رواية صراع الذئاب الجزء الثاني (عهد الذئاب) الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم ولاء رفعت علي


 رواية صراع الذئاب الجزء الثاني (عهد الذئاب) الفصل الثامن والعشرون 


_ تصطف تلك السيارات السوداء الأربعة ذات الدفع الرباعي في منطقة نائية تُسمي بجبل الحلال ، فترجل من الأولي كنان بمظهره المهيب وألتف مسرعاً وفتح باب السيارة لينزل منها قصي بكل هيبة وشموخ مرتدياً نظارة شمسية قاتمة تعكس صورة هؤلاء الذين يقفون لإستقباله ... تقدم نحوه رجل يرتدي زي العرب و يبدو علي ملامحه المكر والدهاء برغم علامات الشيخوخة التي تحتل قسمات وجهه الصارم ، يتراصون علي جانبيه رجال أشداء كالجبال يحمل كل منهم سلاح لو أطلقت ذخيرة واحد منهم لقضي علي قرية بأكملها ....
_ يا مرحب .. يا مرحب بوِلد الغالي.. سينا نورت .
تفوه بها الشيخ سويلم بترحاب زائف، بادله قصي بإبتسامة مصتنعة ومد يده ليصافحه:
- منورة بأهلها وبيك ياشيخ سويلم.
_ تسلم يا ويلد العزازي.
تقدم نحوه إحدي رجاله وهمس إليه بصوت غير مسموع، أشار له الشيخ بيده بالذهاب قائلاً:
- جولهم الضيوف وصلو و عايز كل شئ تمام.
أومأ له الرجل بإنصياع لأمره وذهب إلي داخل هذا البناء الذي يشبه القصر من الخارج.
_ متتعبش نفسك يا شيخ سويلم.. إحنا يدوب هنسلم ونستلم علي طول عشان ألحق أرجع القاهرة عندي شغل كتير في الشركة.
قالها قصي.
_ كيف هذا يا ولدي ما بدك تاخد واجب الضيافة.. عايزهم يجولو إن الشيخ سويلم مابيعرف في الأصول... إكده غلط كبير وعيبة في حجي... أنت ترضيهالي؟.
تنهد قصي وهو يخلع نظارته الشمسية:
- أنا ما أقصدش حاجة خالص أ....
قاطعه سويلم بحسم وأمر:
- قصدك ولا مقصدكش... إكده هتاكل وإكده هتاكل... يلا أدخل أنت ورجالتك قبل ما الواكل يبرد ويبقي ماسخ .
وهو يتفوه أخر كلمة كانت نظراته لاتوحي أبداً إنه يقصد الطعام مما أثار الشك والريبة بداخل قصي الذي أذعن له و ولج إلي الداخل .
_______________________________

_ تقف أمام الدرج المؤدي إلي قطار الأنفاق ... وسط زحام المارة تنظر إلي ساعة هاتفها بقلق وتوتر وخوف ... تتلفت من حولها تبحث عنه ... ليعلن جوالها برنين متصاعد عن مكالمة واردة منه ... أجابت علي الفور :
- ألو يا علاء أنت فين ؟.
علاء علي الجانب الآخر للشارع :
- أنا قربت عليكي ثواني وهكون عندك خليكي مكانك .
وبعد مرور ثوان ... توقفت أمامها دراجة نارية يقودها شاب مرتدياً خوذة الأمان ... نظر إليها وقال:
- أركبي.
نظرت له بتعجب .. فأردف ليطمأنها :
- أنا علاء.
أومأت بشبه إبتسامة ثم صعدت خلفه قائله بسأم وخوف:
- تفتكر نلحقها ؟.
أجاب عليها وهو يقبض بقوة علي مقبض القيادة وبداخله نيران تتصاعد :
- إن شاء الله ... أمسكي كويس.
تشبثت مي به وهي تشعر بالخجل .. أنطلق بأقصي سرعة عبر الشوارع التي تخلو من الإزدحام حتي وصل وتوقف بالقرب من الفندق ..
_ أنت وقفت ليه هنا ؟؟.
.. تفوهت بها مي بإستفهام
نزل من فوق دراجته وخلع الخوذة بدون أن يجيب عليها ...أخرج هاتفه من جيب بنطاله ليجري مكالمة
زفر بقوة وكأنه ينفث دخان نيران غضبه :
- أنا عند الفندق تمام.
.............
علاء :
- زي ما أتفقنا .. سلام.
صاحت مي بنفاذ صبر قائلة :
- أنا مش بكلمك ؟.. ومين الي بتكلمو ده ؟.. أنت بتسيح لأختي !! ..أنا غلطانه إني لجأتلك و.....
قاطعها بغضب ثائر :
- أخرسي بقي .. أي بالعه راديو ! ..أنتي هتخليكي هنا ومتتحركيش من مكانك.
صاحت بإصرار وحسم :
- لاء أنا هاجي معاك.
زفر بضيق قابضاً علي مقبض دراجته :
- يابنتي مش هينفع تيجي معايا ولاتكوني موجودة .. خليكي هنا وأنا هاكلمك أول لما نطلع .. ماشي ؟.
قالها وأخرج من خلف بنطاله سلاحاً يشبه السكين و وضعه ف جيب بنطاله
أتسعت عينيها لما يفعله فأشارت إلي جيبه وقالت بتوجس :
- أنت واخد معاك مطواه ليه ؟.
صعد أعلي الدراجة وقال ساخراً من حماقة هذه البلهاء :
- هاروح أقشر بيها برتقان .
وأنطلق بالدراجة تاركاً إياها مشدوهة .
"""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""

_ في منزل المزرعة ...
تحمل خديجة صينية طعام وتطرق علي باب الغرفة ليأتيها صوت جيهان من الداخل
_ قولت مش عايزة أقابل حد .
