رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل الثاني عشر بقلم دينا جمال
بناء على رغبة القراء هنحط في بداية كل فصل كل عيلة بولادها عشان الناس اللي لسه بتتلغبط
جاسر ورؤي أبطال الأجزاء اللي فاتت عندهم 6 أولاد رعد وجوري أول تؤام
يوسف ومريم تاني تؤام
سليم وياسين آخر تؤام
-----------------
نرمين أخت جاسر اللي جاسر كان بينتقم من صبري وبنته شاهندا عشانها
نرمين وياسر جوزها عندهم 2
( جاسر الكبير 29 سنة دكتور نفسي
اريج في 2 كلية طب )
ياسر كان ليه بنت من مراته اللي ماتت قبل ما يتجوز نرمين اسمها سما جوزها اسمه مصطفى
______________
عاصم أخو رؤي خال العيال اللي كان بيحب تهاني واتجوز حلم في الجزء التاني عنده ولدين
حسين الكبير مهندس ، مراد الصغير في ثانوية عامة ساقط سنة
_____________
رؤى كان ليها جيران أخ وأخت ساكنين سوا اللي هما عمرو وايمان
ايمان اتجوزت علي صاحب جاسر وعندها شريف الكبير ظابط شرطة ، وليان الصغيرة المدلوقة على الجاموسة جواد
_________
أما عمرو فاتجوز روان بنت صاحب الشركة اللي كان شغال فيها وخلف ولد وبنت
جواد جاموسة متنقلة مهندس ديكور
ومرام دلوعة ماما 22 سنة في كلية إعلام ومخطوبة لشريف ابن عمتها
________
فاضل طرب وملاك ، ومليكة وتوحة وكل الناس دي هنعرف اصلهم وفصلهم فيما بعد
لما تتلغبط اطلع بص هنا وكمل الفصل عادي
نبدأ الفصل ❤
______________
الأسد فك
الجملة الوحيدة التي وصلت بين صرخات الجميع المذعورة قبل أن يعلو صوت زائير عالي مخيف ، أصفر وجه طرب ذعرا شحب منها الحياة التصقت قدميها بالأرض من الخوف ، قبل أن تشعر بيد رعد تقبض على كفه يركض ويجذبه معه يصرخ فيها :
- أنت واقفة متنحة كدة ليه ، يلا يا طرب
استفاقت من صدمته تقبض على كفه يركضان معا صوب المخرج ، تكاد تبكي حظها العثر المرة الوحيدة التي أرادت الذهاب فيها إلى الحديقة ستموت بين فكي أسد جائع ، تشبثت بكف رعد تصرخ مذعورة :
- هنموت متاكلين يا رعد ، هنموت متاكلين ، هو الباب فين مين المهندس اللي صمم الجنينة دي
طحن أسنانه غاضبا أهو وقت المزاح ، جذب يدها يركضا يصرخ فيها حانقا :
-قولتلك قبل كدة ما بشوفش أفلام عربي لو دا افييه ، وبعدين مش دي فكرتك المهببة ، اجري قربنا نوصل أهو .. أنا حاسس أننا في فيلم رعب والأسد هنلاقيه في خلقتنا دلوقتي
شهقت طرب حين صدق قول رعد ورأوا الأسد يقف هناك بعيدا وقفت خلف ظهره تتشبثت بذراعه تهمس له مذعورة :
- برافو يا رعد أهو الأسد واقف قدامنا أهو عشان تبقى في فيلم رعب بجد ، هنعمل ايه دلوقتي
عادا خطواتهم للخلف ولكن صوت صرخات الناس المذعورة الذين رأوا الأسد جعلوه ينتبه إليه زائر يركض ناحيتهم عازما على أخذ فريسته من بينهم ، طرب تحاول إلا تنظر خلفها تقبض على يد رعد تركض بعيدا تصرخ مذعورة بأنها ستُأكل وهي صغيرة ... قاطع حالة الذعر تلك صوت طلقة نارية وصوت زمجرة الأسد والصمت بعد ذلك الجميع التفت للصوت ليجدوا الأسد مسچى أرضا بطلقة من أحد الحراس أصابته في مقتل ، لتبدأ التهليلات ويتنفس كل من كان واقفا الصعداء ... تركت طرب يد رعد تقترب من الأسد المقتول تراه وهو يلتقط أنفاسه الأخيرة ، منذ لحظات فقط كانت تركض ذعرا منه والآن ها هي تقف بالقرب منه تشاهده وهو يموت مشفقة ، الأسد لا ذنب له في شئ هو خُلق للصيد طبيعته منذ ولادته ، الذنب ليس ذنبه ، الذنب من أسره هنا ليصبح واجه عرض للزوار ..شعرت بالشفقة عليه وعلى الشبل الصغير التي كانت تحمله ، جميعهم هنا لأن البشر أرادوا ذلك ، مرغمين على ما هم فيه ، مثلها !
نظرت حولها لتجد أن الوضع عاد لطبيعته بل إن الزوار جميعا استلوا هواتفهم يصورون الأسد ومنهم من قرر عرض بث حي لما يحدث الآن في الحديقة وبدأت الحركة تعود كما كانت وكأن ذلك الجمع لم يكن يركض مذعورا قبل لحظات فقط ... أجفلت حين سمعت صوت رعد يأتي من خلفها :
- تعالي يا طرب واقفة عندك ليه ، يلا نمشي
التفتت له ليرى الدموع عالقة بمقلتيها ، أيعقل أنها حزينة على الليث القتيل ، مجنونة تلك الفتاة إن كانت كذلك ... تحرك صوبه وقبل أن يخرجا من الباب التفتت له لتغمغم سريعا :
- الصورة يا رعد ، أنا عاوزة الصورة
عن أي صورة تتحدث ، أحتاج لبضع ثوانٍ ليتذكر الصورة... كاد أن يخبرها أن يرحلا وأن الصورة لا داعي لها حين تركته وتحركت تبحث عن المكان ، تحرك خلفها ليجد معظم الناس يتصرفون وكأن شيئا لم يكن يحدث قبل قليل ، بل ويضحكون ساخرين على ما حدث .. وصلا سويا إلى مكتب الصورة إلى مكتب الصور ليجدا جمع كبير من الناس أمامها وصوت رجل يعلو بصوته :
- يا جماعة استنوا شوية ، اديكوا شوفتوا اللي حصل نص ساعة وتعالوا تكون الصور طلعت
نظرت طرب لرعد لتراه ينظر إليها متضايقا قبل ان يقترب منها يغمغم :
- تعالي نشرب حاجة على ما الصورة تطلع
حركت رأسها بالإيجاب اشترى لهما عصير ليجلسا سويا على مقعد جانبي متجاورين ... رفعت العصير لفمها ترتشف منه قليلا قبل أن تنظر إليه تتمتم مرتبكة:
