رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل الثالث عشر
بناء على رغبة القراء هنحط في بداية كل فصل كل عيلة بولادها عشان الناس اللي لسه بتتلغبط
جاسر ورؤي أبطال الأجزاء اللي فاتت عندهم 6 أولاد رعد وجوري أول تؤام
يوسف ومريم تاني تؤام
سليم وياسين آخر تؤام
-----------------
نرمين أخت جاسر اللي جاسر كان بينتقم من صبري وبنته شاهندا عشانها
نرمين وياسر جوزها عندهم 2
( جاسر الكبير 29 سنة دكتور نفسي
اريج في 2 كلية طب )
ياسر كان ليه بنت من مراته اللي ماتت قبل ما يتجوز نرمين اسمها سما جوزها اسمه مصطفى
______________
عاصم أخو رؤي خال العيال اللي كان بيحب تهاني واتجوز حلم في الجزء التاني عنده ولدين
حسين الكبير مهندس ، مراد الصغير في ثانوية عامة ساقط سنة
_____________
رؤى كان ليها جيران أخ وأخت ساكنين سوا اللي هما عمرو وايمان
ايمان اتجوزت علي صاحب جاسر وعندها شريف الكبير ظابط شرطة ، وليان الصغيرة المدلوقة على الجاموسة جواد
_________
أما عمرو فاتجوز روان بنت صاحب الشركة اللي كان شغال فيها وخلف ولد وبنت
جواد جاموسة متنقلة مهندس ديكور
ومرام دلوعة ماما 22 سنة في كلية إعلام ومخطوبة لشريف ابن عمتها
________
فاضل طرب وملاك ، ومليكة وتوحة وكل الناس دي هنعرف اصلهم وفصلهم فيما بعد
لما تتلغبط اطلع بص هنا وكمل الفصل عادي
نبدأ الفصل ❤
______________
ألم شديد هو ما شعرت به وهي تحاول فتح مقلتيها ، رفعت يدها إلى رأسها تفرك جبينها تتأوه من الألم شيئا فشئ بدأت تتضح الرؤية المشوشة أمام عينيها رأت نفسها في غرفة غريبة نائمة تراقب ما يحدث أمامها وكأنها تشاهد فيلما حيا لها هي والطبيب في غرفة نوم غريبة منظمة للغاية كل شئ موضوع في مكان خاص حركت عينيها تنظر لأدق تفاصيل المشهد المعروض أمامها هي مسطحة على الفراش غائبة عن الوعي وهو يجلس أمامها يعلو ثغره إبتسامة خبيثة بها من الوعيد ما بها يتلذذ برؤيتها عاجزة ساكنة النظرة التي تراها في مقلتيه نظرة انتقام ووعيد مخيفة ، تحركت يده من على وجهها يتلمس جسدها بشكل فج سافر ، من سيصدق ان الطييب الماهر جاسر راضي صاحب الشهادات الأخلاق العالية والشهادات المرموقة يفعل ذلك ، أدمعت عينيها تنظر لجسدها المسطح أمامها لا حول لها ولا قوة تحت سلطان النوم رغما عن أنفها ، حاولت الصراخ فلم يخرج لها صوتا
رأته يرفع يده يمرر أصابعه على وجهها لتتململ في نومها تحرك رأسها وكأنها تصارع إلى أن فتحت عينيها ورأته لتشهق مذعورة ارتدت بجسدها للخلف تصرخ مرتعبة :
-أنت مين ، وايه اللي دخلك أوضتي
لتتحرك عينيها تنظر حولها مذعورة ما تلك الغرفة التي هي بها الآن ألم تكن نائمة في غرفتها في منزل أبيها ما الذي يحدث هنا ، ارتعشت كل ذرة بها تنظر صوبه وعقلها لا يعي ما الذي يحدث هنا أو ما الذي يريده منها ذلك المجنون ، كمشت غطاء الفراش حول نفسها تختبئ من نظراته الخبيثة تهمس مذعورة :
-أنت عايز مني إيه
توسعت ابتسامته اقترب برأسه منها لترتد للخلف مذعورة حين سمعته يهسهس متوعدا :
- القصاص ، ما تقلقيش أنا لا هغتصبك ولا هعذبك ولا شغل الأفلام الهابطة دا ، أنا هخليكِ تتمني الموت بس بطريقتي أنا ، بطريقة جاسر راضي
حاولت الصراخ واختراق حاجز الزجاج الذي يقيدها خلفه تود الوصول لنفسها علها تطمأنها ، الغريب في الأمر أنها تعرف الطبيب ، ولكن تلك الجالسة هناك خائفة ومرتعدة وتبكي لا تعرفه ؟! لا تفهم شيئا بدأ المشهد يتلاشى من أمام عينيها شيئا فشئ وصوت يأتي من بعيد يشوش الرؤية إلى أن اختفت تماما وفتحت عينيها ، حين فتحتها رأت جاسر أمامها فصرخت مذعورة ... ابتعد للخلف لتقترب زينب منها تهدئها :
- اهدي يا مليكة مالك دا دكتور جاسر كان بيحاول يفوقك ، أنتِ كويسة دلوقتي
ابتلعت صحراء لعابها الجاف تعتدل في جلستها سريعا تنظر صوب جاسر بنظرة أخرى نظرة جديدة وكأنها تراه على حقيقته ...رجل آخر غير التي كانت به منبهرة ، استندت على يد صديقتها وقفت لتشعر بالدوار كادت أن تسقط ليسارع هو يجذب ذراعها لتستقيم ما أن استعادت توازنها جذبت يدها من يده بحدة ليرفع حاجبيه مستهجنا ما فعلت يغمغم:
- ابقى كُلي كويس يا آنسة مليكة وياريت تعملي تحليل أنميا واضح أن عندك انميا جامدة
أنتِ كويسة ، لو كويسة ياريت تتفضلي عشان في حالات كتير متعطلة بسبب حضرتك
شعرت بالإهانة هل يطردها ذلك الأحمق ، أما هو فابتسم يعطي ورقة للكشف لزينب يحادثه مبتسما:
- لينا لقاء تاني بعد 3 أيام ، وياريت تيجي من غير صاحبتك طالما بيغمي عليها دايما كدة
أنهى كلامه بابتسامة ساخرة جعلتها تنظر إليه غاضبة ، أما هو فأخرج علبة دواء من جيب سترته يمد يده بها صوب مليكة يغمغم مبتسما:
- دا علاج كويس لو بيجيلك دوخة وهبوط دايما
لم تأخذه بل فعلت زينب تشكره تحركا للخارج ما أن اقتربت من الباب سمعته يغمغم :
- آنسة مليكة
لفت رأسها إليه ليغمغم :
- حاولي تفصلي بين الواقع والكوابيس عشان ما يأثرش على حياتك
ابتلعت لعابها لا تفهم هل علم بما كانت تحلم :!! ولكن ذلك مستحيل بل من سابع المستحيلات
تحركت للخارج تغلق الباب ليبتسم هو في خبث علبة الدواء ستجعلها تأتي إليه راكعة !
