رواية تعافيت بك الجزء الثاني الفصل الثانى والتسعون بقلم شمس بكرى
"الفصل الثاني و التسعون"
"رواية تَعَافَيْتُ بِكَ_الجزء الثاني"
_________________________
"قلبي يحدثني بأنك مُتلفي"
_مقتبس
_________________________
"لا خَيرَ بَعدكِ في الحيَاةِ وَإنّمَا أَبكي مَخافةَ أن تطولَ حيَاتي."
- الإمَام عليّ لفاطِمَة بعدَ وَفاتِها.
نظرة عينيه قارنها العتاب و هو يرمقها بغير تصديق مُغلف بالاستنكار، فتجاهلت هي نظرته تلك ثم وجهت حديثها للأخرىٰ و هي تقول بنبرةٍ هادئة:
"تعالي يا طنط حنان اتفضلي"
دلفت "حنان" بخطواتٍ متمهلة تخشى الاقتراب و خاصةً أمام جمود نظراته المصوبة نحوها، و لكن ما أصاب قلبها في مقتل هو تمسكه بابنه و كأنه يخشى عليه من اقترابها نحوه، تنفست بعمقٍ ثم وقفت أمام "هدير" تسألها بصوتٍ مهتز:
"ازيك يا هدير ؟! الحمد لله على سلامتك و ربنا يجعله ذرية صالحة ليكم إن شاء الله"
ردت عليها "هدير" بثباتٍ يغلفه الود على الرغم من كونها مُرغمة على ذلك:
"الله يسلمك، اتفضلي اقعدي واقفة ليه ؟!"
تحدث في تلك اللحظة "محمود" يقول بنبرةٍ هادئة موجهًا الحديث لمن معه بالغرفة:
"طب يلا بقى علشان نسيبهم شوية مع بعض، عن اذنكم"
خرج هو و من معه و أخرهم كانت "مشيرة" التي رمقت "حنان" بغيظٍ مكتومٍ ثم قالت بلهجةٍ ثابتة:
"نورتي بس اتمنى إنك متطوليش هنا، البت والدة قيصري و جرحها مفتوح، واخدة بالك ؟!"
حركت "حنان" رأسها بتفهمٍ حتى فرغت الغرفة من الجميع عدا ثلاثتهم و الصغير على ذراعي "حسن" أقتربت منه تسأله بلهفةٍ:
"ازيك يا حسن، وحشتني أوي، ألف مبروك يا حبيبي، يتربى في عزك و خيرك"
ابتسم بسخريةٍ و قال متهكمًا:
"عزي و خيري ؟؟ آه ما أنا عارف، عزي و خيري اللي أنتِ مستكتراه عليا يا حنان ؟! أنتِ جيتي ليه"
قبل أن تنطق هي و ترد على سؤاله، جاوبت "هدير" بدلًا عنها بقولها:
"أنا يا حسن اللي قولتلها، أنا اللي كلمتها و طلبت إنها تيجي تشوف ابن أخوها، و هي كانت خايفة منك و قالتلي إنها هتيجي مرة تانية تكون أنتَ مش موجود فيها"
طالع "هدير" بنفس الجمود فقالت هي بنبرةٍ هادئة تحاول التأثير عليه:
"قبل ما تبصلي كدا افتكر اننا مش ملايكة، و بعدين ربنا كرمنا و زورنا بيته و رجعنا ناس تانية من هناك، إزاي و احنا قاطعين صلة الرحم ؟! أنتَ عارف دي جزاتها إيه يا حسن ؟! انتم مهما حصل بينكم أخوات و لحم و دم واحد، و أنا حلمت بماما نادية عاوزاني اصالحكم، علشان "علي" حتى لما يكبر يلاقي عمة"
زفر "حسن" بقوةٍ و ظهر التخبط في نظراته و غلفت الحيرة عيناه فيما قالت "حنان" بأسفٍ:
"أنا هشوفه بس مرة واحدة و أوعدك مش هتشوفني تاني، بس عاوزة أشوفه و خلاص"
رد عليها هو بثباتٍ:
"حقك طبعًا، تشوفيه و تشيليه و تقعدي معاه، بس أكتر من كدا لأ، دا ابن أخوكِ و أنا علشان راجل بفهم في الأصول مش هحرمك منه، بس أنا لأ يا حنان، اللي في قلبي منك كتير و الأيام مداوتهوش، يدوبك باديء أشم نفسي، فأرجوكِ بلاش تحاولي معايا في حاجة أكبر من طاقتي، أنا مش همنعك من ابني و عمري ما هجيب سيرتك بِـ شر قدامه"
حركت رأسها موافقةً ثم مدت يدها له حتى تحمل ابنه فنظر هو لـ "هدير" حتى حركت رأسها موافقةً حينها زفر مستسلمًا ثم اعطاه لها بقلة حيلة و وقف يتابعها و هي تحمل صغيره البريء على كفها حتى بكت رغمًا عنها بندمٍ بعدما فر منها حقها فيهم كما يفر السراب بظهور الحقيقة، حينها قال "حسن" بجمودٍ و قسوةٍ:
"أنا مش هضغط عليكِ و أفكرك باللي ضاع منك، بس هقولك جملة هدير قالتهالي ساعة ظهورك المرة الأولىٰ، قالتلي إن اللي يغيب من المسرحية بمزاجه ميزعلش لما ييجي يلاقي دوره اتاخد، و دورك ملاه كتير اوي يا حنان"
حركت رأسها موافقةً ثم اقتربت من "هدير" تعطيها ابنها و قالت لها بصوتٍ مختنقٍ:
"شكرًا إنك محرمتنيش من لحظة زي دي رغم أني مستحقهاش، ربنا يخليكِ لـ حسن و يخليهولك و تفرحوا بابنكم سوا إن شاء الله، ألف مبروك"
ابتسمت لها "هدير" بتفهمٍ و هي تحرك رأسها موافقةً، فاقتربت "حنان" منه تقول بترددٍ و كأنها تجبر فمها على التفوه:
"ممكن اسلم عليك و احضنك قبل ما أمشي ؟!"
