رواية تعافيت بك الجزء الثاني الفصل الرابع والتسعون بقلم شمس بكرى
"الفصل الرابع و التسعون"
"رواية تَعَافَيْتُ بِكَ_الجزء الثاني"
_________________________
"و ما حيلتي أنا أمام تلك العيون ؟"
_________________________
من الممكن أن يكون اصعب ما يمر على المرء هو الصبر، و قد يظن البعض أن مذاق الصبر؛ مُـر و في الحقيقة أن الصبر هو قمة العطاء، كونك المرء الذي يتحلى بالصبر و ينتظر ما يريده، فهذا الدليل كافٍ على كونك منتصرًا من الأساس، فما جزاء الصبر سوى المنال، حتى و إن كان من بعد الفراق وصال...
_تملكت الدهشة تعابير وجوههم جميعًا خاصةً بعد حديث "محمد" عن زواج ابنته و خصوصًا "سلمى" التي رفرفت باهدابها عدة مراتٍ، فأضاف هو بثباتٍ:
"أنا كان طلبي من الأول إن سلمى تدخل كلية صيدلة، و تحقق حلمها و الارتباط و المواضيع دي متأثرش عليها، و هي كتر خيرها التزمت بكل حاجة و جابت تقدير في أول سنة، علشان كدا أنا بقولها أهو أنا موافق إنها تكمل في بيت جوزها، بس شرطي أنها تكمل تعليمها، طالما أحمد جهز نفسه"
ظهرت الفرحة على وجه "أحمد" الذي ابتسم باتساعٍ فقال "محمد" بثباتٍ رغم جموده إلا أن التوسل كان يتقطر من حروفه:
"بس عاوز منك وعد إنك تساعدها تكمل، أنا لاحظت أنها معاك بتكون فرحانة و بتعمل كل حاجة أنتَ بتشاركها فيها، توعدني إنها هتكمل ؟!"
نظروا جميعهم لـ "أحمد" الذي نظر لها هي يطالع عينيها التي توسلته بالموافقة، فتدخلت "جميلة" تقول بنبرةٍ هادئة:
"صدقني يا خالو فيه بنات كتير زي سلمى كدا و نجحوا في الحاجتين مع بعض، و أحمد أفضل مليون مرة من أجوازهم، صدقني دي حاجة عادية، بنات كتير مرة بيها و نجحوا و اثبتوا نفسهم، متخافش و أحمد بنفسه هيوعدك دلوقتي"
بعد حديثها تنفس "أحمد" بعمقٍ ثم تحرك من أمامهم جميعًا دون أن يتفوه بكلمةٍ واحدة ثم عاد مرةً أخرى و هم ينظرون له بدهشةٍ يصحبها التعجب؛ فأشهر هو ما في يده أمامهم جميعًا ثم قال بصوتٍ عالٍ:
"دا مصحف ربنا أهو يا عمي، يمين هتحاسب عليه و لو أنا بكدب يبقى دا يمين غموس و ملوش كفارة و أني أكون في النار علطول لو بكدب، بس و مصحف ربنا لو هي بقت معايا في بيتي أنا مستحيل اخليها تقصر في حق نفسها و مذاكرتها، و الله العظيم أنا بنفسي هذاكر لها لحد ما تخلص و تتخرج و تشتغل بشهادتها كمان، بس أنا عاوزها معايا نساند بعض احنا الاتنين في الدنيا دي"
ابتسم له "محمد" و كذلك البقية بأكملهم، لم تكن ابتسامةٍ عابرة و إنما فخرًا به و بأخلاقه و دعمه لزوجته، حينها احتضنه "محمد" مربتًا على كتفه تزامنًا مع قوله الحنون:
"و أنا واثق فيك إنك قد القول، ربنا يسعدكم و يحفظكم يا بني"
هلل الجميع بفرحٍ و صوتٍ عالٍ فيما تحدث "وليد" متهكمًا:
"اومال معايا كانت ناشفة زي المستشفى ليه ؟! دا إيه التفرقة العنصرية دي ؟!"
قبل أن ينطق أيًا منهم صَعد صوت الزغاريد يملأ المكان من الخارج حتى نظروا لبعضهم بدهشةٍ من مصدر الصوت ليتضح بعدها أن الصوت يأتي من فم "سيدة" والدة "عامر" و معها البقية حيث أتت بالفتيات الثلاتة و معهم الشباب و زوجها أيضًا.
خرج معظم أفراد العائلة ليروا من صاحبة الصوت فتفاجئوا بها تقترب من "خلود" تحتضنها و تبارك لها و في الخلف تقف "ميمي" يساندها "ياسر" و "عامر"، أما "عمار" فكان وجهه محتنقًا من أفراد عائلته و تلك الحفلة الغريبة التي قاموا بها.
