رواية وجفت ورودها الحمراء الفصل الثانى بقلم وسام اسامه
كانت تجهز طعام الفطور وهي شاردة تمامًا..عقلها يُفكر في غريب..وقلبها يملكه غريب منذ زمن..نقطة ما داخلها كانت تتسائل لِمَ غريب يرفض الحب..او يرفض حبها !
لِمَ يهرب من مشاعرها وينفي وجود الحب ..يخبرها أن تلك المشاعر ماهي إلا تراهات اخترعها الإنسان ليتعايش مع الطرف الأخر ويتقبل عيوبه
وهو سيتزوجها بكل الأحوال..لا حاجة لوجود التراهات بينهم...تنهدت بقوة وهي تقول..
-آااه ياغريب اااه..إن كان الحب تراهات ..فقلبي ممتلئ لآخره بتراهاته لك..وإن كان الحب كذبة..فأنا لا أعيش سوى على هذة الكذبة..وإن كان حقيقة فقلبي لا يخطئ في حبك ابدا
قطع شرودها صوت هاتفها الصغير وهو يصدر أزيز مزعج ينبأها عن إتصال..لترى اسم المتصل ثم تجيب...
-مرحبًا ياهالة..صباح الخير
-صباح النور ياسندوسة..الفتيات يرتدين ملابسهن هيا جهزي نفسكِ لأني سأبدء في إعداد الفطور
عضت سندس شفتيها بحرج لتقول بخفوت..
-هالة أنا اعتذر..لن استطيع المجيئ..غريب رفض
سنعوضها في يومٍ اخر
-ولم رفض شيخ العرب غريب..مامبررة هذة المره !
-هالة لا داعي لسخريتك..لن تفيد بشيئ
لن استطيع المجيئ..استمتعن أنتن وانا سأجلس لاقرأ قليلاً
تأفافت هالة بغضب لتقول..
-سندس لا يجوز مايفعله خطيبك..انتِ معزولة عن الجميع بسببه..لا هاتف نستطيع الحديث معكِ جيدًا
ولا خروج من الدار...وحتى جلسات حفظ القرآن منعك عنها..متى سيضعك في محجر ويخفيكِ عن الجميع !
تنهدت سندس لتقول بخفوت..
-غريب يخاف علي ياهالة
هو لا يتفاهم في شيئ يخص الخروج من الدار
وانا لا أحب أن اعصيه أو اجادله
صمتت هالة قليلاً لتقول بجمود..
-إن كان شيخ العرب يرفض خروجك..فنحن سنأتي اليكِ بعد أن ننتهي من جلستنا
إبتسمت سندس بمحبة لتقول..
-سأنتظركن ياعزيزتي
-اقرأي في الكتاب الذي اعطيتكِ إياه
عله يفيد ولعك بالورود يازهرة القرنفل
ضحكت الأخرى بقوة لتقول..
-ذكرتني أن أهتم بورودي الجميلة..هيا الى لقاء
-انتظري واجيبيني على سؤالي أولاً
لِمَ تعشقين الورود لهذة الدرجة
-سأخبركِ حينما تأتي هيا الى لقاء
اغلقت الهاتف وركضت سريعًا لشرفة غرفتها المطلة على الحديقة الداخلية لدارهم..وامسك
انهت إهتمامها اليومي بالورود..ثم جلست على فراشها وامسكت دفترها وبدأت بالكتابة
"منذ دقائق سألتني هالة لِمَ انا مهووسة بالورود..ولكن إجابتي لن تعجبها..لأنها تتعلق بغريب كما كل شيئ بحياتي
احب الورود بسبب غريب..حُبي له يذكرني بمراحل نمو الوردة..نبدء بأول مرحلة...وهي البذور
بذور حب غريب داخل قلبي..وزرع اسمه في كياني
وربط ارواحنا معًا..وكذالك مصائرنا
"مراحل نضوج الورد بماء الحب.."
او بمعنى اوضح..مراحل زرع غريب داخل السندس
1- البذور.
كانت مجرد طفلة تلهو بين الأطفال..وتركض خلف الخراف وجدائلها المائلة للون الشمس بفعل زيت الزيتون وحرارة الشمس التي يتعرض لها شعرها بإستمرار
وجنتاها السمراوتين المشعتين بالحمرة ووجهها المستدير جعل منها طفلة لذيذة تود لو تضم وجنتها برفق من فرط شقاوتها
وقف عمها وهتف بقوة...
-الى الداخل ياأولاد..وكفى باللعب بالخراف ياسُندس
واذهبي لتنظفك أمك هيا
عبست ووقفت أمامه بعيون الجرو الحزين..
-عمي أنا لا ألعب بهم..انا ألعب معهم
لا اريد أن أدخل الآن
زمجر الواقف جوار عمها راجي قائلا بحدة..
