رواية وجفت ورودها الحمراء الجزء الثانى الفصل التاسع والاخير بقلم وسام اسامه
جالس على أحد الصخور في المحجر
يتابع العمال وهم يكسروا الحجارة بقوة وعزم لينالوا إعجابة وبعض النقود الإضافية في آخر اليوم
امسك حجر صغير وصغط عليه وهو يقلبه بين أصابعه وهو يهمس...
-لكل جهد ثمنه ياغريب..ولكن ماالثمن الذي اعطيته لسندس طوال هذة السنوات !
تذكر حديث شقيقته حينما جائته عقب الزفاف وهي تحترق غيظًا من سندس لتقول...
"اصبحت حادة اللسان..اطلقت شرارات حقدها علينا حالما تفوهنا بالمباركة وحاولت إذلالي وإذلال اميرة
وبالأخير وقفت ترقص مع صديقاتها وكأنها عروس سعيدة..تلك المشعوذة التي استطاعت جلب بديلاً عنك في ايام معدودة "
غيظ شقيقته لم يكن اكثر من غيظه وهو يسمع بوضوح أن سندس كانت منطلقة قي زفافها
بل وتتبجح بكونها تزوجت إثنين في شهور قليلة
سندس الهادئة الخانعة فعلت هذا !
ليأتيه صوت والدته وهي تقول بهدوء...
-لا تتحدثي عنها بسوء يارضوى..عوضها الله عن ماحدث لها بعد زيجة أخاكِ..توفيق رجل جيد و..
قاطعها حينها بصيحة غاضبة جعلتهم ينتفضون...
-امي
نظرت له عفاف بسكون لتقول بمرارة...
-لا تجرؤ على إسكاتي ياغريب
ستكتوي بنارك كما اكتويت انا بكلمات حكيمة
ستعلم حينها أن الغضب والكبرياء لا يصمدان
أمام ندم الظُلم وكسر الخاطر
ثم رنت بعيناها لنسمة التي تتابع الحديث بصمت ووجوم لتقول بجمود...
-غدًا ستعض أناملك ندمًا وانت تستوعب انك اسبدلت الذهب بالقشور يابُني
وحينما انتهت زيارتهم له جذبته عفاف جانبًا وتحدثت بجفاء...
-حكيمة قالت لي أنك يومًا ستعلم انك وقعت كالأبله لنسمة..ولا اظن أن كلماتها جزافًا..ابحث خلف زوجتك واعلم مايختبئ خلفها
عقد حاجبيه بحدة ساخرة ليقول
-الخالة حكيمة لا تسأم من كيد النساء
دعكِ من كلماتها..نسمة تختلف عن عائلتها
استفاق من شروده وهو يرمي الحجر ليقف بعدها ليقول لعاكف...
-سأذهب للمنزل لأرتاح أشعر بأن رأسي سينفجر
تابع العمال ولا تتركهم يذهبوا قبل إنهاء العمل
لم يجب بل اكتفى بتحريك رأسه بإيجاب
تنهد غريب بضيق..علاقته بسندس أثرت سلبًا على عاكف وخطيبته العنيدة..لمَ لا يتركها ويريح رأسه منها !...تمتم غريب بسخرية..
-الأحمق يحبها وكأنها آخر امرأة بالكون
مسكين ياعاكف تضع قلبك بين يدي إمرأة لتُدميه بملئ إرادتك الحرة !
اتجه نحو منزله وهو شارد التفكير كالعادة
داخله غضب مكبوت ويدعي البرود والهدوء
كي لا تتقافز الأصابع أمامه وتخبره بوجوب ندمه
كي لا يشعر وكأنه اخطئ ويستحق العقاب
ولكن ماهو العقاب !
قطع شروده وهو يضع المفتاح في الباب وكاد يدلف ولكن سماع صوت حماه يرتفع بتهديد جعله يتسمر في محله...
-اين مال الشهر القادم يابنت..ولا تتذاكي عليّ
هل تحاولين التهرب من إتفاقنا !
سمع صوت نسمة وهي تتحدث ببرود...
-ها قد اجبت على نفسك..مال الشهر القادم
اي أنك لن تأخذه إلا بعدما ينتهي الشهر الجاري
كي لا تأتيني في الشهر الحديد وتطلب مره اخرى
زمجر رضوان وقبض على مرفقها بحدة...
-يالكِ من جاحدة عاقة..تبخلين على اباكِ وامك ببضع ورقات حقيرة بينما انتِ تعيشين في الهناء هنا
ولكن تذكري أننا من ساعدناكِ لتكوني في هذا الدار
جذبت نسمة مرفقها منه وتحدثت بحدة مماثلة..