اقتربت "خلود" من "ميمي" و هي تقول بحماسٍ بعدما ابتعدت عن والدة "عمار":
"معقولة جيتي علشاني ؟! أنا مبسوطة اوي يا ميمي، البيت فرحته زادت بوجودك"
ربتت "ميمي" على وجهها بحنانها المعتاد و هي تقول بفرحةٍ غلفت صوتها:
"و أجيلك لأخر الدنيا كمان يا حبيبة ميمي، هي الفرحة النهاردة تتوصف ؟! ألف مبروك يا حبيبة قلبي و عقبال ما أجيلك في الفرح يا رب"
احتضنتها "خلود" بحماسٍ و حبٍ تكنه لها فيما قبلت "ميمي" رأسها و هي تمسد على ظهرها ثم نظرت لـ "عمار" الذي ابتسم لها و كأنه يخبرها بنظراته عن مدى الحنان التي تتمتع به "خلود".
جلسوا سويًا مع بعضهم بعدما تحدث "عامر" مفسرًا سبب قدومهم:
"احنا عرفنا من ياسين نجاح الآنسة خلود و علشان كدا قولنا نشارككم الفرحة، دا لو مفيهاش إساءة و تطفل عليكم"
رد عليه "طـه" مسرعًا:
"إزاي يا بني بس، دا انتم أهلنا و الفرحة متكملش من غيركم معانا، البيت نور بيكم طبعًا، و زيدنا شرف"
تحدث "عامر" بمرحٍ:
"لو تزود فرحتنا و يكونوا فرحتين يبقى كتر خيرك و الله"
ضحك الجميع عليه حينما فهموا مقصده فيما تحدث "طـه" بتفهمٍ:
"و أنا عند وعدي يشوفوا مستقبلهم و إن شاء الله لو فيه نصيب هي هنا في بيتها محفوظة"
ابتسم له "عمار" ثم قال هو بأدبه المعتاد و طريقته المهذبة:
"و أنا مش عاوز غير كدا يا عمي، أنا لسه قدامي حياة بأسسها علشان تليق بوجودها معايا، و إن شاء الله تدخل كلية حلوة و تفرحنا كلنا"
ابتسمت "خلود" بحماسٍ فيما سألها "ياسين" بنبرةٍ هادئة:
"و أنتِ بقى يا خلود ناوية على كلية إيه ؟! مجموعك حلو ما شاء الله، قررتي ؟!"
حركت رأسها نفيًا ثم قالت بنبرةٍ هادئة:
"اللي ربنا يكرم بيه إن شاء الله"
_"ما شاء الله دي قسم إيه بقى"
تدخل "عامر" يقول ذلك بمرحٍ يسخر من حديثها، حتى اضافت هي بعد ضحكات الجميع بقلة حيلة:
"بجد و الله مش عارفة كلية إيه، مش لاقية كلية تنفع معايا، أنا مليش خلق اذاكر، فما بالكم بحاجة مش حباها ؟!"
تدخل "ياسين" يقول بحكمةٍ:
"بصي يا خلود، أهم حاجة تكوني حابة اللي هتدرسيه و ملكيش دعوة بالناس و لا بحد، و سيبك من كلية قمة و كلية قاع، أنتِ عاوزة إيه ؟!"
ردت عليه هي بحماسٍ:
"بص أنا كل الكليات مش عجباني، امبارح كنت عمالة ادور و لقيت كليات كتيرة مظلومة علشان تنسيقها قليل، رغم إن فايدتها أكبر بكتير من كليات تنسيقها عالي، و أنا مبكرهش كلمة قد كليات القمة و كليات قاع"
نظروا لها جميعًا باستحسانٍ فيما قالت هي مسرعةً:
"يعني فيه كلية آداب علم نفس رغم أني بكره علم النفس، دي كلية تحفة و تنسيقها قليل، و فيه كلية عرفتها بالصدفة و أنا بدور و مسمعتش عنها، كلية خدمة إجتماعية، ازاي كلية زي دي أقل تنسيق في مصر !!! كلية دورها تحفة خاصة برضه بعلم النفس، بطلع اخصائيين نفسيين و بتطلع استشاريين في نفسية الطفل و دكاترة تخاطب و اخصائيين نفسيين في المدارس، كلية زي دي المفروض تكون قمة لأن محدش عارف قيمتها، و كل نظرة الناس لطلابها أنها كلية قاع و أنهم فشلة !! دا عبث"
توقفت عن الحديث ثم أضافت من جديد بنفس الطريقة:
"فيه كليات كتير أوي بس الناس فاهمة دورها غلط، بس أنا بقى قررت خلاص هدرس إيه"
نظروا لها جميعًا بحماسٍ و كأنها ستدلي أمامهم جميعًا بسر الحياة فيما أضافت هي بتريثٍ:
"كلية الحقوق جامعة القاهرة إن شاء الله، رُفعت الجلسة !!"
ضحكوا عليها جميعًا و على طريقتها فقال "وليد" بمرحٍ:
"و الله العظيم أنا قولت البت دي دماغها حقوق، بتاخدي بالك كدا من تفاصيل غريبة و ماشية تدافعي عن الكل، هي هيئتك محامية فعلًا"
تحدث "خالد" باستحسانٍ:
"على فكرة حلوة جدًا و هتفيدك عمليًا أكتر من علميًا، مدير الشئون القانونية عندنا خريج حقوق و ماشي يطلع عين الكل"
صفقت بكفيها معًا بحماسٍ فابتسم لها "عمار" ثم حرك رأسه موافقًا، حينها تحدث "أحمد" بمرح:
"طب نرجع بقى لموضوعنا، ها نحدد الفرح امتى ؟! بعد شهر من النهاردة ؟!"
