رواية تعافيت بك الجزء الثالث الفصل الثامن
"أود أن أسألكِ في أي سماءٍ تَسكنين فما أنتِ سِوىٰ قَمرٌ مُنيرٌ في فلكُ قلبي تَدورين و علىٰ مجراتَ حُبي تتحركين"
_________________________
_"هتروحوني و لا أضربلكم خلود؟"
تفوهت "جاسمين" بذلك بحنقٍ لا يتلائم مع صِغر عمرها، حتى سألتها "خديجة" بتعجبٍ حينما اقتربت منها:
"نعم ؟! تضربي مين أنتِ ؟! احترمي نفسك و قولتلك تتكلمي عن الأكبر منك كويس"
جلس "ياسين" على ركبتيه أمامها ثم قال موجهًا حديثه لزوجته:
"استني أنتِ يا خديجة"
التفت ينظر لتلك "الدُمية" كما يُلقبها و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"فيه إيه ؟! و بتتكلمي عن خالتك كدا ليه ؟!"
ردت عليه بحنقٍ بعدما ضمت ذراعيها أمام صدرها:
"علشان هي مش عاوزاني أطردها من الأوضة و أنام فيها"
اتسعت عيني "خديجة" ببلاهةٍ فيما ظهر الاستنكار على وجه "ياسين" و هو يقول بسخريةٍ:
"نعم ياختي ؟؟ مش عاوزاكِ تطرديها من الأوضة، لأ ملهاش حق بصحيح"
_"شوفت بقى ؟!"
قالتها باندفاعٍ جعله يحاول كظم غيظه فيما اقتربت "خلود" من خلفها و هي تركض نحوها و حينما توقفت قالت بغيظٍ مكتوم:
"بت !! انا صابرة و ساكتة عليكِ علشان الدم اللي ما بينا، لكن كدا كتير، أنتِ عاوزة إيه ؟!"
التفتت لها تقول بحنقٍ:
"عاوزة أنام في أوضتك و أنتِ تنامي مع ماما هنا"
_"طب و عمار دا أعمل فيه إيه"
سألتها "خلود" بتهكمٍ و هي تضع يدها في خصرها، بينما "جاسمين" قالت بضجرٍ:
"أنا بحب اسهر في أوضتك مليش دعوة بقى، تعالوا ناموا هنا"
اقترب "عمار" من الخلف و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"طب نحلها سوا طيب ؟! إيه رأيك نسهر كلنا سوا ؟! أنا و أنتِ و خلود و يزن كمان ؟!"
قلبت عيناها بتفكيرٍ ثم هزت رأسها بقوةٍ كعلامةً على الموافقة، بينما قالت "خلود" بتهكمٍ:
"يا سلام ؟! أنتَ هتنصر المفعوصة دي عليا يعني؟"
نظرت لها "جاسمين" بضجرٍ بينما "عمار" حملها على ذراعيه ثم قال بنبرةٍ ضاحكة:
"خليها عليكِ، هاتيها تقعد معانا شوية و نسهر ولو نامت أنا هجيبها هنا تاني، تمام ؟!"
تحدثت "خديجة" بلهفةٍ:
"لأ معلش، اقعدوا انتم براحتكم و خليها هي معايا هنا أحسن"
قبل أن تنطق "خلود" و توافقها كان "عمار" سبقها و هو يقول متفهمًا:
"لأ متقلقيش مش أول مرة يعني نسهر سوا أنا و هي، هاتي يزن كمان و نغم"
رد عليه "ياسين" بقلة حيلة:
"يزن هينام معايا في اوضة أحمد، و البنات هنا مع خديجة، هاتها بس و روح نام أنتَ"
حرك رأسه نفيًا فقالت "جاسمين" ببراءة:
"بص يا بابا نام أنتَ و متشتـ...متغلشـ... قول معايا كدا اسمها إيه ؟!"
سألته كعادتها حينما تتعثر في نطق الكلمة بينما زفر هو ثم قال بتهكمٍ:
"قصدك متشغيلش بالك بيا صح؟"
حركت رأسها موافقةً ثم أشارت باصبعها نحوه و هي تقول بمرحٍ:
"أيوا صح هي دي برافو عليك، شاطر"
ارتسمت الضحكات اليائسة على وجوههم بينما "عمار" شدد مسكته لها ثم قبلها في وجنتها، ورحل بها من أمامهم بينما "خلود" سارت خلفه بضجرٍ و هي تحاول كتم غيظها منهما.