- رعد هو أنت متضايق مني
حرك رأسه للجانبين ليضع زجاجة العصير جواره شردت عينيه يغمغم ساخرا :
- أنا مستغرب الناس ، اللي يشوفهم وهما بيجروا بيصرخوا من الرعب ما يشوفهمش بعد كدة وهما بيتريقوا على اللي حصل
التفت برأسه ينظر إليها يغمغم حانقا :
- بعد كل اللي حصل دا ولسه طرب هانم عايزة الصورة ، عشان تبقى ذكرى يوم لا ينسى مش كدة
ضحكت تومأ برأسها ، أخرجت هاتفها تود إلتقاط صورة له على غفلة ... ليدق هاتفها في يدها أصفر وجهها حين أبصرت اسم مهاب لتبتلع لعابها تكتم صوت الهاتف سريعا نظر رعد لها يردف :
- ما تردي ، في مشكلة ولا ايه
حركت رأسها للجانبين سريعا هبت واقفة تغمغم مرتبكة :
- ها لا دا البواب ، هو ما بيتصلش بيا إلا لو في مشكلة ، عن إذنك هرد عليه
ابتعدت عنه تقف بعيدا تفتح الخط ليأتيها صوت مهاب المزعج :
- راقصة مصر الأولى عندك النهاردة عرض أساسي الساعة 8 ... سبعة تكوني عندي يا فنانة بدل ما أبلغ عُدي بيه وهو يتصرف معاكِ
شعرت بغصة تخنقها أرادت في تلك اللحظة أن تلتفت لرعد وتخبره بكل شئ وتطلب منه المساعدة ولكنها لم تكن لتخاطر بأن يحدث شيئا لملاك أبدا لتجيبه :
- حاضر جاية مش هتأخر
وأغلقت الخط تحاول أن تهدأ حين التفتت رأت رعد يقف خلفها مباشرة يمسك في يده ظرف مغلق كبير ، يعقد جبينه يسألها قلقا :
- هو في مشكلة ولا ايه ، خالتك كويسة
ابتلعت لعابها تومأ برأسه تحاشت النظر لعينيه حين همست :
- ايوة ، دول كانوا بيصلحوا ماتور الماية وبيقولي أنهم عايزين الفلوس وخالتي مش معاها يكمل ، فأنا بقوله مش هتأخر
مد يده إليها بالظرف لترفع وجهها إليه تبتسم شاحبة فتحت الظرف تنظر للصورة التي جمعتهم سويا تبتسم سعيدة ، قبل أن تخرج هاتفها تصورها تُعيدها إليه:
- خليها معاك ، أنت شخص منظم وأكيد هتحافظ عليها ، أنا بضيع الحاجة مني
ابتسم يأخذها منها يضعها في حقيبة ظهره بحرص قبل أن يشير لها لمتجر صغير بعيد يبيع المثلجات أخرج النقود من جيب سرواله يعطيها لها يغمغم :
- ما تجبيلنا ايس كريم في الحر دا
رفضت أخذ النقود منه تغمغم سريعا :
-خليها عليا أنا المرة بجد كفاية أنت بتدفع كتير أوي
وتحركت تغادر قبل أن يرفض ليعاود النظر سريعا إلى حقيبتها التي تركتها على المقعد اخرج النقود من جيبه يضعها في حقيبتها سريعا قبل أن تعود خوفا من أن تمن لا تملك هي الأخرى النقود حين تعود للبيت ... التفت سريعا ليراها تأتي من بعيد تحمل المثلجات في يديها ألتقط حقيبتها يعطيها لها ليأخذ أحدي المثلجات منها تحركا سويا إلى خارج الحديقة لتسارع كاميرا الواقف هناك تلتقط الصور لهما ، وقف رعد أمامها يردف مبتهجا :
- رغم أنه كان يوم غريب ، بس أنا فعلا انبسطت وشيلتي مني حمل كبير أوي ، شكرا يا طرب
لو علم الحقيقة لما شكرها ، ولكن عن اي حقيقة تقصد هي الأخرى باتت تسعد لرؤيته ، تحب أن تراه ، أن يخرجا سويا أن تشعر بأنها مسؤولة منه ابتسمت تقول بزهو :
- لا داعي للتصفيق ودعونا نعمل في صمت ... يلا طريقك أخضر لما أروح هكلمك
وصدمت قطعة المثلجات في يدها بقطعة المثلجات في يده بخفة وكأنها تصافحه قبل أن يفترقا ويذهب كل منهما في طريق !
____________
عودة لشركة جواد
لاحظ شهاب أنه منذ خروج ليان من مكتب جواد وهي تتحاشى الصدام منه لا تتكلم ولا تنظر نحوه حتى ، هنا أدرك أنها كغيرها مسكينة ساذجة ، هل تعرف ليان أنها قبل أن تأتي لهنا جاء قبل خمس فتيات جميعهن همن عشقن في ذلك المتعجرف المغرور ، صحيح أنه لم يكن يحادث أي منهن ... ولكن ليان شعر بها مختلفة بريئة لا تستحق أن تُخدع جميع من سبقنها كانت نهايتهن علاقة عابرة لمدة قصيرة ومن ثم يلقيهم جواد خارج حياته يعاملهم وكأنهم قمامة وتخلص منها ، هو حقا لا يرغب لها في نهاية مشابه .. رآها تقوم من مقعدها تخرج من المكتب ليتحرك خلفها رآها تتوجه إلى البوفية ليتحرك خلفها طلبت كوب من القهوة التفتت لتراه يقف جوارها يبتسم لها ، طلب لنفسه كوب من القهوة قبل أن يلتفت لها يغمغم مبتسما:
- شكل باشمهندس جواد أداكِ شغل كتير أوي من ساعة ما خرجتي من مكتبه ما كلمتنيش ولا كلمة
كادت أن تقول شيئا حين تذكرت قبلة جواد وكلماته بعد ذلك ، جواد يحبها يغار عليها من شهاب، إذا يجب أن يبتعد شهاب عنها ... كتفت ذراعيها أمامها تحادثه محتدة :
- واكملك بصفتك إيه بالظبط ، لو سمحت يا باشمهندس شهاب ألتزم حدودك بدل ما اشتكيك لباشمهندس جواد
انفرجت قسمات وجهه في دهشة لا يصدق أن جواد يستطيع التحكم في عقلها لتلك الدرجة ابتسم ساخرا يكتف ذراعيه أمامه:
- واضح أن باشمهندس جواد عنده قدرة جبارة أنه يأثر على قراراتك، يعني أنتِ ما شوفتيش مني حاجة وحشة عشان تعامليني بالشكل دا ،وأنا ما اذتكيش وما عمري ما فكرت في كدة
احتقن وجه ليان غضبا لا تنكر أن كلامه صحيح ولكنه لا يملك أدنى حق ليكلمها بتلك الطريقة أبدا .. من هو ليفعل ذلك احتدت حدقتيها تحادثه غاضبة:
