رواية تعافيت بك الجزء الثاني الفصل الواحد والتسعون 91 بقلم شمس بكرى

 

رواية تعافيت بك الجزء الثاني الفصل الواحد والتسعون بقلم شمس بكرى

"الفصل الواحد و تسعون"
"رواية تَعَافَيْتُ بِكَ_الجزء الثاني"
_________________________

"لقد حان الوقت لعينيك بالوعودِ أن تفي"
_________________________

_قيل في قديم الأزل أن أكثر ما تخشاه هو أكثر ما يعطيك الأمان، و إذا أمعنت نظرك في تلك المقولة للوهلةِ الاولى قد تبدو لك مجرد خرافة و اذا امعنت بها نظرك من جديد ستجدها حقيقة، فلو ما كان الأمر يعنيك ما كنتُ شعرتُ به من الأساس.

صدمةٌ حُلت عليها لتشل حركتها و توقفها محلها، لم تفهم شيئًا مما قاله "عمار" لذلك رفرفت باهدابها عدة مراتٍ حتى اقترب منها "عمار" يمد يده لها بالورقة يقول بحماسٍ استعجبته هي بسبب خوفها، لذا قال هو مُشجعًا لها:

"خديجة، أمضي هنا علشان الراجل يمشي، مالك خايفة كدا ليه ؟!"

زاغ بصرها نحوه تحرك رأسها بالسلب و كأنها تنفي تهمةٍ كاذبة عنها، حتى حرك رأسه لها يحثها على توقيع اسمها، فامتثلت هي لما يريد بأنامل مرتعشة، فيما أخذ هو الورقة يعطيها للرجل ثم سألها بعد رحيله:

"مالك ؟! أنتِ كويسة ؟!"
حركت رأسها نفيًا و هي تقول بخوفٍ:
"أنا مش فاهمة حاجة، هو دا إيه ؟! أنا معملتش حاجة و الله"

عقد ما بين حاجبيه و هو يقول بحيرةٍ غلفت نظراته:
"ماشي معملتيش حاجة مفهوم، بس أنتِ ليه خايفة و الموضوع مش مستاهل؟!"

قبل أن ترد عليه قد وصل "ياسين" لها بعد عودته من العمل، فاقتربت منه هي بلهفةٍ كما الغريق الذي عثر على طوق النجاة، و قد تعجب هو من حالتها تلك و قبل أن يسأل هو، تحدث "عمار" مسرعًا:

"كويس إنك جيت، طمنها بقى علشان هي خايفة و أنا مش عارف اتصرف، شوفها كدا"

سألهما "ياسين" عما حدث و جعلها تتوتر بتلك الطريقة فقص عليه "عمار" ما حدث بالكامل و أعطاه الورقة يقرأ ما دون بها، أخذها منه "ياسين" بثباتٍ و هدوء و سرعان ما ابتسم بفرحةٍ و حماسٍ و بدت انفعالات جسده تُظهر فرحته تلك، فسألته هي بترقبٍ:

"ها !! فيه إيه ؟! أنا معملتش حاجة و الله العظيم، حصل اي"

رد عليها بنفس الحماس البادي عليه:
"دا إخطار من وزارة التضامن، جاي ليك بضمان فكرتك، فاكرة زميلي و مراته اللي عرفتك عليهم ؟! هما دول قدموا الفكرة باسمك و تم ضمانها وفق الجمعيات الخيرية و وزارة التربية والتعليم"

رمشت ببلاهةٍ فيما ظهر حماس "عمار" بعد حديث "ياسين" لذا سأله بفرحةٍ:
"بجد ؟! هو دا ينفع أصلًا ؟!"

رد عليه "ياسين" بثباتٍ:
"آه عادي، هما عندهم مؤسسة شبابية تابعة لوزارة الشباب و الرياضة، يعتبر وجودهم واسطة لأي وزارة تانية، أنا قولتلهم على فكرة خديجة و هما قالوا إنهم هيحاولوا، بس النتيجة بانت و أكيد الموضوع عجبهم"

اقتربت منه تمسك مرفقه و هي تسأله بصوتٍ مختنقٍ إثر حماسها و فرحتها:
"بجد ؟! يعني كدا احنا نجحنا ؟!"

ابتسم لها ثم قال متكئًا على حروف كلماته:
"نجحتي !! أنتِ نجحتي في اللي بتعمليه، سهرك و تفكيرك و مجهودك بان للكل خلاص، دي أقل حاجة قدام مجهودك و تعبك"

ابتسمت هي بفرحةٍ كبرى و لمعت عينيه بوميضٍ أقرب لضوء النجوم في السماء، حتى قال "عمار" بلهفةٍ:
"طب أنا كمان ممكن اساعدك، اتحاد الطلبة عندنا يقدموا مساعدات كتيرة للرعاية النفسية و معاهم كلية علم نفس و كلية خدمة اجتماعية، الاتنين عاملين مجهود حلو أوي، و أكيد فكرتك هتساعد كتير و هما يقدروا ينشروها".

