رواية غرام الذئاب الفصل الثالث عشر بقلم ولاء رفعت
دفعت الكرسي إلى الخلف ونهضت، أكملت وهي تتحرك مبتعدة
"أنا قايمة هاشوف signal بره في اللوبي"
راقبها زوجها بنظرة مرحة قبل أن ينهض بدوره، يمسد ذقنه بتفكير وكأنه يدرس خطواته القادمة، ثم قال وهو يتجه صوب طاولة البوفيه
"وعقبال ما تخلصي مكالمتك، هاروح أنا للبوفيه أجيب لنا كام طبق، دول عليهم نجريسكو تهوس"
توقفت كارين في منتصف الطريق، قبضت أصابعها بقوة وهي تجز على أسنانها، ثم زفرت بضيق قبل أن تتابع سيرها، تقاوم رغبتها في الالتفات إليه وإلقاء أي شيء على رأسه.
في بهو الفندق، حيث الأضواء المعلقة تنثر وهجًا ناعمًا على الأرضية الرخامية، وقفت تحاول التقاط إشارة جيدة لهاتفها.
تنفست بعمق وأوشكت أن تجري المكالمة، لكن فجأة اجتاحها ألم حاد في صدرها، كأن سكينًا باردة انغرست في ضلوعها.
تذكرت أنها لم تتناول أقراص الدواء منذ قدومها إلى هنا، وما زاد الألم توترها الذي ازداد كثافة، كضباب ثقيل يحيط بها من كل جانب.
حاولت مرة أخرى، غير أن يدها ارتجفت على غير إرادتها، فانزلقت منها أناملها على الهاتف، ليسقط أرضًا محدثًا صوتًا خفيفًا لكنه دوى في أذنيها كأنه إعلان عن كارثة.
شهقت بفزع وانحنت لتلتقطه، لكن صوتًا جهورًا أوقفها بلطف حازم
"متوطيش"
رفعت رأسها سريعًا، فوقع نظرها عليه. كان واقفًا أمامها، ينظر إليها بثبات، عيناه تحملان ذلك المزيج الغريب من الحدة والغموض.
انحنى ببطء والتقط الهاتف، ثم مده نحوها قائلاً بنبرة هادئة ولكنها آمرة
"اتفضلي"
تناولته منه دون أن ترفع نظرها إليه، ثم قالت بجفاء وهي تهم بالمغادرة
"عن إذنك"
كادت تخطو مبتعدة، لكنه أمسك بمعصمها، قاطعًا عليها طريق الفرار. انتفضت تحت وطأة لمسته، والتفتت إليه بحدة، لكن نظراته كانت أشد وطأة من قبضته.
عينيه اخترقتاها كأنهما تفتشان عن شيء خفي داخلها، ثم قال بصوت خافت لكنه نافذ، كمن اعتاد أن يُطاع
"فين كلمة شكراً؟"
لم تأبه لسؤاله، بل لم تعبأ حتى بإلحاحه، فما كانت تريده فقط هو أن يترك يدها، فهتفت بغضبٍ مكتوم
"سيب إيدي يا أستاذ مهند"
لكن بدلاً من أن ينصاع لطلبها، شد قبضته أكثر، فاضطربت أنفاسها وتضاعفت نبضات قلبها الضعيف.
التوتر، الألم والخوف، اجتمعوا جميعًا ليشكلوا دوامة اجتذبتها نحو الهاوية.
تلاحقت أنفاسها، شعرت بجفاف حلقها، ثم بدأت الدنيا تظلم شيئًا فشيئًا من حولها.
ترنّحت فهرع لاحتضانها قبل أن تهوي أرضًا، نظر سريعًا إلى الجانبين، متفحصًا المكان.
لم يكن ثمة أحد يعرفها أو يعرفه، مجرد موظفين وعاملين غير مبالين بما يحدث.
لم يتردد لحظة، بل انحنى وحملها بين ذراعيه، ماض بها إلى المصعد بخطوات سريعة!