رواية وجفت ورودها الحمراء الفصل الرابع 4 بقلم وسام اسامه


 

رواية وجفت ورودها الحمراء الفصل الرابع بقلم وسام اسامه


وضعت هالة كوب العصير على الطاولة لتقول..
-مستعدة أن تكون زوجة غريب بعد غدًا..امامكِ الفرصة للتراجع

ضحكت سندس بمرح وهي تستند على يدها..
-اكثر من مستعدة..سأذهب الى بيت غريب ياهالة

صمتت هالة لثوان قبل أن تقول بجدية..
-سندس هل غريب يعاملك جيدًا..اقصد هل يعاملك بلطف !

-هالة لم انتِ وامي قلقتين علىّ من غريب !

اجابت هالة بهدوء ..
-لأنك رقيقية كالورد..وهو جامد كالصخر..لا يلين
حديثة الجدي ومعاملتك على انك جندية لا خطيبة
عزلك عن الجميع ايضا...منعك أن تكملي مدرستك لأنه غير متعلم..بعد كل هذا كيف لا نقلق ياسندس

تنهدت سندس لتقول بطيب خاطر..
-غريب يخاف علىّ ياهالة..طبعه جاف ولكنه طيب القلب
لا أحد يعلم غريب سواي ياهالة

-ونحن لا نتمنى سوى الخير لكم ..فقط حاولي تكوين شخصية قوية لكِ النعومة لا تنفع في كل الأحوال
كلما يراكِ خانعة سيكسر منكِ جزء

عبست سندس لتقول...
-هالة غريب ليس وحش ليفعل ذالك
لم تنظرين له تلك النظرة السيئة ماذا فعل لكل هذا

أمالت هالة رأسها وهي تقول بحدة..
-سندس هل تتناسين ما يفعله معكِ أم تضحكين على نفسك..انتِ من تنالين توبيخة وحدته وجمودة..وصفعاته ايضًا

اشاحت سندس وجهها المُمتقع لتقول...
-لا داعي لذكر ماحدث سابقًا ياهالة..كانت غلطتي و..

قاطعتها هالة بعدم تصديق..
-غلطتك..هل تمزحين تلقين بالخطأ على نفسك لتخرجيه بريئ ياسندس..صدقًا تتحدثين !

إنتفضت سندس من جلستها لتقول بحدة..
-نعم غلطتي انا من تجرأت على شقيقته..وهو عاقبني على خطأي إذًا كنت استحق صفعته

فتحت هالة عيناها على وسعيها وهي تقف..
-سندس من أين ألفتي تلك القصة..هل تضحكين على نفسكِ..لقد صفعك أمامنا جميعًا بسبب انه صدق رضوى واميرة ولم يصدقك..رغم أنني شهدت لصفك ولكن اهانكِ أمامنا جميعًا..

اغرقت عيناها بالدموع وحركت رأسها برفض وشعور الصفعة يلسع وجنتها من جديد لتقول...
-هذا قبل عام مضى لا داعي لتذكر مع حدث
وهذا ليس مقياس لجعله سيئ ياهالة

صمتت هالة لتقول بذهول..
-كما تريدين ياسندس..ولكن كذبك على نفسكِ لن يجعل من غريب أكثر لطفًا ورقة..كلماتك وحديثك هم القادرين على تغييره..إن كان قابل للتغيير

ثم لفت وشاحها حول وجهها وامسكت حقيبتها لتقول..
-سأغادر الآن وسأتي أن والفتيات لإجل الحنة من صباح الغد..كوني بخير ولا ترهقي نفسكِ..مع السلامة

عانقتها سندس وودعتها ورجعت الي غرفتها وعينا شاخصة في سقف الغرفة..ويدها على وجنتها تسترجع ذكريات تلك الصفعة المؤلمة

ذاك اليوم الذي تلا عقد قرانهم وكانت فتيات العائلة يحتفلن مع سندس بإستثناء..اميرة ورضوى..رضوى شقيقة غريب..واميرة إبنة عمهم عدنان والتي تهيم بغريب
وبما أن رضوى وأميرة أصدقاء فكلتاهما تكنان البغض لسندس

وبدء بغضهم يُترجكم بالأفعال حينما ألقت اميرة العصير على سندس بخبث وادعت أن هذا بالخطأ..وبما أن سندس مسالمة للغاية تجاوزت ماحدث بصمت

لتتولى أفعالهم الشنيعة ..بدأت الهمهمات المغيظة لسندس
ثم محاولاتهن لإحراجها ثم تشكيك في حب غريب لها
وذالك عندما تحدثت رضوى..
- لا أظن أن اخي غريب سيحب يومًا ما

إبتعلت سندس رمقها وهي تقول..
-كيف وقد تزوجنا 

تحدثت اميرة ببرود..
-وهل الزواج يعني الحب..زواجكم تم بإتفاق اعمامنا
ولا وجود للحب من الأساس اممم سأوصلها لكِ بشكلٍ أوضح..إن لم يكن محدد زواجكم منذ الصغر لما كان غريب تزوجك من الأساس

