رواية أخباءت حبه الفصل الثالث والخمسون 53 بقلم محمد ابو النجا


رواية أخباءت حبه الفصل الثالث والخمسون

أخذت ساره قراءة تلك الرساله
 أكثر من مره..
وهي لا تصدق ولا تستوعب
ما تحتويه...
يبدو بأن ذلك المجهول يعلم 
بأنها تبحث عن زوجها 
المفقود ....
والآن يخبرها بمكانه ...
وهذا آخر شيء يمكن أن
تتوقعه...
وآخر مكان كانت ممكن أن
تتخيله ...
فالرساله تقول بأن محمود 
زوجها الذي تبحث عنه
منذ أيام يمكث عند صافي..
صافى جارتها فى الطابق
الأعلى من شقتها ..
صافي تلك المرأه التي
قد وجدتها يومًا في حجرة
زوجها محمود بعد منتصف
الليل....
 صافى التي اخبرت عنها رحاب
 في حديثها وقالت بأنها كانت
 زوجة محمود في الماضي
بورقه عرفى....
هل يمكن حقًا ذلك...؟
هل يمكن أن يكون محمود 
الذى نبشت الأرض بحثًا عنه..
يكون في النهايه داخل الشقه 
التى تعلو شقتها ...
وعند امرأة أخرى...؟
وفي نفس البيت...!. 
هل كان موجود طيلة الفترة 
السابقه ..؟
مستحيل...!
ولماذا هو هناك فى شقه 
صافي...!!
ولماذا فعل ذلك..!!
شيء غريب ومريب ...
أجمعت ساره شجعتها 
وهي تنوي الذهاب الى شقة
صافي...
وبلا تردد ....
أغلقت باب شقتها خلفها فى
عنف وبدأت تصعد أدراج 
السلم وهي تفكر وينتابها إحساس 
بالخوف والشك ..
ولكن لم يكن لديها بديل آخر ...
سوى التأكد من محتوى
 الرساله...
حتى وصلت إلى باب الشقه 
وجاءت لحظة طرق الباب ..
تأخذ نفسًا عميقًا ..
وعصرة قبضة يديها ...
وعقلها توقف عن التفكير فى
كل شىء ...
فقط هدف واحد...
هو التأكد من المعلومه التي
جاءتها في الرساله... 
لمست ساره جرس الباب الذي عن يميناها برفق ..
وبضغطه ضعيفه من 
طرف أصبعها ..
وانتظرت لبعض الوقت...
وقلبها يخفق وشعرت بأن
أقدمها عاجزه عن حملها ...
وتدعو في أعماق نفسها بأن 
لا تجد محمود هناك...
ولا تعلم سبب هذه الأمنية..
 فجأة ....
تسمع صوت فتح الباب...
ومن خلفه تظهر صافي 
بملابس بيت شفافه وأعلى
كتفيها شال أصفر  تمسكه 
قبضتها من صدرها ...
وتداعب بأصابعها خصلات 
شعرها الناعم وعيناها متسعه 
فى صدمه قائله :
 ساره...!
أنا لا اصدق...!
أنت هنا على باب شقتي...!
يا لها من مفاجأة ...
أقصد زياره سعيده...
 ترتبك ساره هي الأخرى 
قائله : أنا آسفه..
آسفه إن كنت جئت في وقت
 غير مناسب ...
تنفي صافي برأسها فى تعلثم 
وهي تشير لها بالدخول : 
 لا ...
تفضلي...
إنه ...بيتك...
دلفت ساره بهدوء وعيناها 
زائغه ...
تبحث في كل أرجاء الشقه 
من الداخل عن أى أثر لزوجها
 محمود ...
لقد كانت شقه انيقه وجميله
ومنسقه...
 بها لوحات كثيره معلقه..
وتتوسطها سفره طويله
ذات ثلاث مقاعد فقط من
 التراث القديم...
 تشير لها صافي فجأه بالجلوس
 على مقعد جانبي  وثير 
قائله : تفضلي هنا ..
تعود هى الأخرى تجلس في 
المقعد المقابله لها وهي تبتسم
 ابتسامه جذابه :
انا سعيده حقًا برؤيتك...
تبادلها ساره إبتسامتها وهي
تشعر بأنها لا تجد كلمات 
للحديث لتقول في إرتباك 
: أشكرك ...
تشير صافي بيديها : 
لحظه واحده...
 سأحضر لك شراب لذيذ 
لتناوله ...
تنفي ساره بيدها بسرعه :
لا ...لا...
لا داعي لذلك ...انا ...في ....
تقاطعها صافي وهي تشيح 
بيديها : مستحيل ....
دقيقه واحده...
 وتغيب صافي عن عينيها..