رد عليه "ياسين" بحماسٍ:
"ياريت يا عمار بجد، ربنا يكرمك و تعمل كدا و تبقى قدمت لينا كلنا خدمة العمر"

وقفت هي توزع النظرات بينهما و هي ترى الأوضاع تذهب لأكثر مما تمنت و أكثر مما أرادت، لكن السبب وراء ذلك بعد فضل الله عليها، هو ذلك الملاك الذي يقف بجوارها و كان أكثر من مُشجعًا و دعمها و نشر حديثها و فكرتها مثل المصباح الوهاج الذي سُلط ضوئه على الكنز المفقود لبلدةٍ عاشت في غياهب الظلام.
_________________________

_وقفت "عبلة" بتيهٍ لا تصدق ما تراه عينيها، عمتها تجلس أسفل قدم امرأةٍ مُسنة و زوجها يعلم أيضًا ؟! نظرت "مشيرة" له بمعاتبةٍ فأومأ هو لها بأهدابه موافقًا و كأنه يُطمئنها بذلك ثم التفت لزوجته يقول بمرحٍ لعله يزيل التوتر الذي خيم عليهم جميعًا:
"يلا يا أميرة سلمي على ماما و أعتذري ليها عن كل حاجة حصلت منك، يالا و عرفيها إن هيثم ابنها طيب و بيحبها"

حركت رأسها موافقةً بتوترٍ ثم اقتربت بابنها من المرأة و هي تقول بخجلٍ:
"ازيـ.....ازيك يا ماما، عاملة إيه؟"

ردت عليها المرأة ببكاءٍ:
"أنتِ أميرة ؟! جيتي علشاني ؟!"

نظرت لهما "عبلة" بتأثرٍ و حينما وجدت التأثر باديًا على ملامح وجهيهما؛ حركت رأسها موافقةً ثم قالت مجاهدةً دموعها:
"أكيد جيت علشانك، أومال هاجي علشان مين يعني ؟!"

فتحت المرأة ذراعيها لها و هي تبكي فاقتربت "عبلة" منها و طوقتها المرأة بكلا ذراعيها و هي تمسح على ظهرها و رأسها، ثم سألتها بنبرةٍ باكية:

"دا ابنك صح ؟! ينفع أشيله؟! متخافيش مش هعمله حاجة"

حركت "عبلة" رأسها موافقةً بقوةٍ و حتى الآن لم تجد صوتها الهارب، ثم مدت يدها للمرأة بابنها، و قد اقترب "وليد" في تلك اللحظة بابنه الأخر و هو يقول ممازحًا لها:

"دا زياد اخوه، قولتلك أني هجيبهم ليكي، إيه رأيك بقى في المفاجأة دي ؟!"

ردت عليه بنبرةٍ باكية:
"حلوة أوي، أنا خلاص كدا لو عاوزة أموت مش عندي مانع، كفاية أني شوفتك هنا و شوفت عيالك، ربنا يخليك ليا و متسبنيش تاني"

ابتسم لها ثم قال بنبرةٍ ثابتة تنافي تأثره بها:
"طب يلا بوسيهم كدا و احضنيهم خليهم ياخدوا منك شوية حنية، إيه رأيك ؟!"

حركت رأسها موافقةً و هي تبتسم ثم قبلت رأس الصغار ثم حملتهما على ذراعيها و هي توزع النظرات بينهما بفرحةٍ كبرى؛ تلك الفرحة التي تشبه نزول الغيث على أرضٍ جارفة.

بعد مرور بعض الوقت و انتهاء جلستهم مع تلك السيدة طيبة القلب التي لاقت من كل حياتها القسوة و العذاب، اطمئنت عليها "مشيرة" ثم دثرتها بالغطاء و خرجوا جميعًا من الغرفة نحو الخارج و لا زالت "عبلة" تحت تأثير الصدمة فيما وقفت "مشيرة" و معها "وليد" الذي حمل ابنه على يده و زوجته تحمل الأخر، فقال الطبيب بحماسٍ تغلفه العملية المناسبة لطبيعة عمله:

"الحمد لله الفضل بعد ربنا سبحانه و تعالى في إنها توصل للمرحلة دي، هو وجود حضرتك، أنا كنت خايف إن حضرتك متداومش على متابعتها و دا كان هيأثر عليها، زي كتير جُم هنا و مكملوش دورهم و دا كان بيرجعنا لنقطة الصفر و السكوت من تاني، لكن حاليًا هي بقت أفضل و عندها قابلية لكل حاجة، بعد ما كانت قاطعة الكلام تمامًا، أظن إن وجود حضرتك بأسرتك النهاردة دا هيوصلنا لنقط كتير أفضل في حالتها"

سألته "مشيرة" باستنكارٍ:
"طب و بالنسبة إنها شايفاه ابنها ؟؟ دا ممكن يأثر بعد كدا في حاجة ؟!"