- أنت ازاي تتكلم معايا بالطريقة دي ، أنت اتجننت هو عشان اتكلمت معاك مرةولا اتنين وما رضتش اكسفك هتفتكر نفسك حاجة ولا إيه
ابتسم يشعر بكلامها الحاد يمزق كرامته ، اومأ برأسه يردف متهكما :
- فعلا عندك حق ، أنا مين صحيح عشان تتكلمي معايا ، بس هنصحك نصيحة لوجه الله ... المكتب اللي أنتِ قاعدة عليه دا ، قعد عليه قبلك أكتر من عشر بنات ، كلهم كانوا هيامين في جاذبية جواد باشا وكلهم نهايتهم أنهم رماهم برة الشركة وأهانهم ، يمكن أنتِ الحال يبقى معاكِ مختلف عشان أنتِ قريبته ، بس النهاية هتبقى واحدة عن إذنك يا آنسة ليان ، وصدقيني هدعيلك ربنا يعينك على اللي جاي
أخذ كوب قهوته وتركها وغادر لتقف مكانها تتخبط مرتبكة ، هل يعقل أن ما قاله شهاب صحيحا ،ولكن ربما هو يقل كذلك ليفسد علاقتها بجواد ، نعم هو يفعل ذلك ليفسد علاقتها بجواد ، ربما هو معجب بها لذلك يقل ما قاله .. أقنعت نفسها بذلك لتهدأ قليلا أخذت كوب القهوة وتوجهت لتعود لتجد جواد يخرج من مكتبه ابتسم واقترب منها يغمغم :
- بقولك إيه ، تعالي نتغدا سوا برة ، نفصل شوية عن ضغط الشغل ونرجع تاني .. في مطعم إيطالي جنبنا هايل ، يلا بينا
ابتسمت سعيدة تومأ برأسها موافقة ... التفتت خلفها لترى شهاب ينظر نحوهما يحرك رأسه يبتسم ساخرا
____________
خرج من عمله اليوم باكرا قليلا ، في تمام السادسة تقريبا ... بعد عدة أيام من الآن سيذهب إلى مأمورية لا يعرف سوى القليل عن تفاصيلها حتى الآن ، أوقف سيارته أسفل عمارتهم السكنية ينزل منها ، يصعد السلم لأعلى هو في العادي لا يفضل استخدام المصعد ، تنهد بعمق يكمل طريقه لأعلى ما أن وصل لباب منزله وفتح الباب سمع صوت والدته تغمغم تحادث شخص ما :
- هتكون راحت فين يعني يا مرام دا إحنا قلبنا عليها الدنيا ، دي يا عيني ما بتقدرش تدوس على رجلها
قطب جبينه مستنكرا ، قبل أن يدلف رأى في صالة المنزل والدته تجلس تبكي ومرام تجلس جوارها تحاول التهوين عليها ، تحرك إليهم لتهب والدتهم تغمغم متلهفة:
- ها يا شريف طمني لقيت نور
نور ؟! ، ماذا تقصد والدته ؟ أين ذهبت نور وكيف يبحث عنها وهو لم يعرف بغيابها حتى قطب جبينه يغمغم مستنكرا :
- قصدك ايه بلقيت نور ، هي نور مش هنا
التفتت والدته إلى مرام تغمغم تحادثها بحرقة :
- حرام عليكي يا مرام هو أنا قولتلك اتصلي بشريف قوليله ، قولتيلي أنك قولتيله
ومن ثم عادت تنظر إليه تغمغم باكية :
- نور اختفت يا شريف ، أنا كنت في أوضتي ومرام كانت في المطبخ بتعمل الأكل ، خرجت على ميعاد الدوا عشان ادهولها ما لقتهاش ، قلبت عليها الدنيا لا أنا ولا مرام شوفناها
توسعت حدقتي شريف ذهولا ، تحرك إلى غرفتها يفتح بابها ينظر هنا وهناك ، كل شئ مكانه يعني أنها لم تهرب على الأقل كانت لتأخذ ولو قطعتي ثياب ... نظر هنا وهناك ليجد هدية موضوعة على فراشها ، اقترب ينظر لاسم المحل المطبوع على العلبة ، ذلك المحل المفضل لدى مرام ، إذا مرام هي من أحضرت لها الهدية ... تحرك للخارج يمسك الهدية في يده ، اقترب من مرام قبض على رسغ يدها يغمغم محتدا :
- مش دا المحل اللي أنتِ بتجيبي من عنده الهدايا دايما ، ايه بقى اللي جوا الهدية دي
ترك يدها ينزع غطاء العلبة بعنف ليجد فيها لعبة دب متسخة قديمة منظرها مزري للغاية أخرج اللعبة من الصندوق ليجد ورقة أسفله كتبت عليها ( هدية تليق بمقامك يا جربوعة )
أغمض عينيه يلتقط أنفاسه بعنف قبل أن يهشم رأسها اعتصر الدمية في كف يده بعنف فتح عينيه يصرخ في مرام :
- ليه يا مرام ، ليه حتة العيلة الصغيرة دي أذتك في ايييه ...انا واثق أنك جيتي هنا عشان تهنيها وتطرديها ، مرام هانم اللي بتخاف على ضوافرها تتوسخ مستحيل هتقف تطبخ ، أنتي عملتي الطبيخ حجة عشان تدخلي ماما أوضتها وتعرفي تطردي نور ، خطة هبلة ومكشوفة أوي ،عملتي كدة ليييه
شهقت إيمان تنظر لابنة أخيها مصدومة لا تصدق أنها تحمل كل ذلك القدر من الشر تجاه طفلة عاجزة مسكينة لم تضرها في شيء ، في حين نقلت مرام أنظارها بين شريف الذي اكتشف خدعتها ببساطة لأنها نسيت أن تتخلص من الهدية ، وعمتها التي تنظر إليها مستنكرة تبكي لأجل تلك الطفلة البائسة ... اشتعلت غضبا لتصرخ في شريف :
- ايوة أنا اللي طردتها هي لازم تغور من هنا ، هي عايزة تسرقك مني ... أنا ما غلطتش أنا بدافع عن حقي في خطيبي اللي عايزه تسرقه مني !
ابتسم شريف ساخرا ينظر لها يائسا قبل ان يلقي اللعبة من يده يحرك رأسه يغمغم متهكما :
- عمرك ما هتتغيري ، أنا بجد تعبت وزهقت ... كنت بستحمل دلعك وكل تصرفاتك وناشرك لكل حاجة بتحصل بينا على النت وأقول معلش بكرة تعقل ، بلاش تزعلها ... إنما عيلة صغيرة ومريضة مش قادرة حتى تمشي ، تستقوي عليها وتطرديها ... ما صعبتش عليكي يا مرام وأنتِ شيفاها ايديها ورجلها مكسورين مش قادرة تمشي ، حرام عليكي ، أنتِ ايه قلبك حجر !
