رواية صراع الذئاب الجزء الثاني (عهد الذئاب) الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم ولاء رفعت علي


 رواية صراع الذئاب الجزء الثاني (عهد الذئاب) الفصل الرابع والعشرون


_صبا !! ... قالتها كارين وهي تنظر إلي صبا التي تحمل رضيعها ع ساعديها يغط ف النوم

تساءلت بتوتر جلي :

فيه حد عندك ؟

أجابت كارين عليها وهي تومأ بالنفي :

لاء يا حبيبتي أدخلي حتي يونس مش هنا

تنهدت بأريحية و ولجت إلي الداخل تحت نظرات كارين المتعجبة

ذهبت كلتاهما إلي ردهة إستقبال الضيوف ... رمقتها كارين بإستفهام :

أنتي خرجتي من المستشفي إمتي ؟

حدقت بها لثوان ثم تفوهت بقلق :

أنا هربت من المستشفي وخدت مالك وقصي زمانه فاكر إنه أتخطف

أتسعت عينيها ببتعجب وفجاءة :

أي!!!!!!!! إزاي تعملي حاجه زي كده بالتأكيد قصي قالب الدنيا ع إبنه وزمان المستشفي بلغته بهروبك

وضعت صغيرها ع الأريكه وأعتدلت قائلة :

عارفة وعيزاه يحس إن هو السبب ف ضياع كل حاجه منه أولهم أنا وإبنه

كارين :

ما هو ندم ع الي عمله معاكي وجالك أكتر من مرة يترجاكي تسامحيه وكمان مستعد يعملك كل الي أنتي عيزاه

_ بعد أي يا كارين !! بعد ما كنت هضيع !! بعد ما وصلني إن يبقي بيني وبين الجنان شعره !! ... أنا أتعذبت بما ف الكافيه وسامحت ف حقي كتير أوي وأي واحده غيري مكنتش إستحملت الي أستحملته معاه وأنتي كنتي شاهده ع ده ف أول الجواز

أجابت كارين بإمتعاض :

عندك حق بس قصي أتغير خالص عشانك بقي واحده تاني ومستعد يعمل كل الي يريحك

صبا :

أتغير عشاني مش عشانه هو .. قصي ف لحظة غضب بيتحول لنفس الشخص الي كنت بكرهه أول ما أتجوزني

تنهدت كارين وقالت :

ما أنتي عرفتي طبعه ياصبا لما قربتي منه وقولتلك قبل كده طبيعة شغله هي الي عملت فيه كده

نهضت لتجلس جوار كارين ونظرت إليها بقلق :

هقولك ع حاجة بس أوعديني هيكون سر مابيني وبينك وكأنك معرفتيش حاجه

أومأت كارين قائله :

أوعدك ومتخافيش مش هقول لحد

_ بالذات يونس ... قالتها صبا بحسم

أحست بالقلق فقالت :

حاضر بس كده قلقتيني ... هو قصي ناوي يعمل حاجه ف يونس؟

صمتت صبا لثوان تريد التراجع عن إخبارها لكن لن تستطع إن تخبأ ذلك الحمل الثقيل بداخل جعبتها أكثر من ذلك وتتمني أن من كارين أن تجد لها الحل :

قصي ويونس إخوات

غرت كارين فاها بعدم فهم :

بتقولي أي ؟؟

أجابت عليها :

قصي يبقي إبن خالي قصي عزيز حكيم البحيري

ضحكت كارين بتهكم وقالت :

إنتي بتهزري بالتأكيد

أجابت بنبرة جدية :

أنا بتكلم جد قصي يبقي إبن خالي وأنتي مش أخته

هبت واقفه بإندهاش وصدمه :

أنا مش فاهمه حاجة ... وإزاي قصي إبن خالك وهو أخويا قصي رسلان العزازي

أشارت لها لكي تجلس :

أهدي بس وأقعدي وأنا هاحكيلك كل حاجه .

***************"""""""""""""""""***************


_ نظرة حزن وألم قلب ينزف مثل تلك العيون الرمادية التي تذرف دمعها المنسدل من جفونه شديدة الإحمرار ... ليس بالسهل أن يبكي فدموع الرجال تخبأ قهرا وألما و وجع مفجع بقلب هذا الباكي ... كلما ينظر إليها من خلال الزجاج وهي راقدة ع الفراش مغمضة العينين ف حالة يرثي لها أراد أن يصوب ع نفسه بمئات الرصاصات فهو يلوم ذاته لأنه المسئول عما حدث لها ... يتذكر آخر نظراتها له عندما رمقته بسأم وخيبة للمرة الثانية ..

_ أتفضل يافندم عشان تجهز للدخول

قالتها الممرضة وهي تشير إليه ليولج إلي غرفة ليرتدي مأزر طبي وقلنصوة وغطاء بلاستيكي ع حذائه جميعهم معقم حتي يسمح له بالدخول إلي العناية ...

وبعد أن أنتهي ذهب إلي روحه النائمة من آثر المسكنات التي تحقن بها حتي لاتستيقظ وتشعر بآلام عظامها ... يخطو إلي الداخل بهدوء ... جذب كرسي ليجلس عليه بجوارها وأمسك يدها بإرتجاف وبصوت متهدج مليئ بالندم والشجن :

سامح..يني ... مسح عبراته بأطراف أنامله ... سامحيني يا حبيبتي .. أنا مكنش أصدي أتخلي عنك زي ما فهمتي بس أنا رفضت أعمل حاجه تخالف مبادئي ...ومش هبقي راجل لو طاوعتك وإتجوزتك من ورا باباكي ... أنا بحبك ياملك ... بحبك ... وقعت من عينيه قطرة دافئه كدفأ عشقه إليها ... لمست يدها لتبدأ إهدابها بالإرتعاش الخفيف معلنه عن إنها بدأت تستيقظ

إنتبه إليها وفؤاده يتراقص من الفرح ...

