رواية تعافيت بك الجزء الثاني الفصل الثامن والتسعون والاخير بقلم شمس بكرى
"قد يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كل الظن ألا تلاقيا ".
_قيس بن الملوح
_________________________
و مالي كُلما وددت الابتعاد سرت نحو خطاهُ و كلما وددت مَسكنًا نظرت إلى عيناه، أنا الشتيت المُلقىٰ في هوامش الحياة، و هي لي كما طوق النجاة، قد تكون انقطعت بيننا سُبل الوصال و قد يكون البُعد طال، لكن اللقاء أتيًا بين قلوبنا لا محال.
_ما أشبه اليوم بالأمس، حيث انتهت الليلة بفرحتهم جميعًا و غنائهم و مرحهم وسط بعضهم جميعًا و رقص الشباب و مرح الفتيات و إطلاقهن للزغاريد.
بدأ اليوم التالي و هو يوم اجتماع الشتيتين كما قال "عمار"، حتى و إن كانت زوجته لكن اليوم له مذاقٌ خاص، فاليوم ستصبح له بصفةٍ دائمة.
في شقة "ميمي" صباحًا وصل "عمار" و معه "عبدالرحمن" سويًا و قد سبقهما بقية الشباب مع بعضهم إلى هناك و فور دخول الأخرين، رفع "عامر" صوته يرحب بأخيه بمرحٍ كعادته:
"العريس أهو.....العريس أهو"
اقترب منه "عمار" يحتضنه و يقبل كتفه فيما احتضنه الأخر مُربتًا على ظهره بحماسٍ ثم قال بتأثرٍ:
"عمال تكبر و تكبرني معاك، فرحك بجد يا عمار ؟! دا أنا لسه كنت شايلك على ضهري من مفيش، ربنا يفرحك يا حبيب أخوك"
ابتسم له "عمار" ثم زفر بقوةٍ و قال بنبرةٍ هادئة:
"أنتَ حبيبي و أبويا قبل ما تكون أخويا، ربنا يفرحك بولادك زي ما فرحت بيا"
تدخل "ياسر" يقول مسرعًا:
"طب يلا بسرعة ألبس علشان تلحقوا الصور بالنهار في القاعة"
حرك رأسه موافقًا فقال "عبدالرحمن" بلهفةٍ يمازحهم:
" شباب معلش هو في فرحي هتكونوا معايا كدا و لا بتستغلوني لحد ما عمار يتجوز"
رد عليه "خالد" بثباتٍ يتنافى مع هزل كلماته:
"عيب يا عبدالرحمن متقولش كدا، بنستغلك طبعًا لحد فرح عمار"
ضحكوا جيمعهم، فيما اقترب "عمار" من "ميمي" يجلس أمامها على ركبتيه يقول بنبرةٍ هادئة:
"حاسس إنك زعلانة، بس متخافيش أنا مش ممكن أنساكِ أبدًا، أنتِ مقامك كبير في قلبي"
ردت عليه هي بودها و حنانها المعتاد الذي أغدقهم جميعًا:
"أنتَ اللي مقامك عندي كبير اوي ، أنتَ جيتلي صغير أوي عنهم ربيتك على أيدي و كنت بحسك حفيدي اكتر منهم علشان هما أنا اعتبرتهم ولادي و اعز الولد ولد الولد يا عمار، ربنا يفرح قلبك"
اقترب منها يقبل رأسها و يحاول جاهدًا كتم دموعه التي أوشكت على النزول و فضح أمره، فيما ربتت هي على ظهره و هي تقول بصوتٍ باكٍ:
"اللهم اني استودعتك ابني و قلبه و فرحته فاحفظه بحفظك يا ذا الجلال و المن"
تحدث "ياسين" بلهفةٍ:
"طب هنروح إحنا بقى علشان نخلص نفسنا و أنتَ يا عمار اجهز و جهز نفسك و العربية مصطفى هيبعتها لما تتذوق، يلا يا شباب علشان نشوف عيالنا"
رحلوا مع بعضهم و ظل فقط "عبدالرحمن" و "عمار" معًا يستعدان للفرح بينما أمسكت "ميمي" المصحف الشريف تقرأ به و هي تبتسم باتساعٍ.
_________________________
وصلت "خلود" للمكان للمخصص لتزيينها و تجهيزها في الفندق الذي سيقام به الفرح و معها "نـغـم" و "سلمى" اللاتي لم يتركانها بمفردها ذلك اليوم و كذلك سيتم تحضيرهن أيضًا مع العروس.
جلست "خلود" على المقعد أمام المرآة، فاقتربت منها "نـغـم" تحتضنها من الخلف و هي تقول بحماسٍ:
"أنا فرحانة أوي علشانك يا خالتو، ألف مبروك يا حبيبتي"
ردت عليها "خلود" بفرحةٍ كبرى:
"و أنا كمان فرحانة أوي يا خوخة، ربنا يفرح قلبك و يفرحني بيكي يا رب"
ردت عليهما "سلمى" بمزاحٍ:
"البت نغم دي سوسة فرحانة علشان هتكوني جارتها و ساكنة معاهم في نفس الشارع"
ردت عليها "نغم" مسرعةً:
"أكيد طبعًا، أنا أصلًا هبات عندها مش هسيبها"
تدخلت "خلود" تقول بحنقٍ:
"هو أنا مستنية الواد بقالي ٩ سنين علشان تيجي تباتي عندنا ؟! ممنوع الزيارات و يا بخت من زار و خفف"
ضحكت "سلمى" بملء صوتها فيما رمشت الأخرى ببلاهةٍ ثم قالت بتعجبٍ:
"يلهوي !! دا ليه حق جدو طه يقول إن ماما مش بتتكلم"
_________________________
في شقة "خديجة" وقفت في الغرفة تقوم بتجهيز الملابس لصغارها و كذلك "ليلى" أبنة أخيها و ملابس "ياسين" أيضًا.