نظر له الجميع بتعجبٍ يصحبه الدهشة فقال هو متراجعًا عن السابق بقوله:
"خلاص علشان لسه مجهزناش نفسنا، يبقى بعد شهر و أسبوع"
_________________________
بعد تلك الجلسة و بعد الاتفاق على موعد زفاف "أحمد" و "سلمى" انتشرت البهجة في العائلة الفرحة تظهر على أوجه الجميع، و خاصةً "ميمي" التي رأت السعادة تغمرهم جميعًا و ظهر أثرها على الوجوه، أما هي فكانت تحمل "نـغـم" على كفيها و هي تطالع وجهها الناعم، ثم رفعت عيناها تطالع وجه "ياسين" و هو يتحدث مع الشباب و رغمًا عنها ابتسمت بحنينٍ له، مكانته لديها كبرى و لم تقارن حتى بمكانة من حملتهم في أحشائها، كرس حياته لها و تفنن في تعويضها، لطالما كان مثل الدواء لكل الجروح التي مرت عليها.
لمعت العبرات في عينيها تأثرًا و هي تتذكر فرحتها بمولودته حينما وصلها الخبر في الفجر و هي تصلي، حينها بكت من فرط فرحتها و قامت بتأدية ركعتين شكر للمولىٰ عز وجل، كما تذكرت أول مرة رأت فيها تلك الصغيرة، و لأول مرّة تشعر بتلك الفرحة، و كأن الفرحة بميلاد "نـغم" فرحةٍ من نوعٍ خاص، تشبه حروف اسمها، و نعومة أظافرها، نظر لها "ياسين" و رغمًا عنه ابتسم بنعومةٍ ثم اقترب منها يجلس على ركبتيه و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"عينك بتقول إنك بتفكري فيا، صح ؟! أكيد مش تهيؤات يعني"
حركت رأسها موافقةً ثم قالت بصوتٍ خفيضٍ:
"صح، طول عمرك شاغل بالي علشان عمرك ما اشتكيت من حاجة، بس أنا عارفة إنك بتكون زعلان و متضايق، و بعرف لما تكون فرحان و قلبك طاير، و أنتَ من يوم ما خديجة دخلت حياتك و أنتَ فرحان و دلوقتي بقى....عينك بتقول إنك طاير من الفرحة بسبب ست نـغـم، قلبي فرحان ليك أوي أوي"
رفع نفسه يقبل جبينها ثم عاد لموضعه من جديد و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"أنتِ و أمي فرحتكم بتنور قلبي من جوة، و فرحان ببنتي اللي عمالة تتشحطط من حضنك لحضن زهرة لحضن وليد، ربنا يباركلي في عمرك يا رب"
ابتسمت هي له حتى اقتربت منهما "خديجة" تقول بمرحٍ:
"بتتوشوشوا في إيه من غيري ؟! بتبعوني كدا ؟! عيب والله"
ردت عليها "ميمي" بنبرةٍ ضاحكة:
"آه بنبيعك، اتفقنا نهرب أنا و هو و نغم و يتجوزني و نسيبك لوحدك"
ابتسمت لها "خديجة" بفرحةٍ ثم قالت بلين قلبها المعتاد:
"و ماله، على الأقل هضمن إن نغم تتربى كويس معاكم و تطلع حنينة و قلبها طيب"
ضحك "ياسين" رغمًا عنه بيأسٍ منها حتى "ميمي" هي الأخرى، فيما اقتربت منها "خديجة" تقبل وجنتيها ثم قالت بحماسٍ:
"أنا النهاردة فرحانة، هنروح نبات عند بابا رياض علشان بكرة إجازة و هنام براحتي، و خلود اطمنت عليها، و أحمد هيفرحنا قريب، بصوا نفسي ازغرط"
بعد مرور دقائق اجتمعوا أمام البيت جميعًا عدا سكانه، فقال "وليد" يقترح عليهما:
"بقولك إيه يا جوز أختي يا حبيبي، ما تجيب نغومة حبيبة قلب خالو تبات معايا، على الأقل علشان تعرف تنام"
ردت عليه "خديجة" بحنقٍ:
"فيه إيه يا عم أنتَ !! عندك اتنين و عاوز تاخد مني بنتي ؟ دا إيه الأنانية دي ؟!"
رد عليها "وليد" ببروده المعتاد:
"أنانية إيه ؟! دي بنتي غصب عنك و عن ابوها، أنا مراعي مشاعركم المتعطشة للمشاعر دي و مش عاوز أخدها منكم"
رد عليه "ياسين" بتهكمٍ:
"متشكرين لكرم أخلاق عيلتك كلها، و على إيه مراعي مشاعري كدا ؟!"