طفقها بنظرة اخيرة يائسة قبل أن يتركها ويخرج .. نزل على سلم البيت يركض لا يعرف أين ذهبت ، أو أين يجب أن يبدأ البحث عنها... حين وصل للمرآب حيث صف حارس العقار السيارة ... فتح باب سيارته يقف عاجزا عن التفكير ، صفع باب السيارة بعنف يضع يديه فوق رأسه يحاول أن يركز في تلك اللحظة سمع صوت أنين منخفض ... قطب جبينه يتحرك صوب مصدر الصوت ليجده يأتي من غرفة حارس المرآب القديمة ... أخرج سلاحه يشهره أمامه ، تحرك صوب الباب دفعه بقدمه ليُفتح وعلى الضوء القادم من الخارج توسعت حدقتيه حين رأى نور ملقاة أرضا جسدها يملئه التراب جبيرة قدمها تغطيها الدماء ، صاح باسمها مذعورا ، هرع يحملها ليشعر بجسدها بارد كالثلج ... وصوتها على المقعد جواره وهي بالكاد شبه واعية ، تأن من الألم ... ربت على وجهها برفق يغمغم قلقا :
- نور ... هتبقي كويسة خليكي مركزة مع صوتي هنوصل المستشفى أهو
وانطلق بالسيارة سريعا إلى أقرب مستشفى منهم ، أوقف السيارة هناك ينزل منها سريعا التف يفتح الباب المجاور لها يحملها بين ذراعيه يدخل إلى المستشفى راكضا لتقابله ممرضة الطوارئ تخبره أن يتحرك خلفها وفعل ، ركض خلفها إلى غرفة الطوارئ .. في تلك اللحظة كان جواد يخرج من غرفة صديق له مريض ولمحها ، توسعت حدقتيه حين رآها دق قلبه بعنف لا يصدق أنها هنا ... ولكن لما هي بين ذراعي شريف يركض بها بعيدا ... تحرك خلفه مهرولا ليراه يضعها على فراش نقال يأخذها منه الأطباء حين أنزلها على الفراش تأكد أنها هي ، توسعت حدقتيه يركض صوبها ولكنه لم يلحق بها ، اختفت خلف باب غرفة الطوارئ ... أقترب صوب شريف يسأله مذعورا ليس فقط قلقا :
- نور ، هي نور اللي جوا يا شريف
قطب شريف جبينه مذهولا من أين يعرف جواد بأمر نور ،ولما يبدو مذعورا عليها لتلك الدرجة ، زادت حدقتيه اتساعا حين رآه يبكي أقترب من باب الغرفة يدفعها بعنف ...تجمدت حدقتيه حين رآها أمامه مشهمة الأطباء حولها يحاولون إسعافها ... لم يكن يسمع صوت الطبيب وهو يطلب منه غاضبا أن يخرج من الغرفة ...أرادت أن يتحرك إليها ينتشلها بين أحضانه وقبل أن يفعل قبض شريف على كفه يخرجه من الغرفة قصرا ... وقف خارجا ينظر من النافذة الزجاجية الصغيرة لما يحدث داخلا أحشائه تحترق خوفا عليها وشريف يقف لا يفهم ما يحدث !
__________
الثامنة مساء في عيادة جاسر يجلس خلف مكتبه ينتظر الليلة على أحر من الجمر بعد عدة ساعات سيصل إليه حالة وربما فريسة مميزة للغاية ... وجه تركيزه للفتاة الجالسة أمامه ابتسم يردف :
-كملي أنا معاكي يا آنسة أميرة
تحركت عينيه بحذر يراقب تعابير وجهها ويديها وهي تتحدث عن مشكتلها رقبتها مشدودة وفكها أيضا تضعط على أسنانها بين الحين والآخر ، تطرقع أصابعها كثيرا ... انعقاد جبينها يكاد لا ينفك ... ابتسامتها مسحوبة لجانب واحد في الأغلب تلك الفتاة تعاني من صداع بشع يكاد لا يختفي ... الفتاة الجالسة أمامه تعاني حقا من التوتر المزمن ذلك التوتر الذي قيدها به المجتمع بسبب أنها لم تتزوج إلى الآن ... ارتكزت أسماعه مع جملتها وهي تقول :
- أنا والله ناجحة وعندي شغلي وحياتي ، بس ماما وبابا واخواتي دايما شايفني ناقصة ، إزاي عندي 29 سنة وما اتجوزتش ، ماما بتقولي إني كدة عنست واني عمري ما هتجوز وأن أنا السبب عشان كنت يرفض العرسان ، بس أنا والله ما كنتش برفضهم كدة وخلاص هما ما كانوش مناسبين ، أنا بدأت أحس أن حمل عليهم كلهم ، صدقني أنا بفكر في الانتحار
لم يطلب تبريرا ولكنها فعلت كثرة التبريرات تؤكد نظريته أن الفتاة تعاني من توتر مزمن ، قام من مقعد مكتبه التف يجلس على المقعد أمامها يغمغم ضاحكا :
- أنتِ عارفة فين المشكلة أن نهاية أي قصة جميلة لازم تنتهي بأن البطل يتجوز البطلة ويعيشوا في تبات ونبات ويخلفوا صبيان وأميرات ، زي بالظبط ساندريلا ... ساندريلا لو ما كنش ظهر الأمير في حياتها وحصلتلها معجزة كانت هتفضل طول عمرها خدامة ، مع الإعتذار للخدامة لأنها ست مكافحة مش عيلة هبلة ... مش شرط نهاية الحكاية السعيدة تخلص بالجواز ، الأمير اللي هياخدك على حصان أبيض مش دايما هو الحل
وصمت حين لاحظ أنها غير مقتنعة بما يقول ليبتسم لها من جديد وقف من مقعده يتحرك إلى أن وصل إلى منتصف الغرفة ليقف أمامها يغمغم :
- في المجتمع اللي إحنا عايشين فيه البنت لازم تتجوز ولو ما اتجوزتش تبقى عالة على المجمتع حتى لو بقت وزيرة ، مين بقى اللي حط القوانين دي ، المجتمع نفسه .. يعني هي مش أمر إلهي من عند ربنا ، لاء خالص
زي بالظبط أخوكِ الولد من حقه يسهر لبعض نص الليل ويصاحب بنات ، عشان هو ولد
لكن أنتِ لو عملتي كدة نقطع رقبتك .. مين بقى اللي حط القوانين دي المجتمع ، لأن الدين هيحاسب الاتنين ، ما فيش في الدين أصل دا ولد ... المشكلة في فكر مجتمع لا أنا ولا أنتي هنقدر نغيره ، بس نقدر ما نركزش معاه ... آنسة أميرة 90 في المية من اللي عايزينك تتجوزي وبيلحوا عليكِ وشايفينك أنا آسف في الكلمة ناقصة من غير جواز مروا بتجارب جواز فاشلة حتى لو كانوا من اهلك ومش شرط تجارب الجواز الفاشلة تنتهي بالطلاق ، احنا عندنا في مصر معتقد اسمه بلاش نخرب البيت يبقى الزوج والزوجة مش طايقين بعض وبينهم مصانع الحداد بس هيفضلوا متجوزين عشان ما يخربوش البيت ، هيطلعوا أطفال غير اسوياء نفسيا عشان ما يخربوش البيت ، بس يخربوا المجتمع عادي
طنط اعتماد اللي في الدور الخامس اللي رايحة جاية تقولك عقبال عوضك ، هو إحنا مش هنشيل عوضك بقى ، عقبالك يا حبيبتي ، يا بنتي ضل راجل ولا ضل حيطة ... مش هفرح بيكي بقى وموقفة فرحتها عليكي دي ... هتيجي فرحك تاكل جاتو وتتريق عليكِ وهتشوف أن العريس أحلى منك كدة كدة ، ولو طلع اختيارك غلط هتيجي تطبطب على كتفك وتقولك معلش يا حبيبتي عيشي اوعي تخربي البيت ، ضل راجل ولا ضل حيطة ...