فتحت خديجة الباب وقالت :
- ولا حتي أنا ؟.
نظرت إليها جيهان بعينين حزينتين ثم أشاحت وجهها حتي لاتري الأخري آثار عبراتها ... ولجت خديجة علي الفور تاركة الصينية جانباً وذهبت إليها وعانقتها .. لتجهش في البكاء كطفلة تبكي في حضن والدتها .. ربتت عليها خديجة بحنان
_ متزعليش منه هو بيحبك وعمره مايستغني عنك دي بس ساعة شيطان ولما يهدي هيجيلك لحد عندك .
أبتعدت جيهان وهي تجفف عبراتها بالمحرمة :
_ أنا زعلانه علي ولادي بعد ماكانو جمبي كل واحد مشي وراح يعيش حياته بعيد عني ميعرفوش إنهم الحاجه الي كنت مصبراني علي عيشتي مع أبوهم وعمري ما كنت أتوقع في يوم من الأيام أن أتحط في الموقف ده بعد العمر ده كله أو يهيني ويمد إيده عليا أدام عياله .. أنا عملتله أي ؟ .. ذنبي أي ؟ .. أنا كان كل همي أحافظ علي بيتي وأشوف عيالي مبسوطين .
تنهدت خديجة وجلست أمامها
_ طبعا أنا ضد الي عمو عمله معاكي ومعاهم و خاصة لما عرفت إنه كان عايز يجوز آدم بنت شريكه عشان فاكرني مبخلفش .. بس ده مش معناه نبعد عنه مهما كان باباهم ويمكن لو قربو منه يلين قلبه ونرجع زي زمان .
_ وقلبي أنا يا خديجة وهو بيذلني أدامكو ويقولي لو خرجت من البيت هيجيب واحده مكاني ! .. أنا مبقتش جيهان بتاعت زمان الي كانت تقولو حاضر ونعم علي أي حاجه يقولها حتي لو غلط .. أنا كنت كل ما أقرب له خطوة يبعدني عنه أميال من ساعت ما عرفته وهو قلبه قاسي ويوم ما يلين حبة يرجع أسوء من الأول ملهوش عزيز يبيع أقرب الناس ليه عشان مصلحته عامل زي بابا الله يرحمه خلاني أتجوزو غصب عني عشان شراكته مع حكيم أبو عزيز ... وقتها كنت زي أي بنت قلبها بيدق للراجل الوحيد الي بتتمناه أن يكون جوزها و ده عمره ما كان هيحصل عشان العداوة الي مابين العيلتين من زمان .
رمقتها خديجة بعدم فهم لتسترسل جيهان بكل أسرار قلبها التي كانت في طي الكتمان لكن لم تنساها أبداً :
_ عيلتنا عيلة الدالي وعيلة البحيري كانو شركاء من زمان في الظاهر والباطن والمنافس ليهم أو نقول أعدائهم عيلة الرفاعي والعزازي مابينهم ديماً عداوة وصلت للدم راح فيها مكرم الرفاعي علي إيد رجالة حكيم البحيري .
تجهمت ملامح خديجة وهي تجمع خيوط ماتتحدث به جيهان فقالت :
_ مكرم جد صبا بنت عمة آدم ؟.
أطلقت تنهيدة تخرج كل ما في صدرها وقالت :
_ أنا وعابد بابا صبا كنا بنحب بعض من أيام الجامعة و كانت الخلافات الي مابين العائلات مكنتش في إعتبارنا وقالي يمكن لما نتجوز ده يحول العدواة دي لحب وسلام مابينهم ولما أتخرجنا وجه طلب إيدي من بابا حصل الأسوء .. بابا رفع مسدسه في وش عابد وهددو أن لو فكر يقرب مني تاني مش هيتردد يقتله وكمان قاله إن أنا مخطوبة لعزيز .. وقفت ساعتها لبابا وقولت لاء وأتحديته إن مش هاتجوز غير عابد وكانت النتيجة أتحبست في أوضتي لحد ما جه اليوم وقدرت أهرب زي ما أتفق عابد معايا عن طريق واحد كان جاسوس من رجالتهم علي عيلتنا وفي طريقي لقاني عزيز ورجالته خدني بالقوة ورجعني لبابا الي لاقيته مستنيني هو وحكيم ... بابا خدني علي جمب وقالي إن كتب كتابي أنا وعزيز الليله دي ولما صرخت وأعترضت أدالي قلم عمري مانسيته لأنها المرة الوحيدة الي مد إيده عليا وهددني بإن لو فكرت أرفض أو أهرب تاني هيقتل عابد وفي الآخر برضو هاتجوز عزيز .
تناولت كوب الماء وأرتشفت القليل فتساءلت خديجة :
_ طالما موجود الصراع ده كله إزاي عابد إتجوز عمتو إيمان ؟.
_ لما عابد لقاني مجتش في المكان الي أتفقنا عليه وبعدها عرف إن أتجوزت عزيز خاصة لما بعتلو جواب وقولتلو ينساني ويبعد عني لأن خوفت عليه ليتهور ويجراله حاجة ... وقتها أتحول حبه كله ليا لكره وإنتقام أفتكر إن بعته .. قدر يوصل لإيمان و خلاها أتعلقت بيه وقدر يلعب علي نقطة إنها كانت بتكره تحكمات وسيطرة أخوها وباباها عليها فشافت إن عابد هو منقذها والحبيب ... هربت معاه و الدنيا أتقلبت والحرب قامت تاني مابينهم كذا سنة .. حكيم أتفق مع تجار السلاح إنهم يقاطعو مكرم الرفاعي و بكده تجارته وقعت ... ومكرم لما عرف بعت رجالة تقتل حكيم كان التاني مخلص عليه وده الي خلي عابد يرجع هو وإيمان خصوصاً إنها كانت تعبانه بعد ما خلفت صبا .. قابلتني من ورا عابد ووصتني لو جرالها حاجة أخد بالي من بنتها بعيد عن عيلتها وعيلة جوزها .