_ ملك ... ملك أنا هنا جمبك ... مصعب حبيبك ... أنا مش هتخلي عنك تاني ...ملك

بدأت تفتح عينيها ببطئ وتصدر أنين خافت :

اااه .. م.. مص .. اااه

قام بتقبيل يدها والسعادة ترتسم ع محياه قال بفرح :

حمد الله ع سلامتك يا روحي

فتحت عينيها لتدور حدقتيها تتأمل ما حولها وهي تتذكر ما حدث :

أأ أنا ف..ين

أجاب عليها بسعادة غامره :

أنتي ف المستشفي

حاولت النهوض ... وقف ليمنعها :

أي الي بتعمليه ده إستني ... غلط الحركه

وقبل أن يكمل كلماته شعرت بألم يجتاح ظهرها بينما ساقيها لم تشعر بها ولا تستطع تحركيهما

_ آآآآه ضهري .. أي ده رجلي مش حاسه بيها ... نظرت إليه بتوجس :

هو حصلي أي بالظبط ؟.. بدأت أنفاسها تتعالي

مصعب :

إهدي بس وأنا هافهمك بس خدي نفس ومتتحركيش

حاولت تحريك ساقيها لكن ما أستطاعت صاحت بصدمه :

أي ده !! أنا مبقتش هعرف أمشي تاني ... أنا جالي شلل ... ااااااااااه أطلقت صرخة دوت ف كل الأرجاء وجسدها ينتفض ... حاوطها مصعب بزراعيه ليهدأها لكن فاجاءته وهي تدفعه ترمقه بنظرة حادة وصرخت به :

أبعد عنييي ... متلمسنيش ... أنا بكرهك ... بكرهاااااااك

*******"""""""""*******"""""**********

_ عشان كده قصي بيكره خالك طول عمره وبيحاول يأذيه بأي طريقه وأنا الي كنت فاكرة إنه عشان بيحبك وأنتي وقتها بتحبي آدم حتي بعد ما أتجوزتو مكنش فيه داعي الي بيعمله معاهم ... بصي متزعليش مني خالك ده معندوش ضمير إزاي يضحك ع واحده غلبانه بتشتغل عندهم ويخلف منها ويرميها هي وإبنه وبعد لما يكبر وترجعلهم بعد ما الولد كبر يطردوهم إزاي كده !! ... جدك وخالك ظالمين أوي

صبا :

خالي ميعرفش إن إبنه عايش ولما رجعت مامت قصي القصر تاني فهمتهم إنه إبنها من واحد تاني وكانت بتناديه محمد ووالدك سماه قصي

نهضت بثقل واضعه يدها ع بطنها المنتفخ :

الله يرحمك يا بابا مرضاش يقولي خايف بالتأكيد لأغير معاملتي مع قصي لو عرفت حقيقته خصوصا إن كنت بحس ساعات إنه بيحب قصي أكتر مني أتاريه بيعوضو عن حرمان الأب والأم

_ والحرمان الي قسي قلبه وإنه يشوف أبوه الحقيقي أدام عينيه ومقدرش يقولو يابابا .. شاف مامته وهي بتتذل وتتهان من جده ... ده غير إن ولاد خالي وهم صغيرين كانو ديما بيعاملوه علي إنه إبن الشغاله وهو أخوهم .... قالتها صبا بحزن وآسي

كارين وعينيها محدقه ف الفراغ :

دلوقت فهمت سبب عدوته ليونس ... نظرت إلي صبا وكادت تتحدث ليقاطعها رنين هاتفها وشهقت عندما رأت إسم المتصل :

إلحقي قصي بيتصل

نظرت إليها ببرود وقالت :

ردي عليه

أجابت عليها بتعجب :

أرد أقولو لو سألني عليكي

صبا :

ردي عليه أحسن ماتلاقيه بيخبط ع الباب

زفرت بضيق وقالت :

أنا هعمل إسبيكر

قالتها وقد نست ذلك الصغير

أجابت ع الإتصال :

ألو إزيك ياقصي

ضغطت ع علامة مكبر الصوت ليصدر صوته الغاضب :

صبا عندك يا كارين ؟؟

رمقت صبا بتوتر وقالت :

عندي إزاي ياقصي أنت بتهزر

.. هو حصل حاجه ؟

أجاب بإقتضاب :

صبا هربت من المستشفي ومالك إتخطف من قلب القصر بس أنا عارف مين الي خطفو وأقسم بالله ما هرحمها من الي هعملو فيها

أنتفضت صبا بفزع لكن تظاهرت بهدوء أعصاب تحسد عليه

كارين :

حبيبي إهدي بس وإن شاء الله هتلاقيه وصبا بالتأكيد راحت عند باباها.. هو مين الي خطفو صح

زفر بغضب ودوي صوته الذي أفزع الصغير :

ملهاش أثر ف أي حته وباباها ميعرفش الي حصل ولا إنها دخلت المستشفي

كارين :

خلاص أنا هاتصل بيونس يمكن راحت عندهم ف الفيلا

_ محدش هناك غير الشغالين .. قالها قصي

كارين :

اه صح نسيت .. أصل ملك عملت حادثه ... طيب أنا هابقي ع إتصال معاك ولو لقيت حد فيهم إبقي طمني

قصي :

عارفه يا كارين لو طلعتي بتكدبي عليا وتكون عندك ف الآخر هتزعلي مني

كارين وهي تشير لصبا نحو مالك الذي بدأ يستيقظ :

مش هرد عليك عشان مقدره الي أنت فيه ماشي ياقصي ... سلام

أغلقت المكالمه فورا ليجهش الصغير بالبكاء ... حملته صبا لتربت عليه وتهدهده ...

رمقتها كارين بقلق :

شكله عرف إنك الي أخدتي مالك

صبا :

هو مش قصدو عليا

سألتها بتوجس :

أومال مين ؟؟

إبتسمت بخبث وبنظرات مليئه بالكره والبغيضة قالت :

هي بتتحداني ومش عايزه تبعد عن حياتنا وعن جوزي خلاص تستاهل الي يجرالها خليها تشوف وشه التاني يارب يخلص عليها .

