رواية حصاد الصبار اقتباس 3 بقلم مريم نصار


 رواية حصاد الصبار اقتباس 3 

غفران، التي لم تجد أي راحة في هذا المنزل، ذهبت إلى المرحاض، وغسلت وجهها بسرعة، محاولًة مسح آثار دموعها التي اختلطت بالماء البارد. كان وجهها مليئًا بالدموع التي تروي قصة وجع لا تُسمع إلا من قلب صغير، مهدم. خرجت من المرحاض وجسدها يرتجف من البرودة والخوف، عادت إلى غرفتها الصغيرة، وجلست على فراشها المتواضع، وكان كل شيء حولها يشهد وحدتها. فتحت حقيبتها المدرسية بصعوبة، وكأن كل حركة لها كانت تكلفها وقتًا طويلاً في تلك اللحظات المظلمة. داخل الحقيبة، كانت صورة والدتها، التي فارقتها منذ زمن، صورة من عالم لا تعرفه إلا بذكرياتها البعيدة. نظرت إلى الصورة بحزنٍ عميق، وكأنها ترى في عينيها شيئًا قد ضاع مع الزمن.

في عالمها القاسي، كان كل شيء يبدو عكس ما كانت تحلم به. العالم الذي يعيش فيه الكبار يعصف بكل شيء جميل، يقضي على أحلام الزهور الصغيرة قبل أن تفتح، ويسلبها ريحها العطر، ثم يجعلها تذبل حتى تسقط أرضًا. ذبلت الزهرة الصغيرة، وذهب بريقها الذي كان يلمع في عيونها، حتى أصبحت مجرد ذكرى.

أمسكت غفران بالصورة بين يديها، وعينيها تغرق في بحر الذكريات. في قلبها كان هناك حديثٌ طويل، مليء بالأوجاع والأحلام التي تود لو تنطق بها، لكن لسانها عجز عن إخراج الكلمات. لم تكن تعرف كيف يمكنها أن تروي ما عاشت من آلام، أو كيف تشكو جرح قلبها الذي لا يراه أحد. ظلت تنظر للصورة، كأنها تروي لها كل شيء، وتنتظر منها العزاء، كما لو كانت الأم ما زالت بجانبها. همس قلبها في صمتٍ حزين، يحمل بين طياته كلمات لم تجرؤ على قولها:

ـ لقد خذلني العالم يا أمي!

تعليقات



×