ضحك عليهما البقية ثم رحل الأخرون تباعًا خلف بعضهم و كل منهم يتوجه نحو وجهته.
_________________________
وصل "ياسين" لشقة والده لأول مرّة منذ ولادة "نــغـم"، ضرب جرس الشقة بأنامل كفه الأيسر و الأخر عليه ابنته، و "خديجة" تحمل القطة الخاصة بها "خدوش" في الصندوق الخاص بها، فتحت له "زهرة" الباب و على غير المعتاد خطفت منه "نـغم" ثم دلفت للداخل و هي تهدهدها دون أن ترحب بهما، حينها ضحكت "خديجة" رغمًا عنها فيما نظر لها "ياسين" بدهشةٍ و قال بسخريةٍ:
"شكلها كدا راحت علينا يا كتكوتة"
حركت رأسها موافقةً بقلة حيلة فيما اقترب "رياض" من باب الشقة حتى يغلقه و حينما وجدهما لازالا على أعتاب الشقة كما هما، فقال مسرعًا بلهفةٍ:
"إيه دا انتوا هنا ؟! معلش أصل نغم هنا، بصراحة ملكوش لازمة"
تلاشت البسمة من وجهيهما و هما ينظران لبعضهما ثم دلف بعدها "ياسين" للداخل و معه "خديجة" التي كانت تحاول كتم بسمتها، بينما والديه جلسا بجانب بعضهما و "زهرة" تحملها بكفيها تهدهدها، و "رياض" بجوارها يبتسم للفتاة التي كانت تعضعض في كفها المتكور، فتحدث حينها "ياسين" بسخريةٍ لاذعة:
"طب عبرونا طيب !! بلاش أنا، مش دي خديجة بنتكم اللي كان نفسكم فيها ؟! دا حتى خدوش راحت عليها معانا خلاص كدا !!"
رد عليه "رياض" مؤكدًا صدق حديثه:
"لأ ياض عيب متقولش كدا، قال راحت عليكم قال، ميصحش"
فرد "ياسين" ذراعيه بفرحةٍ ثم نظر لزوجته و أعاد بصره لوالده و هو يقول بمرحٍ:
"أيوا بقى يا حج رياض، أنا قولت العشرة متهونش برضه"
_"لأ يا حبيب أبوك، انتوا مكنتوش في الحِسبة أصلًا علشان تروح عليكم، بصراحة جت اللي تاخد مكانكم عندنا"
تراخى ذراعيه و اخفضهما بجانبه فيما انفلتت ضحكة خافتة من فم "خديجة" على الأوضاع حولها.
بعد مرور بعد الوقت بدلا ثيابهما دون ابنتهما التي وقعت أسيرة بين أحضان جدتها، و كذلك "رياض" بجوارها يغني لها بمرحٍ.
و بعد مرور بعض الوقت اخذتها "خديجة" تبدل لها ثيابها فذهبت معها "زهرة" فيما قال "رياض" بمرحٍ:
"ازيك يا أبو نغم ؟! تصدق حلو ياض ؟؟ اترحمت من كلمة أبو طويلة، بس بقولك إيه ؟! البت عسل و تتاكل"
رد عليه "ياسين" بقلة حيلة:
"أهي دي بقى اللي مطيرة النوم من عيني، أقولك حاجة ؟! أنا بقيت مدمن ريحتها الحلوة و فرحان أوي و أنا حاضنها بليل حتى لو هي مش هتنام، كأنها اسم على مسمى، نغم و هي نغم فعلًا"
ربت "رياض" على فخذه و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"تتربى في خيرك و عزك و حضنك يا رب، أظن مش محتاج وصية عليها، حنانك هيظهر لوحده"
في الداخل على الفراش كانت "نـغم" تحرك كفيها تزامنًا مع صوتها الرقيق الذي بدا مثل مواء القطة و كأنها تتحدث مع من أمامها و "خديجة" تبدل لها ثيابها و "زهرة" بجوارها تلاعبها ثم قالت بفرحةٍ:
"أنا فرحانة يا خديجة أوي بيها، شوفتي شكلها حلو ازاي ؟! شعرها حلو أوي ما شاء الله، عامل زي شعري"
ابتسمت لها "خديجة" و هي تقول بنبرةٍ هادئة:
"بس هي شبه ياسين شوية، لو ركزتي هتلاقيها فيها منه كتير"
ردت عليها "زهرة" بلهفةٍ:
"و شبهك برضه، بصي العيون دي بتاعتك أنتِ، الرموش التقيلة دي بتاعة ياسين و رياض، مش عارفة بس هي تتاكل كلها على بعضها كدا"
أنهت جملتها ثم حملتها على ذراعيها تهدهدها و الأخرى مستسلمة لدلال الجميع لها.
