رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الثاني (عشقها أحياني) الفصل السابع
ما بين الحاضر والمستقبل..الماضي..
صمودها في الحياة..منبعه ألم..وصدمة..تليها صدمة..وما جعلها أقوى..سوى كلمة حواء....
وقفت كالبلهاء لم تعي حرفاً مما قالت تلك الحمقاء أمامها.فتاه في الثامنة عشر تفرك يدها بتوتر بالغ..تفرست روجيدا النظر بها دون رد فعل واضح. عيناها مُذبذبة..وجسدها يرتجف..تعض على شفاها بتوتر..ولكنها صادقة..اللعنة هى صادقة كل الصدق..سألتها روجيدا بجمود
-أنتي قولتي إيه!!
رفعت عيانها إليها ونظرت بعمق بالغ..أخذت زفيراً قد ظنته سُلب عنوة عنها.. قالت بصوت مبحوح
-آآ..أنا بسنت بنت جمال التُهامي..باباكي..
هنا وإنفجرت روجيدا بوجهها كعبوة ناسفة لتقول بصوت هادر..ونبرة مصدومة..
-أنتي إتجننتي..ولا تعبانة..أختي منين
-لا تدري من أين أتت لها تلك الشجاعة لتردف بدفاع وغيظ:لو سمحت أنا مسمحلكيش..ولو كنتي مش مصدقاني تعالي نعمل تحليل DNA
تلك الفتاه تملك نفس عقل روجيدا..تملك ثقة و قوة تماماً مثلها..لربما لا تُشبهها شكلاً..ولكنها تُشبهها في شخصيتها..وعلا صوتهما ليركض من بالداخل تجاههم..لتُكمل روجيدا حديثها بزمجرة إمرأة غاضبة
-إمشي من هنا..وبلاش تخاريف..
-لتقول بسنت بتحدي واضح:لأ..مش همشي إلا لما تصدقيني..دي وصية بابا الله يرحمه..
و سرت رجفة حزينة ما أن أتت سيرة والدها..أتت بذاكرتها ذاك اليوم اللعين..لتعيش لحظاته المؤلمة من جديد..هبطت دموعها..لينصدم الجميع من صوت صرخاتها التي دوت بشدة..خارت قدماها لتُكمل صراخ..بينما وقفت بسنت كالبلهاء لا تعي ما حدث..
هرول جاسر إلى زوجته..نظر إلى بسنت بنارية ونظرات مُظلمة..ليقول بصوت حاد
-إختفي من هنا..يلااااا...
صرخ بالأخيرة..ثم جثى على ركبتيه يحتضن زوجته..تشبثت به وهى تدفن صراختها في صدره..ملس على رأسها بحنان..لتسأل جين الفتاه بهدوء حاد
-أنتي قولتيلها إيه!!
-بسنت ولا تزال تخت تأثير الصدمة:آآ..أنا..يعني..آآ..
-قاطعها جاسر بحدة:إخرسي خالص وإمشي من هنا..
تحركت قدماها بخفة..وكأنها إستعادت عقلها المُغيب..ثم ركضت..ولا تدري لما حدث ما حدث.....
****************
بعد نوبة الغضب التي إجتاحتها..وبعد ما ألقته روجيدا على مسامعها..وهى مُنذ ذلك الحين وهى بنوبة غضب عارمة..إذاً روجيدا ليست بالفتاه التي يسُهل خداعها..فهى منبع ذكاء..تعلم متى جيداً تستخدم ذكاءها..ومتى تنساق وراء غيرتها..قطع سيل غضبها صوت هاتفها الذي صدح برقم خارجي..لترد بصوت غاضب
-عاوزة إيه
-لياتيها صوت شقيقتها..يتحدث بلؤم:تؤتؤتؤ..إيه يا دودي هو جاسر صدرلك الوش الخشب!!..
-تأفأفت دينا بصوت عالي..ثم تشدقت بحدة:شاااهي..أنا فيا اللي مكفيني
صدحت صوت ضحكات شاهي الرقيعة..ثم قالت بخبث
-شكله أصلاً..مداكيش وشه..
-شااااهي..إتقي شري دلوقتي..
-أردفت بملل:حاضر..المهم هترجعي أمتى!!
-سألتها دينا بضجر:ليه!!..خير يا ست شاهي
-جوزك..