نظرت سندس لهالة بعجز عن الرد..لتكمل رضوى...
-من يعلم يااميرة لعله يجد الحب بعد الزواج

ثم ضحكن بإستفزاز لتقول سندس بإندفاع..
-لا دخل لكن..غريب يحبني وانا كذالك

تخصرت أميرة لتقول...
-لِمَ تجعد وجهك هكذا..نحن نمازحك..ام انكِ متأكدة أن غريب لا يحبك ..يالكِ من تعيسة

اندفعت سندس لتقول بعصبية...
-انتن خبيثات..انتِ ياأميرة هي التعيسة..لأنني كُتبت لغريب رغم أني اصغركِ سنًا كنتِ تلهثين خلفة كـ الكلبة الضالة ورغم ذالك تزوجني أنا

ثم نظرت لرضوى وقالت بحدة..
-وانتِ يارضوى خبيثة..لا أدري كيف فتاة مثلك تكون شقيقة غريب وإبنة خالتي عفاف

في غضون ثوان كان غريب يقف في المجلس ويصفع سندس صفعة قاسية..جعلت هالة تشهق بقوة هي وروفيدا صديقة سندس..بينما كانت اميرة تنظر لها بدموع وشماتة
وكذالك رضوى

وحينما كان يصفعها كانت حكيمة تدلف الي المجلس على صوت الصياح..لترى إبنتها تُصفع بمهانة امام الجميع !

زعقت حكيمة واتى زوجها ليعلم ماحدث ليؤنب الفتيات على حديثهم التافه..ولم يلم غريب على صفعة لسندس
بل ربت على كتفه فقط !
وجعلها تعتذر منه..ومن رضوى..واميرة
وعوقبت سندس لمدة اسبوع كامل

استفاقت من شرودها على دمعة باردة أثر تلك الذكرى السيئة..لتقول لنفسها بمواساة..
-لا بأس ياسندس..كان كلامكِ قاسِ على اميرة ورضوى
كنتِ مخطئة..لا بأس

ولتبعد تلك الذكرى عن عقلها بدأت تسترجع ذكرياتها السعيدة معه..لتُمسك دفترها وتبدأ بتدوين مرحلة من مراحل عشقها لغريب..ومرحلة شتلات وردتها في أرض غريب      
                                   ***
كان يأمر العمال بحمل الصخور والخروج بها للشاحنة تارة يحمل حجر ويخرجه وتارة يساعد عامل اخر
ليقترب منه والده ويقول بضيق...
-غريب زفافك غدًا وانت تجهد نفسك وتحمل الصخور
ألم أقل لك اجلس اليوم بالبيت واسترخي قليلا !

أجابه غريب وهو ينفض الغبار عنه..
-سأرتاح يوم الزفاف ياأبي..أما الآن سأباشر عملي
لابد من إخراج كل تلك الصخور اليوم 

ذم والده شفتيه بغير رضا وقال...
-يابني صدقني لا يجوز ماتفعله بنفسك..لابد أن ترتاح وتتفادى ألم الجسد وخدوش الصخر

-لا تقلق علىّ ياأبي لن اجهد نفسي اليوم
ولكني لن اتحرك من المحجر سوى بعد إنهاء عملي

استسلم والده وهو يعلم رأس إبنه العنيد..لن يترك المحجر إلا حينما ينتهي عمله..ولذالك تركه وغادر بعدما القى التحية على العمال..ليتابع غريب عمله في حمل الصخور والإشراف على البقية

تجازوت ساعة وإثنتين ولازال ينهك جسده هو وعماله كي يفرغوا من عملهم سريعًا...وماهي إلا ثوان وسمع غريب صوت أحد عماله يقول...
-شيخ غريب هناك إمرأة تود مقابلتك

إلتفت له غريب ورفع حاجبيه ليقول..
-إمرأة..هنا في المحجر !

-نعم وتصر على مقابلتك وتبكي 

سار غربب لخارج المحجر ليجد جسد مُغطى بالسواد من أول رأسها الى اصابع قدميها..ليسمع صوت المرأه من وراء الحجاب تقول...
-ياأخي أرجوك دلني على الشيخ غريب
انا تعبت لأصل الى هنا ارجوك

كاد العامل يتكلم ويخبرها أنه غريب بشحمه ولحمه
ولكن أوقفه غريب وهو يقول بهدوء...
-مالذي تريدينه منه يااختي

صمتت المرأة لثوان قبل أن تقول...
-انه أمر خاص للغاية..أعتذر..ولكن لن استطيع البوح سوى للسيد غريب

صرف العامل الواقف جواره وقال..
-انا غريب ياااختي مالذي تريدينه بالصبط

شهقت المرأة وهي تنظر لهيئته الرثة من أثر الصخور لتقول...
-اعذرني ياسيدي ولكن كنت اظنك عامل و..

قاطعها بصبرٍ نافذ..
-لا عليكِ بما استطيع خدمتكِ !