جذب مقعد يجلس أمامها يكمل :
- أنتِ عارفة كام بنت بتتعرض للعنف الأسري من جوزها عشان اختارت غلط ، عشان خايفة من كلام الناس ، أنا بجد مش قادر استوعب أن حد يرمي نفسه في النار عشان كلام الناس ، الأمير مش دايما الحل ، الأمير كان حل ساندريلا بس ، وساندريلا اللي قاعدة قدامي دي مش مستنية أمير ، بالعكس دا الأمير هو اللي يجري يدور على واحدة زيها ، عيشي حياتك يا أميرة ، لأنك هتعيشيها مرة واحدة ما تضيعيش اللي باقي من عمرك ندمانة عشان اختيار غلط
ومن ثم تحرك إلى مكتبه يخط على سطح ورقة أسماء أدوية مضادة للاكتئاب ، مد يده لها بالورقة يردف:
- دي أدوية مضادة للاكتئاب بس هتساعدك ، وهشوفك بعد 10 أيام ياريت في المدة دي ما تنسيش كلامي يا princess
ابتسمت الفتاة له مرتبكة تومأ برأسها أخذت الورقة منه تشكره ليرتمي على مقعده يغمض عينيه ... لم تمر سوى دقيقة ودق الباب ودخلت مساعدته تهمس متوترة :
- دكتور جاسر في حالة حضرتك مديها ميعاد الساعة 11 بس هما بيستأذنوا حضرتك لو يدخلوا دلوقتي عشان عندهم المدينة الجامعية هتقفل وهما واخدين إذن ساعتين بالعافية آنسة مليكة ومعاها آنسة زينب
علا ثغره إبتسامة كبيرة ، اعتدل في جلسته يومأ برأسه موافقا يغمغم ساخرا:
- هو كدا دايما القضى دايما مستعجل ، خليهم يدخلوا واجلي الكشف اللي بعدهم شوية وفهميهم القواعد
اومأت برأسها سريعا خرجت تُغلق البا ليقف عن مكانه توجه إلى المبرد الصغير يخرج زجاجة عصير منه يحقنها من أعلى بشئ ما ، وضع الزجاجة في المبرد ليعاود الجلوس أمامه ينتظر دخول فريسته الجميلة ، دُق الباب وتحرك المقبض وها هي ظهرت أمامه ... الحية الجميلة كما يحب أن يلقبها ، بيضاء متوسطة الطول شعرها أسود غجري معجد عينيها سوداء حالكة لم ينظر حتى للواقفة جوارها توجه كل تركيزه إليها ، هامتها المرفوعة لأعلى خطاها الثابتة يدها التي تقبض على يد الفتاة المجاورة لها تحاول أن تهدئها ... قام من مكانه يمد كفه يصافحها :
- جاسر راضي آنسة ...
وكأنه لا يعلم سأل ، فابتسمت له مدت يدها له تصافحه تغمغم:
- مليكة ، مليكة فتحي ودي زينب صاحبتي اللي حكيت لحضرتك عنها
ألقى نظرة خاطفة إلى صديقتها قبل أن يومأ يرأسه يشير لهم ليجلسا :
- اتفضلوا اقعدوا واقفين ليه ، الجو حر النهاردة ثواني هجيبلكوا عصير
تحرك إلى المبرد يخرج ثلاث زجاجات متماثلة تماما عدا واحدة منهم بها جرعته الخاصة وضعها أمام مليكة وأخرى أمام صديقتها وواحدة أمامه فتح الزجاجة يرتشف منها يغمغم مبتسما:
- انتوا مكسوفين ولا ايه اتفضلوا ، دا عصير يعني
ابتسمت مليكة له لتفتح زجاجتها ترتشف ما فيها على مهل وعينيه تراقبها على مهلٍ شديد
حين أنزلت الزجاجة من على فمها ونظرت لوجهه رأت في عينيه نظرة غريبة مخيفة وربما هي فقط تتوهم ، لما سينظر إليها جاسر وكأنها فريسة التقمت طعما لتوها ؟!
ابتسمت له مرتبكة ليُبعد عينيه عنها ينظر صوب صديقتها يبتسم ، لم تكن ابتسامته مخيفة كما رأتها قبل لحظات فقط ابتسامة لطيفة هادئة وكأن من كان يبتسم قبل قليل رجل آخر ... ابتلعت لعابها تتابع ما يحدث أمامها حين رأته يتوجه بحديثه إلى صديقتها
أما هو فكان يبتسم داخله ، تعمد أن ينظر إليها تلك النظرة الخبيثة ليرى رد فعلها إن كانت ستنتبه أم لا وفعلت ، أما هو فتوجه بأنظاره يرسم ابتسامته المعتادة إلى صديقتها الجالسة جوارها ... شملها بنظرة مبدئية سريعة ... فتاة شابة في بداية العشرينات سمراء البشرة جميلة تقبض كفيها على ثيابها وهي جالسة ، عينيها تتجول في كل مكان خاصة باب الغرفة المغلق وكأنها تتأكد من أن الخلاص موجود
تنهد بقوة وبدأ عقله يضع عدة فرضيات .. حمحم يجذب انتباهها يردف :
- آنسة زينب
حين نظرت إليه رآها تبلع لعابها مرة بعد أخرى وجهها شحب قليلا تنفسها بات سريعا لحد كبير
ليردف هو بنبرة هادئة رخيمة:
- آنسة مليكة كانت كلمتني وبلغتني أنك بتعاني من اكتئاب ، وأنك حاولتي الانتحار ، لا أُخفيكِ سرا فكرة أن يبقى عندك إكئتاب دي بقت بالظبط زي ما يكون عندك برد ، الكل دلوقتي بقى عنده اكتئاب ، يعني كونك عندك اكتئاب ما قلقنيش ، أنا اللي قلقني في كلام آنسة مليكة نقطتين بس أولهم أنك حاولتي الانتحار كذا مرة وتاني نقطة أن اهلك مش مقتنعين وفاكرينك ممسوسة وبيلفوا بيكي عند الدجالين
ممكن نتكلم بصراحة يا آنسة زينب ، الاكتئاب مش شرط يكون ليه سبب بيحصل في حالات كتير بسبب خلل في توازن كيميا معينة في المخ وعلاجه بسيط أدوية تنظملنا الدنيا ، الحياة رجعت لونها بمبي ، يا أما بيحصل بسبب نفسي خذلان ألم صدمة كل دي دوافع للاكتئاب ، اشربي العصير يا آنسة زينب
ابتلعت صحراء لعابها رجفت يديها وهي تمسك بزجاجة العصير ترتشف منه القليل تنظر إليه ، لم تتغير تعابير وجهه هو فقط يبتسم ، نظرت إلى مليكة مترددة لتحرك الأخيرة رأسها تشجعها على التحدث ، تحركت عينيه بينهما يبتسم ، حين لاحظ أن مليكة بدأت تشعر بالدوار وزاغت حدقتيها ، انتفضت زينب تسألها مذعورة:
- مليكة مالك يا مليكة ردي عليا