-لن تكف عن تكرار ذكر ماحدث..اخبرتك ألا تأتي بماحدث ولو بينك وبين نفسك..وإلا تذكر أنك ستكون أول الهالكين عندما اعود لك مُطلقة
تأفأفت حينما قال بضيق...
-لا تُشعريني انني اخذ من مالكِ الخاص
هذا مال زوجك وانتِ تعطيني ثمن
فضلي عليك
مع كل كلمة بين رضوان ونسمة كان وجه غريب يتوحش ويزداد غضبًا..ليسترجع كلمات والدته مره اخرى وقد بدء يفهم ان هناك شيئ خاطئ
"حكيمة قالت لي أنك يومًا ستعلم انك وقعت كالأبله لنسمة..ولا اظن أن كلماتها جزافًا..ابحث خلف زوجتك واعلم مايختبئ خلفها"
تقدم منهم بخطوات سريعة لتشهق نسمة بجزع وهي تراه بينهم وعلامات الغضب على وجهه واضحة وضوح الشمس..ليغمغم رضوان سريعًا وهو يتحرك للخارج...
-كيف حالك يازوج ابنتي جئتُ كي اسلم عليكم ولكن الآن يجب أن ارحل و...
قاطعه غريب وهو يصيح بحدة...
-رضوااان قف مكانك
وقف رضوان والتفت له ينظر لنسمة كي تخلصه منه
لتقترب نسمة من غريب وتغمغم بتوتر...
-اجلس لأُعد لك الشاي..وابي سيذهب فـ..
صفعة ثقيلة هبطت على وجهها تبعتها زجرة حادة..
-اجلسي مكانك الى أن انتهي من اباكِ
شهقت باكية وهي تضع يدها على وجنتها التي استحالت للحمرة لتنتفض بفزع حالما صرخ فيها...
-اجلسي
جلست على الأريكة واناملها ترتجف بخوف حقيقي
ودموعها تتوافد كأمطار في ليلة مُظلمة لتسمعه يقول لأباها...
-ماقصة المال ياحمايا العزيز
هل تسرقني أنت وابنتك..وماهو الأتفاق
وماهو الفضل الذي فعلته لها لتكون زوجتي
هيا تحدث أنا اسمعك بوضوح
حركت نسمة رأسها خفية تُنهي أباها عن التحدث بالحقيقة وفهم إشارتها لينظر لغريب ويقول بهدوء..
-انت فهمت حديثنا بشكلِ خاطئ ياغريب انا...
قاطعه غريب وهو يجلس ويقول بحدة ساخرة..
- لنبرم إتفاق سأعطيك ثلاث أضعاف ماكانت ستعطيهِ لك
ولكن تحدث بالحقيقة..أما لو كذبت فعلم انك
ستُزج في السجن..مارأيك في هذة الصفقة
شحب وجه نسمة وأغمضت عيناها بقوة وهي تعلم أن اباها الجشع سيوافق بلا شك كانت موقنه للسيناريو الذي سيجري بعد دقائق..لتسمع صوت والدها يقول بحذر....
-وماضمان حديثك هذا
ماالذي سيضمن لي انك لن تعطيني المال وتطلق ابنتي بعدما انتهي من قول ماتريده
ضحكة هازئة خرجت من فمه لينظر لنسمة الشاحبة ليقول بحدة...
-وهل تحسبني مثلكم رجال بلا كلمة !
كلمتي ضمان يارضوان..لا تقلق ابنتك لن تصبح مُطلقة لا ضمان عندي سوى كلماتي تلك
صمت رضوان للحظات ونظر لنسمة لثوان قبل أن يبتسم ساخرًا...
-سأقص لك كل ماحدث ولكن اعطني المال اولاً
كانت تعطيني ألفي ورقة كل شهر
-لا مال ولا خروج من هنا قبل أن تتحدث لا تضيع وقتي ووقتك أكثر
ثوان معدودة وانطلق رضوان يقص كل ماحدث
من بداية حديث نسمة معه برغبتها بالزواج من خطيب فتاة تبيع لها الملابس.. وطلبها مساعدتهم مقابل مساعدة مالية ستعطيها لها كل شهر وإلا ستتوقف عن التجارة وتكون حمل زائد عليهم...وبدأت بوضع خطة منظمة ليكون غريب زوجها بأقرب وقت..
صرخت نسمة بإنهيار وهي تصيح..
