رواية حارة تايسون الفصل العاشر
فتح باب غرفتها ودخل دون استئـذان ، كانت هي جالسة علي اريكتها وعندما لمحته نهضت فورا وهي تصرخ بضيق:-
_انت ازاي تدخل كدا ؟ متعرفش حتي انه من الذوق تخبط قبل ما تدخل علي واحدة سـت
اجاب ببرود وهو يرفع إحدي حاجبيه بتسلية:-
_والسـت دي تبقي مراتي وانا سايبها في حالها لدلوقتي بمزاجي
رمقته بضيق ولم ترد ، اقترب منها متابعا:-
_ابوكي جاي كمان شوية
رفعت عيونها تناظره بلهفة و:-
_هخليكي تقابليه بـس بشرط
تسألت عيونها عن الشرط فقال وهو يحاصر خصرها بيديه جاعلا عيونها تقابل عينيه السوداء:-
_تفهميه انك موافقة علي جوازنا
كانت عينيها بدأت تتأثر بعيونه ، الا انها مازالت مستفقية لم تغرق كليا به وبسحره فـ:-
_بـس كدا ممكن يفهمني غلط واني متخطفتش وجيت بمزاجي
تايسون:-
_انا هقولك انك اتخطفتي وهقوله كمان انك حاولتي تهربي ، بس انتي هتقولي انك بعدين رضيتي بالامر الواقع وموافقة من قلبك كمان
ضيقت حاجبيها بتعجب من حديثه ، غريب فعلا ما قاله أيراضيه ان يظهر بتلك الصورة السيئة امام والدها ! لن يخجل وهو يعترف انه خاطفها بالفعل .. ذلك الرجل حقا محيرا وبالنسبة لها ك لغز صعب ان ينفك ابـدا ..
وصرحت له بأفكارها فأجاب بلامبالاة:-
_مبيهمنيش رأي حد فيا وكيف عايز يشوفني وكيف هيشوفي ، اللي يهمني هو انا ورأي انا فيا ورأي اللي بحبهم
مـرر يده علي وجنتيها بخفة فأنقشعرت اثـر لمسته و:-
_وانتي من اللي بحبهم علي فكرة
قالها بخفوت شديـد وهمس اشـد ، لاعبا بهمسه علي اعصابها فزاد هذا من توترها ، لا تعلم ما يحدث لها بالضبط وهي معه ، لكن بالفعل تصيبها مشاعر غريبة وتجتاحها اثـر قربه وهمسه لها ، غريب ان تشعر بتلك المشاعر بقرب خاطف و.... قاتل
احاسيسها كلها تنقبض بـ لـذة غريبة عندما يتلاعب بها بكلماته المثيرة ، حقا يكاد يصيبها الجنون اثـر جميع ما يحدث معها ، كيف تتحرك مشاعرها لرجلا وهي تعترف بحبها لاخر .. لرامز الذي كان ينتظر ان تنتهي من بطولة التنس ليقوما بكتب الكتاب ثم الزواج .. ماذا ستقول لرامز اذا تقابلا وتواجدا بمكانا يجمعهم منفردين ؟
تقول انها تزوجت بأخر بكل بساطة .. صارت علي اسمه ولن يتركها الا اذا انجبت طفلا ! والاغرب انها لا تشعر بالكرة نحوه او النفور الي الاحد الذي تقول عنه ، بل هي تستلطفه !!
تايسون وقد تـركها وابتعد فجأة كعادته:-
_لو هتمشي بكلامي يبقي تنزلي لما ابعتلك مع ام السعد لو هتخلفيه يبقي احسنلك متنزليش علشان هتشوفي مني اللي مش هيعجبك
وعـد بإستكانة:-
_هسلم عليه بس والله
طالعها بنظرات غير مصدقة الا انه لم يقول شيئا وتركها مغادرا الغرفة ..
. . .
بعـد نصف ساعة ..
دخل نصري مع جعفر لغرفة مكتب تايسون نهض تايسون عن مكتبه ما ان لمحه واشار لجعفر بالمغادرة ، سلم عليه بالايـدٍ سلاما باردا وهما يوجهان نظرات تحمل الكثير والكثير لبعضهما البعض ، نظرات تخفي مشاعر البغض من ناحية نصري لتايسون والكرة ، يطالعه ك لـص خطف وحيدته منه ، لكن نظرات تايسون لم تكن مفهومة كالعادة ..
اشار له ليجلس علي إحدي المقاعد رادفا:-
_اتفضل يانصري باشا ..