_________________________
وصل "وليد" شقته مع زوجته و باقي أفراد العائلة بعدما رحلوا من بيت آلـ "الرشيد"، فاقترب "فارس" منه يمسك يده حينها قالت "عبلة" بنبرةٍ ضاحكة:
"طب نامي يا هدى بقى، علشان فارس هيسهر معانا النهاردة، أي خدمة يا ستي"
تدخل "وئام" يقول بتهكمٍ:
"انتوا حرين، بس لو طلب ينزل وروني بقى مين فيكم هيضحي"
رد عليه "طارق" بسخريةٍ:
"و على إيه، خدهم أنتَ عندك اضمن، محدش ضامن يرميهم عند أنهي جامع"
ضحكوا عليه جميعًا فيما رفع "وليد" صوته و هو يقول منفعلًا:
"في إيه يا عم طارق ؟! مكانتش مرة دي اللي سيبت كل واحد فيهم عند حد منكم علشان أنام !! و بعدين أختك كانت تعبانة، دا غلطي يعني ؟! اعتبره امتحان عملي لحد ما ربنا يكرمك"
حدجه "طارق" بغيظٍ و كذلك "وئام" فيما حمل هو "فارس" على ذراعه و يده الأخرى عليها ابنه ثم قال معاندًا لهما:
"طب و الله لأخليها ليلة فل على الكل، طالما بكرة الجامعة بقى"
صعد نحو شقته بالصغار، و خلفه "عبلة"، فيما قال "طارق" لزوجته بخوفٍ:
"شوفي يا جميلة !! علشان ربنا يكرمنا كلنا إن شاء الله يعني، أول ما تخلفي البت اللي في بطنك دي، احنا نهرب من هنا، نكبرها و نجوزها و بعدين نرجع هنا، أنا مش هستحمل اناسب وليد"
وصله صوته من الأعلى و هو يقول بتهكمٍ:
"سِمعتك يا حلو، أنتَ تطول تناسبني ؟! دا أنتَ تصلي ركعتين شكر لله إنك جاري أصلًا"
ضرب "طارق" كفيه ببعضهما و هو يقول بغيظٍ:
"سمعني إزاي دا ؟!"
ردت عليه "جميلة" بتعبٍ:
"هو ما شاء الله عليه، مخابرات"
في الأعلى و بعد مرور دقائق كانت "عبلة" جالسةً على الفراش و بجوارها "فارس" و أمامها "زياد" و "مازن" يلعبان مع بعضهما و كذلك "فارس" بين الحين والآخر يقترب منهما يقبلهما، أما "وليد" فدلف الغرفة يحمل صينية متوسطة الحجم عليها شطائر الطعام له و لزوجته و لـ "فارس" معهما، و زجاجتين اللبن الخاصة بأولاده حتى جلس على الفراش مقابلًا لزوجته
التي ضحكت عليه ثم أضافت بسخريةٍ:
"معقول للدرجة دي بتخاف تقعد معاهم لدرجة انك تعملنا الأكل و تعمل ليهم اللبن ؟! دنيا غريبة"
رد عليها بتهكمٍ:
"آه بخاف ياختي، لو واحد فيهم عيط مبعرفش أتصرف، حتى فارس بيعيط معاهم، صح يا فارس ؟!"
حرك رأسه موافقًا و هو يقول:
"صح !!"
اقتربت منه "عبلة" تقبله و هي تمسك وجهه بكفها، فيما قال "وليد" بخبثٍ:
"يا بختك يا ابن المحظوظة، من يوم ما بقيت أب و أنا ماخدتش بوسة يتيمة حتى !!"
ضحكت هي رغمًا عنها ثم اقتربت منه تقبل وجنته ثم قالت بمرحٍ:
"بوسة يتيمة أهو علشان عيالي بيغيروا عليا، خليها عليك"
ابتسم هو لها ثم مد يده لها بالطعام فأخذته منه، فكرر هو الكرة من جديد و هو يعطيه لـ "فارس" الذي ابتسم بسعادةٍ ثم أقترب من "وليد" يقبله مثلما فعلت "عبلة" أما هو فأعطى الزجاجة لأولاده و هو يبتسم لهما، ثم أخذ شطيرته يأكلها و هو يوزع نظراته على تلك الأسرة الجميلة التي كانت بمثابة الانتصار بعد عمرٍ من الهزائم.
_________________________
في شقة "ياسر" كان جالسًا على المقعد في الشرفة و "زينة" تجلس أمامه و في يدها دميتها، أما "زين" فكان يجلس بجوارها صامتًا كعادة والده، أما "إيمان" فاقتربت منهم تقول بتعجبٍ:
"مالكم قاعدين كدا ليه ؟! كل دا علشان أنا غيبت عنكم ؟! للدرجة دي وجودي مبهج ؟!"
رد عليها "ياسر" بقلة حيلة:
"احنا ساكتين علشان أنتِ مش موجودة، تفتكري زينة ساكتة ليه ؟!"
رمقتها بغيظٍ و هي تجلس بجوراه، حينها ركضت "زينة" نحوهما تحتضن "ياسر" و ترتمي عليه حتى لا تترك المساحة لوالدتها، حينها تحدثت "إيمان" بضجرٍ:
"يا بت أنا اللي مصبرني عليكِ إنك شبهه، اقسملك بالله لو حطيتك في دماغي هسفلت بوشك الأرض !!"
