رواية وجفت ورودها الحمراء الخاتمة بقلم وسام اسامه

رواية وجفت ورودها الحمراء الفصل الخاتمة بقلم وسام اسامه

كانت مسطحة على فراش المشفى..بوجه مليئ بالندوب
يدها اليُمنى مُجبرة وعيناها منتفخة من البكاء..والكدمة الحمراء على وجنتها سيئة

كل تلك الآلام والجروح لم تكن سببًا كافيًا لألمها..بل ألم قلبها ايضًا كان يتألم..أكثر من ألم كدماتها
كان يأن أنينه الخاص..والمعتاد منذ سنواتٍ مضت
رغم انه كان ألم مُفعم بالرضا..والكن هذا الألم مشبع بالسخط والمرارة

كانت جوارها حكيمة..تطلع في وجهها وتبكي بصمت على حال وحيدتها سندس..عروس أمس..ممددة في المشفى من قبل أن يطلع الصباح حتى..لم يكفي أن ذاك النذل تزوج عليها قبل زفافهم بليلة واحدة..لا

قد اشبعها ضربًا حتى افقدها وعيها..وقلبها ايضًا
نشجت وهى تقول باكية..
- تفتحت براعمكِ وابتهجت القلوب
رغم صرخات السخط من والدك..كنت أنا ابتهج وأحملك فرحًا وكأنني فوق الغيوم..قالوا لإبن عمها قُلت يحفظها ويصون..ولكن بعد ذالك علمتُ أن لا قلب لمحطم الصخور
سيجعد وردتي وكأنها صخرة..لا وردة من ورقاتٍ لينة
رجعتي لي ببتلات مُمزقة..وأطرافٍ بينها وبين الجفاف طرفة عين ثم تزول..ألا لعنة الله على الظالمين

ثم أمالت رأسها على كف إبنتها تقول بقهر..
-اااه ياابنتي..ماضركِ لو لنتِ لتوفيق بدلًا من ذاك الحقير

دخلت هالة الغرفة مهرولة وهي تنظر لسندس لتقول بغضب...
-ياالله مالذي فعله بها

تمتمت حكيمة ببكاء..
-مزقها ياابنتي..مزقها..كسر يدها وتقطعت أوتار قدمها
وكسر أنفها..وامتلئ وجهها بصفعاته..صفعة الله على قلبه آمين

ربتت هالة على ظهرها دامعة تقول..
-اهدئي ياخالة..ستكون في أحسن حال
وسيعاقب ذاك الندل..كيف له أن يضرب زوجته هكذا

ردت حكيمة بحدة وهي تمسح دموعها...
-لم تعد زوجته..طلقها وحرمها عليه كأمه
طلقها يوم زفافها ياهالة..اي عار سيلحق بها

شهقت هالة بهلع وهي تضع يدها على فمها..
-الوغد !!

دلف عادل وقطع حديثهم وعيناه مُسلطة بوجوم على ابنته الراقدة على الفراش دون حراك..لتقف حكيمة وتمسك يده باكية..
-ارأيت ياعادل..رأيت ماذا فعل إبن شقيقك بإبنتي
طلقها وضربها وتزوج عليها في ظرف يومين فقط

-سيردها ياحكيمة..اخي قال لي أن..

قاطعته صارخة...
-اخاك اخاك اخاك..لا حديث لك سوى عن أخاك وعائلتك
اما ابنتي فهي على الهامش..لا وجود لها
لأنها خُلقت فتاة ولم يرزقك الله بصبي..لهذا إن ماتت سندس لن يشكل فارقًا معك أليس كذالك

صفعة قاسية هبطت على وجنتة حكيمة..لتشهق هالة 
وفتحت سندس عيناها على ذاك المشهد المؤذي..لتقول حكيمة بثبات...
-تصفعني ياعادل !
تصفعني لأني أقول الحقيقة...أنسيت من انا !
انسيت عائلتي !..تهاوني معك وتحملي لجفائك انساك حكيمة إبنة الفارس

شحب وجه عادل وهو يسمع زوجته لأول مره منذ زواجهم تذكر عائلتها وحسبها..حكيمة لم تكن إبنة عمه
حينما تزوجها كسر قاعدة من قواعد عائلته بزواج الأقارب
ووافق والده لإجل عائلة حكيمة..تلك العائلة الكبيرة المالكة لأغلب المدينة...والحاكمة لها ايضًا

تحدثت حكيمة وهي تنظر له بخذلان وضيق...
-ابنتي لن تعود لذاك الوغد..لن القي ابنتي له مره اخرى ياعادل

قطع حديثهم طرقات..لتضع الحجاب على وجهها.. ليدخول أخاه راجي الذي تحدث بهدوء..
-اهدأي يازوجة اخي..غريب سيراضيها و..