جلس نصري وبدون سابق اصرار قال:-
_انا عرفت عنك اللي يخليني اخاف اقرب منك ياجاسر
لم يتأثر تايسون بحديثه ، بل فقط كانت نظراته تحث الاخر ان يتابع حديثه و:-
_انت لو مكاني وعرفت ان بنتك مع واحد زيك .. مش هتخاف عليا ؟
اجاب بدون شـك:-
_هترعب كمان
الغريب دوما في الامر انه يتحدث عن نفسه بالسوء ولا يحاول ان يخفي ذلك !
نصري:-
_يبقي تقدر احساسي وتفهمني ، انا عايز بنتي ترجع لحضني انا وامها
تايسون ناطقا ببرود ، مريحا جسده علي مقعده لـ الخلف:-
_ودا مستحيل
نصري بنظرات محتدمة:-
_انا اقدر دلوقتي اقبض عليك بتهمة الخطف
تايسون ساخرا:-
_هو في حد بيخطف مراته ياباشا
_جواز مش شرعي تم بدون موافقة ولي الامر وبدون موافقة العروسة اصلا
تايسون:-
_بنتك عندها ستة وعشرين سنة يعني تقدر تبقي وكيلة نفسها ، وهي موافقة عليه جدا وتقدر تسألها وبكدا اركان الجواز تمت بما يرضي الله .. علشان مكنش كداب بس الاول كنت مهددها لكن بعدين هي وافقت بكل رضي
نصري بغضب:-
_ازاي وافقت ؟ وعـد مستحيل تكون موافقة ، وعـد بتحب رامز
_اهو دا اللي مجنني ازاي واحد زيك رضي يجوز بنته لواحد زي رامز دا
نصري بتعجب من حديثه:-
_وموافقش عليه لية ؟ ابن صاحبي ومننا وعلينا ومشفناش منه حاجة وحشة
_كدا فهمت .. يعني انت من ثقتك بيه مفكرتش حتي تسأل عليه
نهض فجأة من مقعده وتوجه لـ إحدي الارفف سحب من عليها ملفا وقدمه لنصري ، امسكه نصري منه وهو يسأل بعدم فهم:-
_اية دا ؟
تايسون ببرود:-
_دا ملف عن تاريخ رامز الاسود
فتحه نصري وراح يقرأه بعيون تتسع تدريجا بصدمة آثـر ما يجده من افعال صعبة نتجت عن رامز بالدليل القاطع والصور ، لم يتوقع ان يكون رامز بهذا السوء في يوما ابدا ، يستعمل اسمه ورتبته بأشياء عديدة ك التعذيب بطرق بشعة واقامة بعض الافعال المحرمة بالتهديد .. ظهر وجها وقحا له لم يتوقع نصري ان يكون رامز يملكه
خرج صوت تايسون ليفيقه من صدمته:-
_الباشا اللي عايز تجوز بنتك ليه متجوز اربعة عرفي ومطلقهم ، اتنين منهم كانوا حامل وخلاهم بالغصب نزلوا الطفل ، ولما اهلاليهم وقفوا ضـده اشتري سكوتهم بالفلوس ، في واحدة ابوها مرضيش يسكت فأستغل اسمه وطرده من شغله وفضل مطارده في كل حتة لحد ما وطه ليه راسه وسكت بالفلوس ... دي شوية من بلاوية .. نبذة مختصرة ، تحب تسمع اكتر ؟
ردد نصري مصدما:-
_رامز !
_ايوة رامز
سـاد صمت قصير علي الغرفة ، ثقيل علي صدر نصري الذاهل بتلك المعلومات الذي يسمعها ويعرفها لـ التو ، يعلم ان تايسون لم يكن ليكذب عليه ، كل شئ امامه بالدليل القاطع ، وتايسون لم يكن شخصية من تلك التي تمزح ..
لكن ... هل هذا كفيا ليوافق علي تسليم ابنته لـ تايسون ؟
بالطبع لا
لـذا قال:-
_طيب وعايزني ارحم بنتي من لعنة اروح اسلمها بأيدي لـ لعنة اكبر ؟
تايسون بملامح لا تقرء ، هادئة وكأنه يقول حديثا مرفها ليس كارثيا ابدا:-
_علي الاقل ان صريح ، بل صراحتي توصل لـ الجراءة ، لكن رامز لا
نصري:-
_علشان انت صريح احمي بنتي من واحد زي رامز وارميها في ايدك ... ايـد قاتل !
صرح تايسون:-
_بس ايدي مبتمسش اللي يقربلي ، يعني هتكون في امان
كاد يصرخ .. بالله كاد يصرخ من حديثه البارد هذا ، الكارثة ليست هنا .. الكارثة انه يتحدث ببرود وكأن ما يقوله عاديا !
