رواية عشق تحت القيود الفصل الثالث عشر 13 بقلم هاجر عبد الحليم


 رواية عشق تحت القيود الفصل الثالث عشر

في مشهدٍ يفيض بالتوتر والرهبة، كان كمال يقف على عتبة البدروم، مهيبًا بهدوئه المعتاد. عينيه الثاقبتان تستقران على جثة داليا المغطاة، بينما تنقلها سيارة الإسعاف بعيدًا عن المشهد المشحون بالألم.


على الجانب الآخر، كان عادل واقفًا بجانب وسام، محاولًا احتواء انهيارها. احتضنها بذراعيه وكأنها ملاذه الأخير من الانكسار. عيناه كانتا مشبعتين بالدموع، والقهر يفيض منهما كما لو أن صدمته كانت أعمق من أي كلمات. العالم حوله بات ضبابيًا، خطوط الحقيقة والوهم بدأت تتداخل، وكأن الزمن توقف للحظة ثقيلة تتصارع فيها مشاعره مع واقعه.


أما كمال، فبقي ثابتًا، ينظر للمشهد من بعيد، نظراته تحمل شيئًا من الغموض والهدوء المخيف، وكأنه يعرف مسبقًا كل تفاصيل ما يحدث وما سيأتي. خطوة بطيئة قادته نحو عادل، صوته كان منخفضًا لكنه محمل بالثقة المطلقة وهو يقول:

"خد وسام وروح معايا... هناخدها بالعربية."


كلماته كانت بسيطة، لكنها اخترقت الأجواء كسهام مبطنة بشيءٍ غير واضح، خليط من التهديد والوعد، وكأنما يخفي خلفها سرًّا أكبر من اللحظة ذاتها.


لم تستطع وسام الاستمرار في الوقوف. فجأة، أغمي عليها، جسدها سقط بين يدي عادل كريشة منهكة تبحث عن سند. احتضنها عادل بحنان، لكن عينيه لم تفارقا كمال، الذي كان يراقب كل شيء بنظرات غامضة مليئة بالأسرار.


في تلك اللحظة، شعر عادل وكأنه محاصر، ليس فقط بألمه وفقدانه، بل أيضًا بتلك العيون الثابتة التي ترقب خطواته وكأنها تكتب مصيره القادم. كان يدرك أن هذه اللحظة لن تكون النهاية، بل هي بداية لمعركة لا يعلم كيف سينجو منها، معركة بين قلبه ومصيرٍ معلق بحبال الغموض.


مشاعر الألم والغموض امتزجت في تلك اللحظة، لتبني جسرًا نحو فصل جديد من المواجهة... فصل لا رجوع فيه.

❤️❤️❤️❤️❤️❤️

كان الطريق مظلماً، 


والهواء الخفيف الذي يتسلل من نافذة السيارة كان يشعرك بحالة من الغموض. كمال، جالس في مقعد القيادة، كان يبدو هادئاً لدرجة غريبة، بينما كان عادل ممسكاً بوسام، التي كانت ما تزال فاقدة الوعي بين يديه، عينيه مليئة بالدموع، لكنه كان يحاول جاهدًا أن يظهر أمام كمال بمظهر قوي. كان فمه مغلقًا وكأن الكلمات التي كان يريد أن يصرخ بها ترفض الخروج.


لكن كمال، وكأنما يشعر بكل شيء، كسر الصمت أولاً:


"أنا مش عارف إذا كنت فاهم اللي بيحصل حواليك ، ولا لأ... لكن واضح إنك لسه مش قادر تستوعب اللي شفته بنفسك."


 نظر إلى عادل نظرة هادئة، كما لو كان يحاول أن يقرأه من الداخل، ثم أضاف بصوت منخفض:

"داليا راحت... ومش هترجع تاني


عادل كتم شهقة في صدره، وحاول أن يتمالك نفسه، لكنه لم يستطيع كبح الحزن الذي كان يعتصر قلبه:


"أنت بتقول ده ليه؟ مش فاهم... هي راحت ليه؟ ده مش طبيعي... مش المفروض... مش المفروض إنها تموت!"