قاطعته حكيمة بحدة...
-اترضاها لإبنتك ياراجي

صمت راجي لثوان قبل أن يقول بحيادية..
-سندس ابنتي يازوجة اخي..ولا ارضى لها إلا الخير

-وابنك ليس الخير لها..دعه يهنئ بزواجه الثاني
لقد طلق ابنتي وحرمها عليه كأمه

-سيردها ويُخرج كفارة الظهار يازوجة اخي
وتذكري الآية الكريمة ..بسم الله الرحمن الرحيم
"وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ"
وبما أن لا عِتق في زمننا هذا..سيصوم شهرين متتابعين
او إطعام ستين مسكين..وستحل له مرة اخرى

وصلهم صوتها ضعيف باكي تقول..
-لا اريد..لن أعود له

انتبهت حكيمة لإستيقاظ إبنتها لتركض لها وتمسك يدها هاتفة بلوعة...
-حبيبتي حمدلله على سلامتكِ 

نشجت سندس بضعف..
-لا اريد الرجوع له ياامي..لا اريد

اقترب راجي منها ووضع يدها على رأسها بحنان...
-اهدأي ياابنتي..غريب سيطلق الفتاة ويردك ويراضيكِ
ولكن المهم انك تكوني بخير

هزت رأسها نافية ودموعها لازالت تجري ..وهي تسترجع كل ما حدث..وجسدها يؤلمها من ضرباته القاسية مثله
ليقترب منها عادل ويقول بجدية...
-ها قد قال عمك..سيطلقها وتعودين له
لِمَ الدلال إذًا !

إن كان قلبها يؤلمها..فا الآن ظهرها يؤلمها أكثر
ظهرها المحنى..أباها الذي يلقيها بطول يده لغريب
سمعوا طرقات على الباب..ليدخل بعدها غريب وهو واجم الوجه

وقف بعيدًا عن فراشها ليقول بهدوء..
-حمدلله على سلامتكِ

سخرت حكيمة بغيظ..
-يقتل القتيل ويبكي بجنازته

-اصمتي ياامرأة..

اشاحت سندس عيناها عنه وهي لا تستطيع النظر له
بقدر حبها له في الماضي بقدر نفورها منه..غريب كسر التمثال الذهب الذي كانت تُلمع به وتتأمل فيه منذ سنوات
كسره على قلبها بقسوة

ولم يكتفي بما حدث ليقول بهدوء..
-لن اطلق الفتاة..وستعيشين معها بدارٍ واحد..عقابًا على كلماتك قليلة التهذيب..

صرخت حكيمة بجنون...
-ياوغد..ياااوغد

ليقول راجي بصرامة...
-ستطلقهل ياغريب..وإلا لن تعود سندس لك

نظر مليًا في وجه سندس وقلبه ينقبض..ورغم إنقباضه قال ببرود..
-لن اطلقها

ليرد عادل هذة المره...
-إن كنت ستعدل بينهن..

قاطعته حكيمة بقوة...
-لن ترجع له ابنتي..واخرجوا جميعًا كي ترتاح

وبالفعل خرج الجميع وظلت هالة جوار سندس الباكية
لتخرج حكيمة هاتفها من حقيبتها وتتصل ونظراتها حزينة وصارمة في الوقت ذاته...ليصلها الرد بعد لحظات...
-»مرحبًا عمي..انا لستُ بخير..واشتقت لك

ثم راحت تقص ماحدث عليه ومع كل كلمة تبكي سندس أكثر..تبكي من كل ذرة بروحها
لتهمس لها هالة...
-كفى بكاء ياحبيبتي..كفى

نظرت لجسدها لتقول بخواء..
-اتألم ياهالة..جسدي وقلبي يؤلماني

ثم قالت وهي تغمض عيناها...
-اتركوني وحدي..أود أن انام بهدوء

ترددت هالة للحظات..ثم وقفت وهمست لحكيمة 
وخرجن من الغرفة وتركوها كي ترتاح
لتغمض عيناها والدموع تجري بصمت..كحالها الصامتة

مضى بعض الوقت لتسمع صوت الباب يُفتح 
لتفتح عيناها وتُبصر فتاة تنزل وشاحها وتقترب منها باسمة..همست بضعف...
-انتِ !