أعتلت الدهشة ملامح خديجة
_ أي ده جدو حكيم كان تاجر سلاح! .
إبتسمت جيهان بتهكم وأجابت :
_ بابا وجدك ومكرم الرفاعي ورسلان العزازي كلهم كانو بيتاجرو في السلاح لكن عابد كان ليه شركته الخاصة إبتدا بتوريد الحديد من المناجم لمصانع الحديد والصلب وبعد ما باباه أتقتل كمل مسيرته في تجارة السلاح بالشراكة مع رسلان العزازي الي جه من بعده قصي إبنه .. وعمك عزيز لما أتجوزنا أشترطت عليه أنه لو عايزني أكمل معاه يبعد عن السلاح والدم وأسس شركة البحيري جروب .
_ ياه يا ماما فعلا صدق الي قال قلب المرأه محيط من الأسرار ... وسبحان الله حكايتك أتكررت مع صبا .
عقدت ساعديها أمام صدرها و أسندت ظهرها إلي مسند المقعد بأريحية
_ فعلا التاريخ بيعيد نفسه .
نهضت خديجة لتتناول صينية الطعام :
- طيب عشان خاطري كلي لك حتي ساندوتش وأشربي العصير ده .
تناولت جيهان الشطيرة من يدها وقالت :
- تسلم إيدك يا حبيبتي .. روحي أنتي بقي أرتاحي ونامي أنتي تعبتي من الصبح وده مينفعش عشان صحتك والبيبي .
أومأت لها خديجة وهي تهم بالمغادرة :
- حاضر ... تصبحي علي خير ولو محتاجة أي حاجة قوليلي .
_ وأنتي من أهله ياحبيبتي تسلميلي .
فتحت الباب وكادت تذهب أوقفتها جيهان :
- شكراً يا خديجة .
ألتفت لها خديجة مبتسمة :
- الشكرلله يا ماما علي أي بالعكس أنا أتبسطت جدا إنك وثقتي فيا وفضفضتي معايا وطبعا من غير ما تأكدي عليا محدش هيعرف حاجه حتي آدم .
إبتسمت لها جيهان لتبادلها خديجة بنفس الإبتسامة ثم ذهبت وأغلقت الباب خلفها .
______________________________________

_ وبالداخل في بهو كبير تتوسطه مائدة تتسع لست وعشرين شخصاً عليها كل مالذ وطاب من خراف وماعز مشوية وأكلات عديدة تشتهر بها أرض الفيروز ، ترأس سويلم المائدة وجلس علي يمينه قصي وبجواره كنان الذي يهمس له:
- باشا... أنا مش مستريح للراجل ده ليكون حاطط لنا حاجة في الأكل.
أجاب عليه قصي بهمسٍ أيضاً:
- بالعكس لازم أتعامل طبيعي جداً بدل ماهو يشك فينا وكل الي خططت ليه يبوظ... بطل بس أنت وشوشة ليه كل شوية عشان هو خد باله.
رجع بظهره مستنداً علي ظهر الكرسي وتظاهر بأنه يتناول الطعام، فقال سويلم:
- الظاهر واكلنا معجبكش يا قصي بيه.
تناول قصي كوب من الماء وأرتشف منه قليلاً وقال:
- بالعكس أكلكو حلو جداً... بس أنا ليا عادة ديماً وانا باكل المشاوي.
قهقه سويلم وقال:
- معلش مش عارف فاتت عليا دي إزاي.
نظر إلي إحدي رجاله وقال:
- روح هات للبيه إزازة نبيد وكاس من البار الي في الجناح بتاعي.
_ أمرك يا شيخنا.
قالها الرجل وذهب ، إلتفت سويلم إلي قصي وقال:
- ها تدوق أحلي نبيد أو الي بتسموه حداكم فودكا.. كنت مشتري صناديق مخصوص من إيطاليا وحاجة بقي متعتقه من أيام الحرب العالمية الثانية، جيابها للمزاج وللحبايب.
إبتسم له الآخر وقال:
- تسلم يا شيخ سويلم.
وفي ذلك الحين جاء شاب يرتدي الزي العربي ملامحه تشبه كثيراً ملامح سويلم لكنه أشد غلظة وصرامة، ألقي عليهم التحية بصوته الغليظ:
- السلام عليكم يا أبوي.
قالها وهو يمسك يد والده ويقبلها إحتراماً
_ وعليكم السلام يا ولدي.. تعال ياتميم لأجل أعرفك علي ضيوفنا.. هذا قصي بيه وِلد رسلان العزازي الله يرحمه و الي جاره كنان دراعه اليمين.
ثم نظر إلي قصي وكنان وقال:
- هذا تميم ولدي الوحيد .
أومأ له قصي بترحاب:
- أهلاً و سهلاً.
بادله تميم بنظرة إزدراء قائلاً:
- مش ده يا أبوي الي غدر بالراجل زعيم المافيا الي من روسيا وحرقه وقبلها سلمه تسليم أهالي للحكومة في بلده.
جز قصي علي فكه بحنق وقبل أن يتفوه قال سويلم:
- أقعد يا ولدي كُل وأنا بفهمك كل حاجة.. وعيب تتحدث مع ضيوفك وضيوف أبوك إكده.
همس كنان إلي قصي:
- ده باين عليه معبي منك يا باشا جامد.
أجاب قصي:
- أصلي علمت عليه قبل كده في صفقتين كان عاملهم من ورا أبوه.
ألتفت كليهما علي قول تميم الغاضب:
- مليش قعاد مع الراجل ده... مش ضامن نفسي أديله طلقتين في دماغه.