 همس كلماته الأخيرة وكأن الفكرة نفسها كانت تجعله يتراجع داخلياً.


نظر كمال إلى الطريق دون أن يرفع عينيه، وكأن حديثه عن داليا لم يكن سوى إشارة إلى شيء أكبر:


"مش المفروض يا عادل... مش المفروض... لكن الحقيقة أوقات بتكون أقوى من استيعبنا."


كانت الكلمات كالسكاكين في قلب عادل، لكن الذي كان يؤلمه أكثر هو أن كمال، في هدوءه، كان يبدو وكأنه يملك كل الأجوبة، بينما هو كان غارقًا في التساؤلات.


". وسام تعبانة، مش قادرة تتنفس. محتاجة لدكتور، محتاجة مساعدة بسرعة دي حامل يابابا انا خايف عليها!" كان عادل يكاد يصرخ من ألم وقلق.


 مسك رأس وسام بين يديه، قلبه يكاد ينفجر من الخوف، لكنه حاول أن يكون قويًا أمام كمال، على الرغم من أن قلبه كان يشهد أوقاتًا من الجحيم.


"وسام؟" قال كمال بصوت بارد،


 ثم أضاف كما لو أن هذا الأمر جزء من سيناريو متفق عليه: "أنت مش عارف كل حاجة عن وسام، يا عادل. انا مش هعدي اللي حصل واكيد لينا كلام


أخذ عادل نفسًا عميقًا، ولكن قلبه كان يخفق بسرعة. عينيه كانت متوجهة إلى وسام، وهو يشعر أن كل شيء حوله كان يتحطم، أن علاقته السرية التي طالما حاول إخفاءها عن الجميع قد أصبحت مكشوفة، لكن في الوقت نفسه، كان غارقًا في جرح أكبر من هذا.


"ما حدش فاهم حاجة، ولا أنت، ولا هي، ولا حتى أنا. إحنا مش بس في علاقة سرية، ده الموضوع أكبر من كده. داليا عرفت. كانت عارف كل حاجة. كانت تعرف عن وسام... وده كله كان جزء من الخطة. وانت بقا عارف صح وكنت مخبي ليه اي دورك بقا ياكمال بيه المخرج مش كدا" صوته اهتز للحظة


في هذه اللحظة، نظر كمال إلى عادل بنظرة أكثر عمقًا، وكأن فكره يتسلل إلى أعماق نفسه:


"مش مضطر ابررلك سوا عارف او لا انت خبيت عني ودا اساس الموضوع بس ياريت نأجله اكيد لينا كلام


أضاف كمال بهدوء، وهو يواصل قيادته، لكن صوته كان يرن في رأس عادل مثل صاعقة:


"السر اللي إنت حاطه مع وسام، واللي بينك وبينها... ده مش هيخليها معاك، ولا هتقدر تنقذها من اللي جاي.."


عادل كان يربط أيدي وسام بهدوء، يلفها بشالها، بينما عينيه لا تفارق كمال، وفمه يظل مغلقًا كما لو أن الكلمات لم تخرج منه. داخله كان يصرخ، يعجز عن الرد على كمال، بينما هو يتساءل إذا كان كل شيء قد تم التلاعب به منذ البداية.


 عمري ما كنت أعرف.دا .. كنت فاكر بنعيش في عالم بعيد عنك. لكن ده كله مجرد كابوس. لو كنت أعرف الحقيقة من البداية، كان ممكن أكون غير كده كنت عيشت وحبيت ومظلمتش وسام حقيقي صبرت عليا " هز عادل رأسه، وكأن الكلمات كانت تخرج منه بألم وحيرة.