-عقدت ما بين حاجبيها بتساؤل:ماله؟!
-تابعت شاهي بهدوء:بيسأل عليكي..وأنا مش هعرف أغطي غيابك أكتر من كدا
-حدثتها دينا بجدية وقالت:طب ما تقوليله إني لسه فـ شغل..وإن عرض الأزياء لسه مخلصش
-ردت عليها شقيقتها بسخرية:جوزك مش عيل..وبعدين تفتكري مش هيعرف!!..
-زفرت بضيق وقالت:طب يعني أعمل إيه!!..مينفعش أرجع دلوقتي..
-سألتها شاهي:مش مصطفى كان طالب نفس الطلب إشمعنا يعني لما مارتن كلمك وافقتي!
-أرجعت رأسها إلى الخلف وقالت بخبث:قبلها مارتن دا كان مكلمني وقالي ع كل حاجة..وإني موافقذ..وبالإضافة العائد المادي كتيير..
-ضحكت شاهي هى الأخرى وقالت:يعني مش بتحبي جاسر
وهذه المرة صوت ضحكات دينا إخترقت أُذني شاهي..لتُتابع الأولى حديثها
-حب!!..جاسر بالنسبالي بنك..البنك اللي عمره ما قالي لأ..
-شاهي بمكر:ولا دلوقتي!!
-أجابت بهدوء متخابث:امممم..ممكن
-ضحكت شاهي وقالت بمكر:طيب..أسيبك تكملي مخططك الشرير.باي يا روحي.
-باااي....
***************
مددها جاسر على الفراش..وهو لا مُحتنضنها بقوة..وهى تبكي..لا تعلم لما هاجمتها تلك الذكرى فجأة..ولكن ظهور تلك الفتاه..حرك شيئاً ما بداخلها...ملس على خصلاتها البندقية بحنو وسألها بقلق
-بقيتي كويسة
أماءت برأسها دون حديث..لا تزال تدفن رأسها في صدره..ولا تزال مُتشبثة بقبضتيها على قميصه..وهو لا يمل من إقترابها..عاود الحديث بخفوت
-تحبي تقوليلي هى قالتلك إيه!!
-أجابته بصوت مُتحشرج بعد تفكير:لأ..مش عاوزة أحكي..
-ضمها بقوة قائلاً:حاضر
-حادثته بخفوت:ممكن أفضل فـ حضنك!!
-أجابها بعبث:بتسأليني!!..دا أنتي مش تفضلي فـ حضني بس..
أكمل حديثه بوقاحه عله يُخفف عنها
-أنا حاسس بحر..تجي نقلع!!
عضته!!..حقاً..إفترست لحمه القاسي بأسنانها الحادة..لم تجد رد سوى أن تقوم بعضه..لتُخفي حرجها الذي يُسببه ذلك الوقح..بينما جاسر يشعر بدهشة وصدمة..لم تفعلها مُسبقاً..ولكن يبدو أن هرمونات الحمل قد أثارت جنونها..ليقول وهو لا يزال يُصدق ما حدث
-روجيدا!!..أنتي عندك أنياب!!
-روجيدا بحدة:إتلم
-ليرد بجدية:لا والله بتكلم جد..دا أنا حتى من الصدمة معرفتش أقول ااه..
ضحكت بخفوت..لتظهر إبتسامة على وجهه..لتلجمه بـ ردها
-وخد من دا كتير لحد أخر الحمل..
-ليرد بمشاكسة:لأ..دا أنا أقوم أخد حقي بقى..
شهقت بخجل..ثم أحكمت قبضتها عليه حتى تمنعه من النهوض لتقول بنبرة خجلة
-جاسر..عشان خاطري بقى
-قام بتقليدها:عشان خاطري بقى..أهو دا اللي فالحة فيه..نامي..نامي
-لترد بمشاكسة:لأ..أنا جعانة..
-ضيق عيناه قائلاً بدهشة مصطنعة:هو أنتي كل نص ساعة هتاكلي..هتبقي شبة الكورة الكفر..
نهضت بحدة وأخذت تضربه بقبضتها..وهى تزمجر به بحدة
-أسمعك بتقول كدا تاني يا جاسر..أنا حامل وإتجنيت..متخلنيش أطلعه عليك
جذبها بخفة من خصرها..لتسقط في أحضانه..ثم غمزها بعبث قائلاً
-بس زي القمر
إبتسمت..لتتمدد مرة أخرى..ليحاوطها وهى تقول
-طب يلا ننام
-رد عليها بدهشة حقيقية:هو مفيش غير الأكل والنوم يا قلبي
-تشدقت بعبوس طفولي وتذمر:والله هعيط
-ضحك وقال:خلاص..خلاص..ننام يا ستي..
