رواية عشق تحت القيود الفصل الحادي عشر 11 بقلم هاجر عبد الحليم


رواية عشق تحت القيود الفصل الحادي عشر 

البحر الهادئ في تركيا،


 الأمواج تتلاطم على الشاطئ، والمشهد في لحظة غروب الشمس، حيث السماء مغطاة بالألوان الدافئة، والهواء عليل. البحر يعكس الألوان الذهبية، مما يضيف إحساسًا بالغموض والمشاعر المختلطة.


 عادل ووسام يقفان بجانب بعضهما على الشاطئ، في صمت طويل. كل منهما غارق في أفكاره، وكأن البحر يعكس عوالمهم الداخلية. عادل يبدو متأملًا ومرهقًا من التفكير في الماضي، بينما وسام تراقب الأمواج بعينين حزينتين.


عادل (بعد صمت طويل، ينظر إلى البحر):

"كنت دايمًا بفتكر إن الحياة ممكن تكون أسهل لو كان عندي أمّ، بس الحقيقة إن مفيش حاجة بتكون زي ما بنحلم بيها."


وسام (تلتفت إليه، تنظر في عينيه بتساؤل):

"أمك. طيب اي اللي حصلها احكيلي انت عمرك م حكتلي عنها؟


عادل (صوت حزين، يبتعد بنظره إلى الأمواج):

"هي ماتت لما كنت صغير. م شفتش جثتها أبدا، مفيش تفاصيل واضحة، بس كانوا دايمًا بيقولوا إنها ماتت في حادثة... وأنا صدقت ده، رغم إن كل حاجة كانت غامضة وقتها


وسام (بتردد):

"مش غريب إنك ما شفتش الجثة؟ ولا كنت كنت مجبر تصدق؟


عادل (ينظر إليها لحظة، ثم يبتسم ابتسامة حزينة):

"أنا نفسي كنت دايمًا بسأل نفسي نفس السؤال... بس حاولت إنسى. حاولت إني أعيش من غير ما أسأل."


وسام (تقترب منه قليلًا، تأخذ نفسًا عميقًا):

"أنا كنت عايشة في الحي ده... مع أمي... وبابا مفيش ليه وجود، عمري ما عرفت مين هو. يمكن كانت خيانة أو يمكن قصة قديمة، بس أمي كانت دايمًا ترفض تتكلم 


عادل (يستدير فجأة ليواجهها، صوته متوتر):

"ممكن تكون زيّ ما بتقولي، بس... مش كل القصص بتكون زي ما بنشوفها."


وسام (تنظر إليه بدهشة، دون أن تدرك المعنى العميق وراء كلامه):

"يعني إيه؟"


عادل (صمت لحظة، يفكر، ثم يتنهد):

"في حاجات بتتخبى عن الناس... بس لما تكتشفها، بتلاقي إن كل حاجة كانت قدامك طول الوقت بس انت اللي معمي عينها واول م بتظهر بيحصل انفجار


على شاطئ البحر التركي


، كان الغروب يلون السماء بألوان دافئة، بينما كان البحر يهمس في أذنهما بصوت هادئ، يغسله النسيم البارد. عادل و وسام واقفان بالقرب من حافة المياه، مشهد يبدو هادئًا، لكنهما كانا على مشارف مواجهة مع الماضي، ماضيهما الذي لا يزال يطارد خطواتهما.


بدأ عادل يتحدث بصوت خافت، لكن كلمات حديثه كانت تمزق الصمت بينهما:

"أمي... كانت دايمًا تقول لي إن الحياة مش دايمًا زي ما بنخطط لها، كان عندها قدرة غريبة على رؤية الأمور بوضوح. لكن بعد ما راحت... ما قدرت أصدق إن الحياة ممكن تستمر من غيرها. ما شفتش جثتها، بس... كل شيء كان بيقول لي إنها ماتت."


وسام شعرَت بشيء غريب في قلبها، كلمات عادل جعلتها تفكر في غموضه، وفي السر الذي يحمله. الرياح بدأت تهب فجأة، باردة وقوية، ترفع الرمال حولهما كأنها تحاول دفعهما إلى مواجهة شيء أعمق، شيء مجهول.


توقفت لحظة، وتحولت الرياح إلى عاصفة خفيفة جعلت وسام ترفع يدها لحماية وجهها من الرمال.