لكن كمال، الذي كان لا يزال يسوق السيارة بثبات، رد عليه بعينين باردتين، كأن الأمور كلها قد تم تحديدها مسبقًا:


كله جاي ف السكة ياعادل كله جاي


في تلك اللحظة، كان عادل في دوامة، يحاول أن يتماسك، لكن الحياة كانت تخرج عن سيطرته.

❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️ في فيلا كمال


كان الجو في الفيلا مشحونًا بالكهرباء، وكأن الهواء يثقل كلما تبادلا الكلمات. عادل كان يحتضن وسام بإحكام، عينيه مشتعلة بمزيج من القلق والغضب، بينما كمال يقف أمامه بصلابة رجل لا تهزه الرياح، عينيه جامدة كأنهما نافذتان على أسرار لا تُروى.


عادل، بصوت يقطر تحديًا وحبًا لا يتزعزع:

"وسام مراتي... حامل في ابني. ومهما كان اللي في بالك، مش هسيبها. أنا وهيا مع بعض، ولو في حاجة جاية علينا... هنواجهها سوا."


كمال لم يتحرك، لكنه مال برأسه قليلًا كأنه يحاول قراءة وجه ابنه، أو ربما قلبه. نبرة صوته الهادئة كانت كسكين يقطع في الصمت:

"وأنت فاكر يا عادل إن الحب بس هو اللي هيحميها؟ 


عادل، وقد ارتفعت حرارة صوته، لكنه ظل ثابتًا كالصخر:

"الحقيقة الوحيدة هنا، يا كمال بيه، إنك بتدّعي القوة، لكنك عمرك ما فهمت القوة الحقيقية. القوة إنك تقف مع اللي بتحبه، مش إنك تحرك الناس زي قطع الشطرنج."


كمال ابتسم ابتسامة باهتة، عينيه مزيج من الغموض والإعجاب الخفي:

"عظيم. شايفك واقف قدامي بكل الثقة دي، لكن السؤال اللي بيطرح نفسه... هل تقدر تحميها لما الأمور تتعقد؟ لما يبدأ اللي مستنيكم؟"


اقترب عادل خطوة للأمام، حاملًا وسام التي كانت مغمى عليها بين ذراعيه، وصوته صار أشد حدة:

"هحميها بكل اللي أقدر عليه. حتى لو كنت أنت اللي هتقف قصادي. وسام مش لعبة في خططك ولا في حياتك. دي مراتي... وشريكتي. اللي انت فاكر إنك تقدر تسلبه مني، عمرك ما هتلمسه."


كمال ضحك ضحكة قصيرة لكنها باردة، ثم قال بهدوء أشبه بالريح التي تسبق العاصفة:

"تفتكر إيه اللي مخليك لحد دلوقتي ماسكها، ومش شايف إنها نقطة ضعفك؟ وسام مش مجرد زوجة أو أم... هي أكتر من كده في المعادلة دي، وأنا مش هقف متفرج لو الموضوع خرج عن السيطرة."


عادل صرخ بصوت مليء بالقوة والعاطفة:

"خرج عن السيطرة خرج عن السيطرة خرج عن السيطرة اييي؟ أنا الوحيد اللي يقرر ده! وسام مش نقطة ضعفي، وسام هي قوتي! ولو هتختبر ده... جرب توقف بينا."


كمال، وقد تغيرت ملامحه للحظة إلى تعبير لا يمكن تفسيره، همس:

"المعركة الحقيقية لسه ما بدأتش، يا عادل. لو قدرت تحافظ على كلامك ده للآخر، يمكن أشوفك بطريقة مختلفة."


عادل، وقد اختلطت في عينيه النار والدموع، شد على وسام بين ذراعيه وقال بنبرة قاطعة:

"ملكش حق تحكم عليا... ولا عليها. الحب اللي بيني وبين وسام مش حاجة ممكن تتحكم فيها بخططك. وهنشوف مين اللي هيفوز في النهاية، يا كمال بيه."


