رواية تعافيت بك الجزء الثالث الفصل الثاني
مر اسبوعين على الجميع من بعد زواج "عمار" كانت الأجواء هادئة و مرحة كما هي و كأنهم تمسكوا بالفرحة معهم، و خصوصًا في الغد، و مع ذكر الغد فهو اليوم الذي قرر به "محمود" أن يجمعهم سويًا معه حتى تتم عزومة العروسين كبقية الشباب من بعد العودة من شهر عسلهما.
اليوم هو الخميس و حل وقت تجهيزاتهم لذلك اليوم، و لكن لكلٍ منهم طريقته الخاصة في ذلك، حيث وصل "ياسين" بيته بعد نهاية دوامه كعادته وسط النهار، فوجد "خديجة" ترتدي ثيابها و بجوارها الأطفال الثلاثة، فسألها بتعجبٍ من على أعتاب البيت:
"رايحين فين كدا ؟؟ أوعي تكوني غضبانة ؟! بالله عليكي مش رايق خالص"
ردت عليه بقلة حيلة من سخريته:
"دا بعينك والله، قعدالك فيها متخافش، بس رايحين نجيب حاجات من تحت و قولت بدل ما يتخانقوا أخدهم معايا"
حرك رأسه موافقًا ثم دلف الخطوة المتبقية و أغلق الباب فيما ركضت "جاسمين" نحوه تقول بحماسٍ:
"أنا هقعد مع بابا هنا و انتوا روحوا خلاص، مش هاجي"
قال "يزن" مسرعًا بلهفةٍ:
"أحسن، هتيجي تخنقيني، هروح مع نغم و أخلي ماما تجيبلي حاجة حلوة"
أخرجت له لسانها تعانده فيما حملها "ياسين" ثم قال بنبرةٍ مرحة:
"خلاص خلوها معايا هنا و أنا هغير لحد ما تيجوا علشان ناكل سوا، هما هيمشوا امتى ؟!"
ردت عليه "نغم" بحماسٍ:
"خالو هيكلمنا نجهز قبلها"
حرك رأسه موافقًا فيما تحركت "خديجة" بهما سويًا و تركت الأخرى معه، فسألها "ياسين" بخبثٍ زائفٍ:
"عندك مصايب تعمليها لحد ما أدخل أغير هدومي ؟! ولا أغير و نعمل المصايب سوا ؟؟"
ضحكت هي بشدة على حديثه و طريقته ثم قالت بنبرةٍ هامسة و كأنها تُفشي بـ سرًا حربيًا:
"ادخل غير هدومك و تعالى عاوزاك ضروري"
حرك رأسه موافقًا ثم رفع كفه يحك فروة رأسه من الخلف ثم تحرك من أمامها و هو يفكر في حديثها، فيما ركضت هي نحو الأريكة ترتمي ثم امسكت جهاز التحكم الخاص بالتلفاز تقوم بفتحه ثم صفقت بكفيها معًا.
بدل "ياسين" ثيابه لأخرى بيتية مُريحة باللون الرمادي و خرج لفتاته الصغيرة التي قامت باطفاء الأضواء العالية و تركت فقط الخافتة، عقد ما بين حاجبيه و هو يرمقها بحيرةٍ و يقترب منها بخطىٰ متمهلة، فركضت نحوه تفرد كلا ذراعيها و هي تقول بحماسٍ:
"شيلني يلا بسرعة"
حملها على مضضٍ و قد انتبه لتوه للأغاني التي قامت هي بتشغيلها على التلفاز، فسألها بريبةٍ:
"بت ؟! هو فيه إيه ؟! فرحك النهاردة و عملهالي مفاجأة ولا إيه ؟!"
ضحكت عليه ثم طوقت عنقه بذراعيها و هي تقول بحماسٍ:
"عاوزاك بقى ترقص معايا و تدوخني، يلا بسرعة قبل ما هما ييجوا تاني و أنا مش هقول لحد"
حرك فمه يمنةً و يسارًا بتهكمٍ يسخر منها، فيما ألحت هي عليه حتى ابتسم هو رغمًا عنه ثم بدأ يتحرك بها و هي على يده و يغني بنبرةٍ هادئة بصوته العذب:
"بحس و هي بتكلمني عيونها الحلوة جاية تقولي قرب شوف يا حبيبي ازاي خلصت كل الجـمال....دي أجمل ما شافت عين....دا جمال مقسوم نصين....نص أقدر أوصفه و التاني فوق الخـيـال...دي أجمل ما شافت عين....دي جمال مقسوم نصين....نص اقدر اوصفه و التاني فوق الخـيـال"
كان يتحكرك بها و هي على ذراعيه تبتسم بسعادةٍ بالغة مع حبيبها الأول "ياسين"، أما هو فاستمر في التحرك بها و هو يُغني لها حتى قربها لعناقه و دار بها و كليهما يضحك بسعادةٍ بالغة حتى فُتح الباب و طلت منه "خديجة" بالأخرين معها، حينها شهقت "جاسمين" فيما قال "ياسين" بسخريةٍ:
"براءة أنتِ المرة دي، أنا اتفضحت خِلقة خلاص"
سألته "نغم" بحزنٍ:
"طب و أنا مش هترقص معايا"
وضع "جاسمين" على الأريكة ثم اقترب من "نـغـم" يحملها على يده ثم قال بنبرةٍ ضاحكة:
"إزاي بس من غير نغم ؟! نغم حياة ياسين"
ضحكت بسعادةٍ بالغة فيما احتواها هو بين ذراعيه يغني لها و يدور بها كما الأخرى حتى عانقته "نـغم" و هي تقبل وجنته فدار هو بها ثم وضعها على الأريكة و هو يضحك لهما، ثم حمل "يزن" الذي قال بسرعةٍ كبرى:
"مش مهم أنا هروح أرقص مع زياد و مازن"
ضحكت "خديجة" رغمًا عنها فيما وضعه "ياسين" على كتفيه ثم دار به و الأخر يضحك بصوتٍ عالٍ حتى انزله "ياسين" و هو يلهث بقوةٍ و يقول بنفسٍ متقطع:
"الحمد لله كدا رضينا كل الأطراف"
تحدث "يزن" بلهفةٍ يلفت نظره:
"طب و ماما يا بابا !!!"