في الخارج جلس "يزن" و معه "جاسمين" و "ليلى" تجلس معهما تلعب وسطهما بألعابها الصغيرة.
دلف "ياسين" في تلك اللحظة يبحث عنهم جميعًا حتى ركضت له "جاسمين" فحملها على ذراعيه يقبل وجنتها ثم قال بنبرةٍ ضاحكة:
"إيه مش واقفة قدام المراية تسرحي شعرك و لا تجربي الفستان و لا قرفانا يعني"
ردت عليه بلهفةٍ:
"جدو رياض إنه هييجي ياخدني بهدومي و ألبس مع تيتة هناك و قالي مقولش لحد خالص حتى أنتَ"
حاول كتم ضحكته و هو يقول بنبرةٍ هامسة:
"أجدع حاجة إن محدش يعرف خالص، عارفة كمان !! رغم إنك بت عنيدة و شقية و مطلعة عين أهلي كلهم، إلا إنك بتاخدي حقي من ابويا، روحي يا شيخة قلبي راضي عنك ليوم الدين"
قبلها على وجنته ثم دغدغها في وجنتها بمرحٍ و هي تضحك عليه فخرجت لهم "خديجة" و حينما رأته سألته بلهفةٍ:
"أنتَ جيت !! طب كويس أنا محتارة أوي و مش عارفة اختارلك بدلة، هتلبس أنهي"
انزل ابنته ثم اقترب منها يقبل رأسها و قال بنبرةٍ هادئة:
"حاضر متقلقيش، تعالي معايا و أهم حاجة العيال دي تجهز الأول علشان نخلص"
حركت رأسها موافقةً فاقترب منه "يزن" يقول بضجرٍ:
"أنا عاوز أروح ألبس عند خالو وليد أو عند عمو عامر"
رد عليه "ياسين" ببكاءٍ زائفٍ و طريقةٍ تمثيلية:
"ليه يا بني !! عملت فيك إيه علشان تعمل فيا كدا و تختار الاتنين اللي هيقصفوا عمري !! خالك وليد مش فاضي و راح شقته يلبس هناك و عمك عامر مشغول مع جدك فهمي علشان المعازيم، البس هنا و الفرح قضيه معاهم"
سأله "يزن" بلهفةٍ:
"طب الفرح فيه رقاصة !!"
ضحكت "جاسمين" بملء صوتها فيما شهقت "خديجة" بفزعٍ و نظر له "ياسين" باهتمامٍ ثم اخفض نفسه لمستواه و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"رقاصة !! عرفت منين حوار رقاصة دا ؟!"
رد عليه بخوفٍ:
"شوفتها في التلفزيون والله، واحد قال إن مينفعش الفرح من غير رقاصة"
تنفس "ياسين" بعمقٍ ثم نظر لزوجته التي حركت كتفيها بحيرةٍ فيما قال هو بحكمةٍ و تعقلٍ:
"بص يا يزن، الرقاصة دي حاجة مش كويسة و عيب، و احنا ناس محترمة مش هينفع نجيب حاجة عيب، ثانيًا بقى مش كل الافراح فيها رقاصة، الافراح الوحشة بس دي اللي فيها كدا، انما الافراح الحلوة بتاعتنا دي مش فيها كدا، فهمت ؟! علشان أنا بحبك بقى بلاش تجيب السيرة دي تاني، أنا بحبك و مش عاوز أزعل منك"
حرك رأسه موافقًا فقبله "ياسين" ثم ابتسم له يطمئنه ثم اقترب من "ليلى" يحملها على يده و هو يقول بنبرةٍ ضاحكة:
"أحلى حاجة انهم سابوكي هنا، طالعة لأبوكي من كوكب زمردة برضه"
ضحكوا عليه جميعًا فقالت "خديجة" بمرحٍ:
"خلود صممت إن سلمى تكون معاها و نغم، قولت طالما ليلى مرتبطة بينا أخدها أنا و ألبسها"
حرك رأسه موافقًا ثم ترك الصغيرة مع أولاده و دلف الغرفة و "خديجة" خلفه.
وقف أمام خزانته يحاول الوصول لاختيار حلةٍ مناسبة، فاقتربت "خديجة" من الخزانة تخرج له الحلة السوداء بقميصها الاسود ثم قالت بنبرةٍ هادئة:
"بحبها عليك أوي، كل مرة بشوفك لابسها بحس أني بحبك من تاني فيها"
ابتسم هو لها ثم اقترب منها يقول بنبرةٍ هادئة و وجهٍ مُبتسمٍ:
"دا إيه الروقان دا كله ؟! راضية عني النهاردة يعني ؟!"