كمال تنهد ببطء، وأشار بيده إلى داخل الفيلا:

"دخّلها جوه. وهاتفضل الأيام الجاية تشوف بنفسك مين اللي هيقدر يصمد."


عادل خطى إلى الداخل، يحمل وسام بقلبه وروحه، لكنه التفت لحظة قبل أن يختفي من أمام كمال وقال بصلابة كأنها نقش على الصخر:

"الصمود مش للخطط الكبيرة، الصمود للقلوب اللي مش بتستسلم... وده اللي عمرك ما هتفهمه."


كان كمال واقفًا مكانه، كأن الزمن تجمد حوله، عينيه تتابعان عادل وهو يختفي داخل المنزل. وللحظة واحدة، لمح في ابنه نسخة من نفسه... لكنها أكثر إنسانية.

❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️

ف غرفة وسام


وسام مستلقية على السرير، شاحبة الوجه وعينيها مغمضتين. الغرفة مضاءة بإضاءة خافتة تُضفي جوًا من القلق. عادل واقف عند طرف السرير، ينظر إليها بعيون مليئة بالخوف والقلق، بينما كمال يقف بجوار الباب بنظرة غامضة. الطبيب جالس على كرسي بجوار السرير، يفحص نبض وسام ويستمع إلى دقات قلبها باستخدام السماعة الطبية.


الطبيب (بصوت هادئ لكنه جاد):

"الحالة مستقرة دلوقتي، لكن واضح إنها تعرضت لضغط نفسي كبير جدًا. ده انعكس على صحتها الجسدية، خصوصًا مع الحمل."


عادل (صوته متوتر وعينيه معلقة على وسام):

 الجنين كويس يا دكتور؟ وسام مش في خطر، صح؟"


الطبيب (يُعيد السماعة إلى حقيبته وينظر إلى عادل بنبرة مطمئنة):

"الجنين بخير، لكن لازم تكونوا حذرين جدًا. وسام محتاجة راحة تامة، أي ضغط إضافي ممكن يعرضها هي أو الجنين للخطر. لازم تهتموا بحالتها النفسية زي ما تهتموا بصحتها الجسدية."


كمال (يتقدم بخطوة هادئة، صوته منخفض لكنه حاسم):

"يعني لو استريحت هنا، كل حاجة هتبقى تمام؟"


الطبيب (يهز رأسه موافقًا):

"أيوة، بس لازم تتابعوا حالتها معايا باستمرار. وأنا هكتب لها أدوية مهدئة بسيطة، ومكملات للحمل."


عادل (يقترب من السرير، يمسك يد وسام برفق وينظر إلى الطبيب):

"أنا اللي ههتم بيها. وسام مراتي ومسؤلة مني حياتها وحياة ابني في رقبتي."


كمال (نظرة غامضة وابتسامة باهتة ترتسم على شفتيه):

"تمام يا عادل. شيل مسؤوليتك، بس خلي بالك... المواقف دي بتحتاج قوة أكتر من الكلام."


عادل (يلتفت إلى كمال بحدة، 

نبرته تتحدى):

"وأنا قدها، ومش هسمح لأي حاجة تهدد حياتها أو حياة ابني. "


الطبيب (يقف وهو يغلق حقيبته):

"أنا كده خلصت الفحص، لو حصل أي حاجة غريبة أو لو حسيتوا إن حالتها النفسية بتسوء، اتصلوا بيا فورًا."


كمال (بهدوء):

"متشكر يا دكتور، أنا هوصلك."


عادل (وهو يُعيد النظر إلى وسام):

"أنا مش هتحرك من جنبها غير لما تبقى كويسة وترجع عينيها تفتح وتريح قلبي اللي كان هيقف من خوفي عليها انهردة


كمال (قبل أن يخرج مع الطبيب، يوجه نظرة طويلة إلى وسام، ثم إلى عادل):

"خلي بالك منها، يا عادل... كل خطوة ليها تمن، وتمنها كبير."