ضحك "ياسر" رغمًا عنه و هو يقول بنفاذ صبرٍ:
"أنا تعبت منكم و الله العظيم، دا أنا كنت اتجوزت اتنين أسهل من الهم دا، ارحموني يا ناس !!"
ردت عليه "إيمان" بقلة حيلة:
"يا ياسر البت ضرتي بجد، بص زين حبيب قلب أمه هادي إزاي ؟! شعر أصفر و عيون زرقا و حاجة اللهم صل على النبي، إلا البت دي ؟! حربائة صغيرة متلونة"
ضرب كفيه ببعضهما فيما ردت عليه "إيمان" بلهفةٍ:
"تيجي نديها للواد عمر ؟؟ هو أنا هلاقي لبنتي نسب أحسن من عامر و سارة ؟! تيجي ؟!"
رمقها بغيظٍ فيما اقتربت هي من "زين" تحمله على ذراعيها تقبله و هو يبتسم لها، أما "زينة" فعانقت "ياسر" تعاند والدتها.
_________________________
جلست "ريهام" أمام "يونس" على الفراش تعاونه في عمل واجباته الدراسية الخاصة بروضة الأطفال "الحضانة" و كانت بين الحين و الآخر تتألم، حتى قال هو مسرعًا:
"خلاص يا ماما نامي انتي"
حركت رأسها نفيًا و هي تبتسم له فسألها هو بلهفةٍ:
"هو أنتِ هتجيبي نونة زي نغم و زينة ؟!"
ابتسمت هي له ثم حركت رأسها موافقةً فقال هو بحماسٍ:
"اسمها إيه طيب ؟!"
ردت عليه بحيرةٍ:
"مش عارفة يا يونس، أنتَ عاوز اسمها إيه طيب ؟!"
قلب شفتيه للأسفل و كأنه يجاوب عن سؤالها بصمته، و في تلك اللحظة دلف "خالد" و هو يمسك طبق الطعام في يده و الملعقة ثم قال بسخريةٍ:
"لسه بدري يا حبايبي على اختيار الاسم، يمكن تطلع ولد، بتحصل عادي"
ردت عليه "ريهام" بتهكمٍ:
"دا كان أيام زمان يا أبو العريف، احنا عاملين آشعة 3D، و طنط عفاف قالتلي بنوتة"
حرك كتفيه بلامبالاةٍ ثم ادخل الملعقة في فمه، فسأله "يونس" بتعجبٍ:
"بتاكل إيه يا خالد ؟!"
_"لما تقولي يا بابا و تحترمني هرد عليك يا عيون خالد"
قالها والده بسخريةٍ فحرك "يونس" كتفيه مثل والده ثم عاد للمذاكرة مرةً أخرى، حينها اقترب منهما "خالد" بالطعام فقالت "ريهام" باشمئزازٍ:
"أخرج برة الأكل قلب معدتي بقى، أنتَ بقيت بتاكل كتير ليه؟"
رد عليها بسخريةٍ:
"أنتوا اللي عالم تسد النفس، بكرة تولدي و أخد بنتي و أهرب إن شاء الله منك، و هسيبك مع يونس تسرحي بيه و تبيعي مناديل"
رد عليه "يونس" بلهفةٍ:
"و ناخد معانا نـغـم ؟!"
نظر له والديه بدهشةٍ فسحبه "خالد" من ثيابه و هو يقول بشرٍ زائفٍ:
"ولا !! أنسى ياض اللي بتفكر فيه دا، أنتَ لسه صغير، نغم مين دي اللي تاخدها معاك ؟! أنتَ عاوز ياسين يبلعنا سوا ؟!"
حرك رأسه نفيًا و هو يضحك علر والده الذي قبل وجنته و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"حبيب بابا يا يونس، إن شاء الله نجيب بنوتة و تحبها و تاخدها مطرح ما أنتَ عاوز إن شاء الله"
رد عليه "يونس" بنبرةٍ ضاحكة:
"خلاص هحب أختي....و نـغـم برضه"
توقف عن الحديث بعد جملته الاولى ثم اعاد الحديث بذكر اسمها فضحكت "ريهام" بصوتٍ عالٍ فيما حمل "خالد" ابنه يهزه في يده بعنفٍ و الأخر يضحك بملء شدقيه.
_________________________
في شقة "رياض" خلد والديه للنوم و كذلك أوشكت "خديجة" أيضًا التي كانت ترضع ابنتها، لكن الأخرى كان لها رأيًا أخرًا حيث استفاقت من أثر النوم بعدما تناولت رضعتها من صدر والدتها، كان "ياسين" يتابعهما حتى وجد رأس "خديجة" تميل للأسفل بارتخاءٍ، حينها حمحم هو بصوته حتى حركت رأسها ثم قامت بعدل ابنتها على يدها و هي تقول بقلة حيلة:
"نامي شوية طيب علشان خاطري، هي طالبة معاكِ بسهر ليه و أنا هموت و أنام ؟!"