تأهب جسده و ظهر الانفعال عليه فيما تحركت هي دون أن تنتظر جوابه و ارتمت عليه ببكاءٍ تتمسك به و حينها نظر هو لـ "هدير" فحركت رأسها موافقةً تحثه على الموافقة، زفر هو بقوةٍ ثم رفع ذراعه بترددٍ يربت على ظهرها و عينيه تتابع "هدير" التي ابتسمت بفرحةٍ ثم قبلت كف صغيرها.
_________________________
في الخارج وقف "وليد" مع الشباب يحتسون الشاي مع بعضهم حتى وقع بصره على "حنان" تخرج من المشفىٰ فتحرك هو من موضع الشباب ثم اقترب منها يوقفها و هو يقول بثباتٍ:
"كنت متأكد إنها هتكلمك بس متوقعتش إنك تيجي، بس احنا ولاد أصول و ميهونش علينا الزعل بين الأخوات يا مدام حنان، أظن دلوقتي اتأكدتي إن مصلحة أخوكِ معانا احنا بس، الفرحة في عنيه مش محتاجة كلام"
حركت رأسها موافقةً ثم قالت بقلة حيلة:
"معاك حق، حقكم عليا مرة تانية و اسفة لو اتسببت في مشاكل"
رد عليها هو بثباتٍ و ثقةٍ كعادته:
"لأ ما هي مبتأكلش عيش كلمة آسفة دي، كل اللي عاوزه منك إنك تبطلي تظهري لحسن و هدير، هما كدا مبسوطين، دا لو همك فعلًا مصلحة أخوكِ"
قبل أن تتحدث هي و تعقب على حديثه قال هو بنفس الثبات:
"فرصة سعيدة اتمنى متتكررش تاني إن شاء الله"
التفت بعد جملته و تركها فيما تنفست هي بعمقٍ ثم رحلت من المكان و لربما من المحافظة بأكملها، فيما عاد "وليد" للشباب من جديد يقف بجوارهم.
داخل غرفة "هدير" جلس "حسن" أمامها يرفع أحد حاجبيه و هو يراها تتصنع الانشغال بمولودها حتى سألها بنبرةٍ جامدة:
"يا شيخة ؟! هتفضلي مكبرالي كدا كتير ؟! عملتي كدا ليه يا حلوة الملامح ؟!"
ردت عليه ببراءةٍ زائفة:
"علشانك يا أبو علي، هيكون علشان مين يعني ؟!"
ابتسم بتهكمٍ حتى قالت هي مسرعةً:
"لو سمحت متضحكش الضحكة دي، لو عرفت وجهة نظري أنا، أنتَ مش هتقول كدا، بس أنتَ مقموص و مش فاهمة ليه"
رد عليها بنبرةٍ اقرب للانفعال بقدر تماسكه عن إظهار غضبه:
"علشان أنتِ اتصرفتي من دماغك يا هدير، مقولتليش ليه ؟؟ تفاجئيني كدا أنها جاية ؟! أنا علشان ميبقاش شكلنا وحش قدام الناس سكت، بس كدا كتير عليا و على أعصابي"
أشارت له حتى اقترب منها فقالت هي بنبرةٍ هادئة و ثابتة:
"دلوقتي أنا و أنتَ هنكون أهل، يعني ربنا رزقنا بعيل عاوزين نربيه صح من غير ما نكرر نسخ مننا كانت وحشة، دلوقتي لو أنتَ فضلت شايل من اختك كدا مش هترتاح، لكن مرة مع مرة المسامحة هتيجي و ربك يكرمك عليها، متنساش أنا كنت إيه و بقيت إيه ؟! فاضلي ٥ أجزاء و اختم القرآن الحمد لله، عارف ليه ؟! علشان أنتَ عرفتني أني حلوة و مش قصدي الشكل، أنتَ حسستني أني إنسانة بجد و عندي مشاعر، أنتَ حبيتني و أنا مش عارفة أحب نفسي يا حسن، احنا لو كلنا حبينا بعض مفيش حد هيكون وحش، بص عمتو مشيرة بقت عاملة ازاي ؟! بقت ماشية توزع الحب لكل اللي حواليها و أكترهم خديجة دا علشان هي لقت نفسها محبوبة وسطنا، أختك لو فضلت بعيد عنك كدا القسوة هتملأ قلوبكم، و أكيد مامتك مش مرتاحة في تربتها بحاجة زي دي"
ابتسم هو بقلة حيلة بعد حديثها و لم ينكر فخره بتفكيرها و طريقتها في وزن الأمور حتى سألته هي بتعجبٍ:
"أنتَ بتضحك على إيه ؟!"