_________________________
في غرفة "خلود" وقف "عمار" و هو يبتسم لـ "خلود" ثم قال بنبرةٍ هادئة:
"يلا يا خوخة، شوفي بقى كنا هنسهر ازاي و جاسمين معانا أهيه تسهر معانا تونسنا"
رمقته هي بغيظٍ ثم قالت:
"أنا على جثتي أسهر مع البت دي، بوظت الليلة اللي رسمتها في خيالي"
قالت "جاسمين" تعاندها:
"أحسن، نامي أنتِ و هسهر أنا و عمار لوحدنا، مش عاوزينك"
بعد مرور دقائق قليلة، كانت "خلود" تجلس على الفراش أمام الحاسوب الخاص بها و "جاسمين" تجلس على فخذيها و كلتاهما تشاهد الحاسوب، بينما "جاسمين" كانت تمسك أحد الاكياس الخاصة بالبطاطس المقلية "الشيبسي"، و "خلود" تضمها بكلا ذراعيها، أما "عمار" فجلس على المقعد المجاور للفراش يضم ذراعيه و هو يطالعهما بسخريةٍ ثم قال بتهكمٍ:
"يا سـلام ؟! هو دا اللي هنسهر سوا ؟! دا أنا اتنسيت خالص، بس هقول إيه ؟! جوز جزم"
أشارت "خلود" بقربها و هي تقول بضحكةٍ مكتومة:
"تعالى يا عموري اقعد جنبنا"
أرخى ذراعيه ثم اقترب منها يجلس معهما على الفراش و هو يبتسم ثم قال بنبرةٍ هادئة:
"بتتفرجوا على إيه ؟! كارتون؟"
ردت عليه "جاسمين" تُصحح كلمته:
"اسمه أنمي مش كارتون"
حرك رأسه موافقًا بقلة حيلة ثم تابعهما بنظره حتى اندمج في المشاهدة هو الأخر و قام بعدل جلسته بجوار "خلود" حتى باتت بقربه تلتصق به و "جاسمين" على قدمها تأكل الشيبسي باندماجٍ حتى قال "عمار" بسخريةٍ:
"و هي جاسمين فاهمة حاجة بقى ؟! دول بيتكلموا لغة عربية فُصحىٰ"
حركت رأسها موافقةً فيما قالت "خلود" بنبرةٍ ضاحكة:
"دي قردة، هو فيه حاجة دي متعرفهاش أصلًا ؟!!"
حرك رأسه موافقًا وهو يبتسم لها بينما قفزت "جاسمين" من موضعها و هي تقول بحماسٍ:
"تعالوا نلعب سوا !! إيه رأيكم؟"
نظرت لها "خلود" بتعجبٍ بينما "عمار" عقد ما بين حاجبيه لتقول هي بسرعةٍ كبرى:
"بصوا، هنلعب هنا، كل واحد فيكم يشيلني و يدوخني هنا، و اكتر واحد فيكم هيعمل كدا، هيكسب"
سألتها "خلود" بتهكمٍ:
"هيكسب إيه إن شاء الله ؟! الصلاة على النبي ؟!"
رد "عمار" بثباتٍ:
"عليه افضل الصلاة والسلام، صلوا على النبي كدا و اتهدوا علشان أنا كان زماني نايم أصلًا"
اقتربت منه "جاسمين" تقول بحماسٍ:
"علشان خاطري شيلني و دوخني زي خالو وليد و بابا و خالو أحمد، يلا يا عمار بقى"
كانت تتوسله بحديثها حتى وقف هو يحملها على ذراعيه ثم سألها بنبرةٍ ضاحكة:
"طيب نفترض أني دوختك و أني كسبت، هكسب إيه بقى؟"
ردت عليه بلهفةٍ:
"هحضنك، اللي يكسب هحضنه"
انتفضت "خلود" تقول بضجرٍ:
"بت !! دا جوزي أنا بس و أنا اللي هحضنه، روحي احضني أبوك ولا أي راجل من اللي برة دول"
زفرت بقوةٍ بينما شرع "عمار" في الدوران بها و هو يضحك و ضحكت معه هي الأخرى بينما "خلود" خطفتها من يده ثم دارت بها هي الأخرى و "جاسمين" تضحك بسعادةٍ و انتصار بعدما وقع كليهما في فخها ليفعلان ما تُريد.
_________________________
في الغرفة المجاورة لتلك الغرفة كانت "خديجة" تجلس بجوار "ياسين" و هي تحاول ترتيب الحروف حتى تفاتحه فيما تُريد، بينما هو سألها بثباتٍ:
"ياستي انطقي !! عاوزة الميكروباص ليه ؟! و خير ؟!"
ردت عليه بتلعثمٍ:
"علشان....علشان يعني بصراحة، هاخد العيال كلهم معانا يوم الاربع زي ما وعدتهم"
رفع كفه يَحك فروة رأسه و هو يسألها ببلاهةٍ غلفها الاستنكار:
"نعم !! هتاخدي مين معاكي ؟!"