*********""""""""""""***********""""""""""****


_ تسرع خطاها نحو إحدي سيارات الأجرة بعدما قررت الرحيل حتي لن تعيش تحت رحمته تتلقي أسوء معاملة .. لقد أوصد باب المنزل بعد أن جعلها طريحة الفراش .. جسدها مليئ بالكدمات وعلامات زرقاء وحمراء ومزيج من اللونين ... لايعلم إن لديها نسخة مخبأة من المفتاح الذي بحوذته ...

تحدثت بالإنجليزية وقالت :

Air port

نظر إليها السائق بعدم فهم :

مش فاهم حاجة يا مودمزيل شكلك سايحة من السواح وتايهه

أخرجت من حقيبة يدها جواز سفر الخاص بها وأشارت للسائق إليه وأعادت عليه ذات الكلمة :

Air Port

ضرب السائق ع جبهته وقال :

أصدك المطار ... إما أنا غبي بصحيح ... إركبي طيب ... معلش يا آنسه أصل أنا تعليمي ع أدي... فقال بصوت منخفض :

يخربيت حلاوتك .. ده أنا لما أروح للغولة الي ف البيت دي يا أرش ع وشها مية نار وأرتاح من خلقتها النكد يا إما هولع ف أمها أس البلاوي ... نظر إلي صورتها المنعكسة ف المرآه ... جز ع شفته السفلي :

آآآخ ... ياخرابي ياماه

أنطلق بالسيارة نحو المطار ومازال يسترق النظر إليها كل حين وأخري ...

أنتبه إلي تلك السيارة السوداء التي كادت تصتدم به ... توقف وصاح بحنق :

طب ليه كده طيب دي العربية لسه عليها أقساط ... الله يحرقك أنت ومراتي وحماتي ف ساعة واحدة يابعيد...

قالها وفتح باب السيارة .. توقف ف مكانه عندما رأي هؤلاء المتشحون بالسواد وتخفي وجوههم نظارات سوداء يترجلو من السيارة وقادمون نحوه .. تراجع بخوف :

ياحوستي السودا ياماه دول شكلهم يابوليس ياجهات أمنية

_ لم تنتبه سيلينا إلي مايحدث حيث كانت شارده ف رؤية الصور التي تجمعها مع قصي ... تبتسم بألم حتي قاطعها صوت أجش وهو يجذبها من يدها بدون أن ينبت بكلمة

فصرخت بللغة الروسية :

(الحديث مترجم)

إبتعد عني أيها الحيوان

وهمت بجرح وجهه بأظافرها ليضربها بسلاحه ع رأسها من الخلف لتفقد وعيها ع الفور ... وقام بحملها و وضعها بداخل السيارة السوداء تحت نظرات السائق المشدوهة يضرب كفيه معا :

ياخسارة ضاعت المزه

*******"""""""""******"""""""""

_ وضعت صغيرها برفق ع الفراش وقامت بتقبيل يديه الصغيرتين وهي تتأمل ف ملامحه التي توارثها عن أبيه ... تستنشق رائحته الذكية قائله :

سامحني ياقلب ماما كان لازم أعمل كده عشان باباك يتغير ويرجع قصي الي أنا حبيته

دفعت كارين باب الغرفة الموارب وقالت:

حبيب عمتو نام ؟

أطلقت تنهيده وقالت :

اه نام وكان ماسك ف حضني جامد وكأني ههرب منه

جلست مقابلها لتخلل أناملها خصلات الصغير الحريرية :

حبيبي هتلاقيه مكنش عارف ينام وأنتي بعيده عنه

أجابت عليها وهي تحدق ف وجه الصغير الملائكي :

ومين فينا الي جاله نوم وكل واحد بعيد عن التاني !!

تساءلت كارين بمكر :

ياتري مين التاني ملوكي ولا باباه ؟؟

نظرت إليها بصمت ثم قالت :

حتي لو كان اصدي مالك بس فهو حته منه

إبتسمت وغمزت لها بعينها :

الله يسهلو ياعم ... هقوم أسيبك تريحلك شويه لحد مايونس يجي عشان نتعشي مع بعض ولا جعانه أحضر الأكل دلوقت ؟؟

صبا :

قعدي وأرتاحي يا كارين أنا مش ضيفه ولو جعانه هاقوم بنفسي هاكل .. بس أنا بصراحة جعانه نوم .. نهضت كارين وهي تعقد رباطة المأزر التي ترتديه :

علي راحتك يا حبي البيت بيتك أنا كمان هاروح أريح شويه ف أوضتي ولو محتاجه حاجه أندهي عليا

رمقتها بإبتسامة قائله :

تسلميلي يا حبيبتي

وقبل أن تغادر الغرفة :

يلا تصبحو ع خير ... أفتكرت هتلاقي عندك ف الدولاب بجامات للنوم جميله هتنامي فيها مرتاحه

صبا :

ياريت والله بدل الجينز الي مضايقني ده ... ميرسي يا كارين وأنتي من أهل الخير

ذهبت كارين إلي غرفتها بينما صبا أخذت منامة قطنية محتشمة من الخزانة وذهبت إلي المرحاض لتنعم بحمام دافئ يريح جسدها من التعب وبعد أن أنتهت أرتدت المنامه وذهبت لتتمدد بجوار الصغير بأريحية ولم تمر دقائق حتي داهمها النوم لتستسلم له لتغط فيه بعمق منفصلة عن مايدور حولها ... وكذلك أيضا كارين وذلك بعد أطمأنت ع يونس ف الهاتف وأخبرها إنه لن يأتي الليلة حتي يطمأن ع شقيقته ...

عم الهدوء والصمت ف أرجاء المنزل .

*******،""""""""""""""***************

_ وبعد مسافة ليست طويلة دخلت السيارة إلي القصر ليترجل منها إحدي الرجال وهو يحملها ع كتفه و ولج بها إلي الداخل ونزل ع الدرج إلي أسفل لدي القبو وتلك الغرفة المشئومة حيث ينتظرها جالسا ع الكرسي الخشبي يزفر دخان سيجارته ف الهواء ...

