رواية صراع الذئاب الجزء الثاني (عهد الذئاب) الفصل السابع بقلم ولاء رفعت
_ تنظر من نافذة السيارة التي أستقلتها للتو حيث كانت ف عيادة الطبيب الذي يتابع لديه زوجها ... كان يعارض ف البداية ورفض البوح عن حالته لها معللا إن هذه أسرار مريضه ...فأخبرته إنها تعلم مالديه لكنها تريد أن تعرف درجة تقدم الحالة وهل بالعلاج والمتابعه يمكنه الإنجاب بعد ذلك ؟؟...طمأنها الطبيب إنه بالمواظبة والصبر والحاله النفسية الجيده سيشفي تماما بأمر الله ...
تنهدت وهي تقول بداخل نفسها : لازم أعرف منك ليه مخبي عليا كل ده
_ وصلنا يامدام ... قالها السائق
لتنظر من النافذه تجد إنها أمام شركة البحيري للصلب .. أعطت للسائق أجرته وترجلت من السيارة ... ثم دخلت إلي الشركة
_وبالأعلي كان يجلس ف غرفة مكتبه ينظر من الحائط الزجاجي المطل ع نهر النيل يدخن بشراهه ولم يشعر بخطواتها الهادئة وهي تقترب منه تنظر نحو ماينظر إليه وهو مركب شراعيه بها رجل وأمرأه تبدو زوجته تحرك المجاديف بينما الراجل يرمي شبكة لصيد الأسماك وبرفقتهم طفل صغير يمسك ف يده شطيرة من الخبز المدعم يطعم والدته ف فمها ويبتسم لها ...
_ شكلهم حلو أوي ربنا يسعدهم ديما ويرزقهم بصيد وفير ... قالتها خديجة
أجاب عليها بدون أن يلتفت إليها :
ع رغم بساطة حياتهم ضحكتهم طالعه من القلب
خديجة : ويمكن عشان مابينهم ثقة وحب حقيقي محدش فيهم بيخبي عن التاني
أدرك إنها ترمي إليه مقصد كلماتها ... دفس ماتبقي من سيجارته ف المنفضة الرخامية وألتفت إليها بنظره حاده :
تقصدي أي ؟؟
فتحت حقيبتها وأخرجت منها ورقة مطويه قامت بفردها أمامه وما أن رأي الورقه ليحتقن وجهه بالدماء من الغضب وجذبها منها بعنف ومزقها لفتات وألقاها ف الأرض ... أمسكها من رسغها وصاح بها :
أنتي جبتي الروشته دي منين ؟؟
إبتسمت بسخريه وبدأت الدموع تتجمع ف عينيها قائلة بهدوء :
كنت مخبي عليا ليه يا آدم ... خايف أول ما أعرف إن عندك مشكلة أسيبك !!! للدرجدي مش واثق فيا ... مش واثق ف حبي ليك
تراخت قبضته ليترك رسغها وكأن كلماتها كدلو مياه مثلجة أنسكبت فوق رأسه ...ولاها ظهره هربا من نظرات اللوم والعتاب ...
أكملت بنفس الهدوء :
طبعا مش قادر ترد عليا عشان عارف إن أنا عندي حق ف كل كلمه ... إنسدلت عبراتها ... بس تعرف فعلا أنت أثبتلي إن الحب أفعال وللآسف أفعالك بتقولي إنك مش بتحبيني بدليل عدم ثقتك فيا
ألتفت إليها وقال :
أنتي فاهمه غلط وفسرتي كل حاجه ع مزاجكك ... ومحطتيش نفسك مكاني
خديجة :
طيب قولي ليه خبيت عليا ؟؟
صاح بنبرة يائسه :
عشان الموت أهون عليا من نظرة شفقة من أي حد يعرف إني مبخلفش ... ومتأكد إنك مستعده تعيشي معايا وأنتي عارفه إن مش هقدر أحققلك الي نفسك فيه وتكوني أم ... أنا هابقي كده ظالمك ... عرفتي الصراع الي أنا فيه ؟؟
أقتربت منه ومسكت بيديه :
وليه متسبهاش ع ربنا وتخلي أملك فيه كبير وبعدين إحنا لسه أدامنا العمر معدتش علينا سنة لسه إحنا الي إستعجلنا ع حاجة ف علم الغيب
تنهد وقال :
يعني هتستحملي معايا حتي لو بعد سنين
خديجة : هاستحمل معاك العمر كله حتي لو ربنا كتبلنا إننا نفضل كده ... أنا راضيه بقضاءه ولعله خير
أطلق زفرة بأريحية وكأنها أزاحت حمل ثقيل من فوق صدره ...