إبتسمت بحب فجاسر أخرجها ولو قليلاً مما كانت فيه..بل ولم يتركها..تحسد نفسها عليه..كما يحسد نفسه عليها.....
****************
وصل كلاً من يحيى وجين إلى الفندق القانطين به..دلفا لغرفتهما ثم قذقت الأخيرة حقيبتها بـ إهمال..لتزفر بضيق وهى تقول
-مين البنت دي!!..وإيه اللي قالته عشان يحصل كدا فـ روجيدا
-أجابها يحيى بشرود:مش عارف يا جين..بس الموضوع كبير
-تنهدت هى الأخرى وقالت:عارفة..وحتى جاسر مرضاش يخلينا..وقالنا إمشوا مع إني عاوزة أطمن عليها
جلس يحيى بجانبها بعدما ألقى بـ سترته هو الأخر..فتدشق قائلاً
-هو يعرف يتصرف معاها..أنتي عارفة جاسر
-ردت بهدوء:وعشان كدا أنا واثقة فيه بس أنا أم يا يحيى..
-حاوط كتفها بيديه وقال بحكمة:متخافيش ع روجيدا..هى مع جاسر..وجاسر هيعرف كويس يتعامل معاها..ويطيب جروحها..
نظرت له بـ إمتنان..بينما يحيى غرق في أفكاره..ظهور تلك الفتاه التي تُشبه إلى حد كبير..فتاه ما عرفها بالماضي..إزدرد ريقه بصعوبة وقال محدثاً نفسه بتوتر
-ربنا يستر..لو طلع اللي فـ بالي صح..يبقى الفترة اللي جاية مش هتعدي ع خير.....
*************
توجه سامح إلى منزل أخيه بالقاهرة..تعجب قليلاً من تغيير محل إقامته ولكنه رجح أن جاسر دائماً ما يعشق التغيير..دق جرس الباب..ثم إنتظر قليلاً..ليأتيه شقيقه بعدها ويفتح له الباب..كاد أن يتحدث ولكن جاسر أشار له بالصمت والدلوف بهدوء..تعجب وقطب حاجبيه..ثم دلف بهدوء..
جلس جاسر بصمت..وتبعه سامح الذي تحدث بتعجب
-خير يا جاسر!!
-فرك عيناه بتعب وقال بتنهيدة:مفيش..شوية هموم..المهم خير جاي ليه!!
-تحدث بمرح:حد يقول لأخوه جاي ليه!!
-رد عليه جاسر:مقصدش..بس طالما جاي القاهرة يبقى فيه حاجة
-حك سامح جبهته وقال:يعني كنت هجيلك قبل بس..إتشغلت فـ الشركة
-هز رأسه بـ إماءة وقال بهدوء:تمام..مرتاح فـ الشغل
-جداً
-جاسر:كويس..الموضوع الأهم بقى اللي أنت جاي بخصوصه؟
-إبتسم بتوتر..ولكنه أجاب بحماس:مش ناوي بقى تعملي الفرح..البت خللت جمبي!
-إبتسم جاسر ثم قال بجدية:شوف أنت الوقت المناسب وأنا ههتم بكل حاجة
تهللت أسارير سامح..ثم هتف بصوت عال
-بجد يا جاسر!!...يا حبيبي يا..آآآ..
وقبل أن يُكمل هتافه الحماسي..كمم جاسر فمه بذعر وقال بتحذير
صوتك يا حيوان..روجيدا نايمة-
وضع يده على فاه وقال:أووبس..أسف..المهم هاا-
ماشي يا سيدي..كمان أسبوعين..هرجع المنيا بكرة وأفاتح مدحت بيه-
عبس سامح وقال بضيق
-بس أسبوعين كتير
-رد عليه جاسر بهدوء:عشان يعملوا حسابهم يا متخلف
-رد عليه سامح على مضض:طيب..
-تشدق جاسر:وأمي وعمتي عاملين إيه
-أجابه بـ إقتضاب:كويسين
-يعني مفيش مشاكل!!