وصل الحارس أمامه ليتفوه بصوته الغليظ:

الأمانة يا باشا

أشار إليه بإلقاءها ع الأرض ليذعن الآخر إلي أمره لتقع ع الأرض وبدأ وعيها يعود إليها .. تفتح عينيها لتتفاجاء بتلك العيون الزيتونية تحدق بها بنظره حاده تدب الرعب ف القلب .. لاتعلم لما ينظر إليها هكذا .. تفوهت بتوجس :

قصي

ألقي سيجارته ع الأرض ونهض بهيبة ليدهسها بحذاءه الأسود اللامع وقال بهدوءه المرعب بدون أن ينظر إليها :

خائفة ؟؟

لم تفهم مايقصده من خلال سؤاله ... قطبت جبينها بعدم فهم وقالت :

لما أخاف ؟؟

إرتسمت إبتسامة ساخره ع ثغره فأمسك بهاتفه ووضعه أمام عينيها لتقرأ محتوي الرسالة التي كانت باللروسية وأدركت مايقصده ...

_ أقسم لك لست الفاعلة ... ولم أرسل لك تلك الرساله ... قالتها بنبرة رجاء وتوسل

ينظر إلي شاشة الهاتف يضغط ع عدة أشياء ثم وضعه ع التخت ذو الفراش المتهالك وقال وهو يثني أكمام قميصه إلي أعلي :

أين إبني ؟

نهضت وهي تستند ع مسند الكرسي :

لا أعلم

إنغمرت وجنتيه بإبتسامة لم تصل إلي عينيه التي ساد الظلام بداخلها وكانت نظراته تخبأ خلفها نيران آتيه من قعر الجحيم ... و ف غضون ثوان وأقل كانت خصلاتها الشقراء الثلجيه ف قبضته وهو يصرخ بأعلي صوته وكاد يصيبها الصمم :

أين إبني أيتها العاهره ؟؟؟

صرخت بألم :

أقسم لك لا أعلم شيئا عنه .. لماذا لم تصدقني ؟؟

صرخ بغضب مماثل إليها :

لأنك كاذبة ... وخائنة .. أحببت إن تأخذين ثأر كرامتك التي دهستها بحذاءي مثل تلك ...

وأشار إلي السيجارة التي تخلص منها منذ قليل

أقتربت منه للغاية وقالت وهي تمسك بيده :

كف قصي عن عذابي وأشعر بي ... كيف تظن إني الفاعلة !!!

أجاب عليها من بين أسنانه قابضا ع رسغها :

لأني لم أنسي وعيدك لي

نظرت له بعينيها الباكيتين :

حينها كنت غاضبة لكن لم أقصد إختطاف صغيرك ..أنا لست بتلك الوحشية ... خاصة معك أنت ..

أقتربت بشفتيها من خاصته وقالت :

أنا متيمة بك ... كانت ع وشك أن تقبله لكن قاطعها صوتا لينبأها أنها قد وقعت بين شقي الرحا

_وماذا سأنتظر بعد من خائنة مثلك ... قالها كنان وكان متماسكا بقوة يحسد عليها لكن عبرات الألم بداخله تنهمر كالطوفان يكتسح كل مايقابله

نظر قصي إليه وقال :

معلش كان لازم أعمل كده وأخليك تسمع وتشوف بعينيك عشان تفوء ومتخليش قلبك مذلول لواحده جذمتك أنضف منها

يستمع كنان إليه ونظراته لم تفارقها هي لاتفهم كلمة مما تفوه بها قصي لكن أدركت إنه مخططه لكي يكشفها أمام كنان الذي تقدم نحوها بخطي جعلتها تتراجع إلي الخلف بخوف فقال مشيرا إلي قصي :

لو سمحت ياباشا سيبني معاها

تنهد قصي وقال وهو يهم بالمغادرة :

إياك تتهور وتقتلها صفي حسابك معاها وإعرفلي مخبية إبني فين

أومأ له بعينيه قائلا :

أطمن دي خسارة فيها القتل

ربت الآخر ع كتفه ثم غادر ...

وما إن سمعت صوت إغلاق الباب صاحت بخوف وتوسل :

أرجوك كنان أتركني وسأرحل إلي بلدي وأعدك لن تري وجهي مرة أخري

إصتدم ظهرها بالحائط لتتأوه بألم

يرمقها بنظرات شديدة السواد ... يخلع حزام بنطاله ... أتسعت عينيها برعب تتلفت يمينا ويسارا تبحث عن أي مهرب ... هيهات ودوت صرخاتها العاتية ف كل أرجاء القصر حيث هوي بحزامه ع جسدها ينهرها بكل الصفات المتدنية وكلما يسألها عن الصغير :

أين هو ؟؟

صرخت بألم :

آآآآآآه لاأعلم

_ نعود إلي قصي الذي ينتظر بداخل غرفة مكتبه كان يخطو ذهابا وأيابا والغضب يتطاير من عينيه وملامحه ... أخذ يقسم ويتوعد لمن أختطف صغيره سيذقه جميع ويلات العذاب .. وقعت عينيه ع صورتها المعلقة ع الحائط ... أقترب منها ووضع أنامله يتلمس معالمها قائلا بصوت مختنق :

عايزه تعملي فيا أي تاني

_طرقات ع الباب ... أنتبه إليها فقال :

أدخل

ولج إحدي رجاله يشبه الجدار ف ضخامته وطوله قائلا بصوت أجش :

باشا لما روحنا عند كارين هانم نتأكد إن مدام صبا هناك ولا لاء لقينا دي أدام الباب ...

قالها وأعطي له لهايه التي يضعونها ف فم الصغير عند البكاء ليصمت

تمعن النظر فيها جيدا فهو يتذكرها عندما كانت بفم صغيره ... أخذ متعلقاته من فوق المكتب وذهب ليتبعه الرجل إلي المرآب فأوقفه قصي وهو يصعد إلي داخل سيارته السوداء ذات الدفع الرباعي :

خليك هنا وبلغ كنان إن لاقيت إبني ومراتي !!