- ‏وهنا وقف قصي يرمقه بنظرة نارية قاتلة، فأمسك بيده كنان
_ طبعا ليك حق تكرهني عشان علمت عليك... تحب تقول لوالدك ولا أحكيلو أنا؟ .
حدق سويلم إلي إبنه بنظرة حادة وقال:
- يقصد أي قصي بيه يا ولدي؟.
توتر تميم وظهرت علي ملامحه علامات الوجل من والده فقال:
- مفيش يا أبوي.. ده.. د......
قاطع قصي كلماته المترددة وأجاب علي سويلم:
- فيه إن تميم إبنك كان خالف العقد الي كلنا مضينا عليه إن محدش يجي علي شغل التاني وراح لعب من وراك بإسم وهمي وكان عايز يستولي علي صفقتين تبعي ، والحمدلله معارفي كتير وعرفت إنه هو وعرفته ساعتها إنه لازم يفكر مليون مرة قبل مايلعب مع الي أكبر منه.
رمق سويلم ولده بغضبٍ وقال:
- صوح الكلام ده يا تميم بيه؟؟.
كان يحدق في قصي بنظرات نارية متوعده مجيباً علي والده:
- هابقي أحكيلك بعدين يا أبوي.
هنا نهض الشيخ سويلم وصاح بغضب:
- غور من وشي ومش عايز أشوفك.
جز تميم علي أسنانه وألقي نظرة توعد إلي قصي و رحل، بينما قصي ما زال يقف في مكانه.
- عن إذنك يا شيخ سويلم عايز أدخل التويليت.
قالها قصي
- أتفضل يا قصي بيه... روح يا عاكف وري البيه مكان الحمام .
ونظر إلي كنان وقال:
- كمل واكلك يا بني.
_ أنا شبعت الحمدلله.. تسلم يا سويلم بيه.
_______________________________

_ وقفت أمام الباب الزجاجي العملاق تشعر بخدر في ساقيها تدعو بداخلها أن تحدث معجزة ... أنتبهت إلي المدعو عمها وهو يمسك معصمها يعتصره قائلاً بصوت كالفحيح :
- أي يا مرمر رجعتي ف كلامك ولا أي ! .. عارفه يابت ورحمة أمي وأبويا لو عملتي حركة كده ولا كده مكالمة صغيرة لجماعه حبايبي يروحو لأختك وهي لوحدها في الشقة ياخدوها يرموها في الكباريه للي يدفع أكتر ده غير وصل الأمانة الي إيديكي الحلوة دي مضت عليه .
حدقت ف وجهه بنظرة نارية مليئة بالكره والضغينه تحاول أن تجذب معصمها الذي أنقطعت عنه الدماء من قبضته :
- ما كفايه بقي أنت أي ! .. ما أنا الي جتلك بنفسي ولو كنت بضحك عليك مكنش زماني واقفه معاك هنا ولا مضيت لك ع زفت.
ربت علي وجنتها بملامحه المثيرة للأشمئزاز فهو والشيطان وجهين لعملة واحدة..
_ شاطرة يابنت أخويا ... يلا بينا زمان الراجل مستنينا ع أحر من الجمر .
رمقته بإزدراء من أعلي إلي أسفل قائلة بنبرة ساخرة :
- بنت أخوك !.
قالتها وتركته وعبرت الباب وخلفها هارون يتحدث في هاتفه :
- إحنا في الفندق يا باشا في إنتظار ساعدتك .... كله تمام .
أنهي المكالمة وأقترب منها قائلا :
- ياريت تغيري سحنة النكد دي وتبتسمي .
لم تعلق علي حديثه وأكتفت بإلقاء نظرة ساخطة نحوه .
_ حضرتك آنسه مريم ؟.
ألتفتت إلي صاحب الصوت وجدته رجل مرتدي بدلة سوداء ذو مظهر مهيب...أنتابها شعور مرعب أنقبض قلبها نحوه ... أحتضنت حقيبتها وكأنها طوق النجاة الذي سينقذها من براثن الشيطان و لاتندثر براءتها في محيط من الوحل .. كادت تجيب ليجيب بدلاً منها عمها :
- آه هي آنسه مريم وأنا هارون صاحب نايت ليالي الأنس والفرفشة .
وأرتسم إبتسامة متكلفه لم تمر علي الرجل فلم يعطيه أدني إهتمام و وجه حديثه إلي مريم بإبتسامة وترحاب :
- أتفضلي حضرتك معايا نضال بيه مستنيكي فوق في السويت .
كاد هارون يخطو بقدمه ليذهب فأوقفه الرجل بنظرة تحذيرية :
- الباشا عايزها هي .
جز هارون علي فكه بحنق ... نظر إلي مريم وقال :
- خدي بالك من نفسك يا مرمر وهابقي أجيلك بكرة أطمن عليكي يلا سلام .
ذهب علي الفور ... بينما هي في وادي آخر لا تدري أين هي وماذا سوف يحدث معها!! .. تسير بمحاذاة هذا الجدار البشري وكأنها ذاهبة إلي غرفة الإعدام .
_ أتفضلي حضرتك .
قالها الرجل بصوته الغليظ مشيراً إلي داخل المصعد
أنتبهت له ورمقته بنظرة تخلو منها الحياة وكأنها آلة مبرمجة تتحرك بأمر من يمتلكها ... ولجت إلي داخل المصعد ومازالت تحتضن حقيبتها التي تساقطت عليه عبره هاربة من عيون لم تجد من يرحمها وينتشلها من الجب الذي قفزت بداخله ... كلما تبدل رقم الطابق بالتصاعد في اللوحة الرقمية توصد عينيها وتعتصرهما ألماً .
_ في حاجة يا آنسه مريم ؟.