اقترب منه "ياسين" يقبل وجنتيه ثم قال بمرحٍ:
"أنتَ بتفهم ياض، هات بوسة لأبوك يا روح قلب أبوك"
قبل أن يقترب منها تحدثت هي بسرعةٍ كبرى:
"بقولك إيه؟! أنتَ فاضي أنتَ و هما، خلوني أغديكم و بعدها نشوف مين هيرقص لمين"
تحركت من أمامهم فسألهم هو بخبثٍ:
"انتم هتباتوا عند خالو صح ؟!"
حرك الثلاثة رأسهم بموافقةٍ فيما قال هو بنفس الخبث:
"حبايب قلبي انتوا و خالو"
_________________________
ارتدى "وليد" ثيابًا أخرى بعد عودته من العمل و ذهابه لشقته و قبل أن يخرج من الغرفة دلف له التوأم يركضا نحوه، فقال هو مؤكدًا دون أن ينطق أيًا منهما:
"قبل ما حد منكم ينطق، لأ مش هتيجوا معايا، أنا هروح أجيبهم وأجي علطول، خليكم هنا ساعدوا ماما علشان متبقاش لوحدها، تمام يا رجالة ؟!"
وافق "مازن" بسرعةٍ فيما صمت الأخر حتى سأله "وليد" بحاجبٍ مرفوع:
"و حضرتك ؟! معترض ؟!"
حرك رأسه نفيًا ثم قال:
"لأ خلاص، هات بقى حاجة حلوة كتير و أنتَ جاي، زود العصير لنغم و الشيبسي علشان جاسمين"
ابتسم له "وليد" و هو يقول بقلة حيلة:
"سبحان الله، كنت بقول نفس الكلام و بقول زود عصير لخديجة و شوكلاتة لخلود"
قال "مازن" بسرعةٍ كبرى:
" و هات معاك فينو علشان نعمل سندوتشات أنا و يزن بليل"
حرك رأسه موافقًا ثم قبل كليهما و تحرك من المكان حتى قابل "عبلة" أمامه تأكل ثمرة الخيار فقال هو بسخريةٍ و هو يضربها بخفة على جبينها:
"بطلي أكل هتتخني كدا"
ردت عليه بسخريةٍ:
"دا خيار مش بيتخن، لو مش عاجبك اطلع عند أختي أكل براحتي و لا انزل عند أخويا"
رد عليها هو بنبرةٍ ضاحكة يشوبها المكر و كأنه انتبه لتوه:
"أبوكِ دا سوسة، عامل نفسه رافض الجوازات و هو واخد البيت كله لعياله، مش سهل"
اقتربت منه تمسك يده تحاول عضها فيما ضحك هو بصوتٍ عالٍ ثم قبل وجنتها و رحل و هو يضحك عليها فاقتربت هي من ابنائها تقول بضجرٍ:
"يلا ياض منك ليه تعالوا ساعدوني علشان نعمل الكيكة"
سألها "زياد" بتهكمٍ:
"إحنا رجالة هنعمل معاكِ إيه ؟!"
ردت عليه بسخريةٍ:
"مفيش فرق يا حبيب أمك علشان ربنا مكرمنيش ببنت، يبقى ساعدوني و خلوا فيه دم"
دلفا معها كليهما للمطبخ فيما وقفت هي تقسم عليهما الأدوار حتى انخرطوا سويًا في العمل و هم يضحكون بسعادةٍ معها.
_________________________
أنهت "خديجة" الغداء برفقة أسرتها و قد ركض أبنائها للداخل حتى يتجهزون للذهاب إلى "وليد".
طرق باب الشقة في تلك اللحظة فركضت "نـغـم" تفتحه لخالها و لكن الطارق كان شخصًا غيره، فقالت بنفس الحماس الذي غلف نبرتها:
"يونس !! ازيك عامل إيه ؟؟"
ابتسم لها و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"كويس الحمد لله يا نغم، أنتِ عاملة إيه ؟! طنط خديجة موجودة ؟!"
