رواية تعافيت بك الجزء الثالث الفصل السابع والعشرون 27 بقلم شمس بكرى


 رواية تعافيت بك الجزء الثالث الفصل السابع والعشرون

قيل ذات مرةٍ عن سحر العيون:
أنا هُنا واقع أسير لا أريد حرية ولا أريد أن أكون الأمير
_______________________

في شقة "مـيمي" كان "عمار" يجلس بجوارها وهي تطعمه في فمه طبق الحلو الذي عُرِفَت بمهارتها في صناعته وقد عاونتها "خلود" في هذا وهي تتعلمه منها، بينما "وليد" أنتظر لحظاتٍ حتى جلس معهم يأكل هو الأخر.

هتف "عمار" بلهفةٍ يوقف يد "ميمي" التي اقتربت منه بملعقةٍ كبرى تدخلها في فمه:

_خلاص والله مش قادر يا "ميمي"، دا تالت طبق أكله.

ردت عليه بوجهٍ مبتسمٍ:

_مليش دعوة خلص الطبق دا كمان، أنا قومت مخصوص علشانك، يلا يا ودا متتعبنيش بقى.

تنهد بثقلٍ وفتح فمه مُرغمًا على ذلك، فضحك "وليد" وهتف يشاكسه بقوله:

_مش فضلت تزن إنك عاوز تيجي هنا، ابلع يا حبيبي، ابلع.

حرك رأسه موافقًا بقلة حيلة ثم ابتلع الباقي، بينما "خلود" اقتربت منه تمد يدها بزجاجة المياه هاتفة بنبرةٍ هادئة:

_اشرب يا "عمار" وشك أحمر أوي.

حرك رأسه موافقًا فعاونته هي في تناول المياه حتى تنهد بعمقٍ وهتف بلهفةٍ:

_"ميمي" !! أبوس إيدك كفاية، خلاص مش قادر.

تركت الطبق من يدها به تقريبًا مقدار ملعقتين وهتفت بنزقٍ:

_خلاص أنتَ حر بقى، بكيفك.

وقف "وليد" يقول بنبرةٍ هادئة بعدما ترك طبقه:

_طب أنا مضطر أمشي، تسلم إيدك يا "ميمي" عاوزين حاجة بقى مني ؟؟ لو كدا ممكن أجي اروحك كمان شوية يا "عمار".

رد عليه الأخر بلطفٍ يعبر عن امتنانه:

_يا باشا كتر ألف خيرك لحد كدا، تسلم وأنا هكلم "عامر" ييجي يوصلني كفاية عليك كدا النهاردة بقى.

حرك رأسه موافقًا ثم قام بتوديعهم ورحل من المكان، فيما تحركت "ميمي" تستند على عصاها وهي تقول بنبرةٍ هادئة:

_طب هروح أنا بقى أصلي في الأوضة وأفرد رجلي شوية، خدوا راحتكم هنا لحد ما العيال يرجعوا من المسجد.

حركا رأسيْهما بموافقةٍ لها حتى اختفى أثرها تمامًا فحملت "خلود" الأطباق الفارغة ودلفت للداخل وهو يراقبها بوجهٍ مبتسمٍ لتعود له من جديد بعدما قامت بجليهم تتنهد بعمقٍ ثم خلعت حجابها وفردت خصلاتها حينما رفرفت برأسها لتنفرد خصلاتها حول وجهها حينها تنهدت بعمقٍ واقتربت تجلس بجواره ثم قالت بنبرةٍ هادئة وهو يتابعها بعينيه المُثبتة فوق وجهها:

_فيه علاج دلوقتي مضاد حيوي، تاخده ولا لما تاكل؟؟

حرك رأسه نفيًا وهتف بشرودٍ:

_والله ما عارف، أنتِ شايفة إيه ؟؟

كتمت ضحكتها واقتربت منه بدلالٍ يتنافى مع قولها:

_شايفة إننا نبطل دلع وتاخد علاجك أحسن.

حرك رأسه موافقًا بقلة حيلة بينما هي تحركت تفتح حقيبة ظهرها ثم أخرجت منها الدواء الخاص به و وضعته بين شفتيه ثم أعطته المياه يرتشف منها حتى ابتسمت له وهي تقول برقةٍ:

_ربنا يجعله بالشفا إن شاء الله.

رفع عينيه نحوها وابتسم لها قائلًا:

_تعرفي، وجودك مش محسسني أني تعبان ولا حتى حاسس إن فيه أي وجع، وكفاية إصرارك إن محدش يساعدك أو حتى يكون معاكي في المسئولية دي، كتر خيرك يا "خلود".

تنهدت بعمقٍ وهتفت بنبرةٍ هادئة تعاتبه بقولها:

_ماهو محدش بيشكر مراته برضه يا "عمار"، دا حقك عليا كزوج وبعدين هو أنا يعني بعمل حاجة ؟؟ المهم عندي أشوفك كويس وبخير، ومتكونش زعلان مني في أي حاجة.

جاوبها بلهفةٍ فور نطقها بحديثها الأخير:

_مستحيل….هزعل منك إزاي؟؟ لو زعلان فأنا زعلان علشانك أنتِ، وعلشان المجهود اللي بتعمليه، لو كنت بحبك قيراط فَـ حُبك اتضاعف في قلبي ٢٤ قيراط.