 لتعتدل ساره واقفه وتدور 
وتبحث برأسها بسرعه تتفحص 
أرجاء الشقه ...
ربما عثرت عن زوجها محمود
أو أى أثر له ...
والقلق والتوتر يكسو ملامحها
من الواضح أن المكان خال...
ولا أثر لوجود  أحد غيرها 
داخل الشقه ...
حتى تنتبه إلى حجره هناك 
مغلقه ...
تبتلع ساره ريقها وهى تحدث 
نفسها هل من الممكن أن يكون
 محمود هناك داخلها...؟
هل ..؟
نعم ربما ...
ولكن كيف تتأكد من ذلك الشك 
الذى يغوص فى أعماق قلبها...
بقرار سريع تنطلق ساره بقوه 
نحو الباب المغلق وتلامس قبضته
وقبل أن تحاول فتحه
 فجأة 
يصدر صوت صافى من
 خلفها تقول : 
هل ثمة هناك شيء...؟
تتراجع ساره وقد سقط قلبها
بين قدميها في إرتباك وهى 
تتراجع عن فتح الباب وتدور 
بجسدها وهى ترى صافى تحمل 
بين يديها ماعون صغير من الخزف
الصينى فوقه كوب من الزجاج
داخله عصير ذو لو أصفر ...
تقول ساره بصوت خافت
 وبتعلثم : لا... لا...
ليس هناك شىء...
أنا ... أنا...
تتابعها صافي بدهشه على 
ملامح وجهها تقول :
 أرى أنك كنت في صدد فتح
باب حجرتى ...
تنفي ساره في إرتباك واضح
: لقد كنت أشاهد شقتك ...
فقط ... إنها ... إنها...
جميله ...ورقيقه... 
ما أعرفه أنك تعيشين وحدك 
بها ...أليس كذلك...؟
عقدت صافي حاجبيها
وكأنها غير مقتنعه بحديث
 ساره فوضعت الشراب على 
منضده صغيره دون أن ترفع 
عينيها عن ملامح ساره :
نعم ...
أعيش وحدى...هنا ...
تعود ساره للجلوس كما كانت 
ولكن هذه المره اختلفت 
ملامح صافي...
لقد أصبحت جامده ...
تلاشت إبتسامتها التي كانت
فوقها شفتيها الجميله ...
وكانها شعرت بشيء مريب 
من تصرفات ساره التي كانت
تفرك اصابع يديها في توتر شديد 
وتمسح جبينها الذي بدأ ينصب
منه قطرات العرق ...
تقاطع صافى الصمت قائله 
: كيف حالك..؟
أخبريني عن أخبارك ..
هزت ساره رأسها قائله بصوت
مهموم : 
الحمد لله .. 
أنا بخير .. 
صافي : ومحمود زوجك ...
كيف حاله.. ؟
ساره بصوت خافت حزين 
منكسر : في الحقيقه...
محمود منذ أكثر من أسبوع 
لا أثر له ....
أختفى...
تتسع أعين صافي في صدمه 
: اختفى...!!
هل تلك دعابه ...؟
تنفى ساره برأسها : لا...
هذا ما حدث بالفعل ...
لقد كنت في المستشفى وتم
إجراء عمليه دقيقه داخل 
قلبي ...
وبعد خروجي من المستشفى 
لم أجد محمود في الشقه ...
وبحثت عنه في كل مكان...
حتى أن أبي وأخوتي قاموا 
بالبحث معى فى كل مكان من 
الممكن أن يتواجد به ....
لكن بلا فائده.... لم نجده...
صافي في تعجب واضح على
 ملامحها تقول :
 شيء لا يمكن تصديقه...
 تتفرس ساره ملامح صافي
 وتحاول بسرعه تحليلها....
 لقد كانت على ما يبدو
 صادقه ..
لقد أصابت مفاجأة إختفاء 
محمود كل ملامحه ..
فأصبح يكسوها الإنزعاج...
صافي في حزن :
اوجعت قلبي بحديثك ...
أنا آسفه وحزينه من أجلك ...
ومن أجل محمود...
وفي حيره شديده من قصة
 اختفاؤه تلك ...
إنه لغز...لغز عجيب..
تتنهد ساره وهي تعيد سؤالها :
 أنت تعيشى هنا وحدك ..
 أليس كذلك..؟
تعقد صافي حاجبيها فى دهشه 
وهي تتراجع للوراء قليلاً 
قائله : نعم...
 انا اعيش هنا وحدي
لقد قمت بالإجابه عن هذا 
السؤال منذ لحظات...