_____________
في المستشفى أمام غرفة الطوارئ أخيرا بعد عدة ساعات خرج الطبيب من الغرفة ليهرع جواد إليه يسأله مرتعبا :
- طمني يا دكتور نور عاملة ايه ، هي كويسة
رفع الطبيب يده يربت على كتف جواد يحاول تهدئته يغمغم بتروٍ :
- الحمد لله كويسة ، الكسر اللي في رجلها ما كنش ينفع تتحرك عليه دلوقتي خالص بس الحمد لله ربنا ستر احنا غيرنالها الجبس وواضح أنها وقعت واتعورت في رجلها التانية بس جرح سطحي الحمد لله نضفناه وعمقناه وعلقنا ليها محاليل لأن كان عندها هبوط جامد وهتفضل تحت الملاحظة الليلة وهتقدر تمشي بكرة
أدمعت عيني بيجاد لا يتخيل كم الألم الذي تعانيه وعانته في تلك الفترة اقترب شريف يشكر الطبيب يسأله عن رقم الغرفة حين أخبره الطبيب به أراد جواد أن يتحرك إليها ليقبض شريف على ذراعه يمنعه من ذلك نظر صوب الطبيب يشكره مبتسما :
- متشكر يا دكتور
استأذن الطبيب وغادر ليقبض شريف على ذراع جواد يسأله :
- فهمني بقى أنت تعرف نور منين ومالك خايف عليها أوي كدة ليه ، تعالا معايا
جذب شريف جواد بعنف من ذراعه يسأل عن كافيتريا المستشفى دلته إحدى الممرضات على مكنها جذب جواد لهناك إلى أن وصلا إلى إحدى الطاولات تأفف الأخير يغمغم حانقا :
- ما خلاص يا شريف سيب دراعي أنت مش ماسك حرامي ، أنا عدتهالك عشان كنت ملخوم في نور واللي جرالها
ترك شريف ذراع جواد ليجلس كلاهما على إحدى الطاولات طلب شريف كوب قهوة له ليطلب جواد زجاجة مياه ما أن وُضعت أمامه ارتشفها على دفعة واحدة يشعر بحلقه جاف كالصحراء من الخوف عليها ، ما أن هدأ قليلا نظر لشريف ليراه يكتف ذراعيه أمامه يضجع بظهره إلى ظهر المقعد يرمقه بنظراته الحادة ابتسم ساخرا يضع ساقا فوق أخرى يردف محتدا :
- بقولك ايه يا شريف أنت مش هتعمل ظابط عليا أنا اللي المفروض أسألك أنت تعرف نور منين وايه اللي عمل فيها كدة ، أنا قلبت عليها الدنيا
ابتسم شريف ساخرا يسأله :
- وأنت قلبت عليها الدنيا بصفتك ايه بالظبط ، مين البت دي بالظبط يا جواد وايه علاقتك بيها وإلا صدقني هقول لوالدك وأنت عارف عمرو بيه هيعمل ايه
تأفف جواد حانقا معرفة أبيه بأمر نور سيقضي على علاقته بها قبل أن تبدأ من الأساس والده لم يكن ليوافق بأي حال من الأحوال على علاقته بنور وهو لم يكن سيخبره كان سيتزوجها ويضع الجميع أمام الأمر الواقع أنها باتت زوجته ، ابتلع لعابه يزفر أنفاسه حانقا أكثر ما يكرهه أن يشعر بأن شخصا ما يلوي ذراعه رغما عنه تأفف يغمغم على مضض :
- طيب أنا هحكيلك بس توعدني أن ما فيش كلمة من اللي اتقالت هنا تطلع لحد
حرك شريف رأسه ليردف جواد :
- أنت طبعا تعرف أماندا ، اماندا كانت بتدور على بنت شغالة عشان تساعدها في البيت ... وطلبت من البواب يشوفلها واحدة بعدها بكام يوم عرفت أنها لقت شغالة كويسة ، لما روحت عندها شوفتها
لاحت ابتسامة صغيرة على شفتيه تنهد يهمس حالما :
- عمري ما هقدر انسى أول مرة شوفتها فيها ، سحرتني ولا سحرتلي بقى على رأي ويجز ، بس في اللحظة اللي شوفتها فيها حسيت أن حتى عقارب الساعة وقفت ، خطفت كل ذرة فيا ، بقيت بتلكك أروح عند أماندا عشان أشوفها ، سنة كاملة وأنا يوم ورا يوم بتعلق بيها أكتر
اختفت ابتسامته بعد ذلك احتدت مقلتيه يغمغم حانقا :
- بس واضح أن اماندا خدت بالها من اهتمامي الزايد بيها ، واماندا بتغير جداا وكانت عايزة تأذيها لما كنت عندها مرة حطتلي مخدر في العصير وحاولت تخلي الزفت البودي جارد بتاعها اللي كانت مفهماها أن اسمه جواد بردوا يعتدي عليها ، بس نور ضربته بفازة على دماغه وهربت كنت بحاول أوصلها وأنا دايخ بجري وراها بالعافية كنت محتاج افوق ، بس هي طلعت برا الشقة وهربت مني ... وأنا من ساعتها بدور عليها ، شريف هتصدقني أو لاء مش فارق معايا أنا بحب نور وعايز اتجوزها ، أنا بحبها أوي بجد
- وأنا بقى المطلوب مني إيه أروح أجيب المأذون
غمغم بها شريف متهكما قبل أن يردف :
- أنا عايز بطاقتها
أخرج جواد حافظته من جيب سرواله يخرج منها بطاقة نور ، تعجب شريف مما رآه فجواد يحمل في حافظته بطاقة نور وصورة لها ، هل يعقل أنه يحبها لتلك الدرجة ؟! ولكن ليان ، ليان تهيم به عشقا ، لا يعلم كيف سيخبرها أن الرجل الوحيد التي لم تحب غيره طوال حياتها ، يحب أخرى !!
______________
عودة لفيلا جاسر مهران ، وقعت جملة فاطمة على كليهما وقع الصاقعة ، من التي تزوجت وعرفيا أيضا ؟!!! فاطمة الصغيرة ... كاد عاصم أن يصاب بذبحة صدرية ، تأججت حدقتيه ليقترب منها قبض على ذراعها يصرخ فيها عاليا :
- أنتِ اتجننتي أنتِ أكيد اتجننتي ، دا أنا أقطع
رقبتك لو عملتي كدة
هنا ضحكت فاطمة ، ضحكت عاليا تنظر لعاصم وجاسر وهما يتميزان من الغضب شامتة ساخرة، نزعت ذراعها من كف عاصم تغمغم متهكمة :
- شوفت بقى شعور الصدمة صعب إزاي ، أنا ما اتجوزتش ولا حاجة أنا بس كنت بوريك رد فعلك على الصدمة يا عصومة
تركته وتحركت لأعلى تصعد السلم ما أن وصلت لمنتصفه التفت إليهم تغمغم :
- على فكرة أنا من بكرة هرجع شقة بابا وماما وأنا مش باخد رأيكوا ، أنا بقولكوا تصبحوا على خير
وأكملت طريقها لأعلى ليتهاوى عاصم على أقرب مقعد يحاول أن يلتقط أنفاسه اضطجع بمرفقيه إلى فخذيه يغمغم حانقا :
- شايف اللي هي بتعمله ياريتني ما سمعت نصيحة ابن أختك ، لو كانت فضلت قدام عينيا ما كنش حصل كل دا
مسح جاسر وجهه بكف يده حقا لا يعلم من أين تأتي المصائب وعلى ذكر المصائب ، دق هاتفه برقم الرجل الذي عينه مراقبا على رعد في الفترة الأخيرة ما أن فتح الخط بادر ذلك الرجل يقول على عجل :
- ايوة يا جاسر باشا ، ابن حضرتك بيخرج كل يوم تقريبا مع نفس البنت أنا كنت فاكرها خطيبته لأنهم بيخرجوا ويتفسحوا وشكلهم منسجمين جداا بس جنابك قولتلي أنه مش خاطب ، على العموم يا باشا أنا صورته وهبعت لحضرتك الصور على الموبايل وعلى مكتب حضرتك ، أي أوامر تانية
قبض جاسر كفه على هاتفه وها هو الأسوء يحدث من تلك الفتاة وما علاقتها برعد :
- خليك مكمل اللي بتعمله ، ما يغبش عن عينك أبدا وتبلغني بكل جديد
أغلق الخط ينظر إلى السلم المتجه لأعلى يتسأل قلقا ، من تلك الفتاة يا رعد ؟!
أما في الأعلى في غرفة رعد ، اقترب حسين من رعد وضع يده على كتفه يغمغم :
- رعد من امتى وحد فينا بيخبى حاجة على التاني دا أنا قايلك إني بحب أختك يا جدع مين دي يا رعدود ، دي الحب ولا إيه
- الحب
همس بها رعد مستنكرا الكلمة يقطب جبينه ما أن نطقها هو لا يحب طرب ، هو يشعر بالسعادة
المفرطة حين يراها ، يتراقص قلبه فرحا حين يُسعدها ، يتمنى أن اللحظات التي تجمعهم لا تنتهي أبدا ، يشعر برغبة في رؤيتها كل دقيقة والتحدث معها كل ثانية ولكنه بالطبع لا يحبها ، لا يحبها بأي حال من الأحوال ، ابتلع لعابه يغمغم منفعلا :
- حب ايه وهبل ايه يا إبني ما فيش الكلام دا طبعا أنا ما بحبش طرب
توسعت ابتسامة حسين يكتف ذراعيه أمامه يغمغم في لؤم :
- حلو اسم طرب مميز ، يا ترى صاحبته مميزة زيه كدة
دون أن يدري وجد رعد نفسه يبتسم تلقائيا شردت عينيه لتتجسد أمامه بكل جنونها وشقاوتها ليغمغم دون أن يعي لما يقول ءز
- مميزة جدا يا حسين ، ما فيش في شقاوتها ضاربة الدنيا طبنجة وعيشاها بالطول وبالعرض ، دمها خفيف وبتحب الضحك والهزار وبتعشق أكل الشارع ، فيها مرح ودلال وشغب عيلة صغيرة ، عارف أول مرة شوفتها فيها خلتنا ناكل من عربية كبدة وكانت فلوسي مبلولة وعملت فيلم مسخرة على صاحب عربية الكبدة وكلنا في الشارع ، بس اللي عرفته أن ورا كل الشقاوة والضحك دا ، في ماضي مؤلم ليها من وهي طفلة صغيرة منه لله أبوها
- غريب الحب مين فاهمه ، وتقولي ما بحبش طرب ، أنت فعلا ما بتحبهاش أنت بتعشقها
غمغم بها حسين ساخرا ليجفل رعد من حالة الخدر التي تملكته وهو يتحدث عن طرب لم يكن يدرك أنه أطال الحديث وفضح السر ، حين نظر صوب حسين رآه ينظر إليه يبتسم في خبث لينتحنح محرجا ينظر بعيدا ليضحك حسين عاليا
أما في غرفة چوري فتلك الفتاة الصغيرة قررت الآتي لن يمنعها أحد من الذهاب والسفر بعد الآن ، لم تعد طفلة عليها أن تاخذ قرارها بنفسها ولا أحد يملك الحق ليعارضه لذلك قررت أنها ستسافر رغما عن أنف الجميع في صباح اليوم التالي ستسافر دون أن تخبر أحد ستضعهم جميعا أمام الأمر الواقع !!