أبتسمت له بحماسٍ وحركت رأسها نحوه تقبل وجنتيه كل منهما على حِدة، فيما رفع عينيه نحوها فوجدها تبتسم وهي تقول بثقةٍ بثها لها حديثه:

_كلامك جه في وقته، شكرًا أوي أوي.

ابتسم لها وصمت عن الحديث ليجدها تعانقه بذراعيها تضمه إليها وقالت بنبرةٍ هادئة:

_أنا بحبك أوي أوي أوي.

تعجب هو من طريقتها _الغريبة من وجهة نظره_ لكنه رفع ذراعه الحُر الغير مصاب وربت على ظهرها يضمها إليه قائلًا بنبرةٍ رخيمة:

_لو كل حاجة القلب اختارها صح، أنتِ بقى الاختيار الأصح.

ارتفعت ضربات قلبها بصخبٍ وكأنها المرة الأولى التي يعبر بها لها عن مشاعره، مما أكسبها جُرأة جعلتها تقول بحماسٍ:

_"عمار" ينفع أحط راسي على كتفك وتلعب في شعري ؟؟ معلش عاوزة أجرب الإحساس دا دلوقتي.

عقد ما بين حاجبيه لكنه حرك رأسه مومئًا لها فوجدها تبتسم له وهي تقترب منه تضع رأسها على كتفه وأغمضت جفونها ليقوم هو برفع أنامله يُدلك رأسها ورفع ذراعه الأخر المُصاب يضمها به حتى أبتسم هو الأخر ووضع رأسه بجوار رأسها ولازالت أنامل كفه تتحرك في خصلاتها برقةٍ، أما هي فسكنت بجواره تمامًا وكأنها حصلت على استراحة المحارب بعد استيقاظها مُبكرًا تجهيزًا لطعامه ودوائه ومراعاة جروحه ومداواتها.
________________________________

في مقر عمل الشباب.

سألهما "وئام" بلهفةٍ حينما تذكر ذكرى زواجه:

_استنوا بس، هو المفروض أنه بكرة ؟؟ يا جماعة حد يفكرني، اتاريها عمالة تقولي لسه صغير على الزهايمر.

كتم "طارق" ضحكته رغمًا عنه وكذلك "أحمد" الذي قال بنبرةٍ ضاحكة:

_عادي أنا تاني سنة مراتي هي اللي فكرتني وقالتلي أجيب ليها هدية حلوة، عديها يا عم وأعمل نفسك مش واخد بالك.

دلف لهم "وليد" في هذه اللحظة يلقي عليهم التحية ثم جاور "أحمد" في جلسته وهتف بنبرةٍ هادئة:

_مالكم ؟؟ شكل فيه كارثة مش متطمن ليكم.

هتف "طارق" بسخريةٍ:

_لأ أبدًا أخوك نسي عيد جوازه اللي هو بكرة.

حرك كتفيه بلامبالاةٍ وهتف مُستخفًا بالأمر:

_طب وفيها إيه يعني ؟؟ ماهو عامل نفسه نسي علشان بيجهز ليها مفاجأة حلوة، مش كدا يا "وئام" ؟؟ 

نظر له أخوه بتعجبٍ و وزع نظراته بين البقية وهتف بحيرةٍ:

_أنا !! بقولك ناسي أصلًا اليوم، ماتفوق شوية.

أرجع ظهره للخلف وابتسم بخبثٍ لمعت به عيناه، ثم نطق بنبرةٍ ثابتة:

_ومين قالك إنك ناسي؟؟ بقولك كنت بتعمل مفاجأة ليها اللي هي هتحضر النهاردة بليل، تسمع كلام أخوك ولا تخرب بيتك؟

وزع "وئام" نظراته مُتسائلًا ثم هتف مُتلهفًا:

_لأ….نسمع كلامك أحسن، هتعمل إيه؟؟ 

تلاشت بسمته وتصنع الجمود ثم قال بلامبالاةٍ:

_ميخصكش، سلام.

ضرب أخوه كفيه ببعضهما وهتف بدهشةٍ من طريقته:

_هو مين فينا الكبير يا جدعان ؟؟.
______________________________

في شقة "ميمي" 

كان السكون يُخيم على المكان بعد نومها وسكون "خلود" بين ذراعي "عمار" الذي سكنَ هو الأخر بقربها ويحاوطها بكلا ذراعيه، لكن الصمت لم يبقى طويلًا بل تلاشى تمامًا بدخول الصبية الصِغار للشقة يركضون خلف بعضهم بعد عودتهم من المسجد وضحكاتهم العالية تصدح في البيت لكن تلك الضحكات توقفت فور وقع بصرهم على "خلود" بين ذراعي زوجها تنام قريرة العين.

ابتسم "عُمر" بخبثٍ وأخرج هاتفه على الفور يلتقط لهما صورة سويًا بقرب بعضهما وهو يضحك ببلاهةٍ وكأنه يرى لقطة من فيلمٍ سينمائي، اقترب منه "يونس" يقول من بين أسنانه بغيظٍ:

_أنتِ قليل الأدب يالا ؟؟ بتصور عمك ومراته؟؟ 

حرك رأسه موافقًا وهتف مؤكدًا:

_آه….محدش رباني.