كمال يغادر الغرفة برفقة الطبيب، تاركًا عادل جالسًا بجانب وسام، يمسك يدها ويهمس لها بهدوء:

"وسام... فتحي عينك عجبك يعني حالتي كدا فوقي واصرخي عليا زي م متعودة تعملي معايا لكن سكوتك دا ورقدتك دي بتدمر كل طاقتي اومي يلا خليني اقولك كل الخطط اللي ف دماغي ليكي اوعدك انه الحاجة الوحيدة اللي تقدر تفرقنا دلوقت هي الموت وبس"

❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️

ف مكتب كمال


كمال جالس على الكرسي الجانبي، ينظر إلى عادل الذي يقف أمامه في حالة من التوتر والقلق الممزوج بالامتنان. عادل يتنهد بعمق، ثم يرفع عينيه نحو كمال، وكأنه ينتظر أن يسمع منه كلمة حاسمة.


عادل (بصوت متردد ولكنه مليء بالمشاعر):

"أنا... عارف إنك يمكن مش موافق على كل اللي حصل، وإن وسام... وجودها هنا يمكن كان غريب وغير مرغوب فيه. بس أنا مش قادر أتخيل حياتي من غيرها،."


كمال (بنبرة هادئة ولكنها مشبعة بالمشاعر):

"عادل... طول عمري شايفك بتتصرف بحكمة، وبتقدر تتحمل المسؤولية. يمكن كنت قاسي عليك في حاجات كتير، بس ده كان علشان أشوفك واقف على رجلك، قوي، ومستعد لأي حاجة. والنهارده... لما شفتك بتكافح علشان وسام، وعينيك مليانة خوف عليها... أدركت حاجة مهمة."


عادل (ينظر إليه بدهشة):

"إيه؟"


كمال (يبتسم بخفة، ونبرة صوته تصبح أكثر دفئًا):

"إنك اخترت بقلبك. وأول مرة أشوفك بتحب بالشكل ده. حبك لوسام مش مجرد مشاعر... دي  مسؤولية. وأقدر أشوف قد إيه هي مهمة بالنسبة لك."


عادل (عينيه تمتلئ بالدموع وهو يقترب من كمال):

"أنت مش غاضبان مني؟ مش شايفني خذلتك؟"


كمال (يقف بهدوء، يضع يده على كتف عادل):

"غاضب؟ بالعكس، يا عادل. أنا فخور بيك. فخور إنك وقفت قدامي، ودافعت عن حبك بالشكل ده. وسام تستاهل الراجل اللي يكون مستعد يضحي بأي حاجة علشانها. وأنا شايفك الرجل ده."


عادل (بابتسامة مشرقة لأول مرة منذ بداية الأزمة):

"شكراً، يا بابا والله، ما كنتش متخيل إنك هتفهمني بالطريقة دي.  وسام هي كل حياتي، وأنا مش هسمح لأي حاجة تهدد حياتها أو حياة ابننا."


كمال (يحتضن عادل بقوة، وهو يربت على ظهره بحنان):

"عارف، وعلشان كده أنا معاك. أي حاجة تحتاجها، هتلاقيها. أنا هنا علشان أساندك، مش علشان أعارضك. وسام بقيت جزء من العيلة، وده شيء أنا مش هقف ضده."


عادل (يشد كمال إلى حضنه أكثر، ودموع الامتنان تلمع في عينيه):

"ربنا يخليك ليا يا بابا. عمري ما كنت هقدر أعدي اللي حصل ده من غيرك. شكراً لأنك دايماً في ضهري."


كمال (يبتسم برفق ويبتعد قليلاً لينظر في وجه عادل):

"ما تقلقش، يا ابني. المهم دلوقتي تركّز على وسام، وتخليها تحس بالأمان اللي بتدور عليه. وأي حاجة تحتاجها... أنا موجود."


عادل (يهز رأسه بثقة):

"هخليها سعيدة. وسام هتحس إنها في أمان لأول مرة في حياتها. ووعد مني، هكون الأب والأخ والزوج اللي تستحقه."