أخذها بين زراعيه وضمها بعشق :
أنا بعشقك أوي ياخديجة ومقدرش أعيش من غيرك
قالت بنفس نبرته العاشقه :
وأنا لو فيه مشاعر أقوي من العشق فده الي حساه معاك يا آدم .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
_ أوبااااا شكلي جيت ف وقت غلط ... قالها يونس الذي جاء للتو
إبتعدت خديجة عن أحضان آدم بخجل .. قال آدم بحنق :
إنت مش علموك إن ف باب تخبط عليه ياض أنت
يونس : ياض ف عينك إسمي الفنان يونس
ضحك كلا من آدم وخديجة فقال آدم :
طبعا ليك حق بقالك يومين مختفي من ساعة ما إتصالحت إنت وست كارين
خديجة :
ربنا يسعدهم ديما مش كفاية كانو متخاصمين بقالهم شهور
يونس : قوليلو بالله عليكي ياديجا
قال بحنق مصتنع :
أنت يالا محدش يقولها ديجا غيري
خديجة : أنت عمرك ماقولتهالي
قهقه يونس وكاد يسقط من الضحك وقال : يالهوي ع الكسفه
رمقها آدم بنظره متوعده :
اصبري عليا لما نروح هاعرفك إزاي مبدلعكيش ... أنتي الي جبتيه لنفسك
نظرت لأسفل بخجل ولم تجيب عليه
يونس :
احم احم نحن هنا ... الله يسامحكم نستوني أنا جاي ف أي ... أفتكرت .. إن شاء الله عايزكو تشرفوني بكرة ف شقتنا كارين عازمكو ع الغدا وعشان عايزه تتعرف عليكو ... أنا كلمت ياسين ويوسف بس لسه بابا وعشان كده جتلك عشان تقنعه
خديجة بإبتسامه قالت :
سيب الموضوع ده عليا وبإذن الله كلنا هنجيلك
يونس:
ميرسي ياديجا ربنا يخليكي
خديجة :
الشكر لله أنت وكارين أخواتي
يونس : ع فكرة هي نفسها تتعرف عليكي من كتر ما كلمتها عنك
آدم :
وأنت بتتكلم عن مراتي ليه إن شاء الله!!
ضحك يونس وقال : كنت بقولها إن خديجة دي جبل عشان مستحملاك ومستحمله عصيبتك وأنت روحك ف مناخيرك ديما .
رفع آدم أكمامه وقال بمزاح :
ده أنا الي هاطلع روحك دلوقت
وركض نحوه ليركض يونس وهو يصيح بطريقة كوميديه :
تور هايج من عنبر 7
(مشهد كوميدي من فيلم بوحة )
عاد إلي مكتبه بعدما فشل باللحاق بشقيقه ...
_ أضحكي أضحكي كله هيطلع عليكي لما تتقفل علينا أوضتنا لما نروح ... قالها آدم وهو يتناول متعلقاته وسترته ... أبتسمت بخجل
أقترب منها ليثني ساعده لها لتتمسك به :
يلا يا ست ديجا عشان نروح
خديجة :
آدم بس بقي خلاص
آدم بنظره خبيثة وهو يولج إلي المصعد برفقتها:
أنا عايزك النهارده تنسي كلمة كسوف من زاكرتك لأن التور الهايج هتلاقيه مستنيكي بالليل ف الأوضة شوفي بقي هاتعرفي تهربي منه إزاي
لم تستطع كتم ضحكاتها وحين أنغلق المصعد عليهما أسكتها آدم عن الضحك بطريقته الخاصة .
********''''''''''*******''''''''************
_ تجلس منهمكة ف العمل ع ماكينة الخياطة ومازال أمامها الكثير من القطع لتنتهي من حياكتها ...
_ بت ياشوشو لسه مخلصتيش ؟؟... قالتها زميلتها وهي تمسك ذقنها بإبهامها وسبابتها كعلامة تعجب
زفرت شيماء بتعب وهي تجفف حبات العرق من فوق جبينها وقالت بوهن :
لسه أدامي حوالي ميت حتة منه لله حاطط عليا عشان مش موافقه ع طلبه
همست لها زميلتها وهي تتلفت يمينا ويسارا بخوف :
يخربيتك اسكتي ليسمعك وأنتي ف عرض الجنيه الي بيدهولك
إبتسمت بسخريه وقالت :
ياستي مبقتش تفرق ربك الي بيرزق
إبتسمت بتصنع قائلة :
طيب يا شوشو عايزه مني حاجه قبل ما أمشي ... يدوب ألحق أروح جوزي لسه متصل بيا بيقولي جايلنا أهله من البلد عشان أبوه تعبان وأنا ماصدقت خلصت شغلي
شيماء :
روحي أنتي ياحبيبتي عشان معطلكيش أنا لسه ورايا شغل كتير وشكلي هاروح متأخر
زميلتها :
طيب عايزه حاجه مني
شيماء : كتر خيرك تسلميلي
أشارت لها بيدها وقالت :
فوتك بعافيه ياختي ... مع السلامه
غادر كل من العاملين ولم يتبقي سواها وقد قاربت ع الإنتهاء ... ألقت نظرة ع شاشة هاتفها بتأفف لتجدها الحادية عشر مساء ... قامت بالإتصال بنعمات ...
