بكفيه قبل أن يستند بمرفقيه إلى فخذيه يفكر في علاقة أريچ ومصطفى ، ما قالته له أريچ صباحا يثبت أن مصطفى شخص جيد لم يرد استغلال مشاعر شقيقته المذبذبة ولكن لما يشعر أن ما يقال كذب ، عقله يرفض التصديق 

سمع صوت دقات على باب المنزل ليتحرك إلى هناك ، فتح الباب ينظر ناعسا للطارق ليبصر مليكة تقف أمامه ابتسمت مرتبكة ما أن رأته ابتعدت للخلف تغمغم مرتعشة خائفة :

- أنا آسفة جداا إني صحيت حضرتك من النوم بس المهدئ اللي حضرتك كنت كاتبه لزينب مش عامل نتيجة وهي فجاءة دلوقتي حالتها بقت وحشة جداا مش عارفة مالها أرجوك ساعدني 

حرك رأسه بالإيجاب يحادثه بهدوء استفزها :

- هغسل وشي واجيب شنطتي ثواني

تحرك للداخل ليغيب دقيقة قبل أن يعود إليها يحمل حقيبة سوداء تحرك خلفها إلى باب المنزل الذي تركته مفتوحا على مصرعيه ما أن دخل ،تحركت تسير أمامه ترشده إلى غرفة صديقتها إلى أن وصلت إليها فتحت له الباب ليرى الفتاة تجلس على فراشها تحتضن نفسها تبكي تتحرك للأمام وللخلف بلا توقف ... اقترب منها بهدوء وقف على بعد عدة خطوات يعطيها المساحة الآمنة قبل أن يحادثه بنبرة هادئة للغاية :

-زينب ارفعي راسك وبصيلي ، كان كابوس يا زينب 

ازداد بكائها لترفع يديها تخفي وجهها بينهما تصرخ بحرقة :

- كان كابوس بشع ، شوفت أحمد وشوفت الحيوان أخوه وهو بيقوله على اللي عمله فيا ، أحمد بدل ما يقتله جه ناحيتي وبدأ يخنق فيا أنا وبيقولي أنه بيكرهني وأني عار ولازم أموت ، أنا ماليش ذنب والله ماليش ذنب 

وانفجرت تبكي وهو تركها تفعل ، البكاء مفيد لتفريغ شحنة الألم كاملة ظل واقفا أمامه دون ملل ربما لأنه اعتاد على ذلك ، هدأت قليلا فقط ليقترب منها جاذبا مقعد جلست بالقرب منها يضع حقيبته على قدميه يبحث فيها عن مهدئ إلى أن وجد ، أخرج شريط الاقراص يعطيه لها يغمغم :

- خدي قرص دلوقتي

اقترب مليكة منها تعطيها قرص الدواء تساعدها على شرب المياه ، ليقم من مكانه يحادثها مبتسما :

- هستناكِ يوم الخميس يا آنسة زينب

وقبل أن يخرج من الغرفة التفت لمليكة يغمغم:

- آنسة مليكة معلش محتاجك دقيقة برة 

اومأت موافقة تتحرك خلفه للخارج تجذب الباب وقفت أمامه وقبل أن تسأله عما يريد بادر يقول:

- أنا عارف أنه يبان طلب غريب بس أنا محتاج رقم أحمد خطيب زينب ومن غير ما تعرفيها ، وصدقيني أنا مش هقوله أي حاجة تبوظ علاقتهم 

ارتبكت مليكة قليلا قبل أن تحرك رأسها بالموافقة ، تشكره على مساعدته في تلك اللحظة تذكر العلامات على ذراعها ليباغت يغمغم :

- الإنسان ما بيأذيش نفسه إلا لما بيتعرض لضغط وألم فوق قدرة احتماله فبيشوف أن الطريقة الوحيدة لمعايشة الألم النفسي هو أنه يصنع لنفسه ألم جسدي ، فيمسك موس ولا سكينة ويبدأ يعور نفسه ، ولو أن الموضوع دا طلع موضة فترة وبقت البنات أصحاب الهرمونات العالية بيعملوا كدة للفت الانتباه ، بس أنا واثق أنك مش منهم ، مليكة أنا لسه مستعد اسمعك حتى من غير جلسة رسمية بين مريضة ودكتور ، عن إذنك

وتركها وغادر لتنهمر الدموع من عينيها لن تستطيع فتح تلك الصفحة من دفترها من جديد لن تستطيع أبدا 

_________________

وقفت السيارة بعد رحلة طويلة تمنى كلاهما فيها إلا تنتهى ، إلا أنها انتهت واخيرا توقفت السيارة أمام منزل جاسر مهران ، تنفس رعد بعمق يحاول أن يهدأ ، اعطى السائق نقوده يشكره ، ليتحرك إلى الأريكة الخلفية يحمل ملاك بين ذراعيه يطلب من طرب إن تنزل لتلحق به ، والوضع للحرس كان غريبا دخل رعد لتلحق طرب به تشعر بالخوف لتمسك بذراعه تنظر حولها هنا وهناك مرا خلال الحديقة إلى أن وصلا إلى باب المنزل فدق رعد الباب ، سمعت صوت والدته من خلف الباب تصرخ متلهفة:

- دا أكيد رعد 

وصوت خطواتها تسرع وها هو الباب يُفتح ، تجمدت والدته مكانها حين رأته يحمل فتاة فاقدة للوعي وأخرى جواره تقبض على ذراعه وتلك الأخرى لمحت صورتها صباحا أليست تلك هي الراقصة ؟! نقلت انظارها بينهم لتسأله :

- مين دول يا رعد 

لم يرد فقط طلب من والدته أن تدخلهم فأفسحت الطريق ودخلوا في منتصف صالة المنزل كان الجميع مجتمع عدا شقيقته چوري هبوا جميعا واقفين ينظرون إليه ما إن دخل 

أما جاسر فأحمر وجهه من الغضب ما إن رأى تلك الراقصة في منزله تقبض على ذراع ولده ليصرخ فيه غاضبا :