*********"""""""""***********""""""****


_ رن جرس المنزل وصل إلي مسمع كارين التي تتقلب بتأفف لكن صبا كانت منعمه بنوم عميق لاتشعر بشئ إطلاقا ... نهضت كارين بضجر :

أوف يا يونس مش قولت إنك هتيجي... ألتقطت مأزرها وأرتدته وذهبت لتفتح الباب وهي تتثاءب وبدون أن تنظر إلي الذي يقف أمامها همت بالذهاب إلي غرفتها :

أدخل متعملش صوت عشان صبا ومالك نايمين ...

تسمرت ف مكانها عينيها قد إتسعت ع مصرعيهما وضغطت ع قبضتيها تدعو الله أن مارأته بطرف عينيها هذا مجرد خيالا ... إستدارت مغلقة عينيها ولتتأكد قامت بفتحهما لتصتدم بوجه متجهم وعينين ذات نظرة حاده شهقت وهي ترجع بظهرها إلي الخلف :

هااااا قق قق قصي

ولج إلي الداخل وأغلق الباب خلفه ... كادت تركض وهي تقول :

والله العظيم ما كنت أعرف حاجه

أشار لها بالصمت واضعا سبابته أمام شفتيه ثم أمسك يدها المرتجفه وقال بهدوء وإقتضاب زادها رعبا :

ماتخافيش

ذهب بها إلي إحدي الغرف وكانت المرسم الخاص بها أشار إليها لتجلس ع الكرسي وذهب ليغلق الباب وجذب كرسي آخر وجلس أمامها يرمقها بنظرة ثاقبة وكأنه يتحدث بعينيه ... أخرج سيجارته وقداحته اللاتي لاتفارق إحدهما جيب سترته وقام بإشعالها مطبقا عليها بشفتيه ... سحب نفسا عميقا منها و أطلقه دخانا كثيفا ف الهواء مما أصاب تلك الجالسة بخوف بسعال فقالت :

كح كح ..حرا..كح .. حرام عليك ..أنا ..كح كح حامل ... أطفي الزفتة دي ...

قالتها ونهضت لكي تفتح النافذة فأوقفها صوته الرخيم :

خليكي ف مكانك

نهض هو وقام بفتح النافذة التي أنطلق منها الهواء لتطاير الستائر ... عاد إلي كرسيه وجلس عليه وعقد ساعديه أمام صدره :

عايزك تحكيلي كل حاجه إلا وقسما بالله هتلاقي مني معامله هخليكي تكرهي نفسك ... رمقته بسخط وقالت بصوت مرتفع :

أنا .....

قاطعها مشيرا إليها بيده وقال :

وطي صوتك عشان صبا ومالك ليصحو ... قالها وإبتسم بدهاء .. نظرت بتوتر إليه وقالت بتوجس :

هحكيلك كل حاجة بس توعدني إنك متتهورش وتأذيها لأنك بكده هتخسرها للأبد .

قصي :

أوعدك

********""""""""""""***********"""""""

_ ملك ده أختبار من ربنا والدكتور طمنك بنفسه وقالك ده وضع مؤقت ومع العلاج هترجعي تمشي زي الأول ... قالتها خديجة

أجابت ملك بحزن ويأس يسيطر عليها :

أنا كان نفسي أموت وأرتاح وأريح الي حوليا

أقترب منها آدم ووضع كفه ع وجنتها بحنان :

بعد الشر عليكي يا ملك ... مين ده الي يرتاح منك أنتي لو شوفتي شكلنا خصوصا ماما لما عرفنا إنك عملتي حادثة ... إحنا كنا خايفين ليجرالها حاجة ... ومصعب الي طردتيه لولا انه لحقك وجابك ع المستشفي كان الوضع هيبقي أسوأ حتي بابا بغض النظر عن الخلافات الي مابينا وبينه كان هيموت عليكي من الخوف ومستني بره عشان يدخلك بس ...

قاطعته ملك بحسم وغضب:

مش عايزة أشوف حد وياريت تسبوني لوحدي

نظرت خديجة إلي آدم وقالت :

يلا يا آدم سيبها ترتاح ...

ثم أردفت حديثها إلي ملك :

إحنا قاعدين برة ومعاكي لحد الدكتور ما يكتبلك تصريح بالخروج

لم تجيب ملك عليها بل فضلت الصمت وتمددت ع التخت موليه ظهرها إليهما

غادر آدم وخديجة الغرفة ...

ركضت جيهان نحوهما وقالت :

عملتو أي معاها ؟؟

أجابت خديجة :

سيبوها لوحدها دلوقت لأنها تقريبا ف صدمة من الي حصلها ومن الي حوليها ...

رمقت جيهان عزيز الجالس يستمع لحديثهم بسخط وقالت :

الله يسامح الي كان السبب

بادلها عزيز بنظرة حاده جعلتها أشاحت وجهها للجهة الأخري

_ ملك عامله أي دلوقت ؟؟

قالها يونس الذي جاء للتو يلتقط أنفاسه

أجابت خديجة :

الحمدلل بخير أدعيلها تتجاوز الصدمة الي فيها

آدم :

كنت فين ؟؟

أجاب يونس ويشير بهاتفه :

نزلت تحت ف الشارع أطمن ع كارين الشبكة هنا وحشه أوي ... وياسين لسه مرجعش ؟

_ أنا جيت ملك فاءت ولا لسه ؟؟ ... قالها ياسين

أجاب آدم :

اه هي كويسه بس أعصابها تعبانه شويه

زفر ياسين بضيق وقال :

لسه شايف مصعب قاعد تحت أدام عربيته وعمال يحرق ف سجاير .. هو بابا كلمه ف حاجه ضايقته ؟؟

_ لاء أختك أول ما فاءت لاقيته ف وشها فضلت تصرخ وتقولو بكرهك ...