شيماء : الو ياخالتي عامله أي وريتاج عامله أي دلوقت ؟
نعمات : أنا كنت لسه هاتصل عليكي وأقولك البت عماله تصرخ ومش راضيه تاكل .
داهمها الخوف واللهفه :
يا قلب ماما ... طيب بالله عليكي خديها ع دكتور محسن الي ع الناصية وأنا هحصلك ع هناك ... بسرعه ياخالتي
نعمات :
حاضر أنا هنزل بيها دلوقت حالا ... سلام
_ أغلقت المكالمة وقلبها يتقطع ألما ع رضيعتها وكادت تلتفت إلي الخلف لتجد من يقف أمامها مباشرة يقول لها بحزن مصتنع :
ألف سلامه ع الكتكوته ربنا يشفيها
رمقته بحنق قائلة :
أنت بتتسنط عليا !! ... أوعي من وشي
قالتها وهي تدفعه من أمامها وهي تتناول حقيبة يدها الجلدية ... جذبها من زراعها وصاح بغضب :
ع فين العزم يامدام شوشو ... مش هتتنقلي من هنا غير لما تشطبي باقي شغلك
جذبت زراعها بقوة من يده وصاحت ف وجهه :
هو البعيد أطرش ولا حاجه !! مش سامع بنفسك إن البت تعبانه ورايحلها دلوقت عند الدكتور
إبتسم ساخرا وقال:
وأنا مالي تعبانه ولا حتي بتموت ... خلصي شغلك الأول وأبقي أتكلي ع الله
_ بعد الشر عليها إن شاالله أنت والي زيك ... كتك داهيه تاخدك راجل واطي ... صاحت بها ثم بصقت ف وجهه مما آثار ثورة غضبه وعزم ع ما كان ينوي عليه منذ أيام ... ليفاجاءها وهو يجذبها بعنف من حجابها وهو يصيح كالوحش الضاري :
أنا هاعرفك مين الواطي يابنت ال....
أخذ يهوي ع وجهها بصفعات متتاليه وهي تقاومه وتصرخ وتحاول ركله :
سيبني يا حيوااااان ... الحقوووووني
عماد وهو مازال يعتدي عليه بالضرب والتحرش بها متعمدا :
أنا لازم أكسر عينك وأعرفك إنك لو كنتي وافقتي برضاكي ع جوازك مني كان أحسنلك ... بس أنتي صنف و..... ميستهلش غير الي بعملو فيكي دلوقت
صاحت بصوت هادر :
إبعد عنيييييي ياقذر يا و.....
_ عماااااااد ... كان هذا الصوت المنقذ لها من براثن هذا الذئب القذر الذي لايعرف معني للرجوله أو المروءه مثله كمثل ذكور كثيرون يستغلون حوائج الناس لمصالحهم الدنيئة وشهواتهم الحيوانية بلا رادع ولاخوف غافلين عن المنتقم الجبار الذي لايغفل ولاينام .
^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^
تقدمت نحوهم سيدة ف أوائل الثلاثين وعينيها كالجمر المشتعل من ما رأته للتو وخلفها يقف رجلين ضخام البنيه... ركضت نحوها شيماء تستنجد بها :
إلحقيني يا أسما هانم والله هو الي كان بيعتدي عليا و....