-ايه اللي جاب البت دي هنا يا رعد باشا ومين اللي أنت شايلها 

انتفضت طرب مذعورة تتشبثت بذراع رعد ، لينظر إليها يحاول أن يطمأنها قبل أن ينظر لأبيه يغمغم مبتسما:

-دي مراتي يا جاسر باشا ،  طرب هانم مهران بما أنها مراتي فخدت اسم العيلة ودي أختها الصغيرة ملاك بس هي تعبانة ومغمي عليها 

شهقت رؤى مذهولة مما سمعت في حين توسعت أعين الجميع ما بين الذهول والاستنكار والصدمة تحرك جاسر غاضبا يقبض على ذراع رعد يصرخ فيه عاليا بصوت  زلزل جدران القصر :

 -لا دا أنت اتجننت رسمي ، جايبلي رقاصة البيت وتقولي مراتك ، اتجوزت رقاصة يا بيه ، بقى دي أخرة تربيتي أنا وأمك تتجوز رقاصة بتعري جسمها كل ليلة لألف راجل غيرك يا راجل 

انهمرت الدموع من عيني طرب تشعر بالإهانة من كلمات جاسر المهينة القاسية وشعر رعد بالغضب لأن والده يهين زوجته ، تحرك يضع ملاك على أريكة جانبية ليعود يقف أمام أبيه يصرخ غاضبا :

- أنا ما اسمحلكش تتكلم عنها بالطريقة دي ، طرب بقت مراتي يعني لازم الكل يحترمها


ضحك جاسر ساخرا قبل أن تتوقف ضحكاته فجاءة احتدت قسماته يصرخ فيه فجاءة:

- مرات مين ، إنت فاكر أن أنا هسمحلك فعلا تربط اسمك واسمي بالبتاعة دي  أنت عايز تفضحنا ، ارمي عليها اليمين يلا 

انهمرت الدموع من عيني طرب بعنف أرادت أن تصرخ فيه بأنه يظلمها وهي لم تكن يوما ضعيفة ولكنها صمتت وصوت داخلها يخبرها بأنه محق ، من الأحمق الذي سيسمح لولده بأن يتزوج من راقصة ، شعرت بيد رعد تلتف حول كتفيها ، لتغرق رأسها في كتفه لا ترغب في رؤية أو سماع ما يحدث ومن ثم صوت رعد الغاضب يصرخ في أبيه :

- أنا مش عبد عندك عشان تؤمرني وأنا انفذ ، دي مراتي وأنا مش هطلقها ، أنا كدة كدة كنت هاخدها ونروح نقعد في مكان تاني ، أنا بس قولت ابلغك يعني يبقى ابنك الكبير اتجوز وأنت ما تعرفش 

شعر جاسر في تلك اللحظة برغبة ملحة في صفع ذلك الأحمق على وجهه ولكنه أن فعل سيزداد الأمر سوءً فلم يفعل ، بالكاد أمسك زمام أعصابه والسبب الأهم أنه لن يترك ابنه مع تلك الحية كما يرى في منزل واحد ليعاود التحدث غاضبا:

- أنت رايح فين ما فيش خروج من البيت دا ، على جثتي يا رعد إن خرجت ... مش أنت عملت اللي في دماغك وحبيت وروحت اتجوزت راقصة اشرب بفى النسب اللي يشرف ، أنا مش فاهم أنت قابلها إزاي اصلا على رجولتك ، أنا كنت خايف لتقتلها الاقيك اتجوزتها ، ضحكت عليك بايه الحية دي وفهمتك ايه يا رعد 

وقبل أن يصرخ في أبيه غاضبا مما يقول انتفضت طرب من بين أحضانه تنظر صوب أبيه تصرخ فيه بحرقة :

- حرام عليك بقى ، اهنتني بما فيه الكفاية ، ما فيش أب يتمنى أن ابنه يتجوز رقاصة أنا عارفة وأنا عمري ما اخترت إني ابقى رقاصة ، أنا بقيت كدة غصب عني أنا كنت هانم أميرة عايشة في قصر زي دا ، بس الزمن ما رحمنيش

والناس ما فيش حد عنده رحمة 

لم يبدو أن جاسر تأثر كثيرا مما قالت ليقترب منها يغمغم متهكما :

- إلا ابني طبعا هو الوحيد اللي لقيتي عنده رحمة في محفظته ، أداء هابط للممثلة درجة تالتة عايشة دور الضحية ، ما تيجي نتكلم على بلاطة عايزة كام وتبعدي عن ابني ، مليون خمسة عشرة قولي وأنا مستعد أدفع وتخرجي برة حياة ابني 

توسعت حدقتيها ألما تنفجر منها الدموع قهرا ليتقدمها رعد وقف أمام أبيه عينيه حمراء من الغضب يصرخ فيه :

-لولا أنك أبويا بس أنا كنت ندمتك على الكلام اللي قولته ليها دا ، يلا يا طرب هنمشي 


أمسكت طرب بذراع رعد ترتعش بعنف تتوسله باكية:

- طلقني يا رعد أبوس أيدك ، أنا مش عايزة منه فلوس ومش عايز ابوظ حياتك ، أرجوك طلقني 

غضب مما قالت ليحرك رأسه للجانبين بعنف يغمغم محتدا :

- أنا مش عايز صغير ، ومش هسيبك في نص الطريق عشان أي حد ، أنتي أهم عندي من ناس كتير أوي ، ناس من لحمي ودمي ، يلا قولتلك 

وأمسك بذراعها وقبل أن يتحركا للخارج تحركت رؤى إليهم تعانق والدها تتوسله باكية :

- لا يا رعد عشان خاطري يا إبني عشان خاطري ما تسيبش البيت ، عايز تقهر قلبي يا رعد ، أفضل في بيتك وما حدش هيزعلها ... لو سيبت البيت هموت وأنا غضبانة عليك

تنهد بعنف ، ها هو بين شقي الرحى ..أبعد والدته عنه يقبل كفيها وراسها يهمس مترفقا :

- هجيلك كل يوم والله يا حبيبتي ، مش هيعدي يوم غير لما تشوفيني .. بس ما ينفتش تفضل هنا بعد كل اللي جاسر باشا قاله ليها من غير حتى ما يعرف الحقيقة 