________________
في منزل عمرو وروان
تحركت مرام في غرفتها بذور الشوك تزرعها ذهابا وإيابا من الغيظ ترويها بصرخات الغضب والغيظ ، شريف كيف يتجرأ ويفعل ذلك ، كيف
يختار تلك اللقيطة ، كيف يعاملها يتلك الطريقة للمرة الثانية ، جلست على فراشها تشتعل غيظا ... أمسكت هاتفها تقرر أنها ستكمله وتنهي علاقتهم نهائيا ، حين وجدت هاتفها يدق برقم غريب ، فتحت الخط تُجيب ليتحدث الطرف الأخير سريعا :
- البلوجر المشهورة مرام عمرو معايا ، مع حضرتك فريق إعداد برنامج ******
توسعت حدقتيها ذهولا لتهب واقفة تغمغم متلهفة :
- ايوة أنا ، أيوة طبعا عارفة البرنامج
رد الطرف الآخر يجيبها :
- طيب طالما عارفة البرنامج إحنا عازمين حضرتك تطلعي معانا في الحلقة الجاية أنتِ وخطيب حضرتك سيادة الرائد شريف علي معايا حضرتك 48 ساعة تبلغيني بموافقة حضرتك أو رفضك عشان نبدأ نجهز للحلقة ، سلام
وأغلق الخط لتتسع حدقتيها ذهولا أرادت أن تصرخ من الفرح أخيرا ستصبح ضيفة في ذلك البرنامج الشهير ولكن شريف كانت على وشك إنهاء علاقتهم ربما عليها تأجيل ذلك ، والآن بدلا من أن تُنهي بها علاقتهم عليها أن تفكر في خطة لتراضيه بها
صرخت تنتفض من مكانها حين دفع جواد باب غرفتها بعنف ، ولج لداخل الغرفة ليقترب منها يقبض على ذراعها يصرخ فيها :
- أنتِ ايه يا شيخة ، مريضة ولا شيطانة.. أذيتك العيلة الصغيرة في ايه عشان تطرديها وهي في حالتها دي من بيت شريف ، على فكرة شريف ناوي يفسخ الخطوبة واشربي بقى ،أنا مش فاهم هو إزاي اصلا كان مستحمل واحدة مريضة مؤذية زيك
- جواااد ، أنت اتجننت إزاي تقول على أختك كدة
صرخت بها روان مصعوقة حين سمع ابنها البكر يسب شقيقته بتلك الطريقة المهينة فما كان من جواد إلا أن التفت لها طفقها بنظرة ساخرة يغمغم متهكما :
- صحيح أنا مستغرب ليه أنها مريضة ومؤذية ما هي بنتك ، أكيد طلعالك
توسعت حدقتي روان ألما مما قال لم تشعر سوى وهي ترفع يدها تهبط بها على وجه جواد تصرخ فيه :
- أنت قليل الأدب وما اتربتش
احتقنت عيني جواد رفع يده يضعها على وجهه
يشعر بالإهانة ، اقترب من روان يحدجها بنظراته النافرة الكارهة ليهمس لها حانقا متوعدا :
- أنا بكرهك ، بكرهك أكتر مما تتخيلي ، عمري ما هنسى اللي عملتيه ولا هسامحك عليه
التفت صوب مرام يردف يتوعدها :
- وأنتِ اقسملك أعرف أنك أذتيها بحرف مش بكلمة ههد المعبد على دماغك
وتركهم وغادر يشتعل غضبا وذكريات قديمة تنهش كيانه بلا رحمة !
_________________
وقفت أمام مرآة المرحاض تنظر للجروح التي تغطي ذراعيها وخط الجرح القديم الظاهر أسفل بطنها ، تنظر لنفسها متقززة من هيئتها ومن ماضي لن تنساه يوما أغمضت عينيها لتتدحرج دموعها على خديها تحتضن نفسها بذراعيها وذلك الشعور القديم بالخطر والخوف يتجدد ، أنزلت رأسها تصفع وجهها بالمياه بعنف
أكملت ارتداء ثيابها تخرج من المرحاض لترى زينب تتناول الدواء الذي وصفه لها ذلك الطبيب المخيف ، في تلك اللحظة تذكرت علبة الدواء التي أعطاها لها ، وأخذتها منه زينب وحين خرجا أعطتها زينب لها ، بحثت عنها إلى أن وجدتها لتمسك هاتفها تبحث في محرك البحث عن معلومات عن هذا الدواء ، ما وجدته كان أبعد ما يكون عما تصورت ، الدواء حقا فعال في حالات الصداع والدوار ويعمل كمحفز ينشط الجسد ، اغلقت هاتفها ما أن وصلت لتلك النتائج ونسيت أن تقرأ آثاره الجانبية السيئة ، فتحت علبة الدواء تأخذ قرص منه ، لتنظر صوب زينب فرأتها شاردة تنظر بعيدا ، تضم ركبتيها لصدرها لا تعرف فيما تفكر ولك ترد أن تضايقها ، يبدو أنها تحاول أن تحسم نتيجة صراع ما ، لذلك تسطحت بجسدها إلى الفراش تعقد ذراعيها خلف رأسها تنظر للفراغ لتلوح أمامها صورة جاسر وتتذكر ذلك المشهد الذي رأته في حلمها
___________
مرت الساعات دون أن يشعر ، سقط نائما في عيادته يشعر بالانهاك ، يا له من يوم طويل لم ينتهي إلا متأخرا ليجد نفسه سقط نائما على مقعد مكتبه ، استيقظ فجاءة بعد كابوس خانق
قام فجاءة ينظر لساعة يده يجدها اقتربت من الخامسة فجرا قام يلتقط سترته ومفاتيحه إلى خارج العيادة الفارغة اغلقها ينزل لسيارته ، ضرب نسيم الفجر البارد كيانه تنفس بعمق قبل أن يدخل لسيارته ، فتح سقف السيارة ليشعر بالهواء يصدم روحه يجدد إنتعاشها من كل مكان حوله ، صورة مليكة تتجسد أمامه يسعى للانتقام منها ليجد نفسه يفكر في تلك الجروح التي تشوه ذراعها تُرى ما الذي حدث لها لتقدم على فعل ذلك بنفسها ، تلك الحية يجب عليه الإنتقام منها ولكن لما حين رآها أمامها ساكنة عاجزة شعر بالشفقة عليها ، تأقف حانقا هل صابه فُصام الآن يشفق عليها ويريد الإنتقام منها في آن واحد ، وصل أسفل منزله صف سيارته يصعد لأعلى ، بدأ باب منزلهم بهدووء حتى لا يُزعج أحد ، ما إن خطى أول خطوة رأى مصطفى يخرج من باب غرفته يتسلل بخفة صوب غرفة أريج !! احتدت حدقتيه غضبا ليسرع خطاه إليه يقبض على كتفه ، انتفض مصطفى فزعا ، أصفر وجهه ينظر خلفه
ليجد جاسر يقف أمامه وقبل أن يردف بكملة جذبه جاسر من ذراعه بعنف يتجه به صوب غرفته دفعه للداخل يغلق الباب عليهم ، اقترب منه ودون سابق إنذار لكمه في وجهه بعنف ترنح مصطفى ليسقط على فراش جاسر ليقترب جاسر منه قبض على عنقه يدفعه ليتسطح بجسده على الفراش استند جاسر بركبته إلى سطح الفراش يقبض على عنق مصطفى يهمس له:
- أنا من ساعة ما شوفت خلقة أمك وأنا مش مستريحلك ، سنة ورا سنة وأنا بلعك بالعافية عشان خاطر أختي ، استحملت سماجتك وسخافة دمك ، إنما توصل للوساخة اقتلك قسما بربي ما تعدي عليك ساعة كمان
اختنقت أنفاس مصطفى يحاول دفع يد جاسر من حول رقبته ، يهمس بصوت متحشرج مختنق :
- أنت فاهم غلط ، سما نايمة عند أختك صدقني أنا كنت داخل لسما
ضيق حدقتيه قبل أن يبعد كفه عن رقبة مصطفى قبض على كتفه يجذبه نحوهه طحن أسنانه يهمس له متوعدا :
-حتى لو سما في الأوضة ما تدخلش الأوضة عند أختي ، إحنا مش بقرون قدام أهلك ، وياريت تغور بقى يا بخت من زار وغار ، أول ما يطلع الصبح ، غور أرجع شقتك وسيب سما والعيال أو خدهم معاك عشان ما تعملش فيلم الوسادة الخالية ، كفاية قرف بقى
طفح الكيل بمصطفى من إهانات جاسر المتتالية التي لا تتوقف ليدفعه بعيدا عنه يصيح محتدا :
- أنت زودتها زيادة عن اللزوم يا جاسر ، أنا ساكتلك لأني معتبرك أخويا الصغير بس كدة كتير أوي ، أنا هاخد مراتي وعيالي وأغور في داهية بعيد عن خلقتك وأنا ليا كلام تاني مع حمايا عشان اتاهن في بيته من حتة عيل زيك شايف نفسه
وتحرك يغادر المنزل بأكمله تاركا جاسر يقف مكانه يقبض كفه بعنف هو على أتم ثقة أن ذلك الرجل يفعل ما سيدني برؤوسهم جميعا إلى الوحل
خرج من غرفته إلى غرفة أريچ لتتسع حدقتيه حين رأى أريچ فقط هي من بالغرفة ، خرج إلى غرفة سما ليجدها نائمة في فراشها إذا الوغد كان يخدعه ، يقسم أنه سيُزِهق روحه ، دخل إلى غرفة أريچ يصفع الباب خلفه لتنتفض أريچ مفزوعة ، اقترب جاسر منها يقبض على ذراعها يهمس محتدا :
- إيه اللي بينك وبين مصطفى يا أريچ !!