قالها آدم

يونس:

ماشاء الله بابا طايح فينا كلنا حتي ماما ... ربنا يهديه ويهديه لينا

ياسين :

آمين ... قالها وتلفت من حوله باحثا عن زوجته فأردف :

محدش شاف ياسمين ؟؟

أجاب يونس عليه :

نسيت أقولك ... فضلت مستنياك أد كده وسيادتك أتأخرت عليها أستأذنت بعد ما أطمنت إن ملك بخير وروحت ومن صوتها باين عليها كانت مخنوقه ... أنت مزعلها ؟

ياسين :

لاء خالص هو حصل حاجه لما مشيت ؟؟

آدم :

أنت روحت فين؟

أجاب ياسين :

حوار كده كنت بخلصه هابقي أحكيلكو عليه بعدين ... أنا مضطر أسيبكو مينفعش أسيبها لوحدها

..وإن شاء الله هاجي بكره الصبح ... يلا سلام لو ف جديد كلموني

يونس:

أوك

ونعود إلي ملك التي أختارت المكوث بمفردها تمسك بالسلسلة التي أهداها إياها ... أخذت تتذكر آخر لقاء بينهما وتخليه عنها ... لتنسدل منها دموعها وقالت :

من النهاردة قلبي هينساك زي ما أتخليت عنه ومهما جيت وأترجتني عمري ما هرجعلك ...

قالتها وقامت بتقطيع السلسله إلي قطع وألقت بها وهي تزمجر وتصرخ بغضب.

***********""""""""""""""*****************

_ أنتي بالذات مكنش ينفع أقولك الحقيقة ... خوفت لتغيري معاملتك ليا أو أخسرك وربنا يعلم مكانتك جوه قلبي وعمري ما فكرت فيكي إنك بنت الراجل الي رباني وخلاني قصي العزازي ...

قالها قصي وهو يقف يتأمل القمر من النافذة

جففت كارين عبراتها بالمنشفه الورقية وقالت :

لما كنت صغيرة وبلاقي بابا لما بعمل حاجه غلط ويعاقبني عليها وأنت لما بتغلط مكنش بيعاقبك زيي ... حسيت بالغيرة منك وقتها وإن هو بيحبك أكتر مني

إبتسم وقال :

ونسيتي لما كنت بدافع عنك وبدل ماتشكريني تزعئيلي وتقوليلي ملكش دعوة بيا خليك ف حالك ولما بابا عاقبك بسبب المادة الي شيلتيها ف تانيه ثانوي وحكم عليكي متخرجيش من أوضتك غير لما يقرر هو ووقتها كان فيه رحلة لشرم هتطلعيها مع أصحابك وطبعا حرمك منها ... صعبتي عليا وخدتك من وراه وروحت معاكي ويشاء القدر ونقابله هناك صدفة وبسببك فضل ميكلمنيش شهر بحاله وحرمني من كل حاجه بس الفرحة الي شوفتها ف عينيكي يهون كل شئ عشانها لأنك مش أختي وبس ..أنتي بنتي كمان

نهضت وأتجهت إليه لتحاوط جذعه من الخلف ف عناق أخوي وقالت بصوت متحشرج من البكاء :

وأنت أخويا وبابا ومليش غيرك أنت وخطيبة ملوكي إبنك ويونس الي طلع أخوك سبحان الله الدنيا دي ضيقة أوي

أمسك بيدها ليجعلها تستدير لتصبح أمامه وإبتسم لها بحنان محاوطا وجهها بكفيه :

طلعت بنوته ؟؟

قالها مشيرا بعينيه نحو بطنها المنتفخ

أومأت له مبتسمه ...أخذها بين زراعيه يعانقها بسعاده :

حبيبة خالو ... تشرف بس بالسلامة ومالك وأبوه تحت أمرها

كارين :

مش ناوي تروح لباباك وتقوله إنك إبنه وتواجهه بالحقيقه ؟؟

أجاب عليها بإقتضاب وملامحه تعود للتجهم :

قريب أوي

شدت من معانقته قائله بنبرة وشيكة ع البكاء :

ربنا مايحرمنا منك ويهدي سرك أنت وصبا

أبعدها عن صدره وربت عليها :

بطلي دموع بقي وروحي حضرلي حاجة أكلها لأني ميت من الجوع وماكلتش من إمبارح

رفعت حاجبيها بسعادة قائلة :

أمرك يا كينج عشر دقايق والأكل هيكون جاهز

ذهبت لتعد له الطعام بينما هو غادر الغرفة وأتجه نحو الغرف وتوقف ف حيرة واضعا يديه ف خصره ليأتي صوت كارين من المطبخ المطل ع البهو:

الأوضة الي ع يمينك

ضحك وقال مازحا:

أنتي مركبه كاميرات ف الشقه ؟

أجابت عليه :

أنا عارفه إنك مش هتصبر لحد ما تاكل وتروحلها

خرجت من المطبخ وبيدها سكين :

قلب الأخت بقي يا قيصو ...

قالتها وغمزت بإحدي عينيها وقضمت قطعة من الخيار

قصي :

طيب أدعي لقلب مراته وتحن عليه

أبتلعت ما بفمها وقالت :

لو عايزاها تحن عليك إياك تصحيها من النوم أنا لو مكانها ممكن أرمي يونس من الشباك

قهقه من كلماتها معقبا :

مجنونه

وضع يده ع المقبض وفتح الباب ليولج إلي الداخل بخطي هادئة ... تراقص قلبه من فرط السعادة فور رؤيتها وهي ف أجمل هيئة يعشقها ف تلك الحالة وهي نائمة ... لكن أنتبه إلي ذلك الملاك الصغير الذي شعر بوجده وأستيقظ وأخذ يبتسم ويضحك لأبيه .. حمله قصي وقال بصوت يكاد مسموعا:

قلب بابا واحشني أوي ... عجبك الي ماما عملتو فيه ياصاحبي!! ... خدتك مني وهربت متعرفش إنها مهما إستخبت مني قلبي هيدلني عليها لأن بحبها

أصدر الصغير أصوات وكأنه يحواره ... إبتسم قصي وقال :

عشان خاطرك أنت بس هتحمل منها مهما عملت ... أمري لله دي روحي ولازم أستحملها

ضحك له الصغير مرة أخري فقال قصي وهو يداعبه :

لاء كده شكلك هتقضيها سهر وأنا عايز أنام ... تعالي أوديك لعمتو تسهر معاك

خرج بالصغير ليجد كارين تخرج من المطبخ تحمل صينية مليئة بالطعام :