انهمرت الدموع من عيني رؤى لتحرك رأسها مجبرة إلى طرب تحادثها باكية :

- قوليله يفضل ارجوكي ووالله ما حد هيزعلك 

أخفضت طرب رأسها أرضا هي السبب في تلك المشكلة من الأساس يا ليتها لم توافق على عرضه منذ البداية ، أمسكت بذراعه تهمس له بحرقة :

- رعد أرجوك أنا السبب في كل اللي بيحصل دا من البداية ، ما تسبش البيت عشان خاطرهم ، والله باباك بيقول كدة من خوفه عليك مني وعنده حق لو حطيت نفسك مكانه هتعرف أن عنده حق 

قبض رعد كفيه غاضبا من نفسه يشعر بالضعف لسبب لا يعلمه يشعر الآن بأنه أضعف حتى من حبة الرمال الصغيرة ، رفع رأسه ليرى والدته تبكي بلا توقف تكاد أنفاسها تتلاشى من البكاء ،  اقترب منها يعانقها يهمس يهدئها :

- اهدي يا ماما مش همشي والله ما همشي خلاص ، اهدي نفسك هيروح 

تمسكت بأحضانه تبكي تنظر لطرب الواقفة خلفه كارهة لا ترغب في تلك اللحظة سوى أن ترميها خارج منزلهم ، ابتعدت عن أحضان رعد تشير للفتاة النائمة على الأريكة بلا حول ولا قوة تهمس قلقة :

- مالها دي يا رعد ، شكلها عيلة صغيرة 

اومأ رعد برأسه بالإيجاب يغمغم :

- ايوة يا ماما دي ملاك أخت طرب الصغيرة قد يوسف في 3 ثانوي 

ومن ثم مال يهمس على ذاتها بصوت خفيض للغاية:

-خدي بالك منها يا أمي ، ملاك عملت حادثة من سنين وبسببها بقت قعيدة كرسي متحرك 

شهقت رؤى تضع يدها على فمها تومأ برأسها سريعا تنظر للصغيرة مشفقة على حالها ، تحرك رعد صوبها يحملها بين ذراعيه قبل أن يوجه حديثه لمريم :

- مريم معلش يا حبيبتي ملاك هتنام جنبك النهاردة على ما يجهزولها أوضة بس 

اومأت شقيقته موافقة الوضع برمته قريب غريب ، ابتسم رعد لها ليتحرك لأعلى يحمل الفتاة مرت جوار يوسف الذي تحركت عينيه على وجه تلك الفتاة يبتلع لعابه مرتبكا ، كيف يمكن أن تحدث تلك الصدفة من الأساس ها هي أمامه حية جميلة كما رآها من قبل تنهد بعمق يمسح وجهه بكف يده حين دق هاتفه بنغمة رسالة فتحها ليجد فيها 

( يوسف أنا وليد ، أرجوك أنا عايز اقابلك في كلام كتير عايز اقولهولك صدقني يا يوسف أنا اتعالجت وفهمت اني كنت بفكر في قرف ، رد عليا أرجوك )

في الأعلى وضع رعد ملاك في سرير شقيقته مريم لتسارع طرب في وضع الغطاء عليها ادمعت عينيها تقبل جبينها تهمس لها :

- أنا والله بعمل كل دا عشانك يا حبيبتي 

حمحم رعد يطلب منها الخروج معه ، أمسك بيدها يصطحبها إلى غرفته يغلق الباب عليهم انتفضت حين باتت معه في غرفة مغلقة لم توضع قبلا في ذلك الموقف إلا وحاول الطرف الآخر الإعتداء عليها ، ارتعشت تقبض كفيها حين اقترب رعد منها وقف أمامها تنهد بقوة قبل أن يردف حذرا :

- طرب ممكن أسألك سؤال بس ما تعتبروش إهانة 

إذا هو سؤال مهين ودون أن تسمعه توقعت ما سيكون ، بعد كلمات والده التي قالها له بالاسفل بالطبع عليه أن يسأل ، اومأت دون أن تنظر إليه ليتنهد بقوة يحاول تجميع كلماته:

- هو أنتِ ، أنا آسف على السؤال أولا ، هو انتي عذراء ولا هما أجبروكِ بردوا 

تلك الكلمات كانت ثقيلة حقا على لسانه وعلى مسامعها ، ولكن كلمات والده لا تزال ترن في أذنيه بعنف ، رفعت وجهها إليه تبتسم في سخرية تتمتم بحرقة:

- لاء يا رعد مش عذراء أنا آسفة!!

نطقتها وصمتت تنظر أرضا ليشعر بالنيران تندلع في صدره ومئات الأشواك تنغرز في قلبه ليست عذراء انتهك براءتها وغد دنئ ، أم كان بمحض إرادتها بالطبع لاء طرب ليست بعاهرة 

كور قبضته يطحنها بعنف تتسارع أنفاسه يحاول أن يهدأ ولكن كل شئ تغير حين سمعها بنبرة تختنق ألما :

- أنا مش عذراء من ساعة ما اجبروني اعري كل جسمي كل ليلة يا رعد ، أنا مش عذراء من ساعة اجبروني ارقص زي العاهرات في كبارية وألف عين بتنهش فيا ، أنا مش عذراء في كل عين بصت لجسمي ، إنما لو قصدك على كوني عملت علاقة مع حد قبل كدة ، فلا يا رعد ما حصلش دي الحاجة الوحيدة اللي ما عرفوش يجبروني عليها ، اتضربت واتحبست بالأيام من غير أكل وماية ، اتضربت وحاولوا كذا مرة يخلي حد يغتصبني بس أنا قاومت وضربت ودافعت عن كرامتي وشرفي لحد اللحظة اللي إحنا واقفين فيها دي يا رعد 

على الرغم من أن كلماتها من المفترض أن تطمأنه لا تزال نيران غضبه مستعرة من زوجة أبيها تلك الحية التي فعلت بها كل ذلك ، لن يدع الأمر يمر هكذا أقسم أنها ستدفع الثمن غاليا ، حين نظر إليها من جديد رأى الدموع تخط وجهها وجسدها ينتفض بعنف تضم شفتيها بعنف تحاول كبح صوت بكائها ، هي زوجته الآن إذا لا ضرر من عناقها اقترب منها سريعا يشدها أحضانه انتفض جسده وجسدها معا حين باتت بين أحضانه يطبق عليها بذراعيه لترفع يديها تتمسك به يعلو صوت بكائها تغرق الدموع وجهها وملابسه يعلو نشيجها وهي تتمتم بحرقة :