-لا تصدقه ياغريب هو يقول ذالك لإجل المال
هل نسيت انه ضربني امامك ورفع السين و..
قاطعها غريب وهو يسأل رضوان بجمود..
-وإبن اخاك الذي كنت ستزوجه لها بالغصب
هل كان مشترك معكم في احتيالكم !
طأطأ رضوان رأسه وهو يغمغم بضيق...
-كنت ادين له بمبلغ كبير وكان يود إستعادة ماله بأي ثمن ..عرضت نسمة عليه الأمر ووافق مع آخذه لفوائد زائدة للمال وبالفعل أخذ نصف مهرها
ضحك غريب وهو يحرك رأسها يمينًا ويسار
ليغمغم بخفوت ساخر...
-ياالله...حفنة فاسقين اغبياء استطاعوا السخرية مني وكأني مغفل ساذج
كانت شهقات نسمة ترتفع ويداها ترتجف بجنون والعرق يتصبب على جبينها بغزارة..لينظر لها غريب للحظات وعاود الضحك وهو يستوعب انه وقع في شِرك فتاة لم تتجاوز العشرين من عمرها...حقًا !
وقف وتحرك داخل غرفته بصمت..لتنظر نسمة لأباها بغضب وانهيار...
-لمَ اخبرته ستهدم بيتي فوق رأسي لأجل المال !
الست ابنتك ألا يهمك سوى المال اللعين فقط
قلب رضوان عينه بضيق واقترب منها مغمغمًا بخفوت...
-ياغبية سيغضب يومان أو ثلاث وينسى الأمر
ثم انكِ ام إبنة لن يجازف ويطلقكِ..ولكن المال الذي عرضه عليّ لن يُعوض سنكون سعداء بهذا المبلغ لعدة ايام
تهدل كتفاها ونبشت اظافرها في كف يدها لتقول بصوت مُرتجف مُنكسر ودموعها لا تنضب...
-تبني سعادتك على تعاستي ياابي
هل نُزعت الرحمة من قلبك لهذة الدرجة !
صمت رضوان للحظات واحتد وجهه ليقول..
-سبق وهدمتي حياة فتاة وبنيتي سعادتك على تعاستها...انسيتِ انكِ من جعلتنا نُشيع عنها انها فتاة بلا شرف وأن زوجك طلقها لأنها فاسقة..الم تكوني منزوعة الرحمة حينها يانسمة !
-عائلة بلا شرف..خذ مالك واخرج من هنا
انتفضوا على صوت غريب خلفهم وقد سمع مادار بينهم من لحظات ليُلقي حفنة أوراق مالية ارضًا
لتتناثر تحت قدم رضوان الذي انخفض ليلملمهم سريعًا ويخرج قبل أن يفقدهم من جديد
وقفت نسمة وهي تمسح دموعها لتقول بتحشرج..
-غريب اسمعني ارجوك لم أفعل هذا إلا بسبب حُبي لك..اقسم بالله مافعلت هذا إلا لحبي صدقني
في هذة اللحظة لا يرى سوى انه كالأبله..دمر زواجه لإجل محتالة تود سحب ماله بمساعدة عائلتها الجشعة...هل هو غبي لهذة الدرجة..كم سخروا منه !
كم ضحكوا على سهولة وقوعة في شِباكهم كاحيوان غابة ضعيف
كان يحدق في الفراغ بصمت ووجهه يعبر عن تفكيره
لتقترب منه نسمة وتُمسك يده لتقول برجاء باكي...
-انا احبك ياغريب..لم استطع سوى حبك من حديث إبنة عمك عنك..وقع قلبي لك كلما كانت تُعدد مزاياك
صرتُ اذهب إليها بحجة بيع الملابس ولكنني كنت التهف للسماع عنك..رأيتك كثير عليها فتاة ضعيفة لا تليق بكَ ابدًا..ارجوك لا تنظر لي هكذا وافهمني
نزع يده منها ليهوي بصفعة عنيفة على وجهها وهو يصرخ بجنون وقد تخلى عن جموده...
-اغلقي فمك القذر ياوضيعة..جئتيني ترتجي مساعدتي كنتِ تبكين وتتوسلين..وُضعت السكين على عنقك وكنتِ ترتجفين بخوف..كنتِ تكذبين وتصطنعي ..تمثلين عليّ كل هذا الوقت !
امسكت يده سريعًا قبل أن يصفعها مره اخرى وانهارت باكية بقوة وهي تقول سريعًا...