رد عليها مُردفًا:
"بضحك عليكِ، فرحان بيكِ و مبسوط بتفكيرك، بس برضه مش هقدر أعمل كدا"
ظهر التذمر و الضيق على ملامح وجهها و هي ترمقه بغيظٍ فيما قال هو بنبرةٍ هامسة:
"على فكرة شكلك حلو أنتِ و هو مع بعض، شكلي كدا هتروح عليا"
ردت عليه هي بضجرٍ:
"آه يا حسن هتروح عليك، و يلا اتفضل من هنا بقى سيبني مع ابني شوية، يا إما تصالحني"
رفع حاجبه الأيسر يسألها بضجرٍ:
"نعم ياختي ؟! أنا اللي أصالحك بعد كل دا ؟؟"
حركت رأسها موافقةً ثم أضافت بتأكيدٍ:
"آه....تصالحني اتفضل"
زفر هو بقلة حيلة ثم قال مستسلمًا لما تريد:
"حاضر، حقك عليا يا هدير من الحاجة اللي أنتِ عملتيها و زعلتني، ميصحش أني أعمل كدا"
ابتسمت هي بانتصارٍ له فيما تابعها هو بنظره حتى ضحك رغمًا عنه و ضرب كفيه ببعضهما تزامنًا مع قوله ساخرًا:
"دنيا إيه دي يا ربي اللي تخلي واحد زيي يبقى قلبه طري كدا ؟! أنا قلبي بقى خساية من يوم ما شوفتك"
ردت عليها هي بسخريةٍ:
"شوف مين اللي بيتكلم !! واحد يوم ما اعترفلي بحبه بيقولي أنا خايف، اقعد بقى خليني ساكتة"
اقترب منها يقول بثقةٍ:
"ليه مش فاكرة غير دي ؟! طب و خيال و لعيونك الحلوة ميال ؟؟ طب و بلاقي فيكِ الونس و أنا الغريب في الدنيا دي، طب و مكانش ليا عزيز في الدنيا و جيتي أنتِ خدتي أنتِ مكان الكل، كل دا نسياه ؟!"
حركت رأسها موافقةً ببرودٍ جعله يقترب منها أكثر و قال هامسًا بصوتٍ هاديءٍ:
"انسي أنتِ براحتك، بس أنا مش ناسي إنك ونس العمر اللي ربنا رزقني بيه"
ابتسمت هي له فيما اخفض هو رأسه يقبل رأس "علي" و في تلك اللحظة طُرق باب الغرفة لتطل منه "مشيرة" و هي تقول بنبرةٍ مرحة:
"يلا يا هدير علشان هنروح النهاردة، الدكتورة قالت إنك تقدري تروحي طالما فوقتي و هترتاحي في البيت"
ابتسمت هي ثم حركت رأسها موافقةً و أخفضت رأسها تنظر لابنها بعاطفة الأمومة لديها و التي ازدادت بمجرد النظر في وجه ذلك الملاك البريء.
_________________________
كانت "عبلة" جالسةً مع "خديجة" في بيت آلـ "الرشيد" و كانت الأولى تحمل أحد ابنائها على ذراعيها و "خديجة" تحمل الأخر حتى قالت بمرحٍ:
"حاسة كدا إن الاتنين هيكونوا نسخة واحدة شكل و طبع، بقالهم اربع شهور و أكتر بقوا نسخة واحدة خلاص"
ردت عليها "عبلة" و هي تهدهد صغيرها:
"حاسة ؟! و الله العظيم ٣ نُسخ من بعض، كأني عملت كوبي بيست من وليد، فيه عيال عندهم أربع شهور يتعصبوا !!"
ابتسمت "خديجة" بقلة حيلة فتدخلت "خلود" تقول بضجرٍ:
"أيوا برضه احنا مروحناش ليه ؟! مش كنا نروح بدل ما نسيب هدير لوحدها ؟!"
ردت عليها "عبلة" مفسرةً:
"هنروح فين ؟! وليد قالي افضل هنا علشان مازن و زياد و أخلي بالي منهم، و خديجة هنا لوحدها و جميلة جوة نايمة من التعب و سيادتك بتذاكري، سلمى و عمتو و باقي الستات هناك و هدى معاهم"
حركت رأسها بتفهمٍ ثم اقتربت من "فارس" الذي يجلس على الأرض يلعب بالسيارة الصغيرة الخاصة به، ثم حملته على يدها تدغدغه في أنحاء جسده حتى ضحك هو بصوتٍ عالٍ ثم التفت يعانقها و هو يقبل وجهها.
