رواية وجفت ورودها الحمراء الجزء الثانى الفصل الرابع بقلم وسام اسامه
صباح يوم الحناء
تجمعن فتيات عائلة آل فارس في شقة سندس
كانوا يمرحن بالرقص على الأغاني البدوية..وطقوس الحناء المتوارثة..في الواقع هن كانوا أكثر من جيدين معها
في محاولاتهن لإندماج العروس الواجمة معهن
ولكن العروس كانت شاردة في يومٍ مشابه لهذا
تتذكر ذاك الصباح الذي استيقظت به سعيدة تختار رسومات الحنة بحماس وقلبها ينبض بالحب والترقب لتُزف لحبيب الطفولة والشباب،سعادتها لو وزعت على العالم كانت تكفي وتفيض..ولكن انقلب عالمها بعدها بساعات..والى الآن هو منقلب
نظرت لرسامة الحنة وهي تشكل خيوط الحناء ببراعة وسهولة..لوت شفتيها بسخرية مريرة
غدًا زفافها على رجل لا تعرفه سوى من أيام قليلة
وهي الآن تتجهز لتتزوجه وتذهب معه لمدينة اخرى
ستسير لدربه وتحمل اسمه..ستكون ملكًا لرجلاً آخر
لم تستطع من عيناها من تلك دموع القهر
وقلبها يئن ألمًا ولسانها يلعن غريب
كانت هالة جالسة جوارها ترى ملامحها بوضوح
لتنخفض هامسة بقلق..
-سندس واثقة انكِ راغبة بهذا الزواج
ياالله وجهك يدل على عذابك وترددك
رفعت عيناها لهالة وهي تهمس بخفوت..
-لا توجد فرصة للتراجع ياهالة
قُضي الأمر..سأتزوج وأسافر غدًا
تنهدت هالة بأسى على حالها..لتقول سندس...
-غريب علمَ أن زواجي غدًا
تجعد وجه هالة بحدة لتقول...
-المدينة كلها تعلم بزواجك ياسندس
اخرجي غريب من عقلك لا مكان له
ضعيه خلف ظهرك مثلما قُلتي
اشاحت سندس وجهها عنها وهي تفكر ساخرة
الجميع يخبرها أن تنسى غريب..وكأنها عرفته منذ عام أو اثنين..تنساه وكأنه شخص عابر..أو ان ماكانت تكنه له إعجاب لا أكثر
غريب الذي نشأت على حبه وكرروا مرارًا أنها لغريب
كبرت في حياة تتلخص في أب وأم وغريب
وبعد كل هذة السنوات يقولون ببساطة
"ضعيه خلف ظهرك وانسيه "
صدقًا !
بهذة البساطة والمرونة !
تنهدت بثقل حينما انتهت مراسم الحناء وغادر الجميع اخيرًا وبقى هالة وحكيمة ونوران فقط..التي لم تحاول التبسم فيها حتى..رغم أن والدتها همست لها أن تخبئ جمودها وحزنها وتبتسم ولو بإصطناع
إلا انها لم تستطع ابدًا..لم تستطع إبتلاع تلك الغصة المدببة في حلقها..وذكري حنتها الأولى تلاحقها بسكين حادة
دلفت لغرفتها بعدما اغتسلت لتزيل حبات الحناء
ثم ارتمت على فراشها وهي تحدق في الرسمة الحمراء في كفها..حدقت في جلد يدها وهي تري أثر بسيط لحنتها القديمة
ضحكت وبكت في الوقت ذاته
في أقل من شهرين تجهزت للزواج من رجلين !
خبئت وجهها في الوسادة وبكت بقوة وهي تضرب وسادتها بعنف هامسة بتقطع..
-لعنك الله ياغريب..لعنك الله يانسمة
انا اموت في كل لحظة ياالله..انا اموت
نشيجها العالِ جعل والدتها وهالة ونوران يطرقن الباب بقلق
ولكنها لم تأبه..ظلت تبكي وهي تسمع توسلات والدتها كي تفتح لهن الباب..وألا تؤذي نفسها
بكائها الحاد تداخل مع بكاء حكيمة..لتقول هالة بصوت متهدج...
-ارجوكِ ياسندس اهدئي..لو أردت إلغاء كل شيئ سنحاول فعل مايرضيكِ كفاكِ بكاء ياعزيزتي
ولكن لا رد سوى بكائها الحاد الذي لم يهدأ ابدًا
التفتت هالة بلهفة لتقول لنوران التي بكت حزنًا على سندس..