اقترب منها "ياسين" يحملها على يده ثم ابتسم لها بهدوء، حينها وضعت "نـغـم" رأسها على كتفه و قد وضع هو كفه في ظهرها يتحرك بها في الغرفة و هو يمسد على ظهرها، فقالت "خديجة" بسخريةٍ:
"طب ما هو كدا هي مش هتنام !! و أنا طول ما أنتَ بتتحرك أنا مش هنام، اخرتها إيه؟"
غمز لها بثقةٍ و هو يقول:
"هتشوفي اخرتها إيه، صبرك عليا"
عقدت ما بين حاجبيها حتى وجدته يقرأ القرآن بصوته العذب في أذن أبنته التي بدأت في النوم رويدًا رويدًا حتى نامت أخيرًا و كفها الصغير تضعه حول عنقه، حينها ابتسمت "خديجة" حينها بفرحةٍ فوجدته يقترب منها يجلس بجوارها و هو يقول بنبرةٍ هامسة:
"شوفتي بقى ؟! أنا فاهم خلاص"
حركت رأسها موافقةً بحماسٍ فقام هو بوضع الصغيرة بينهما على الفراش، ثم رفع الغطاء يدثرهما، و حينها وضعت "خديجة" ذراعها على الصغيرة، فقام "ياسين" بمحاوطتهما يربت على كتف زوجته ثم بدأ في قراءة القرآن للمرة الثانية بنبرةٍ أهدأ من السابق حتى خلدت زوجته للنوم بنفس طريقة ابنته، فابتسم هو بسخريةٍ و قال محدثًا نفسه:
"قال يعني كنت قادر على كتكوتة واحدة علشان يكونوا اتنين ؟! سِـد بقى و نَـيم يا ابن الشيخ".
_________________________
اليوم هو يوم السعادة و فرحة العائلة، فبعد مرور المدة الباقية و انقضاءها حل وقت زفاف "أحمد" أخيرًا على محبوبته "سلمى"، مر الوقت بسرعةٍ كبرى على جميع أفراد العائلة عدا هو كان يشعر أن اليوم يمر كما أنه عامًا كاملًا، لم يصدق أن ذلك اليوم قد أتىٰ أخيرًا و ها كل ما في الأمر عدة ساعات قليلة سيغدو الأمر من بعدها كما ظهور الورد في موسم الربيع، نتيجة صبره ها هو يحصل عليها اليوم و هو يتذكر أن تحليه بالصبر كان بمثابة كل الخير له و لقلبه.
كان "أحمد" في شقة والده يرتدي حِلته بعدما قام بتعديل هيئته و تصفيف خصلات شعره الكثيفة، و قبل أن يقوم بوضع رابطة العنق و يحاول ضبطها، دلف "حسن" و على ذراعه ابنه و هو يقول بحماسٍ:
"ما تخلص يا عريس !! عامر هيطلع يجيبنا من شعرنا"
رد عليه "أحمد" بقلة حيلة:
"البتاعة دي موتراني اوي مش عارف اظبطها يا عم"
أقترب "حسن" من الفراش يضع عليه صغيره ثم اقترب منه يقوم بوضع رابطة العنق "الببيونة" له و هو يبتسم له ثم بنبرةٍ مرحة:
"عاوزك تفرح و تزقطط و تهيص، بص عيش و دلع نفسك و دلع مراتك، اقسملك بالله علي مشاركني في هدير مش لاحق حتى اعاكسها"
ضحك "أحمد" رغمًا عنه و هو يقول بقلة حيلة:
"ما خلاص يا عم حسن !! ما كفاية هما قلقوني أصلًا، بس أقولك ؟! على قلبي زي العسل و أنا راضي، كفاية الونس في بيتي و هي معايا و قصاد عيوني"
ربت "حسن" على كتفه و هو يبتسم له حتى صدح صوت بكاء ابنه، فزفر بقوةٍ ثم قال بقلة حيلة:
"دا أنتَ عيل عيوطة زي اللي خلفوك ياض يا علي"
اقترب منه يحمله على يده ثم غمز لـ "أحمد" الذي ضحك رغمًا عنه.
أنهى "أحمد" هيئته و قام بالاتمام عليها و حمل باقة الزهور في يده، و قبل أن يخرج من الغرفة فُتح الباب لتطل منه "خديجة" بفستانها الأزرق و حجابها الفضي و هي تبتسم له ثم قامت بنثر العطر عليه و على ثيابه و هو يبتسم لها، حتى قالت هي بنبرةٍ هادئة:
"شكلك حلو أوي، حاسة إن دي فرحة ابني مش أخويا، كبرت أوي لدرجة إن النهاردة فرحك !! مش عارفة أستوعب و الله"
اقترب منها يقبل رأسها ثم قال بنفس الهدوء:
"صدقي و افرحي و فرحيني معاكِ، أنا ما صدقت ربنا يكرمني يا خديجة، النهاردة بس قلبي مبسوط و راضي عن كل حاجة"
ردت عليه هي بثباتٍ و حكمة:
"بص أنا عاوزة أقولك كلمتين صغيرين، سلمى صغيرة عننا، بس بتحبك حب غريب اوي، اوعى بالله عليك تكسر بخاطرها و تضيع أملها يا أحمد، سلمى عاوزة تنجح و تحقق حلمها، يا تكون معاها قصاد الحلم دا، يا تكون أنتَ و الحلم عليها، راعي ربنا في بنت الناس اللي معاك علشان ربنا يكرمك، و افتكر إن أختك عايشة في بيت مع واحد شايلها فوق راسه، و افتكر إن لسه فيه أخت تانية عندك و عاوزين ربنا يكرمها"
حرك رأسه موافقًا ثم احتضنها حتى يتحدث مُطمئنًا لها:
"أنا حالف على مصحف ربنا أني التزم بالعهد قدام الدنيا كلها، متخافيش، سلمى احلى و أجمل إنها تزعل بسببي"
ابتسمت هي براحةٍ له ثم ابتعدت عنه تقول بصوتٍ مختنقٍ:
"طب يلا بقى علشان نلحق ؟!"