قاطعتها أسما وهي تربت ع كتفها وقالت :
أهدي وما تخافيش أنا عارفه كل حاجه
صاح عماد كاذبا :
متصدقهاش يا أسما أنتي فاهمه غلط دي عشان مرضتش إديلها فلوس عملت التمثليه دي وأنا كنت بدافع عن نفسي
_ أنت تخرس خااااااااالص ومسمعش صوتك ... فاكرني هبلة يا أستاذ ونايمه ع وداني !!! أنا عارفة كل الي بتهببو ف المشغل وكل علاقاتك القذرة مع الستات ... كنت بصبر نفسي وباجي عليها وأقول بكره يعقل ويحترم نفسه ألاقيك كل يوم بتزيد ف و...... وأخرة المتمه عايز تتجوز عليا عرفي ولما رفضتك قولت هاخدها غصب ... وده كله ليه عشان تثبت لنفسك وهم معيش نفسك بيه ... مش لما تبقي راجل معايا أنا يا مراتك الأول !! ... كتك الأرف مستحمله خاينتك وأرفك عشان خاطر بابا الله يرحمه لكن من النهارده هاعرفك إن الله حق وهخليك عبرة لكل كلب زيك ... نظرت إلي الحارسين مشيرة إليهم نحوه وف لحظة هجما عليه يسدددون له الركلات واللكمات وهو لم يستطع حتي الدفاع عن نفسه فكان كمن وقع بين جبلين قاما بسحقه حتي سمعو طقطقة وكسر بعض ضلوعه وعندما فقد الوعي قالت :
خدوه أرموه أدام أي مستشفي
وألتفت إلي شيماء التي قالت :
أرجوكي يا أسما هانم عايزة أمشي أروح لبنتي تعبانه أوي
أخرجت أسما من حقيبتها مبلغ من المال وقالت :
خدي دول ياشيماء ولو محتاجه أي حاجه كلميني ... أعطتها أيضا بطاقة بها رقمها الشخصي وأردفت :
وماتخافيش شغلك هنا زي ماهو والكلب ده مش هيعتب المشغل تاني ... من هنا ورايح أنا الي هادير المكان بنفسي
شيماء بفرحة وسعاده :
ربنا يخليكي يا أسما هانم ويزيدك يارب ويبعد عنك ولاد الحرام
أسما :
تسلمي ... روحي يلا لبنتك وأبقي كلميني طمنيني عليها
غادرت شيماء وهي تشكر ربها كثيرا بأن أخيرا أبتعد عنها ذلك الذئب المتربص بها ولم يعود مرة أخري ... لكن هناك ذئب هارب آخر ياتري ماذا يخطط وهل ستنجو منه !!
¤¤¤¤········¤¤¤¤¤¤········¤¤¤¤¤········¤¤¤¤¤¤¤
_ تركض نعمات وهي تحمل الصغيرة ع زراعيها تصرخ وتبكي ... كان طه عائد من عمله ليقابلها ...
طه :
مالها ريتاج يا خالتي ؟؟
نعمات بنبرة حزن :
ياكبدي عليها عمال تصرخ وتعيط كلمت أمها وهتحصلني عند الدكتور الي ع الناصية
طه وهو يحملها :
عنك يا خالتي ... أنا جاي معاكي
نعمات :
يابني مش عايزه أتعبك معايا ده الدكتور بعد خطوتين
طه وهو يربت ع الصغيره التي بدأت تهدأ عندما وضع رأسها ع صدره :
ولاتعب ولاحاجه وبعدين ريتاج بعتبرها زي بنتي
شعرت نعمات بسعادة من داخلها فهذا طمأنها وسيسهل عليها الأمر عندما تفاتحه ف موضوع عرض زواجه من شيماء لكن لاحقا ...
وصل كليهما إلي طبيب المختص بالأطفال حديثي الولاده ...
ومن حسن حظهم العياده شاغرة من الحالات ... دخلا إلي الطبيب بعد أن قامه بدفع ثمن الكشف ع رغم معارضة نعمات لكنه أقسم إنه سيتولي أمر الكشف والعلاج ..
قام بفحصها الطبيب فحص شامل وقال وهو يخلع من أذنيه السماعه الطبيه :
دي نازلة برد عمللها مغص ف معدتها طبعا مسببلها ألم جامد متقدرش تستحمله ... طبعا تعمليلها سوايل دافيه هتهدي مع العلاج الي هاكتبهولها ... وكمان هاكتبلها ع جل للثه مسكن لأنها بتسنن ... تمشي ع العلاج وإن شاء الله أشوفها بعد أسبوع ...
نزع الورقه وأعطاها لها ليأخذها طه ...