لكزه "يونس" في مرفقه، فيما فتح "يزن" الضوء وهو يقول بنبرةٍ طفولية أعربت عن مرحه:

_اصحى يا "عمار" وصحي خالتو يلا.

انتبه "عمار" لصوته ففتح عينيه رويدًا رويدًا وسرعان ما انتبه لـ "خلود" النائمة بين ذراعيه فاعتدل بلهفةٍ جعلتها تستيقظ هي الأخرى، فضحك "يونس" وقال بثباتٍ:

_اتطمن الدار أمان، هندخل المطبخ كأن مفيش حاجة حصلت، ثق فيا يا غالي.

تحرك بالصغار نحو الداخل، فتنهد "عمار" ثم مسح وجهه لتسأله "خلود" بلامبالاةٍ:

_مالك يا "عمار" ؟؟ دي عيال صغيرة.

نظر لها بدهشةٍ وهتف مستنكرًا:

_عيال صغيرة ؟؟ دي عيال معدومة الرباية، أنتِ مش مكسوفة ؟؟ 

حركت رأسها نفيًا ثم كتفيها وقالت بنبرةٍ ضاحكة:

_هو أنتَ غريب !! دا أنتَ عموري.

رفع حاجبيه فوجدها تغمز له تشاكسه حينها اقترب منها يُقبل وجنتها فخرج "يونس" يقول ساخرًا بنبرةٍ تهكمية:

_الله ؟؟ أنتَ استحليتها ولا إيه ؟؟.

شهقت "خلود" بقوةٍ فيما نظر لها "عمار" ساخرًا وهو يقول:

_مش قولتلك ؟؟ دي عيال سافلة.

بعد مرور دقائق جلسوا مع بعضهم بجوار "عمار" بينما "خلود" حملت "يزن" على قدميها تداعب خصلاتها، ليتحدث "يونس" بلهفةٍ يقول حينما تذكر:

_"عمار" !! فاكر لما قولتلنا هتكلمنا عن الوطن العربي ساعة لما طلبت منك البحث ؟؟ احكيلنا بقى كلنا هنا أهو.

حرك رأسه موافقًا ثم تنهد بعمقٍ وقال بنبرةٍ ثابتة:

_الوطن العربي كله كان زي البيت الواحد زمان، تجانس تام بين كل الدول وحب ومودة وأخوة، كنا بيتقال علينا الدولة الإسلامية من كتر ماكنا دولة واحدة في وش كل الدول، دولة قوية بدأت تخوف الكل، من أول الفتوحات الإسلامية اللي بدأت تتعمل، مع انتشار الإسلام وبدأت تظهر قوته، ساعتها بقى بدأت الحروب الفكرية واللي كان اختصارها كلمة "رجـعـية" بدأت الكلمة دي تظهر علشان تحارب انتشار الإسلام وقوة معتقداته.

سأله "زين" بتعجبٍ يقطع استرسال حديثه:

_رجعية ؟؟ يعني إيه ؟؟ دي شتيمة؟؟

حرك رأسه نفيًا ثم هتف مفسرًا:

_هي مش شتيمة بس وصف أطلقوه علينا كإهانة يعني، أي حد بيحارب علشان أفكاره ومعتقداته ودينه، بقى رجعي وهمجي ومتخلف، لحد ما بدأت التفرقة بين الدول العربية وبين العرب نفسهم، والفكر دا بقوته سلطته كانت أكبر من الحروب العسكرية، لأن هنا انتشر فكرهم زي السرطان بين كل العرب، خافوا من قوتهم فدسوا نفسهم وسطنا، ولحد دلوقتي لسه الحرب قايمة موقفتش، بس حرب على عقول الشباب والأطفال، الفكرة هنا أنهم فضلوا ورانا لحد ما بعدنا عن تعاليم الإسلام نفسه، يعني نجحوا، بعدنا عن التعاليم الإسلامية وبدأوا يعملوا بينا إحنا خلافات فرقت بين العرب عن طريق ثقافتهم.

توقف عن الحديث بتأثرٍ ثم نطق مُكملًا سالف حديثه حينما وجد الانصات باديًا عليهم:

_بعد كدا بدأوا وعملوا اتفاقيات ومواثيق دولية اللي بدأوا بيها يحتلوا قطع مختلفة من الوطن العربي، يعني دولة ورا التانية بحيث يكونوا قضوا على أي مراكز قوة، بس قبل ما يتحركوا كانوا اتعملوا مننا إزاي يعملوا زينا، اتعلموا من اتحادنا أنه قوة، فاتحدوا مع بعضهم على حسابنا بعدما فرقونا، عرفوا إن الشراكة بينا قوة فشاركوا بعض على حساب مجدنا وتاريخنا العريق، عملوا بينهم اتحادات سياسية عسكرية حربية اقتصادية، حتى العداوة ضد الأمة العربية وللأسف نجحوا في كل حاجة، بس دا مؤقتًا.

سأله "يونس" باهتمامٍ جليٍ:

_طب ليه إحنا ؟؟ يعني ليه إحنا كعرب ؟؟.