- والله العظيم غصب عني يا رعد ، أنا اتعذبت كتير لما رفضت ، هددتني بملاك أنها هتقتلها أو هترميها في الشارع ، أنا آسفة سامحني والله غصب عني سامحني 

لا تعرف على ماذا تعتذر له عن أنها تخدعه وربما عن أنها لا تزال تخدعه ، جل ما تعرفه أنها تشبيث به تبكي تشعر بيده تمسح على رأسها وصوته الهادئ يهمس لها :

-اهدي يا طرب ، اهدي خلاص كل حاجة وحشة خلصت ، اهدي

حركت رأسها للجانبين بعنف لم ينتهي شيئا هو فقط لا يعلم ، ظلت تبكي بين أحضانه مدة طويلة إلى أن تخدرت قدميها فهدأت قليلا ابتعدت عنه تمسح وجهها بكفيها بعنف ليتنهد حزينا على حالها يهمس لها :

- أنا هروح اجيبلك هدوم من عند چوري أختي ، بكرة الصبح بإذن الله هجيللك هدوم جديدة ، ثواني وجاي

تحرك صوب الباب ليفتحه ما إن فتحه أبصر مريم شقيقته تقف أمامه كانت على وشك دق الباب ، مدت يدها له بالثياب تغمغم مرتبكة :

- ماما باعتة لمراتك يعني الهدوم دي من عند چوري وبتسألك لو حابين تتعشوا 

التفت برأسه ينظر لطرب لتحرك رأسها للجانبين لا شهية لها في أي شئ الآن ، عاد رعد ينظر لمريم التقط الثياب من بين يديها يغمغم مبتسما:

- تسلمي يا مريم ، لا يا حبيبتي قولي لماما مش جعانين وخلي بالك من ملاك على ما تفوق يا حبيبتي

اومأت مريم سريعا لتستأذن وتغادر في حين عاد هو أدراجه لداخل الغرفة يمد يده لها بالثياب يغمغم مترفقا :

- قومي يا طرب خدي دش وغيري هدومك وتعالي نامي وبكرة أكيد هيبقى أحسن 

رفعت عينيها إليه مترددة تنظر إليه لتحرك رأسها مدت يدها تأخذ الثياب من بين يديه قبل أن تتحرك صوب باب المرحاض الملحق بالغرفة تغلق الباب عليها ... ظل ينظر في أثرها عدة لحظات يتنهد عقله يكاد ينفجر من التفكير ، طرب ضحية كان يجب أن يساعدها لم تخدعه بإرادتها ، مشهدها وهي تبكي بين أحضانه لازال يفطر قلبه ولكنه إلى الآن لما تزوجها لما لم يساعدها فقط ، هل أشفق عليها لذلك تزوجها ؟! لا ، تلك الفتاة الغريبة التي اقتحمت حياته في أشد أيامه بؤسا ولونتها بنكتها الخاصة جعلت قلبه المرهق يتعلق ، أحبها في فترة قصيرة للغاية وربما كما قال لنفسه قبلا لأنها الفتاة الأولى التي تدخل حياته مسح وجهه بكفيه يتحرك لدولاب ثيابه ، ألتقط بعض الثياب ليتحرك لخارج الغرفة يبحث عن مرحاض فارغ ليغتسل 

أما داخل مرحاض غرفته وضعت طرب الثياب من يدها جانبا جلست أرضا تضم قدميها لصدرها تستند بجسدها إلى باب المرحاض تغمض عينيها ، تحثها نفسها أن تخبر رعد بالحقيقة ولكن ماذا ستقول له اعذرني فأنا خدعتك للمرة الثانية ، سيكرهها تماما لن يقبل أن ينظر لها من جديد وملاك ستُفضح ولن تجد من يساعدها ، انهمرت الدموع من عينيها ومكالمة ذلك الوغد تتردد في أذنيها 

Flash back

خرج رعد من غرفتها بالملهى ينتظرها إلى أن تبدل ثيابها لتقرر هي أن تخبره بكل شئ ، بكل ما حدث منذ البداية يكفي خداعا له ، رعد لا يستحق أن تخدعه ... شرعت تبدل ثيابها سريعا ليدق هاتفها في تلك اللحظة ، انتفضت كل ذرة بها تمسك بالهاتف حين فتحت الخط وصل إليها صوته السام :

- رعد عرف أنك بتضحكي ، جاسر مهران كان أسرع مننا ، بس لسه ما خلصتش لو هو كسب جولة فلسه الحرب شغالة ، بصي بقى يا حلوة تسمعي اللي هقوله بالحرف ومن غير نقاش عشان بعد مكالمتي ليكِ هيوصلك فيديو حلو أوي ، رعد واقف مستنيكِ برة لما تخرجي هتقوليله ايه بالظبط أن الست اللي إحنا جبناها تعمل دور خالتك تبقى هي مرات أبوكِ وأنها بتجبرك تشتغلي رقاصة وإلا هتسجنك بشيك بمليون جينة ، احكيله قصة حياتك بس بمنظور تاني ، سيرتنا لو جت مش هتعرفى الأذى هيجيلك منين أنا اقدر ادمر حياتك أنتي واختك وخصوصا اختك برمشة عين ، ما تنسيش تشوفي الفيديو يا حبيبتي

وأغلق الخط في وجهها في تلك اللحظة وصل لهاتفها مقطع فيديو لفتاة عارية وكم تمنت أن لا تكن هي تلك الفتاة ، ولكن ما أن فتحت المقطع شهقت مذعورة حين أبصرت ملاك شقيقتها عارية في غرفة نوم وشخص الكاميرا حجبت وجهه يقترب منها يمد يده إلى جسدها وضعت يدها على فمها تصرخ دون صوت ، اغلقت المقطع تطلب الرقم سريعا تتوسله باكية ما أن أجاب:

- أبوس أيدك ما تخليهوش يعملها حاجة أنا هعمل كل اللي تقوله حاضر 

سمعت ضحكات الرجل الخبيثة السامة قبل أن يردف ساخرا:

 - ما تقلقيش ما عملهاش حاجة بس الفيديو هيفضل معايا عشان لو فكرتي تلعبي كدة ولا كدة ، وبعدين تعالي نتكلم بالعقل رعد عرف أنك بتضحكي عليه لو سامحك المرة دي لو جيتي تقوليله أنا ضحكت عليك تاني هيقرف يبص في وشك وهتبقي هديتي الدنيا على دماغك وساعتها أنا مش هرحمك لا أنتي ولا أختك ، يلا يا روحي غيري هدومك بسرعة رعودة بقاله كتير واقف مستنيكي

Back

وضعت يدها على فمها تصرخ من القهر والألم تكاد تجن ، لا تجد حلا سوى الانتحار هو من سينجيها هي وشقيقتها ... قامت تجر قدميها تلقي بنفسها بملابسها أسفل مرش المياه تغتسل بدموعها ، إلى أن انتهت بدلت ثيابها حين خرجت من الغرفة لم تجد رعد بحثت عنه قلقة قبل أن تراه يدخل للغرفة وقد بدل ثيابه يمسك بمنشفة صغيرة يجفف خصلات شعره ، ابتسم لها يغمغم مترفقا :

- عندك مانع لو نمتي جنبي لو آه عادي والله ما فيش مشكلة أنا هنام على الكنبة 

اخفضت رأسها أرضا تحرك رأسها للجانبين تهمس له مرتبكة :

- لا عادي ما فيش مشكلة ، أنت جوزي دلوقتي 

كم اطربته تلك الكلمة ليبتسم تحرك صوب الفراش يأخذ الجانب الأيسر منه ، لتبتلع لعابها مرتبكة تحركت متوترة تأخذ الجانب الآخر من الفراش نظرت إليه حين غمغم يسألها:

- متأكدة مش جعانة ؟ ما تتكسفيش دا بقى بيتك دلوقتي 

حركت رأسها للجانبين تهمس له محرجة بأنها ليست جائعة ظلت تقاوم النوم عدة لحظات ولكن مع إجهاد ما حدث اليوم لم تستطع أكثر وانغلقت عينيها رغما عنها 

____________

أما في غرفة مريم القريبة من غرفة رعد ، نظرت مريم بحذر لتلك الفتاة النائمة جوارها على الفراش لا تعرف أتشفق عليها بسبب ما هي فيه أم تكرهها لأنها شقيقة تلك الراقصة التي خدعت أخيها ، تنهدت حائرة حين دق هاتفها امسكته تغلق الصوت سريعا ، قامت من جوار تلك الفتاة تتجه صوب مرحاض غرفتها فتحت الخط لتسمع صوت مراد يغمغم متضايقا :

- ايه يا مريم فينك مختفية اليوم كله ، بقالي كتير بكلمك ما بترديش حتى يوسف بردوا مش بيرد هو في حاجة ولا ايه 


تنهد متوترة تجلس على حافة المغطس قبل أن تهمس مرتبكة:

- حصل حاجة غريبة أوي يا مراد ، بس ما تقولش لحد ... رعد اتجوز مش دا الغريب قد الغريب أنه هو اتجوز رقاصة أنت متخيل رعد اللي عمره ما كلم بنت يوم ما يتجوز ، يتجوز رقاصة ، البيت والع وبابا على آخره ، رعد هد الدنيا باللي عمله 


ظل مراد صامتا عدة لحظات يحاول أن يستوعب ما قالت مريم قبل أن يغمغم مذهولا :

- لا لا لا واحدة واحدة من الأول وفهميني أخوكِ اتجوز رقاصة إزاي يعني وعمي جاسر سابه كدة عادي ، دا أنا استنيت جملة وبابا ضربه بالرصاص هو وهي فهميني


جاسر ! ماذا عن جاسر صحيح ، جاسر في غرقته يزرع أرض الغرفة ذهابا وإيابا يكاد ينفجر من الغضب ، عينيه حمراء عروقه نافرة 

ولده الأحمق تخطى جميع الخطوط الحمرا يتحداه حين تزوج من تلك الداعرة ، التي تحاول أم تتقمص دور البريئة يكاد عقله يُشل من الغضب ، نظر للأوراق في يده للمرة الألف يقرأ ما جمع عنها للمرة الألف تقريبا

( طرب جلال المهدي ، إبنة رجل الأعمال الراحل جلال المهدي ، الفتاة لم تكن تكذب فهي كانت حقا مدللة أبيها أميرته الغالية ، تزوج جلال بعد موت زوجته الأولى من سيدة تُدعى قسمت فتحي تلك هي زوجة أبيها التي كانت تجبرها على أن تكن راقصة ، جلال كان لديه شقيق واحد عُدي ولكن عُدي ألقى ببنات شقيقه بعيدا ينفرد بالورث بمفرده ) والكثير من المعلومات الأخرى التي تظهر الفتاة ضحية ولكن رغم كل ذلك يشعر بأن هناك لعبة دنيئة تُحاك ، تلك المعلومات ليست كافية ، تهاوى جالسا على فراشه يمسح وجهه بكفيه يحاول أن يهدأ ، حين دخلت رؤى إلى الغرفة ، لم تفعل شيئا سوى أنها توجهت إليه تأخذ الأوراق من بين يديه تقرأ ما فيها راقب تعابير وجهها وهي تتحول من الألم للشفقة ، رفعت وجهها عن الأوراق تنظر له تغمغم متعبة:

- يبقى البنت ضحية فعلا زي ما رعد بيقول ، ويمكن ربنا حط رعد في طريقها عشان ينشلها من القرف اللي كانت فيه 


حرك رأسه للجانبين يغمغم شاردا :