نعمات :
متشكرين يادكتور
الطبيب مبتسما :
ع أي ده واجبي وعملي وإن شاء الله هتكون كويسه ربنا يباركلكو فيها
طه : تسلم حضرتك .. سلام عليكم
خرج كليهما ف نفس التوقيت وصلت شيماء وهي تلهث وتلتقط أنفاسها بصعوبه من صعود الدرج لتجد زوجة إبيها وطه وهو يحمل إبنتها التي داهمها النوم ع صدره متشبثة ف قميصه وكأنها تخبره أن لايتركها
شيماء بللهفة وخوف :
ها طمنوني الدكتور قالكو أي ؟
طه : أطمني الحمدلله واخده برد ف معدتها وإن شاء الله هتخف منه بس واظبي ع العلاج والسوايل
مدت زراعيها لتحملها قائلة :
ياقلب أمك ... تعالي ف حضني
طه : سبيها دي لسه نايمه الله يكون ف عونها إنها إستحملت مغص البرد ده إحنا يا كبار لما بيجي لحد فينا بيبقي هيموت مابالك المسكينه دي
شيماء :
أنا السبب من كتر تعبي لما رجعت من الشغل نسيت أغطيها وأدفيها وهي نايمه
طه : حصل خير وبإذن الرحمن هتكون كويسه
غادرو جميعهم العيادة ... وذهب طه إلي الصيدليه وقام بشراء جميع ما كتبه الطبيب وتكلف بثمن العلاج ... وجاء يعطي شيماء العلاج فمدت يدها له بثمنه فقال :
عيب ياشيماء خلي فلوسك معاكي أنا وقسما بالله ما واخد ولامليم
تنهدت بسأم :
شكرا ياطه وتسلم ع وقفتك معانا
طه : مفيش مابينا شكرا ياشيماء إحنا جيران وعيشرة وأكتر من أهل ويعلم ربنا بعتبرك خديجة أختي
لكزتها نعمات من دون أن يري وتحرك شفتيها بعدم رضا ع حديثه فإنها تريده أن ينظر لشيماء بنظرة أخري.
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
_ في مشفي البحيري ...
يعم الهدوء والسكون أرجاء المشفي إنها حوالي الثانية صباحا ...
خرج يوسف من غرفة العمليات بعدما أنتهي من إجراء جراحة خطيرة لمريض دامت أكثر من عشر ساعات ... وبعد أن أبدل ثيابه بمأزر طبي أخر نظيف وقام بتعقيم يديه ... ذهب إلي غرفته ليستريح لكنه أحس ببرودة الطقس فأتجه إلي مخزن الأغطية والمفارش وكانت هناك من تراقبه وتبتسم بخبث يتملك منها الشيطان ... عاقده العزم ع أمر ما ...
ولج إلي المخزن يبحث غطاء ثقيل ... ليتفاجاء بيدين ناعمتين تحيط جزعه ... فألتفت خلفه ليجدها تلك الموظفه التي دائما ترمقه بنظرات إعجاب ورغبه ...
_ سها!!
_ وفي غرفة ما تتفحص علياء سيدة خرجت منذ قليل من عملية ولادة قيصرية متعسرة ...
_ تمام كده يا مدام أمل ... حضرتك هتفضلي معانا لحد ما نطمن عليكي وهاكتبلك ع خروج بكرة الصبح ولو ف أي حاجه إبعتيلي أي حد من الممرضات ... أنا كده كده نبطشية وسهرانه للصبح
مدام أمل : تسلمي يادكتورة
علياء مبتسمه :
عن إذنكو
ذهبت وف طريقها جاءها إتصال من والدتها :
الو يا ماما ....... متقلقيش عليا أنا بخير ........ الحمدلله فطرت وأتغديت وأتعشيت كمان ........ لسه مخلصة عملية ولاده ونازله الكافيه هاروح أشرب لي حاجه دافيه ........ تسلميلي يا حبيبتي ........ حاضر مش هتأخر ...... الله يسلمك ..... سلام
وهي تغلق المكالمه وصل لسمعها همهات لتميز من بينها صوت يوسف ... أقتربت من تلك الغرفه المكتوب ع بابها المخزن ...
بالداخل ...
_ حرام عليك يادكتور حس بيا أنا من أول يوم ليا هنا وأنا بحبك وأنت عمرك ماحسيت بيا ... قالتها سها وهي تتلمس صدره بكل جرأه
أبعدها وصاح بها :
أعقلي ياسها وعيب الي بتعمليه ده مش خايفة لأطردك ؟؟
سها : أنا مبقتش عايزة حاجه غيرك أنت وبس
رمقها بقلق وهو يحاول أن يبتعد عن لمساتها الجريئه :
فوقي بدل مافوقك بنفسي وحد يسمعنا وأنتي الي هتتفضحي ف المستشفي
سها : هتضربني !! أنا أدامك أهو أعمل الي أنت عايزه
لم يجد مفر سوي أن يلقنها صفعه قويه حتي تعود إلي رشدها ... وماآثار دهشته إنها أنقضت عليه لتقبله ... وف تلك اللحظة فتحت علياء الباب لتتفاجاء بهذا المنظر
_ أبعدييي بقا ... صاح بها يوسف لينتبه إلي علياء التي ترمقهما بصدمة والدموع تترقرق ف عينيها
ركض نحوها لتسبقه هي وتركض نحو غرفتها ...