رد عليه يجاوبه بثقةٍ يزهو بنفسه بوطنه العربي:

_علشان قوتنا ومركزنا اللي بيحط على أي حد، وعلشان هما عرفوا مراكز القوة اللي نملكها ودا ظهر في احتلالهم لفلسطين اللي لسه ومازالت فلسطين مهما مر الوقت عليها، وبعدها سوريا اللي فهموا أهميتها كدولة عربية وسط كل الدول، بس مهما طال الزمن هنرجع، سواء إحنا أو غيرنا هنرجع تاني أقويا، فلسطين أو سوريا أو العراق، شملنا هيتلم تاني، اللي حصل في فلسطين كان غدر وخيانة منهم، واللي حصل في سوريا خيانة من واحد معندوش نخوة على أرضه، بس خليهم.

هتف تلك المرة "عمر" يسأله بحيرةٍ:

_طب مش ربنا يقدر يخليهم يمشوا ؟؟ ليه يخليهم يدخلوا أرضنا أو زي ما بتقول يعني يتجمعوا ويكونوا سوا ؟؟ 

نظر له "عمار" وهتف بثباتٍ يرسل لهم المغزى قائلًا:

_لو عندك كذا عدو منتشرين في كذا مكان ومخليينك تحتاس وملهمش مالكة، تجري وراهم في كل أرض شوية؟؟ ولا تستناهم يتجمعوا في مكان واحد لحد ما تقدر تحكم حصارك عليهم وهما وسطكم ؟؟ 

نظر الصغار لبعضهم البعض يفكرون في حديثه حتى خرجت منهم شهقة عالية حينما تأكدوا من مغزى الحديث وفهموا الغاية من وراء ذلك.

في تلك اللحظة طُرق الباب بواسطة "ياسين" ففتحه له "يونس" بحماسٍ شديد قائلًا:

_عمي وعم العالم …الغالي.

ابتسم له "ياسين" وهتف يمازحه:

_بعينك ياض، مش هريحك برضه.

تلاشت بسمة "يونس" وتنحى جانبًا ليترك له مساحة يدخل منها، فدلف "ياسين" بعدما تنحنح يُجلي حنجرته فأذن له "عمار" بذلك ليدخل المكان يقول بنبرةٍ هادئة:

_السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ازيكم.

ردوا عليه التحية فيما ركض نحوه "يزن" بلهفةٍ يقول:

_ يا بابا أنا سمعت صح، الشيخ قالي إني شاطر.

ابتسم له "ياسين" وأخفض نفسه لمستواه وقال بحماسٍ اقتبسه من حماس الصغير له:

_جدع يا عيون بابا، عقبال لما تختم القرآن كله، يعني هتكمل وتفضل تروح معاهم علطول ؟؟ 

حرك رأسه موافقًا بحماسٍ فحمله "ياسين" بين ذراعيه وقال لبقية الصغار:

_يلا يا رجالة معايا علشان نروح القهوة، تعالوا.

سأله "عمار" بتعجبٍ:

_القهوة ؟؟ رايحين ليه ؟؟ 

رد عليه "ياسين" بوجهٍ مبتسمٍ:

_الأساتذة عاوزين يقعدوا معانا على القهوة، قولنا ناخدهم كلهم طلعة واحدة كدا، يلا يدوبك نمشي علشان منتأخرش، سلام عليكم.

تحرك بالصغار وفرغت الشقة من جديد فهتف "عمار" بلهفةٍ حينما شعر بالجوع:

_نطلب شاورما بقى.

_ونزود تـومـيـة !!.

كان هذا قول "خلود" حينما هتفته بمرحٍ ليصلها الرد ابتسامة منه تؤكد قولها و "ميمي" تضحك عليهما.
__________________________________

وصل "وليد" بيته بعدما تجول قليلًا يقوم بتجهيز المفاجأة لأخيه، وقد طلب مساعدة الثلاثة الصغار معه حتى صعد بهما "فارس" شقته واقتربت منهم "عبلة" تسأله بحماسٍ غريب:

_ها !! هنعمل إيه؟؟ أنا بحب المفاجئات أوي.

نظر لها "وليد" بتعجبٍ وصمت عن الحديث فيما سأله "مازن" مُخمنًا:

_أكيد مش هنعمل مصيبة صح ؟؟ يعني دي حاجة بريئة أو حاجة نصلح بيها وضع.

تدخل "زياد" يهتف بشرٍ:

_ياعم ولو هنأذي حد، دي مرة من نفسنا.

تنهد "وليد" بضجرٍ وقال بنبرةٍ هادئة:

_بس يا حبيبي، بطل تربية السايكو والقتلة المُتسلسلين دول، لم نفسك بدل ما اشربك عصير برتقان من اللي بتحبه.

هتف "زياد" بحماسٍ:

_بتاع الحُفرة ؟؟ يبقى كتر خيرك والله.

هتفت "عبلة" تثير استفزازه بقولها:

_بس أنا كنت عاوزاه من أيد ياماش كوشوفالي.

التفت لها "وليد" يرفع حاجبه لتتنهد هي بحالمية جعلته يشير للصغار بقوله:

_طب اسبقوني على أوضة "زياد" و "مازن" كدا علشان عاوز مراتي في كلمتين.