ردت عليه هي بسرعةٍ كبرى:
"أنا راضية عنك علطول، العيال بس بيعصبوني و بيخلوني اعيط و مطلعين عين نغم معهم و هي علطول بتساعدني، هي صغيرة برضه"
رد عليها بتفهمٍ:
"عارف بس أنا لو شايف إنك بتيجي عليها هعرفك، بالعكس أنا شايفكم اتنين صحاب بتشاركوا بعض كل حاجة و مبسوط بيكم، أنا لو شايف غلط هعرفك"
ابتسمت هي براحةٍ بعد حديثه فقال هو بنبرةٍ هامسة:
"وحشتيني على فكرة، العيال دول خدوكي مني و أنا مش مسامح"
ردت عليه هي بحنقٍ:
"هما عيالي لوحدي ؟! عيالنا سوا على فكرة بس هما مرتبطين بيا ارتباط غريب"
ابتسم هو ثم قال بمرحٍ:
"امهم خديجة !! اللي جابت ياسين الشيخ مكفي على وشه في حبها و بقت عينيها دنيته كلها ميرتبطوش بيها ؟! تيجي ازاي يا ست الكل ؟!"
حركت كتفيها بحيرةٍ فيما ضمها هو له ثم قال بهدوء:
"طبيعي لما يلاقوا حنية الدنيا كلها عندك هنا و يلاقوا أم مصحباهم و كأنها من سنهم و مشجعاهم دايمًا، طبيعي تكوني كل حاجة ليهم كدا، أنا مكدبتش لما قولت إنك بنتي الأولى، علشان دي الحقيقة، هتفضلي أنتِ أول فرحتي"
ضحكت هي بفرحةٍ كبرى تشكلت على مُحياها فيما قال هو بصوته الرخيم:
"و كَأنكِ سِنةُ نومٍ أتت من بعد تعب الليل و السَهرِ، أو كأنكِ ضوءٍ وَهاج أضاء حياتي كما ضوء القمرِ"
ابتعدت عنه تطالعه بدهشةٍ فيما غمز هو لها ثم قال بنبرةٍ مرحة كعادته حينما يغازلها:
"خلاص يا ست الكل طالما سكتي يبقى كدا اتثبتي"
احتضنته هي بسرعةٍ كبرى ثم قالت بصوتٍ مختنقٍ من فرحتها:
"أنا بحبك أوي والله و الله"
مسد هو على ظهرها ثم قال بنبرةٍ هادئة:
"و أنا والله كمان بحبك أوي و محظوظ بيكي أوي و أرزاق الدنيا كلها لو خدتهم ٢٤ قيراط، أنتِ ٢٤ قيراط رزق تانيين فوق رزقي".
_________________________
وقف "وليد" أمام المرآة في غرفته و على طرفيه ولديه كلٍ منهما يرتدي حلته الرمادية مثلما يرتدي "وليد" أيضًا و لكن الفرق أنه قميصه باللون الأسود بينما هما باللون الأبيض.
حاول "زياد" ضبط رابطة عنقه حتى تذمر و شعر بالضيق فزفر بقوةٍ ثم رماها من يده، التفت له "وليد" يجلس على المقعد ثم امسكه يوقفه أمامه و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"أهم حاجة إنك تبطل عصبية علشان تقدر توصل للي أنتَ عاوزه، عصبيتك و نرفزتك دليل على إنك ضعيف الشخصية"
نظر له "زياد" منصتًا بالكامل فيما قام "وليد" بوضع رابطة العنق لابنه ثم قام بالاتمام على هيئته ثم ابتسم و غمز له ثم قال بمرحٍ:
"ظبطت أهو يا نجم"
التفت "زياد" ينظر في المرآة ثم ابتسم بفرحةٍ كبرى فاقترب "مازن" من "وليد" يقول مسرعًا:
"و أنا كمان يا بابا علشان مش عارف"
حرك رأسه موافقًا ثم قام بتكرير الكرة من جديد مع ابنه الأخر ثم غمز له و قال بمشاكسىةٍ:
"ظبطت يا نجم أهوه أي خدمة"
اقترب منه "مازن" يقول بنبرةٍ هادئة:
"عارف، رغم أني بحب ماما و علطول متعلق بيها بس برضه أنا بحبك اوي علشان أنتَ صاحبنا، عندي واحد صاحبي في المدرسة لما شافك قالي إنه عاوز باباه يكون زيك، أنا بحبك أوي يا وليد، أنت أحسن صاحب في الدنيا كلها"
احتضنه "وليد" بلهفةٍ يتشبث به و هو يقول بصوتٍ مختنقٍ:
"هو أنا يعني ليا غيركم يا مازن ؟! انتم أهلي و صحابي و دنيتي كلها هنا معاكم"
اقترب "زياد" يقول بثباتٍ:
"بس دي الحقيقة بجد، أنتَ مفيش منك و رغم إنك ساعات بتتعصب بس برضه احنا صحاب و لو حد فينا عاوز حاجة بيقولك، أنا على فكرة مش بخاف منك"
_"هفأ يعني يابن الهبلة !!"