كشفت عن وجهها ليكتشف أنها لازالت شابة
في الواقع هي شابة جميلة للغاية..إن رأتها العين ستجزم أن تلك الفتاة نالت من الجمال نصيبها وأكثر..

غض غريب بصره عنها ليسمعها تقول بصوتٍ مهزوز...
-سأقص عليك أمرًا ولكن..أرجوك..إن لم اسطع مساعدتي
لا تفضحني عند عائلتي ولا تضرني..أنت أخر أمل لي سيدي

-لا تخافي إن لم انفعك لن اضرك

هتفت الفتاة بتهور...
- ولكن قُل اقسم بالله انك لن تضرني

تجعد وجه غريب بضيق ليقول..
-انا لستُ في حاجة لأن أقسم..كلمتي لا تُرد ياصغيرة

توالت دموعها لتقول بغضب مكتوم..
-انت ترفض حتى أن تقسم..كيف سأثق بك

ثم تابعت برجاء باكية...
-أرجوك قل القسم ليرتاح قلبي

رغم غضبه المكتوم منها إلا انه تحدث بضيق..
-اقسم بالله أني لن افضحك أو اضرك وأحاول مساعدتكِ
هل ارتاح قلبكِ الآن

هدأت دموعها لتقول..
-نعم..والآن..هل استطيع الوقوف معك بعيدّا عن الآذان المتطفلة !

كانت تشير بتلك الكلمات الي عماله لبتنهد ويقول بضيق..
-الصبر من عندك ياارب
تفضلي سيرِ خلفي

سار أماما حرارة الشمس تزيد سمرته..وتجعل عيناه تُغلق وتفتح لتتفادي ضوء الشمس..والأخرى تتبعه بلهفة
حتي وقف اخيرًا على بُعد مناسب من المحجر ليقول..
-تفضلي اخبريني كيف يمكنني مساعدتك

كشفت وجهها من جديد وتلبكت قليلا قبل أن تقول..
-انا نسمة..إبنة رضوان الفاتح..من قبيلة

قاطعها بنفاذ صبر...
-قبيلة الخيرانية..اعرف والدك هيا اكملي

-وإن كنت تعلم أيضًا بشاكر..إبن عمي وتعلم أخلاقه ايضًا

تبسم غريب ساخرًا...
-شاكر واخلاقه أشهر من النار على العلم

اكملت بخفوت ودموعها تتوالى..
-خُطبت لشاكر بالغصب..وكانوا سيعقدون قراني بالغصب ايضًا..ولكني..لكني..امم..انا هربت من الدار ليلة أمس
لن اتزوج شاكر ولو قتلوني..وانت تعلم أن ابي يقتل دون أن يرتجف له رمش..إن عثروا علىّ سيقتلوني..وإن ذهبت بقدمي سيغتصبني شاكر ليتأكد من شرفي
وفي الحالتين سأموت

كان غريب يسمع حديثها بغضب وهو يتخيل أن فتاة من عائلته تهرب وتجلب لهم الفضيحة لأجل رفضها للزواج
ليقول بجمود...
-وما دخلي انا في كل تلك الأمور..انا لست من العائلة
ولا حبيبك الذي هربتي لإجله..لذا لا املك لكِ حل لمشاكلك

ضرخت نسمة بغضب باكية...
-انا لم أهرب لإجل أحد..انا هربت من الموت
ان تزوجت شاكر سأموت ألف مره..هذا الرجل مقامر وزاني وفاسق..كيف سأعيش معه..كل مااريده حياة هادئة تعوضني عن ظلم ابي..اخرج من ظلم الي جحيم

انا جئتُ اليك كي تقف جواري لأنك إبن أكبر قبيلة في المدينة..رجل صالح الكل يشهد له بالعدل والحكمة
ولك شقيقات..ظننت أن ضميرك سيدفعك تساعدني أن أهرب من تلك المدينة البائسة...ولكن من الواضح أنتي اخطأت الظن

التفتت لتبتعد وهي تبكي بحسرة..ليقول غريب..
-اباكِ يحب المال أكثر من عائلته..ان استخدمت المال تظنين انه سيصرف نظرة عن زواجك من شاكر

إلتفتت له بلهفة لتقول...
-نعم فقرنا دفع ابي لقبول مال شاكر مقابل زواجي منه
وإن ساعدتني سأرد لك مالك ..سأجتهد في تجارتي واسدد مالك على مراحل

اقترب منها بوجه هادئ..
-وهل انتِ تاجرة

مسحت دموعها بأمل وهي تقول..
-اشتري الملابس وابيعها لنساء القبيلة بالتقسيط
استطيع جمع بعض المال

تنهد وأشاح وجهه عنها وهو يفكر في تلك المعضلة ليقول..
-كم عمرك يافتاة

-تسعة عشر عامًا وشهرين

همهم غريب وهو يسير أمامها..
-تعالي خلفي..سمحل أمرك وأرجع الي عملي

تبعته وكلها سعادة وأمل..ودموعها جفت..وحل محلها إبتسامة فاتنة تكون بمثابة جائزة لغريب..على مساعدته لها
تعليقات



×