رواية وجفت ورودها الحمراء الجزء الثانى الخاتمة بقلم وسام اسامه

رواية وجفت ورودها الحمراء الجزء الثانى الخاتمة بقلم وسام اسامه

خاتمة عطرها الجافي
...............................
استيقظت صباح اليوم التالي وهي تشعر بألم في رأسها أثر سهرها حتى طلوع الصباح..تأوهت وهي تعتدل في فراشها وتنظر لساعة الحائط لتجدها تُشير للثانية ظهرًا..

عقدت حاجبيها بدهشة
توفيق لم يوقظها ليتشاركا الفطور..ألم يستيقظ الى الآن وفوت ميعاد عمله !
خرجت من غرفتها متجهة لغرفته لتجدها خالية من اثره..إذًا غادر دون ايقاظها..معنى هذا انه غاضب منها
زمت شفتيها بضيق وهمست...
-زعل ونزل من غير مايفطر !

تنهدت وخرجت من غرفته واتجهت نحو هاتفها لتتصل به وتسأل عن سبب خروجه بصمت على غير العادة..ولكن لم يصلها رد..إما انه يتجاهل إتصالاتها
أو مشغول والهاتف ليس قريبًا منه
خرجت من الغرفة بعقل منشغل لتتجه نحو المطبخ تعد شطيرة جُبن مع كوب شاي كما اعتادت
ولكن ابتلعت اللقمة الأولى بصعوبة

لتترك الطعام جانبًا وتبدء في تنظيف الشقة وهي تتشاغل بالعمل عن حنقها من نفسها ومن توفيق
تحاول تناسي نظرة اليأس التي رأتها في عيناه ليلة أمس...ولكن لا فائدة
رغم انها انجزت كل واجباتها المنزلية إلا انها لازالت أن داخلها طاقة حديث وبكاء سيقتلانها إن كتمتهم داخلها

امسكت مُعطر الجو لتعطر شقتها بعدما انتهت من تنظيفها..ولكن كانت العُلبة فارغة لتُتمتم بضيق..
-اخبرته منذ يومان أنني بحاجه لمعطر منزلي
يأتي فقط وسأجد سببًا لأفرغ غضبي بحرية

اتجهت للبخور الذي رأته صدفة في أحد الأدراج
لتضعه في المبخرة وترى دخانه يتصاعد لتبتسم بحنين وهي تتذكر والدتها حينما كانت تُشعل البخور في كل يوم جمعة بنهاية الإسبوع

جلست على فراشها  بإرهاق لتُمسك هاتفها علهاتجد منه أي اتصال ولكن خاب ظنها لتتنهد بضيق..لتتصل بهالة وهي تشعر برغبة عارمة في الحديث مع احدهم..وبالفعل ردت هالة بترحاب...
-السلام عليكم..كيف حالكِ ياسندوسة

تمتمت سندس بعبوس وهي تشعث خصلاتها...
-بخير..كيف حالكِ انتِ

-صوتكِ لا بدل على انكِ بخير ابدًا
اخبريني مالأمر لتتصلي بي وتتحدثي بحدة هكذا

جملة "اخبريني" كانت كالمفتاح الذي فك قفل حديثها..لتندفع تروي يايؤرقها بنبرة حادة...
-ليلة أمس استيقظت بسبب كوابيسي التي لا تنتهي ورأيته في المطبخ جالس وكأنه هموم العالم تقبع فوق كتفيه لاتفاجئ به يسألني هل اعلم انه يحبني اولا...وايضًا هل ابادله حبه ذاك
ولكني صمت وعجزت عن الحديث..رغم أن قلبي كان يخفق بعنف وتوترت امعائي من نظرته ياهالة