سأله "وليد" بسخريةٍ بعد جملته فيما رد عليه "مازن" بنبرةٍ ضاحكة:
"لأ بس أنتَ مش بتضربنا و لما بتزعل مننا إحنا بنزعل، علشان كدا بنحاول نكون محترمين بس صعب والله"
ضحك "وليد" رغمًا عنه فيما قال"زياد" بهدوء والده:
"أنتَ شاطر على فكرة علشان خلتنا نخاف على زعلك أكتر من خوفنا منك، لو أنتَ زعلت مني أنا بتعب، علشان كدا بحبك"
فتح "وليد" ذراعه الاخر له فارتمى "زياد" عليه حتى أصبح كليهما بين ذراعيه فقال هو بصوتٍ متحشرجٍ:
"أنا ممكن أحط الدنيا كلها في كفة و اللي بحبهم في كفة، بس كأي أب غصب عني هجيب ميزان ليكم لوحدكم علشان كَفتكم تطب، شكرًا على كلامكم و انكم رجالة قد المسئولية"
فتح باب الغرفة في تلك اللحظة و طلت منه "عبلة" و هي تبتسم بسعادةٍ بالغة بعدما ارتدت فستانها الفضي، و حينما رأتهم بذلك الوضع قالت بحقدٍ زائفٍ:
"هتفضلوا عالم ندلة و الله العظيم، طول النهار مطلعين عيني و مرة واحدة تحضنوا بعض من غيري، متعرفونيش غير في الخناق بس !!"
ابتعد عنهما "وليد" ثم اقترب منها يمسك كفها ثم ادارها حول نفسها و هو يطلق صفيرًا متناغمًا حتى أصبحت مواجهةً له فقال هو بصوته الرخيم:
"دي مش سوبيا بس، دي قشطة كمان....زي القمر يا سوبيا"
ابتسمت هي له ثم أشارت بعينيها نحو ابنائها، فقال هو براحةٍ في حديثه:
"و ماله هما عارفين إن ابوهم سافل و دي حاجة مش جديدة"
ضحكت هي بملء صوتها فاقترب منهما "مازن" يمسك الهاتف ثم وقف على المقعد و هو يقول بلهفةٍ:
"يلا علشان نتصور كلنا سوا، بسرعة يلا"
وقف "وليد" يضم "عبلة" له فيما اقترب "زياد" يقف بجوار أخيه حتى يتم التقاط الصورة لهم سويًا و البسمة الصافية تشق وجوههم.
_________________________
بعد مرور بعض الوقت بدأ البقية بالتجهز للذهاب لمكان الفرح و كلٍ منهم بذويه و أسرته.
ارتدى "طارق" حلته و تجهز تمامًا ثم دلف غرفة فتياته فوجد "جميلة" تقوم بضبط خمارها بعدما انهت ملابس الفتيات، وجه "طارق" رأسه نحو الفتيات و هو يبتسم باتساعٍ و كأنهن زهورٍ متفتحة حيث ارتدين فساتين باللون الأبيض و فوق رأس كلٍ منهن طوق ياسمين باللون الأبيض أيضًا يزين رأسهن و مقدمة خصلات شعرهن، اقترب منهن يقبل كلٍ منهن على حدة ثم قال بفرحةٍ كبرى:
"حبايب عيون طارق و روح قلبه، شكلكم زي القمر عقبال فساتين الفرح يا رب"
ردت عليه "جميلة" بلهفةٍ:
"يا رب يا طارق، نفسي أخلص و أنام و أرتاح"
ضحك هو عليها ثم اقترب منها يقبل رأسها ثم قال بنبرةٍ ضاحكة:
"طب بالله عليكِ دول حد يزهق منهم، دول مخليين الشقة جَنة"
_"قصدك حِنة !! دول عاملينها فرح و مهرجان، اسكت بالله عليك"
ردت عليه هي بذلك حتى ارتفع صوت ضحكاته ثم قال بقلة حيلة:
"ما هما أطفال و مش هقدر اخنقهم بصراحة، خليهم و إن شاء الله بكرة يعقلوا و يكبروا"
حركت رأسها موافقةً بقلة حيلة فيما اقترب هو من أصغرهن يحملها على يده ثم أشار لهن بالتحرك خلفه حتى وصلوا أمام باب الشقة و نزلوا منها فقابلوا "وئام" بأسرته في الأسفل و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"حبايب قلب عمو وئام إيه القمرات دول ؟! شكلي كدا هاخد منكم واحدة للواد علي"
وصله صوته يقول من على الدرج:
"هنخش على شغل بعض يا عمي ولا إيه ؟! كلهم عارفين إن خالو طارق حمايا إن شاء الله، صحيح لسه محددتش أنهي واحدة، بس إن شاء الله هختار"
ضحكوا جميعهم فيما رفع "طارق" صوته و هو يقول بنبرةٍ جامدة:
"يا بني هزعلك !! دا أنتَ رخم رخامة يلا !! هموت و أضربك"
_"بعد الشر عنك يا خالو يا حبيبي، إن شاء الله عدوينك"
_"طب و ليه يا زياد تدعي على نفسك كدا ؟؟!"
هكذا دار الحوار بينهما وسط ضحكات البقية حتى نزل "وليد" و "عبلة" و "مازن" خلفهما.