ابتسمت "خديجة" و هي تراهما سويًا ثم قالت بنبرةٍ ضاحكة:
"فارس و خلود من كتر ما هما صحاب بقيت أشوفهم زي القطط و هي بتلعب، و أنا اللي قولت هيفضحنا علشان هدى سايباه !!"
ردت عليها "خلود" و هي تحمله على ذراعيها:
"هدى علشان عارفة إن أنا و هو صحاب سابته و هي متطمنة، و هو بصراحة هادي زي وئام بالظبط، فارس دا روح قلبي"
في تلك اللحظة وصل أفراد العائلة معًا بعدما خرجت "هدير" من المشفى و وصلت لبيت أبيها، حينها انتبهت الفتيات لوصول "هدى" و معها "وئام" و هي تركض نحو ابنها الذي ضحك بمرحٍ ثم ذكر اسمها و هو يركض لها فتحدثت "خديجة" تسأل "وئام" بنبرةٍ هادئة:
"هدير عاملة إيه يا وئام ؟! هي فين دلوقتي ؟!"
رد عليها بوجهٍ مُبتسمٍ:
"زي الفل الحمد لله، جت معانا تحت بس احنا طلعنا علشان فارس و طارق بيجيب حاجات هو و أحمد و حسن معاها"
سألته "عبلة" مسرعةً:
"وليد فين ؟! اتأخر و أنا طلبت منه حاجات مهمة للعيال"
رد عليها بهدوء:
"هو و ياسين راحوا يجيبوا الحاجات دي و عامر و خالد و ياسر روحوا بيوتهم"
حركت رأسها بتفهمٍ فيما حمل هو صغيره على يده يهدهده حتى ابتسم له "فارس" و هو يذكر اسمه بفرحةٍ كبرى.
_________________________
في الأسفل وقف "أحمد" مع "سلمى" يتحدثان سويًا قبل أن تصعد لشقتهم فسألته هي بنبرةٍ هامسة:
"طب و هو أنتَ ضامن يعني إن بابا يوافق ؟! خلاص التيرم دا اخر فيه و كلنا هنخلص امتحانات متأكد يا أحمد !!"
حرك رأسه موافقًا ثم أضاف مقررًا:
"آه ضامن، أنا هقوله اللي عندي و هخليه ياخد أي ضمان يريحه، أنا عاوزك معايا و خلاص، اللي عليا خلصته و طنط سهير قالت لماما إن جهازك و كل حاجة خلصت و أنا ماكنتش عاوز حاجة أصلًا، احنا بس نشوف خديجة اللي قربت تولد و اتطمن عليها و خلود تخلص السنة الصعب دي و أنا ساعتها ابدأ في موضوعنا"
حركت رأسها موافقةً فيما اقترب هو منها يحتضن وجهها بكفيه معًا و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"أنا عاوزك تنجحي و تفرحي و اتشرف بيكِ قدام الكل، بس مش عاوز دا يحصل و أنا بعيد عنك، عاوز اشاركك نجاحك زي ما أنتِ هتشاركيني حياتي كدا"
ابتسمت هي له بفرحةٍ فاقترب هو منها يقبل قمة رأسها ثم احتضنها و هو يتنهد براحةٍ و قال بصوته الرخيم:
"عارفة !! أنا بقيت بصحى من النوم فرحان علشان عارف إن مسموحلي أكلمك وأشاركك من غير ما أفكر أني باخد ذنب على كدا، أنا فرحان أني جربت المشاعر الحلوة دي معاكِ بحلال ربنا و أنتِ مراتي، فرحان و أنا بملي عيني منك من غير ما أفكر إن اللي بعمله دا أنا هتحاسب عليه، فرحان إنك أخيرًا بقيتي ليا و إن القلب اللي شبه قلبي بقى زي البيت ليه؛ ونس"
شعرت هي بتدفق الدماء في وجهها من شدة خجلها و ما تشعر به معه هو، فيما ربت هو على كتفها ثم قال بصوتٍ هاديءٍ:
"اطلعي يلا فوق علشان محدش يتكلم و أنا هكلم بابا يفاتح عمي في الموضوع"
تحركت هي من أمامه و هي تبتسم بخجلٍ فيما دلف"وليد" في تلك اللحظة و هو يقول بخبثٍ:
"اخس عليا جيت في وقت مش مناسب، شكلي كدا قطعت برزقك يا أبو حميد"
وضع "أحمد" كفيه في جيبي بنطاله و هو يقول بثباتٍ يتمزج بالبرود:
"لأ و الله خلاص خدت اللي أنا عاوزه، حضن كدا تصبيرة"
رد عليه "وليد" بنفس الأسلوب الخبيث الذي يتميز به كليهما:
"آه قولتلي، طب خلي بالك بقى علشان اخرتها هتبقى زي ما إنتَ شايف كدا"
قال جملته و هو يرفع كفيه بالحقائب التي يمسكها تزامنًا مع إضافته متابعًا حديثه:
"نص الفلوس حفاضات و النص التاني فيتامينات و الباقي لبن علشان المدام و شامبو استحمام، متتحمسش أوي كدا علشان آخرة الحماس دا هتبقى بشحاتة"
ابتسم "احمد" بسخريةٍ ثم أضاف متهكمًا:
"أنتَ اللي مُبخت و رزقك واسع جيبت الاتنين في وقت واحد، حد قالك تعمل كدا في نفسك ؟!"