ردت عليه بلهفةٍ:
"العيال يا ياسين كلهم، ركز معايا"
_"عيال مين بقى لامؤاخذة ؟"
سألها بسخريةٍ فأجابت هي بتلقائيةٍ و هو يردد خلفها:
_"نغم و يزن و جاسمين"
"الله يحرسهم"
_"زياد ومازن وفارس ولاد اخواتي"
"الله يحفظهم"
_"علي و فاطيما ولاد هدير"
"الله يسترهم"
_"يونس و يسر ولاد خالد"
"الله يُجبرهم"
_"عُمر و زين و زينة"
"الله يطعمهم"
_"رؤىٰ و روزي ولاد طارق"
"الله يخليهم"
"و أنا و أنتَ"
قالتها بمرحٍ جعله يرمقها بغيظٍ ثم قال بتهكمٍ:
"هو أنا لو شديت في شعري منك هيحصل حاجة ؟! أكيد مش هيحصل حاجة، يا ست الكل أنا عندي شغل فوق راسي يوم الأربع، هسيبك مع العيال دي كلها إزاي لوحدك ؟!"
حركت كتفيها بحيرةٍ فيما زفر هو بقوةٍ ثم قال:
"طب بلاش !! روحي أنتِ ومش لازم تاخدي العيال معاكِ، خليهم مرة تانية يكون حد معاكي اليوم دا"
ردت عليه بلهفةٍ:
"مش هينفع اليوم دا مش هيتكرر تاني يا ياسين غير بعد فترة كبيرة إن شاء الله، لازم يكونوا معايا علشان أنا وعدتهم و علشان محتاجة ليهم ضروري اليوم دا"
سألها باهتمام جليِّ:
"ليه يعني ؟! خير"
أجابته تفسر ما تريده:
"علشان مفيش أولاد اليوم دا في الدار و للأسف مش هينفع يكونوا موجودين، في نفس الوقت عاوزين أطفال تكون موجودة علشان دا بيكون أفضل للمسنين، و كمان بيحسن نفسيتهم، و أنا وعدتهم كلهم أني هاخدهم، ها !!"
زفر هو بقوةٍ ثم قال بقلة حيلة:
"أمري لله، بس لوحدك مش هينفع يا خديجة، ثم استني كدا.....مين يا كتكوتة اللي هيجيب العيال دي من بيوتها !!"
ردت عليه بحماس:
"الميكروباص يستنانا عند شقتنا و اتفق معاهم كلهم يتجمعوا عندنا، و كدا تبقى الدنيا سهلة، قولت إيه طيب ؟!"
حرك رأسه موافقًا بتفهمٍ فسألته هي بحذرٍ:
"ها خلاص كدا ؟! مش هنفضل نتناقش يعني ؟!"
نظر لها بطرف عينه ثم قال ساخرًا:
"أحلى حاجة إنك عارفة إنك مورطاني و رغم كدا أنتِ برضه مصدرالي الهبل"
اقتربت منه تضع رأسها على صدره و تضع كفيها معًا على كتفيه و هي تقول بنبرةٍ هادئة:
"عادي مش مشكلة، كدا كدا أنتَ معايا و احنا متفقين إننا طالما مع بعض نعمل كل حاجة، فبراحتي كدا كدا مش هتعترض يعني"
ابتسم هو بيأسٍ ثم رفع كفه يربت على رأسها و ظهرها و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"أنتِ صح، و علشان كدا أنا ساكت و لامم نفسي اهوه، علشان ياسين التاني لو ظهر هيزعلك، ربنا يجعل كلامنا خفيف عليه بقى"
ضحكت رغمًا عنها و هي تشدد من مسكها له ثم قالت بصوتٍ مختنقٍ من شدة فرحتها و الحماس معًا:
"ربنا يخليك ليا و تفضل معايا علطول يا رب، أنا بحبك اوي"
_"اوي اوي يعني ؟!"
سألها هو بمزاحٍ جعلها تحرك رأسها موافقةً عدة مرات فقال هو بنبرةٍ ضاحكة:
"طب يا ستي ربنا يجبر بخاطرك"
ابتعدت عنه تقول بحنقٍ:
"إيه دا ؟! حصلك إيه فين الكلام الحلو ؟! هو أنا بشحت منك"
ضحك هو عليها ثم قربها منه من جديد يربت على خصلاتها و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"لأ مبتشحتيش يا ستي، و أنا كمان بحبك أوي و بحب طيبتك و حنيتك و عيونك و بحب خديجة كلها على بعضها كدا"
صفقت بكفيها معًا فقال هو بقلة حيلة:
"أهو خديجة الصغيرة طلعت أهيه، نفس حركة الدُمية الصغيرة بنتك"
وكزته في كتفه و هي تقول بحنقٍ:
"ملكش دعوة بيها، دي زي القمر، هي بس علطول متسربعة و شقية و مطلعة عيني بس برضه على قلبي زي العسل"
تنهدت هي بعمقٍ بعد حديثها ثم سألته بقلقٍ:
"اللي نفسي تكون زيها...نغم، نغم ساكتة علطول و هادية و مش بتتكلم مع حد خالص، بشوف فيها خديجة صغيرة مش عاوزة اشوفها و هي كبيرة، مع انها عكسي تمامًا في الظروف"
حرك رأسه موافقًا ثم قال يُطمئنها:
"مش عاوزك تقلقي، دا طبيعي لأن هي خجولة اوي و بتتكسف لأن دا طبعها، بس هي لما بتكون وسط الباقي بتفرح و بتضحك عادي"
حركت رأسها موافقةً وفي تلك اللحظة طُرق باب الغرفة، فقامت "خديجة" بفتحه لتطل منه "نغم" و هي تقول بنبرةٍ هادئة:
"عاوزة أقعد معاكِ علشان مش هعرف أقعد مع خلود و عمار، ينفع ؟!"