كمال (بصوت حنون):

"وأنا هنا علشان أشوفكوا كده. دلوقتي اطلع فوق، وكون جنبها. أنا هرتاح شوية."


عادل يبتسم بثقة، ويعانق كمال مرة أخيرة قبل أن يتوجه نحو غرفة وسام نظر كمال نظرة هادئة وهو يجلس مرة أخرى على الكرسي، وكأن قلبه يحمل مزيجًا من الحزن والرضا.

❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️

في غرفة وسام


الغرفة مضاءة بضوء خافت ناعم، كأنها تعكس هدوء اللحظة التي طال انتظارها. عادل يدخل بخطوات ثابتة ولكن قلبه يخفق بشدة، وجهه يعكس القلق والحب. وسام مستلقية على السرير، يبدو عليها الضعف، لكن عينيها تتوهج حين ترى عادل يدخل. شعور بالأمان يغمرها رغم كل ما مرّ بهما.


يجلس عادل على حافة السرير، يمسك يدها برفق كأنها أثمن ما يملك، وينظر إليها بعينين ممتلئتين بالعاطفة.


عادل (بصوت عميق مليء بالإصرار):

"وسام... كنت بستنّى اللحظة دي. اللحظة اللي أشوفكِ فيها تفتحي عينيكِ تاني. كل لحظة كنت بعيد عنك كانت بتقتلني. إنتِ مش بس حياتي، إنتِ النَفس اللي باخده."


وسام (بصوت ضعيف ومتحشرج):

"عادل... كنت فاكرة إنك هتسيبني... إنك مش هتقدر تكمل معايا بعد كل اللي حصل."


عادل (يقترب أكثر ويمسك يدها بإحكام):

"وسام، انتي إزاي تفكري كده؟ أنا مش هسيبك، حتى لو العالم كله وقف قصادنا. أنا هنا علشانك، وعلشان ابننا اللي جاي. إحنا مررنا بحاجات كتير، بس ده مش معناه إننا هنستسلم. الحب بتاعنا أقوى من أي حاجة."


وسام (تتحرك قليلاً، تنظر إليه بدهشة):

"بس... كمال... داليا... كل حاجة اتلخبطت، عادل. خايفة من اللي جاي."


عادل (بنبرة قاطعة تحمل القوة):

"كمال؟ داليا؟ كل اللي حصل كان امتحان، وأنا اخترت. اخترتِك إنتِ. إنتِ الحقيقة الوحيدة في حياتي. وسام، لو عليا، هواجه العالم كله علشانك. كمال مش هيقدر يتحكم فينا تاني. وإحنا؟ إحنا هنبدأ حياتنا الجديدة."


وسام (صوتها يختنق بالدموع، تنظر إليه بخجل ودهشة):

"إزاي؟ يعني... إحنا مش مضطرين نستخبى؟"


عادل (بثقة):

"لا. مفيش حاجة تخوفنا تاني. بابا شاف اللي أنا شوفته فيكِ من الأول... قوتك، طيبتك، والحب اللي مفيش حد يقدر ينكره. واعترف... اعترف إنك تستحقي تكوني معايا، وإنك أميرة قلبي وحياتك معايا مش خيار."


وسام (تضع يدها على وجهها وتحاول كتم دموعها):

"أنا... مش مصدقة. كنت فاكرة إن النهاية قربت. كنت حاسة إني هضيع."


عادل (يمسك يديها برفق ويبعدها عن وجهها):

"مفيش نهاية وإحنا مع بعض. إحنا اللي بنقرر النهاية، وأنا قراري إنك تكوني معايا لآخر يوم في عمري."


وسام (تبتسم من بين دموعها، بصوت خافت):

"أنا ضعيفة... لكن معاك بحس إني أقوى."


