رواية القلب أخضر الجزء الثانى الفصل العاشر بقلم رباب عبد الصمد
بكت ليلى على كلماته وكانها كانت على اهبة الاستعدا للبكاء فهى قد اشتاقت لقريتها ولاخيها وفى ذات الوقت مشاعرة جرحت من ايوب فهذا وحده كان كفيلا لنزول دموعها
ليلى / الحانك جميلة تهز الوجدان لانها نابعة من الوجدان
حمزة وقد وضع العود الى جواره هذه شهادة كبيرة لمثلى ثم صمت لبرهة وقال / هل حان الوقت لنكمل جلسة صراحتنا
ليلى / نعم فانا احب ان تكمل لى قصتك
حمزة اخذ نفس عميق ثم قال / يد الاعداء طالت حبيبتى فى يوم عرسنا فما انتهينا من ليلة الزفاف الا واذا بها فى الصباح الباكر خرجت لتشترى لى باقة زهور حتى افتح عينى عليها اول ما استيقظ ولكنى استيقظت على صوت صراخها قريب من البيت فخرجت وجدتها فى شهقاتها الاخيرة وبيدها باقة الزهور ملطخة بدماءها فشعرت ان قلبى هو من ينزف الدم وليست هى فضمتها لصدرى ولم اكن اشعر انى اكوى صدرى بنار حبها فاصبح قلبى ينزف دما باستمرار على منظرها وهى تلفظ انفاسها بين ضلوعى تلك الضلوع التى يوما تنفست انفاسها وكانها كانت على عهد معها لان تكون هى اخر من تتنفس روحها
ثم نظر اليها قال هل ستصدقينى ان قلت لكى انك نسخة منها ثم فتح هاتفه على صورتها فوجدت انها تشبهها تماما فدمعت متاثرة بها
حمزة / هذا كل شىء عنى فماذا عنكى ؟
كانت ليلى لا تنوى ان تحكى عن نفسها شىء ولكنها وجدت نفسها تحكى كل شىء دون اى خجل ه وكانها تثبت لنفسها انه ليس هناك ما يجعلها تخجل
حمزة ولماذا لم تحادثى اخاكى او والد زوجك حتى الان لتطمانيهم عليكى
ليلى / لقد تركت هاتفى وجواز سفرى فى منزل طارق
حمزة اعطاها هاتفه وقال لها / يمكنك محادثتهم عبر النت
ليلى بدهشة / وهل هنا يتوفر نت ؟
حمزة بالطبع فكل من هنا رجال اعمال يديرون اعمالهم عبر النت والسفينه تلتقط الارسل عبر الاقمار الصناعية
التقطت منه الهاتف فى عجلة فكانها وجدت طريق النجاه ومرت دقائق قليلة ابتعد حمزة عنها قليلا ليترك لها الحرية فى الاتصال باهلها وجلس على مقربه منها وشرد فى حالها وهو مركز بعينيه عليها فقد حزن لاجلها بعدما سمع قصتها
استطاعت ليلى اخيرا ان تتواصل مع الحاج صالح
الحاج صالح عبر الرسايل / كيف حالك الان لقد اشتقت لسماع صوتك ولكن ما جعلنى اطمان عليكى ان طارق بنفسه طماننى عنكى وحمدت الله انكما على وئام
صدمت ليلى عندما سمعت ذلك ولكنها لم تنفيه بل اكدته واجلت اى تصريح بالحقيقة حتى تعود اولا لمنزلها
انهت الكلام معه واتصلت باخيها وما ان اتاها صوته الا وبكت من لهفتها عليه
علي / ليلى .. حبيبتى كيف حالك لقد اشتقت اليكى
ليلى بدموع / انا ايضا يا علي اشتقت لك وكم وددت الان لارتمى فى صدرك
علي وقد قلق بشانها فسالها فى عجالة تحمل لهفته عليها / ليلى ماذا اصابك هل فعل طارق ما يضايقك
ليلى بدموع لم تستطع احجامها / لا فطارق يعاملنى بكل حنان ولكنى اشتقت اليد فهذه اول مرة ابتعد عنك كل تلك الفترة
تنفس علي الصعداء وقال / انا اكثر اشتياقا لكى منكى ولكن ما يصبرنى على بعادك هو ووجودك بجوار من عشقتيه
كانت تود ان تخبره بما تمر به وكيف ضاقت الدنيا حولها ولكنها لم تجروء علىذلك حتى لا تقلقه عليها ةفضلت ان تحاكيه عند عودتها
...................