أي ده حبيب عمتو صحي ؟

أجاب قصي وهو يداعب أرنبة أنف الصغير بطرف أنفه :

أول ما دخلت لقيته صحي كأنه مستنيني ... صح ياصاحبي ؟

كارين :

ربنا يباركلك فيه ياحبيبي ويحفظهولك ... يلا بقي هاته عشان تعرف تاكل عملتلك بيتزا البيض الي بتحبها والحلو كريب بالنوتيلا

أخذت منه الصغير وقال :

تسلم إيدك

كارين وهي تبتسم للصغير :

بالهنا والشفا

لما تخلص هعملك النسكافيه

قصي وهو يتناول الطعام بنهم :

لاء شكرا انا عايز أنام والنسكافيه هيسهرني ... كله الي عايزو منك تخلي معاكي مالك الليلة دي

رمقته بإبتسامة ماكره :

ماشي ياسيدي عشان خاطر ملوكي

قصي :

دماغك متروحش شمال أنا خايف لما تصحي تشوفني ف وشها تتخض وتصوت والمسكين ده يصحي مفزوع

كارين :

هعمل نفسي مصدقاك ...هاسيبك أنا هاروح أغير له وأديله الرضعة ... تصبح ع خير


أبتلع الطعام وقال :

وأنتي من أهله

وبعد قليل أنتهي من تناول الطعام ... وذهب إلي المرحاض ليغسل يديه وخلع ثيابه ليأخذ حماما دافئا يريح بدنه ...

مازالت صبا تغط ف النوم حتي خرج من المرحاض ليتمدد بجوارها وتقلب ليصبح مقابلا لها ... أخذ يتأمل ملامحها التي أشتاق إليها ف الساعات المنصرمة ... أخذها بين أحضانه بشوق وحنين مثل المغترب وهو عائد إلي وطنه الذي يعشقه ... دفن وجهه ف جيدها يستنشق رائحتها العبقة وكأن الهواء أنقطع من حوله وهي الأكسجين الذي يتنفسه ... طبع قبلة حميمية ع خصلاتها المبعثرة ع وجنتها وهمس بعشق :

وحشتيني أوي .

********"""""""""*******""""""***********


_ أستيقظت ع رنين هاتفها الذي لم ينقطع منذ خمسة عشر دقائق ... نهضت فجاءة بخصلاتها المشعثة مثل التي أصابها تيار كهربائي جعل خصلاتها تقف بشموخ ... أجابت بضيق :

ده أنتي بني آدمه مستفزه أومال لو مكنتش منبهه عليكي إنك مترنيش عليا طول ما أنا نايمه !!

أجابت علياء التي تقود سيارتها وسط إزدحام المرور :

ما أنا لو أضمن إنك هتفتحيلي الباب كنت رنيت الجرس بس أنتي نومك ولا نوم أهل الكهف

هاجر :

يعني حتي اليوم اليتيم الي باخده اجازه مش هتهني بيه ... حرام عليكي يامفترية

علياء :

أومي يا هاجر يا كسلانه وإلبسي عقبال ما أجيلك عشان عيزاكي ف مشوار معايا ضروري

هاجر وهي تجذب الغطاء لتدثر نفسها :

شوفي حد تاني يروح معاكي أنا عايزه أنام

إبتسمت علياء بمكر وقالت :

طيب خلي النوم ينفعك يا أم لسان عايز مقص وسيبي سي روميو بتاعك بيخطب واحده غيرك

أستمعت بغير إهتمام لكن أعادت الكلمات ف ذهنها مرة أخري ... نهضت ووقفت ع التخت وصاحت بصوت جهوري :

بتقولي أي !!!!!!

_ وبداخل سيارة علياء ...

تقضم قطعة من الشطيرة بحنق وأبتلعتها وقالت :

أنا يخوني ولسه ملبسنيش الدبلة ... والله يا آسر ما هرحمك ...رايح تخطب عليا ... ياخاين يا غشاش ... عااااااا

أشاحت علياء وجهها جانبا وضحكت بخبث ... ثم تصنعت الحزن وقالت :

ما أنا ياما قولتلك كلهم صنف غدار ملهمش أمان .. يوعدك بالحب وميكملش يومين ويروح لغيرك

هاجر وهي تنظر لصورتها المنعكسه ف المرآه الجانبية :

أنا يخوني !! هو إحنا لحقنا !! اه يا ناري والله لو شفتو لأشرحه بمشرطه حبيبه الي كان بيهددني بيه ... ولا أقولك هاتصل بكريم يجي يكتفو ف أي كرسي ويسيبلي أنا الباقي

كادت تفلت منها ضحكة فقالت :

إهدي يا عبيطة وظبطي حالك عشان لما نطب عليهم نعرف ناخد حقك منه بس قبلها تعالي نعدي ع محل نشتريلك فستان وتغيريه وبعدها نروح الكوافير تظبطي حالك

صاحت بحنق:

أظبط نفسي لمين وليه ... خلاص الي كنت هظبط نفسي عشانه ... أديه راح ... اه يا جذمة لما أشوف وشك هخليه خريطة من الي هعملو فيك

_ وقفت علياء بالسيارة أمام متجر لأثواب السهرات والعرائس ... ولجت كلتاهما إلي الداخل وبعد مرور وقت وبعد عناء من علياء لإقناع هاجر ترتدي ثوب باللون فاتح لكن أقتنت اللون الأسود والحجاب أسود معلقة ع ذلك :

أنا مش هلبس غير أسود ف أسود زي نهاره الي مش فايت

_ ذهبا لمركز التجميل ...لتخرج منه ف أبهي زينتها بارزه معالم ملامحها الجميلة .