رد عليها مُخمنًا حديثه:
"مش اوي غير لو استعادت الجزء اللي طار من ذاكرتها، أستاذ وليد بالنسبة ليها هو البديل اللي بيعوضها عن مشاعرها مع هيثم، علشان كدا هي مدققة في تفاصيل ملامحه أو حتى شكله، هي بس عاوزة تحس إن ابنها لسه باقي عليها، و دا الدور اللي أستاذ وليد ماشي عليه، بيخليها تحس أنها محبوبة و إن هيثم لسه متمسك بيها"

تحدثت "عبلة" بلهفةٍ قبل أن ينطق زوجها:
"واحنا إن شاء الله هنيجي هنا علطول و مش هنقصر معاها، أنا و عيالي و وليد كمان، لو دا هيفرحها يعني"

سألته بحذرٍ فقال الطبيب بعمليةٍ:
"ياريت طبعًا، دا هيفرحها و يأثر تأثير إيجابي ملحوظ و خصوصًا في وجود الأطفال".

ابتسم له "وليد" بتفهمٍ ثم اتفق معه على النظام الجديد و تولي مسئوليتها هو و عمته التي تولت مسئولية علاجها و الإنفاق على كافة مستلزماتها.

في سيارة "وليد" ركبوا جميعًا في الخلف و "وليد" على مقعد القيادة، فسألته "عبلة" بتشوشٍ:
"عرفتها منين أنتَ و عمتو يا وليد ؟! و مقولتليش ليه طيب!"

رد عليها بتلقائيةٍ:
"همشي أعلن نشرة يعني يا عبلة ؟! ست أنا بساعدها و عمتو هي اللي معرفاني عليها، غيرانة ولا إيه ؟!"

سألها بخبثٍ و هو ينظر لها في مرآة السيارة حتى قالت هي بضجرٍ:
"يا عم اقعد بقى، أنا بتكلم إنك تجيبني معاك، حاسة انها محتاجة لرعاية اكتر.... أنا نفسيتي بتتعب أوي لما بشوف حاجة زي كدا و مش بفرح بالعكس بزعل، طب دي واحدة و احنا معاها، الباقي مين بيساعده و يرعاه"

انتبه "وليد" لحديثها و أمعن التفكير به فأضافت "مشيرة" بقلة حيلة:
"فيه كتير غيرها للأسف و حالات أصعب، و فيه ناس بتيجي تساعد بس للأسف مش علطول، أو الناس عمومًا تفكيرهم واقف عند حاجة معينة، ياريت الناس تفهم بس"
تحدث "وليد" بغموضٍ يرد على حديث عمته:
"هيفهموا إن شاء الله، لو اتصرفنا صح هيفهموا"
_________________________

قام "ياسين" بتوصيل "عمار" أولًا لبيت والده و بعدها وصل بزوجته إلى شقة والده حتى ترعاها والدته و تكون معها في أوقات تعبها.

دلفت هي بفرحةٍ كبرى و حماسٍ خنق صوتها من فرطه و هي تقص على والديه ما حدث معها، و قد استطاعت توصيل مشاعرها الفرحة و تقديرها لزوجها و هي تقول بحماسٍ:

"الفضل كله بعد ربنا يرجع لياسين يا بابا، ساعدني كتير و حاول أكتر مني أصلًا، أنا كنت بفكر معاه بصوت عالي، و ماما كمان ساعدتني كتير، شكرًا ليكم بجد"

ابتسم لها "رياض" و هو يقول بتفهمٍ:
"مش أنا قولتلك إنك بنتي ؟! و زهرة قالتلك أنها طول عمرها كان نفسها في بنوتة حلوة زيك كدا ؟! صدقيني إحنا كلنا محظوظين بيكِ، أنتِ مكسب لينا كلنا، و فكرتك نجحت علشان هي هدفها مساعدة غيرك، مش الغرض منها الشهرة أو الفلوس أو منفعة خاصة ليكِ، أنا فرحان بيكِ أوي و بنجاحك"

ابتسمت هي له ثم نظرت لـ "زهرة" و هي تقول بامتنانٍ لها:
"شكرًا يا ماما علشان مساعدتك ليا، بصراحة ماكنتش اتوقع إن المساعدة دي تيجي من حضرتك، شكرًا من كل قلبي"

احتضنتها "زهرة" بعاطفة الأمومة الجياشة التي تُكنها لها، و هي تقول بلهفةٍ:
"أنتِ حبيبة قلبي يا خديجة، أنا يعني لو كان عندي بنت كنت هبخل عليها بالمساعدة دي ؟! خلي بالك بس من نفسك و بلاش حماسك يخليكِ تنسي إنك هتكوني أم و محتاجة راحة و رعاية"

تنفست "خديجة" بعمقٍ ثم نظرت له ولازالت كما هي بين ذراعي والدته، فغمز لها هو بمشاكسىةٍ حتى ابتسمت و اخفضت رأسها تهرب بنظراته منه.