_ علياء استني ... عليااااء
""""""""""""""""'"""""""""""""""""""
ولجت إلي غرفتها ليتبعها ....
نظرت إليه بقوة وصاحت به :
أتفضل أطلع بره مش عايزه أسمع حاجه
يوسف بإصرار :
لاء هاتسمعيني لأنك متأكده إن الي شوفتيه ده مش صح وإن دي مش أخلاقي ... أقسم بالله هي الي كانت بتحاول تقرب مني وأنا كنت بصدها
علياء وهي تحاول كبت عبراتها قالت بسخريه :
وهي الي دخلتك المخزن وقفلت عليكو الباب !!
صمت لثوان ليعقد حاجباه وقال :
ثانيه هو أنا عمال أبرر لك ليه وأنتي مش عايزه تصدقني وبتحاسبني بصفتك أي ؟؟
أبتلعت ريقها بتوتر وهي تشيح وجهها عنه وقالت :
عادي أنا ميهمنيش الي بتعملو و...
شهقت عندما وجدته أمامها مباشرة لايفصلهما سوي سنتيمترات ...
يحدق ف عينيها بإبتسامة ماكره :
عشان تعرفي إنك لسه بتحبيني وأنتي عماله تكابري
تراجعت إلي الخلف ليرتطم ظهرها ف الخزانه المعدنيه ولن تجد مفر للهرب منه ...
_ لو سمحت إبعد يا يوسف قالتها وهي تضع يدها ع صدره لتبعده
أقترب منها أكثر حتي سمع دقات قلبها الذي يخفق بقوة ...
_ مش هابعد عنك تاني أبدا يا علياء ... لأن المره دي هاتكوني مراتي وملكي
قالت بتحدي زائف :
وأنا مش موافقه
دنا نحو أذنها وقال بصوت جعلها ترتجف :لاء هتوافقي لأنك بتحبيني وعمرك مانسيتني ومش عارفه تشوفي راجل غيري أنا
أبتعد برأسه ليحدق ف عينيها لتنظر لأسفل ولم تتفوه ... أمسك بطرف ذقنها وقال :
شوفتي أنا عارف كل الي جواكي وده لأن أنا برضو بحبك وعمري مانسيتك طول السنين الي فاتت
تذكرت ذلك اليوم الذي تخلي فيه عن وعده لها فصاحت ف وجهه :
كدااااب أنت محبتنيش
ضرب الخزانه بقبضته مما أفزعها وصاح بغضب :
أنا مش كداب ... وأعملي حسابك أنا أخر الأسبوع ده هاجي لوالدتك وهاطلب إيدك منها وهنقرأ الفاتحه وبعدها بأسبوع هنكتب الكتاب وبعدها بأسبوع الفرح .. عايزك بقي تشيلي أي أفكار سوده من دماغك عشان مهما تعاندي هاتكوني ليا ف الآخر .
أبتعد عنها وتركها مغادرا ... لتجهش بالبكاء فهو لن يخيرها أو يأخذ رأيها بل يأمرها .... بعد كل تلك المعاناه وآلام قلبها يأتي لها اليوم ويلقي أوامره عليها بأنه سيتزوجها شاءت أم أبت فليس لديها خيار آخر .
************************************
_ وصل أمام منزل شيماء يحمل أكياس بلاستيكية مليئة بالفواكه ... طرق الباب لتفتح نعمات له وتستقبله بحفاوه وترحاب
_ ياأهلا ياأهلا ده البيت نور
طه : ده نور أهل البيت
أخذت منه الأكياس :
ليه يابني تكلف نفسك
طه : دي حاجه بسيطه عشان القمر الصغنن ... هي فين صح ؟
نعمات :
لسه نايمه من شويه أصحهالك
طه : لاء خليها نايمه براحتها ... أنا لاقيت الواد حوده إبن عم عبده بيقولي خالتي نعمات عايزاك تعدي عليها ضروري
جلست ع مقربه منه فوق الأريكة الشعبية ذات الوسائد القطنية ...
_ هو موضوع بصراحه مش عارفه أبدأ منين بس أنت مش غريب ويعلم ربنا بعتبرك زي إبني وشيماء زي بنتي و...
صمتت
طه ينظر إليها بإنصات فأكملت بتوتر :
بصراحه كده من الأخر ع رأي المثل أخطب لبنتك ومتخطبش لإبنك
رمقها بعدم فهم :
مش فاهم
نعمات : أي رأيك تتجوز شيماء و ...و عمري ما هاطمن عليها غير معاك
تفاجئ من حديثها ليصمت وعلامات الإندهاش جليه ع ملامحه :
هي شيماء بنت جدعه وبميت راجل وفيها كل حاجه يتمناها أي واحد بس بس دي كانت مرات صاحبي
قالت بإندفاع :
أديك قولتها كانت مراته ... وأهو غار ف ستين داهيه
طه وهو يفكر ف الأمر :
مش عارف بس حضرتك فاجئتيني و...