حملتها بين ذراعيها ثم توجهت بها على الفراش و هي تقول بحماسٍ و تمسد على خصلات شعرها:
"بس كدا، تقعدي معايا علطول و في حضني كمان، أنا عيوني ليكِ"
ابتسمت "نـغـم" لها ثم احتضنتها بينما "ياسين" قال بقلة حيلة:
"طب أنا هروح أشوف يزن علشان ننام بقى كفاية سهر لحد كدا، تصبحوا على خير يا كتاكيت"
_"وحضرتك من أهله يا بابا"
قالتها "نغم" بلهفةٍ جعلته يقترب منها يمسك وجهها بين كفيه و هو يقول بنبرةٍ حنونة:
"عيون بابا، نغم حياة ياسين، تصبحي على خير و نامي في حضن ماما بقى"
تحرك من الغرفة بعدما قبلها على جبينها بينما "خديجة" قامت بفرد الغطاء عليهما و هي تقول بحماسٍ:
"حبيبة ماما بقى تقعد معايا و تتكلم معايا أحسن، مالك ساكتة ليه ؟!"
حركت كتفيها بحيرةٍ ثم قالت:
"عادي أو مش عارفة...بصي خلاص مش مهم أحسن"
عقدت "خديجة" ما بين حاجبيها و هي تسألها بتعجبٍ:
"ليه ؟! قولي إيه مزعلك و مين مضايقك، مش اتفقنا نكون صحاب ؟!"
حركت رأسها موافقةً ثم قالت:
"أيوا بس أنا بسكت عادي مش علشان حاجة، بصراحة بكون عاوزة أعمل زي جاسمين كدا و يزن كمان بس بخاف تزعلي، أنتي مش هتزعلي صح !!"
_"ازعل !! ازعل ليه ؟!"
_"مش عارفة بس أنا مش بحبك تزعلي مني أو حد خالص يزعل"
ابتسمت لها "خديجة" ثم قربتها منها و هي تقول بنبرةٍ هادئة:
"مفيش أم بتزعل من ولادها يا نغم، الأم قلبها كبير أوي و طيب، و بعدين لما تهزري معايا و نلعب و نضحك أنا كدا هفرح مش هزعل"
ابتسمت "نغم" ثم قالت:
"أنا أصلًا بكون عاوزاكي تشيليني زيها و عاوزة أعمل زيها بس علشانك أنتِ مش بعمل حاجة"
أمسكت "خديجة" كفها تقبله ثم قالت بنبرةٍ حنونة:
"اعملي كل اللي نفسك فيه و اوعي تتكسفي مني أو حتى تخافي يا نغم، أنا كلي علشانك و علشان أخواتك، و أنا عليا يا ستي هبدأ و أرخم عليكِ"
حركت رأسها موافقةً ثم احتضنت "خديجة" و هي تقول بنبرةٍ ضاحكة:
"دا كدا بقى الدار أمان"
ضحكت "خديجة" بصوتٍ عالٍ ثم شددت على عناق الصغيرة و هي تقول بمرحٍ:
"و احلى أمان في الدنيا كلها"
_________________________
في شقة "خالد" قام "يونس" بالبحث عن اسم تلك اللعبة و هو ينظر بهدوء للهاتف في يده و سرعان ما اتسعت عينيه بفزعٍ بعدما رآى أضرارها تباعًا و شكاوىٰ الناس من المصائب التي لحقت بهم نتيجة انخراطهم خلف تلك التفاهات دون أن يفكر أيًا منهم في عواقب ما يقدمون عليه.
وضع كفه على فمه بهلعٍ حينما وجد الاضرار التي لاحقت غيره مِن مَن هم في عمره، سحب هاتفه و خرج من غرفته و هو يفكر بقلقٍ كيف سمح لنفسه أن يفعل ذلك ؟! كيف فكر أن يلعب تلك اللُعبة ؟!
جلس بجوار والدته ثم قال بعدما استجمع شجاعته:
"بابا !! أنا كنت هحمل اللعبة بس خوفت بصراحة و جيت أقولك أني شوفتها"
انتبه له كليهما فاقترب هو والده يقول بقلة حيلة:
" بص أنا ماكنتش هشوفها والله بس فضولي حركني مش أكتر، بس لقيت فيها حاجات مش فاهمها"
سأله "خالد" بنبرةٍ جامدة:
"لعبة إيه دي ؟! أنا مش فاهم حاجة يا يونس !!"