ولكنني كنت اتذكر الشهور الماضية حينما كان يغمرني بلطفة ودفئه ويعاملني وكأني قطعة زجاج يخاف أن تنكسر..ولكن لم يقل كلمة صريحة عن حبه لي..ولم تصدر منه اي محاولة ليظهر حبه ذاك..حتى انه كان يعانقني ويضم جسدي له كطفلة صغيرة لدقائق وحينما ارتبك واتوتر يبتعد عني وكأنه أصابه مَس من الجن..اعترافه فاجئني ياهالة 
لم اكن مستعدة لصدمة كهذة...وبالأخير تركني ودلف لينام بهدوء وتركني بين توتري وأرقي،واستيقظ صباحًا وخرج دون أن يوقظني لأُشاركة الفطور كما اعتدنا سويًا وايضًا يتجاهل إتصالاتي لذالك انا حادة

كانت تُلقي بكلماتها دفعة واحدة حتى اختنقت انفاسها وارتفع صوتها في آخر جملة..وصمتت لتلتقط أنفاسها بينما هالة على الجانب الآخر كانت ترمش بإستيعاب لتقول بهدوء...
-هل لازلتي تُحبين غريب ياسندس !

صُدمت سندس من سؤالها وعقدت حاجبيها بغرابة وهي تُردد...
-غريب !

-نعم غريب ياسندس..لاحظت انكِ لم تسأليني عنه لأربعة أشهر كاملة..وظننت انكِ اقلعتي عن حبه
ولكن بترددك أمام توفيق إذن انتِ تحبين غريب

انتفضت سندس صارخة بنفي...
-لالا..انا فقط صُدمت من سؤاله

-معنى هذا انكِ لا تحبي غريب !

صمتت سندس للحظات قبل أن تقول بخفوت..
-سألت هذا السؤال لنفسي منذ أيام طويلة
ولكن عجزت عن التحديد..هل كنت احبه من الأساس !
وحتى إن كنت احبه..كيف ابقى على هذا الحب وهو لم يقدم لي اي شيئ لأحبه..بل كان يكسرني ويُطفئ الضوء داخلي..اتذكرين حينما سألتني عن سبب حبي للزهور كل هذا الحب !

جائها صوت هالة وهي تغمغم..
-نعم ولكن لم تُجيبيني

تنهدت سندس لتقف ناظرة للشرفة الواسعة..
-كتبت في دفتري أنني احب الورود بسبب غريب
ان حبي له يذكرني بمراحل نمو الزهرة..البذرة والنمو والشتلات..ولكن كلما اتذكر أفعاله الجافة معي اتسائل..هل كان غريب يسقيني براعيته وحبه !
والإجابة لا..كان ساقي مُهمل ياهالة لم يهتم براعيتي
وبالأخير داس عليّ بقسوة وتجبر وجعلني أشعر بالخسارة...ولكن في هذة اللحظة لا أشعر سوى أنني لم اخسر اي شيئ بل انا رابحة..ربحتُ رجلاً عظيم ياهالة

افترت شفتيها عن إبتسامة صادقة وهي تتذكر إبتسامته ولطفه وحتى صمته وهدوئه لتغمغم...
-منذ أربعة أشهر جاء من عمله حاملاً زهور جميلة
واعطاني اياها باسمًا وقال
"احبتت أن اهديكِ قريناتك"
تذكرت حينها ارتباط حبي للزهور بغريب ..نظرت للزهور واحبته بجفاء أنني اكره الورود وألا يأتيني بها مره اخرى..اي رجلاً آخر كان ليغضب ويثور ويؤنبني..ولكنه نظر لي بصمت وابتسم بهدوء واخذ الزهور ليضعها في غرفته

انا متزوجة رجل لم يقربني الى الآن رغم كونه رجل وله احتياجات...حينما سألتني امي هل حدث بيننا شيئ واجبتها انه الى الآن يلتزم بشرطي لامتني واوضحت لي أن له حقوق لابد من أن يأخذها كي لا تلعنني الملائكة...انا واجهته بهذا الحديث بوجوم بعدما اغلقتُ مع امي..لأرى عيناه تتوسع بدهشة
وغمغم بحرج 
" الملائكة تلعنك أن كنتُ غاضب منكِ ياسندس لا داعي لقلقكِ انا سألتزم بشرطك الى أن تكوني لي قلبًا وقالبًا"