أتت له "خديجة" من الداخل و هي تقول بحماسٍ:
"قولتلك بلاش طنط دي، مش متعودة عليها منك"
ابتسم لها بسعادةٍ ثم مد يده لها بحقيبةٍ بلاستيكية و هو يقول:
"هي دي الحاجة اللي ماما قالت عليها، بعتتهم معايا علشان العزومة بكرة"
حركت رأسها موافقةً و هي تبتسم له فقالت "نغم" بسرعةٍ:
"طب تعالى ادخل، بابا موجود"
قبل أن يعترض هو و يرفض الدخول شدته "خديجة" من كفه للداخل و قد أغلقت "نـغـم" الباب، جلس "يونس" على الأريكة فركض له "يزن" و هو ينادي اسمه بحماسٍ حتى أجلسه "يونس" على قدمه و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"جيبتلك معايا حاجة حلوة علشان كدا صممت أني أجي"
استحوذ على اهتمام "يزن" بحديثه فيما أخرج "يونس" الحلوى المفضلة للثلاثة من جيبه يقدمها لهم، اخذها منه "يزن" بحماسٍ و كذلك "جاسمين" التي ركضت نحوه، فيما اقتربت منه "نـغم" بهدوء تأخذها منه ثم قالت بنبرةٍ هادئة:
"شكرًا يا يونس"
_"متشكرنيش، دي حاجة بسيطة"
ابتسمت هي له ثم قالت بسرعةٍ:
"طب عن اذنك هنروح نجهز علشان خالو وليد زمانه جاي"
حرك رأسه موافقًا ثم قال بسرعةٍ:
"سلميلي على مازن و زياد لحد ما أشوفهم بكرة، متتأخروش علينا بقى"
حركت رأسها موافقةً ثم رحلت من أمامه نحو الداخل فسألته "خديجة" بنبرةٍ هادئة:
"مش هيتأخروا، بكرة الصبح هيكونوا هناك"
حرك رأسه موافقًا و هو يبتسم لها فخرج له "ياسين" من الداخل و هو يقول مهللًا بفرحةٍ:
"دا إيه النور دا ؟! يونس باشا عندنا ؟! الشقة نورت يا راجل"
اقترب منه "يونس" يُحييه و يعانقه كما الصديقين المقربين، فقال "ياسين" بنبرةٍ أهدأ:
"هو أنتَ حالف متجيش هنا تاني ؟! بتوحشني يا عم"
رد عليه بوجهٍ مُبتسمٍ:
"لأ والله عادي، بس بكون في البيت مش بروح في مكان تاني علشان يسر هي كمان بتطلب تنزل زيي، لما بتيجي فرصة باجي هنا"
حرك رأسه موافقًا ثم قال بنبرةٍ هادئة:
"ماشي هصدقك، البيت مفتوح ليك وقت ما تحب كمان"
تحرك "يونس" من المكان بعدما ودعهم جميعًا بلطفه المعتاد لهم، فيما سألت "خديجة" زوجها باهتمامٍ:
"مش بعرف أشوفه كبير، الوحيد فيهم اللي مش متقبلة إنه كبر"
حرك رأسه موافقًا ثم قال بثباتٍ:
"بس واعي و فاهم، لما عرف إن فيه حدود مبنعديهاش احترمها و خلانا كلنا نحترمه، يونس هيفضل دايمًا زي ما هو ببراءته و هدوئه، أظن كدا أني هشوف عمار تاني فيه"
قال جملته الأخيرة بتلميحٍ مبطن جعلها تبتسم بمكرٍ بعدما التقطت مقصد حديثه، فيما غمز هو لها حتى قالت بنبرةٍ ضاحكة:
"طلبتها و هنولها إن شاء الله"
صدح صوت جرس الباب بصوتٍ عالٍ و جلبة في تناغم ما بين الطرقات و صوت الجرس حتى تسبب به "وليد"، حتى اقتربت "خديجة" من الباب تفتحه له و هي تطالعه بيأسٍ أما هو فاحتضنها و هو يقول بنبرةٍ ضاحكة:
"الكتكوتة حبيبة أخوها"
ضحكت هي رغمًا عنها و هي تعانقه فابتعد عنها هو اقترب من "ياسين" يقول مرحبًا و مهللًا بسخريةٍ:
"جوز أختي حبيبي، وحشتني"
رمقه "ياسين" بلامبالاةٍ و هو يقول بغيظٍ منه:
"و أنتَ موحشتنيش، تتفضل تاخد نفسك و ولادك أختك معاك و تريحونا"
جلس "وليد" بجواره و هو يقول بخبثٍ:
"و على إيه ؟! ما آخد أختي هي كمان معانا ؟! إيه رأيك يا مهلبية؟"
أمسكه "ياسين" من عنقه يهزه بعنفٍ في يده فيما ضحك "وليد" و هو يتوسله بالتوقف حتى تركه "ياسين" دفعةً واحدة و على قبل أن يستفزه "وليد" ركضت "جاسمين" من الداخل تصرخ باسمه مهللةً:
"خــالو..... حبيب قلبي"
حملها "وليد" و هو يقول براحةٍ:
"حبيبي حبيبي....عيون خالو و روح قلبه"
جلست بين ذراعيه و ركض خلفها أخوتها يركضون نحوها، فقالت "خديجة" بسخريةٍ:
"يا سلام ؟! أول مرة تتفقوا يعني على حاجة، خير"
قال "وليد" بنبرةٍ ضاحكة:
"و هو فيه اتنين يختلفوا على حب وليد الرشيد ؟! عيب"
اعتدل واقفًا و لازالت "جاسمين" تتعلق برقبته، فقال "ياسين" بتهكمٍ:
"قافشين فيك كأنك بتوزع فلوس، دا إيه الهم دا ؟!"