-ليس تمثيلاً اقسم بالله..كان يضربني في كل يوم
وكاد يقتلني عدة مرات حينما امتنعت عن العمل
اقسم بالله انا لا اكذب الآن..كنتُ اعيش حياة تعيسة
ورأيت فيك ملاذي وخلاصي منهم..ارجوك ياغريب اغفر لي ماحدث..تعال لنبدء من جديد نطوي الصفحة القديمة..سيأتينا طفل وسنكون سعداء معًا
جنونه لم يختفي أو حتى يقل لينهال عليها بالصفعات والضربات القاسية وهي تئنُ بألم
وتبكي راجية بين يداه...
-ارجوك توقف انا حامل..ستقتلني ياغريب
ومع كل ضربة كان يتذكر فتاة اخرى..كان يضربها بنفس العنف وهي تبكي وتترجى أن يتركها..فتاة طلقها وتركها من تحت رأس تلك الشيطانة التي تبكي بضعف الآن...صرخت بقوة حينما تدافعت ضرباته اكثر....
-انا هربت بزواجي منك من ضربات ابي
لا تضربني لقد شبعتُ الضرب بسنوات عمري بأكملها
استحلفك بالله أن تتركني ارجوك
ضاعت توسلاتها حينما تأكدت أن هذا الثور المندفع لن يهدئ إلا بعدما يفرغ كل طاقته فيها..ويهدئ الجنون في عيناه...ومضى وقتٍ طويل ولم يهدئ
إلا حينما فقدت وعيها ورأي الدماء تُلطخ جزئها السُفلي..وتعلن عن خسارة قاسية
***
بعد مرور ستة أشهر
انتفضت من فراشها بفزع وهي ترفع يدها المُرتجفة الى جبينها تمسح حبات العرق الباردة لتهمس بصوتٍ مهتز...
-اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
كان كابوس ياسندس اهدئي
تحسست حنجرتها وهي تشعر بالإختناق..لتتحرك من الفراش سريعًا لتجلب بعض الماء ليُبدد جفاف حلقها
خرجت من الغرفة متجهة نحو المطبخ وظلام الشقة يُزيد إرتجافتها وحينما ضغطت زر الإنارة في المطبخ صرخت منتفضة برعب
لينتفض توفيق هو الأخر من صراخها
ليجدها تتهالك ارضًا وهي تضع يدها على قلبها هامسة بتقطع وقد شحب لونها...
-ستقتلني ياتوفيق
وقف واتجه اليها بقلق لينخفض لها قائلا...
-لمَ كل هذا الفزع !
اهدئي وجهك شاحب للغاية
حاولت أن تهدئ وتنظم أنفاسها ليربت على يدها برفق...
-الساعة شارفت على الرابعة فجرًا لمَ استيقظتِ الآن !
مسحت وجهها وهي تتنهد بتقطع...
-استيقظت اثر كابوس سيئ وشعرت بالعطش
المفترض اسألك انا لمَ انت جالس في الظلام كالأشباح ولديك في الصباح عمل..اتراهن على موتي !
إبتسم وهو يساعدها على الوقوف ليغمغم بحرج...
- لي عادة غريبة..حينما اعجز عن النوم واكون مستغرق في تفكيري احب أن اجلس في الظلام..وخاصة في المطبخ ولا تسأليني لِمَ لأنني لا أعرف السبب
حركت رأسها بإيجاب لترد بخفوت...
-جميعنا نملك عادات غريبة لا داعي لحرجك
لم اعتاد رؤيتك بوجه متورد هكذا
ضحك وهو يحرك رأسه بنفي ليقول...
- انت لا تحاولين إزالة الحرج ابدًا هكذا
شاركته الضحك ليجلب لها كأس ماء ويقول...
-ألا تقرأين أذكار النوم..تمنع الكوابيس واي شيئ سيئ خاصة ان كوابيسك تبدو مُرعبة
ارتشفت الماء على ثلاث مرات لتقول بعدها بتنهيدة متعبة...
-أكثر من مرعبة..ولكن انت محق حينما انسى الأذكار ارى الكوابيس ولكن كيف علمت !
سحب المقعد ليجلس جوارها....
-لم اتركك وانتِ مريضة ورأيت فزعك في نومك
وتأكدت انكِ ترين كوابيس سيئة من هذيانك
عقدت حاجبيها بدهشة لتقول...
-هذياني..ومالذي كنت اقوله
طال صمته وهو ينظر لها بهدوء ليقول بعد ثوانٍ طويلة...