جلست الفتاة على أقرب مقعد لها وقالت...
-كيف حال عروسنا الجميلة..هل قمصان النوم التي بعتها لكِ اعجبت زوجك

لتضحك برقة قبل أن تتابع...
-سأحزن كثيرًا إن كنتِ لا تتذكريني

همست سندس..
-بلى اتذكرك..انتِ نسمة بائعة الملابس
كنتِ تأتين منزلي وتوريني ملابس الزواج

هزت نسمة رأسها نافية لتقول بغرور..
-كنت..كنت على وصفك..أما الآن أنا زوجة غريب
ضرتك ياعزيزتي

توسعت عين سندس بصدمة لتقول نسمة...
-اااه صُدمتي..ولكن لِمَ لم تباركيني
ولكن قبل أي شيئ..أود أن اشكرك فا بفضلك تزوجت زوجك

تأوهت بأسف لتُصحح...
-اسفة..من كان زوجك

كانت دموع سندس تتوافد لتتسائل بألم..
-لِمَ وكيف

همهمت نسمة وهي تضع قدم على اخرى....
-لِمَ لأن غريب رجلاً صالح ويُعتمد عليه..وأكثر رجال المدينة ثراء..قد يبدو جاف الطباع..ولكن مع دلالي سينصهر

ثم مالت على سندس لتقول ساخرة...
-اما كيف فهو بسببك..حينما كنت ابيعك الملابس
لا تنفكين عن ذكر غريب..غريب شهم غريب حنون
غريب وسيم ...غريب قوي

وكان من السهل استدراجكِ ومعرفة كل مايحبه ويكرهه
ومتى يكون بعمله ومتى يرجع لبيته..وكنتِ تتحدثين أن حمائيته وحب المساعدة الذي كان يقدمه لكل من يحتاجه
وانا كنت احتاج غريب ياسندس

ثم اعتدلت وهمهمت ساخرة..
-على الأقل تملكين عائلة ذات صيت..واثرياء
ومُدللة بينهم..لن تشعرين بفارق كبير عندما آخذ نعمة من نعمك الكثيرة

أما انا..فا عائلة منحطة ورجال كالنساء
يسيطر على قبيلتي الفقر والجهل والطمع
ومُنقذي من كل هذا هو غريب..زوجي

خرج صوت سندس بصعوبة وهي تقول..
-اخرجي من هنا..اهنئي به لم أعد أريده

ضحكت نسمة وهي تقف وتقول..
-لم تعودي تريدينه..على رأي المثل..عيني به وأقول...

ثم ضحكت وخرجت من الغرفة متسللة كي لا يلاحظها أحد..ثم سارت خارج المشفى..وهي تتذكر تفاصيل مراقبتها لغريب ...واتفاقها على ماسيحدث مع والديها

على شرط بأن المهر يكون لهم..وستساعدهم في المعيشة بعدما تتزوج غريب..وإن حاولت التقصير معهم سيقصون عليه كل شيئ..وهكذا أوقعوا غريب..او اوقعته

ضحكت ببال رائق وهي تقول...
-الفاتنات قبل الغبيات..كل الفضل لكِ ياسندس كل الفضل
والآن أتت آخر خطوة

توجهت نحو دار غريب..والذي تزوج به سندس
لتخدش وجنتها بقوة كي ينفر الدماء بها..وتسيل الدموع من عيناها..لتطرق الباب بقوة وهي تشهق باكية بزيف

وبالفعل فتح غريب الباب بملامح واجمة..لترتمي بين ذراعية باكية وهي تقول...
-سيد غريب..ادركني أبي تهجم عليّ كي يقالني
وطردني من الدار وقال لي اذهبي لزوجكِ الذي القاكِ دون سؤال

كان غريب مشتت..ليدخلها ويغلق الباب خلفها
ليُمسك وجهها ويُديره بحدة...
-هو من فعل هذا بوجهكِ

اطرقت رأسها لتقول بين بكائها..
-نعم..وطردني

أشاح وجهه بغضب وهو يتنهد..ثم نظر لها قائلا...
-اهدأي..من اليوم هذا دارك..لن تعودي لأباكِ مره اخرى

رفعت وجهها ولمعت عيناها..لترتم بين يداه تعانق رقبته وتلتصق بجسده قائلة ببكاء...
-انت نعمة من السماء ياغريب..انت نعمتي

ثم بدأت بمداعبة رقبته لتحسه على الإنخراط معها
وفي هذة اللحظة كان أضعف من أن يقاوم إمرأة في جمال نسمة او بدهائها..جسدها الغض أغراه..وملمسها الناعم سحبه كأمواج عاتية...ونظراتها المُمتنة تزيد من غفلته

ووجه سندس يضرب عقله بلا توقف..ليهرب في جسد نسمة من سندس..هرب وهو يجتاح الأخرى وعقله مغيب..وقلبه مُقيد

تعليقات



×