توفيق يستيقظ ليلاً ويمر الى غرفتي ليغطيني لعلمه أنني اتحرك كثيرًا في نومي ويسقط عني الشرشف
يتصرف بتلقائية تأخذ انفاسي وانا اراقبه ويزداد ارتباكي

حتى أنني غضبت من جارتنا الطبيبة لأنني لمحتُ بريق إعجاب في عيناها عندما ضبطها تنظر له
إبتسامته اللطيفة وحديثه المهذب يجعله في محط الأنظار لأزداد اشتعالاً وغضبًا من اي فتاة تنظر له ولو صدفة...وكلما أضع رأسي على الوسادة أُذكر نفسي أنني أكثر من محظوظة لكونه رُجلي وحدي ياهالة

ماعدت افتقر لسند..فاأنا واثقة من وجود توفيق حولي..حتى أنني لأجله لم أعد غاضبة من أبي
لم اعد أبه لأي شيئ عداه ياهالة

توقفت عن الحديث  اخيرًا وهي تستوعب انها كانت تبكي لتمسح دموعها واسمع هالة تقول بصوتِ متحشرج وقد تأثرت...
-انتِ تحبينه ياسندس..لا تحتاجين للصمت وانتِ تملكين كل هذا الحديث

غمغمت بخفوت وهي تمسح دموعها وتبتسم..
-نعم من الواضح انني احبه

شعرت بيد تسحب الهاتف من اذنها التفتت بفزع وهي تشهق بتفاجؤ لتجده يقف خلفها..ينظر لها بعينان لامعة وحاحبان معقودان بتأثر لتهمس بإرتباك...
-اخبرني الحقيقة هل تتعمد اخافتي لأموت وتتزوج اخرى..اخبرني ولا تكذب

جذبها ليعانقها بقوة دون حديث..ويدفن رأسه في رقبتها وقد انخفض ليلائم قصرها وتلقائيًا التفت يداها حوله وهي تحاول الوقوف على اطراف اصابعها وتشد بأناملها على ظهره مُتمتمة بخجل..
-سمعت حديثي مع هالة

حرك رأسه بإيجاب وهو يشدد عناقه حولها
لتهمس من جديد بإرتباك...
-كل كلمة !

ابتعد عنها ونظر لوجهها مليًا ومرر أصابعه على وجهها بلهفة ليقول بصوتٍ أجش..
-كل كلمة..اقف خلفكِ منذ خمس وأربعون دقيقة كاملة اي أنني سمعت من البداية للنهاية
ولكن لن أُمانع لو اخبرتني مره اخرى
انكِ تُحبيني..لن أمانع ولن أمِل ابدًا

إبتسمت وهي تنظر لوجهه المُلتهف لتهمس بصدق...
-انا احبك ياتوفيق..انت لا تستحق سوى الحب
وسأحرص على تكرار هذة الكلمة على اذنك بنهاية كل يوم لذا صدقني ستمل

عاود معانقتها من جديد وهو يتنهد بقوة..
-وهل أمِل من كلمة انتظرتها لسنوات طويلة !