رد عليه "وليد" بفخرٍ في ذاته:
"بيقولك الخال والد، ما بالك بوليد الرشيد ؟!"
وقف "ياسين" معهم يوصلهم نحو الباب فيما نطقت "خديجة" تحذرهم:
"مش عاوزة شقاوة، و محدش يضايق خالتو عبلة، ساعتها وليد هيجيبوا علطول هنا"
ردت عليها "نغم" مسرعةً:
"حاضر متخافيش و الله، باي"
لوحت بكفها الصغير و هي تمسك يد أخيها فيما حمل "وليد" حقيبتهم ثم ركب المصعد و "جاسمين" بين ذراعيه.
أغلقت "خديجة" الباب و هي تبتسم بسمتها الهادئة فيما وقف "ياسين" بجوارها يقول بصوتٍ عالٍ:
"روح يا وليد ربنا يفتحها في وشك من وسع يا رب، زي "
_________________________
مر على زواجهما أسبوعين فقط و ها هي تشعر بالاختناق هنا، ذلك الروتين لم تعتاد هي عليه، و ها هي تجلس تنتظر عودته من الصيدلية، زفرت "خلود" بقوةٍ حتى استمعت لصوت مفتاحه في الباب فابتسمت بسعادةٍ كعادتها كلما أتى "عمار" للبيت تبتسم براحةٍ كبرى كما الطفل الصغير الذي يجلس في مدرسته و ها هي أتت والدته حتى يحتمي في كنفها، ركضت له تتعلق برقبته و كم كانت أفعالها غريبة عليه كليًا، حتى ألجمته الصدمة و تيبس جسده لكنه أدرك الوضع سريعًا فرفع ذراعيه يعانقها و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"إيه وحشتك أوي كدا ؟!"
_"لأ زهقت أوي"
ردت عليه هي بذلك حتى رمش هو ببلاهةٍ ثم قال بسخريةٍ:
"هو أنتِ لو كنتي قولتي وحشتني كنتي هتخسري حاجة ؟؟ بوظتي الحضن الله يسامحك"
ردت عليه هي بنبرةٍ ضاحكة:
"مليش أنا في المياعة دي، بس بزهق من غيرك، ما بصدق إنك تيجي"
ابتسم هو لها فقالت هي بنبرةٍ متلهفة و كأنها تتوسله:
"ينفع طيب ننزل و نخرج سوا ؟! نتمشى حتى و نرجع تاني، ممكن"
رد عليها بنبرةٍ هادئة:
"يلا و عزمك على شاورما كمان بس الحساب عليكِ"
رفعت حاجبيها له فقبل هو رأسها ثم قال بنبرةٍ هادئة:
"بهزر معاكِ، تعالي و أنا هخليكِ تتبسطي"
تحركت ركضًا من أمامه فيما وقف هو يضحك رغمًا عنه لكن كلما أمعن التفكير ابتسم أكثر، و كأنه يخبر نفسه متحدثًا: ألم تكن تلك التي تمنيت فقط مجاوراتها و التحدث معها؟! ها هي لك و معك و بجوارك و أصبحت دارها هي نفسها دارك.
هكذا تحدث "عمار" مع نفسه و هو ينتظر عودتها من الداخل، حتى خرجت له ترتدي ثيابها الخاصة بالخروج، عبارة عن قميص باللون الأبيض و أسفل منها "جيبة" باللون الأسود بها نقوشات باللون الأبيض و الحجاب باللون البيج و الحذاء باللون الأبيض، قيمها "عمار" بنظره و قد ابتسمت عينيه قبل فمه خصوصًا أن ملابسها فضفاضة على عكس قبل زواجهما، و دون أن يتحدث هو معها راعت تلك النقطة و اهتمت بتطوير ملابسها و كم كن لها كامل الاحترام بعد تلك النقطة.
اقتربت منه تتمسك بذراعه و هي تقول بسخريةٍ:
"يلا علشان تعزمني على الشاورما و الحساب عليا"
رد عليها هو بنبرةٍ ضاحكة:
"و الراجع ؟!"
_"يبقى عيل بيتدلع على التاني"
قالتها بنبرة دلال عليه جعله يبتسم بسعادةٍ بالغة و فرحةٍ كبرى تشكلت على مُحياه.
بعد مرور دقائق قليلة نزلا سويًا للأسفل يتوجها حيث أراد هو يفاجئها، كان يسيرا بجانب بعضهما و ضوء القمر يُضلل عليهما و تشهد على أُنسهما لبعضهما نجوم السماء.
وصلا لشارعًا يقع بالقرب من مسكنهما، لكنه يختلف عن بقية الشوارع، حيث كان هادئًا و يخلو من السكان، نظرت له بتعجبٍ فيما قال هو بثقةٍ:
"متأكد إنك هتفرحي هنا و تتبسطي"
حديثه غريب و نبرته أغرب بينما ثقته فهي تحمل كل الغرابة التي في العالم، و قد زادت دهشتها حينما أشار لها على مقصده.
شهقت "خلود" بفرحةٍ بعدما اقترب منها من الدرجات الهوائية الموجودة، ثم اختار واحدةً منهم تكفي لفردين، ركب هو أولًا و هي خلفه على المقعد العريض المزود بالدراجة حتى تكفي لهما.