______________
في تمام السابعة صباحا استيقظت هي لم تكد تنام سوى ساعتين على أكثر تقدير تستعد للذهاب إلى الساحل تعرف أنها مخاطرة كبيرة ولكنها ستخوضها من حقها أن ترى حلمها وهو يتحقق أمامها وستفعل أعدت حقيبة ثيابها ، تبدل ثيابها نزلت على سلم البيت تتسلل على أطراف أصابعها تحمل حقيبتها ما أن وصلت لمنتصف السلم شعرت بأحدهم يضع يده على كتفها ، انتفضت مذعورة نظرت خلفها لترى فاطمة تقف أمامها تنفست الصعداء تهمس لها :
- خالتو بالله عليكي ما تقولي لبابا دا أنتِ اللي شجعتيني إني أسافر
ابتسمت فاطمة لها تومأ برأسها تهمس تطمأنها :
- ما تقلقيش مش هقوله ، يلا أنتِ على طول
ابتسمت چوري تشكرها تكمل طريقها سريعا إلى أن وصلت لباب المنزل لترفع يدها تلوح بيدها إلى خالتها بالوداع قبل أن تخرج من المنزل تجذب الباب خلفها بخفة ، لتصعد فاطمة تركض إلى أعلى دخلت شرفة غرفتها تنظر من خلالها إلى سيارة چوري التي خرجت من حدود منزل جاسر لتقم على مهل تضب حقيبتها هي الأخرى بدلت ثيابها تسدل شعرها القصير أمسكت بذراع حقيبتها تجذبه خلفها مرت ساعة ونصف تقريبا قبل أن تخرج إلى غرفة جاسر ، دقت الباب وانتظرت إلى أن خارج جاسر لها يعقد رابطة عنقه لتبتسم له تغمغم :
- صباح الخير يا جوز أختي ، أنا قولت أسلم عليك قبل ما أمشي ، ابقى سلمي لي على رؤى ... يلا باااي
تحركت لتغادر ليقبض جاسر على ذراع حقيبتها يصيح فيها محتدا :
- أنتِ رايحة فين يا فاطمة ، ما فيش خروج من هنا وكلامي يتسمع
التفتت فاطمة إليه تضحك عاليا قبل أن تردف ساخرة تتشمت به :
- عايزني أسمع كلامك ، كانت چوري بنتك سمعت كلامك ، چوري سافرت الصبح بدري الساحل وأنت نايم ، مشي كلامك على بنتك الأول يا جسور وبعدين مشيه عليا
شخصت عيني جاسر غضبا ، ليندفع إلى غرفة چوري فاستغلت فاطمة الفرصة لتنزل لأسفل تغادر
دفع جاسر باب غرفة چوري ليجدها فارغة وحقيبة سفرها التي دوما تضعها فوق دولاب ثيابها غير موجود ، وعدة علاقات للثياب فارغة فوق فراشها ، ووجد أيضا ورقة مطوية على فراشها فتحها ليجدهل كتبت
( بابا أنا آسفة ، بس أنا من حقي أسافر وأشوف أكبر مشروع أنا تعبت فيه بيتحقق قدام عينيا ، أنا سافرت الساحل ، واتمنى ما تزعلش مني )
كمش الورقة في يده غاضبا ، مد يده يخرج هاتفه من جيب سترته يطلب رقم ابنته ما أن فتحت الخط صرخ فيها بعلو صوته :
- چوري تلفي وترجعي حتى لو واقفة على باب الفندق أنتِ فاهمة
وصل إليه صوت ابنته متوترا خائفا :
- أنا آسفة يا بابا مش هقدر ، أنا ما بعملش حاجة غلط ، دا حقي ما تزعلش مني
قبض على هاتفه يكاد يهشمه من شدة ضغطه ليصيح يتوعدها :
- مش هتعدي يا چوري صدقيني حسابك معايا هيبقى وحش أوي
وأغلق في وجهها الخط ، ليسمع صوت سيارة تتحرك خرج لشرفة غرفة چوري ليرى فاطمة تنطلق بسيارتها سريعا خارج المنزل
تحرك إلى غرفته يكاد ينفجر من الغضب ، ما أن دخل ورأى رؤى أمامه انفجر يصرخ فيها :
- شايفة بنتك عملت ايه ، الهانم سافرت من غير ما تقولي ، ورحمة أبويا وأمي ما هتشوف الشارع تاني
توسعت حدقتي رؤى ذهولا مما تسمع منه ، كيف تفعل چوري ذلك ، سيكون حسابها عسيرا معها قبل جاسر ، نظرت لجاسر لتجد نفسها تقول :
- دا ذنب جاسر ربنا بيخلصه منك ، رعد اللي دايما ظالمه وجاي عليه ، رعد اللي لحد دلوقتي جاي عليه وبتشك فيه وبتخلي ناس تراقبه ، اللي يوم ما حبيت تصالحه جبته متكتف ، رعد اللي كسرت نفسه لدرجة أنه بقى بيتعامل زي الغريب في بيته ، أوعى تأذي چوري يا جاسر زي ما دايما آذي رعد ، ساعتها هسيبلك البيت أنا وعيالي
وتحركت تغادر الغرفة ليتنهد جاسر يزفر أنفاسه بعنف مقررا السفر لچوري ، ما أن خرج من المنزل وجد هاتفه يدق برقم الرجل الذي يراقب رعد ما أن فتح الخط بادر الأخير يقول متلهفا :
- ايوة يا باشا عرفتلك كل المعلومات عن البنت اللي مع رعد باشا ، أنا موجود حاليا في *****
تحب أطلع على شركة حضرتك
- لالاخليك مكانك أنا قريب مكانك ، جايلك أهو
غمغم بها جاسر سريعا ليدير محرك السيارة يتجه إليه
وبداخل البيت تحديدا في الصالة استيقظ رعد باكرا أمامه ساعتين حتى يذهب للشركة توجه إلى أقرب أريكة يرتمي بجسده عليه ، فتح هاتفه يرسل لطرب ( صباح الخير ، لما تصحي كلميني ) وأغلق الهاتق يتمدد على الأريكة
ليجد يوسف يدخل إلى الصالة يتأفف ناعسا غمغم ما أن رآه :
- أبوك وأمك صاحيين يتخانقوا على الصبح صحوا الواحد
ارتمى على مقعد قريب من رعد ليبتسم الأخير ساخرا دون أن يرد ليتنهد يوسف نظر لشاشة التلفاز وجهاز الألعاب الموضوع جانبا ليعاود النظر لرعد يغمغم :
- بقولك ايه بقالنا كتير اوووي ما لعبناش جيم سوا ، ما تيجي جيم واحد بس ، الواحد مخنوق من المذاكرة ومراد ابن خالك ما بيعرفش يلعب زيك
ابتسم رعد لم يرد إحراج شقيقه ليومأ برأسه موافقا وها هو يجلس في غرفة المعيشة علي الأرض يجاور شقيقه الصغير يوسف ، أمامهم شاشة كبيرة مسطحة ، كل منهم يسمك في يده أحد أدرعة اللعبة ... يعلو صوت الحماس بينهم كلما أحرز أحدهم هدفا في مرمى الآخر . ضحك رعد منتصرا يلكز شقيقه في ذراعه يغمغم ضاحكا :
- قولتلك أنا اللي هفوز ، الكرة دي فن مش عن عن
زم يوسف شفتيه حانقا ،امتعضت قسمات وجهه ترك ذراع اللعبة من يده يردف محتجا :
- أنت هتعيش فيها دا هو جون فرق بيني وبينك وهنشوف مين اللي هيكسب
ضحك رعد من جديد يحرك حاجببه عابثا كاد أن يسجل الهدف التالي لولا صوت والدهم الذي صدح كالرعد يصرخ غاضبا باسم :
- رعد ، أنت فييين يا رعد يا بيه
نظر يوسف لرعد قلقا عليه من غضب أبيهم الذي دوما ما يصب فوق رأسه ، في حين تنهد رعد بعمق ترك اللعبة وقام توجه خارج الغرفة إلي باحة القصر ليرى أبيه يقف عند باب المنزل من الداخل يُمسك في يده عدة أوراق عينيه تقدح شررا ، في تلك اللحظة خرجت رؤى من المطبخ تحركت سريعا تقف في المنتصف بين رعد وجاسر وجهت حديثها لجاسر تغمغم قلقة :
- مالك يا جاسر متعصب وداخل مش شايف قدامك كدة ليه
لم ينطق هو بحرف يقف صامتا ينظر لأبيه هو حتى لا يعلم لما هو غاضب ولكن ما الجديد فوالده دوما غاضب أجفل علي صوت أبيه يعلو من شدة غضبه:
- لا ولا حاجة رعد باشا الطيب الغلبان اللي أنا جاي عليه ودايما ظالمه ، بيحب رقااااصة ، ابنكِ بيحب رقاصة يا رؤى هانم والصور أهي !!