دلف "ياسين" هو الأخر يلقي عليهما التحية بقوله:
"مساء الخير يا شباب، ازيك يا أحمد"
رد عليه تحيته ثم نظر لما يحمله في يده فسأله بتعجبٍ:
"أنتَ جايب إيه معاك ؟؟"
رد عليه مفسرًا بتبرمٍ و ضيقٍ:
"لأ أبدًا، دا جاتوه، أختك عاوزة تاكل جاتوه بشاي بلبن، فكراه عيد ميلاد و لا إيه مش فاهم ؟"
حاول "وليد" كتم ضحكته لكنه فشل في ذلك فقال من بين ضحكاته:
"جاتوه ؟! دا إيه الهم اللي إحنا فيه دا ؟! طب تخليها بسبوسة"
تحدث "أحمد" في تلك اللحظة بتهكمٍ يقول:
"لأ الله يطمنكم طمنتوني يا شباب، أنا بقول نفضها سيرة و حلو أوي لحد كدا الكام حضن اللي خدتهم"
ضحك كليهما عليه ثم تحركا نحو الأعلى و في تلك اللحظة قبل أن يصعد "أحمد" دلف "طارق" البيت يحمل في يده حقيبة دواء كبيرة الحجم، فسأله "أحمد" بتعجبٍ:
"لمين العلاج دا ؟؟ أنا جيبت العلاج لهدير و حسن خده مني"
ابتسم "طارق" بسخريةٍ و قال:
"دا علاج جميلة يا خويا، فيتامينات و مقويات و فوار حموضة، لسه بدري عليك أنتَ متشغيلش بالك"
ضرب "أحمد" كفيه ببعضهما و هو يرى تحرك الأخر نحو الأعلى و قبل أن يصعد وجد "وئام" ينزل على الدرج و معه "فارس" فسأله بتهكمٍ:
"خير ؟! رايح فين أنتَ كمان ؟!"
رد عليه "وئام" بقلة حيلة:
"رايح أجيب حفاضات و زبادي علشان أستاذ فارس خلص اللي عنده، حاجات كدا خراب بيوت مستعجل، متشغيلش بالك"
تحدث "أحمد" منفعلًا في وجهه:
"هو انتوا بتشتغلوني ؟؟ كل واحد فيكم يقهرني بشكل غير التاني و أخرتها يقولي متشغيلش بالك ؟! دا انتوا جيبتوا أجلي"
اقترب منه "وئام" يقول بتفهمٍ:
"ماهي دي حلاوتها، صدقني الرزق بيجي من غير ما تعرف بيجي ازاي، الفكرة بقى في فرحتك و أنتَ بتصرف على حد غير نفسك و فرحان بكدا، و لو صرفت على نفسك من غيرهم هتحس بتأنيب ضمير، هدى لما بتاخد مني الحاجة و تدعيلي ربنا يرزقني و يكرمني من وسع ساعتها بعرف أني مطلوب مني المعافرة علشانهم هما، اصلي هعيش لمين غيرهم ؟!"
ابتسم له "أحمد" فأضاف "وئام" مفسرًا من جديد:
"صدقني الفرحة اللي بجد و أنتَ شايفهم مرتاحين و فرحانين بسببك أنتَ و بسبب تعبك، ربنا يرزقك بفارس صغير كدا علشان تجرب حلاوة الدنيا اللي بجد"
تحرك "وئام" من أمامه فنظر "أحمد" في أثره و هو يقول براحةٍ:
"طمنت قلبي الله يطمنك يا شيخ، روح عقبال ما تخاوي فارس يا رب"
_________________________
في الأعلى في شقة "مرتضى" دلفها كلٍ من "ياسين" و "وليد" معًا، جلسا سويًا بجانب بعضهما فيما أعطى "ياسين" علبة الحلويات لـ "خلود" و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"اتفضلي بقى و حطي لينا كلنا و الباقي خليه لأختك في التلاجة، ماهي مش مضمونة بصراحة"
وكزته "خديجة" في كتفه حتى راقص لها حاجبيه و هو يستفزها، فيما قال "وليد" بنبرةٍ منهكة:
"العيال ولادي عاملين إيه ؟! و أم ولادي عاملة إيه ؟!"
ردت عليه بقلة حيلة:
"لو على عيالك زي الفل، لو عليا قربت اطفش منك و منهم و الله، خلاص جيبت أخري"
ابتسم هو ثم وجه حديثه لـ "ياسين" بسخريةٍ:
"شوفت قلة الأصل ؟! بعدما دفعت دم قلبي تحت اخرتها بقيت كدا !!"