-زفر سامح بصوت وقال بضيق:لأ..يا جاسر..مفيش
ضحك جاسر على أخيه..بينما عقله يدور بدوامة قاسية..تلك الحية التي ظهرت بحياته من جديد..وتلك الفتاه العنيدة التي تتزعم كما يظن أنها أخته..ظل يسأل نفسه متى!!..متى ينتهي كل ذلك؟!
أخذ يُدخن بشراهه ومارتن أمامه يجلس بتوتر بالغ بعدما فشلت خطته..ليتنحنح مارتن بـ إرتباك قائلاً
-سيدي..آآ..ماذا سنفعل!!
نظر له سيده بنارية..نظرات كادت تحرقه..رغم صمته و هدوءه..إلا أنه قال بحدة
-وتسألني يا أحمق!!..وكيف ظننت أن خُطتك الحمقاء ستنجح..روجيدا ليست بذلك الغباء..ألا تعلم أنك أنت الغبي
-إبتلع مارتن إهانته على مضض..فسارع بالقول:لم أكن أعلم أنها ستكتشف ذلك سريعاً..
-نظر له نظرات إخترقته:ومن كنت تظنها!..تلك الحمقاء التي ستدوي بنا جميعاً إلى الجحيم..وبما فعلته عجلت لنا بما ستفعله هى..
-أخفض مارتن رأسه بخزي وقال بصوت خافض:أعلم..ولذلك يجب علينا الوصول إلى خُطة محكمة.
قام بدهس السيجارة في المنفضة فوق مكتبه..ونظر إلى الفراغ قائلاً بشرود..
-روجيدا تلك..يجب الحصول عليها..أو محوها..بكِلتا الحالتين يجب إستغلالها.....
**************
عاد جاسر بعدما قام بـ إيصال أخيه إلى الشركة..وإتمام بعض الأعمال..ليعود إلى المنزل مُنهك قليلاً..كاد أن يدلف إلى الغرفة ليطمأن على زوجته ليسمع صوت همهمات تأتيه من المطبخ..تحرك تجاة الصوت..ليصدمه ما رآه..ترتدي أحد قمصانه..بالكاد يصل إلى ما فوق ركبتها..تركت أول أزراره مفتوحة فبرزت عظمتي الترقوة..ترفع شعرها بـ إهمال..فتناثرت بعض الخصلات على وجهها وحوله..لتُزيدها جاذبية وإثارة..
شعر بدقات قلبه تتصاعد..حتماً ستُهلكه لا محالة..رفعت رأسها عن عبوة الشيكولاته التي تلتهما بنهم..لتجده يقف ويشاهدها..إبتسمت وقالت
-حبيبي..جيت إمتى!!
تحرك ناحيتها..ثم قذف هاتفه ومفاتيحه بـ إهمال على الطاولة المستديرة..وقف قُبالتها وقال بمكر
-أنا بشبه ع القميص دا!
نظرت لما ترتديه..ثم رفعت رأسها لتجد إبتسامته الماكرة تزداد إتساعاً..هزت رأسها ورفعت كتفيها بلا مبالاه وقالت بفتور
-مش مستحملة أي هدوم عليا..بتخنق
-برزت أسنانه من تلك الإبتسامة ليقول لهمس مُتخابث:وأنا برضو بقول كدا..إقلعي يا حبيبتي الجو حر..
نظرت له والشرر ينطلق من عيناها لتقول مزمجرة
-بطل إنحراف..أنا قصدي نوع القماش نفسه مش قادرة أستحمله..فـ جربت قميصك لاقيته حلو ومش مضايقني..
-غمزها بعينه اليسرى قائلاً:بس إيه هياكل منك حتت..مش حتة..
ضحكت بدلال..ليقترب أكثر..وحاوط خصرها ثم رفعها لتجلس على القطعة الرخامية ولا تزال تحتضن عبوة الشيكولاتة..والتي قاربت على النفاذ..رفع حاجبه بذهول حقيقي وقال بنبرة مدهوشة
-حبيبتي..إيه كل دا؟..هو يا أكل يا نوم!..
نظرت له شزراً ولم ترد..ولكنها أمسكت الملعقة وملأتها على أخرها..ثم دستها في فاه سريعاً..دُهش مما فعلته..إبتلع ما في جوفه..وبنبرة لا تزال غير مُصدقة لما حدث
-إيه يا روجيدا..أنتي بتزغطيني!