قاد "عمار" الدراجة و هو يضحك بسعادةٍ بالغة و هي خلفه تضحك بصوتٍ عالٍ يُجلجل بفرحٍ فسألها هو:
"فرحانة يا خلود ؟!"
ردت عليه مؤكدةً:
"كلمة قليلة على اللي أنا حاسة بيه معاك، أنا فرحانة أوي"
زاد هو من سرعة الدراجة و هي في الخلف تبتسم لمداعبة الهواء لوجهها و للمشاعر التي تعايشها معه.
_________________________
في شقة "وليد" وصلها بالأطفال الثلاثة حتى ركضوا نحو الأخريـْن بحماسٍ، فيما ركضت "نـغـم" نحو "عبلة" تحتضنها و هي تقول بودها المعتاد لها:
"وحشتيني أوي"
ردت عليها "عبلة" بوجهٍ مُبتسمٍ:
"أنتِ اللي وحشتيني اوي، اسبوعين كاملين مشوفتكيش فيهم، يا شيخة وحشتيني"
احتضنتها "نـغـم" فيما قال "وليد" مسرعًا:
"يلا ادخلوا غيروا هدومكم علشان تسهروا براحتكم"
دلف هو يبدل ثيابه و كذلك الأطفال الثلاثة، فيما جلست "عبلة" تنتظر قدوم أيًا منهم.
بعد مرور دقائق قليلة تبدل الوضع حيث جلس "وليد" في الخارج و زوجته تقوم بإعداد الطلبات لهم و الاطفال جميعهم في الغرفة الخاصة بالجلوس.
قامت "عبلة" بصنع المشروبات لكلٍ منهم طلبه الخاص بما فيهم زوجها يريد قهوته، دلفت الغرفة لهم و هي تقول بنبرةٍ ضاحكة:
"اتفضلوا، حد عاوز حاجة قبل ما. روح القهوجي اللي جوايا تمشي ؟! فكروا ؟!"
حركوا رأسهم سلبًا ينفون إجابة حديثها، فيما أعطت هي لكل منهم طلبه ثم خرجت لزوجها، جلست بجواره و هي تزفر بقوةٍ فقال هو ساخرًا:
"معلش يا سوبيا خليها عليكِ"
ردت عليه هي بنبرةٍ ضاحكة:
"على قلبي زي العسل، دول بييجوا ينوروا البيت و تحس أنهم بيخلوه فيه طعم"
ابتسم هو لها و فور انتهاء حديثها، ركضت له "جاسمين" بتذمرٍ و هي تقول بثباتٍ لا يناسب عمرها البتة:
"خالو تعالى روحني يلا"
نظر لها بتعجبٍ و كذلك "عبلة" فيما قال هو بسخريةٍ:
"هو إحنا لحقنا ؟! مالك ؟!"
_"عيالك اللي محدش رباهم زعلوني، أنا همشي أحسن"
ردت عليه هي بذلك الحديث حتى قال هو موجهًا حديثه لزوجته:
"افرحي يا عبلة، كان نفسي أكون قدوة بقيت عِبرة، عيالي اللي محدش رباهم"
ربتت "عبلة" على كتفه بسخريةٍ فيما وقف هو ثم اقترب من الآخرى يجلس على ركبتيه أمامها و هو يقول بنبرة هادئة:
"مالك بس ؟! مين زعلك ؟!"
ردت عليه تفسر سبب ضجرها:
"مازن قعد يزن مكاني، و زياد زعقلي علشان باخد اللعبة من نغم، أنا هروح عند بابا أحسن"
قبلها على وجنتها ثم قال:
"محدش فيهم و لا حتى أنا يقدر يزعلك حتى، تعالي معايا و ناخد حقك و حق الكل منهم"
حركت رأسها موافقةً بحماسٍ و هي تركض أمامه فيما التفت هو ينظر لزوجته و هو يقول بنبرة ضاحكة في طياتها السخرية:
"بينوروا البيت و يخلوا فيه طعم ؟! أكيد بطعم الخل و الملح"
قال جملته ثم دلف للداخل و هو يتوعد للبقية، و قد وصل أمام الغرفة و فتح الباب ليجد "جاسمين" تقف أمامهم بغيظٍ ز البقية يجلسون على المقاعد الصغيرة يشاهدون الفيلم سويًا.
اقترب "وليد" منهم يجلس في المنتصف ثم سحب "جاسمين" حتى جلست بين قدميه فقال هو بنبرةٍ هادئة:
"مين فيكم يا كلاب اللي زعل جاسمين ؟!"
ردت عليه بسرعةٍ:
"الكلاب دول كلهم"
كمم فمها ثم قال بثباتٍ:
"المفروض انكم متجمعين سوا علشان تفرحوا و علشان انتم بتحبوا بعض، إنما اللي بيحصل دا كدا غلط، انتم الخمسة أخوات و كدا عيب"
ردت عليه "نغم" بهدوء:
"محدش زعلها والله، هي زعلت علشان زياد سابلي اللعبة"
حرك رأسه موافقًا ثم قال بتفهمٍ:
"أنا عارف والله، بس مش عاوزكم تكونوا زعلانين من بعض، انتم كبار خلاص....اتفقنا !!"