عقد حاجبيها لتقول ضاحكة...
-ستة أشهر جعلتها سنين طويلة ياغشاش

حرك رأسه بنفي وغمغم...
-بل سنوات طويلة وستة أشهر ياسندس

ابتعدت عنه تحدق به بعدم فهم ليقول باسمًا...
-حكاية طويلة عمرها ستة سنوات وستة أشعر
سأحرص على قصها عليكِ في يومًا ما..لتدركي أنني لن أمل من كلمة انتظرتها سنوات

إبتسمت وامالت رأسها بخجل ولكن ثوان وتوحشت ملامحها وهي تضرب كتفه العريض بقوة...
-لا تجرؤ على قول انك تحبني..انت خرجت لعملك صباحًا دون أن نفطر سويًا كما اعتدنا

امسك كفها واجلسها على الفراش ليبتسم برقة وهو يعانق كفها...
-ولكنني لم اذهب لعملي مم الأساس..سميع اتصل بي صباحًا يود رؤيتي لقد جاء للقاهرة منذ ساعات
وكان لابد من وجودي جواره

تجعد وجهها بقلق لتقول بخفوت...
-احدث سوء لأحد من عائلتنا !

حرك رأسه بنفي ليقول متنهدًا...
-الجميع على مايرام..ولكنه حزين وغاضب
نوران تقدم لها خاطب..ووافقت

شهقت بدهشة لتقول بإندفاع...
-ولكنها تحبه كيف توافق على آخر

-هو ايضًا يحبها ولكن لا يستطيع التخلي عن عزوبيته بسهولة..والفتاة تنتظر جواره على أمل أن يتقدم لها..ولكن حينما يأست من أن يتخذ خطوة قبلت بأحد الخاطبين ليستشيط غضبًا..ولكنه لن يسمح لإتمام هذة الخطبة وسيتقدم لها

همهمت لثوان قبل أن تقول بشرود...
-بالتأكيد هي ايضًا حزينة..سأحدثها مسائًا وانصحها بعدم القبول بدافع الإنتقام

رفع حاجبيه لثوان وإبتسامة جانبيه نمت على شفتيه لتُردد بإستسلام...
-لا تنظر لي هكذا انت لست بيدق إنتقام أو وسيلة للنسيان وأنا لم افعل هذا من بعد زواجي بك
لا تنظر لي هكذا كي لا أخاصمك ياتوفيق

اتسعت إبتسامته وقرص وجنتها بخفة ليقول..
-لا اقوى على خصامكِ ياحرير
هيا قفي لنتنزه مجهودك في الشقة يستحق مكافئة عظيمة..ورائحة المنزل تشعرني وكأن امي معنا

وقفت لتقول باسمة..
-بفضل البخور..وجدته في أحد الأدراج ورائحته الذكية جعلتني اشعر بنفس الشعور

عقد حاجبيه بدهشة وهو يتذكر كلمات جده
"ستأخذ البخور معك وستشعله
بعيدًا عن البخور وسحره..اشعال البخور ليلة الزفاف صارت عادة من عادات آل فارس..لا تكسر العادات"

امسك يدها ليوقفها قبل أن تسير لخزانتها والتفتت له بتساؤل ليقول باسمًا ونظرة ملتهفة تلمع في عيناه...
-تعلمين عادات عائلتنا بعد إشعال البخور الفاخر !

حركت رأسها بنفي وهي تردد بتساؤل..
-وماهي عادات البخور الفاخر هذة !

جذبها اليه بقوة وهو يطالعها بشغف لا ينضب ليهمس وهو يقربها اليه أكثر...
-تعالي لأقص لكِ أمجاد البخور الفاخر

واستغرق في شرح الأمجاد لسنوات طويلة
اثمرت عن عن طفلتين بجديلتان طويلتان كوالدتهم
الكبيرة اسمها عِطر والثانية زهرة
وخُتمت بطفل صغير اسموه فِراس
وماعاد عِطرها جافي

"نمت الوردة بالحب والمودة..التمعت ورقاتها بقطراتٍ مراعية من ساقيها الحنون..صارت راغبة في الحياة تحب وتعشق ساقيها وتُهدي كل من حولها شذاها
وماعاد عِطرها جافي"

انتهت احداث الرواية نتمني ان تكون نالت اعجابكم وبانتظار أراؤكم في التعليقات وشكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم


للمزيد من الروايات الحصريه زورو قناتنا على التلجرام من هنا

تعليقات



×