بعد تناول وجبة العشاء و الطعام مع والديه، انسحبا سويًا نحو غرفته، فجلست هي أمام الحاسوب الخاص به هو و قد تركه لها حتى تتابع عملها، و جلس على بُعدٍ منها يتصفح هاتفه ثم اقترب منها يجلس مقابلًا لها و هو يقول بنبرةٍ هادئة:

"شكلك فرحان صح ؟!"

حركت رأسها موافقةً بحماسٍ فجلس هو بجوارها ثم فتح لها ذراعه حتى ارتمت هي على صدره و هي تبتسم بسعادةٍ فربت على كتفها بعدما أخفض رأسها ينظر لها و هو يقول بسخريةٍ:

"مش نفسك في حاجة ؟! فكري كدا، محشي ؟! فرخاية محمرة، كوز درة ؟! عصير لب ؟! أي حاجة من طلباتك المستحيلة؟!"

حركت رأسها نفيًا ثم قالت و هي تجاهد لكتم ضحكتها:
"لأ يا سيدي شكرًا مش عاوزة، أنتَ عاوز إيه ؟! عاوز بنوتة و لا ولد ؟!"

ابتسم هو بعد جملتها ثم قال بنبرةٍ هادئة:
"بصي هو كله فضل و نعمة طبعًا، و الحمد لله على كل حال، بس بصراحة أنا نفسي في بنت، بحس إن البنات دي سبب كدا في فرحة البيت، الولاد رزق و بيكون ونس، بس أنا كان نفسي بيتنا يكون فيه بنت اوي، علشان كدا أنا نفسي في بنوتة تكون حلوة زيك كدا، حنينة و طيبة و رقيقة، مش عاوز أكتر من كدا"

ردت عليه هي بوجهٍ مُبتسمٍ:
"طنط عفاف مامة خالد قالتلي إن شكلي حلو في الحمل، يبقى هجيب بنوتة، معرفش هي عرفت ازاي ؟! بس قالتلي وشك منور"

ضحك رغمًا عنه و قال بنبرةٍ ضاحكة:
"لا خلاص طالما طنط عفاف قالت يبقى نصدق، دي اصدق من أجدع سونار، اسمعي مني"

انفلتت ضحكة خافتة من بين شفتيها، فيما قال هو بصوته الرخيم:
"بس برضه هما رزق، ربنا بيكرم بيه و يا رب نقدر نخليه ذرية صالحة لينا، إن شاء الله يعني، يعني لو جه ولد برضه هحبه و أربيه زي ما أهلي ربوني، بصي يعني ؟! مش عارف بس أكيد هيشوف حب أول مرة أنا أحس بيه و أديه لحد"

ظهر التأثر في نظراتها و ابتسمت له فقال هو بنبرةٍ هامسة:
"بس برضه محادش هيزاحمني في حبك، أنتِ حاجة تانية"
_________________________

في بيت آلـ"الرشيد" و خاصةً فوق سطح البيت كان "أحمد" جالسًا برفقة زوجته و "خلود"، جلس هو على مقربةٍ منهما مقابلًا لهما، و الاثنتين أمامه، تقوم كلتاهما بمذاكرة دروسها و هو يتصفح هاتفه مبتسمًا حتى لاحظته "خلود" و قامت بوكز "سلمى" في مرفقها تشير بخبثٍ نحو أخيها حتى انتبهت لها الأخرى فسألته بنبرةٍ جامدة:

"بتضحك على إيه يا أستاذ أحمد ؟! خير السبب اللي بيضحكك متنيل بيذاكر"

أغلق هاتفه بعدما انتبه لها ثم سألها بخبثٍ:
"هو الورد غيران ولا إيه ؟!"

حركت كتفيها بتعالٍ و هي ترد عليه بلامبالاةٍ واهية:
"لأ طبعًا، هغير على أي و من مين ؟! دي شكلها تهيؤات عندك"

رفع حاجبيه مستنكرًا ثم سأل شقيقته التي انشغلت عنهما في المذاكرة بنبرةٍ جامدة:
"إيه يا سوسة ؟! سبحان الله راسك ضربت في الكتاب بِـ غِرا !! على أساس إن مش أنتِ اللي شاورتي ليها ؟!"

حمحمت بهدوء و تصنعت البراءة حتى اقترب هو منهما بهاتفه ثم وضعه نُصب عينيهما، و قد عقدت كلتاهما حاجبيها فقال هو بنبرةٍ هادئة:
"دي الشقة بتاعتنا أنا و سلمى بعد ما خلصت و فاضل فيها حاجات بسيطة، الراجل صورهالي و كدا فاضل حاجات غالبا تخلص في أسبوع و بعدها العفش بقى"

ظهرت الفرحة في ملامحهما فخطفت منه "سلمى" الهاتف بفرحةٍ و "خلود" بجوارها تشاهد معها الشقة حتى قالت "سلمى" بحماسٍ:
"عمل الحيطة زي ما اخترتها بالظبط، خوفت يبوظها، طلع شاطر فعلًا"