جملة والده العنيفة الصارخة حلت على رأسه كالصاعقة جمدت كل ذرة به ، عن من يتحدث والده ؟!بالطبع ليست طرب الفتاة البريئة الحزينة التي يعرف ، طرب لن تخدعه ، ارتجف جسده بعنف ليمد يده المرتعشة صوب الصور التي يمسكها وهو يدعو بكل ذرة فيه أن يكن فقط تشابه أسماء ، أمسك بالصور يديرها لتشخص مقلتيه وتُقتل آخر ذرة أمل في قلبه كانت هي ، ذلك الوجه تلك الابتسامة ، وخصلات الشعر القصيرة من أعلى وحلة رقص عارية مبتذلة تغطي جسدها من أسفل ، في تلك اللحظة شعر بألم لا يُوصف الفتاة الأولى والوحيدة في حياته، سلواه في تلك الأيام العصيبة المريرة كانت تخدعه هي الأخرى إذا الفتى في حديقة الألعاب لم يكن يكذب وهو من ضربه ظلما وبهتانا ولكن كيف كان سيعرف أن تلك النظرات الناعسة تخفي خلفها الكثير ، من صورة لأخرى مشهد لآخر حلة لأخرى يرى ما يعتصر قلبه ألما إلى أن وصل للورقة الأخيرة المرفق بها المعلومات عنها في الأغلب لم يرها والده هو فقط رأى الصور ، قبض على الأوراق في يده يندفع راكضا لخارج المنزل ، وخلفه رؤى تصرخ مذعورة :
-رعد يا رعد استنى يا إبني ، رعد
نظرت لزوجها ليقترب الأخير منها زفر أنفاسه بعنف أغمض عينيه يشعر بعقله سينفجر في البداية چوري وسفرها دون علمه والآن رعد ابنه وقع في شرك راقصة لعينة ، حية سعت إليه لتوقعه في شباكها السامة ، سيذقيها أشد عذاب على ما فعلت سيريها لما كانوا يطلقون عليه قديما لقب الشيطان!!
أما يوسف فظل ينظر لهما يشعر بالألم على صدمة شقيقه يبدو أنه حقا كان يحب تلك الفتاة وصدمته بها حقا قاسية يذكره بنفسه وصديقه المقرب أو الذي كان مقربا يوما وليد ، منذ ما حدث وهو لو يعد يعرف عنه شيئا والده قطع كل السبل بينهم جل ما يعرفه عنه الآن أنه يتلقى علاج نفسي مكثف تحت إشراف جاسر ابن عمته كم يطوق للسؤال عنه معرفة أخباره أن يعودا لسابق عهدهما معا صديقان يتشاركان المذاكرة واللعب والمسابقات ، ابتسم ساخرا ذلك الأحمق أودى بصدقاتهم إلى الهاوية بسبب تلك الأفلام المشبوهة التي أثرت على عقله يتمنى أن يعيد جاسر إصلاح خلايا عقله التالفة قريبا !
______________
جلس على مقعد أمام فراش شقيقته ينظر إليها يرميها بنظرات حادة غاضبة في حين هي ترتجف خوفا ما أن أفصحت لجاسر عن علاقتها بمصطفى زوج شقيقتها ، زفر جاسر أنفاسه بعنف يحاول أن يهدأ وعقله يرتب ما قالته له شقيقته وجزء كبير بداخله يشعر بها كاذبة تلك ليست الحقيقة ، التقطت رئتيه الهواء بعنف قبل أن يزفره يسألها :
- يعني أنتِ دلوقتي عايزة تفهميني أنك كنتي معجبة بمصطفى جوز أختك وأنتِ لسه عيلة مراهقة وهو كان بيحاول يقنعك أنه زي أخوكِ الكبير ، أنا مش هحاسبك على فكرة أنك كنتي معجبة بجوز أختك لأنك كنتي عيلة صغيرة أولا وتربية ماما اللي كانت حبساكِ فيها خلتك تعجبي بأول راجل غريب تشوفيه ، السؤال هنا بقى ، بعد ما كبرتي ومشاعرك المفروض نضجت ، لسه معجبة بيه ؟
أخفضت عينيها تشعر بالخزي من الفكرة حين خرجت من فم شقيقها شعرت بمدى دناءة ما كانت تفعل ، ابتلعت لعابها تحرك رأسها للجانبين تهمس مرتبكة :
-لاء والله يا جاسر ، أنا لما شوفته بعد السنين دي كلها مع سما والأولاد حسيت قد ايه كنت هبقى شخصية زبالة لو أذيت ، واكتشفت لما شوفته بعد السنين دي إني فعلا مشاعري ناحيته كانت مراهقة ، يمكن لما كنت بكلمه وهو بعيد كنت لسه في موجة مشاعر المراهقة إنما دلوقتي لاء والله
-طب وهو رد فعله كان إيه
باغتها جاسر بسؤاله فجاءة ليخفق قلبها بعنف توترت نظراتها تعتصر كفيها بعنف تتذكر تلك الرسالة التي بعثها إليها بالأمس ( جاسر شاكك أن في علاقة بينا ، لو سألك هتقوليله أنك كنتي معجبة بيا وأنتي صغيرة وأنا كنت رافض وبقولك أن أنا زي أخوكي الكبير ، عارفة لو قولتي لجاسر حاجة هوريلهم كل الرسايل والصور اللي كنتي بتبعتهالي وامسحي اي شات بينا أو أي صورة عشان لو خد موبايلك )
رفعت رأسها تنظر صوب شقيقها كم ودت أن ترتمي بين ذراعيه تختبئ بين أحضانه تخبره بكل شئ ولكنها خافت ، تلعثمت تهمس له مرتبكة :
- ما أنا قولتلك يا جاسر كان دايما يقولي أنا زي أخوكِ الكبيرة وأنتِ لسه صغيرة ولما تكبري هتضحكِ على اللي أنتِ بتقوليه دا
لم يقتنع حركات جسدها بالكامل تدل أنها تكذب أو تخفي أمرا ، تحرك من مكانه جلس جوارها لترتبك تبتعد عنه ، فما كان منه إلا أنه أمسك بذراعيها بين كفيه برفق يسألها بهدوء :
-أريچ أنا حاسس أنك بتكذبي عليا ، قوليلي الحقيقة وأنا أوعدك أن ما حدش هيعرف ولو في أي حاجة أنا هساعدك صدقيني يا حبيبتي
كادت أن تضحك ساخرة منذ متى وهو بذلك القدر من الحنو أم أنه فقط يستدرجها جاسر دوما لم يكن يهتم سوى بنفسه والآن يأتي ليمارس عليها ألعاب مهنته ، حركت رأسها للجانبين بعنف تهمس:
-صدقني يا جاسر دي كل الحقيقة
تنهد بعنف ليترك ذراعيها شردت عينيه لعدة لحظات يفكر في شئ ما قبل أن يلتفت إليها من جديد يسألها :
- أومال هو كان داخل أوضتك يتسحب ليه ؟!