فى الجانب الاخر جلس ايوب ونهال
نهال / لما تركتنى وهجرتنى قديما ؟
ايوب / انا لم اتركك بل ابتعدت عنكى لكى تقررى انتى بنفسك ان كنتى تحبينى انا لذاتى ام لمظهرى وانتظرت ان تاتى وتكذبى كل ظنونى فيكى ولكنى وجدتك تؤكدينها
نهال / لقد اخطات فهمى فانا عشقتك بكل جوارحى ولكن من تعشق بجوارها صعب ان جرحت ان يشفى جرحها وانا جرحت منك
ايوب / انا لم اجرحك ولكنك توهمتى ذلك لانك اردت ذلك
نهال / كيف
ايوب / لقد وهمتى نفسك بهذا لتجدى اى مبرر يشفع لكى فى قرارك من التخلى عنى عندما لم اعد وسيم كما عاهدتينى
نهال / لا تقل هذا فانت تجرحنى للمرة الثانية
ايوب / انا لا اجرحك انا فقط اضع الحقيقة جلية امام عينيكى
نهال/ لماذا تبخسنى حقى فى حبى
ايوب / الحب احساس لا يحتاج الى ترجمة حتى اشعر انى ابخسك فانا لم اشعر بحبك الحقيقى ليس الا
اخذت نهال تجادله فى حبها وانها لم تنساه يوما بينما كان هو مشغولا بالتفكير فى ليلى فشعر بمجرد بعده عنها للحظات انه اشتاق اليها . شعر ان بينهما مسافات ود ان ياكلها اكلا ليصل اليها رغم انها لا تبعد عنه سوى خطوات
لم يستطع ان يجلس اكثر من هذا مع نهال فقد شعر انه يبالغ فى التكلف لكى يظهر امامها هادئا خاصة بعدما عرف منها انها تزوجت من رجل عربى ثرى بعدما افترقا بقليل وان معها على متن السفينه
هم ان يتركها ولكنه تذكر نفسه عندما كان يفكر فيها وهل انجبت ام لا وكم صار عمر طفلها فقال / اين اولادك
تعجبت من سؤاله وقالت / لم انجب حتى الان فانا لا اريد ما يربطنى بهذا الرجل اكثر من هذا
ابتسم بسخرية وقال / ان كان هذا تفكيركما انتظرتى معه كل تلك السنين والحقيقة انك خشيتى على جمالك فحرمتى نفسك من اجمل نعمة
شعرت بالضجرمنه فحاولت استفزازه فقالت / اذن فانا لم اغب عن ذاكرتك حتى انك فكرت فى اولادى
فهمها وفهم ما تريد الوصول اليه فنظر لها بجانب وجهه وهو يتحرك من امامها وقال / انا لم افكر فيكى لشخصك ولكنى كنت احاول ان اتناسى بكى انسانة معينة ولحظى السعيد وجدتنى اهرب منها اليها
.....