رد عليها "أحمد" بفخرٍ:
"طارق و وئام بصراحة مش سايبينوا، و هو صاحب حسن و شايل خاطره كمان، بس أنا عاوز أقولكم مفاجأة تانية"

استطاع بحديثه جذب انتباههما فقال هو بحماسٍ:
"طارق قالي إن بعد التيرم التاني ما يخلص، هتكون كدا سلمى هتبقى في سنة تانية، و خلود تكون خلصت ثانوية عامة إن شاء الله، قالي بعد النتيجة أقدر اتجوز سلمى و تكمل تعليمها في بيتي و قالي إن كلهم هنا موافقين و هيساعدوني"

سألته "خلود" بتعجبٍ:
"بتهزر ؟! تتجوز سلمى و هي لسه في الكلية ؟؟ طب استنى حتى سنتين كمان"

رد عليها بنبرةٍ جامدة:
"إيه اللي يخليني استنى ؟! هي مراتي و أنا بحبها و عاوزها معايا و لو هي موافقة تكون معايا في بيتي أنا هساعدها و أكتر ما بساعدها هنا كمان، بس لسه فاضل حوالي ٤ شهور و ربك يحلها"

ردت عليه "سلمى" بلهفةٍ:
"أنا عن نفسي مستعدة أسد في الحاجتين عادي، بس أنتَ هتقدر ؟! هتقف جنبي لحد ما اتخرج و أخلص ؟!"

اقترب منها يمسك كفها و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"هقدر إن شاء الله طالما كل حاجة غرضي فيها رضا ربنا، أنا مش عاوز حاجة حرام و لا حاجة تزعل ربنا، أنا عاوز أكون مع مراتي، عاوزك مسئولة مني و أنا واثق إني هشيلك في عيوني، أنتِ هتقدري تستني على وضعنا دا خمس سنين كمان يا سلمى ؟! أنا عاوز كل اللي جاي ألحقه معاكِ و مش عاوز عمري يضيع من غيرك، طالما اتكفيت على وشي و حبيتك يبقى تتكفي أنتِ كمان معايا و نكمل رحلة العمر سوا، الرحلة اللي ربنا قسم فيها كل واحد للتاني"

ابتسمت هي له بسمتها الصافية ثم قالت محمسةً له:
"و أنا معاك نخلص بس السنة دي و أنا هكون في ضهرك لحد ما كل واحد فينا يوصل للي هو عاوزه"

تدخلت "خلود" تقول بسخريةٍ:
"يا كتاكيت !! تصدقوا فشعرت ؟! حركتوا مشاعري و أنا متزفتة في تالتة زفت، اخرسوا بقى !!"

أمسك "أحمد" الكتاب ثم قذفه في وجهها حتى اختبأت خلف "سلمى" و هي تهدده بقولها:
"و الله العظيم أخلي الضرب كله ييجي فيها هي، ابعد عني"

ابتسم هو ببراءةٍ ثم وقف بهدوء حتى يرحل من أمامهما ثم عاد لهما من جديد يحمل في يديه وسائد كبيرة الحجم يضربهما بها و هو يضحك بقوةٍ حتى فتحت "سلمى" الزجاجة الموضوعة أمامها تنثر المياه على وجهه و قفزت "خلود" على ظهره تكبل حركته فدار هو بها لتضحك بصوتٍ عالٍ و هو معها أيضًا فقامت "سلمى" حينها تلتقط لهما الصور سويًا ثم قالت بحماسٍ:

"هنزل افضحكم و اوريها للعيلة كلها و وليد كمان".
ركضت من أمامهما و هما خلفها بصوت ضحكاتٍ من وسط الحديث في فرحةٍ سكنت قلوبهم جميعًا.
_________________________

بعد مرور شهر تقريبًا من تعميم فكرة "خديجة" و الاخطار الذي وصلها من وزارة التضامن الاجتماعي، حدث ما هو غير متوقعٍ حيث أُصدر قرارٌ بتكريمها ضمن أكثر الشباب المؤثرين فكريًا في المجتمع.

كانت العائلة بأكملها برفاقها كلهم سويًا يشاهدون نجاحها و هي تقف بجائزتها أمام الجميع و شهادة التقدير في يدها، كان "ياسين" واقفًا منزويًا عن الجميع يبتسم بحماسٍ و فخرٍ و هو يقوم بالتقاط الصور لها أثناء تكريمها، لم تكن نظرته لها في تلك اللحظة نظرة زوج لزوجته، لكنها نظرة متخلفة المشاعر تبدو و كأنها نظرة أب لابنته في نجاحها.