"أنت متأكد إنك مش مشوش؟


" قالت ذلك بصوتٍ غير مستقر، عيناها تراقبان الرياح التي تعبث حولهما، وكأنها تكشف شيئًا غير مرئي. "الحقيقة... أحيانًا بنخاف منها."


عادل نظر إلى الأفق البعيد، وكأن البحر نفسه كان يخفي له إجابة على أسئلته.

"الحقيقة مش دايمًا سهلة. الرياح دي... زي الحياة. جايه فجأة، وساعات تعصف بكل حاجة في طريقها، بس مش هنقدر نهرب منها."


الريح اشتدت أكثر، وحمل معها شعور غريب في الهواء، وكأن البحر نفسه يشعر بالألم الذي يعصف بقلب عادل. وسام سكتت لبرهة، لكن شيئًا ما كان يضغط عليها، شعور غير مفسر كأن الرياح تحاول أن ترد عليها. كانت تحاول فهم أعمق ما وراء كلمات عادل.

"وأنت، هتختار إيه؟" قالت ذلك، بينما كانت الرمال تعصف من حولهما، وصوت الرياح يملأ الأفق.


عادل أغمض عينيه، وكأن نفسه تتجاذب مع العاصفة، ثم فتح عينيه وقال بصوتٍ عميق:

"هختار أواجه الرياح... مهما كانت قاسية، لازم نواجهها."


ثم سكت. الرياح هدأت قليلاً، لكن في جوّ الصمت الذي تبعها، كانت هناك صدمة غير مرئية تحيط بهما. وسام شعرت بأن اللحظة تتسع للأسرار المخفية، وكل كلمة تقال قد تكون جزءًا من لغز أكبر.


الرياح التي هبت عليهما فجأة، كانت كأنها قد رسمت خطًا بين الماضي والمستقبل، والبحر الذي بدا هادئًا مرة أخرى، كأنما لا يترك سوى سؤال واحد.

"هل كانوا مستعدين لهذه الصدمة؟"


كانت داليا تدخل المكتب بتوتر واضح، عيونها ملتهبة بالشك والغضب، بينما كمال كان جالسًا في مكانه، مشغولًا بأوراقه. دقات قلبه تتسارع قليلًا، لكنه حاول الحفاظ على هدوئه وهو يرفع عينيه من الورق ليواجهها.


داليا: (بغضب، تدخل المكتب بقوة وتغلق الباب خلفها)

"كمال، مش قادرة أستحمل الموضوع ده أكتر! في حاجة مش مظبوطة، وقلبي مش مطمن اتكلم معايا ياكمال


كمال: (يرتفع حاجباه بحذر، يحاول أن يبدو هادئًا)

"إيه اللي مش مظبوط؟ بتتكلمي عن إيه بالظبط؟"


داليا: (تقترب منه خطوة، وتتنهد بعمق)

"وسام كانت في المستشفى عند قرايبها، ده اللي عرفتنه. بس السؤال... ليه مش موجودين في البيت؟ عادل مش هنا، وهي مش هنا."


كمال: (يرتفع حاجباه مجددًا، لكن ملامحه تظل متماسكة)

"داليا، عادل مش في البيت علشان شغل، وسام مع قرايبها في المستشفى. مفيش حاجة تانية كلها اوهام


داليا: (تنظر إليه بتركيز، ووجهها مليء بالتساؤلات)

"إنت واثق؟ لأن الحاجة اللي مش منطقيه بالنسبة لي... ليه هما الاتنين مش موجودين مع بعض؟ ده مش مجرد صدفة."


كمال: (يتنهد ببطء ويحاول الحفاظ على هدوئه، لكن في عينيه لمعة من التوتر)

"داليا، عادل مش مضطر يشرح لحد. هو عنده شغل لو متوترة اوي اتصلي بيه او كلمي حد يشوف وسام هل فعلا ف المستشفى ولا لا وبعدين انا اتاكدت بنفسى من صدق الاوراق لو فضلتي تشكي هتدخلي ف طريق كله تعب


داليا: (تتحدث بصوت منخفض وحاد، عيونها تتسع كأنها تكتشف شيء جديد)

"لكن في حاجة مش متوافقة هنا. كل حاجة بتقول لي إن في علاقة بين عادل ووسام انا مش هتوه عن جوزي