سأله "فارس" بتعجبٍ:

_حصل حاجة ولا إيه ؟؟.

نظر له بشرٍ وهو يقول بنبرةٍ جامدة:

_هشرب مراتي عصير برتقان.

تحرك الصغار من أمامه فأمسك "وليد" فكها ينطق بنبرةٍ جامدة:

_عاوزة إيه يا سوبيا ؟؟ سمعيني.

ضحكت بألمٍ حتى ابعدت كفه عنها وقالت بنبرةٍ ضاحكة:

_بهزر يا واد، ياعم هات عصير البرتقان أنتَ منك أي حاجة زي العسل.

رمقها بسخطٍ وهو يسخر منها مُقلدًا طريقتها حتى ضحكت هي واقتربت منه تطوق عنقه تسأله بدلالٍ:

_خلاص بقى يا ليدو، ها ناوي تعمل إيه الحماس مموتني.

تنهد بعمقٍ ثم قال بنبرةٍ جامدة:

_هنعمل مفاجأة قبل ما الواد يتنكد عليه، ومطلوب منك تساعديني، هتتنازلي وتقدمي خدماتك؟؟ 

حركت رأسها موافقةً بحماسٍ عاد لها من جديد فتحدث هو بخبثٍ:

_طب هاتي حضن كدا.

ارتفع صوت ضحكتها عاليًا فضحك هو الأخر معها ثم ضمها إليه يربت على خصلات شعرها ثم سألها حينما تذكر ماتفوهت به من قليل:

_لسه عاوزة عصير برتقان يا سوبيا ؟؟ 

حركت رأسها نفيًا ورفعت رأسها تقول بنبرةٍ ضاحكة:

_إن شاء الله أطفحه أبدًا، عيب عليك.

خرج من الغرفة وهي معه فتحدث هو للصغار يدلي بصوته ما يتوجب عليهم فعله قائلًا:

_بصوا، دلوقتي "عبلة" هتروح تجيب "هدى" تشغلها واحنا ننزل مكانها نجهز الحاجة لحد ما "وئام" يرجع ويظبط دنيته، وأنا كدا هوجب معاه بزيادة وخصوصًا لما أخد العيال دي اقعدهم عندي، عداني العيب يا رجالة ؟؟ 

تحدث "فارس" بضجرٍ:

_بس أنا عاوز اتفرج.

انتبه له "وليد" وسأله بتعجبٍ:

_تتفرج !! تتفرج على إيه يا أهطل؟؟

_على حفلة  بابا وماما.

ضحكت "عبلة" وكذلك صغارها، فتنهد "وليد" وقال بنبرةٍ ضاحكة يواري خلفها خجله من الصغير:

_مش هينفع يا حبيبي، هما عاملينها على الضيق.

رد عليه "فارس" ببلاهةٍ:

_ضيق إيه ؟؟ قصدك كدا على العُنق.

التفتت "عبلة" تكتم ضحكتها ليضحك "وليد" رغمًا عنه ثم بعثر خصلات الصغير وهو يقول بيأسٍ:

_أما أنتَ دمك خفيف كدا، مش طالع مؤدب للي خلفوك ليه؟

أشار عليه "فارس" تزامنًا مع قوله:

_علشان بحبك أنتَ وعاوز أكون زيك.

هتفت "عبلة" بسخريةٍ:

_كلنا بنحبه وعاوزين نكون زيه، عندك أنا مثلًا كان نفسي في حاجتين، أتجوزه ويبقى عندي كيان وكرير.

سألها "فارس" بحماسٍ:

_وعملتي إيه ؟؟.

ردت عليه بإحباطٍ وهي تشير على صغارها التوأم:

_اتجوزته الحمد لله بس بقى عندي منه "كرم" و "كريم".

ضحك "وليد" لها وكذلك صغارها فيما بدأت هي في التنفيذ وتحركت من مكانها حتى تذهب لابنة عمها تأخذها معها لكي تتم خطتهم.

بعد مرور دقائق من صعود "هدى" نزل "وليد" بالصغار شقتها ثم سحب الطاولة المستديرة الموجودة بردهة الشقة و وضع عليها قالب كعك صغير الحجم وبجواره سوار من خامة الفضة و توسطه حروف اسم "هُـدى" وقف "مازن" يتابع المكان بعينيه وهتف فجأةً:

_ بابا، كيس البلالين اللي جيبناه لـ "سيلينا" أجيبه؟؟ 

حرك رأسه موافقًا فهتف "زياد" هو الأخر قائلًا:

_أقولك ؟؟ إحنا نجيب ورقة وبابا يكتب عليها اسمهم أحسن بخط حلو زي ما هو بيصمم، إيه رأيك؟؟ 

هتف "وليد" بضجرٍ:

_خلص منك ليه مش كتب كتاب أبوكم هو، انجزوا.