كانت هي تبحث عنه وسط الحشد بعينيها حتى حركت رأسها للجهة اليسرى فأشار لها بـ ابهامه يُحييها حتى ابتسمت هي له فتحدثت الفتاة تطلب منها التوجه نحو مكبر الصوت حتى تتحدث عن فكرتها، و رغم الخوف البادي عليها، أقتربت من المنصة تتنفس بعمقٍ عدة مراتٍ ثم نظرت له من جديد فحثها هو برأسه يدفعها للتحدث و كأنه أخبرها بنظراته عن مدى ثقته بها، فسحبت هي الهواء داخل رئتيها ثم قالت بوجهٍ مُبتسمٍ أمامهم جميعًا:

"مساء الخير، أنا خديجة طه فايز أحمد الرشيد، الحقيقة إني متوترة شوية أو كتير مش قادرة أحدد، بس كوني واقفة هنا قصاد حضراتكم و بتكلم، أنا هعتبر دا إنجاز ليا، بس أنا مش واقفة هنا علشان اتكلم عني".

لمعت العبرات في عينيها تأثرًا من الموقف و كأن ما مر عليها في حياتها يمر أمامها من جديد، فسحبت نفسًا عميقًا ثم قالت:
"أنا جاية اتكلم عن كتير غيري، جاية اتكلم عن اطفال كتير ضاعت حياتهم بسبب قلة الوعي، للأسف اطفال كتير ضاعوا مننا و كبروا غلط و حياتهم كلها نقط سودا معلمة في القلب، كلمة تتقال ليهم تحبطهم، نظرة صعبة تكسر نفسهم، مقارنات قاتلة مع غيرهم تخليه يقف مكانه مدى العمر، أمراض نفسية بتتكون من صغره، على ما يكبر نشوف نسخ صعبة من إنسان أصله كان جميل، للأسف محدش عنده ثقافة إن الطفل مش طفل، دا إنسان بمشاعر و عنده احساس زي الكبار و أكتر كمان بكتير، يمكن الشخص الكبير يقدر يوزن الكلمة، لكن الطفل لأ، هي بالنسبة له كلمة صعبة خرجت من حد قدامه و هو اللي حس بيه بس إنه بيتوجع، إحنا نقدر نوقف كل دا و نحسب كلمتنا معاه، سواء أهالي في البيوت، أو قرايب في التجمعات أو مدرسين في المدارس، هنقدر أكيد نساعدهم يكونوا أفضل"

انتشرت أصوات التصفيق الحار فخرًا بها و بحديثها، و أكثرهم من بين الجميع كان "وليد" الذي لمعت العبرات في عينيه فخرًا بها ليزاحمه نفس شعور "ياسين" حيث وقف لا يصدق أن أخته الصغيرة تقف أمامهم جميعًا تتحدث بتلك الطريقة بعدما كانت تخشى التحدث مع نفسها حتى !!.

انتبه "وليد" لحديثها من جديد حينما أضافت بفخرٍ:
"الحقيقة أني معملتش أي حاجة تُذكر علشان أقف هنا، فيه غيري تعبوا كتير و أكتر مني كمان، جوزي و أخواتي و عيلتي و صحابي، حقيقي عملوا كل حاجة أكبر من توقعاتي و مجهودي"

صفقوا لها جميعًا فأضافت هي من جديد بثباتٍ:
"الحقيقة إن فيه حاجة كمان أنا عاوزة انوه عنها، زي ما سلط الضوء على صغار السن، فيه فئة تانية لازم نسلط الضوء عليها و دي وليد هو اللي هيكلم حضراتكم عنها"

نظر "وليد" ببلاهةٍ لها فأشارت هي له حتى يقترب منها، و حدثته "عبلة" بهمسٍ:
"قوم يلا علشان أصورك و أنتَ بتتكلم، يلا يا ليدو"

وقف "وليد" بتوترٍ و هو يفكر في كيفية التحدث بتهذيبٍ أمام ذلك الحشد دون أن يفسد الأمر على شقيقته و يؤدي الأمر إلى طردهم جميعًا.

وقف "وليد" بجوارها و قبل أن يتحدث هو، رفعت نفسها حتى تصل لأذنه و هي تقول بنبرةٍ هامسة:
"أكيد مش هتكون خايف ؟! هتيجي أصعب من واحدة كانت مريضة رهاب اجتماعي ؟!"

ابتسم هو لها ثم اقترب من مكبر الصوت و هو يقول بنبرةٍ ثابتة:
"السلام عليكم، أنا متأسف لأني مش واخد أني اتكلم بطريقة رسمية، بس أنا مضطر لكدا"

ضحكوا عليه جميعًا فيما قال "عامر" بنبرةٍ هامسة يحدث "خالد":
"حاسس كدا إن كلنا هنطرد من هنا، بعد كلام وليد هيحدفونا بالأوطة، أو الشباشب"

رد عليه "خالد" و هو يحاول كتم ضحكته:
"أومال ليه أنا حاسس اننا هنتحجز هنا زي البهايم في العيد الكبير ؟!"