- لا يا رؤى أنا شامم ريحة وحشة ووحشة أوي كمان ، المعلومات اللي تطلع شخص ضحية زيادة عن اللزوم بتبقى مخبية وراها كتير ، أنا اللي هجمع بنفسي المعلومات عنها ، وحتى لو هي ضحية أن أنا ما عنديش مشكلة أنه كان يدفع قيمة الشيك ويديها فلوس تبدأ حياتها بس ما يتجوزهاش ما يربطش اسمه برقاصة ، أنتِ عارفة دا لو اتعرف في السوق سمعتنا هتبقى في الأرض ، ابنك هيغرقنا كلنا 


اضطربت حدقتي رؤى قلقا مما سمعت من جاسر ، ازدردت لعابها قبل ان تنظر إليه تردف :

- طب ما يمكن حبها يا جاسر ، جاسر عمره ما كان ليه علاقة مع بنت والصور اللي شوفتها ليه معاها تقول أن ابنك اتعلق بيها 


هب جاسر واقفا يغمغم محتدا :

- ما تستاهلوش يا رؤى ، أنا واثق أن البت دي وراها مصيبة ، رعد يستاهل واحدة احسن منها ألف مرة دي واحدة بتعري جسمها كل ليلة قدام يجي 500 راجل 


انهمرت الدموع من عيني رؤى لا تعرف على من يجب أن تحزن على ولدها الذي تعلق قلبه بفتاة لا تلائمه ، أم على تلك القتاة التى اجبرتها الظروف على أن تفعل ذلك فوُصمت من الجميع بالعار :

- طب ما يمكن فعلا تكون مظلومة ورعد يكسب ثواب أنه بعدها عن اللي كانت فيه 


تنهد جاسر يائسا رؤى وطيبتها القاتلة التي أورثتها لجميع أبناءه تكاد تودي بهم جميعا إلى الجحيم ، اقترب من زوجته يمسك ذراعيها بين كفيه تنهد يغمغم :

- ما بقاش في حد طيب يا رؤى ، صدقيني البنت دي لو كويسة وهو كان اتجوزها عند فيا أنا آه كنت هغضب بس مش هرفض جوازه بالعكس كنت هعمله أكبر فرح في البلد ، إنما دلوقتي اعمله فرح إزاي حتى ، إزاي اطلع بنت زي دي جنب ابني عشان الكل يعرفها أنا كدة ببقى بغرقنا 

تنهدت رؤى متعبة حزينة قلبها يتفتت على حال ولدها وما هو فيه ، جذبها جاسر لأحضانه عانقها يهمس مترفقا :

- هحلها يا رؤى ، ما تقلقيش هلاقيلها حل 

_____________

أما هناك عند مستنقع الأوغاد اضطجع عُدي على إحدى الارائك يُشعل سيجارة ، اقتربت تهاني منه تتمايل الخطى إليه  جلست جواره تجذب التبغ من بين شفتيه تضعها بين شفتيها قبل أن تسأله حانقة :

- يعني كدة خلاص البت دي ما عدتش هترقص تاني 

التقط عُدي كأس النبيذ يتجرع ما فيه دفعة واحدة قبل أن يغمغم ساخرا :

- كفاية اللي خدتيه الفترة اللي فاتت يا توحة ، دا أنتي كنتي ماصة دمها أول بأول ، هي دلوقتي في عش الدبابير جاسر مهران مش هيسكت إلا لما يجيب قرارها بس أنا مظبط الدنيا كويس جداا ، ما تقلقيش مش هيقدر يوصلك

اختفت ابتسامته يعقد جبينه قبل أن يردف :

- بس أنا شاكك أو شبه واثق أن البت طرب كانت بتضحك علينا وبحيلة ما ، ما كنتش بتدي رعد المخدرات لأنه المفروض يكون أدمن دلوقتي وأنا مراقبه زي ضله وشايفة بيتعامل في حياته عادي جداا 


ضحكت تهاني ساخرة قبل أن تردف تتهكم منه :

- ضحكت عليك بنت جلال مش سهلة بردوا البت دي 

نظر عُدي إلى تهاني غاضبا قبل أن تتسع ابتسامته يردف ضاحكا:

- لسه يا إما في الجراب يا حاوي يا توحة ، لسه عندي كتير ، كتير أوي 

_______________

في صباح اليوم التالي تحديدا في السابعة صباحا هناك في المنتجع السياحي عند چوري ، استيقظت باكرا من نومها بعد رحلة طويلة للغاية بالأمس قامت من على فراشها اغتسلت سريعا تبدل ثيابها ، نزلت لأسفل لتجد المكان هادئ بالطبع سيكون لايزال الوقت باكرا ، خرجت من الفندق تتوجه صوب البحر أمامها وقفت أمامه عدة لحظات تشعر بالهواء البارد المحمل بنسيم البحر يرتطم بجسدها لتبتسم تشعر بالحماس ها هي الآن هنا لأول مرة منذ سنوات ستشاهد أحد تصاميمها وهو يشيد على أرض الواقع بدلا من الصور ، تحركت قدميها تسير تأخذها صوب الموقع تسير سريعا بتلهف إلى أن وصلت وقفت بالقرب منه تشاهد بعض تصاميمها وقد شيدت بالفعل ، أدمعت عينيها كم تشعر بالسعادة في تلك اللحظة ، قاطع سعادتها صوت يأتي من جوارها يغمغم مدهوشا :

- إيه باشمهندسة چوري أنتي هنا ؟!

نظرت جوارها لتجد زين يقف جوارها يبتسم سعيدا ، رسمت على ثغرها ابتسامة صغيرة تتمتم :

- صباح الخير يا باشمهندس ، آه أنا هنا جاية أشرف معاكوا على المشروع

ابتسم سعيدا يغمغم سريعا متلهفا :

- يا خبر أبيض دا أنتي تنوري الدنيا كلها ، قوليلي صحيح أنتي قاعدة فين في نفس الفندق اللي الشركة حاجزلنا فيه


اومأت برأسها بالإيجاب بهدوء لتتسع ابتسامته أكثر يغمغم متحسما :

- بجد ، بحيث كدة بقى اسمحيلي اعزمك على الفطار ونبقى نرجع تاني الموقع ، بليز ما تقوليش لاء 