-كنتِ تأتين بإسم غريب..وتقولين ارجوك لا تضربني
وكذالك اتيتِ على ذكر والدك وانتِ تبكين بشدة
شحبت وتهدل كتفيها واخفضت وجهها بحرج من لتهمس بأسف...
-لا اقصد أن
قاطعها بذات الهدوء وهو يكتف يده..
-سندس تُدركين أنني احبكِ !
رفعت رأسها بحدة وتوسعت عيناها من تلك الكلمة التي خرجت من فمه بهدوء وسلاسة لتهمس بتفاجؤ..
-ماذا !
مال على المائدة ليقول بنبرة واضحة تميل للتردد...
-اقول لا تُدركين انني احبك
لنا شهور وقد كونا صداقة لطيفة..وسقط الجدار بيننا
ولكن ألم تشعري انني احبكِ ابدًا..اقصد ألم يتحرك شيئ داخلك تجاهي !
رمشت بعيناها للحظات وهي عاجزة عن التحدث
تتأمل وجهه المتردد لأول مره..عيناه تحمل قلق وأرق
يرميها بنظرات مُنتظرة يترقب إجابتها
تأملته مليًا وهي تتذكر معاملته لها في الستة أشهر الماضية..كان كا جني الأُمنيات..يحقق لها كل ماتريدة
يوفر لها كل سُبل الراحة النفسية والجسدية
يُصر على إعداد وجبة العشاء لأنها اعدت الغداء ونظمت المنزل..ويحافظ على إيقاظها كل صباح قبل ذهابه بالعمل ليشاركا فطورهم المُميز الخبز والجبن المالح مع كوب الشاي
يكافئها كل نهاية اسبوع بنزهة
أو بقضاء وقت لطيف داخل منزلهم
ترى لهفتة بوضوح...ترى كل جوانبه حتى انها رأت جانبه الغاضب حينما اخفق أحد العمال في العمل
كان يصيح بحدة في الهاتف ويؤنب العامل بقسوة
وحينما حاولت الحديث معه تحدث بحدة
"سندس اتركيني الآن انا لا ارى أمامي "
وبالفعل انسحبت الى غرفتها غاضبة دون حديث
ليأتيها بعد ساعة يراضيها بكلمات حانية لتتقبل إعتذارة بإبتسامة وتسامح...لم تقوى على الغضب منه وهي تراه يبتسم بلطف ويربت على وجنتها وكأنها طفلة مدللة يهتم لحزنها
لما يحاول الإقتراب منها إلا بمعانقه حميمة وحينما يشعر بفزعها يتفهم ويربت على يدها بهدوء
ومرت الأيام بينهم متقلبين بين مرح وضيق وغضب وحزن ورضا...كافصول السنة الأربعة
انتبهت انه تحدث بنبرة خافتة وهو يطرق على الطاولة طرقات رتيبة...
-سؤالي صعب لهذة الدرجة !
هزت رأسها بنفي لترى المرارة في عيناه بوضوح ليشيح وجهه عنها ويتمتم بهدوء..
تصبحين على خير ياسندس
تركها واتجه نحو غرفته بصمت بينما هي خلفه تفتح فمها تحاول إيقافه ولكن صوتها ابى طاعتها
لتتنهد وهي تسقط على المقعد مره اخرى تتنهد بثقل
تشعر وكأنها لم تجرحه فقط بصمتها..بل وجرحت نفسها ايضًا..وانقضت ليلتهم وكلاهما شاردين بحزن
كان توفيق ممدد على فراشه وعيناه معلقة بالسقف
يلوم نفسه لإندفاعه بسؤالها إن كانت تعلم بحبه وتبادله ذاك الشعور او لا..ولكن كيف تحبه ولا تقابل مشاعره بجفاء..لهفته تخفت كلما حاول الإقتراب منها وتمنعت...كلمات الحب تختنق في حنجرته كلما أراد اخراجها لها..لعلمه انها غير مستعدة لسماعها حتى
تنهد وهو يهمس لنفسه بخفوت...
-اخذت وردة جافة تنئى بنفسها عنك..فكيف تُمني نفسك بها وهي لم تحبك او ترى حبك حتى !
وحتي حينما فاح وانتشر في عالمك كان عطرها جافي ياتوفيق
اغمض عيناه يستقبل النوم بترحاب ليمنع عقله من تعذيبه أكثر من ذالك..وقد أخذ القرار..لن يرجوها أن تحبه..هي تقبلت وجوده فيها حياتها كزوج بلا حب
لذا عليه الإستسلام والرضا بعطرها الجافي