قالها الرجل بنبرة أقرب للتحذير أكثر من كونها إستفهام.. أومأت له بالنفي و ولت له ظهرها لتحاول إخفاء عبراتها وقامت بتجفيفها بأطراف أناملها ... وبعد ثوان لم تشعر بها توقف المصعد وصدر صوت تنبيه.. أنتفضت عند سماعه معلناً عن الطابق المنشود ...أشار لها بأن تخرج وتسير معه ... أخذت تتجول عينيها الرواق متسع المساحة ليتبين لها إن هذا الطابق لايحتوي سوي علي جناح واحد فقط ..فلم يكذب هذا الشيطان هارون حينما أخبرها عن ثراء ذلك الرجل .
تتبع الحارس خطوة تلو الأخري يداهمها طنين الأذن ودقات قلبها المتسارعة وكأنها تعدو في سباق ماراثون ... توقفت فجأة أمام الباب الذي فتحه الحارس تواً وأشار إليها بالدخول ... تراجعت خطوة إلي الخلف وصوت يناديها من عمق سحيق يأمرها بالهروب ... صوت ليس بغريب تعلم صاحبه بل وتعشقه ... نبضات قلبها مازالت تخفق بشدة ... حسمت أمرها وكادت تطلق لساقيها العنان ليوقفها صوت الحارس آمراً :
- أدخلي.
________________________________

_ ونذهب إلي قصي الذي وصل إلي باب المرحاض فقال له الرجل:
- أي خدمات تانية يابيه؟.
أجاب قصي:
- شكراً... روح أنت.
و تصنع بالدخول إلي المرحاض، و بعدما أطمأن أنه ذهب و لايوجد أحد لاحظ وجود باب يؤدي إلي الخارج خلف القصر ولم ينتبه إلي تلك الحسناء التي تراقبه من خلف الستار المخملية تحملق فيه وهي تقول:
- هو فيه إكده.. ده يقول للبدر قوم وأنا هاأقعد بدالك.
فأتاها صوت من خلفها دب في قلبها الرعب
- قامت قيامتك يا صفاء الكلب .. واقفة هنا بتهببي أي؟.
شهقت بفزع وقالت:
- بسم الله الرحمن الرحيم.
_ شوفتي عفريت يابت!!.
_ بسمي عشان خضتني يا تميم.
أمسكها بعنف من رسغها وقال:
- أصدك قفشتك وأنتي عماله تتغزلي في الزفت الي لسه ماشي!.
- ‏أزدردت ريقها بخوف وقالت:
- لاء خالص.. محصلش.
وبالخارج عند قصي... ينصت إلي من يتحدث معه عبر سماعة أذن صغيرة للغاية يضعها بداخل أذنه:
- كل شئ تمام سيادتك... بس شكله حويط جداً و حاسس إنه عارف حاجة أو ناوي علي نية.
الطرف الآخر:
- متقلقش خليك أنت معاه للآخر وأول ماتوصل لمكان التسليم طبعا عارف هاتعمل أي، تحاول تلهيه لحد ماتوصلكو القوات عن طريق الطيران.
أجاب قصي:
- تمام حضرتك... في أي أوامر تانية؟.
أجاب الآخر:
- لو فيه أي جديد هبلغك بس خد حذرك سويلم مش سهل ده مدوخنا بقاله عشر سنين ولولا مساعدتك لينا والملفات المهمة الي قدمتها لينا مكناش قدرنا نمسك حاجه عليه.
وبالعودة لدي تميم وصفاء...
_ أقسم بالله ياصفاء لو لمحت طيفك هنا تاني لأخدك الحين من قفاكي وأرميكي تحت رجل عمي و أنتي عارفة الباقي.
قالها تميم لترتبك الأخري بخوف ممسكة بيده:
- أحب علي يدك ياتميم والله ما هكررها.. وهاطلع فوق وما هتشوف وشي اليوم.
رفع جانب فمه بسخرية وقال:
- يبقي أحسن... يلا غوري من هنا.
وقبل أن ترحل وهو كاد يذهب خلف قصي، نظرت له بدلال وقالت:
- أنت بتغير عليا يا وِلد عمي؟.
أطلق زفرة بغضب مما جعلها ركضت من أمامه قبل أن يلحق بها، فقال بحنق:
- وربنا لأربيكي من أول وجديد، بس أخلص من حوار أبوي الأول وأشوف وِلد الصرمه التاني ده الي فضحني أدامه.
- ‏________________________________

_ وأمام الفندق توقف علاء ليصل في ذات التوقيت مجموعة من الشباب نزل جميعهم من فوق دراجتهم ...
لاحظ رجال الأمن هؤلاء ... ذهبو إليهم ليأمر إحدهم بغلظة وإزدراء :
- يلا ياض منك ليه أمشي من هنا.
وقف علاء أمامه بطوله الفارع وبنبرة تهديد ظاهرة من كلماته :
- أنا جاي أخد خطيبتي بالأدب ومن غير شوشرة وفضايح تقل من سمعة الفندق أو تخلي الجيست يطفش من عندكو .
أخرج الحارس سلاحه وصوب فوهته أمام وجه علاء قائلاً :
- طيب يلا يا ننوس خد شوية العيال الي معاك دول وأمشو من هنا أحسن ما خليكو تدخلو الفندق تدخلو قبركو .
قهقه بسخريه وقال بصوت جهوري :
- ألحقو يارجاله ده بيقول عليكو عيال وكمان بيهددنا بالقتل.
تقدم إحدهم وأجاب بصوته الغليظ :
- ما إحنا عيال فعلاً عشان واقفين مع بأف زيك . قالها ليلكم الرجل بقوة مما أدي إلي سقوطه ووقوع السلاح منه تناوله علاء مسرعاً :
- يلا يا رجاله.