لم ترد إحراجه خاصة وهو يتحدث بذلك الحماس والتهلف ، ابتسمت تومأ برأسها ليتحرك جوارها ليعودا للفندق ، في طريق العودة لم يتوقف زين عن التحدث من موضوع لآخر يخبرها عن طول الرحلة تارة ،وعن سعادته لرؤيتها تارة أخرى ، وعن حماسه للمشروع تارة ثالثة إلى أن وصلا لمطعم الفندق ، قبل أن يدخلا لهناك وجدا حسين يقف أمامهم فجاءة وكأنه جاء من العدم ، نظرة الغضب التي رأتها في عينيه كانت كفيلة لتخبرها أنه يشتعل غضبا الآن ، نظر إليها متجاهلا زين يحاول أن يضبط أعصابه لأكبر قدر ممكن :

- صباح الخير يا چوري أنا خبطت عليكي كتير ولما ما ردتيش قولت أكيد نايمة من تعب السفر ، ما تخيلتش أنك صاحية من بدري كدة أنتي والباشمهندس زين 


رائحة الغيرة فاحت كثيرا من بين كلماته لتبتسم چوري تكتف ذراعيها تغمغم بنبرة هادئة تكاد تكون باردة :

- فعلا أنا صحيت بدري قولت أنزل أتمشى شوية وابص على المشروع وهناك قابليني باشمهندس زين وعزمني حتى على الفطار تحب تفطر معانا 

حاول إلا يغضب عليه دوما أن يظل يتذكر نصيحة مراد ،ذلك الأحمق يستفزه التصق بها منذ اليوم الأول لن يسمح له ، ابتسم يغمغم بهدوء:

- أوي أوي دا من دواعي سروري 

تعجبت چوري مما قال حسين ولكنها تذكرت أحر محادثة بينهما أنهما سيعودا أصدقاء فقط ولكن لما شعرت بالضيق لأنه لم يغار ؟! 

________________

الثامنة والنصف صباحا في منزل علي ، استيقظ شريف صباحا لديه اليوم إجتماع هام في الإدارة ، جزء منه يشعر بالسعادة والآخر بالألم والحزن ، مرام تعهدت له بالأمس أنها ستغلق جميع نشاطها المبالغ فيه على جميع صفحات التواصل الاجتماعي وبالفعل بالأمس أغلقت كل حساب لديها ، ذلك يشعره بالسعادة أنها اختارت حبهم وحياتهم على تلك التفاهات السخيفة وستعود علاقتهم لسابق عهدها ، أما شعوره بالحزن فهو على ليان ، ليان التي تهيم عشقا بجواد لا تعلم أنه هو أيضا يهيم عشقا ولكن بفتاة أخرى ، ستنهار أن علمت ذلك يتمنى ألا تأتي تلك اللحظة أبدا ، أما شعوره بالألم فهو على نور المسكينة وما لاقت ، هل ترى جواد يحبها فعلا؟ حين كانت مريضة كان يصرخ مذعورا كالطفل الصغير ، لم يرِ جواد البارد اللامبالي في تلك الحالة من الخوف قبلا تنهد بعمق توجه إلى المرحاض يغتسل ويبدل ثيابه خرج من غرفته ليجد ليان أمامه تبتسم ابتسامة واسعة ارتمت بين أحضانه تغمغم سعيدة :

- شريف جواد قالي أنه بيبحبني ، أخيرا يا شريف ، بيحبني وهيجي يتقدملي


توسعت حدقتي شريف غضبا الأحمق يخدع شقيقته ما ذنب ليان ليُعلقها به طالما يحب اخرى ، متى ستتوقف عن اللعب يا جواد ؟!

ابتعدت ليان عنه حين ظل جامدا تنظر إليه تغمغم مرتبكة :

- شريف أنا عارفة أنك ما بتحبهوش بس والله أنا بحبه أوي وصدقني هبقى مبسوطة معاه أوي ، دا بيحبني قالي أنه بيحبني 


أدمعت عينيه ألما على حالها ليشيح بوجهه بعيدا حتى لا ترى دموعه يتركها ويغادر من المنزل بأكمله نزل لأسفل يأخذ سيارته ، ما أن ابتعدت سيارة شريف اقتربت سيارة جواد ، أوقف السيارة أسفل العمارة السكنية ، لأول مرة يذهب لمنزل عمته بملئ إرادته فقط ليراها ، تحرك لأعلى قبل أن يدق الباب وجده يُفتح من الداخل ، شهقت ليان ما أن رأته تضع يديها على فمها تتسع حدقتيها سعادة قبل أن تغمغم فرحة :

- جواد أنت هنا بجد ، تعالا ادخل تعالا ، ماما جواد هنا 

جذبته لداخل المنزل لتأتي إيمان رحبت به ليبتسم مجاملا يرحب بها ، عينيه تتحرك في كل مكان يبحث عنها يحاول حتى أن يلمح طيفها دون فائدة ... مرت الدقائق وهو يستمع الى تراهات ليان التي لا فائدة منها يبدو أنه لن يراها ، قام يغمغم محبطا :

- يلا عشان ما نتأخرش عن المكتب 

ابتسمت ليان سعيدة تومأ برأسها ، ما أن تحرك صوب الباب سمع صوت عمته تغمغم:

- ليان تعالي ساعديني نحط نور على الكرسي بتاعها عشان عاوزة تروح الحمام 

ما إن سمع اسمها دق قلبه بعنف ، اعتذرت منه ليان تتحرك للداخل ليجد قدميه تتحرك خلفها دون حتى أن يخبرها أن تفعل ، وصل إلى باب الغرفة يبحث عنها بعينيه متلهفا إلى أن رآها ها هي أخيرا بعد طول عذاب ، أحتاج منه الأمر أن يتحكم بكل ذرة في جسده قبل أن يهرع إليها يضمها لأحضانه أمامهم ، أما هي فتوسعت حدقتيها حين رأته ونمت ابتسامة صغيرة خجولة على شفتيها ، تشيح بوجهها بعيدا ... اقترب منهم بحجة المساعدة ليتوجه إليها يحملها بين ذراعيه عن الفراش يهمس لها بصوت خفيض للغاية هي فقط من سمعته :