توترت لم تجد إجابة هي حتى لا تعرف لما كان يود الدخول لغرفتها سرعان ما تذكرت أمرا لتسارع تقول :
- يمكن عشان كيان أصلها كانت نايمة عندي وبعدين ماما جت خدتها مني بليل ، يمكن كان لسه فاكرها نايمة عندي ودخل ياخدها
كذبة سخيفة لم يصدقها ربما لم تسنح له الفرصة حين اندفع باب غرفة أريچ ودخل سما وهي تحمل الصغيرة كيان ترتدي ثيابها تلف حجاب رأسها وقفت أمام جاسر تحادثه محتدة :
- متشكرة يا جاسر شكرا أوي يا أخويا ، أنك هزقت جوزي مرة واتنين وطردته وإحنا نايمين ، لو مش عايزنا نقعد في البيت قول عادي وإحنا نمشي بس ما تهزقوش وتطرده ، يكون في معلومك دي آخر مرة هدخل فيها البيت دا ، وأنسى أنك ليك أخت اسمها سما
تحركت لخارج الغرفة ليصل إليه صوت والدته وهي تحاول اللحاق بها :
- يا سما اهدي يا بنتي ، هتروحي فين بس ، أنا هخلي جاسر يكلم مصطفى ويعتذرله ، يا بنتي
ولكن صوت الباب وهو يغلق حسم كل شئ ، نظر جاسر إلى باب حين لاحظ أن هناك من يقف رفع رأسه ليجد والده يقف أمامه ينظر إليه حانقا قبل أن يصيح فيه غاضبا :
- اديني سبب واحد يخليك تطرد جوز أختك من البيت ، مش مستحمل وجودهم معانا في البيت أسبوع وهما مسافرين بقالهم سنين ، أومال لما أموت هتعمل إيه في أخواتك البنات ، انطق طردت جوز أختك ليه
لم يجب ، لو أخبرهم حتى بقشور الموضوع التي يعرف سيضع أريچ في موقف سئ للغاية ، نظر بعيدا لا يجد إجابة يقولها ، وربما لم يبحث من الأساس .. ليأتيه صوت والده يردف غاضبا :
طبعا مش لاقي حاجة تقولها أصلها مش أول مرة ، بس المرة دي أنت زودتها أوي ، يا تروح تعتذر لجوز أختك وتراضيه على القرف اللي أنت هببته وتصالح أختك ، يا تلم هدومك وتروح تقعد في شقتك ، وما اشوفش وشك في المستشفى
ظن ياسر أن جاسر بالطبع سينفذ ما قال ، فما كان من الأخير إلا أنه توجه لغرفته يضب عدة ثياب في حقيبة صغيرة سريعا ، حملها على كتفه يلتقط مفاتيح سيارته ... تحرك للجاسر لتلحق به نرمين تغمغم سريعا:
- جاسر عشان خاطري اسمع كلام أبوك ، أختك غلبانة ولسه راجعة من السفر وجوزها طيب والله ، لو حصل بينكوا سوء تفاهم هيتحل
ابتسم جاسر ساخرا يكمل طريقه للخارج ذلك الطيب هو على أتم ثقة من أنه يخفي كارثة ، ترك المنزل ونزل لسيارته يلقي حقيبة ثيابه على المقعد جواره، يشعر بالتعب الشديد لم يذق للنوم طعما منذ الأمس ، أرجع رأسه للخلف حيث مقعد السائق يغمض عينيه متعبا ، لحظات ووصل لهاتفه صوت رنين رسالة ، ألتقط هاتفه ليجدها من مليكة فتح الرسالة ليجدها أرسلت :
( دكتور جاسر أنا آسفة جداا على اللي حصل إمبارح ، كان فعلا كابوس بشع ، وأنت عندك حق أنا مش لازم اخلط بين الحقيقة والكوابيس ، بس الحقيقة أن أنا عندي شفافية عالية في الأحلام يمكن دا كلام يبان مش علمي لحضرتك ، بس دي حقيقة من وأنا صغيرة واللي بشوفه بيتحقق بشكل أو بآخر ، بس أنا حقيقي يتمنى أن الكابوس دا ما يتحققش لأنك ساعتها هتكون قضيت على اللي باقي مني )
وأنهت رسالته وتركته في حيرة ماذا تعني ؟! وماذا رأت من الأساس لتقول ذلك ؟! هل حبوب المهدئ التي أعطاها إليها أثرت على عقلها بتلك السرعة ؟! ، كان متعبا فالقى الهاتف جواره ولم يسألها ما تعني ، أدار محرك السيارة ينطلق إلى حيث منزله ، ذلك المنزل يملكه منذ عام تقريبا تحسبا أن وجد من تسرق عقله قبل قلبه ويقرر الزواج ، ميزة ذلك المنزل أنه قريب للغاية من عيادته الخاصة ، لم يكن يشغله في أمر طرد أبيه له من المستشفى سوى حالة سامر لو تركها لذلك الطبيب النرجسي المدعو سمير ستسوء حالة الشاب من جديد وربما يقدم على الانتحار ، الفتى لازال يتأرحج بين الألم والأمل قدميه تقف على الهاوية ، وقف بسيارته أمام عمارة سكنية في منطقة راقية ، نزل من السيارة يجذب حقيبة ثيابه ، صعد لأعلى عبر المصعد وصل للطابق ، أمام باب شقته وضع المفاتيح في قفل الباب ليسمع صوت باب الشقة المقابلة له تفتح ، التفت تلقائيا لتتسع حدقتيه ذهولا وتشهق الأخيرة متفاجئة تغمغم مدهوشة :
- دكتور جاسر !!
أراد أن يضحك من المفاجئ حين أراد القدر أن يفاجئه وجد مليكة تسكن في الشقة المقابلة له ، ما احتمالية حدوث ذلك من الأساس ، ربما أقل من واحد في المئة فكيف يحدث ذلك ، ظل للحظات يحاول إستيعاب ما يرى قبل أن يعد لهدوئه المعتاد ، أعطاها ابتسامة فقط والتفت يفتح باب منزله دخل وأغلق الباب وتركها تنظر في أثره مذهولة تتمتم حانقة:
-إيه قلة الذوق دي
أما هو فكان يقف يراقب رد فعلها على ما فعل من خلال تلك العين الصغيرة في الباب وابتسم ساخرا على ملامح وجهها المصدومة مما فعل ، تحرك يجلس على أقرب مقعد منه يفكر في ترتيباب القدر الجديدة !!