ضحك "ياسين" عليه فيما قالت "عبلة" براحةٍ:
"بس الشهادة لله أنا مش هنكر إن وليد أب شاطر اوي، و بيبذل طاقة كبيرة أوي علشان يثبت دوره كأب، و لولا مساعدته ليا أنا فعلًا كان زماني تعبت"
ابتسموا جميعًا لها فأضاف هو بزهو في نفسه:
"أومال يا سوبيا اسيبك تحتاري بيهم براحتك ؟! ما هما عيالي أنا"
رد عليه "ياسين" بنبرةٍ هادئة:
"ربنا يحفظهملك و تشوفهم احسن ناس في الدنيا كلها"
ابتسم له "وليد" ثم قال بنبرةٍ هادئة:
"يا رب يا سيدي، مع إن مش عارف إزاي يعني بس يارب هو أنا أكره !!"
_________________________
في الأسفل في شقة "محمود" كان "حسن" يشعر بسعادةٍ بالغة و هو يجلس على المقعد و يده "علي"، تابع هو قسمات وجهه البريئة و نعومة أظافره و صوته بكائه الرقيق، فحرك ذراعيه به و هو يبتسم له.
كانت تتابعهما "هدير" بعينيها و هي تبتسم بنفس الفرحة البادية على وجهه ثم رفعت رأسها للأعلى تتمتم بكلمات الحمد لله و الثناء على فضله و شكره على ما آلت إليه بعدما خرجت من الظلام إلى النور فكان هو مثل المرشد الذي أرشد خطواتها و أهدىٰ دربها.
لاحظها "حسن" و حينها اقترب منها يعطيها ابنه ثم احتضنهما سويًا و هو يقول بفرحةٍ كبرى:
"حاسس إن قلبي بينور من الفرحة يا هدير، العوض بتاع ربنا كان أكتر من اللي استاهله بكتير أوي، وجودي جنبك و ابني معايا من اللي بحبها، خلاني أحمد ربنا ١٠٠٠ مرة على كل حاجة ضاعت مني ماكنتش فاهم الحكمة من ضياعها، الحمد أني ماكنتش فاهم علشان لما فهمت أنا عرفت إن ربنا رحيم بيا أوي و رحيم بعباده إن يتولد طفل بين اب و أم مبيطيقوش بعض بس مجبرين أنهم يكملوا علشانه، النهاردة أنا عرفت ليه ربنا حرمني من أول مرة كنت هحس فيها اني أب، النهاردة عرفت إن ربنا رحمنا إحنا الاتنين أنا و هو كمان"
ابتسمت هي بتفهمٍ ثم أضافت بنبرةٍ خافتة:
"طعم العوض حلو أوي و خصوصًا لو بعد عمر من التعب كمان، ربنا سبحانه و تعالى بيقول في كتابه العزيز:
قال تعالىٰ
{يُؤتِكُم خيرًا مما أُخِذ مِنكُم}
"لطالما جاء عوَضُ الله غزيرًا، كريمًا، يُنسِيكَ كُلَّ مَرارَةٍ تَذوقتَهَا، يَأتيكَ كَمُكَافَأةٍ عَلَى صَبْرِكَ، و أنتَ و علي بقى مكافأة الصبر دا"
حرك رأسه موافقًا بتفهمٍ ثم ربت على ظهرها و قبل رأس صغيره.
_________________________
في شقة "عامر" كان جالسًا على أرض شقته أمام "عمر" الذي بدأ يحبو نحو والده بفرحةٍ فيحمله "عامر" على كتفيه و يدور به ثم يعيد ما قام بفعله مرةً أخرى، و كانت تشاركهما "سارة" في لعبهما سويًا حتى صدح صوت جرس الباب، حينها تحركت هي تفتحه بعدما أحكمت غطاء رأسها فوجدت "عمار" أمامها يبتسم لها و هو يرحب بها، حينها ابتسمت هي الأخرى و ادخلته للداخل.