-اين مفاتيح هذة الغرف يانوران
مسحت نوران وجنتها لتقول بخفوت..
-لا ادري..النُسخ الزائدة من اي مفتاح مع جدي فراس
هل اذهب له واخذه
غمغمت هالة بتحذير..
ولا تخبري أي شخص بحالة سندس
إن سألك أحد ماهذا الصوت قولي أن التلفاز عالِ
حركت نوران رأسها بطاعة وخرجت من الشقة سريعًا
بينما حكيمة جلست أرضًا أمام باب الغرفة وهي تهمس بعذاب...
-لِمَ تعذبيني ياسندس..لِمَ تُصرين على ايلام نفسك
اتفقنا على التخطي والنسيان..والآن تتراجعي !
تبكين شخص استحل كسركِ ياابنتي !
تهدرين دموعك ووقتك على رجل لم يحاول أن يحتفظ بكِ..تبكين الوغد ياسندس
انتفضت سندس من فراشها وهي تصرخ بعذاب وتشتت..
-بل ابكي نفسي ياأمي..الا تشعرون بي
لا تشعرون بعذابي..لم يمر شهرين وها انا اتزوج بآخر
والله وحده يعلم مالذي سيفعله بي..إبن عمي إختار إذلالي وضربي..ترى كالذي سيفعله الأخر..هل سيرجعني لكِ في كفن ياامي
ازدات حكيمة في البكاء وهي تضع يدها على الباب..
-لا تقولي هذا الكلام..توفيق يحبك منذ سنوات
لن يجرؤ على إذائك
-تضحكين على نفسك أم علىّ ياأمي !
لا فارق إن كان يحبني او لا..لم اعد اؤمن بالحب
غريب محق الحب تراهات لا قيمة لها..الآن صدقته ياأمي..الحب تراهات لا وجود له سوى في الخيال
هدئت نبرتها في جملتها الأخيرة وقد هدء بكائها
لتقول هالة برجاء..
-افتحي الباب لنا ياسندس
امك جالسة ارضًا والإعياء بادٍ على وجهها
وقفت سندس وهي تمسح وجهها من دموعها الغزيرة
واتجهت لتفتح الباب بعد دقيقة..لتطالع والدتها جالسة ارضًا تطالعها بتعب حقيقي ودموع غالية
انخفضت لها سندس ودست وجهها في صدر امها هامسة بتشتت...
-سامحيني يااماه..
حاوطتها حكيمة بقوة لتقول بخفوت...
-اسامحك ياحبيبتي اسامحكِ..ولكن ارجوكِ تماسكِ
لن استطيع العيش طويلاً وانا اركِ تعيسة
سأموت كمدًا عليكِ والله
بعد ثوان دلفت نوران وهي تنظر لهم بإرتباك ظاهر
وتُمسك المفتاح في يدها..لتنظر لهالة بأسف...
-حاولت أن آخذ المفتاح دون أن اقول شيئ
ولكن جدي استجوبني الى أن قُلت أن سندس متعبة
ونامت وهي تغلق الباب على نفسها
وكان توفيق جالس معه..وقَلق على سندس
واخبرني أن اجعلها ترد على الهاتف حالما نستطيع فتح الباب..وإن واجهتنا مشكلة اخبره ليأتي ويفتح الباب بنفسه
تجعد وجه حكيمة بقلق لتقول وهي تقف...
-هل اخبرته انها كانت تبكي او..
قاطعتها نوران سريعًا...
-اقسم بالله ام أقل أكثر من هذا أول اقل ياعمتي
واخشى أن يصعد هو وجدي كي يطمئنوا على سندس
وقفت سندس من الأرض لتقول بضيق...
-لا يحق له ان يصعد هنا طالما لم يعقد قراننا بعد
اخبريه انني بخير وقد فُتح الباب وانتهى الأمر
تحدثت نوران باسمة..
-ولكنه يرغب الإطمئنان عليكِ ياسندس
سيأكله القلق إن لم تردي على الهاتف وتطمئنيه
أيدت هالة حديث نوران لتنتفض سندس وهي تتحدث بحدة..
-لن اجيب على الهاتف فليذهب للجحيم لن ارد عليه
ولن اراه سوى في ليلة الزفاف
ثم دلفت للغرفة واغلقت الباب بعنف
لتتنهد حكيمة وتقول برجاء..