- وحشتيني أوي 

وضعها على المقعد المتحرك بمعجزة يمنع نفسه من أن يأخذها ويهرب بعيدا ، امتعضت قسمات وجه ليان ضيقا لا تعرف لما ولكنها شعرت بالضيق والغضب وهو لم يفعل شيئا ، شريف حمل تلك الفتاة من قبل مئات المرات حمحمت تغمغم:

- مش قولت يلا متأخرين

ابعد عينيه عنها مرغما ينظر صوب ليان اومأ برأسه ليتحرك بصحبتها لخارج الغرفة ولم يمنع عينيه من أن تأخذ لها صورة أخيرة قبل أن يغادر

______________

في تمام العاشرة والنصف كان قرار فصل المفاجئ الذي اذهل الجميع منتشر في جميع أنحاء المستشفى ، الطبيب ياسر فصل ولده من العمل ، الأمر أشبه بدعابة سخيفة ولكنها حقيقية ، ما بين التعجب والاندهاش كان سمير يشعر بالفرح الشديد بأنه أخيرا تخلص من ذلك الفتى الوقح عديم الأخلاق المتعالي ، ولكن نيران الحقد في قلبه كانت لا تزال مستعرة ، ويعرف جيدا كيف سيطفئها ،تحرك بصحبة ممرض ضخم الجثة إلى غرفة سامر ، فتح بابها بالمفتاح الذي بحوزته نظر حوله ليجد سامر يقف متأهبا لمن سيدخل ، ابتسم سمير ساخرا يغمغم :

- صباح الفل يا سامر أنا دكتور سمير شوفت اسامينا حتى قريبة من بعض إزاي ، أنا اللي هشرف على حالتك بعد ما رفدوا دكتور جاسر ، أصله دكتور أي كلام وبتاع مشاكل ، قولي بقى يا أبو الأسمار أخبارك ايه النهاردة


قطب سامر جبينه غاضبا من ذلك الرجل وطريقته المستفزة في الحديث ليرفع يده يشير إلى باب الغرفة يصرخ فيه غاضبا :

- اطلع برة ، يلا برة ... دكتور جاسر مستحيل يكون عمل مشاكل أكيد في حاجة غلط 


وكالعادة شعر سمير بالحقد والغضب ، أشار إلى الممرض خلفه ليغلق الباب ففعل ثم أشار له صوب سامر ليتحرك الأخير إليه يقيد حركته صرخ سامر غاضبا يحاول دفع الرجل بعيدا عنه ولكن ضخامته منعته من فعل ذلك ، اقترب سمير منه يحمل محقن به مادة مهدئة يغمغم ساخرا :

- ما تقلقش دا مهدئ حلو أوي ، مش المهدئات العبيطة اللي هو بيدهالك ، دا بقى هيخليك نايم زيك زي السرير اللي أنت عليه ، عارف إن المهدئ دا مش مصرح باستخدامه إلا في حالات معينة وبكميات محدودة جداا لأنه بيعمل اكتئاب حاد 

قرب سن المحقن من ذراع سامر يحقنه بما فيه ، والأخير يصرخ غاضبا إلى أن شعر فجاءة بأن جسده يتداعى لا يملك ذرة قوة واحدة ليقف ليسقط أرضا ، ابتسم سمير ساخرا يشير للمرض :

- ارميه على سريره وعلقله أي محلول مش عايزينه يموت 

____________

_ابني يا رعد أبوس رجلك ابني ما تاخدوش مني

توسلته تحاول اللحاق به وهو يشق طريقه للخارج يحمل طفلهم الرضيع بين يديه ، التفت لها يبتسم ساخرا يحرك رأسه للجانين يردف ساخرا :

_ابنك لاء دا ابني أنا وأنا مستحيل اسيب ابني يتربى مع واحدة زيك ، كدابة وخاينة 

انهمرت الدموع تحفر وجهها تحرك رأسها للجانبين بعنف شهقت تهمس تتوسله :

_ابني أنت مش هتحرمني من ابني 

تحرك صوبها خطوة واحدة ليضحك عاليا ضحكات مريرة مشبعة بالألم :

_لاء أقدر ، من ناحية أقدر فأنا أقدر ولما يكبر ويسألني عنك هقوله ماما يا حبيبي كدابة ماما يا حبيبي خدعت بابا ماما يا حبيبي اتفقت على موت بابا ، ماما كدابة وخاينة ساعتها هو اللي هيقرف يبص في وشك

سقطت أرضا خذلتها قدميها من الألم فلم تستطع الوقوف وضعت يسراها على فمها تمنع شهقاتها تمد يدها اليمنى صوبهم ليشفق على حالها سرعان ما تذكرت ما فعلت ليعد أدراجه للخلف التفت ليغادر ليسمعها تصرخ بحرقة :

_لاء يا رعد أنت عمرك ما كنت قاسي ، أبوس إيدك ما تحرمنيش من ابني 

التفت لها برأسه فقط ابتسم ساخرا قبل أن تخرج كلماته بشق الأنفس:

_القسوة دي انتوا السبب فيها ، جاسر باشا مهران الأول وأنتِ بعده ، أنا سامحتك وكنت عايز أبدا معاكِ حياة جديدة بس اللي أنتِ عملتيه قضى على كل اللي بينا ، أنا دلوقتي مش عاوز من الدنيا غير يونس


وصرخت ظلت تصرخ وتصرخ تسمع صوت رعد يأتي من بعيد يغمغم متلهفا :

- طرب فوقي ، فوقي يا طرب دا كابوس 

شهقت بعنف تفتح عينيها فجاءة تلهث أنفاسها ، 

تنظر حولها مذعورة كان حلما واقعيا وهي أحلامها جميعها واقعية ، هبه منحها لها الله جميع أحلامها تحدث نظرت لرعد لتنفجر في البكاء ، والأخير ينظر لها مصعوقا لا يفهم ما بها ، اقترب منها يضمها لأحضانه لتتمسك به تتوسله باكية :

- ما تاخدوش مني يا رعد ، عشان خاطري اوعى تاخده مني 

لم يفهم ما بها ولكنه ظل يحضتنها يحاول أن يهدئها وبمجرد ما هدأت هي ، علا صوت صرخات ترج البيت ذعرا تأتي من الخارج !!

الفصل الخامس عشر من هنا 

تعليقات



×