-اصمتي يافتاة ولا تردي على من هو أكبر منكِ
نطق بها إبن عمها غريب البالغ من العمر خمسة عشر عامًا بملامحه المراهقة التي تبدء بمرحلة النمو
لتنكمش سندس خوفًا من صياحه
ليقول راجي برفق وهو ينظر لغريب..
-ياولدي لا تفزعها منك..انها مجرد طفلة في الثامنة
لا تجعلها تخاف منك من الآن
نطقت سندس بجبن...
-انا أخاف منه كثيرًا ياعمي
يصرخ بي دائما ولا يود أن ألعب مع البقية
ضحك راجي وامسك وجنتها قائلا...
-لا تلوميه ياصغيرة..هو يحافظ على ماهو ملكًا له من الآن
يود أن تكون زوجته فتاة مؤدبة لا تلهو دائما
نطقت الصغيرة بجهل..
-زوجته كيف ياعمي
أشاح غريب وجهه بعدم رضا..ليقول راجي..
-زوجته بمعني الفتاة التي سيكمل معها حياته
وينجبوا أطفال صغار يمرحون حولهم..ويكون هو سندها وهي حبيبته
لم تستوعب سندس أيًا من كلماته لتقول..
-سنشتري أنا والأخ غريب أطفال من بائع الأطفال
ضحك راجي ليقول بحزم..
-نعم ستشترون أطفال..ستكون سندس لغريب وغريب لسندس..والآن كوني فتاة مطيعة وكفى لعب واتجهي لوالدتك كي تحممك
إبتسمت بحماس وهي تقول..
- اتفقنا
ثم ركضت تقول بصوتٍ مرتفع...
-سندس لغريب وغريب لسندس وسنذهب لنشتري أطفال
هييييي سندس لغريب وغريب لسندس
وكانت تلك الكلمات هي البذرة التي زُرعت داخل التربة
كي تنبت وردة كبرت على الحب واللهفة
ولكن هناك مراحل عدة مرت بها تلك البذور حتى تصبح الآن وردة في ريعان ربيعها وجمالها"
أغلقت دفترها أخيرًا عندما دلفت والدتها التي قالت بهدوء..
-ألن تذهبي لصديقاتك !
-لا ياامي..سأتين هن الىّ بعدما يُنهين جلستهن
انا سأقرأ قليلًا الى أن يحين موعد قدومهن
لتقول حكيمة بضيق..
-غريب رفض ذهابكِ !
-وما الجديد ياأمي..نعم رفض
-يالله..اخبريني كيف ستتحملين العيش بمفردك
لا تخرجي مع رفيقاتك..ولا تذهبي لأخواتك..ولا تذهبي في أي مكان عدا بيت عمك فقط..كيف تتحملين يابُنيتي
زاغت عيناها لتقول بخفوت..
-غريب يخاف علىّ ياامي..وأنا لا امانع خوفه
ومالجديد في الأمر..منذ طفولتي وانا لا اخرج من الدار إلا للضرورة..لما لا اتحمل الآن
تنهدت حكيمة وجلست جوارها تقول بقلق..
-لأنكِ الآن في ريعان شبابك يابنيتي..في العشرين من عمرك..سن الزهور..كيف تقضيه بين أربع جدران
وشهور قليلة وتصبحي زوجتك وتتحملين مسؤليات على عاتقك..إذًا يجب أن تسرقي المتعة قبل زواجك
لا أريد أن تضيعي شبابك كما اضعتي طفولتك ومستقبلكِ
لا اريدكِ أن تكوني نسخة مني ياابنتي
يجب أن تحظي بوقتٍ سعيد قبل أن تدخلي بيت غريب
والذي سيصبح سجنك الأبدي
تحدثت سندس بحزن...
-امي لم تنظرين لغريب تلك النظرة الظالمة
بالتأكيد لن يسجنني في بيته..بل سيعوضني عن كل هذا
انا احب غريب ياامي..ولا أرى اي تحكم او ظلم فيما افعله بحياتي
-وتركك للمدرسة ليس بظلم !
وعزلك عن الجميع ليس ظلم
ومعاملتك بجفاء ليس ظالم
هل اعماكِ حبك لهذه الدرجة ياسندس
انه كـ أباكِ يابنيتي ..سيضيع عمرك هباءا
انهت حكيمة كلماتها والدموع تجري على وجنتيها على حال ابنتها..وعلى حال قلبها ومستقبلها مع غريب
لتقول سندس بطيبة وهي تعانقها...
-لا تقلقي ياعزيزتي..كل شيئ على مايرام
انا سعيدة مع غريب..وسأكون اكثر سعادة وانا في بيته
انا احبه ياأمي..احبه للغاية
صمتت حكيمة بألم وهي لا تجد رد على حديث سندس
إبنتها غارقة في حب غريب لأذنيها..حتي صارت صماء عن الحقيقة..وعمياء تجاه مايجري
الزهرة غرقت لآخرها في ماء الساقي..ومصيرها الموت لا محال.
"""
وجفت ورودها الحمراء.