-اعطيه الصبر ياالله..فليصبر على ابنتي
كان الله في عونك ياتوفيق..ولينتقم الله منك ياغريب
وضعت هالو الوشاح على وجهها وهي تقول بإرهاق..
-اقترح أن تتركيها لتنام ياخالتي
وانزلي لهم وطمئنيهم عليها بنفسك
من الأفضل ألا نضغط عليها..هي الآن متوترة
غمغمت حكيمة بإيجاب لتقول وهي تنظر للساعة التي تُشير للثامنة مساءًا..
-سيأتي أحد ليوصلكِ المنزل !
-نعم سأتصل بأخي ويأختي في الحال
هو يُنجز بعض الأعمال في الجوار
وبالفعل بعد دقائق غادرت هالة واتجهت حكيمة للأسفل كي تطمئن الجد وتوفيق ان سندس على مايرام ولكنها نائمة بتعب أثر يوم مُرهق
غمغم توفيق وهو يقف هو الآخر...
-سلامتها ياخالتي..دعيها ترتاح فغدًا يوم مرهق آخر
سننتهي من الزفاف ونسافر الى القاهرة..اليوم انهيت توضيب شقتي بالكامل..وتنتظر العروس فقط
نظرت له حكيمة بتقدير ومحبة
فمنذ أن وافقت سندس وهو يسافر ليجدد شقته في أسرع وقت..ويعود ليجهز للزفاف مع رجال العائلة
وجهه بات مرهقًا من السفر وقلة النوم..ورغم ذالك لم ينفك عن الإهتمام بالسؤال عن سندس وإرسال هدايا الزواج
تمنت حكيمة من كل قلبها ألا تظلمه سندس وتظلم نفسها..ودعت لهم بالسعادة والخير..
***
كان جالس أمام التلفاز يتابع ما يُعرض دون إنتباه
ونسمة جالسة جواره تحدق به بوجوم..وهي تعلم اين ذهب عقله..لا تحتاج لسؤاله هي تعلم الإجابة
لذا لم تمنع نفسها من القول بتهور...
-لا داعي لتفكر بها ستتزوج غدًا
بعد أن تفوهت بتلك الكلمات ندمت وهي ترى وجهه يتحول لحمرة الغضب التي باتت تراها منذ اسابيع
حين تفعل اقل خطأ او تذكر اسم سندس.. تجده بنفعل ويثور وينظر لها نظرة إتهام..وكأنه بخبرها أنها ستدفع ثمن عالمه الذي انقلب اثر مساعدته لها
استفاقت على كلماته الحادة وهو يغلق التلفاز..
-اغربي عن وجهي يانسمة..ولا تُريني وجهك حتى تتوقفي عن ذكر سندس مره اخرى
كادت تتحدث ليقاطعها بحدة..
-ولا كلمة..قفي وادخلي للغرفة ولا تُريني وجهك الليلة طالما أن تحذيري لا يُجدي معكِ
توهج وجهها بإنفعال لتقف وترميه بنظرات غاضبة..
-لا ياغريب..يجب أن اذكرها ولا تتأثر
بتُ لت اتحمل أن تشرد وأنت جواري
وانا اعلم انك تفكر بها..هذا ليس عدلاً هذة خيانة
ارتفع حاجبه ساخرًا ليقول بنبرة محذرة..
-ادخلي لغرفتكِ ياسندس..ولا تراجعيني في..
قاطعته صارخة بحدة...
-انا لستُ سندس انا نسمة ياغريب نسمة
تعاقبني كلما اقول اسمها وانت لا تنفك عن مُناداتي سندس..تقول سندس في اشد لحظاتنا حرجًا..تقول اسمها في كل وقت دون مرعاة لمشاعري انا
زاغت نظرات غريب بإدراك ليُغمغم بخشونة..
-تعلمين أنني لا اقصد..اغلقي هذا الحديث
واذهبي لغرفتكِ يانسمة..لا اود قول اشياء قد تؤلمك
تغضن جبين نسمة بألم حقيقي لتقول بحدة...
-انت تؤلمني دون أن تقول شيئ ياغريب
تؤلمني كلما اتأكد انها كالشبح بيننا..تُحيل
بيني وبينك انا...
قاطعها حينما بدء غضبه يتصاعد ليقول بإنفعال..