حركوا رأسهم بموافقةٍ و قبل أن يقوم هو أوقفته الصغيرة بقولها:
"سرحلي شعري أنتَ رايح فين ؟!"
زفر هو مستسلمًا لها ثم أمسك خصلاتها يقوم بصنع الجديلة لها و هو يبتسم بحنانٍ و كأنها قطعةً منه أو بالأحق هي قطعة صغيرة من شقيقة روحه لذا حتى إذا أرادت عيونه لن يبخل عليها بها.
انهى صنع الجديلة حتى قامت هي تقفز عدة مراتٍ فجلس محلها "يزن" بين قدمي الاخر الذي قال بسخريةٍ:
"نعم ؟! عاوزني أضفرلك شعرك أنتَ كمان ؟!"
_"ليه هو أنا اسمي جاسمين ولا إيه ؟! خليني قاعد هنا و هي تقعد على الكرسي بلاش صداع"
تفوه "يزن" بذلك حتى ضرب "وليد" كفيه ببعضهما لا يصدق أن هذا الصغير ابن شقيقته ففي كل مرة يتأكد أن "نغم" هي من حملت صفات والديها معًا على عكس الأخرين.
_________________________
أنهت "خديجة" عملها في البيت و ترتيبه بعدما استغلت رحيل سبب دماره، ثم جلست في أمام التلفاز تطالعه بمللٍ و بجوارها "خدوش" التي كبرت معهم و ترعرت في كنفهم حتى أصبحت كبيرة الحجم لكن هيئتها كما هي بريئة، جلست معها بعدما نام "ياسين" و قد قرر استغلال الهدوء المخيم عليهما.
زفرت بقوةٍ و قبل أن تقوم من محلها وجدته يخرج لها من الداخل لكن النوم لم يكن ظاهرًا على وجهه، فسألته بتعجبٍ:
"أنتَ ماكنتش نايم ؟!"
حرك رأسه نفيًا ثم أضاف:
"لأ معرفتش أنام، حاولت بس معرفتش كان فيه حاجات تبع الشغل بخلصهم قولت علشان أعرف اقعد معاكِ"
رفعت حاجبيها باستنكارٍ و كذلك ابتسمت و هي تحاول كتم ضحكتها تلك، فجلس هو بجوارها و على حين غرة قام بسحب الرباط من شعرها ثم قام بفرد خصلاتها التي ازدادت طولًا و نعومةً على كتفيها ثم قال بنبرةٍ هادئة:
"شكلك حلو لما بتفرديه"
تجاهلت حديثه و هي تحرك رأسها موافقةً فيما أوقفها هو ثم قال بتهكمٍ:
"هتفضلي تهزي في راسك كتير يا كتكوتة ؟! يعني وليد قايم بالواجب و أنتِ وحشاني و ضرايرك مش هنا"
ردت عليه بقلة حيلة:
"نعم !! عاوز إيه سيدي ؟!"
سحبها من يدها ثم اوقفها أمامه يمسك كفها و كفه الأخر يضعه في خصرها و هو يقول بنبرةٍ هادئة يغني لها بصوته العذب:
"من أول يوم في لُقانا....خدني هواك....عيشت معاك أحلى سنين عمري يا غالي....بان علطول إيه جوانا لما العين جت في العين....و لا حسيت باللي جرالي....بينا نعيش دا العمر ليلة... متقوليش....نستنى ليلة....دي الايام جنبك جميلة.... و عمري يا غالي لقيته معاك....بينا نعيش دا العمر ليلة.... متقوليش... نستنتى ليلة....دي الايام... جنبك جميلة و عمري يا غالي لقيته معاك".
كان يغني لها بملء صوته كل كلمة تتفوه عن نفسها بصدقٍ و هي تبتسم له بسمتها المشرقة المعتادة منها حتى قربها من عناقه و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"يمكن العمر جري و بقيت أب لتلاتة غير بعض و كل واحد فيهم واخد غلاوة عندي غير التاني، بس غلاوتك في قلبي زي ما هي يا خديجة، بنتي الكبيرة و أول فرحتي زي ما بيقولوا، فرحتي و حبي لولادي دا علشان أنتِ أمهم"
لمعت عينيها كما تلمع النجوم في السماء و هي تطالعه و كأنها تتأكد منه عما تفوه به فحرك هو رأسه موافقًا يؤكد لها أن مكانتها كما هي ثابتة منذ البداية بل تزداد مع مرور الأيام و خاصةً و هي تعانقه و تتمسك به و كأنها تنتظر فقط حديثه لتشرق من جديد كما الشمس في الصباح.
_________________________
انهى "عمار" جولته مع "خلود" بالدراجة الهوائية وسط شوارع المنقطة الفارغة من الجميع عدا الدراجات الهوائية و التي يركبونها، ثم توجه بها نحو محل وجبتها المفضلة يجلسان سويًا.