تحرك الصغيران بلهفةٍ يركضان خلف بعضهما، فيما انتظر "فارس" تحركهما، ثم دلف غرفته وأخرج قلبًا صغيرًا قماشي الخامة لونه أحمر ثم وضعه على الطاولة وهو يقول بنبرةٍ هادئة:

_كنت جايبه لماما ومستني أجيب واحد زيه لبابا، خليه هنا ليهم هما الاتنين بقى، حلو يا عمو ؟؟ 

حرك "وليد" رأسه موافقًا وهو يبستم له فوجد صغيريه يركضان لهما من جديد وكلٍ منهما يمسك في يده شيئًا مما سبق وأخبره عنه.
__________________________________

وصل "ياسين" إلى المقهى بالصبية الصغار معه ثم جلس بجوار الشباب الذين استغلوا جلوسهم في اللعب مع بعضهم، ليضحك "عامر" بصوتٍ عالٍ حينما ربح "ياسر" الذي زفر بقوةٍ وهتف مُحتجًا:

_بتخم ويمين بالله بتخم، بس أنا هسيبك لـ "خالد" 

اقترب "ياسين" بالأولاد وجلس معهم فهتف "عامر" يحذرهم بقوله:

_شوفوا هتشربوا إيه بس محدش يزود عن ١٥ جنيه علشان منحرمهوش من الورث اللي إحنا مش لاقيينه.

نطق "ياسين" بسخريةٍ وهو يتابع المكان حوله:

_أنا توقعت إننا ننزل طبقة آه، بس إحنا كدا اترمينا من الطبقة اللي فوق، جدعان أنا الفترة الجاية عاوز قرض.

هتف "خالد" بسخريةٍ وهو يقوم بترتيب اوراق الكوتشينه بين كفيه:

_حضرتك أنا واحد كنت عامل حسابي أني طبقة متوسطة، ليه اصحى ألاقي نفسي طبقة متسفلتة ؟؟ 

انتشرت الضحكات على قوله، فهتف "ياسر" بقلة حيلة قائلًا:

_بس الحمد لله برضه أحسن من غيرنا، وبعدين الأرزاق على الله، نعمل اللي علينا وخلاص، وقفلوا على السيرة دي معانا عيال هتتعقد.

هتف "عمر" بشقاوةٍ كعادته:

_مش عيب تكونوا قاعدين كدا من غير شيشة ؟؟ إيه الترابيزة المحترمة دي ؟؟ 

هتف "عامر" يرد عليه بضجرٍ:

_يابني بس الله يهديك، أنتَ بتقول إيه ؟؟ 

تدخل "يونس" يسأل بنبرةٍ ضاحكة:

_ماهو معاه حق برضه، اسمكم قاعدين على قهوة كدا من غير حتى سيجارة ؟؟ محسوبة عليكم قاعدة وخلاص ؟؟ 

رفع "ياسين" صوته قائلًا بحنقٍ:

_إيه يا جدعان ؟؟ أنا جايب معايا شياطين ولا إيه ؟؟ أخرس يا بن***** أنتَ وهو.

سكت الصغار وهم يكتمون ضحكتهم، فانتبه هو لصغيره "يزن" وسأله بنبرةٍ هادئة:

_تشرب إيه يا حبيب بابا ؟؟ 

رد عليه الصغير ببراءةٍ:

_كوكتيل ….والشيشة اللي بيقولوا عليها دي.

تلاشت ضحكة "ياسين" وتهجم وجهه فارتفع صوت ضحكات البقية عليهما لينطق "ياسين" متحسرًا:

_ياريتك ما نطقت.

تحدث "عُمر" يسأل بضجرٍ:

_طب إيه أكتر حاجة عيب بتعملوها هنا ؟؟

رد عليه "ياسر" بسخريةٍ:

_تشرب شاي بالنعناع ؟؟ 

رد عليه "عُمر" بلهفةٍ قاطعة:

_لا مش للدرجة دي، إحنا بشر برضه.

عادت الضحكات ترتفع من جديد وسط جلسة الصغار مع أبائهم في جوٍ مرح تتوقت إليه أنفسهم لتجربته.
_________________________________

في شقة "حسن المهدي" 

كان غافيًا في غرفته بعدما تخلص من صوت صغاره ومشاكسة زوجته لهما، حينها تحرك هو يرتاح قليلًا فشعر بكف أحدهم يفرك خصلات رأسه حينها فتح عينيه بتروٍ ليجد أمامه صغيرته تقول بنبرةٍ هادئة:

_اصحي يا "حسن"

تنهد مُطولًا وأغلق جفونه من جديد، فوجدها تحركه بكفيها معًا حتى زفر بقوةٍ من جديد واعتدل في جلسته ليجد أمامه "هدير" تقف ببراءةٍ ترسمها على ملامحها و بجوارها "علي" فسألهم هو بتعجبٍ:

_هتموتوني ولا إيه ؟؟ واقفين كدا ليه ؟؟ 

اقتربت منه بقالب الحلوى الذي قامت بصنعه وهتفت بحماسٍ:

_بص بما إننا نكدنا عليك يعني وقلينا أدبنا، قولنا نصالحك، قوم بقى علشان تيجي تقعد وسطنا، يلا.

رفرف بأهدابه عدة مراتٍ فوجدها توكزه في كتفه قائلة بدلالٍ أنثوي تمتاز في الاتصاف به:

_قوم بقى يا أبو علي، موحشتكش قعدتنا سوا ؟؟ 

تنهد بعمقٍ وقال بسخريةٍ:

_قعدتكم اللي بتفضحوا بعض فيها ؟؟ محسسني إنكم غجر.