في الأسفل رفع "حسن" صوته و هو يقول بنبرةٍ عالية:
"يلا يا عيلة باردة خلصوا، كانت شورى هباب انكم تسكنوا مع بعض"
نزلوا له خلف بعضهم فقال "وليد" مسرعًا:
"طب أنا هاخد عبلة و زياد و مازن و علي و فارس معايا، و حسن ياخد وئام و هدى و سيلينا و فاطيما مع بعض و طارق مع مراته و بناته، كدا محلولة اهوه"
ردت عليه "فاطيما" بلهفةٍ:
"أنا عاوزة أروح مع عمو طارق و رؤى، سيلينا صغيرة"
قالت "هدير" بفرحةٍ:
"أحسن والله، مع السلامة يلا"
ركضت "فاطيما" نحو الفتيات تقف بجوارهن فيما تحرك البقية كما قسمهم "وليد" يتجهون نحو القاعة.
_________________________
أنهى "ياسين" ارتداء حلته السوداء و كذلك "خديجة" بعدما أنهت الاتمام على مظهر الأطفال ارتدت فستانها الذي اختاره هو لها كعادته في كل مناسبةٍ تمر عليهما.
اقتربت منه تقف بجواره و هي تبتسم بنبرةٍ هادئة فالتفت هو لها بوجهه المبتسم يقول بمشاكسىةٍ:
"أحببتُ مليحةً وجهها مثل القمر، سلبت مني عينيها النوم و عرفتُ السَهر"
و كعادته أضاف بمرحٍ:
"خلاص يا ست الكل طالما سكتي يبقى كدا اتثبتي"
ضحكت هي بصوتٍ عالٍ ثم قالت بنبرةٍ لازال بها أثر ضحكاتها:
"مرتين ورا بعض في نفس اليوم ؟! كدا كتير يا مهلبية"
ضحك هو الأخر ثم قال ساخرًا:
"ما أنا الخير و البركة برضه مش أي حد"
بعد مرور دقائق خرجا سويًا للخارج ثم نزلوا جميعهم مع الصغار يقفون مع البقية في الأسفل فقال "عامر" مسرعًا:
"يا جدعان اتأخرنا عمار قرب يوصل هناك، يلا بقى"
رد عليه "خالد" بقلة حيلة:
"يا عم وصلنا كلنا اهوه، ناقص ياسر بس و قرب يوصل خلاص"
في الأعلى في شقة "ياسر" كان واقفًا في المنتصف و بجانبه "زين" و "زينة" تتشبث بذراعه، رفع هو صوته:
"يا إيمان يلا هنتأخر، انجزي"
ركضت هي من الداخل تقترب منهم ثم قالت بحماسٍ:
"خلصت يا ياسوري اهوه"
ابتسم هو لها فسألتهم هي بلهفة
"بقولكم إيه ؟! شكلي حلو ؟؛"
رد عليها "زين" بفرحةٍ:
"قمر يا ماما، شكلك حلو و الفستان عليكِ زي القمر"
أرسلت له قبله في الهواء ثم سألت ابنتها بتهكمٍ:
"و أنتِ يا ضرتي ؟ إيه رأيك ؟!"
اقتربت منها "زينة" تقول بحماسٍ:
"زي القمر يا ماما طبعًا، هو حد يقدر يقول حاجة ؟! بس ياسوري أحلى"
قالتها باستفزازٍ و هي تثير حنق والدتها التي صرخت في وجهها بقولها:
"بـــت !! احترمي نفسك ؟! دا ياسوري أنا يا حبيبتي"
راقصت لها حاجبيها ثم اقتربت من أخيها تتمسك بذراعه و تسحبه معها نحو الباب فيما اقترب "ياسر" منها يمسك كفيها المتكورين نتيجة غيظها ثم قال متوسلًا لها:
"علشان خاطري هدي نفسك دي بنتك برضه، معلش"
ردت عليه هي بهمسٍ حانق:
"هموتها يا ياسر، البت بتتفنن إزاي تقهرني"
حاول كتم ضحكته ثم قبل رأسها يحاول تهدئتها ثم أمسك يدها و نزل خلف أبنائه.
في الأسفل وقف "عمر" بجوار "يزن" يرتدي كلٍ منهما حلةٍ تتناسب مع حلة والده أو بالأحق الشباب من طرف "عمار" يرتدون حلةٍ سوداء و الشباب من طرف العروس يرتدونها باللون الرمادي.
اقتربت "زينة" و معها أخيها منهم تسلم عليهم ثم اقتربت من "يُسر" تقف بجوارها، فقال "عمر" بسخريةٍ لأبيه:
"قولي يا بابا هما كل اللي عنيهم زرقا حلوين كدا زي عمو ياسر و زين ؟! و لا فيه ناس أحلى"
تدخل "خالد" يقول بنبرةٍ جامدة:
"الأحلى و أحلى الجزمة على دماغك يا عموري، لم نفسك ياض"
ضحكوا جيمعًا فيما نزل "ياسر" بزوجته و بعدها رحلوا جميعًا كلٍ منهم بسيارته و أسرته.