قاطعته نعمات :
بص أنا مش بقولك إتجوزها النهارده ... أنا هاسيبك تفكر ع مهلك ده برضو جواز ولازم يكون ف رضا وقبول وراحه بين الطرفين
طه : وشيماء عارفه ؟؟
نعمات :
أنا عمري ماكنت هقولك حرف غير لما أكون متأكده ميه ف الميه إنها موافقه ... ومتقلقش إن كان ع ريتاج أنا هاخدها وأربيها
طه : لا أبدا دي أنا بحبها أوي كأنها بنتي .. ربنا يهدي أبوها ويصلح له حاله
نعمات : قطيعه ... قطعت سيرته اللهي مايرجع تاني ... ده البت مداقتش ولايوم راحه معاه وكان ع يدك أنت وأبوك الله يرحمه كل الي كان بيعمله
طه : ربنا يهديه ... نهض وقال :
طيب أنا هستأذن بقي معلش ورايا كذا مشوار كده
نعمات :
خليك قاعد شويه ... زمان شيماء جايه من الشغل وأهو نتغدي كلنا مع بعض
طه مبتسما :
تسلمي أنا سبقتكو ... يلا سلام عليكم
نعمات :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
غادر طه المنزل وهو يفكر بحديث نعمات ... فمهما كان عبدالله كان صديقه ويعلم مدي حبه لها وهي كذلك كانت تعشقه بجنون لكن قتله لإبيها كسر كل شئ وقتل معه هذا الحب ... وبالرغم من كل هذا فهناك شعور غريب ف قلبه بدأ يشعر به ف الآونه الأخيرة كلما يلتقي بشيماء لايعلم تفسيره ولربما حديث زوجة إبيها اليوم أيقظ ما بداخله من مجهول سيعلمه لاحقا مع الأيام القادمة ... ولكن ماذا سيحدث لو علم عبدالله بذلك ؟؟؟!!!
*****'''''****''''''*****''''''******'''''''*****
_ تقف ف المطبخ تحضر طعام الغداء وهي تستمع إلي موسيقي مقدمة إحدي أغاني كوكب الشرق لتتمايل بخصرها المنحوت ولم تعلم إن هناك من يراقبها عن كثب ... وجاءت تلتفت وهي تتناول ملعقة خشبية من فوق الطاولة الرخامية شهقت بفزع وكادت تتعثر فألحق بها يحاوطها من خصرها لتتلاقي رماديتيه الساحرتين بعسليتيها الذهبيتين ...
_ حرام عليك خضتني يا ياسين ... قالتها ياسمين وهي تائهه ف نظراته إليها
همس أمام شفتيها :
قوليها تاني كده ؟؟
تفوهت كرزتيها الشهية بدلال:
أقول أي ؟؟
_ حرام عليك خضتني يا ياسين وبنفس الطريقه وبنفس حركة شفايفك الي شبه الكريز دي
نظرت لأسفل بخجل شديد وهي تعض ع شفتها السفلي لتثير مشاعره أكثر فأقترب منها ليلتهم الكريزتين ... فأوقفته وهي تدفعه ف صدره وتصيح :
يالهوي الأكل إتحرق ... ركضت إلي الفرن الملحق بالموقد وأخرجت الصينية لتجد أحترق معظم مابها
ياسين :
ولايهمك ياقلبي فداكي ألف صينية بطاطس بالفراخ
قالت وهي تنظر للطعام المحترق بحزن :
كنت عملهالك عشان عارفه إنك بتحبها
أمسك كلتا يديها وقال :
تسلم إيدك ياقلبي ربنا يخليكي ليا ... وقام بتقبيلهما وأكمل :
خلاص بقي متزعليش وروحي ألبسي عشان هاعزمك ع أجمد أكلة سي فود هتنعشلك دماغك وأنتي بتزاكري وأنا ...صمت لييتسم بمكر
فقالت بعدم فهم :
وأنت أي ؟؟
ضحك وقال :
لما نرجع من بره هبقي أقولك نظري وعملي بس يلا ألبسي بسرعة عشان واقع من الجوع
إبتسمت وهي تقبله ف وجنته : عشر دقايق وهاكون جاهزه
قالتها وركضت إلي الغرفة لتبدل ثيابها
وبعد قليل ... خرجت من الغرفة وهي بكامل أناقتها حيث ترتدي ثوبا بللون الرمال مطرزه ع أطراف أكمامه وأسفله أزهار صغيرة وردية قاتمة ... يحيط وجهها المغطي بالكامل ماعدا عينيها حجاب بللون البني الفاتح يصل إلي خصرها ...