جلست "خلود" أمامه و هي تبتسم له و هو يُملي طلباته للعامل و كم كان دقيقًا في وصف ما تريده هي حتى أدق من نفسها، رحل العامل فيما قال هو بثباتٍ:
"أظن لفة العَجَل دي جوعتك"
حركت رأسها موافقةً ثم أضافت:
"أوي بصراحة و أنا اصلا معرفتش أكل لوحدي و قولت أستناك، و بما إنك جيت قولت ننزل"
حرك رأسه موافقًا فقالت هي بتعالٍ و تكبرٍ:
"أنا أصلًا كان المفروض افهمك الكتالوج بتاعي، شكلك غلبان و لبست في حيطة معايا"
تنهد هو بعمقٍ ثم قال:
"بالعكس، مش يمكن أنا اللي كنت مستني يوم زي دا نكون سوا فيه كدا ؟! حتى لو إنك تدلعي عليا ؟! لو مش أنا اللي هتكوني على راحتك معاه، أومال مين اللي المفروض يطمنك ؟!"
ابتسمت له بسعادةٍ بالغة و ضربات قلبها تتصارع خلف بعضها حتى وُضع الطعام أمامها فقال هو بنبرةٍ هادئة:
"كلي يا خوخة بألف هنا و شفا"
ابتسمت هي بيأسٍ ثم قالت تحذره:
"خلي بالك !! مش أي حد مسموحله يقولي خوخة، بس علشان أنتَ حبيبي و غالي عليا هعديها"
غمز لها بمشاكسىةٍ و رافق فعله ذلك قوله العابث:
"لو أنا غالي عليكِ ... فأنتِ أغلى ما ليا في الدنيا في الدنيا ديا"
اقتربت منه تقول بنبرةٍ هامسة:
"مش هرد عليك هنا، لما نروح بقى أحسن علشان المنظر العام"
ضحك رغمًا عنه و هو يراقبها تغمز له ثم شرعت في تناول الطعام فيما ضحك هو من جديد و ضرب كفيه ببعضهما لا يصدق أنه أفنى سنوات عمره ينتظر تلك التي ستوقعه في مصيبة ذات يوم.
_________________________
في صباح اليوم التالي و قبل صلاة الجمعة و خاصةً في المكان المفضل الذي بدأت منه معظم القصص هيا بنا لنرى الآتي:
_انزل يا عُمر بدل ما أخلي الباقي كلهم يتفرجوا عليك لما أصورك و أنزلها ؟! انزل و أرحم السفرة"
تفوه "يونس" بذلك و هو يقف بجوار طاولة السفرة و "زين" بجواره و "عمر" فوقها و "ميمي" تتابعهم كما كانت تتابع الكبار، بينما قال "عمر" بخوفٍ:
"والله قولت لعمو خالد إن حجز الكورة باسمك علشان ميزعقش ليا، أنا بخاف من ابوك اكتر من أبويا"
ضحك "زين" بصوتٍ عالٍ فقال "يونس" بسخطٍ:
"يا زفت ماهو زعقلي أنا !! أنا من ساعة ما اتعورت وعدته مش هعمل كدا تاني، و معاه حق فكرني مش بسمع الكلام"
سألتهم "ميمي" بتعبٍ من صوتهم:
"فيه إيه يا حبيبي أنتَ و هو ؟! فهموني طيب و نحل الموضوع، السفرة دي ربت أجيال"
اقترب منها "يونس" يقول بغيظٍ:
"مش بابا آخر مرة لما اتعورت قالي مفيش حجز كورة تاني ؟! و أنا قصادك وعدته ؟! عمر كلم العيال و حجز و خلى الحجز باسمي، و بابا قالي أني مش بسمع الكلام و هو معاه حق بصراحة"
أشارت له بجوارها حتى اقترب منها فقالت هي بنبرةٍ هادئة:
"بابا روحه فيك و لما اتعورت كان هيتجنن علشانك، خايف عليك يجرالك حاجة، مش قصده يحرمك من الحاجة اللي بتحبها، متزعلش منه يا يونس"
ابتسم لها ثم قال بهدوء:
"مش زعلان منه علشان هو فاهمني كل حاجة، بس عمر اتسرع و دبسني معاه و أنا مش عاوز بابا يزعل مني"
اقترب منه "زين" يقول بلهفةٍ:
"خلاص أنا هقول لخالو و هعرفه كل حاجة و هو مش هيعمل حاجة، يلا بس علشان نصلي، الساعة خلصت من بدري اصلا"
اقترب منهم "عمر" يقول بوقاحةٍ:
"بس ياض يا خواجة أنتَ !! هو أنا هخاف ولا إيه ؟! أنا هقوله يا عمو خالد يونس بريء و أنا اللي حجزت الساعة من وراكم و دبسته"
_"يا وقعة أبوك سودا يا ابن عامر ؟! تصدق ياض حلال فيك الدبح !!"
تفوه "خالد" بذلك بعدما استمع لجملة "عمر" الذي ركض نحو السفرة فضحك البقية عليه حتى قال "ياسر" بسخريةٍ:
"صحيح اللي خلف مماتش، نفس حركات أبوك بالظبط، خليك كدا"
تدخل "عامر" يقول بغيظٍ منه:
"دي جينات وراثية خد بالك !! أصل هيطلع لمين يعني ؟! صحيح هذا الشبل من ذاك الاسد"
رد عليه "ياسين" بسخريةٍ:
"شبل و أسد ؟! إيش حال مكانتش السفرة دي هي اللي مربياكم سوا ؟!"