_________________________
وصل "عمار" في سيارته التي قادها "عبدالرحمن" و هو يطلق الموسيقى من السيارة فرحًا برفيق دربه، ثم نزلا سويًا من السيارة و قد ركض له "عبدالرحمن" يتمم على هيئته ثم قال بصوتٍ ضاحك:
"يلا يا بطل، و أنا هروح أجيب مريم من الكوافير و أجيلك"
قبل أن يرحل "عبدالرحمن" قال "عمار" بامتنانٍ له:
"ربنا يديم وجودك ليا يا عبدالرحمن، و عقبال فرحك"
حرك رأسه موافقًا ثم هرب منه قبل أن يخيم عليهما التأثر و يفسد لحظتهما، بينما "عمار" دلف للداخل ينتظر البقية حتى يأخذ عروسته.
دقائق قليلة مرت و البقية وصلوا بأفراد العائلة جميعهم بوالديه و "ميمي" مع "رياض".
وقفوا يلتقطون الصور في الخارج حتى تأتي لحظة ظهور العروس، و قد وصل "عبدالرحمن" و "مريم" معه.
صعد "وليد" و "أحمد" معًا و "طه" نحو الأعلى حيث غرفة "خلود" و قد طرق "طـه" الباب و دلف الغرفة اولًا فوجدها تنتظرهم و هي تبتسم بسعادةٍ بالغة فاقترب منها يقبل قمة رأسها ثم قال بتأثرٍ:
"زي القمر يا حبيبة يا بابا، أحلى عروسة تشوفها العين"
احتضنته بسعادةٍ ثم قالت بحماسٍ:
"أنتَ حبيب قلبي و روحي يا طه، ربنا يخليك ليا يا رب"
اقترب منها "وليد" يقول بحماسٍ:
"طلعتي قمر يا سوسة، إيه العسل دا كله ؟! يا بخت الواد عمار بيكِ"
ابتعدت عن والدها ثم اقتربت من "وليد" تسأله بنفس اللهفة:
"حبيب قلبي يا ليدو، بقولك إيه شكلي حلو في الفستان الأبيض ؟!"
اقترب منها يمسك وجهها بين كفيه ثم قال بحبٍ لها:
"زي القمر و كأنك بدر في تمامه، يلا بس علشان الواد مستني"
آبتسمت له حتى اقترب "أحمد" منها يقول بصوتٍ ضاحك يحاول اخفاء تأثره:
"شكلك زي القمر و منور في السما، مش قادر اخفي فرحتي بيكي والله، كبرتي و بقيتي عروسة العين تتشرف بيها"
ابتسمت هي له ثم ارتمت عليه و هي تقول بصوتٍ مختنقٍ:
"أنتَ روح قلبي و حبيبي، و صاحبي و كل حاجة ليا، شكرًا لوجودك معايا و آسفة على كل حاجة عملتها زعلتك مني في يوم، أنتَ عارفني شقية"
قبل رأسها ثم بعاطفةٍ أخوية:
"على قلبي زي العسل، أنا و قلبي مرحبين بدلالك علينا"
ابتسمت بمرحٍ فسألتهم "نغم" مسرعةٍ:
"طب و أنا يا خالو ؟! شكلي حلو ؟!"
اقترب منها "وليد" يقبل رأسها ثم ضبط وضع التاج فوق رأسها و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"أنتِ أميرة و الأميرات بيلبسوا تاج و أنتِ أحلى أميرة في الدنيا كلها يا نـغـم"
صفقت بحماسٍ فيما حملها "طـه" على ذراعيه يقول بحبٍ بالغٍ لها:
"حبيبة قلب جدو و روح قلبه، هو فيه أحلى من كدا ؟! بس متقوليش لجاسمين"
تدخل "وليد" يقول بسخريةٍ:
"طبعًا بتتكلم بقلب جامد، أصل لو دي جاسمين كان زمان الخبر متذاع في إذاعة الشرق الأوسط"
ضحك الجميع فيما قالت "سلمى" بنبرةٍ ضاحكة:
"خليكم ظالمينها كدا رغم أنها معملتش حاجة، يدوبك عرفت مصر كلها أني حامل بس و هجيب نونو"
بعد مرور دقائق قليلة نزل "طه" يمسك يد "خلود" و ينزل بها درجات السُلم و قدر ارتفع صوت الزغاريد من الأسفل فور ظهورها بينما "عمار" استعد لتلك اللحظة و وقف يبتسم بعينيه قبل فمه و كأنه يرى أحلامه تركض إليه.
اقترب منه "طه" بالفتاة ثم قال بوجهٍ مُبتسمٍ:
"الأمانة وصلتك أهو و ضلعك بقى معاك، حافظ على ضلعك من الكسر، بدل ما أنتَ شايف كدا فيه كتير ياخدوا حقها"
رد عليه "عمار" بوجهٍ مُبتسمٍ و عينيه تتابعها بشغفٍ:
قال رسول الله ﷺ :
"إنما النساءُ شقائقُ الرجال،
ما أكرمهنَّ إلا كريم، وما أهانهنَّ إلا لئيم"
_صدق رسول الله ﷺ
ابتسموا له جميعًا فيما أضاف هو مُكملًا حديثه السابق:
"و أنا مش لئيم متخافش، أنا كريم أوي و بشهادة الكل، و بعدين فيه واحد يضيع أحلامه من أيده بعد ما بقت ليه يا عم طه ؟!"