قام "يونس" بقص و سرد ما حدث مع والدته و مع زميل دراسته و بحثه عن تلك اللعبة الغريبة و حينما أنهى السرد قال بنبرةٍ هادئة:
"أنا لما فتحت لقيت عيال كتير فيها مكملين غصب علشان هما مهكرين التليفونات بتاعتهم و بيفضلوا يسحبوا الفلوس منهم، بس والله قبل ما أحملها دورت علشان أعرف هي عبارة عن إيه"
تحدثت "ريهام" باندفاعٍ:
"مش أنا قولتلك إنك مينفعش تلعبها يا يونس ؟!"
رفع "خالد" حاجبيه مستنكرًا فيما قال "يونس" بقلة حيلة:
"ماهو أنا ماكنتش هلعبها، بس هو فضول مش أكتر والله، و بعدين أنا جيت قولتلكم أهو"
اقترب "خالد" منه يجلس بجواره ثم قال بنبرةٍ هادئة بعدما وضع ذراعه على كتفه:
"و أنا بحترمك و بحترم صراحتك يا يونس، و أنتَ مش غلطان في أي حاجة، دا فضول طبيعي لسنك أنه يحصل و أنك تدخل تشوف الحاجة لمجرد الفضول، اللي مش طبيعي هو أنك تسلم دماغك للحاجة دي، يعني أني اكمل للعند، أهلك لما بيقولولك على حاجة لأ دا علشانك أنتَ مش علشانهم هما، صح ولا لأ ؟!"
حرك رأسه موافقًا و عينيه ثابتتين على وجه والده فقال "خالد" مُكملًا حديثه:
"بص يا يونس، أنا صحيح مش علطول معاك و مش علطول شايفك بس ربنا معاك و شايفك علطول، حتى اللي جوة قلبك برضه ربنا اللي عالم بيه، قبل ما تفكر تعمل الحاجة علشان خوفك مني، فكر في خوفك من ربنا".
"و لا تجعل الله أهون الناظرين إليك.....افتكر إن ربنا شايفك و إن خوفك من ربنا أهم من خوفك من العباد كلهم، أنا ممكن اتعصب عليك شوية و ازعل منك وخلاص موضوع و هينتهي، لكن فيه مكان تاني كل حاجة فيه محفوظة، اللي بيخليني أقولك كدا هو أنك هتفرح بنفسك إنك جيت قولتلي على كل دا، و في نفس الوقت هتحس إنك بتريح ضميرك و ممكن الشيطان يلعب في راسك....صح ؟!"
حرك رأسه موافقًا و هو يحاول كتم ضحكته فابتسم "خالد" بظفرٍ ثم قال:
"شوفت بقى حلاوة إن أبوك يكون صايع ؟! عارف أنا إيه اللي هيحصلك بعد كدا، بس اللعبة دي خلاص أي علاقة ليك بيها امسحها و لو احتاجت حاجة أنا معاك في كل وقت"
اقترب منه "يونس" يقبل رأسه ثم احتضنه و هو يقول بمرحٍ:
"روح ربنا يخليك ليا و يجبر بخاطرك و أشوفك مدير الشركة"
ضحك "خالد" على حديثه ثم احتضنه بذراعيه و حرك كفه في خصلات الصغير الذي انسحب نحو الداخل، بينما "خالد" أقترب من زوجته يقول بثباتٍ:
"ربنا ميز البشر كلهم بنعمة العقل يا ريهام، إلا أنتِ !! عندك طاسة فول باين"
قالها بسخريةٍ جعلها تضحك رغمًا عنها و هي تقول بغلبٍ و قلة حيلة:
"يا عم خلاص بقى !! أنا كنت بحذره بس و بعدين يعني افرض ماكنتش حذرته مش كان ممكن يروح ينزلها علطول من غير ما يفهم ؟!"
عض شفته السفلى بغيظٍ ثم قال بيأسٍ:
"اقسم بالله طاسة فول بجد"
دلف هو للداخل بعدما حمل ابنته النائمة على الأريكة فيما قالت "ريهام" بصوتٍ عالٍ:
"هات بوسة طيب و متزعلش"
وصلها صوت غلق الباب فقالت بلامبالاةٍ مرحة:
"خليك قطعت برزقك والله"
_________________________
في شقة "طه" كان "ياسين" في غرفة "أحمد" بعدما ترك لهم الأخر الغرفة، و بجواره "يزن" الذي كان يشاهد التلفاز في الغرفة، خرج "ياسين" من مرحاض الغرفة و في يده المنشفة، ثم اقترب من صغيره يتحسس جبينه ثم قال بقلة حيلة:
"شكلك هتسخن !! طب إيه نلجأ للحقن و لا نعمل إيه طيب ؟!"