تحرك من مكانه يؤدي واجبه كطبيب ، اقترب منها يرفع رأسها لأعلى يعيدها للخلف ليفتح مجري التنفس جيدا ، أمسك رسغ يدها يستشعر دقاتها ، رفع يده يفتح جفنيها الغلقين ينظر لحدقتيها قبل أن يبتعد عنها تحرك بعيدا ليعود ومعه محقن ومادة شفافة في زجاجة صغيرة ملئ المحقن بها ودفع كم قميصها للخلف ، هنا عقد جبينه حين رأى آثار جرح قديم يبدو أن الجرح كان حقا غائرا ، للحظة تراجع عما يفعل حين رأى أثر ذلك الجرح ، ليعاود شيطانه استلام الراية دفع سن المحقن إلى عرق يدها ، قبل أن يلقيه جواره ... حملها بين ذراعيه يضع جسدها على أريكة قريبة منهم ، نظر لها وهي نائمة أمامه لا حول لها ولا قوة يستطيع فعل الكثير الآن بخداع صديقتها ، ولكن تلك الطرق الدنيئة ليست له هو ، عاد مكانه يحادث صديقتها مبتسما :
- ما تقلقيش هي ربع ساعة بالكتير وهتفوق دا هبوط مش أكتر ، ممكن في خلال الفترة دي تحكيلي ، وعايزك قبل ما تبدأي تعرفي إني في الأول وفي الآخر موجود هنا عشان أساعدك مش عشان بس اسمع ولا اكتب علاج للاكتئاب لاء ، أنا موجود عشان أساعدك نحل جذر المشكلة نفسها ، اتفضلي لو حابة طبعا أنا ما بجبركيش
أزاحت زينب نظارة النظر من فوق عينيها لتمد يدها تسمح دموعها صمتت عدة دقائق قبل أن تهمس مترددة متوترة :
- أنا مخطوبة وبحب خطيبي جداا ، صدقني بحبه جداا ... فرحنا بعد شهرين ، بس مش هينفع ... مش هينفع حتى أقولك ليه مش هينفع ، أنا لازم أمشي
وهبت واقفة تنظر صوب مليكة النائمة في عالم آخر ، لا تعرف كيف سترحل معها وهي في تلك الحالة ، أجفلت على جملة جاسر :
-اتفضلي اقعدي لحد ما آنسة مليكة تفوق وتقدري تمشي وقتها ، أنا مش حابسك
ابتلعت لعابها تجلس على مضض من جديد تفرك كفيها تحرك ساقيها متوترة بسرعة تنظر لمليكة تترجاها بنظراتها ان تصحو ، اجفلت حين غمغم جاسر بهدوء :
- خلينا ندردش لحد ما تفوق ، خليني أنا أسألك لو أنتِ حاسة بحرج ... أنك قولتي أنك مخطوبة ومش هينفع ، مش هينفع دا أكيد بسبب مش كدة بردوا ، أقولك اختيارات وتختاري منهم
تسارعت أنفاسها تشيح بوجهها بعيدا عنه تقبض على حقيبة يدها .. تنظر إلى مليكة ، أما هو فباشر يسأل :
- اتعرضتي للختان في طفولتك بشكل عنيف
حركت رأسها نفيا سريعا ليعطيها إختيار آخر :
-كنتي بتحبي شاب مثلا والأمر تفاقم لما هو أكثر من حب عذري
من جديد حركت رأسها نفيا بقوة ليتنهد يردف :
-اتعرضتي للتحرش أو لمحاولة اغتصاب في طفولتك
مع كل إختيار كان يراقب عن كثب رد فعلها الظاهر على قسمات وجهها كان يحاول إستفزاز عقلها بأسوء الاختيارات ، منذ دخولها وهو يرجح الإختيار الأخير ولكنه استمر يسأل ورأى حين توسعت حدقتي عيني وانغرزت أظافرها القصيرة في جلد حقيبتها بعنف وشحب وجهها للحظات قبل أن تحرك رأسها بالنفي سريعا وبعنف ولكن النفي الآن ما هو إلا إثبات ، ليبتسم هو يردف مازحا بعد رفع إصبعيه السبابة والوسطى يغمغم :
- اتنين ما ينفعش تكدب عليهم في حياتك ال best friend والدكتور بتاعك لأن دول أكتر اتنين هيخافوا عليك بعد أبوك وأمك ، حد من العيلة ؟
حركت رأسها إليه تتحاشى النظر لوجهه تقبض على أطراف ثوبها بعنف اعتصرت مقلتيها قبل أن تومأ برأسها بالإيجاب تحرك شفتيها تهمس :
- ابن خالي الكبير ، كنت وقتها لسه عيلة صغيرة عندي 8 سنين وهو كان شاب عنده عشرين سنة
انهمرت دموعها لترفع يديها تحتضن نفسها تغمغم بحرقة :
- ما كنتش فاهمة غير جملة ماما اللي دايما بتقولهالي ما تخليش حد يلمس جسمك ، كنت بحاول ابعده عني دايما فكان بيهددني أن لو حد عرف ماما هتد..بحني ، وهي كانت بتقولي كدة لو حد لمسك أنا هد..بحك ، خوفت احكيلها
كان دايما بيتحرش بيا وبيلمسني وبيقلعني هدومي بالعافية وأنا خايفة ، خايفة منه وخايفة من ماما ، خصوصا لما واحدة جارتنا حر..قت جسم بنتها عشان عرفت أنها بتحب واحد ساعتها ماما جت قالتلي لو عملتي زيها هحر..قك تخيل كنت عيلة صغيرة بسمع كل التهديدات دي ، كنت بنام كل ليلة وأنا بترعش من الخوف لدرجة إني قعدت فترة طويلة عندي urinary incontinence ، لحد ما ربنا رحمني وسافر هو وبدأت أعيش حياتي من جديد واحدة واحدة
تنهد بعمق يحاول أن يهدأ أحيانا يشعر أنه هو من سيصاب بالاكتئاب مما يسمع من المرضى ، طرح عقله سؤالا ما علاقة خطيبها بما يحدث ، جعد جبينه يسألها :
- وأنتِ خايفة من فكرة الجواز بسبب الحادثة دي ، وطبعا خايفة تصارحي خطيبك عشان هو مش هيقبل حاجة زي كدا وهينفصل عنك
حركت رأسها بالنفي رفعت رأسها إليه لتبتسم ساخرة قبل أن تغمغم :
- لاء ، عشان ابن خالي اللي كان بيتحرش بيا يبقى أخوه الكبير !!
شعر في تلك اللحظة بتوقف دوائر عقله عن العمل يحاول أن يفهم ما يحدث :
- الفتاة الجالسة أمامه تعرضت لطفولة بشعة بسبب ابن خالها الكبير إلى أن تخلصت من كابوسه وحين شبت وباتت فتاة شابة في مقتبل العمر وبدأ قلبها يدق بالحب ، أحب شقيقه الأصغر والذي بالطبع سيكن يشبهه في الكثير من الملامح من ناحية وسترى ذلك المتحرش كثيرا بعد ذلك بما انها ستصير زوجة أخيه ، لما لم تحب زميلها في الجامعة ويساعدها هو نفسيا على تجاوز صدمتها القديمة وتعش حياة سعيدة دون عقاب ولكن كيف تنحل المعضلة ببساطة ، يجب أن تكن هناك كارثة في كل خطوة ، رفع وجهه إليها ليجدد نفسه يغمغم :
- يعني هي رجالة البلد خلصت أنتِ كمان !!