وكلما خرج إليهم رجال أمن قام الآخرين بالإعتداء عليهم بالضرب المبرح
تسلل علاء وبرفقته شابين لتأمينه من أي هجوم نحو ظهره ...
ذهب إلي موظفات الأستقبال المذعورين ...سأل إحداهن :
- فين الآنسه الي جتلكو من شوية ومعاها راجل قرني؟ .
أجابت الفتاه بخوف :
- مش فاهمه حضرتك تقصد أي ؟
أقترب منها إحدي الشابين وقام بفتح سكينه شاهراً إياها أمام وجهها قائلا بنبرة تهديد:
- يمكن لما المطواه تسرح ف وشك الحلو ده هتفهمي قصده أي؟.
صرخت وكادت تبتعد فقام بالقبض علي زراعها بقوة :
- إكتمي يابت وقولي هي فين؟.
رمقها علاء بنظرة حادة :
- سيبها يا منعم يمكن الآنسه مستغنية عن وشها .
صاحت وهي تشير بكفيها بخوف :
-خلاص خلاص .. هقول .. أصدك علي واحده إسمها مريم ؟.
زمجر علاء مجيبا :
- ايوه أخلصي.
أبتلعت لعابها بخوف وتوتر :
- السكيورتي الخاص بنضال بيه خدها فوق عنده ف السويت في الدور الأخير .
رمقها علاء بنظرة مخيفة قائلا:
- عارفه لو طلعتي بتحوري عليا لأسيبه يلعب في وشك بالمطواه الي معاه .
تفوهت بخوف وجسدها يرتجف :
- والله ما بكدب عليك.
ألقي نظرة علي سائر المكان من حوله وقال :
- يلا يارجاله .
وأتجه نحو الدرج ...فقال من معه معترضاً :
- هنطلع كل السلالم دي يا نجم !.
نظر إليه علاء بحنق وصاح به :
- لاء نركب الأسانسير عشان يفصلوه ونتحبس جواه لحد ما البوليس يجي ... يافرحة أمك بيك .
قال ثالثهم وهو يصفع مؤخرة رأس الآخر :
- ماتبطل غباء يالا وأتعلم من البرنس ... أشطا عليك يا كبير.
صعد ثلاثتهم الدرج مسرعين وكل من قام بالوقوف أمامهم أو الهجوم عليهم قاموا بضربه .
******************************************

_ تسحب إلي الخارج بخطي لم تصل إلي سمع الآخر.
_ تمام حضرتك ومعاكو علي تواصل... سلام.
قالها قصي وبعدما أنتهي وألتفت ليولج إلي الداخل لكنه توقف فجاءة عندما وجد هذا التميم يقف أمامه عاقداً ساعديه أمام صدره وبسمة خبيثة تغمر ثغره وقال بسخرية :
_ بتتحدث مع نفسك ياقصي بيه ولا تكون زارع سماعة في ودنك.
رمقه الآخر بنظرة ثاقبة وبثقة وثبات إنفعالي يُحسد عليه تفوه قائلاً:
- بكلم نفسي وباخد رأيها في أمرين محيرني.
- ‏أقترب منه ما جعل الآخر تراجع إلي الخلف بحذر، و أكمل كلماته:
- ‏الأول إنه لو ما بعدتش عن سكتي هخليك تحصل كلاوس والتاني برضو هخليك تحصلو بس مش محروق، مسلوخ وجتتك متقطعة أشلاء، وكل حتة فيها هارميها في مكان بعيد عن التاني وأبوك يجمعها براحته.
قالها وكاد يدخل فأوقفه تميم بنبرة تهديد وبها القليل من الخوف:
_ لو راجل إعملها.
كست علي ملامحه إبتسامة مرعبة وقال:
- عيوني.
تركه وذهب إلي الداخل و لم يلاحظ إن هناك طرف ثالث كان يوجد منذ بداية حديثه في السماعة.
___________________________________

_ ولجت وهي تتفحص ذلك المكان الشاسع فيظهر أمامها هذا المبتسم شديد الوسامة ذو مظهر مهيب يبعث إليها الشعور بالرهبة ... تلاقت الأعين ليقف متسمراً في مكانه لرؤيته لهاتين العينين تتجمع بها زرقة السماء الصافية ممزوجة بمياه البحر .. بها لمعة لايعلم هل من آثر تلك العبرات الوشيكة علي الإنسدال فوق وجنتيها أم ماذا؟
_ليش واقفه بمكانك ؟.
قالها هذا الوسيم بنبرة رجولية جعلتها تجيب بتلعثم :
- كنت .. أنا .. هادخل .. لسه .
أبتلعت لعابها و صمتت ... بادلها بقهقه جعلته يزداد وسامة فوق وسامته وأشار إلي حارسه بأن يذهب ليغادر وأغلق الباب خلفه فأنتفضت وهي تنظر بوجل ولم تستطع أن تخفي إرتجاف جسدها ... تقدم نحوها قائلاً :
- تعي مريم .
ومد يده إليها لتتراجع إلي الخلف ولم تجد أمامها سوي أن تطلق لعبراتها العنان ... أجهشت بالبكاء لتتحول شهقاتها لصرخات تتفوه من بينها بنبرة رجاء وتوسل :
- أنا عايزة أمشي ...أنا عايزة أمشي .
أخذت تصرخ بها مراراً وتكراراً ... جذبها من زراعيها ليهدأ من حالتها قائلاً :
- روئي مريم ... روئي ... مافي شئ يخوف .
وكان علي وشك معانقتها ... دفعته في صدره بكل ما أوتيت من قوتها الواهنة ومازال جسدها يرتجف ... وتصرخ وكأن أصابتها حالة هيسترية :
- متلمسنيش ..أبعد عني .. أنا عايزه أمشي .