رد عليه "يزن" بضجرٍ:
"لأ مش عاوز حقن، خلاص أنا هشرب العلاج و خلاص"
اقترب "ياسين" منه بزجاجة الدواء ثم جلس على الفراش و سحبه نحوه يجلسه على فخذه و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"اشربه قبل ما التعب يزيد عليك علشان الحضانة اللي وراك يوم الحد دي و علشان تفوق كدا، ولا إيه يا سعادة الظابط"
ابتسم "يزن" باتساعٍ و هو يحرك رأسه موافقًا لوالده الذي فتح الدواء ثم مد يده به حتى ارتشف "يزن" منه و هو يشعر بالاستياء من ذلك المذاق المُر بينما "ياسين" اغلق الدواء ثم احتضنه و هو يقول:
"بالشفا إن شاء الله"
احضتنه "يزن" و هو يسأله بنبرةٍ طفولية يغلبها النعاس:
"بابا هو أنا شبهك بجد ؟! ولا تيتة قالت كدا و خلاص ؟"
أخفض "ياسين" بصره للأسفل ثم قال بنبرةٍ هادئة:
"أنا حلو كدا ؟! لأ أنتَ أحلى"
_"بس ماما قالتلي إنها عاوزاني شبهك أنتَ، يعني مش أحلى"
ابتسم "ياسين" ثم مسح على خصلات رأسه و هو يقول:
"أنتَ حبيبي و يشرفني إنك تكون شبهي كمان، بس أنتَ عاوز تكون إيه ؟! عاوز تكون زي مين ؟!"
ابتعد عنه "يزن" يطالعه بعينيه ثم قال متلهفًا بتلقائيةٍ:
"زيك.....أنا عاوز أكون زيك أوي"
_"زيي !! زيي ازاي يعني؟"
سأله "ياسين" بتعجبٍ حتى قال "يزن" مفسرًا:
"يعني علشان انتَ طيب و مش بتزعقلي و كمان بتحبني أوي و تيتة و جدو بيحبوك هما كمان، و علشان مش بتخليني ازعل، و أنا لما أكبر مش هخليك تزعل برضه و هجيب كل حاجة عاوزها ليك، مش أنتَ بتعمل كدا"
حرك رأسه موافقًا ثم قال بنبرةٍ هادئة:
"بص يمكن أنتَ متفهمش كلامي بس أنا بحبك علشان أنتَ صاحبي، أنا ممكن أكون من الأول حلو و طيب، بس لما لقيت ماما و بقت معايا علطول أنا بقيت أحلىٰ، و بقيت بحاول أكون أجمل، و لما جيت أنتَ و اخواتك حياتي أنا بقيت اجمل و أجمل، علشان ييجي يوم و ابني يقولي أنه مش هيزعلني لما أكبر، أنا كدا بقيت شاطر و ابني كمان شاطر و أنا بحبه أوي"
نطق "يزن" بحماسٍ:
"أنا اللي بحبك اوي يا بابا"
فرد "ياسين" جسده على الفراش و هو يبتسم له و الأخر بين ذراعيه حتى قال "ياسين" بنبرةٍ ناعسة:
"و أنا كمان بحبك اوي ننام دلوقتي بس و بكرة نصحى نحب في بعض للصبح"
في الغرفة الأخرى غاصت "خلود" في ثباتٍ عميق فيما ظلت "جاسمين" مستيقظة تتابع الحاسوب بجوار "عمار" الذي جلس بجوارها حتى سألها بضجرٍ:
"أنتِ مش ناوية تنامي بقى ؟!"
حركت رأسها نفيًا ثم أشارت بالسلب بسبابتها، فابتسم "عمار" رغمًا عنه ثم نظر لتلك التي تنام بجواره و هي تتشبث بذراعه و حينما حاول سحبه وجدها تضغط عليه أكثر تزيد من تمسكها به، حينها تركها ثم رفع الغطاء يضعه عليها ثم اقترب منها يقبل جبينها و هو يربت على منابت رأسها.
التفتت له "جاسمين" تقول بنبرةٍ خافتة:
"هي نامت خلاص ؟! طب أنام فين أنا بقى ؟!"
سألته بحنقٍ و هي تهمس له بكلماتها فرد عليها هو بقلة حيلة:
"يعني اطردها برة علشان ترتاحي يا ست ؟! نامي هنا و خلاص بقى !!"
_"يعني أكون هنا و المكان مش هيكفيني !! يرضيك ؟!"
_"آه يرضيني عارفة ليه ؟! علشان أنتِ اللي صممتي تنامي هنا"
رد عليها هو بذلك و لازال يتحدث بنبرةٍ هامسة حتى اقتربت هي من "خلود" و هي تقول بخبثٍ:
"هصحيها والله !! اتصرف"
مسح وجهه بكفيه معًا ثم تحرك من على الفراش ثم سحب "جاسمين" يُلقيها بجوار "خلود" ثم دثرها هي الأخرى بينما هي سألته ببراءةٍ:
"طب أنتَ هتنام فين ؟!"