-كفاكِ تراهات يانسمة..لا تفتحي بدفاتر قد أُغلقت
انتِ الخاسرة في هذا الحديث
-ولِمَ سأكون الخاسرة
امسك هاتفه ومفتاح سيارته ليقول بجمود قبل أن يغادر...
-لأنكِ الدخيلة يانسمة..تلك الفتاة كانت لتكون زوجتي..ولكن النصيب وضعكِ بدلاً عنها
ثم غادر وتركها تتطلع لأثره بغيظ وغضب كبيران
منذ أربعين يومًا وهي تحاول مسح اي ذكرى لسندس من عقله او قلبه..خاصة حينما سألته ذات مره..
"اكنت تحب إبنة عمك ياغريب"
كان سؤالها يرتدي ثوب البرائة لذا اكتفي أن يجعد وجهه بحدة ويقول...
-لِمَ تسألين عن شيئ لا يخصكِ "
استخدمت كل وسائل دلالها في صوتها وملامحها
وهي تميل لتحضن كتفه بقوة...
"لا اقصد ازعاجك..ولكن مجرد سؤال سأحزن وسيزداد تأنيب ضميري لو كنت تحبها "
شردت عيناه بعيدًا وصمت..ولم تتوقع منه رد إلى أن قال بنبرة منخفضة كأنه يحادث نفسه...
"لا أؤمن بكلمة حب من الأساس..
سندس كانت شيئًا آخر"
ثم نظر لها بإنتباه وابعدها عنه قائلا بهدوء..
"لا داعي ليؤنبك ضميرك هذا النصيب وعلينا أن نرضى بما يكتبه الله ولا تأتي على سيرتها مرة اخرى يانسمة..ولا تسألي عن شيئًا لا يعنيكِ مفهوم يانسمة"
حركت رأسها بطاعة وابتسمت بإتساع لتقول بدعابة..
"مفهوم ياقلب نسمة ..ولكن احذرك لأنك ستقع في حبي كما وقعت انا أثر شهامتك معي "
لم يبتسم او يتحرك..بل غرق في شروده الصامت
اودعت شروده ذاك الى طبيعته الهادئة
ولكن كانت الأيام تمر وشروده يزداد أكثر فأكثر
واسم سندس يتكرر على لسانة كلما أراد منادتها
كانت تظن ان دلالها ودهائها سيطويه تحت جناحها
ولكن غريب متبلد المشاعر..لا يتأثر بأي شيئ
وكأنها تعيش مع صنم..يأكل ويشرب وتعطيه حقوقه الزوجية فقط..لا شيئ آخر إن حاولت تبادل الحديث معه تقول عشر كلمات ليرد عليها بكلمة واحدة تضجرها..فتصمت او تتدلل عليه كي تخفي حنقها
جلست على المقعد وهي تمسد بطنها ملامح حادة خائبة وهي تتذكر ردة فعله حينما تأكدت من كونها حامل..غمغم مُباركًا وقبل رأسها متمنيًا أن يكون صبي..ضحكت حينها وقالت بمرح..
"اتمنى فالمتوارث عندنا إنجاب البنات"
جعد جبينه وقتها بضيق ليقول..
"ولكنني أرغب بصبي ياسندس "
حينها تمالكت أعصابها كي لا تنفجر به بحدة
لتقول مُذكره اياه بهدوء وملامح ممتعضة...
"نسمة ياغريب ..ثم أنني سمعت أن انجاب الصبي او البنت سببه الرجل"
اكتفى بتحريك رأسه والقول
"دعينا لا ندخل في الغيب..الله اعلم
كل مايأتينا من الله هو خير..الحمدلله "
تنهدت بقوة ومسحت دموعها ووقفت لتتجه لغرفتها كي تستلقي على ظهرها فأول الحمل يحتاج للراحة
وهي لا ترتاح ابدًا لا نفسيًا ولا جسديًا
غريب عنده وسواس نظافة..لا يحب رؤية الغبار إلا في المحجر فقط..ولا يسمح به داخل بيته
ولا يتحمل أن يكون شيئ في غير مكانه
لذا تحرص على التنظيف بإستمرار..وكذالك تحضير الطعام وغسل ملابسه يوميًا من الغبار وكيها
كل هذا يزيد من ارهاقها الجسدي
اما النفسي فأيضًا تشعر على الدوام بطاقة سلبية حولهم كلما جلست مع غريب..وكأن سندس القت لعناتها عليهم..غمغمت نسمة بضيق...