____________
العاشرة مساءً في فيلا جاسر مهران ، الوضع متوتر لا يزال على ما هو عليه وعلى المتضرر اللجوء إلى غرفته كما ترى أهل البيت جميعا يفعلون ، لن تجد خارج غرفته سوى صاحب البيت نفسه يجلس في صالة البيت وحيدا
رؤى تتحاشى التحدث معه منذ أيام ، ورعد عاد من الخارج دون أن يلقي عليه نظرة واحدة صعد إلى غرفته ، حتى چوري ما أن دخلت إلى البيت نظرت صوبه ووقفت أمامه لتقول شيئا وبعد أن فتحت فمها أغلقته وأسرعت إلى غرفتها ، والتؤام الآخر لا يقل انطوائا يوسف حاله من سئ لأسوء صمته الغريب لا يعرف له سببا ، عليه أن يصعد لغرفته الآن ليرى ما به ، مريم الوحيدة التي تبدو اليوم أكثر إشراقا جاءت من الخارج تبتسم ، عانقته تخبره أنها اشتاقت إليه واستأذنت لتصعد لغرفتها لتذاكر ... وفاطمة شقيقة رؤى منذ أن دخلت غرفتها صباحا لم تغادرها .. يفكر جديا في هدم تلك الغرف ليستطيع رؤيتهم ، قام من مكانه متوجها إلى غرفة يوسف ذلك الفتى يتبدل حاله بشكل لا يفهمه
في غرفة يوسف تسطح إلى الفراش يعقد ذراعيه خلف رأسه ينظر لسقف الحجرة شاردا ليبلع لعابه يشعر بالحرارة تعلو بجسده من مجرد خيال انتفض جالسا يمسح وجهه بكف يده يغمغم سريعا :
- استغفر الله العظيم ، استغفر الله العظيم ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
وقف من فراشه ليرتمي أرضا يمارس تمارين الضغط حين دق الباب ودخل والده ، عقد جاسر جبينه ينظر لما يفعل ولده ليبتسم يغمغم مازحا :
-عاش ، أحسن وحوش ... بس حد بيتمرن بليل كدة ، أنا افتكرتك بتذاكر كنت هقولك قوم فك شوية من المذاكرة وتعالا نلعب دومنة ولا شطرنج
وقف يوسف ليلتقط منشفة صغيرة يمسح العرق عن وجهه ، نظر صوب أبيه ليربت الأخير على الفراش جواره يدعوه ليجلس ، اقترب يوسف يجلس جوار والده ينظر بعيدا شاردا ، ليضع جاسر كفه على كتف ولده يسأله:
- مالك يا يوسف بقالك فترة متغير ومنطفي كدة مش عوايدك يعني ، تغور الثانوية العامة في داهية لو هتجبلك اكتئاب يا إبني ، كل واحد ليه نصيب اللي ربنا كتبه ليه ، اسعى بس ما تحملش نفسك فوق طاقتها ... أنا عارف أنك كنت ووليد أعز اصدقاء بس صدقني أنا بعدتك عنه عشان مصلحتك وعشان خايف عليك ليجرك معاه
التفت يوسف إلى والده ليحمر وجهه من الانفعال ترقرقت الدموع في حدقتيه يهمس منفعلا :
- أنا مش عيل صغير يا بابا ، أنا عارف الصح من الغلط وأنا ووليد أصحاب من سنين ، على فكرة زي ما الشيطان خدعه وجر رجله للغلط ، فهو بردوا خدعني وجر رجلي للغلط
هنا توسعت حدقتي جاسر ذعرا وأسوء الأفكار تتطاير لعقله قبض على عضد ولده يحادثه محتدا :
- خدعك إزاي يا يوسف ، عملت إيه انطق
انهمرت الدموع من عيني يوسف يردف منفعلا :
- أنا ما كنش قصدي والله ما كان قصدي أنا كنت بتفرج على الفيلم وما خدتش بالي من مشهد رجعت المشهد لورا والموقع الزفت فتح صفحة تانية ، كان فيها مشهد بشع مقرف ، قفلتها بسرعة وقفلت اللاب كله ... بس المشكلة كل ما ببقى لوحدي يرجع المشهد تاني يتعاد قدامي وبتفاصيل كتير أنا ما شوفتهاش والله ، أنا ...
واخفض رأسه أرضا يرفع كفيه يخفي وجهه خلفهما ، ليرفع جاسر وجهه سريعا أمسك فكه يرفع وجهه ينظر لعيني أبنه يغمغم سريعا :
- يوسف أنت دورت على مشاهد من دي تاني
أغمض الأخير عينيه يشهق في البكاء يردف بحرقة:
- دورت بس ربنا نجدني قبل ما افتح الفيديو العصر أذن حسيت أنه تحذير ، قفلته وقفلت كل حاجة ... اضربني يا بابا أنا غلطان
تنفس جاسر الصعداء ليشد يوسف إلى أحضانه يعانقه يربت على رأسه لينفجر الأخير في البكاء ، بعد دقائق قليلة أبعد جاسر يوسف عنه قليلا يمسك ذراعيه بين كفيه يحادثه :
- لا يا يوسف مش هضربك ، تعرف يا يوسف .. آنت شبه رؤى أوي في طيبتها كلكوا بصراحة طالعينها في موضع الطيبة دي ودا اللي بيخليني خايف عليكوا أوي ، دا اللي خلاني أبعدك عن وليد ودا اللي بيخليني أرفض أن چوري تسافر أي مكان تتابع الشغل مع أن من حقها تفرح بإنجازها وتشوفه بيتحقق قدام عينيها ، أنت من ناحية غلطت فأنت غلطت
غلطت أنك سمحت للشيطان يخليك تدور على فيديوهات من النوع دا ، وعشان أنت طيب ربنا سترها معاك ... طب تعمل ايه طيب كل ما تلاقي المشهد دا بيجي قدامك غصب عنك ، حول السيئة لحسنة يعني ايه ... أول ما يجي قوم صلي ، استغفر 100 مرة ... أخرج من البيت طلع صدقات ... الشيطان هيلاقي الموضوع واقف عليه بخسارة فهيبطل يعرضلك المشهد ماشي يا يوسف
اومأ يوسف برأسه يبتسم لوالده ممتنا ، ليربت جاسر على كتفه يغمغم :
- قوم اغسل وشك وحصلني على تحت ، الماتش قرب
ضحك يوسف يومأ برأسه ، ليخرج جاسر من غرفته يجذب الباب يغلقها يتنهد قلقا من القادم ، حين نظر جواره رأى رؤى تصعد السلم وقفت عند درجات السلم تحادثه بخواء :
- عاصم مستنيك تحت ومعاه مراد وحسين
ودون كلمة أخرى تركته ونزلت ... كان يخطط للذهاب لغرفة رعد عله يستطيع التحدث إليه الآن ولكنه يجب أن يتحرك لأسفل وفعل نزل درجات السلم ، ليجد عاصم ومعه ولديه .. اقترب من عاصم يصافحه يغمغم ضاحكا :
- إزيك يا أبو نسب واحشني والله ، بس عيالك لاء أنا بشوفهم أكتر ما أنت ما بتشوفهم بصراحة خصوصا اللقيط اللي هناك دا ، دا مقيم عندنا كل يوم
ضحك عاصم هو الآخر يغمغم :
- اتنباه وتبقى خلصتني منه وكسبت فيا ثواب
هنا تدخل مراد يغمغم منفعلا :
- على فكرة بقى أنا ألف عيلة تتمناني ، أنا طالع ليوسف ولو سمحتوا عايز كيكة وعصير يطلعولي فوق