رد عليها بسخريةٍ:
"هنام على الكنبة ياختي"
حركت رأسها موافقةً بلامبالاةٍ ثم اقتربت من "خلود" و هي تقول:
"خلود....احضنيني يلا"
تململت "خلود" في نومها خصوصًا تلك الصغيرة تندس بين ذراعيها حتى طوقتها الأخرى في نومها، بينما "عمار" ابتسم بسخريةٍ ثم ارتمى على الأريكة و معه الغطاء و هو يقول:
"كنزاية بصحيح بس نينجا"
_________________________
في شقة "حسن المهدي"
وبعد عودتهم من شقة "ميمي" استلقى "حسن" على الفراش و بين ذراعيه "هدير"، كان كليهما مستغرقًا في نومه حتى وصله طرقات خافتة على باب غرفته فترك الفراش ثم فتح الباب بملامح ناعسة و هو يتثاءب، فوجد "فاطيما" تقف على أعتاب الغرفة.
نزل بجسده و هو يسألها بضجرٍ:
"نعم !! عاوزة إيه دلوقتي ؟! منمتيش ليه يا فاطيما ؟!"
ردت عليه بقلة حيلة:
"والله مش عارفة أنام، و خايفة علشان محدش صاحي ينفع تنيمني ؟!"
فرك وجهه بكفه ثم حرك رأسه موافقًا فقفزت هي عليه و هي تقول بحماسٍ:
"هييه شيلني بقى يا حسن"
حملها بين ذراعيه ثم دلف بها الغرفة حتى جلس على الفراش و هي بين ذراعيه و قبل أن يغمض عيناه قالت بلهفةٍ:
"مش عاوزة أنام دلوقتي !! أنتَ هتنام و تسيبني طيب ؟!"
رد عليها بقلة حيلة:
"هعمل ايه يعني طيب ؟؟"
_"قوم بس كدا معايا"
سحبته من كفه و انصاع هو خلف أوامرها حتى وجد نفسه أمام طاولة التزيين "التسريحة" فسألها بتهكمٍ:
"نعم احنا جايين هنا ليه؟!"
ردت عليه بلهفةٍ:
"اقعد بس و استناني"
جلس على المقعد الصغير بينما ذهبت هي نحو مفتاح الإضاءة تقوم بتشغيله ثم عادت له من جديد و هي تقول:
"هتحطلي مونيكير و روج و تسرحلي شعري"
رفع طرف أنفه بتشنج فاقتربت منه تضع أمامه الأشياء حتى زفر هو بقلة حيلة ثم أمسك كفها يضع عليه طلاء الأظافر بعنايةٍ لصغر أناملها، بينما جلست على الطاولة هي تهز قدماها و هي تراقبه بشغفٍ.
بينما هو اندمج فيما يفعله و هو يمسك كفها الصغير بين كفه الكبير، ثم أمسك الكف الأخر يفعل به مثل الأخر، انهى طلاء الاظافر ثم وقف أمامها يضع لها أحمر الشفاه و هي تبتسم باتساعٍ ثم اوقفها و قف خلفها يقوم بتمشيط خصلاتها ثم قام بفردها على كتفيها و هو يتنهد بعمقٍ.
دارت له "فاطيما" و هي تقول بحماسٍ:
"حلو أوي يا حسن، أوي أوي، هات بوسة و احضني يا حسن"
حملها "حسن" بين ذراعيه يدور بها و هو يضحك بصوتٍ عالٍ و هي الأخرى حتى استيقظت "هدير" نتيجةً لصوتهما سويًا، و حينما رآتهما في ذلك الوضع اقتربت منهما تقول بتعجبٍ:
"إيه دا !! انتم بتعملوا إيه دلوقتي ؟! نهاركم أبيض ؟!"
نظرت لها "فاطيما" بثباتٍ و ما أن ابصرتها "هدير" حتى شهقت بفزعٍ و هي تقول:
"يلهوي !! أنتي اللي حطاه في وشك دا ؟! شوف بنتك يا أستاذ حسن"
_"أشوف إيه يا هدير ؟! أنا اللي حطه ليها أساسًا"
رد عليها بذلك بنبرةٍ ضاحكة جعلتها تشهق بقوةٍ ثم قالت باستنكارٍ:
"يا أخي ياريتك خونتني أهون من إنك تعمل كدا، برة يا بت يلا روحي نامي"
ردت عليها بمعاندةٍ:
"لأ مش هنام، أنا هفضل هنا و هنام في حضن بابا"
سألته "هدير" بتهكمٍ:
"رأيك إيه يا أستاذ حسن في الكلام دا ؟!"
ضغط على ابنته بين ذراعيه و قال بنبرةٍ ضاحكة:
"رايي إنك تلحقينا على برة يا هدير، حصلينا يلا"
ركض بالصغيرة نحو الخارج و "هدير" تركض خلفهما و هي تتوعد لهما سويًا و خصيصًا ابنتها التي شاركتها في زوجها.
_________________________
في شقة "وليد" كان جالسًا أمام الحاسوب الخاص به و بجواره مجموعة أوراق صغيرة و هو يقوم باختيار التصميمات و محاولة تنفيذها حتى ينفذ لـ "خديجة" ما أرادته.
اقترب منه "مازن" يجلس بجواره و هو يسأله بتعجبٍ:
"بتعمل إيه يا بابا !!"