_________
كم الساعة الآن تعدت العاشرة صباحا حين توقفت سيارته أمام منزل أبيه ، ينظر لنور النائمة على المقعد جواره لا حول لها ولا قوة الآن فهم الخطوط العريضة الحكاية تلك المسكينة نور كانت خادمة أماندا من إحدى القرى النائية البعيدة ، جواد أعجب بها ومن ثم أحبها لسبب هو وحده يعرفه وحين شعرت أماندا بذلك شعرت بالغيرة فأرادت أن تؤديها ، فأحضرت حارسها الشخصي التي أطلقت عليه اسم جواد ليعتدي عليها ولكن جواد استطاع إنقاذها وقبل أن يصل إليها هربت منه ، واصطدمت في سيارته بعد ذلك بعدة أيام أو أسابيع أو أشهر ، ولكن الغريب في الأمر هو جواد نفسه ، لم يكن يظن يوما أن ذلك النرجسي الذي لا يعشق أحد بقدر نفسه قد يحب فتاة يوما ، المؤلم في الأمر هو معرفة ليان شقيقته به الحمقاء تعشق ذلك النرجسي المريض، ستنهار حين تعلم أنه يحب أخرى ، تنهد بعمق يمسح على وجهه بكف يده ، جواد توسله حرفيا ليدعه يأخذ نور كاد أن يبكي وهو حين علم ما صابها وأنها باتت لا تتحدث توسله يخبره أنه سيتزوجها في الحال وأنه لن يستطع العيش دونها وأنه يبحث عنها منذ فترة طويلة ولكنه رفض
تنهد من جديد ينزل من السيارة فتح الباب المجاور لها يحملها بين ذراعيه يصعد بها لأعلى قبل أن يدق الباب فتحت له إيمان تنظر لنور متلهفة تسأله مذعورة:
- الحمد لله يارب أنك لقيتها هي مالها يا شريف حصلها إيه
طمأن والدته يتحرك بها إلى غرفتها ، وضعها على برأسها ينظر لها وهي نائمة في عالم آخر ، تلك الصغيرة لا تعلم أنه بسببها حدث الكثير ، أولهم أنه خسر مرام ، مرام الفتاة الوحيدة التي أحبها قلبه لم يكن يظن أبدا أنها بتلك القسوة ، لا زال لا يصدق أنها تفعل ذلك طردت فتاة عاجزة مريضة وتحركت للمطبخ تعد الغداء وتصنع أحد مقاطع الفيديو لجذب المشاهدات دون أن يرتف لها جفن ، دون أن تشعر حتى بالندم ،هل تلك مرام التي أحب ؟! ، أجفل على يد والدته تجذبه لخارج الغرفة تغلق الباب على نور ، تحرك معها إلى الخارج جلست على أحد الارائك ليجلس جوارها أسند رأسه إلى كتف والدته يشعر بالحزن يتكالب فوق عاتقه ، وشعرت والدته بذلك لتأخذ رأسه بين أحضانها تمسح على شعره برفق ليتنهد مرهقا يعانق والده يهمس لها:
-عملت كدة ليه بس ، حتى لو بتغير منها ، إزاي قلبها يبقى بالقسوة دي ، ما صعبتش عليها ، أنا حاسس أنها بقت واحدة تانية مش دي مرام اللي أنا حبيتها ، مش دي مرام الخجولة اللي كانت بتتكسف ، السوشيال ميديا وجو البلوجر والشهرة لحسوا دماغها ، خلوها واحدة تانية ،
هتصدقي لو قولتلك أن أنا خوفت منها لما بصيت في عينيها ، شوفت قسوة مخيفة مرام عمرها ما كانت كدة ، عارفة يا أمي كل مرة بخرج فيها معاها بدور في البنت اللي قاعدة قدامي على طيف البنت اللي أنا حبيتها ، بس يوم بعد يوم والطيف دا بيختفي خالص ، وأرجع أقول لنفسي يمكن بعد الجواز ترجع البنت اللي أنا حبيتها ، أنتِ عارفة انا خايف من ايه ، لبعد الجواز الاقيها بتصور كل خصوصياتنا وتعرضها على النت عشان تتشهر أكتر ، يبقى بيتي وحرمة بيتي مشاع للكل ، أنا مش هسمح بدا أبدا ، وما تقوليليش سيبها أنا بحبها لسه بحبها
أخرج كل ما يجثم على صدره من ألم ليشعر بالدموع تتساقط من عينيه ويغص قلب إيمان ألما على حال ولدها تتمنى أن يعد علي من رحلة عمله سريعا عله يساعدهم في إيجاد حل لتلك المعضلة في اللحظة التالية دُق الباب ، قام هو يمسح الدموع عينيه فتح الباب ليجد مرام تقف أمامه تطرق رأسها أرضا تفرك كفيها رفعت وجهها قليلا إليه ابتلعت لعابها تهمس له متوترة :
-ممكن أدخل
اشاح بوجهه بعيدا يفسح لها الطبق لتدخل ، وقفت إيمان تنظر إليها حانقة اقتربت منها تغمغم محتدة :
- أنا ليا كلام تاني مع أبوكِ ، صدقيني هو كان مستني عشان يريبكِ من أول وجديد وأنا هقوله على اللي أنتِ هببتيه ، اتقي الله يا شيخة حرام، دا عمرو وروان ما فيش أطيب منهم جايبة الخبث وقسوة القلب دي منين
ثم نظرت صوب شريف وتعمدت ان تذكرت اسم نور أمامها تغمغم:
- أنا هخش اشوف نور صحيت ولا لسه
لم تتفاجئ مرام أن شريف وجدها فبعد ما فعله جواد بالأمس لم تعد تتفاجئ ، أغلق شريف باب المنزل وظل الصمت بينهما لأكثر من خمس دقائق كاملة ، رفعت وجهها إليه ليري حدقتيها تغشاها الدموع لتهمس له :
-أنت صحيح عايز تسيبني يا شريف ، جواد قالي أنك عايز تنهي علاقتنا
- أنا خايف منك يا مرام
نطقها فجاءة لتتسع حدقتيها استنكارا مما قال ، ليبتسم هو ساخرا يومأ برأسه بالإيجاب مكملا :
- ايوة والله العظيم ، أنا لما بصتلك خوفت من نظرة القسوة اللي في عينيكِ كانت صعبة أوي
ورغم كدة أنا مستعد نكمل علاقتنا ونتجوز في أقرب بس بشرط واحد
ابتسمت سعيدة تتنفس الصعداء ، شريف سامحها إذا لديها الفرصة أن تخبره عن البرنامج ستكون ضيفة هامة في برنامج شهير وعليه سيزداد إعداد المتابعين لها ، ولكن تلك الاحلام تبددت تماما مع جملة شريف :
- تنهي موضوع البلوجر دا تماما وتقفلي أي حساب ليكِ ويفضل عندك بروفايل شخصي زيك زي أي حد ، وما فيش أي تفصيلة من تفاصيل حياتنا تتنشر على النت قولتي ايه ؟
اتسعت حدقتيها في صدمة ، مستحيل بالطبع لا ، لن تنهي كل شيء بعد أن بدأت تصير معروفة وشهرتها تزداد ، كيف يطلب منها الإنسحاب الآن ، لما يريد تدمير مستقبلها ؟!
تصارعت الأسئلة في رأسها لتنظر إليه تهمس بنبرة متحشرجة شبه باكية تحاول بها إستعطافه :
- لا يا شريف عشان خاطري ، أوعدك مش هخرج أي سر من أسرارنا برة ، لو بتعمل كدة عشان نور أنا هعتذرله وقدامكوا ، عشان خاطري
لم تبدو على ملامحه التأثر ربما لأن طريقتها في محاولة استمالته مبتذلة وغير حقيقية بالمرة كتف ذراعيه يردف بنبرة قاطعة :
- لاء ، عيزانا نرجع تقفلي كل الحسابات دي وإلا كل واحد فينا يروح لحاله
بتلك البساطة يخيرها بين مستقبلها الباهر وبينه ، ربما تكن خدعة من شريف ليعرف أيهم ستختار وإن اختارته هو سيصفح عنها ويترك لها كل شئ ، الأمر ليس بمعقد ستختفي فترة وجيزة بعد أن تكتب منشور غامض من كلمة واحدة مثل مثلا ( ادعولي الفترة الجاية ، أنا محتاجة دعواتكم أوي )
وتترك الفضول والقلق يزداد في عقول المتابعين إلى أن تعود إليهم من جديد بأي خدعة أنها كانت مريضة أو تجري جراحة ما لديها صديقة تعمل طبيبة ستساعدها على إلتقاط صورة جيدة في غرفة العمليات ، نظرت صوب شريف تومأ برأسها موافقة :
- حاضر يا شريف هقفل الحسابات كلها عشان خاطرك !
_________________
الطريق من منزل زوج شقيقتها إلى منزل والديها القديم بات ياخد أضعاف الوقت بسبب زحام الطرق ، ولكنها اقتربت أخيرا كلما اقتربت من منزلهم القديم تشعر بقلبها يقفز بعنف وجسدها يبرد وذكريات منذ الطفولة تداهمها ، فاطمة الصغيرة الطفلة المدللة لدى الجميع ، موت والدها ومن ثم والدتها واخرهم زوجها وموت طفلها وهو لا يزال جنين في رحمها صفعات لم تتحملها لتنهار ، ها هي تعود لنقطة البداية منزلها القديم ولكن والديها ليسا هناك لتأخذها والدتها بين أحضانها ويضحك والدها سريعا ما أن يراها ، أدمعت عينيها حين وقفت السيارة في حيهم الشعبي القديم أمام منزلهم نظرت لأعلى لترى شرفة منزلهم المغلقة ويعتصر الألم قلبها ، فكرت كثيرا في العودة ولكن لا مكان ترغب فيه الآن سوى دفئ منزلهم القديم خرجت من السيارة تركتها مكانها تتوجه إلى داخل عمارتهم السكنية ، تسمع صوت أحدهم ينادي ولكنها تجاهلته
أما الواقف بالخارج فشعر بالغضب من تجاهلها
طرق بكفه على سطح السيارة بعنف يعلو بصوته الأجش:
_ يا أستاذة يا أبلة ، يا آنسة شيلي العربية من هنا ، دا محل أكل عيش
التفتت له تزيح نظاراتها الشمسية من فوق عينيها ، تعود أدراجها إليه ، احتدت نظراتها تغمغم محتدة هي الأخرى :
_دا بيتنا ، مش ذنبي أنك فاتح ورشتك تحت البيت ومش هشيل العربية ، من زمان والعربيات بتركن هنا ، وأعلى ما في خيلك اركبه
ابتسم الأخير ساخرا وفجاءة ودون حتى أن تأخذ حذرها رفع يده الممسكة بالمفتاح الضخم يهبط به على مقدمة السيارة لتتصدع ، صرخت هي من المفاجأة ، ليردف هو ساخرا:
_كدة وقوف العربية بقى ليها لازمة ، ٥٠٠ جنية عشان هنرد على البارد يا أبلة ، ودا عشان خاطر الأستاذ حسين الله يرحمه بس
توسعت حدقتيها ذهولا مما حدث ومن أنه يعرف والدها إذا هو يعرفها ، شعرت بالغضب مما فعل لتصرخ فيه بعلو صوتها :
-أنت قد اللي أنت عملته دا ، أنا هوديك في ستين داهية ، العربية لو ما اتصالحتش أنا هبلغ
عنك وأوديك في ستين داهية
وهي تتحدث وتصرخ دققت عينيها النظر في وجهه تشعر أنها تعرفه رأته قريبا ولكن متى ومن هو ؟ أجفلت على جملة أحد الرجال وهو يعاتبه :
-ما ينفعش اللي عملته دا يا محمود دا أنتوا جيران حتى والباب في الباب
محمود ابن عم سلطان ذلك الرجل الطيب إمام المسجد الراحل جارهم الذي سافر هو ووالدته لإحدى دول الخليج قبل خمسة عشر عاما تقريبا ، كم تتمنى أن تكن والدته لا تزال حية ، وابتسمت حين سمعت صوتها يأتي من أعلى تحادث ولدها حانقة :
- محمود خلص اللي في أيدك واطلعلي عيزاك
طار قلبها فرحا حين سمعت صوتها ، لتهرول لأعلى لباب الشقة المقابلة لهم دقت الباب وما أن فتحت إليها السيدة العجوز ، ارتمت بين أحضانها تعانقها تغمغم بلهفة :
- وحشتيني أوي يا طنط صفاء
أبعدتها صفاء عنها تنظر إليها تقطب جبينها متعجبة من منظرها لتسألها مستنكرة :
- أنتِ مين يا بنتي
قطبت فاطمة جبينها متعجبة ألا تعرفها شعرت بالإحراج لتحمحم تهمس متوترة :
- أنا فاطمة يا طنط هو حضرتك نستيني
كتفت صفاء ذراعيها تحرك رأسها نفيا تحادثه محتدة :
-لا يا حبيبتي أنا ما بنساش ، بس اللي قدامي دي مش فاطمة ، أنا سافرت أنا ومحمود وأنتي عندك 18 سنة يعني فكراكي كويس ، بس دا مش منظر فاطمة اللي أنا فكراها ، أنا كنت فكراك رقاصة ، نص بطنك باينة ليه يا فاطمة ، دا منظر بنطلون هيتقطع عليكِ من ضيقه ، منظرك مقرف !!