داهمه الخوف الشديد عليها أخذ يمسح وجهه بكفيه ويطلق زفرة تلو الأخري وصاح بنفاذ صبر :
- بيكفي بئي .. ليش بتصرخي وخايفه؟.. مو أنتي الي جيتلي لحدا هون مشان عملية إمك ؟.
توقفت عن الصراخ والبكاء عندما سمعت ماتفوه به وكأنه سكب فوق رأسها مياه مثلجة ... يعم الصمت لدقيقة مرت كالبرق حتي قاطعه شهقاتها التي تشبه نحيب طفلة فقدت دميتها ... شعر بغصة في قلبه الذي أشفق عليها فليس لديه شيئاً يفعله سوي أن يمد لها يده بحنان وكلمات ليطمأنها ويهدأ روعها :
- مريم ماتخافي وحياة الله ما كِنت أعمل شئ لإلك .
رفعت وجهها ونظرت إليه بدهشة وتعجب وخوف في آن واحد ... ليستطرد حديثه بعدما أطلق تنهيدة ليجيش بما داخل صدره :
- أنا بعرف كل شئ عنك بداية من وفاة بيك وزواج إمك من هاد الرجال الي بلا أخلاء ... كيف بيكون عمك !.
لانت ملامحها وتوقفت عينيها عن البكاء تماماً ... أبتلعت غصتها بمراره كالعلقم ... مسحت آثار عبراتها وقالت بصوت يكاد مسموع متحشرج :
- أأ أنت ..
قاطعها بنبرة جدية صادقة :
- أنا يا مريم كيف ما عرفتي بيزنس مان إلي مكانتي ووضعي بالسوق وشغلي هاد علمني إشيا كتير وبتكون منها ئبل ما بتعامل مع حدا بكون عندي كل شئ عنه من وئت ولادته حد لهلا .. وخاصة أنتي ..كيف بآمن لمخلوئه تصير رفيئتي بتاكل وتشرب معي في صحن وكاس واحد وبتغفي حدي بالتخت وأنا مابعرف عنها أي شئ !! ... لهيك طلبت أعرف عنك كل شئ وئبل ماتيجي بظرف ساعة كان أمامي تئرير بكل شئ عنك.. أتصدمت كتير وشفئت عليكي من هالعالم الي حواليكي كان عمك أو هاد الرجال خطيبك .
أتسعت عينيها وتفوهت بحروف إسم من خذل قلبها المنكسر .. لينتابها السعال :
- علاء!.
رد وهو يسير نحو الطاوله ليتناول كوب وسكب به ماء من الدورق الكريستالي :
- أي.. هو.
عاد إليها بخطي سريعه ليناولها كوب الماء :
- أتفضلي إشربي وبتروئي .
تناولتها وأرتشفت الماء حتي لم يتبقي قطرة واحدة ... تنفست الهواء وقالت :
- شكراً.
نظر إليها مبتسما :
- العفو .
_ بينما بالخارج وصل ومعه رفقيه بعد صعود درجات أكثر من ثلاثين طابق ... وجد رواق متسع و رجل ضخم البنية يقف في المنتصف ... همس إحدهم :
- أي ده يا نجم البلدوزر ده هنعمل معاه أي ده بإيد واحده يطيرنا إحنا كده التلاتة .
فقال ثالثهم :
- الواد حمو عنده حق يانجم ده بيفكرني بالعملاق الأخضر الي في فيلم المنتقمون .
رمقهما علاء بحنق وأجاب عليهما ساخراً :
- طيب ياختي منك ليها خدو بالكو عشان ده جاي علينا وروني هتعملو أي .
حك الآخر ذقنه ونظر إليه بسخط وقال :
- ياختي !.. مقبولة يانجم .. يلا ياض ياهيما نوريه إحنا رجاله أوي .
أجاب هيما بشجاعة بعكس نظراته الخائفه :
- يلا يا صاحبي .
أوقفهم الحارس :
- رايح فين منك ليه ؟.
أجاب عليه الأثنين في محاولة تشتيت إنتباه هذا- العملاق :
- إحنا يا برنس جايين ننضف السويت لمعالي الباشا المحترم.
تسلل علاء بدون أن يلاحظ.. حدق إليهما بنظرات شك أربكتهما .
_ عودة إلي داخل الجناح ...
مد يده للمرة الثانيه إليها ليساعدها أن تنهض .. رمقته بصمت حتي رفعت يدها لتضعها في يده وجذبها برفق ... وفي أثناء وقوفها وصل إلي مسمعها صوت صراخ بإسمها :
- مريم ... مريم.
وما أن أستوعبت ذلك الصوت الذي تميزه جيداً .. أنتفضت للتعثر ووقعت ليختل توازن الآخر و وقع فوقها مستنداً علي يديه.. أندفع الباب بقوة ودخل وصدره يعلو ويهبط من غضبه الجامح ... بحث عنها ليجد هذا المشهد أمامه فأتسعت عينيه بشر مستطير مسرعاً نحو نضال الذي نهض ليقف مدافعاً للهجوم القادم إليه
_ أبعد عنها يا كلب يا و......
صاح بها علاء موجهاً إليه لكمة قوية تفادها الآخر في قبضته التي ضغطها بقوة علي يده وأثني ساعده خلف ظهره وقام بمحاصرة عنقه بزراعه قائلاً بتحذير :
- روء ما صار شئ .
حرك علاء جسده ليحاول التملص منه ... دهس بحذائه علي حذاء الآخر حتي أستطاع الإفلات من قبضتيه وكاد يعتدي عليه بالضرب المبرح وسط صراخات مريم :
- سيبو يا علاء .
رمقها بنظرات حادة قاتلة :
- أخرسي حسابك لسه بعدين .
لم تلق بالاً لوعيده فصرخت مرة أخري :
- حااااسب .