كمال: (يميل للأمام قليلاً، ويحاول أن يبدو مطمئنًا، لكنه يشعر بالضغط)

"مفيش علاقة بين عادل ووسام. ده كله مجرد تلميحات في دماغك


داليا: (تقترب منه أكثر، ملامحها متوترة، صوتها يكاد يخرج بهمس)

"لكن مش هقدر أعيش مع الشك ده ياكمال 


كمال: (يحاول استعادة توازنه، ينظر إليها بعينين شجاعتين)

"أنتِ مش لوحدك في الحيرة دي. عادل مش مغفل لدرجة إنه يفضح نفسه، وسام مش ساذجة. لو فيه حاجة غلط هتظهر في وقتها."


داليا: (تبتعد ببطء عن المكتب، والشك لا يزال يعصف بها، تتحدث بحذر أكبر)

"يمكن... بس أنا  مش هسيب الامور كدا ، هكتشف الموضوع ف اقرب وقت ولو حسيت بغدر منه صدقني هحسرك عليه 


كمال: (يتنهد ويعود للجلوس في مكانه خلف المكتب، يحاول استعادة تركيزه في الأوراق أمامه)

"إذا كانت ده اختيارك اعمليه


بينما داليا تغادر المكتب، قلبها مليء بالشكوك. في داخلها، كانت تدرك أنها لم تُكشف بعد عن كل خيوط اللعبة. كل شيء كان يبدو مشبوهًا، وكان السؤال الوحيد الذي لا تستطيع أن تجد له جوابًا هو: ماذا يحدث حقًا بين عادل و وسام؟


ف فلة كمال


منذ أيام، داليا لاحظت بعض التغييرات في تصرفات عادل. لم يعد يأتي في المواعيد المحددة، كانت الرسائل متأخرة،


داليا (بغضب، تحدث نفسها):

"عادل بقا ملك غيري خلاص وملقاش غير وسام معدومة النسب والعيلة


صمتت لحظة، ثم أخذت قرارها فجأة. كان الوقت قد حان للذهاب إلى المصدر المباشر. أخذت هاتفها، ثم تماسكت وقامت بالاتصال برجل قد عرفته من قبل، يعمل في مجال التحقيقات ويملك معلومات قد تثير الشكوك.


داليا (بتوتر، وهو يرد على الهاتف):

"ألو، مساء الخير. أنا محتاجة مساعدتك في حاجة مهمة، وفي أسرع وقت ممكن."


الرجل (بصوت هادئ، مختص):

"مساء النور. إزاي أقدر أخدمك؟"


داليا (بتصميم):

"أنت تعرف عادل كويس، صح؟ لازم أعرف إذا كان في علاقة بينه وبين واحدة اسمها وسام. الموضوع مش واضح لي، بس في حاجة مش مريحة. عايزة أعرف كل التفاصيل، سواء كانت صحيحة أو لأ. مش عايزة حاجة متكونش معايا"


الرجل (بعد لحظة من الصمت):

"فهمت. هروح للمكان اللي كنت فيه آخر مرة، وهجمع معلومات. بس لازم تعرفي إنه لو في حاجة فعلاً، مش هتكون بسيطة."


داليا:

"أنا مش عايزة تفاصيل مختصرة، عايزة كل حاجة، من الأول لآخرها. مش هقبل أي تخمينات."


بعد إنهاء المكالمة، جلست داليا على الأريكة في حالة ترقب. الوقت يمضي سريعًا، لكنها كانت تشعر أن الحل قريب، رغم أنها تمنت في أعماقها أن تكون مجرد شكوك لا أكثر.


بعد ساعتين، وصل الرجل إلى الفلة مجددًا، ومعه بعض الأخبار التي كانت تؤكد ما كانت تشك فيه.


الرجل (وهو يدخل، وبيده ملف صغير):

"التحقيقات كلها بتشير إلى إن عادل ووسام فعلاً كانوا مع بعض في تركيا. كل شيء كان مخفي عنك دي حقيقة يامدام


داليا (تنظر إليه، غير مصدقة):

"يعني هو بيخدعني؟ بيخوني؟"


الرجل:

"أنا مش بقول لك الحقيقة دي عشان أوجعك، لكن التحقيقات بينت إنهم كانوا مع بعض، مش في رحلة عمل زي ما قالك. كان فيه لقاءات غير رسمية."