صفق له الشباب جيمعهم، فربت "طـه" على كتفه ثم قال بتأثرٍ:
"أنتَ خيرة الشباب و زينة الرجال كلهم، يسلموا اللي ربوك يا عمار"
أعطاها له "طـه" و قبل أن يقترب منها "عمار" قال "وليد" مسرعًا بلهفةٍ:
"أنا لما سلمت خديجة لياسين قولتله أني بحط عمري كله بين ايديه و هو مطلوب منه يحافظ على عمري دا، دلوقتي أنا بسلمك حتة من روحي علشان تصونها، و أنا عارف إنك قد كدا و أكتر بكتير، بس خلود طول عمرها في ضهري و عمرنا ما فارقنا بعض في الوحش قبل الحلو كمان".
قال "عمار" يطمئنه بحديثه:
"المكان في القلب محفوظ من سنين، و مكانها تتحط في العين"
انتشرت الزغاريد بصوتٍ عالٍ فيما مالت تقول بنبرةٍ هامسة:
"عارف لو طلعت بتحور أنا هعمل فيك إيه ؟! أنا قررت أثق فيك"
نظر لها بتعجبٍ ثم قال ببرودٍ:
"هو أنا مقولتلكيش ؟! مش أنا بحور عليكِ يا خوخة ؟!"
ردت عليه هي بثقةٍ:
"متجيش دي يا عمار، دا أنا دارسة قانون، يعني و أنتَ بتحور عليا، محسوبتك اتعلمت تحور على الحكومة ذات نفسها"
ضحك هو بصوتٍ عالٍ و هي تتابعه حتى ضحكت معه هي الأخرى ثم تحركا نحو الخارج حتى يتم التقاط الصور لهما سويًا.
بعد ذلك دلفوا جيمعًا للقاعة بعدما دلف البقية قبلهما، و فور دخولهما زادت البهجة و قلت الإضاءة و اشتعلت النيران الصناعية ذات الشرارة العالية و صيحات البقية ترحيبًا بهما، حتى وقف معها يضع كفه في كفها يرقصان سويًا بهدوءٍ على نغماتٍ هادئة.
سألها هو بسخريةٍ:
"مالك ؟! مش دي الرقصة اللي كان نفسك فيها ؟! عملنا فرح اهو"
ردت عليه هي بحنقٍ:
"هو أنتَ ماكنتش عاوزنا نعمل فرح ؟! دي ليلة العمر"
رد عليها بقلة حيلة:
"مبحبش الأفراح بصراحة، بس علشان مش هاين عليا زعلك"
حركت رأسها موافقةً فقال هو بمشاكسىةٍ:
"بس أقولك ؟! أنتِ كل شوية بتزيدي حلاوة و جمال اللهم بارك، حاجة كدا زي طابع قديم كل ما الوقت عليه يعدي يزيد جمال"
ردت عليه هي بنبرةٍ ضاحكة:
"عمار لو سمحت اسكت علشان ممكن أبوسك عادي، أنا ورايا تلقائية تودي في ٦٠ داهية"
أدارها هو بكفه عند نهاية اللحن فيما انتهت الاغنية ثم تحركت هي تجلس على المقعد المخصص لها بينما "عمار" وجد الشباب يقتربون منه و هم يصفقون و أولهم "عمر" ابن أخيه فضحك هو لهم ثم رقص معهم على الأغنيات الشعبية بصخبٍ و حماسٍ حتى قلت الإضاءة مرةً أخرىٰ و كذلك اختفت الموسيقى، فيما قال "عامر" في مكبر الصوت:
"معلش بقى أنا عارف أني بزهقكم كدا كل فرح، استحملوني....المهم النهاردة أنا مش هبالغ لو قولت إن قلبي بيتحرك من مكانه، فرحتي بعمار تخليني أعمل أي حاجة دلوقتي، عمار أخويا صحيح، بس مقامه عندي أكبر من كدا، هو ابني مش مجرد أخ، فخور بيه و بحياته الجميلة و بصبره و يمكن أكتر خير عملته في حياتي هو أني أنا و أخواتي ربينا عمار سوا، أنا عامل فيديو هدية كدا لعموري قلب عامر و إن شاء الله يعبر لو بجزء بسيط عن فرحتي بيه".
كان "عمار" واقفًا ببلاهةٍ عينيه تبتسم و فمه مطبق على بعضه حتى بدأ الفيديو بصورهما في الصغر منذ ولادة "عمار" و وجود"عامر" بجانبه في كل أوقات حياته على الكلمات الآتية:
"في لحظة عايزة اللي يسند ميلك و يسند يشيلك في وسط زحمة حياته يسبق يجيلك....يوصل في ثانية...يسبق بخطوة....يحميك بقوة....ملكش إلا هو.....في حياتنا ناس هما الأساس حبيبي شكرًا من هنا لبكرة..."
كانت الأغنية تدور مع صورهما في الصغر و كذلك صور الشباب معهم في الصغر منذ تعارفهم على بعضهم حتى اكتملت:
"في حياتنا ناس هما الاساس ثابتين معانا مهما إيه يجرى....في حياتنا ناس هما الاساس حبيبي شكرًا من هنا لبكرة"
اقترب منه "عمار" يحتضنه و هو يشدد عناقه له فقال "عامر" بصوتٍ دافيء حنون:
"من صغرنا سوا و كبرنا سوا، بس برضه لسه شايفك عمار اللي شيلته على أيدي و ربيته و كبرته"
اقترب منه "عمار" يقبل رأسه فيما قال "عامر" في مكبر الصوت:
"يلا يا عمار علشان اشيلك على كتفي زي ما بشيلك في صغرك"
رد عليه "عمار" مسرعًا:
"تقيل عليك بلاش يا عامر"
ابتسم له الأخر و هو يقول:
"ياريت كل تقل الدنيا بخفة وجودك على ضهري يا عمار"
قال جملته ثم اقترب من أخيه حتى ركب "عمار" على كتفيه فوقف به "عامر" في المنتصف وسط البقية و الشباب حولهما يرقصون معًا بالأطفال الصغار وسطهم.