دلف "عمار" مُطرقًا برأسه للأسفل مراعيًا حُرمة بيت أخيه، فيما ركض له "عُمر" بفرحةٍ يحبو نحوه حينها، اخفض "عمار" جسده ليناسب مستوى الصغير و حمله على ذراعيه و هو يقول بفرحةٍ لرؤيته:
"حبيب قلب عمار و روح قلب عمار و كل حاجة حلوة لعمار، وحشتني أوي"
ابتسم "عمر" بسعادةٍ بالغة ثم و هو يقفز على ذراع "عمار" فوقف "عامر" أمامهما يقول مرحبًا بأخيه:
"منور يا عمار، تعالى و سيبك من ابن الصايع دا مش هيبطل رقص و لعب، تعالى... سارة حضريلنا عشا"
حركت رأسها موافقةً و قبل أن تتحرك اوقفها "عمار" بقوله:
"لأ متتعبيش نفسك، أنا واكل و كله زي الفل، أنا بس جيت أسلم على عامر و أشوف عمر علشان وحشني أوي"
جلسوا سويًا بعدها و "عمر" يجلس على قدم "عمار" فسأله "عامر" بخبثٍ:
"أخبار دنيتك إيه ؟! لسه بتجيب أخرك ؟! فاضل كام سنة هانت"
رد عليه "عمار" بتهكمٍ:
"آه أنتَ هتقولي ؟! اسكت بالله عليك أنا خلاص تعبت و جيبت جاز"
ردت عليه "سارة" بنبرةٍ ضاحكة:
"لأ اجمد كدا، مش عاوزين نروح نطلبها و أنتَ جايب أخرك، احنا عاوزينك تشد حيلك"
حرك رأسه موافقًا ثم قبل رأس "عمر" حينها قال "عامر" بثباتٍ:
"على فكرة أنتَ بتعمل اللي عليك و اللي أي حد في سنك طبيعي يعمله، الفكرة إن قلبك عرف طريق الحب يا موكوس، و اسمع مني بقى، الحب دا باب صعب يا تقدر تتحكم فيه و يكون جنتك يا يتحكم هو فيك و يفتح في وشك أبواب النار، خليك محافظ على حُبك ليها و على ارادتك إنك تبني نفسك، و اديك شوفت الرزق اللي جالك اهوه، ربع مليون من ياسر و لا كانوا في أحلامنا، يعني هتقدر تفتح صيدلية و تقف على رجلك، افتكر إن ربنا شايلك الخير طول ما أنتَ مراعي ربنا في خطواتك"
حرك "عمار" رأسه موافقًا ثم قال بامتنانٍ له:
"أنا كنت صح لما جيتلك هنا، كنت عارف إنك هتريحني و تشجعني، ربنا بخليك ليا"
ابتسم له "عامر" بودٍ ثم وجه حديثه لزوجته يشاكسها بقوله:
"الحب عذاب و حيرة زي الفطير من غير خميرة، و إنتِ عاملة إيه"
ردت عليه بقلة حيلة:
"الحمد لله زي الفل أنتَ إيه اخبارك"
رد عليها بضجرٍ:
"أنا مالي بيكِ، الكلام دا كان أيام الخطوبة، عاملة أكل إيه أنا جعان"
ضحك "عمار" رغمًا عنه فيما زفرت هي في وجهه بغيظٍ منه.
_________________________
في شقة "خالد" كان يصلي كعادته قيام الليل و بجواره "يونس" الذي تخطى عمره الرابع و اقترب على اتمام الخامس، حتى انتهت الصلاة و قام "خالد" بالتسليم و كذلك ابنه الذي مد كفه الأيمن له بعد الصلاة حتى ابتسم له "خالد" و هو يعانق كف صغيره بكفه الكبير ثم حمله و هو يقول بمرحٍ:
"تصدق ياض خايف عليك يجيلك أخ و تدخل الجيش، خسارة اللي زيك و زي الواد عمار في الجيش، يا رب تبقى بنت"
ابتسم له "يونس" دون أن يفهم بعض الكلمات حتى سأله "خالد" بمزاحٍ:
"قولي بقى عاوز بنت و لا ولد ؟! عاوز النونة تكون إيه ؟!"
ابتسم له "يونس" و قال بحماسٍ:
"بنت !! عاوز بنت"
قام "خالد" برفعه على ذراعيه يحركه بقوةٍ حتى ضحك "يونس" مقهقهًا بين ذراعيه فخرجت لهما "ريهام" ببطنها المنتفخة تحمل هاتف "خالد" و هي تقول بضجرٍ:
"أمسك يا خالد، ياسر عمال يرن و مش عارفة اتفرج على المسلسل زهقتوني يا عيلة متعبة"
صرخت في وجهه بتعبٍ ثم اعطته الهاتف و دلفت للداخل من جديد، فيما قال هو بغموضٍ:
"لولا البطيخة الصيفي اللي أنتِ حامل فيها دي كان زماني ليا كلام تاني، بس ماشي"
قال حديثه ثم ضغط على زر الايجاب يجاوب على إلحاح المتصل و هو يقول بنفاذ صبرٍ:
"ايوا يا ياسر ؟؟ فيه إيه مش هعرف أصلي فرض ربنا كمان ؟!"
رد عليه "ياسر" بضجرٍ:
"ما تيجي يا عم تاخد البت زينة !! هموت و أنام و البت ماسكة فيا زي الخفاش"
رد عليه "خالد" بتهكمٍ:
"هي بترضى تروح لحد غيرك ؟! ما هي قافشة و ماسكة فيك، خليها تدلع على ابوها بقى"
زفر "ياسر" بقوةٍ ثم أغلق الهاتف في وجه الأخر ثم نظر في وجه ابنته التي تسكن بين ذراعيه دون ان تتحرك لو خطوةً واحدة، دلفت "إيمان" و هي تحمل "زين" ثم ابتسمت بسخريةٍ و هي تقول:
"اخبار ضرتي إيه ؟!"