اعتدل تايسون في جلسته اكثر وهو يقول:-
_طيب علشان انا مش عايز الموضوع يطول اكتر وعايزك ترتاح من ناحيتي ... هتكلم معاك بصراحة
طالعه نصري بأهتمام فـ تابع:-
_وعـد بنتك انا حبيتها من اول ما شوفتها حركت فيا حاجات محدش قدر يحركها قبلها ، وانا راجل مبحبش الكدب حتي علي نفسي اللي بحس بيه بـ أعترف بيه ، فأنا عايزها ك مراتي وام ابني للابـد ، ومعني اني عايزها اني هعمل المستحيل علشان متمشيش ، فـ صدقني مهما تعمل وتتعب مش هتقدر عليا ومش هتقدر تبعدني عنها ... تمام ؟
اخذ نصري بعض الوقت ليفهم كلامه ، وبعدما فهمه هتف:-
_انت كدا بتخوفني اكتر
تايسون ببسمة باردة:-
_بالعكس بطمنك ان بنتك هتكون مع واحد بيحبها
نهض نصري من مكانه صائحا بتعب:-
_انت اللي مش قادر تفهم انك قاتل ، وان وجود بنتي معاك هيخليها في خطر طول الوقت
تايسون ببرود:-
_فين دليلك علي اني قاتل وبتاجر في الاعضاء زي ما بتقولوا .. معاك دليل ؟
اؤما بالنفي بقلة حيلة ، فالتحريات جميعا التي قامت حول تايسون اتت بنتائج غير مرضية ابدا .. لا دليل عليه ابدا ، لا نقطة من الغُبار ، الجميع يعلم انه بالفعل قاتل ، ولكن لا يوجد دليل قاطع ..
قال تايسون بصوت جاد:-
_هوعدك وعـد وصدقيني الوعد دا هنفذه لو فيها موتي
طالعه نصري بأستفهام فقال:-
_وعـد مراتي هتفضل عندي في بيتي .. جوازنا هيبقي جواز طبيعي ، مش هسيبها غير يوم ما تجيب دليل علي كلامك ، يوم ما تجيب الدليل تعالي ومعاك المأذون وانا هطلقها وهروح اسلم نفسي
بدأ علي وجهه نصري علمات الرضا ، لكن .. ربما يتأخر في عملية إيجاده .. هل ابنته ستكون بين يديه لـ كل تلك الفترة ؟
تايسون:-
_متحاولش تفكر في حلول تانية لان دا اول واخر حل هقدمه ليك .. وبالنسبة لـ الفرح انا كدا كدا كنت هعملها فرح .. تحب تحضره ؟
بكل برود يعزمه علي فرح ابنته .. كأنها ليست ابنته !
خرج صوته متعبا:-
_عايز اقابلها
تايسون بتسأل:-
_مجاوبتش هتحضر الفرح ولا لا
رمقه بضيق .. فقال بلامبالاة:-
_شكلك مش هتحضر ، براحتك .. دا انا حتي كنت هدبح خرفان ومقولكش علي طعم الخرفان ... خرافة
. . .
بعد قليل ..
فتحت باب المكتب بعدما طرقته ودخلت سريعا لهم ، فعندما نادتها ام السعد لم تنتظر بل كانت تسابق الرياح بخطواتها لتصل لابيها ، عندما لمحته اقتربت منه راكضة واحتضنته ، كان مشهد دراميا بحت
فيه عدة مشاعر قوية ، لكن ذلك البارد كان يتابع الامر بسخرية مريرة
ابتعد عن ابنته اخيرا ، تلمس وجهها بكفيه سائلا:-
_انتي كويسة ؟
اؤمات بنعم وهي تبكي بضعف ، اقتربت تحتضنه مرة اخري و:-
_انا كويسة بس انت وحشتني اووي انت وماما .. هي فينها لية مجتش معاك ؟
ابتلع ريقه بصعوبة ولم يرد ، ابتعدت لتناظره بأستفهام فأخفض عينيه عن عيونها ولم يتحدث
سألته بتوتر وخوف:-
_ماما كويسة صح ؟ محصلهاش حاجة صح يايابا ، جاوبني يابابا
لم يرد لكن صوت تايسون البارد وصل لها:-
_امبارح بس اغمي عليها وودوها المستشفي وطلع عندها جلطة في القلب بس متقلقيش الدكاترة عملوا اللازم وبقيت احسن ياوعـدي....
. . .