انتهت تلك الرقصة بمرحها و فرحة الجميع و فرحة "سيدة" بأبنائها ثم بدأت الفقرة المحببة لقلوب الجميع و هي رقصة الشباب مع بعضهم على اغنيتهم المعتادة منذ سنواتٍ و لكن إذا كان الموقف في كل مرةٍ يبهج الأنظار، ففي تلك المرة ابهج القلوب حيث قام الصبية الصغار بصنع الدائرة نفسها كما الكبار الذين حاوطوهم بدائرتهم يرقصون جميعهم على الكلمات الآتية:
"صاحبي اللي كتفه في كتفي بيخليني متطمن، عارفه هيفضل جنبي مهما لقاني بتطمن....و مش من دمي و لا أبويا ولا عمي لكنه أختار يكون جــنــبي...."
كما المعتاد منذ أن اقترنت عائلة "الرشيد" بعائلة الشيخ و كأنها اقترنت بالفرح معها، لم تكن مجرد ليلة عادية تمر مرور الكرام إنما ليلة في مجملها تكتب ضمن أجمل ليالي العمر.
_________________________
انتهى الفرح بسلامٍ و بعد التحرك على الطريق بالسيارات و عمل زفة أخرى للعروسين تليق بهما و بعددهما، بعدها توجهوا نحو مسكن العروسين، فقام "عامر" برفع الموسيقى من السيارات و اقتربت الطبول منهم تعزف وسط الشارع و قد سحبوا "عمار" معهم يرقص مع أبيه و رجال العائلة بالعصا و شاركه الشباب و الصغار معًا حتى قال "يزن" يثير غيظ البقية:
"خالتو خلود بقت ساكنة عندنا، هقعد معاها كل يوم و انتم لأ"
نظر له "علي" بغيظٍ ثم قال موجهًا حديثه لـ "فارس" بغموضٍ:
"بقولك يا فارس، مش فيه عيال صغيرة ممكن تتوه بعد الفرح عادي ؟! تعالى نحبسه و نقولهم تاه مننا"
رد عليه "يزن" مسرعًا:
"هقول لخالو وليد و مازن و زياد، والله لأخليه يضربكم علشاني"
بعد مرور دقائق صعد "عمار" بزوجته شقتهما بعد توديع البقية و رحيلهم، كانت هي تبتسم بسعادةٍ بالغة لم تصدق أنها معه في مسكنهما سويًا، فيما قال هو بصوتٍ رخيم:
"مش مصدقة صح ؟! أنا كنت زيك هنا كدا، لحد ما جيت الصبح أحضر مفاجأة حلوة علشانك و قولت يبقى ترحيبًا بكِ"
عقدت ما بين حاجبيها فيما سحبها هو نحو الداخل في غرفة من الغرفة المخصصة للجلوس، ثم فتح الاضاءة و أشار لها بالتقدم، دلفت بتوترٍ من حماسه حتى شهقت بفرحةٍ كبرى حينما وجدته صمم الغرفة في بيته كما المسجد الصغير، وضع الإضاءة الخافتة و المصحف على حامله المعدني و كتب الاذكار بجوارها
اقترب منها يقف خلفها و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"دا مسجد زي اللي كنت عمله في أوضتي، كنت كل يوم بقف أصلي قيام الليل علشان ادعي و في كل مرة الدعوة إنك تكوني معايا، النهاردة برضه هصلي ركعتين شكر لله و هصلي قيام الليل بس و أنا معايا استجابة الدعوة اللي كنت بدعي بيها كل يوم"
احتضنته هي بسعادةٍ بالغة ثم قالت بحماسٍ:
"أنا بحبك أوي يا عمار مش خسارة فيك تسع سنين استناك فيهم، طلعت قد القول"
ضحك هو بسعادةٍ ثم قال بقلة حيلة:
"دي كانت فترة مآساة والله و قربك مني هو دا اللي هيعافيني، و دلوقتي بقى أنا اتعافيت بقربك من كل حاجة يا خلود"
وضعت النهاية لرحلةٍ طويلة كتب علينا السير فيها معًا لنكتشف ما هو في الاعماق كما الكنز المختبأ في أعماق البحار، لقد مر أبطالنا بالكثير و الكثير حتى تعافوا تمامًا من الحياة فأتمنى لكَ عزيزي القاريء التعافي من أي شيءٍ قد يعكر صفو حياتك.
إن كنت ساهمت لو بقليلٍ في إدخال السعادة أو الاطمئنان لقلوبكم فتذكروني بالخير و إن كنت تسببت لأيٍ منكم في الاحساس بمشاعر سيئة، فأنا أطلب منكم العفو و الرجاء تذكروني بالخير.
********************