-نظرت له بعدم فهم وقالت بتساؤل:يعني إيه اللي أنت قولته؟
-حك طرف ذقنه وقال:يعني..كل أما أشوفك ألاقيكي بتاكلي وبتأكليني..
وضعت الملعقة مرة أخرى وأخرجت كمية أكبر..ثم
دست الملعقة كاملة في فاها وقالت بدلال وهى تُأرجح ساقاها العاريتان
-أقرب طريق لقلب الراجل معدته
مال بشفتيه يلتقط قطرات الشيكولاته المُتناثرة على فاها وكأنه يعيش فترة المراهقة..ونبرة تحمل عاطفة جياشة
-ويمكن روجيدا مثلاً......
-نظرت له بخجل وقالت:أنت مش بتشبع!!
-غمزها بوقاحة وقال:وهو حد يقول للفراولة لأ!!..
ثم أبعد عنها ياقة قميصه الذي إستولت عليه تلك المُحتالة..وقبل عظمتي الترقوة البارزتين..إبتعد ليجدها مُغلقة العينين..و وجنتاها تُشعان إحمراراً..ضحك ثم قال
-بحبك يا فراولتي
-حاوطت عنقه قائلة بهمس:وأنا بعشقك يا قدري...
***************
بعدما إستقر أمجد في قرية الصياد بذلك المنزل الصغير الذي إستأجره..وهو لا يترك يوماً إلا وراقب معشوقته..تلك التي مهما مرت السنون ولن يستطيع الزمان محو العشق الذي وشّم قلبه به..طرقات خافتة جعلته ينهض على مضض وهو يتذكر جنون عشقهم مُنذ سنين مضت..فتح الباب..ليجد فتاه ما مُلثمة وتلهث من الركض..أشار لها بالدلوف فدلفت..وضع يديه في جيبي بنطاله وسألها بجدية
-إيه الأخبار؟!
نزعت هانم عنها الوشاح..ثم وضعت يدها على صدرها وقالت بضيق
-يوووه..إستنى أومال..لسه چاية من برة..دا بدال ما تجولي إجعدي..ولا تجبلي ماية أبل ريجي اللي زي الحطب ده..
-نظر لها بضجر وقال:طيب يا ختي
ثم إتجه ناحية المطبخ وعاد ومعه كوب ماء..ناولها إياه وقال بنزق..
-خدي يا أسود أعمالي
-نظرت له بحدة وقالت بـ إستنكار:الملافظ سعد يا راچل أنت
-نفخ بضيق وقال:بت إخلصي مش طفحتي الماية..إرغي
-وضعت كوب الماء أمامها..وتشدقت بجدية:الست هانم عنيات..مبتخرجش..بس فرح سامح بيه جريب (قريب)..تجدر تخلي چاسر بيه يعزمك..وتجدر تتكلم معاها..وأني إكده عملت اللي عليا..
تلك الجاسوسة التي تنقل له أخبارها يوماً بعد يوم..فهو لن يستسلم ويتنازل عن عشقه الذي سُلب منه عنوة ليقول بنبرة غامضة..
-طب بصي..خليكي متابعة الأمور..وعرفيني أول بأول..
-تأفأفت وقالت:ماشي..بس عالله وكل عيشي مينجطعش
-تحدث بصوت خفيض ممتعض:ياكش تنقطع رقبتك وأخلص منك
-تعذر عليها سمع ما قاله..فسألته:بتجول إيه!!
-نظر لها ورسم إبتسامة صفراء على وجهه قائلاً بـ إقتضاب:مبقولش
نهضت عن مكانها ثم أعادت وضع الوشاح على وجهها ثم خرجت بصمت..وتركت أمجد سابحاً في أفكاره.......
****************
دلف خارج المرحاض ليجد زوجته جالسة على طرف الفراش..وتزفر بضيق..جفف خصلات شعره السوداء..وسألها دون أن يلتفت لها
-خير يا روجيدا!!..بتأفأفي ليه؟
نظرت له بحنق ثم هبت واقفة وقالت بصوت مختنق
-ما أنت مش حاسس بيا..
أخرج ملابسه ثم إرتداها..وهو يمنع ظهور ضحكاته بصعوبة..إلتفت لها وحاوط ذراعيها وقال بحنو
-طب مالك!!..إيه اللي مزعلك
-ليصدمه ردها العفوي:مش عارفة أقفل سوستة الفستان..