رد عليه "علي" بضجرٍ:

_ماما هي اللي عصبية وكل شوية تتعصب، قوم بس دا أنتَ منورنا والله.

مسح وجهه بكفيه ثم فتح ذراعيه فاقترب منه صغاره يرتميان عليه فطوقهما بذراعيه يقول بنبرةٍ ضاحكة:

_اهو أنا عندي حضنكم دا بالدنيا كلها، عاوزكم بس تسمعوا الكلام شوية ونبطل صوت عالي، أنا من يوم ما سكنت هنا كان بيعدي عليا أيام يفتكروني ميت، من يوم ما خلفت وأنا الجيران كلها عرفتني بعدما كنت اللهو الخفي هنا.

سألته "هدير" بحنقٍ بعدما تخصرت:

_وأنهي أحسن واحلى بقى يا سي "حسن" ؟؟ 

انتبه لها فابتسم بعينيه وأشار بأهدابه لها حتى اقتربت منه فقبل وجنتها وقال بنبرةٍ رخيمة:

_الحلو دايمًا في وجودك أنتِ وهما ولا إيه يا ونس العمر؟

كتمت ضحكتها وهي ترمقه بحبٍ، بينما هو قربها منه يحتضنها مع صغاره هاتفًا بعدما تنفس بعمقٍ يتشرب الأنس بوجودهم معه:

_ربنا يخليكم ليا ويهديكم يا ولاد المجانين، فضحتوني.

هتفت "فاطيما" بضيقٍ:

_والله ما حد معصبنا كلنا غير ماما.

اقتربت منها "هدير" تحاول الإمساك بها، فصرخت "فاطيما" وهي تحتضن أبيها الذي زفر بيأسٍ ونكس رأسه للأسفل قائلًا:

_الصبر من عندك يا رب.
__________________________________

كانت "خديجة" تقف في المطبخ بجوار "نغم" تقوم كلتاهما بتجهيز أطباق الحلويات الذي أعدتها هي، فدلفت لهما "جاسمين" تمسك هاتف والدتها وهي تقول بضجرٍ:

_بصي يا ماما ؟؟ بصي حركات بابا ؟؟ 

انتبهت لها "خديجة" فوجدتها تقول بنفس الضيق:

_خد "يزن" معاه القهوة ومتصورين سوا !! ينفع كدا ؟؟ 

ابتسمت لها "خديجة" تسألها بنبرةٍ هادئة:

_زعلانة علشان خد أخوكِ معاه القهوة ؟؟ عسل.

حركت رأسها موافقةً وأضافت:

_آه زعلانة، علشان كان المفروض ياخدني معاه، كدا هو ظالم وأنا مش مسحاه.

سألتها "خديجة" بتعجبٍ:

_مسحاه ؟؟ مسحاه منين ؟؟ 

عقدت "جاسمين" حاجبيها وهتفت تحاول تذكر الكلمة:

_استني، قولتها قبل كدا، اللي هي اسمها…إيه قولي معايا كدا اسمها إيه.

هتفت "خديجة" بسخريةٍ:

_للأسف اللي ولدك مدانيش كتالوج أعرف منه، يكونش قصدك إنك مش مسمحاه ولسه زعلانة منه ؟؟ 

حركت رأسها موافقةً بقوةٍ، فقالت "نَـغم" بنبرةٍ ضاحكة:

_بابا لو عرف هيموتك من الضحك، كلامك كله تايه كدا؟؟ 

رفعت نفسها تجلس على الحامل الرخامي وهي تقول:

_ماهو أنا مش بحب أفكر كتير، فبخليهم هما يقولوا وخلاص، بس أنا زعلانة أوي.

سألتها "نَـغم" بلهفةٍ:

_مين زعلك ؟؟.

أجابتها بحزنٍ وهي تنظر لها:

_كلكم، أنا عاوزة أروح عند خالو أحسن.

سألتها "خديجة" بحزنٍ:

_زعلانة مني أنا كمان ؟؟

حركت رأسها موافقةً تؤكد حديث والدتها، بينما الأخرى جلست أمامها بلهفةٍ تقول بصدقٍ:

_بس أنا عمري ما زعلتك ولا زعلت حد مني خالص، مش قولتلك لو فيه حاجة مزعلاكي قوليلي أحسن ؟؟ مالك بس؟؟ 

ابتسمت لها تقول بحماسٍ:

_كنت بعمل فيكي مقلب بس طلعتي طيبة.

تنهدت "خديجة" براحةٍ فاحتضنتها "جاسمين" وهي تقول بحبٍ من نبرتها الضاحكة:

_أنا بحبك اوي اوي اوي، علشان طيبة.

ضمتها "خديجة" وهتفت بشرودٍ:

_أنا اللي روحي كلها فيكم وفي حيطان البيت دا، أنتوا هنا داري وداري أمان بوجودكم فيها أنتوا وبابا.
_________________________________

وصل "وئام" شقته بعدما هاتفه "وليد" فتنهد بعمقٍ حينما وجد كل شيءٍ على مايرام، فحدثه أخوه بنبرةٍ هادئة قائلًا:

_كل حاجة عندك تمام وزيادة، الباقي عليك أنتَ وجيبتلك الاسورة اللي قولتلي عليها نفسها فيها، أكتر من كدا هحجزلكم في قاعة اللؤلؤة وترمموا الجوازة دي.