تدخل "ياسر" يقول بنبرةٍ هامسة:
"طب الواد دا هينجح و يرفع راسنا هتشوفوا"

انتبهوا جيمعًا لحديث "وليد" الذي وقف بجانب شقيقته و هو يقول بثباتٍ:
"الفكرة إن زي ما الأستاذة خديجة قالت إننا سلطنا الضوء على الأطفال، فيه كمان ناس كتير محتاجة أنها تفرح، الناس دول هما فئة كبار السن، الفئة دي محتاجة سؤال و دعم و مساعدة، لو قررنا بس اننا نضحي بيوم من أيام الأسبوع نروح ليهم و نفرحهم و نقعد معاهم، ممكن احنا كقرايب أو شلة صحاب أو ناس أيًا كانت علاقتهم ببعض ممكن ندور على أماكن فيها مسنين و نكرس ليهم أوقات نساعدهم و نقعد معاهم و نفرحهم، الفكرة من البداية ممكن تبان حاجة غريبة مش مضمونة، بس مضمونها نفسه فيه سعادة كبيرة تفرحك أنتَ قبلهم، لو بس فكرنا إن كل حاجة بنعملها بتاخد لفتها و ترجع لينا، ساعتها احنا مش هنقدم غير كل خير للغير"

انتشرت أصوات التصفيق و أطلق "عامر" صفيرًا عاليًا و اقترب منهما "ياسين" يقول بعد هدوء التصفيق و هو يقول بنبرةٍ ثابتة:
"أنا قررت أني إن شاء الله هضم فكرة الأستاذ وليد لفكرة الأستاذة خديجة و تبقى الفكرة شاملة مختلف الأعمار، و طبعًا الطريق هيحتاج مساعدة الكل، و حضراتكم قبلنا"

بعد مرور دقائق قليلة من تكريم "خديجة" و حديثها أمام الجميع، وقفوا جميعًا بالخارج مع بعضهم فقال "عامر" موجهًا حديثه لـ "خلود" بمرحٍ:
"عقبالك كدا يا خلود لما تتكرمي إن شاء الله، احنا مستنيينك"

ردت عليه هي بتهكمٍ يمتزج بالاحباط:
"إن شاء الله، دا لو السنتر نفسه عبرني يبقى بحق، دا أنا عربية عطلانة وسط الطريق"

تدخل "عمار" يقول منفعلًا بصوتٍ عالٍ:
"نــعم !! بعد كل دا !!"

انتبهوا له جميعًا فتراجع هو متقهقرًا و هو يقول بخجلٍ من اندفاعه:
"أنا قصدي يعني إن مش بعد كل دا اخرتها يجيلك إحباط كدا، شدي حيلك بس شوية هانت، كلنا جيبنا جاز....ها !!"

ابتسمت هي رغمًا عنها فقال "عمار" بنبرةٍ ضاحكة:
"عموري تعب خالص يعيني، شدي حيلك يا آنسة خلود بقى"

تدخل "طـه" يقول بثباتٍ:
"شدوا حيلكم بس و إن شاء الله انتوا قدها و قدود، و اهو كلنا مستنيين"

نظر لها "عمار" و كأنه يتوسلها بنظراته أن تتحمل ما تبقى حتى يجتمعان سويًا و كأنه يخبرها دون أن يتحدث أن موعد وفاء وعدها شارف على القدوم.
_________________________

تسير الحياة و تمر و يمر العمر و يمر و لن يبقى الحزن أمدًا و لا يدوم المر، فمرت الأيام الباقية مثل سير المياه وسط الأراضي الزراعية، فمرت الفترة المتبقية لحمل "هدير" و اليوم هو يوم وضع مولودها الأول و ها هي تجلس مع زوجها في المشفىٰ.

كانت "هدير" جالسةً على مقعد من مقاعد المشفى في الغرفة و "حسن" أمامها يؤدي بها صلاة العصر، و هي تُصلي على المقعد خلفه حتى انهيا الصلاة سويًا، فالتفت هو لها يقوم بالتسبيح على كفها الأيمن و هي تبتسم له حتى أنهى ما يقوم بفعله ثم قال بتعجبٍ:

"على فكرة ليكِ عُذرك إنك متصليش، الدين يسر و ربنا عالم بحالك"

ردت عليه هي بإصرار:
"جرى إيه يا أبو علي ؟! أنا الحمد لله ربنا مقدرني و هولد قيصري، و بعدين دا بدل ما تشجعني ؟!"

اقترب منها يقبل رأسها ثم قال بنبرةٍ هادئة:
"ربنا يتقبل منك و إن شاء الله ييسرلك الولادة و تخرجي ليا أنتِ و علي بخير إن شاء الله"

صفقت بكفيها معًا بفرحةٍ لا تتناسب مع الموقف فطالعها هو بدهشةٍ و هو يقول:
"أنتِ عبيطة يا هدير ؟! داخلة تولدي قيصري و هيفتحوا بطنك و أنتِ بتصقفي و فرحانة ؟! إيه الهم دا ؟!"