ما ان انتهت ليلى من مكالمتها مع اخيها الا وشعرت بالتعب قد اثقل جسدها وشعر بها حمزة فسالها بسرعة / ماذا اصابك
ليلى وقد بدات تشعر بالهبوط / ارجوك يا حمزة سامحتى حيث انى لن استطيع اكمال السهرة معك فانا فى امس الحاجة لارتمى فى الفراش
جمزة / هل لى ان اتى معك اوصلك
ليلى / ليس هناك ما يحتاج لهذا
تركته وابتعدت عنه متوجه لغرفتها ولكنها كانت تفكر فى فهدها فكم شعرت نحوه بالحنق والحسرة وقالت فى نفسها / كلهم يعشقون ان يكونوا طاوسا للنساء ولا احد فيهم يعشق ان يكون طاووسا لانثاه فقط
كان ايوب قد لمحها من بعيد وهى تتكلم مع حمزة ولاحظ الود بينهم فعرف انها قضت معه تلك الدقائق ولكنه الان لم يجدها معه فاستاذن من نهال وذهب لحمزة وساله عنها فى لهفة فقال له انها شعرت بالارهاق فعادت لغرفتها
وصل اليها وما ان فتح الباب الا وسمع صوتها بالحمام فتوجه اليها وهو ينادى بصوت يحمل القلق / ليلتى . فوجدها تتقيا فحاول ان يرفع راسها حتى لا تصاب بالهبوط واخذ يغسل لها وجهها بالماء البارد ولكنه وجد جسدها يرتخى بين يديه وصدم من الدماء التى وجدها تسيل على ارض الحمام فرفعها بسعة واراحها على السرير وحضن وجهها بكفه وبصوت يحمل لهفته عليها قال / ماذا اصابك فقد نزفتى كثيرا
نظرت له قبل ان تغفوا مغشيا عليها وقالت له / كلكم تعشقون ان تكونوا طاووسا للنساء ولا احد منكم يريد ان يكون طاووس انثاه وحده
تعجب ايوب من كلامها وقبل ان يسالها ماذا تقصد وجدها قد اغشى عليها
مرت ثلاث ساعات فاقت بعدها لتجده يجلس امامها وقد غفى على كرسيه ولكنها وجدت ان هناك معلق به كيس دم واخر معلق بها ففهمت ان تبرع لها بكيسين فتاذت لانها اجهدته وحادثته بصوت خافت ولم تكن تعرف ان سيسمعها / اعتذر اليك ايها الثائر فقد ارهقتك معى ولكنى اعترف اليك الان دون خجل انى ظننتك تبادلنى نفس الشعور فتاذيت عندما وجدت عكس ما تمنيت
ابتسم هو داخليا علي كلامها لانها اكدت له ما ود ان يتاكد هو منه ففتح عينيه ببطا وملا وجهه باجمل ابتسامة واقترب منها وقال / حمدا لله على سلامتك فقد كنت على وشك ان افقد صوابى وانا اراكى هكذا فقد اصبحتى انتى كل صوابى
نظرت له نظرة عتاب فهمها هو فاتسعت ابتسامته وبدا حديث ارتجالى معها وقال / الم اقل لكى انها كانت ماضى ولازالت ماضى
ليلى وقد عرفت من هى فقالت / اهى حبك القديم
ايوب / انها لم تكن حب والا ما كانت ماضى فالحب يدوم مهما مر عليه الزمان
ليلى / ولكن لهفتها عليك لا تدع مجال للشك انها لازالت تحبك
ايوب وقد اقترب منها اكثر وهى نائمة وقال / ان كانت لازالت تحبنى فهذا شانها ولكن كما قلت لكى انفا الحب لا ياتى بالاجبار وانا لن اجبر على حبها
ليلى / لكنى رايتك انت ايضا ورايت لهفتك فى عينيك
ايوب / ما رايته لم يكن لهفة وانما لهفة على ذبح ماضى بعدما وجدت له ترياقا
ليلى / وكيف وجدت ترياقا لها
ايوب وهو يبتسم عليها فهى تود ان يعترف لها علنا ولكنه لا زال يخشى او ربما يشعر انها قد تكون معجبة به فقط او انها لن تريد قلبه الا لانه ساعدها او من الجائز انها لازالت مجروحة من حب خاب وتود ان تداويه بحب اخر حتى وان لم تحبه هى
نظر اليها ولازالت ابتسامته تضىء وجه وقال بهمس / وجدت ترياقها يوم ان دق قلبى لمن عشقتها فيومها شعرت بما لم اشعر به وانا معها فعرفت انى شفيت منها بترياق غيرها
ليلى بلهفة / وهل وجدت فيها انها تستحق لان تترك البحر وتستقر معها
ايوب / لم اشعر باستقرارى الا وانا معها فتاكدت ان حياتى لن ترتبط بسواها
ليلى / وهل تتقبلها هى بظروفها