ضحك "وئام" له ثم احتضنه قائلًا:

_ربنا يخليك ليا وتفضل علطول معايا كدا في ضهري.

ربت "وليد" على ظهره هاتفًا له:

_ميجيش من بعد خيرك عليا، يلا وفر اللي جاي لمراتك.

ابتعد عن أخيه وضحك بخبثٍ وهو يغمز له ثم صعد شقته وبعد مرور دقائق قليلة نزلت "هدى" بتعجبٍ خاصةً بعدما أخذ منها "وليد" صغارها وتركها تنزل بمفردها؛ فدلفت الشقة بحيرةٍ لتجد زوجها واقفًا في انتظارها بجوار الطاولة، شهقت بقوةٍ وهي تقترب منه، فابتسم هو لها ثم اقترب منها يقول بنبرةٍ هادئة وابتسامة هادئة يقول:

_كل سنة وأنتِ طيبة ياستي عقبال العمر كله وأنتِ معايا.

لمعت العبرات في عينيها وسألته بنبرةٍ مختنقة:

_أنتَ فاكر ؟؟ افتكرت إنك هتنسى، كل دا علشاني؟؟ 

حرك رأسه موافقًا وهتف بنبرةٍ هادئة:

_محدش غيرك يستاهل كل دا، أنتِ الكل في الكل.

تنهدت بعمقٍ فأخرج هو السوار من علبته يضعه في يدها وهو يغلقه هتف بصدقٍ بعدما تعمق في نظراتها:

_لسه فاكر كل حاجة بينا كأنها إمبارح، أول قلم خدته علشانك وأول مرة لبستي فيها الحجاب وأول مرة اتكلمنا فيها عن حبنا أول مرة قولت أني هتقدملك، كل حاجة ليها علاقة بيكي محفورة عندي منستهاش، ولأجل الحق يعني أنا كنت هنسى عيد جوازنا، بس لحقوني، بس المهم إنك علطول معايا، وجودك مش محتاج يوم واحد احتفل بيه، علشان لو جينا للحق كل يوم بيعدي علينا بستر ربنا واحنا وعيالنا بخير ومحدش فينا قلبه شايل من التاني يستاهل احتفال، بس برضه وجودك أنتِ اللي بيحلي كل حاجة.

نزلت دموعها، فوجدته يتنهد بعمقٍ ثم ضمها إليه قائلًا بخبثٍ:

_سيبك من الهري اللي قولته كله دا، فاكرة أول حضن خطفته بعد كتب الكتاب؟؟ إلا هو صحيح كان حضن بس ؟؟ 

ضحكت بخجل حينما تذكرت، بينما هو تنهد بعمقٍ ثم نطق بنبرةٍ ضاحكة:

_شكلك نسيتي يا هدهد.

حركت رأسها نفيًا وهي تحاول كتم ضحكتها، ليقول هو بسخريةٍ مقلدًا عمه:

_من أولها هنقل أدبنا يابن "مرتضى" ؟؟ عمك "محمد" دا راجل قطاع أرزاق طول عمره والله.

ضحكت هي من جديد حينما تذكرت ذلك الموقف، بينما هو غمز لها وقال بنفس الخبث:

_هنا بقى !! مفيش عم محمد.

كتمت ضحكتها ليصدح صوت هاتفه برقم "طارق" فهتف هو بضجرٍ:

_فيه ابنه أرخم و ارخم بمراحل، بس على مين؟؟ 

ردت عليه "هدى" بنبرةٍ ضاحكة:

_لو هما عارفين، يبقى دي رخامة مش أكتر.

أغلق الهاتف تمامًا وعاد يسألها من جديد:

_فكك من عيلة المهابيش دول كنا بنقول إيه؟؟
_________________________________

وقف "ياسين" مع الشباب أسفل البناية يتحدث في هاتفه مع "وليد" الذي حدثه بضجرٍ:

_يعني إيه أختي مش هتيجي معايا المصيف ؟ هو حوار كل سنة دا لازم يحصل ؟؟.

رد عليه "ياسين" بقلة حيلة:

_مش إحنا متفقين إن سنة عندكم وسنة عندنا، المرة اللي فاتت جينا معاكم، المرة دي هروح مع أبويا وأمي ملهمش غيري، عامل قلق ليه بقى ؟؟ 

تنهد "وليد" بعمقٍ وهتف بنبرةٍ هادئة:

_اقصر الشر وهات أختي والعيال بدل ما أخطفهم.

جاوبه "ياسين" مُتشفيًا به:

_أقولك على الكبيرة بقى ؟؟ "خلود" هتيجي معانا علشان بقت مرات "عمار" بالشفا يا "ليدو" 

اتسعت عينا "وليد" وهتف بنبرةٍ عالية:

_نـعم يا روح أمك ؟؟ دا أنا أروح فيكم في داهية.

أغلق "ياسين" في وجهه وهو يبتسم بشرٍ في انتظار الجولة المعتادة بينهما في كل عامٍ بهذا التوقيت.

تعليقات



×