داليا (بغضب مكبوت):

"ده يعني، هو كان بيخدعني طول الوقت؟"


الرجل:

"آسف. دي الحقيقة، 


داليا (بحزم):

"لا، ده مش هيعدي. مش هسمح لحد يلعب في حياتي كده. عادل ملكي وهيفضل ملكي


ومع تلك اللحظات الحاسمة، شعرت داليا بضغط هائل، لكنها كانت تعرف جيدًا كيف تتحكم في كل شيء. في النهاية، لن تدع هذه الفوضى تخرج عن سيطرتها.


يوم العودة 


مطار القاهرة الدولي، صالة الوصول.

الأضواء الساطعة تنعكس على الزجاج، والهواء يعبق بروائح السفر الممتزجة بين العطور والأمتعة.

عادل ووسام خرجا من صالة الوصول. ملامح الإرهاق تعلو وجهيهما بعد رحلة طويلة. عادل يحمل حقيبته بيد واحدة، ويبدو هادئًا، بينما وسام، بحجابها البسيط، تتابع المكان بعينين قلقتين وكأنها تبحث عن شيء غير مرئي.


عادل (بابتسامة مرهقة وهو ينظر إليها):

"اتمني يكون اتبسطي معايا ياوسام والرحلة فرقت معاكي


وسام (بهمس متوتر وهي تنظر حولها):

"مش حاسة بالأمان... كأن في حد بيراقبنا."


عادل (يضع يده برفق على كتفها محاولًا طمأنتها):

"في اي؟ لي الخوف دا كله؟ اكيد انتي تعبانة من السفر تعالي معايا؟


بينما يقتربان من بوابة الخروج، يلمح عادل مجموعة من الرجال بملابس مدنية يقفون غير بعيد عنهم. نظراتهم ثابتة، وحركاتهم تشير إلى أنهم ليسوا مجرد مسافرين عاديين.


وسام (بهمس مضطرب):

"واخد بالك بيبصوا علينا ازاي؟ شكلهم مش طبيعي وشكلهم عايزين مننا حاجة مش تمام؟


عادل (بهدوء مصطنع):

"أكيد أمن المطار... مفيش حاجة تخوف."


فجأة، يقترب أحد الرجال من عادل، يتحدث بصوت منخفض، لكنه مليء بالجدية.


الرجل (بحدة وبنبرة حازمة):

"عادل... وسام... معايا حالا لو خايفين ع نفسكم انا معنديش اوامر اني أذي بس لو اضطريت للاسف هاخد المدام


عادل (يتراجع خطوتين إلى الخلف وقد بدت عليه علامات الحذر):

"إنت مين؟ وعايز إيه؟"


الرجل (بإشارة خفية للرجال خلفه):

"تعال معانا بهدوء مش عايزين مشاكل قدام المطار ياعادل بيه


عادل يمسك بذراع وسام، يقف أمامها وكأنه يصد أي خطر عنها.


عادل (بصوت منخفض وحازم لوسام):

"خليكي ورايا. ما تتحركيش مهما حصل."


لكن الأمور تتصاعد بسرعة، فالرجال يحيطون بهما. يحاول عادل المقاومة، إلا أن قبضة أحدهم قوية.


وسام (بصوت مرتجف وهي تمسك بيد عادل):

"عادل! إيه اللي بيحصل هنا عايزة اروح بالله عليك خلينا نمشي 


تُدفع وسام بقوة نحو سيارة سوداء مركونة بجانب المطار. عادل يُجبر على الدخول خلفها.


وسام (بصوت يملؤه الذعر):

"إحنا رايحين فين؟! إنتو مين؟!" وعايزين مننا اي؟


عادل (يحاول تهدئتها وهو يجاهد للتحرر):

"وسام، اهدي شوية. هنفهم كل حاجة بعدين مش هيحصلنا اي سوء اوعدك المهم عايزك تبقي قوية وبلاش توتر ارجوكي عشان حملك


تُغلق أبواب السيارة بعنف، وتتحرك بسرعة مفرطة، تاركة خلفها أنوار المطار وهدوءه المتوتر.


من هؤلاء الرجال؟ وما سر هذا الاختطاف المفاجئ؟ وهل سينجح عادل في حماية وسام وسط هذا المأزق؟

الفصل الثاني عشر من هنا 

تعليقات



×