وصعد لأعلى يرفع رأسه بزهو قبل أن يمسك رأسه يتأوه متألما حين ألقى جاسر عليه دفتر أوراق صغير وصدح صوت جاسر خلفه يتهكم منه :
- help yourself يا حبيب أبوك
ضحك مراد يكمل طريقه لأعلى ما أن بات في الممر رأى مريم تخرج من غرفتها شعرها أشعث تمسك نظارتها في إحدى يديها تفرك عينيها بيدها الأخرى تتثائب ناعسة مما جعله يضحك ، شخصت مقلتيها ما أن رأته لتهرع عائدة إلى غرفتها تصفع بابها بعنف ليضحك عاليا هو على أتم ثقة من أنها تصرخ الآن من الغيظ تنهد بعمق يغمغم بصوت مسموع :
- والله بحبك حتى وأنتي منعكشة كدة ، اااه مين الغبي دا
تأوه متألما حين شعر بيد تضغط على كتفه بعنف التفت سريعا ليتنفس الصعداء حين رأى يوسف ليدفع يده يغمغم حانقا :
- يا عم خضتني ، اوعى يا عم هتخلع كتفي ومش هعرف اتجوز أختك بكتف مخلوع أنا
توسعت حدقتي يوسف ليقبض على دفة قميص مراد يجذبه نحوه يغمغم بنزق :
- يا بجح ما تتقلش كدة ... وبعدين أنت طالع ليه أصلا أنا نازل اتفرج على الماتش
أمسك مراد بذراع يوسف يغمغم سريعا :
- لاء تنزل فين تعالا نتفرج عليه في أوضتك أبويا تحت وأبوك ، وأبويا جاي شايط وعمتي اللي هي خالتك لما تنزلهم الحرب العالمية هتقوم فتعالا احنا ناخد ساتر ونلعب دورين على ما الماتش يبدأ عشان عندنا إمتحان شامل آخر الأسبوع ولازم نبقى جاهزين ليه جامد جداا
ضحك يوسف يصدم مراد على كتفه بخفة ليتحركا سويا إلى غرفة يوسف
أما في الأسفل ، فحمحم حسين يغمغم بتروٍ :
- قبل ما أطلع لرعد ، أنا طالب من عمي جاسر طلب وأرجو يوافق عليه ، خلي چوري تسافر يا عمي ، چوري تعبت جداا المرة دي بالذات
تنهد جاسر يزفر أنفاسه يحرك رأسه رافضا الفكرة يردف :
- لا يا حسين ، أنا عارف أنك هتحافظ عليها بس أنا ما اقدرش أسيبها تسافر بعيد عني ولوحدها مش هعرف أنام أصلا وأنا عارف أنها بعيد وممكن في أي لحظة بعد الشر يحصلها أي حاجة ، لالالا انسى الفكرة دي خالص
- يا بابا أنا مش عيلة صغيرة
التفتوا جميعا صوب السلم هناك حيث كانت تقف چوري تملئ عينيها الدموع ، تعرف وتقدر خوف والدها ولكنها ليست طفلة وتستطيع جيدا حماية نفسها كما تظن
وقبل أن يأتي جاسر بكلمة سمعوا صوت مألوف يأتي من خلفها يغمغم ساخرا:
- يا بنتي سافري واخرجي وعيشي حياتك مالكيش دعوة بكلامهم دا لا بيقدم ولا بيأخر
هب عاصم واقفا حين رأى فاطمة تنزل من أعلى، تكشف شعرها المصبوغ جلباب بيتي ... اقتربت منهم تبتسم بلا إكتراث جلست على أحد المقاعد توجه حديثها لچوري :
- يا بنتي ما تكرريش غلطتي ، عشان ما يحصلكيش اللي حصلي ، أنا كنت الفتاة المثالية طول السنين اللي فات وفي الآخر خدت كان قفا خلوا عينيا نورت وشوفت بقى الحقيقة
- انهي حقيقة يا هانم ، حقيقة أنك بتسهري في ديسكوهات ولا حقيقة أنك قلعتي الحجاب ، ولا حقيقة أنك اتجننتي
هدر بها عاصم غاضبا ، لينظر جاسر إلى ابنته يطلب منها أن تصعد لأعلى ، ليتبعها حسين هو الآخر قاصدا غرفة رعد ، ما أن صعد لأعلى همس حسين باسمها ، التفتت له ليغص قلبه حين رأى عينيها تدمع ليغمغم هو سريعا :
- اقسملك كل اللي في وسعي عشان عمي جاسر يوافق أنك تسافري ، ما تعيطيش بالله عليكِ
اومأت برأسها وهي غير مقتنعة تماما أنه سيؤثر على أبيها بأي حال ، تحركت إلى غرفتها ليتحرك حسين إلى غرفة رعد فتح بابها دون أن يطرقه يغمغم عابثا :
- المنطوي بتاعنا
قطب جبينه حين انتفض رعد من الفراش يحادث شخص ما على الهاتف ليغمغم سريعا :
- طب هرجع أكلمك تاني سلام
من صيغة الكلام علم حسين أن الطرف الآخر مؤنث ولكن منذ متى ، التفت رعد إلى حسين يغمغم حانقا :
- أنت يا ابني مش في زفت باب ما خبطتش ليه
أغلق حسين باب الغرفة ليقترب منه يكتف ذراعيه أمامه يبتسم عابثا يسأله :
- سيبك من حوار الباب دا وقولي مين دي اللي هترجع تكلمها بعدين يا أبو الرعود
أما بالأسفل فوقفت فاطمة أمام أخيها تبتسم بلا اكتراث تحادثه صارخة:
- سؤال غبي أوي يا عاصم ، ايه اللي عمل فيكِ كدة لا أبدا حاجات بسيطة خالص ، من أول موت ابويا وأمي وأنت عارف أنا كنت متعلقة بيهم إزاي ، والراجل الوحيد اللي حبيته في حياتي مات بعد جوازنا بشهرين ، ومع ذلك حمدت ربنا وفرحت لما عرفت إني حامل وقولت الطفل اللي جاي هيعوضني عن اللي راحوا ، وبعد تسع شهور حمل الجنين ينزل ميت وهوب أهل جوزي منهم لله يرموني في الشارع في نص الليل بهدوم البيت ، كل دي حاجات بسيطة صح ، ما أنت لو حصلتلك ربعها كان زمانك اتجننت ولا اللي أيده في المايه هيحس إزاي باللي اترمى جوا النار
اقترب عاصم منها يقف على بعد عدة خطوات خوفا عليها من الغضب الذي يتملكه الآن ليرفع يديه يصفق ببطئ يغمغم ساخرا:
- برافو دا بقى الكلام اللي بتقوليه لنفسك عشان تبرري قلعك الحجاب ورقصك في الديسكوهات وهدومك المقطعة اللي ماشية بيها ، أهل جوز جبنالك حقك منهم تالت ومتلت جاسر خلاهم يبوسوا أيدك عشان تسامحيهم
صمت للحظات ليردف يحادثها بنبرة أكثر لينًا :
- أنا عارف إن اللي حصلك مش سهل خصوصا أنه حصل ورا بعضه ، بس دا قضاء ربنا ونافذ سواء بإرادتك أو لاء ، فاطمة ما تمشيش ورا شيطان نفسك ..أنتِ كدة بتتمردي على مين ، وليه فاطمة ارجعي طمطم الصغيرة دلوعة الكل واصبري وارضي وأنا احلفلك أن ربنا هيراضيكِ
عادت خطوتين للخلف تكتف ذراعيها أمامها تغمغم ساخرة :
- وفر مواعظك لنفسك يا عاصم ، آه على فكرة كويس أنك جيت أنا كنت لسه هكلمك ابلغك ، أنا اتجوزت عرفي !!