رد عليه بثباتٍ:
"بعمل حاجات علشان خديجة عاوزاها قبل يوم الاربع يا مازن، و مزنوق فيهم زنقة الكلاب ليلة الامتحان"
ابتسم له "مازن" ثم أمسك الورقة و القلم و هو يحاول رسم ما يقوم والده بتنفيذه على الحاسوب، و على قدر محاولته و سنه الصغير إلا أنه برع في رسم ما حاول والده أن يقوم به، ثم وضع الصورة أمامه و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"بابا....شوف كدا ؟!"
نظر له "وليد" بلامبالاةٍ و سرعان ما تحولت إلى الدهشة و هو يفتح عيناه و يغلقها عدة مرات ليتأكد مما قام ابنه به، بينما "مازن" قال بثباتٍ:
"حاولت اعمل شبه اللي أنتَ بترسمه هنا، هي عاوزة تظبيط شوية، إيه رأيك ؟!"
رد عليه "وليد" بلهفةٍ:
"دي عظمة، مش محتاجة رأيي يعني، يا بن القرود ؟! صحيح أنا عملتها قبلك، بس أنتَ عملتها أجمد"
ضحك "مازن" بسعادةٍ بينما "وليد" طرأت بباله فكرةٌ أفضل مما يقوم هو به لذا سأله بلهفةٍ:
"بقولك إيه ؟ لو أنا جيبت ورق و اقلام تساعدني ننفذ الحاجة بايدك هنا ؟! و نعملها كلها بايدينا ؟!"
رد عليه "مازن" يستفسر منه:
"الحاجة دي لمين ؟!"
_"لخديجة، محتاجاهم ضروري و أنا بحاول علشان مزعلهاش"
"طالما لخديجة يبقى معاك طبعًا، دا أنا اتعلم مخصوص علشانها"
ابتسم "وليد" له بعد حديثه ذلك ثم سأله بنبرةٍ هادئة:
"بتحب خديجة يا مازن ؟!"
حرك رأسه موافقًا ثم قال بنبرةٍ ضاحكة:
"على رأي عمو ياسين، مين ميحبش خديجة ؟! كلنا بنحبها أوي و زياد كمان أكتر واحد بيحبها و لما بنروح هناك هو مش بيسيبها خالص، بيفضل معاها و بيعمل معاها كل حاجة، و أنا كمان، بس زياد بيحبها أكتر...علمتنا حاجات كتير اوي"
سأله "وليد" باهتمامٍ:
"حاجات إيه دي ؟!"
_"قالتلنا اننا المفروض منخليش حد يزعل مننا لما نتكلم و قالت اننا المفروض نعمل كل حاجة علشان نحب نفسنا، و قالت إن لما حد فينا يحاول يساعد الناس من غير ما حد يقوله هو كدا بيكون شخص حلو و ربنا هيبعتله اللي يساعده، و قالت كمان إن إحنا لو فضلنا نركز مع الناس و نشغل بالنا بيهم هنضيع عمرنا من غير ما نحس بيه"
ابتسم له "وليد" بحنانه المعتاد فسأله "مازن" بثباتٍ:
"أنتَ بقى بتحبها ليه ؟!"
رد عليه مفسرًا بحب:
"علشان أنا ماكنتش اعرف حد غيرها، خديجة كانت أختي و كمان صاحبتي، كبرت معاها و عيشت طفولتي معاها كمان، كانت علطول معايا أو بالأحق علطول كنا سوا، الوحيدة اللي كان ممكن أقولها أني خايف و أني متضايق و أني زعلان و في نفس الوقت هي الوحيدة اللي كان ممكن أعمل أي حاجة علشانها، علشان كدا خليت نغم أختكم، علشان عارف يعني إيه هتكونوا محتاجين أخت ليكم و خصوصًا لو هي زي خديجة"
ضحك "مازن" له و في تلك اللحظة صدح صوت الهاتف الخاص بوالده فأخرج "وليد" الهاتف يجاوب على المتصل الذي لم يكن سوىٰ "عامر".
رد عليه "وليد" بحنقٍ و هو يقول:
"خير يا رب على المسا !! نعم يا أستاذ عامر خير ؟!"
رد عليه بضجرٍ:
"هو حد يعرفكم يا عيلة غَم و يشوف خير ؟! ميكروباص إيه اللي عاوزينه و اكلمك علشان أعرف التفاصيل ؟! احترموني شوية بقى أنا مدير محترم !!"
رد عليه "وليد" بسخريةٍ:
"مدير محترم ؟! آه ما أنا عارف"
تحدث "عامر" بخبثٍ بعد حديثه و هو يقول:
"طب سيبك بقى من الحوارات دي كلها علشان عاوزك في حوار تاني مهم و أهم كمان"
انتبه له "وليد" منصتًا وكله آذان صاغية بينما الأخر يقص عليه ما يريد و بالطبع لم تكن سوى كارثة أوشك على التسبب بها كليهما سويًا و ما علينا سوى الانتظار.