ردت عليه هي بنبرةٍ ضاحكة:
"يا عم دي حلاوة روح، بس أنا فرحانة أوي علشان هشوف ابننا يا حسن، أنا عمري ما كنت اتوقع أني أكون أم، بس الاحساس نفسه ملغبطني و مفرحني، و بعدين أنا داخلة و مسلمة أمري لله و استودعته نفسي و ابني و فرحتك و بطلب منه يحفظك ليا"
لمعت العبرات في عينيه تأثرًا من حديثها فدلفت "مسيرة" في تلك اللحظة و هي تقول بحماسٍ:
"حبيبة قلب ماما، يلا علشان الأوضة بتاعة العمليات جهزت"

ابتسمت لها "هدير" و رغمًا عنها نزلت دموعها فاقتربت منها "مشيرة" تعطيها زجاجة عصير و هي تقول بنبرةٍ هادئة:
"يلا يا حبيبتي اشربي العصير علشان متهبطيش من الخوف"

اقتربت منها تُسقيها العصير و هي تبتسم لها و "مشيرة" أيضًا ترمقها بحنانٍ، فيما وقف "حسن" يتابعهما حتى دلفت الممرضة تأخذ زوجته و تقوم بتجهيزها.

بعد مرور دقائق قليلة دلفت "هدير" لغرفة العمليات فيما وقفت بقية العائلة في الخارج و خاصةً الشباب مع "حسن" يساندوه و أكثرهم دعمًا له كان "مرتضى".

وقفت "مشيرة" ترفع كفيها و هي تتضرع لله سبحانه و تعالى أن تخرج "هدير" لها بكل خيرٍ فوقفت "جميلة" بجانبها تقول بنبرةٍ خافتة:
"هتخرج يا ماما متخافيش، هدير الحمد لله إيمانها قوي و مش خايفة، هتخرج إن شاء الله"

ابتسمت لها "مشيرة" ثم قالت من بين جهادها لدموعها:
"إن شاء الله يا حبيبتي، ربنا يطمن قلبي عليكم كلكم"

كان "حسن" واقفًا يتابع الغرفة بنظره بعدما أصبحت كل دنيته بداخلها، فحاول صرف الأفكار القديمة عن رأسه متيقنًا بأن الله أكرم على قلبه و أحن من أن يذيقه مثل هذا العذاب.

مر بعض الوقت كما الدهر الكامل من لحظات الترقب و الخوف و القلق، حتى خرجت الطبيبة بوجهٍ مُبتسمٍ فانتبه لها الجميع حينها قالت هي بتفهمٍ:

"مالكم خايفين كدا ليه ؟؟ الحمد لله قامت بالسلامة و جابت علي الحمد لله، هي اللي قالتلي قبل ما أخدرها"

ظهرت الهمسات الفرحة و السرور على وجوههم فارتمى "حسن" بين ذراعي "مرتضى" يقول بحماسٍ امتزج ببكاء الفرح:
"جابت علي يا بابا، بقيت أب الحمد لله، الحمد لله يا رب"

احتضنه "مرتضى" بفرحةٍ و هو يقول بحماسٍ له يمازحه:
"مبروك ياض يا حسن، كدا كملت"

ابتسم له "حسن" ثم اقترب من "وليد" يقول ممتنًا له:
"مش هنسى ثقتك فيا إنك تسلملي هدير، شكرًا على وجودك في حياتي، شكرًا على كل فرحة حسيت بيها بسببك"

ابتسم له "وليد" فيما قال "عامر" يعاتبه بلومٍ زائفٍ:
"يا جدع ؟؟ أومال أنا بعمل إيه"

ضحك له "حسن" ثم قال بفرحةٍ:
"أنتَ حبيبي اللي هيودينا في داهية، أنا فرحان دلوقتي يعني ممكن ابيع كليتي للي عاوزها"

بعد مرور بعض الوقت كانت "هدير" في الغرفة العادية بعدما تم نقلها لهناك و كل ذلك كان "حسن" معها لم يفارقها و معهما في الغرفة "علي"، دلفت العائلة تطمئن عليها بعدما استفاقت هي ألم التخدير و استعادت وعيها.

كان "محمود" جالسًا بالغرفة مع ابنته و معه أخوته و "حسن" و الشباب في الخارج يقفون مع بعضهم، و فجأة طرق الباب الخاص بالغرفة، أذن "حسن" للطارق بالدخول و هو يحمل ابنه على يده ينظر في وجهه بابتسامةٍ صافية سرعان ما تلاشت بعدما رأى وجه الطارق لتتسع عينيه بدهشةٍ ثم هب منتفضًا يقول بنبرةٍ جامدة:

"أنتِ بتعملي إيه هنا ؟! مين اللي قالك تيجي ؟!"

نظرت له بخوفٍ من اندفاعه فيما قالت "هدير" بثباتٍ بعد رؤيتها لها:
"أنا يا حسن، أنا اللي قولتلها تيجي"

التفت "حسن" ينظر لها بدهشةٍ غلفت نظراته الموجهة نحوه و حينما رأى الإصرار في نظراتها تؤكد حديثها، فبادلها النظرة بخيبة أملٍ منها قارنها العتاب الموجه من سهام عينيه لها.
          _____________

خلاص احنا بنودعهم للأسف علشان متقولوش أني فاجئتكم، لقد أوشكت الرحلة على الإنتهاء"

تعليقات



×