عادل (يبتسم بحنان):

"ومش هخليكِ تضعفي أبدًا. وسام، أنا بحبك، حب مش كلام. حب معناه إني هكون الدرع اللي يحميكِ، والكتف اللي تتسندي عليه، والقلب اللي يحتضنكِ وقت ما العالم كله يقسى عليكِ."


وسام (تمد يديها لتعانقه، بصوت مرتعش):

"أنا... بحبك، عادل. بحبك أكتر مما كنت أقدر أوصف."


عادل (يضمها بحنان، يلمس رأسها ويقبل جبينها برقة):

"وأنا كمان... بس ممكن أقولك كلمة سر؟"


وسام (تبتسم بخجل، تهمس):

"إيه هي؟"


عادل (يقترب ويهمس في أذنها):

"كلمة السر هي... إنك انتي السر اللي بيخليني أكمل. صوتك، ضحكتك، وحتى سكوتك... كل حاجة فيكِ هي المفتاح لكل حاجة حلوة في حياتي."


وسام تبتسم بخجل وتدفن وجهها في صدره، بينما يربت عادل على رأسها بحب ودفء، كأنه يعاهدها بأن كل شيء سيكون بخير من الآن فصاعدًا.

❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️

ف مكتب عادل


الإضاءة خافتة، وكمال يجلس وحده خلف مكتبه، رأسه مائل إلى الخلف، وعيناه مثبتتان في السقف كأنه يبحث عن إجابات في الفراغ. بيده كوب قهوة لم يتذوقه. نظراته مليئة بالثقل والتردد، وكأن السنين تتراكم أمامه في لحظة واحدة. صمت يقطعه صوت الساعة المعلق على الحائط.


كمال (يتمتم لنفسه بصوت منخفض):

"الوقت جه... ماينفعش أهرب أكتر من كده. السنين اللي فاتت كانت كلها كذب... كذب من أجل الحماية... لكن هل حمايتي ليهم كانت صح؟ عادل... وسام... هما يستاهلوا يعرفوا؟ ولا أنا بكسرهم بالحقيقة؟"


(يقف فجأة، يمسك برأسه، ويبدأ في السير جيئة وذهابًا في الغرفة، وكأن الأفكار تطارده.)


كمال (بصوت عالٍ قليلاً، يضرب بيده سطح المكتب):

"كنت فاكر إن الوقت هيحل كل حاجة... كنت فاكر إن الحقيقة ممكن تموت معايا. لكن الحقيقة... عمرها ما بتختفي، مهما حاولنا نخبيها. وسام بنتي؟! بنتي من علاقة مستحيل حد يعرف عنها... وعادل؟! مش ابني؟!  مش ابني


(يجلس ببطء، يدفن وجهه في يديه، ويتنهد بعمق. عينيه تغيم بالدموع، لكنه سرعان ما يرفع رأسه وكأن القرار اتخذ.)


كمال (يتمتم):

"لازم أقولهم... الحقيقة دايمًا بتوجع، بس الكذب بيدمر. وسام لازم تعرف مين تكون دا حقها... وعادل لازم يعرف إنه كان أعز عليا من روحي حتى لو مش ابني."


(يضرب جرس المكتب لاستدعاء أحد الخدم.)


كمال (بنبرة حازمة):

"خلي عادل وسام ييجوا هنا حالاً... عاوز أشوفهم."


(يخرج الخادم مسرعًا. كمال يقف أمام نافذة المكتب، ينظر إلى الخارج، والهدوء يلف الغرفة، لكن داخله عاصفة لا تهدأ. يضع يديه خلف ظهره، وكأن الأعباء التي حملها لسنين طويلة أصبحت أثقل الآن.)


كمال (بهمس):

"يا رب... سامحني على اللي هقوله... وسامحني على اللي خبّيته."


(يُسمع صوت خطوات عادل ووسام قادمين نحو المكتب، والباب يفتح. تتلاقى أنظارهم بكمال، الذي يبدو صلبًا من الخارج، لكنه هش من الداخل.)


الفصل الرابع عشر من هنا

تعليقات



×