ثم عاد الصمت من جديد بينهم
لتقاطعه صافي بأعين ونظرات
خبيثه : أشعر بأن هناك شيء 
ما مريب خلف تلك الزياره ....؟
هل يمكن أن تصارحيني 
ماذا هناك...؟
تشعر ساره بالصدمه من حديثها 
الصريح وينتابها رغبه كبيره
 في كشف أوراقها ...
فكانت تفكر بسرعه...
ثم عادت تقول : 
هل كنت يومًا حقًا زوجة 
محمود...زوجى...؟
تتسع أعين صافي وهي لا
 تصدق سؤال ساره التي
انتظرت في لهفه إجابه سؤالها
وبعد تردد أومأت صافي
 برأسها : نعم ...
كان هذا منذ عدة سنوات
 بعيده ...
لقد كانت هناك قصه حب
 بيننا ..
وتم فى السر ذلك الزواج...
لكنه لم يستمر كثيرًا ..
كانت فترة لا أنكر بأنها كانت
 سعيده...ورائعه...
عشت أيام لا تنسى...
وذكريات لا يمكن محوها 
من عقلى وقلبى ..
شعرت ساره بالغيره من حديث 
صافى لكنها حاولت التجاهل. 
وفي صوت خافت تقول : 
وهل ما زال قلبك يعيش 
هذا الحب...؟
ام أنه قد نسى ...؟
صافي في تعجب تشير
 نحوها : أنت تقصدي هل مازلت
 أحب محمود أم لا ...
هزت ساره رأسها دون أن
 تنس بطرف كلمه ...
صافى فى حيره : 
ولكن قبل أن أجيبك..
كيف علمت بقصة ذلك زواجى
 من محمود ...!
أعتقد بأنه سر لا يعلمه أحد..
سر قد دفن منذ سنواته...
يزداد إرتباك ساره أكثر..
وقبل أن تحرك شفتيها
 وتجيب صدر صوت من داخل
 الحجره المغلقه...
 تتسع أعين ساره فى دهشه 
وهي تقول في تعجب :
 ألم تخبريني بأنك تعيشى
هنا وحدك داخل الشقه....!
 هزت صافي رأسها قائله :
 نعم ..
تشير ساره بيديها نحو باب
 الحجره المغلق قائله :
ولكن هناك صوت يصدر من
 داخل الحجره...!
 يبدو بأن هناك أحد بالداخل ...
هناك أحد معك هنا غيرك 
في الشقه ...تخفيه...
تنفي صافي برأسها في حده
وبصوت قوى حاد : 
لا يوجد هناك أحد هنا ...
واعتقد بأنها شقتى..
ولا شأن لك بما فيها ...
ساره في توتر تعيد الإشاره نحو
 الحجره وهي تقول بصوت
عنيف : أنت كاذبه...
بل محمود زوجى هنا ..
محمود داخل تلك الحجره
هناك...
 أليس كذلك..؟
لا داعى للإنكار...
 صافى بغصب وبصوت حاد 
: لقد قلت لا ...
محمود ليس هنا ..
ساره فى تحدى صريح تنفى
بيديها وبرأسها وهي تصر
 بصوت قوي : إذن 
علي التأكد بنفسي سأفتح
 الحجره وأرى بنفسي..
وتقفز ساره  مسرعه نحو الباب 
قبل أن تشعر بيد صافي تعترضها
وهى تقبض على معصمها بقوة 
تحاول منعها وهي تقول : 
معذره...
أنت مجنونه بلا شك ..
وجريئه...
ومتبجحه ...
وآسفه لإستخدام أسلوب 
مختلف معك ...
أنا لا أسمح لك بفتح باب حجرتى
 أو التدخل الفذ في شؤونى...
وأعتقد بأن زيارتك قد انتهت
 إلى هنا ...
من فضلك ارحلي قبل إستخدام 
أسلوب آخر أشد قسوة ..
ساره صوت قوي : لا ... أنا لن 
أرحل من هنا.. حتى أرى من 
يمكث في تلك الحجره..
تجذبها صافي من يديها بقوة
 للوراء وهي تقول بلهجه غليظه
: وأنا لن أسمح لك بفتح
 الحجره...
 وإن لم ترحلي الآن سيتبدل
 اسلوبى إلى أسلوب أكثر 
سفاله معك...
وبحركه مباغته تدفع ساره يدها
 بعيدًا وتعود بسرعه تخطو
 نحو الحجره وتقوم بفتحها
 دون تردد...
 قبل أن تتراجع في صدمه..
 وقلبها يسقط بين قدميها...
 لقد كانت ما تراه داخل 
الحجره مفاجأه ...
مفاجأه لا يمكن أن 
تتخيلها...
 أو تتوقعها...
مفاجأة مذهله ...

تعليقات



×