رد عليها هو بقلة حيلة:
"هيكون اخبارها إيه ؟! كل ما عيني تغمض تعيط و تصحيني علشان ألعب معاها، خدتها في حضني و زي ما أنتِ شايفة كدا"
حركت رأسها بيأسٍ منهما ثم جلست بجواره و في تلك اللحظة بكت "زينة" حتى حملتها "إيمان" بعدما اعطته ابنه و هي تقول بضيقٍ منها:
"بـت !! اقسملك بالله اطلع عليكِ شغل الجنان، و أوريكِ معاملة الضراير، دا أنتِ بتاعة مصلحتك بصحيح، طول ما هو مش هنا ماسكة فيا، أول ما ييجي تروحيله، إيه قلة التربية دي ؟!"
ضحك "ياسر" رغمًا عنه فيما تحركت "زينة" نحو والدها و أخيها تجلس بينهما حتى صرخت "إيمان" بغيظٍ مكتومٍ و ضحك "ياسر" عليهم جميعًا حتى سكون "زين" وسطهم.
_________________________
بعد مرور عدة أيام كثيرة شارفت على الـ ثلاثة أسابيع و خاصةً في ليلة من تلك الليالي كانت "خديجة" جالسة على الفراش في شقة والدها تمسك بطنها بكفيها معًا و هي تتذكر أن خلال ذلك الأسبوع ستضع مولودها الأول و أن خروجه للدنيا أصبح أمرًا يحتاج للقليل من الوقت.
طُرق باب غرفتها فأذنت هي للطارق بالدخول، حتى طل منه "وليد" يحمل صينية على كفيه فابتسمت هي له بفرحةٍ حتى جلس هو أمامها و هو يقول بمرحٍ:
"أبو طويلة كلمني و قالي إنك المفروض تاكلي دلوقتي علشان الدوا و قالي أخلي بالك منك لحد ما يرجعوا من مشوار سلمى و جهازها و خلود ترجع من مراجعتها"
ردت عليه هي بتفهمٍ:
"سابوني لوحدي و أنا قولت لأحمد ياخدني معاه قالي بلاش أحسن تعمليها و نتفضح في المول، و خلود بدأت امتحانات و عندها مراجعة النهاردة"
وضع هو الصينية أمامها ثم بدأ في ملء الملعقة بالطعام و هو يدخلها فمها حتى ابتسمت هي بسعادةٍ بالغة و هي تأكل من يده تتذكر أيام صغرهم سويًا، فيما قال هو بحنينٍ لتلك الأيام:
"فاكرة لما كنا بناكل سوا و احنا صغيرين ؟! كانت أيام حلوة اوي، و فاكرة كمان لما كنتِ بتحبي الكشري من المحل من غير تقلية؟"
ردت عليه هي بحماسٍ:
"أيوا و فاكرة كمان لما ماما أو ماما مروة يعملوا رز بلبن كنا لازم ناكل اللي في الحلة مع بعض، و لازم نتخانق في الأخر على اللي ياخد المعلقة الأخيرة"
ضحك هو بملء شدقيه فيما قالت هي بحماسٍ:
"طب فاكر لما كنا بنغني سوا و تفضل تعاند في كل بنات العيلة ؟! فاكر كنا بنغني إيه ؟!"
حرك رأسه موافقًا ثم أضاف مسرعًا:
"فاكر و كنت هفكرك، و فاكر كمان لما كنت بعاند فيهم كلهم و اقولك يا أحلى منهم يا فارقة عنهم أنتِ اللي فيهم و هما فينهم"
ضحكت هي بملء شدقيها و هو يحاول تقليد مطرب الأغنية، فيما تنفس بعمقٍ ثم قال:
"الأيام جريت بسرعة اوي، أنا بقيت أب و أنتِ كلها كام يوم و تكوني أم و أشيل ابنك على ايدي زي ما كنت بشيلك و إحنا صغيرين علشان نتصور مع بعض، كل حاجة بقت بتجري بسرعة، بس دي اكتر حاجة أنا حاسس انها بتعدي ببطء، متأكد إن مشاعري ناحية ولادك هتكون غريبة، أنا متحمس ليهم أوي"
ظهر التأثر في نظراتها و لمعة عينيها حتى قال هو بعدما زفر بعمقٍ:
"عاوز أطلب منك طلب يا خديجة و مش عاوزك تفهميني غلط"
استطاع بحديثه جذب انتباهها فيما قال هو بثباتٍ يتنافى مع توتره من طلبه:
"عبلة صعب تخلف تاني يا خديجة، علشان دا يحصل يبقى أنا بضحي بيها المرة دي، مش عاوز ولادي يكونوا تايهين في الدنيا دي من غير اخت ليهم، عاوز عبلة ترضع ابنك أو بنتك اللي هييجي علشان تكون أخت عيالي، زي ما طول عمرك سند و طوق نجاة لابوهم، ها إيه رأيك ؟!"
رمشت ببلاهةٍ لم تعي ما تحدث عنه هو خاصةً و التوسل يتقطر من نظراته و كأن موافقتها على طلبه طوق النجاة له و