-لتدفع ثمن غبائها..في الأول والأخير إن كان غريب مقدر لها لم يكن ليمنع القدر اي شيئ..إذًا انا لم افعل اي شيئ خاطئ
غرقت في تبريراتها بينما غريب جالس في سيارته
يطالع الطريق المُظلم والغضب يتلاعب به
منذ ايام علم من عمه ان سندس ستتزوج !
صُدم في وقتها وثار معترضًا على تلك الزيجة
ولكن والده نظر لها ببرود...
"لا حق لك لتعترض..كانت زوجتك ولم تعُد القرار الأخير للفتاة وابيها "
نظر لعمه يطالبه بالرفض ولكن عادل قال بجفاء..
" اباك محقك..القرار لي ولسندس،وجدها اخبرني انها وافقت وانا كذالك وافقت كي تصمت الألسنة عن الخوض في عرضها بسببك"
سارع بالقول والغضب يتملكه أكثر
"مستعد لأتزوجها من جديد..ولكن لن أُطلق نسمة
سأنفذ اي شيئ تطلبه عدا تطليق نسمة "
إبتسامة ساخرة نمت على ثغر عمه ليقول
"وهل تظن انها توافق ياغريب..لا داعي لتطلق زوجتك ولا داعي لهذا الحديث..خُطبت لآخر وانتهى الأمر"
كلمات عمه كانت لكمة قاسية تلقاها في معدته
والآن وبعد كل تلك السنوات الطويلة
لا يملك اي حق في قول كلمة في حياة سندس
غدًا ستتزوج رجلاً آخر..إذًا اين ذهب حبها له الذي كانت تتغنى به دائمًا..انسيته بهذة السهولة !
اشتد قبضته ليضع رأسه على عجلة القيادة وشيئًا ماداخله يغلي كالنار..سندس الذي حجبها عن الجميع لتكون له وحده..ستتزوج ذاك الخبيث الذي جاء ليضربه لإجلها وصاح بتبجح ان فرصته معها انتهت
توفيق الذي كرهه من كل قلبه الآن
توعده ونفذ وعيده في اخذها..غدًا سيأخذها بدلاً عنه
غامت عيناه بنظرة غاضبة ساخطة وجزء داخله يلومه على تطليقه لها..لم يكن عليه أن يستسلم لإستفزازها له واندفع بتطليقها وتحريمها عليه كأمه واخته
في الأسابيع الماضية كان يصم اذنه عن تأنيب والدته ووالده ويتهموه بالهمجية كلما تذكروا انه ضربها وطلقاها..كان يقول بجمود
"انا غير نادم على مافعلته..كانت تستحق ذاك عقابًا على وقاحتها معي.."
يتذكر حينما دمعت عفاف وقالت بحزن
"والله ستندم يابُني..ستعض على اناملك حزنًا انك فرطت في فتاة كـ سندس التي كانت تعشقك
استبدلتها بفتاة وضيعة عائلتها بلا شرف
ستندم وتأتيني مقهورًا على مااقترفته يداك "
استفاق من شروده وشعر بحرارة جسده ترتفع
وتعرق جبينه..ليمسح وجهه مُتمتما بخشونة..
-لقد فعلت الصواب ياغريب..سندس لا تعنيك
سندس لا تعنيك..سندس لا تعنيك
صار يردد تلك الكلمات على نفسه كي لا يسمع للصوت المتهور داخله الذي بخبره أن يمنع تلك الزيجة ويأخذها زوجه من جديد
ولكن كلما تذكر كلمتها الحادة وهي تقول
"-تتزوج علي وتضربني بيومٍ واحد !
اخبرك شيئا..انت لست رجلاً وستطلقني في هذة اللحظة ياغريب...ان كنت رجلاً طلقني"
سندس التي كانت لا تجرؤ على رفع وجهها في وجهه قالت تلك الكلمات الجارحة لتستفزه ليطلقها
كلماتها تلك مست كرامته ورجولته..وهو لن يبقى على إمرأة لا تراه رجلاً..غمغم لنفسه بجمود..
-تذهب إمرأة وتأتي غيرها ولكن إن هُدرت كرامتك لا تعود ياغريب
واتبع غريب كرامته..وتنازل عن القضية بسهولة !