ايوب / وما هى ظروفها بل السؤال ان صح فيكون هل توافق هى على رجل شارف الاربعين ولايزال قلبه اخضر ولا يعرف من احاديث المغازلة ما يسلب لب النساء
ليلى / الانثى لا تحتاج الى المغازلة قدر احتياجها للحنان والعطف والامان فان وجدت هؤلاء فاين المغازلة منهم فهى قد ذابت فيهم
ايوب / وهل يجوز ان يتزوج الاب من ابنته
ليلى / بل كل زوج هو اب لزوجته
ايوب / ولكنها تصغرنى كثيرا واخشى ان تندم
ليلى / ندمها سيكون ان فشلت فى ان تحظى بك
ايوب / لكنها تستحق من هو فى سنها
ليلى / الحب حياة والحياة لا ترتبط بسن او جنس او نوع او حتى لون بل الحياة حق اعطاه لنا الله ويجب علينا ان نعيشها بالطريقة التى تشتهيها روحنا
ايوب / هل حبها لى حقيقة ام احتياج الى حب وعطف
ليلى / هى لم تعرف معنى الحب الحقيقى الا معك
ايوب / هل انا اكفيها
ليلى / انت تكفى اى انثى افضل منها بل انت الكفاية ذاتها بالنسبة لها
ايوب بخبث / اراكى متاكدة من شعورها نحوى
ليلى / انا لم اتاكد من اى شعور الا من شعورها نحوك
اقترب اكثر من وجهها وهى لازالت نائمة فاختلطت انفاسهما مما جعلهم فى عالم اخر لا يدرون ان كلا منهما قد اعترف للاخر بمكنون قلبه ومد يده واحاط وجهها و باغتها بسؤاله الهامس / عمن تتكلمين انتى
ليلى صعقت من السؤال فقد تنبهت اخيرا انها كانت تتكلم من اللاوعى من شدة لهفتها عليه وغيرته من غيرها عليه فتلعثمت وازدات نبضاتها وارتعدت اوصالها وانتبهت انه حاوطها وان وضعهم هكذا ينبىء بالخطر فبدات بتوتر تزيل يده الحاضنه لوجهها وبدات تقوم من تحته وبدا هو يعتدل فى جلسته فقد تنبه هو الاخر لوضعه فتنحنح وبدا يبتعد عنها وقام ليحضر لها فطورها ولكنه تيبس مكانه بعدما سمع شهقتها المصحوبة بصرخة فالتفت لها واقترب منها بسرعة وقال / اهداى ..اهداى
بينما كانت عين ليلى مملوءة بالدموع وهى تتجول بهم على جسدها عندما وجدت انها قد بدلت ملابسها وانها ترتدى احدى ملابسه هو فعرفت انه من قام بتبديل ملابسها
اقترب منها وقال / قلت اهداى فانا لم ارى منكى شيئا وكل ما فى الموضوع ان ملابسك قد اصطبغت بالدماء وانا عندى خبرة من امى فقد مرضت فى الماضى وطال مرضها وانا كنت اكبر اخوتى وليس معنا انثى الا اختى وكانت صغيرة فكنت انا من ابدل لها ملابسها ولكن دون ان اخدش حياءها ولا تقع عينى عليها فى شىء فاصبح عندى خبرة فانا كنت لا اخلع جزء من ملابسك الا وقبلها اكون قد البسته نفس الجزء من ملابسها النظيفة هذا ما حدث اقسم لكى فلا تخجلى منى ولا تدعى لعقلك الخيال فانا اعيدها لكى انتى لم تكشفى علي
لم تنطق بحرف وهذا ما عذبه اكثر فلا هى قالت انها قد صدقته ولا قالت انها تكذبه فاخذ يهزها من كتفيها وقال / ارجوكى تكلمى وقولى انكى قد صدقتينى القول
ليلى بصوت حزين / انا اصدقك ولكنى ابكى على ظروفى التى وضعتنى هذا الموضع واكره قلبى لانه سبب كشف جسدى وعريي
مد يده وامسك يدها وشد عليها وقال / ارجوكى لا تمزقينى بكلامك ولا تجعلينى اندم على ما فعلت ولكنى لم اود ان اتركك هكذا غارقة فى دماءك
نظرت له بعين على الرغم من انه كانت مملوءة بالدموع الا انها كانت صافية وصادقة فى تعبيراتها فقالت / هل تصدقنى ان قلت لك انى لم اعد اخجل منك او اشعر نحوك بالغربة ولكن ما صدمنى هى مفاجاتى لجهلى بشخصية من بدل لى ملابسى ولكنى أأتمنك على نفسى واعلم انك لن تفعل بى ما يخدش حياءى او يجرح كرامتى
ايوب وقد اخذ نفس راحة وقال / اتعرفين لماذا شعرتى بهذا ؟
يا ترى لية ليلى معادتش تشعر برهبة وخجل وخوف منه ؟
هل عشان بقيت تامن ليه و اية ؟