حرك رأسه موافقًا حتى دلفت "زينب" الغرفة و هي تطلق الزغاريد فرحًا بزواج ابنها و خلفها "طــه" يمسك كوبًا من العصير في يده، ثم اقترب منه يعطيه له و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"اشرب علشان حضرتك ماكلتش من الصبح، مش ناقص تقع مننا"
ابتسم له "أحمد" ثم قال بخبثٍ:
"طب ما تيجي تشربني أنتَ يا طه !! هو أنا مشبهش يعني ؟!"
اقترب منه "طه" بالكوب يضعه عند فمه حتى تجرعه "أحمد" على فمٍ واحدٍ فقال له والده بنبرةٍ هادئة:
"أنا عيوني ليك و عمري كله، كفاية كل ثانية ضاعت مني من غيركم معايا فيها، ربنا يسعدك يا حبيبي و يفرح قلبك و أفرح بولادك زي ما فرحت ببنت خوخة كدا"
ابتسمت "خديجة" له فقالت "زينب" بحماسٍ:
"طب يلا خلود عمالة ترن و أكيد سلمى خلصت، هنتأخر كدا، و بعدين أنا كدا هعيط و الكحل هيسيح، يلا !!"
تحرك "أحمد" ركضًا للخارج و خلفه والدته التي أطلقت الزغاريد من جديد و قبل أن تلحقهما "خديجة" اوقفها "طـه" بقوله المرح:
"و هو ياسين سايبك كدا ؟! هتتعاكسي يا خوخة"
دارت حول نفسها بفرحةٍ و هي تقول بحماسٍ:
"إيه رأيك يا بابا حلو ؟!"
اقترب منها يقبل رأسها ثم حاوط وجهها بكفيه و هو يقول بعاطفةٍ أبوية:
"طول عمرك زي القمر يا حبيبة بابا، شكلك حلو أوي، ذوقه حلو برضه ياسين"
ابتسمت هي بسعادةٍ بالغة تزداد في كل مرّةٍ تتعامل مع والدها حتى دلف "ياسين" يحمل ابنته على يده و حينما رآهما سويًا قال بسخريةٍ:
"كدا يا عم طـه ؟! مذنبني تحت و أنتَ هنا بتحب في مراتي ؟!"
رد عليه "طـه" بنبرةٍ ضاحكة:
"ما كل واحد فينا معاه اللي يخصه يا ياسين، زعلان ليه بقى"
اقترب منه "ياسين" يقول بنبرةٍ هادئة:
"أنا مستحيل أزعل طبعًا، ربنا يبارك في عمرك و يفرحك بأحفادك كمان....بس برضه الاتنين يخصوني"
قالها بعبثٍ و هو يرميه بغمزةٍ من عينيه و قبل أن يرد عليه "طـه" دلف "وليد" يقول بثباتٍ يمتزج بثقته:
"بس يا حبيبي أنتَ و هو"
اقترب أكثر بعد حديثه يحمل "نـغـم" على ذراعيه و أمسك يد "خديجة" ثم قال بخبثٍ:
"الاتنين يخصوني عدم المؤاخذة، و كلمة كمان هحرمكم منهم، يلا يا كتكوتة قدامي"
ضحكت "خديجة" بملء صوتها و هي تسير معه، فيما نظر في أثره الأخرين بشرٍ حتى تحدث "ياسين" بغموضٍ بعد رحيل الأخر بذويه:
"قولي يا عم طه، هو أنا لو قتلت وليد دا هيأثر معاكم هنا في حاجة ؟!"
رد عليه "طـه" مسرعًا:
"ايدي على كتفك يا حبيبي، بس تفتكر دا ينفع معاه إيه ؟!"
ضيق "ياسين" جفناه فوق مقلتيه و هو يفكر في كيفية ذلك الوليد بمحاولةٍ تنجح منذ أول مرةً، و لكن من المؤكد أمام كل محاولاته ستصبح فاشلةً.
__________________
_الفصل دا إهداء مني لـ نانسي بمناسبة عيد ميلادها و كل سنة و أنتِ طيبة يا قمر💘