_ أنا خلصت ... قالتها وعينيها مبتسمه لتجده ينتظرها ف مدخل الردهة يرتدي حذائه الرياضي ذو اللون الأبيض فتوقف لينظر لهيئتها بسعادة غامره وقال :
تبارك الله ... حتي وأنتي بالنقاب زي القمر
_ بجد يا ياسين يعني مش متضايق من موضوع النقاب ؟؟
أقترب منها وحاوط كتفيها وقال :
أنا لو أطول أخبيكي من عيوني أعملها ... بالعكس ياقلبي دي أجمل حاجه عملتيها والحمدلله إنك لبستيه لأن بغير عليكي ومبستحملش حد يبصلك بطرف عينيه
ولن تجد رد ع كلماته سوي إنها عانقته بقوة وتدفس وجهها ف صدره :
ربنا يخليك ليا يا ياسين ومايحرمنيش منك أبدا .
^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^
_ في مكان نائي بإحدي العشوائيات المتطرفة ع حواف العاصمة ...
يتوقف (التوكتوك) ليترجل منه شاب ملامحه مريبه ...
_متشكرين ياسطا
السائق : فين الأجره يا عم الأمور ؟؟
أخرج من جيبه خنجر مدبب وأشهره ف وجهه وصاح بتهديد :
ماقولنالك متشكرين ياسطا وصلت ولا لسه ؟؟
تراجع السائق بخوف :
وربنا لأقول للمعلم وأبقي أرفعله الخنجر ساعتها
قالها وأنطلق
صاح الشاب : قولو ياروح خالتك فاكرني هخاف ولا أي !! ... كتك داهيه فيك وف معلمك ... حك سبابته أسفل أنفه عادة ملازمه له حيث إنه يتعاطي مخدر الهيروين عن طريق الإستنشاق ...
ظل يسير بين أزقه وأكواخ مبنيه من الصفيح والقش يحيطها نفايات تفوح منها روائح كريهه حتي وصل أمام كوخ مبني من أعواد البوص والقش ... دق ع الباب الخشبي المتهالك ليأتيه صوت من الداخل :
مييين ؟؟
الشاب:أنا شمه صاحبك
_كلمة السر ياشمه
شمه : العب يالا
فتح الباب ليظهر عبدالله ذو المظهر الرث وشعره المشعث وذقنه كثيفه ... ثيابه باليه ومتسخه ...
_ خش ياصاحبي وأقفل الباب وراك ... قالها عبدالله
دخل المدعو شمه ولم يكف عن حك سبابته أسفل أنفه وأوصد الباب ليجلس ع الوساده الباليه وقال :
الله يكون ف عونك مش عارف أنت مستحمل تعيش ف وسط مقالب الزباله دي إزاي
عبدالله بتأفف :
أووف أعمل أي ما الحكومه مرشئة ف كل حته والمكان ده الوحيد الي مبتجيش فيه .. قولي أي الأخبار
أخرج من جيبه علبة سجائر وأعطي واحده لعبدالله وأخذ أخري وأشعل كليهما بعود ثقاب وسحب نفس وزفره دخانا كثيفا :
أصدك ع إنهي أخبار بالظبط
عبدالله وهو يزفر الدخان :
هو ف غيرها
شمه : بصراحه عندي أخبار مش هاتعجبك وخايف أقولك تتهور وترتكب جريمه تانيه وأنت مش ناقص
أمسكه عبدالله من تلابيب قميصه وصاح بغضب :
إنجز ياض وقول
أبعد قبضته عن تلابيبه وقال :
حاضر ياعم وأنا مالي إيكش تولعو كلكو ف بعض .. البت طليقتك مديرها ف المصنع كان هيعتدي عليها لولا مراته طبت عليه وخلت رجالتها عمله معاه الواجب
عبدالله : يا إبن ال.....
أكمل شمه : خد التقيل بقي ... طه صاحبك
عبدالله : ماله ؟؟
حك سبابته أسفل أنفه وقال :
رايح جاي معاها وأخرتها عرفت بطريقتي إنه الله أعلم شكلهم هيتجوزو
ألقي السيجاره من يده بقوة وثارت أغواره :
ده ع جثتي وربنا لأقتله وأقتلها قبل ما ده يحصل ... كده ياطه وأنا الي كنت فاكرك صاحبي طلعت واطي وندل .. والسافله ماصدقت وربنا كمان مرة لأعرفها مين هو عبده .