رمش بعينيه عدة مرات..ثم إنفجر ضاحكاً..نظرت له بضيق وقالت بحدة
-بتضحك ع إيه..بطّل..
-كبح ضحكاته وقال:طيب..طيب..
أدارها له وهمس بجانب أُذنها بخبث
-بعد كدا لما متعرفيش تقفلي السوستة..متعيطيش وتعاليلي..أنا خريج هندسة قسم سوست..
-ردت عليه بخجل:وقح..
قهقه جاسر بشدة ثم إحتضنها بشدة..وضع يده على بطنها..وحدثها بحب
-مش عاوز أشوفك زعلانة..ولا مضايقة..طول ما أنا عايش مشوفش وشك مكشر..
إستدارت له وحاوطت خصره..نظرت لعسليته وقالت بعذوبة
-أنت أجمل حاجة حصلتلي..ربنا يخليك لينا..
-ضمها له بتملك:ويخليكي ليا..
ظلا هكذا بضع دقائق..ثم إبتعدت عنه ونظرت له بغموض جعلته يحدق بها في ذهول..أخذت نفس عميق ثم زفرته على مهل وقالت
-جاسر..عاوزة أروح مشوار قبل أما نرجع المنيا
-سألها:ليه!!
وكأنه يعلم الإجابة فلم ترد عليه..زفر بضيق وقال بهدوء حاد
-ولازمته إيه يا روجيدا!!
-أجابته بجدية:لو شوفتها وهى بتقولي تعمل تحليل DNA ..و نبرتها وهي واثقة..دا سبب قوي يخليني أشوفها تاني
نظر لها بعمق ليلمح نظرات التحدي..زفر بيأس وقال
-وإفرضي قالت حاجة ضايقتك!!
-أجابته بخفوت:ما دا اللي عاوزة أروح عشانه
-سألها بعدم فهم:عشان إيه؟
-أجابته بقوة:لازم أفهم بابا عمل كدا ليه...
****************
أوقف سيارة أجرة بعدما دلف خارج المطار..وقفت السيارة ثم ركب..سأله السائق
-على فين يا بيه!
-رد عليه بـ إقتضاب:أقرب فندق..
-أؤمرني يا بيه..
عدل من وضعية المرآة..وتفرس في ملامح ذلك الرجل..عيناه سوداوتان ذو بشرة قمحية وشعره الأسود..يتخلله خُصلة أو أكثر..لتزيده وهيبة و وقار..يرتدي حُلة رسمية باهظة الثمن..
بينما الأخر لم يعبأ بنظرات ذلك الفضولي الذي يُتابعه من المرآة الأمامية..وأخرج هاتفه ثم حدث أحدهم..ليقول هو بهدوء
-ها..إيه الجديد؟
-أتاه صوت رجل غليظ وهو يقول:الهانم راحت شقة فـ المعادي يا مراظ باشا
-هز رأسه وقال بغموض:ودي شقة مين!!
إرتبك الرجل ولم يعرف ماذا يقول..سكت..ليقول مراد بحدة
-أنت يا زفت..
-رد عليه الرجل:آآ..أيوة..آ..يابيه
-حدثه مراد بغلظة:إخلص شقة مين!
-أجابه بتلعثم:شقة..آآ..شقة جاسر بيه الصياد
نطقها ثم زفر براحة..وسكت يستشف ردة فعل سيده..الذي صمت ولا يتحدث..فقد وقع عليه الخبر وقع الصاعقة..يعلم أنها تحيك أمراً ما ولكن جاسر الصياد مرة أخرى!!..بالطبع هناك خطباً ما..جاءه صوت الرجل يحثه على الحديث
-تؤمر بـ إيه يا باشا!!
-أمره بصرامة:خلي عينيك عليها..وتبلغني أول بـ أول
-تمام يا باشا..
-تمام
ثم أغلق الهاتف وضعه على طرف ذقنه..وظل يفكر بعمق..وحدث نفسه متنهداً
-لسه جاسر الصياد..لسه مواويله تاني!..مبتزهقيش..مش كفاية اللي حصل من خمس سنين..خسرنا بعض بسببك..وأنا عارف إنك مبتحبنيش..بس لأ..مش مراد النويهي اللي يضحك عليه....