شعرت بالإهانة من جملتها لتلتفت تنسحب وتغادر إلى شقتها ، حين خرجت صادفت محمود أمامها اشاحت بوجهها بعيدا عنه تسرع إلى شقتها ، أغلقت الباب عليها لتنهار خلف الباب المغلق تبكي بحرقة
____________
تخدعه الفتاة الوحيدة التي اقتحمت حياته ، خدعته ... منذ ساعات وهو يقف على شط النيل مكانهم المعتاد ينظر للصور في يده مرة تليها أخرى وأخرى لا يصدق أنها هي ، كم يتمنى أن تكن تلك الصور زائفة ، أخيرا بعد ساعات قرر ، أوقف سيارة أجرة يخبره بعنوان الملهي لينظر السائق إليه متضايقا ليتنهد يغمغم ينصحه :
- نصيحة لوجه الله يا إبني أنت زي ابني ، أبعد عن الأماكن دي لو هتنسيك مشاكلك ساعة ولا اتنين بس هتندم بعدها أشد الندم
لم يرد فقط أشاح بوجهه إلي النافذة في الطريق طلب من السائق أن يتوقف في أحد محال الملابس ، نزل واشترى حلة فاخرة وارتداها وعدل هيئته جيدا وسحب مبلغ ضخم من بطاقته الإئتمانية ، ركب جوار السائق من جديد ليوصله إلى الملهى ، أعطى السائق نقوده ليتحرك إلى الداخل يبحث عنها بعينيه هنا وهناك يتمنى ألا يراها ، جلس على مقعد بعيد ، ليأتي إليه النادل يسأله عما يريد نظر رعد إليه يسأله هو في رقاصة هنا اسمها طرب
اومأ النادل برأسه يغمغم:
- ايوة يا باشا دي صاحبة النمرة الأساسية لكل ليلة ، هيعجبك رقصها أوي ، تحب حضرتك تشرب ايه ؟
اعتصر الألم قلبه يومأ برأسه يغمغم ساخرا:
-لاء لما تيجي ،هشرب معاها
ابتسم النادل يردف ضاحكا :
- يبقى مش هتشرب كدة يا باشا أصل طرب دي هانم ما بتنزلش تقعد مع الزباين خالص ، بتخلص نمرتها وتروح على أوضتها والزباين بتروحلها هناك
عاهرة أيضا عظيم يا طرب ، تفوقتي على الجميع في الخداع والخيانة
بعد نصف ساعة وقفت سيارة الأجرة التي تستقلها هي أمام الملهى ما أن خطت قدمها خارج السيارة شعرت بنغز قوي قي قلبها وشئ يخبرها بأن هناك مصيبة ستحدث
تحركت من الباب الآخر إلى غرفة الثياب الخاصة بها وبعد نصف ساعة أخرى خرج المقدم على المسرح يقطع الفقرة يعلو بصوته :
-والآن مع نجمة الليلة وكل ليلة مع الراقصة الفاتنة والنجمة المتألقة طرب
في اللحظة انكشف الستار لينتفض هو من مكانه يقف بعيدا حتى لا تراها رآها ، رأى ما جعل كل ذرة به تتألم طرب أمام تتمايل على سطح المسرح ، أعين الرجال تنهش فيها نهشا ، النقود تُرمى عليها من كل حدبٍ وصوب ، تبتسم للجميع كما كانت تبتسم له تلتف وتتمايل ، حقا بارعة ... لا يعرف كيف منع نفسه من المغادرة ، أراد أن يواجهها أن يجعلها تدفع ثمن اللعب به ، ما أن انتهت رقصتها انحنت تحيي الجمهور وفرت سريعا إلى غرفتها ، هنا خرج هو من مكانه ، يسأل النادل نفسه عن مكان المدير ، أشار له إليه ليتحرك رعد إليه وقف أمام يغمغم دون مقدمات :
- أنا عايز أقابل الرقاصة اللي كانت بترقص دلوقتي
نظر مهاب إليه الشاب يبدو ثريا وطرب الحمقاء لن توافق ، زفر أنفاسه يغمغم حانقا:
- على عيني والله يا باشا بس طرب مش هترضى دماغها ناشفة
وضع يده في جيب سترته يخرج مبلغ كبير من المال أعطاه له يغمغم بنبرة أكثر حدة :
- أنا رعد مهران ، ابن رجل الأعمال الكبير جاسر مهران ، وما تقلقش أنا بيني وبينها معرفة شخصية مش هترفض
ارتبك مهاب ليومأ برأسه سريعا تحرك أمامه يرحب به بطريقة مبالغ فيها ، إلى أن وصلا إلى باب غرفة مغلقة ليغمغم مهاب سريعا :
- ثواني يا باشا هقولها بس
أما هي أنهت فقرتها كعادتها كل يوم، صحيح إنها منذ ان دخلت المهلى اليوم وهي تشعر بغصة مؤلمة تخنقها وشعور سئ أن القادم أسوء ولكن شئ لم يحدث وها هي أنهت رقصتها المميزة ، جلست في غرفتها تمسك قطعة من القطن لتزيل مساحيق التجميل عن وجهها حين دُق الباب لم ينتظر الطارق أن تسمح له بل فتح الباب ودخل
نظرت للطارق لتتأفف حانقة في حين غمغم مهاب مبتسما :
-راقصة مصر الأولى في ضيف عايزك
رمت ما في يدها بعنف لتهب واقفة تنظر لمهاب باشمئزاز لتصرخ :
_ ضيف مين هتلاقيه واحد من الزبالة اللي كل يوم والتاني جاييهملي ، أنا مش هقابل حد
ضحك مهاب ساخرا ليردف :
_حلمك بس يا راقصة مصر الأولى ، دا بيقول أنه يعرفك معرفة شخصية
قطبت جبينها مستنكرة ؛ يعرفها ؟! من هنا يعرفها ... تحرك مهاب للخارج وسمعته يغمغم مرحبا :
_ اتفضل يا باشا
نظرت صوب الباب لترى من سيدخل قبل أن تتسع حدقتيها فزعا ، تجمدت الدماء في كل خلية في جسدها ، توقف قلبها عن النبض ، احتقنت الدموع تغشي مقلتيها
رعد هنا امامها ، ينظر لها باشمئزاز وكأنها قمامة ، رفع كفيه يصفق لها ببطئ والكلمات تخرج من بين شفتيه بشق الأنفس :
_ برافو يا طرب ، أو يا راقصة مصر الأولى زي ما بيقولولك حقيقي كنتي هايلة ، أنا واثق أنك هتبقي هايلة في التمثيل أكتر من الرقص !!