رد عليه "عامر" بنفس السخرية:
"مالك يا حلويات ؟! شوف مين بيتكلم ؟؟ قولي بصحيح عيالك فين ؟؟ يوه نسيت عند خالو وليد"
ضحكوا جميعًا عليهما حتى الصبية الصغار، فيما عض "ياسين" شفته السفلى بغيظٍ و قبل أن يبدأ العِراك مع "عامر" قال "خالد" مسرعًا:
"بس أنتَ و هو خلونا نلحق الصلاة علشان نروح العزومة و منتأخرش، قلة أدبنا دي نخليها هنا"
انسحبوا خلف بعضهم بالعباءات البيضاء و كذلك الصغار بعدما قاموا بتوديع "ميمي".
_________________________
في بيت آلـ "الرشيد" قامت النساء بالتعاون مع بعضهم لتقديم الطعام و تجهيزه و كذلك ذهبت فتيات العائلة منذ الصباح حتى تعاون البقية.
كانت "هدير" تجلس وسطهن تحمل "سيلينا" فركضت لها "فاطيما" تتشدق بنذقٍ:
"إيه دا إن شاء الله ؟!"
ردت عليها "هدير" و هي تحاول جاهدة كتم ضحكتها:
"خير ؟! مالك إن شاء الله ؟!"
ردت عليها بضجرٍ:
"شيليني أنا يا ماما و أديها لمامتها، بابا بيصلي و راح من غيري و علي مش هنا"
حملتها "هدير" على قدميها و هي تقول بنبرة صوتٍ هادئة:
"دي أختك أنتِ كمان و كلكم هنا أخوات مع بعض، مش أنا و خالتو هدى أخوات ؟! و بابا و عمو وئام و كلهم ؟! أنتِ كمان أختها"
حركت رأسها موافقةً ثم قبلتها في كفها الصغير و قالت بحماسٍ:
"هاتيها أشيلها بقى طالما أختي"
ردت عليها "مشيرة" بتهكمٍ:
"معندكيش وسط ؟! هتقع منك لو شيلتيها ياختي"
ظهر التبرم و الضيق على وجه "فاطيما" فركضت لها "نغم" تقبلها و تراضيها ثم أخذتها تجلس مع "جاسمين".
في الأسفل قاموا بترتيب الجزء المخصص لهم و لمناسباتهم و قاموا بوضع المقاعد الطاولات و كانوا يعانوا بعضهم البعض حتى يليق اليوم بهم.
بعد مرور ساعة تقريبًا اجتمعوا بعدما وصل "ياسين" و الشباب و الفتيات أيضًا و "ميمي" برفقتهم، بدأت الأجواء تزداد حماسًا و فرحةٍ باجتماع البقية و الصغار مع بعضهم، كان "طارق" جالسًا بجوار الشباب و صغيرته على قدمه، بينما "زياد" كان يبتسم له و الأخر يتجاهل نظرته مقررًا تجاهله بالكامل، حتى ركضت نحوه "رؤى" و هي تقول بحزنٍ:
"يا بابا العلبة بتاعة العجلة اتكسرت تاني، قولتلك خلي زياد يصلحها هو بيعرف"
تدخل "وئام" يقول بنبرةٍ هادئة:
"علي أو فارس بيعرفوا برضه شوفيهم برة كدا"
تذمرت هي فيما وقف "زياد" يقول بنبرةٍ هادئة تعكس شخصيته الأخرى:
"عادي يا عمو هصلحها أنا علشان متبوظش تاني زي ما خالو طارق بيعملها"
تدخل "حسن" يقول بسخريةٍ:
"يا واد يا أبو الشهامة !! صداع من كرم أخلاقك، صحيح أبوك مين"
قال "عامر" ساخرًا:
"قصدك جده و جيناته مين"
استمرت السخرية على البقية و "زياد" يقوم بوضع العلبة بعدما سحب المسمار الصغير الذي وضعه بها يمنع دخول العلبة و بعدما انتهى صفق له البقية فابتسم هو لها حتى قالت هي بحماسٍ:
"شكرًا يا زياد، أنا قولت لبابا إنك شاطر و هتعرف تعملها بس هو مصدقش"
تحركت من أمامه بالدراجة فيما اقترب منه "يونس" يسحب المسمار الصغير و هو يغمز له ثم وضعه في جيب بنطاله، حينها ضحك "زياد" و كذلك البقية.
و بعد مرور دقائق قليلة من الاجتماع بدأ "عمر" كعادته في نشر البهجة حيث التقاط الصور و تصوير الفيديوهات الساخرة مع الأطفال جميعهم و قد شاركهم "عامر" و "وليد" معًا.
في الأسفل وصل "عمار" و "خلود" معه و فور رؤية الصغار لهما ركضوا نحوهم يلتفون بدائرةٍ و كلٍ منهم يود أخذ الأخر حتى قال لها "عمار" بسخريةٍ:
"واضح أنهم بيحبوكي اوي يا خوخة، عاملة كبيرة علينا بس ؟! طلعتي بتحبي العيال يا تافهة"
ردت عليه بنبرةٍ هامسة:
"مش هما بس اللي بيحبوني يا عمار و أنا مش بحبهم لوحدهم، فيه كتير بحبهم و يا بخته اللي خلود تحبه"
ابتسم هو لها ثم حمل "يزن" على ذراعه و مال على أذنها يقول بنبرةٍ هامسة:
"يبقى يا بخته عمار ابن فهمي"