‏ألتفت خلفه ليجد الحارس كاد يضربه فوق رأسه فتفادها ببراعة ويلتفت مرة أخري شاهرًا سكينه نحوه حتي أوقفه صوت طلقة نارية يليها صرخة نابعة من مريم المرتعدة فرائصها.
_ كله يثبت مكانه ...
صاح بها الضابط لينتبه جميعهم وألتفو إليه.
______________________________
_ وفي مكان نائي بالصحراء أمام مستودع ضخم مهجور توقفت السيارات متباعدة حيث التابعة لقصي أتخذت جانباً في صفٍ واحد بينما التابعين للشيخ سويلم يصطفو بجوار بعضهم البعض... ترجل الجميع، وأخذ قصي يتفحص المكان من حوله ليخبره حدثه إنه مُقبل علي حربٍ ضارية قد تشتعل تواً ، فقبل أن يقترب من سويلم ورجاله الذي يبعد عنهم بأمتار قال لكنان:
_ خلي الرجالة تكون مستعدة.
أجاب كنان:
_ متقلقش يا باشا كله تمام وأنا علي تواصل معاهم كلهم.
ضغط علي زر في سماعة الأذن خاصته وقال:
_ كله يكون علي إستعداد.
وألتقت الذئاب بالثعالب ، فقال قصي:
- فين البضاعة؟.
فأجاب تميم الذي تعجب قصي من قدومه:
_ ومستعجل ليه علي موتك يا ملك ولا تحب أقولك كيف ما الخواجات بينادولك... يا كينج!.
_ عيب يا ولدي تكلم قصي بيه إكده ده مهما كان إبن الغالي الي عمره ما غدر ولا خان ولا باع الي أكل معاه عيش وملح.
قالها سويلم بأسلوب ساخر ليتأكد الآخر من ظنونه لكن أجاب عليهما بهدوءه المعتاد وهو يضغط علي زر صغير للغاية في ساعة يده:
- أبوك عنده حق ياتميم ... فعلاً أرسلان العزازي الله يرحمه عمره ما غدر ولا خان بس أتغدر بيه من واحد كان بيعتبره صديق عمره.
وفي تلك اللحظة تغير وجه سويلم إلي التجهم وعينيه تنضح بالشرر ، فأكمل قصي كلماته:
- كان مديله الأمان والثقة و لما التاني غرته الفلوس وعايز يبقي من أكبر تجار السلاح في البلد كلها أول ما داس.. داس علي صاحبه كشف أسراره عند أعداءه لحد ما تمكنو منه وصفوه... ميعرفش إنه بعدما ما أتقتل كان سايب وراه إبنه الي الكل بيعمله ألف حساب حتي لو كانو أعداؤه.
- ‏أجاب عليه سويلم بنبرة قوية:
_ أنا مخنتش أبوك ولا غدرت بيه كيف ما قولت... الي غدرو بيه نسايبك جد حرمك المصون... ولو مش مصدقني إسأل عابد الرفاعي حماك.
_ أنت لسه هتشرح له يا أبوي قصة حياة المرحوم والده... خلص عليه قبل ما البوليس يطب علينا.
صاح بها تميم
أشار له سويلم بالصمت وقال:
_ قولتلك ماتتحدثش غير لما أقولك... أنا بحكيله الحقيقة عشان لما نخلص عليه ويروح لأبوه يحكيله ويبلغه من الي قتله.
وهنا أعطي كنان إشارة لرجاله بأن يبدأو الهجوم... رفعوا إسلحتهم وقامو بالتصويب نحو رجال سويلم الذين يقفون جميعاً بدون وضع للدفاع ، وبدأ صوت تحريك الأسلحة لبدأ الإطلاق، فصرخ قصي بأعلي صوتٍ لديه:
- وقِف.
قد فات الآوان وأُطلق الرصاص ليُخر الرجال صرعي، مهلاً ليسو رجال سويلم بل رجال قصي هم القتلي في مشهد مروع يحدق فيه كلا من قصي وكنان إلي جثث الحراس جميعهم.
أطلق تميم ضحكة بسخرية وتبعه رجال والده، رفع سويلم كفه فتوقف الجميع عن الضحك... حينها إلتف إليهم قصي و كنان وكل منهما برغم العبرات التي تجمعت في عينيهما لكن نظراتهم تطلق جمار حمم بركانية.
_ وكيف مابيقول المثل إتغدو بيهم قبل مايتعشو بيكو ... وكيف ماشوفت بعينيك رجالتك كانو عايزين يقتلو رجالتي بس سبحان الله يقوم السلاح الي خليت رجالتي يغيرو فيه حاجة بسيطة إكده وأنتو بتاكلو جوه... عشان بدل ماتيجو تضربو فينا يتضرب فيكو.
تقدم أربعة من رجال سويلم نحو قصي وكنان، ومازال سويلم يتحدث:
_ و حبيت أقولك علي حاجة صغيرة يا ملك... الطيارة الي مستنيها تيجي تنقذك منينا وتقبض علينا زي ما متفق مع الحكومة بقت خلاص خردة... جماعة حبايبنا من الي مدوخين الشرطة والجيش أصطادوها بمعرفتهم يعني عقبال مايوصل خبر إختفاءها بالظباط الي فيها للحكومة يكون رحبت بيك ترحيب يليق بمقامك غير في واحد حبيبي غالي عليا أوي لما عرف إنك هتشرفني و أوقعك في المصيدة كيف الفار... حب يجي بنفسه يتشفي فيك ويشوفك وأنا بخلص عليك ده غير شريكه الي خسرته صفقات بمليارات.
و عندما أنتهي من حديثه أعطي إشاره للرجال فقامو بدون سابق إنذار بضرب قصي وكنان علي رأسهما ليفقد كليهما الوعي تماماً.

تعليقات



×