_ وصلنا خلاص هنا الخطوبة .. قالتها علياء وهي تصطف بالسيارة جوار الرصيف

تأملت الأخري المكان فقالت :

كمان عمل خطوبته ف فيلا وربنا لهدها عليه وع الحيزبونه الي معاه

_ لم تعلق علياء ع كلماتها وأكتفت بالسير معها إلي حديقة المنزل ... لا آثر لأحد فالمكان شاغر لكن مليئ بالزينة والبالونات والطاولات المحيطه بالكراسي المزينة ... بدأت الموسيقي ف العمل فألتفتت هاجر من حولها باحثة عن مصدر الصوت ليبدأ هو بكلماته إليها بصوته العذب

********""""""""""""***********************

_ تركض بمرح وخفة في ذلك المرج الأخضر ترفع زراعيها ممسكه بوشاح أبيض شفاف مثل ثوبها المتطايرة أطرافه حولها ... تحلق ف الهواء مثل الحمامة البيضاء ليظهر أمامها من بين تلك الأزهار بطلته التي سحرت عقلها وقلبها .. ركضت إليه بشوق جامح ... فتح زراعيه إليها لترتمي ع صدره وتعانقه وتدفن وجهها ف عنقه قائلة :

واحشني أوي

همس لها وهو يعتصرها بين يديه من شدة إشتياقه إليها :

أنتي الي وحشاني وبتوحشيني حتي وأنتي ف حضني

رفعت رأسها ونظرت إلي زيتونتيه وآشعة الشمس تنعكس عليها ... ظلت محدقة بهما وهي تحرك جسدها وتشعر بشيئا يقيد حركتها بل يقيد جسدها بالكامل ... فتحت عينيها لتتفاجئ إنها بين أحضانه شهقت بفزع .. ليسرع بوضع كفه ع فمها قائلا :

بس هتفضحينا أختي وجوزها قاعدين برة .. هشيل إيدي بس عارفه لو أتهورتي هاسكتك بطريقتي .. ها تختاري أي ؟؟

هزت رأسها تريد قول شيئا ... أبعد يده ... ألتقطت أنفاسها وقالت بتوجس :

عرفت مكاني إزاي ؟؟

أشار إلي صدره العاري لدي موضع قلبه :

ده الي دلني ع مكانك

قطبت بين حاجبيها وقالت بحنق :

قصي أنا مش بهزر

ضحك وقال :

وأنا كمان مش بهزر ... بقي كده تضحكي عليا وتعمليلي فيها سايكو عشان تعاقبيني وتعلميني الأدب !!

رفعت جانب فمها بسخرية وقالت :

و قصي باشا أتعلم ولا لسه ماشي بدماغه

إبتسم إليها ويتلمس وجنتها بأنامله :

أنا جيت عشان أقولك أنا ملكك وتحت أمرك سيدتي الجميلة ...

قالها وقام بتقبيل وجنتها

ضيقت عينيها بخبث وقالت :

يعني هتسمع كل كلامي ولا الي ع مزاجكك بس ؟؟

تنهد وقال :

عينيا ياصبا الي عيزاه هيكون وعد مني بس أنا بطلب منك أديني الوقت سواء ف تجارة السلاح الي حابعد عنها نهائي وموضوع خالك ... وكل شئ ف أوانه المناسب

زفرت بسأم وقالت :

هصدقك ياقصي ... خد بالك دي آخر مرة وفرصة عشان لو إستهترت بيا وعملت الي عملته فيا تاني هتكون النهايه بيني وبينك

أقترب بشفتيه ع عنقها وهمس بنبرة جعلت قلبها أراد خلع ضلوعها ويقفز إليه :

و يهون عليكي قصي حبيبك جوزك أبو إبنك وأبو الخمس أطفال الي لسه هيجو !!

أتسعت عينيها بصدمة وقالت :

خمس أطفال ... أنا كفايه عليا نونو تاني والي ربنا يجيبو كويس

قصي ومازال يهمس بأنفاسه النارية التي أحرقت عنقها :

لاء أنا عايز عيال يملو عليا القصر ويبقو أخوات ف ضهر بعض مش عايز مالك يبقي وحيد مش كفاية هان عليكي وسبتيه يبعض عن حضنك

لكزته ف صدره قائله:

ومين أصلا الي خادني من حضنه ورماني ف البدروم !! وبعدين أن كنت بخلي داده زينات تجبهولي المستشفي وبلعب معاه

أمسك كفها وقبل راحته وقال :

آسف

أجابت عليه بتكبر وعجرفة مصتنعة مازحه :

مضطرة أسامحك يلا كله بثوابه

إبتسم بمكر قائلا :

طيب ده الصلح النظري ... عايز بقي أصلحك عملي

صبا وهي تجذب أذنه بخفة :

بطل سفالة وقوك يلا عشان نطلع نقعد شويه مع كارين ويونس

نهض من فوق الفراش وحملها ع زراعيه فصاحت:

قصي بطل جنان ونزلني

رمقها بنظرة ماكرة وقال :

أنتي الي نيتك سوده ... كل الحكايه هاخدك أغسلك وشك

نزلت من فوق زراعيه ودفعته برفق ف صدره :

أوعي أنا بعرف أغسل وشي لوحدي ...

ركضت وقبل أن تغلق باب المرحاض الملحق بالغرفة سبقها ليولج معها وفتح صنبور المياه وقام بغسل وجهها بالماء وهو يحاوطها بجسده وهي أمامه كالطفلة الصغيرة ... قام بإرتداء ثيابه وهي بدلت المنامه بالثوب التي كانت ترتديه وقفت أمام المرآه وكادت تمسك بفرشاة الشعر لتسبقها يده و ألتقطها وأجلسها ع الكرسي وقال :

تسمحيلي ؟

نظرت له بتعجب ودهشه عندما أمسك خصلاتها المنسدلة وأخذ يمشطها بالفرشاه وقام بتجميعها لأعلي ع هيئة كعكه وقال بالقرب من أذنها :

مش حد يستمتع بجمال شعرك غيري أنا وبس

وضع يديه ع كتفيها وقام بتقبيلها فوق رأسها ... أمسكت بإحدي يديه لتطبع بشفتيها قبلة حانية ف راحة كفه وقالت :

ربنا يخليك ليا

حملق ف صورتها المنعكسه بالمرآه وقال :

طيب يلا ناخد مالك ونروح ع بيتنا عشان لو قعدت شوية كمان مش ضامن نفسي

رمقته بخجل ونهضت لتقف أمامه تضغط ع وجنتيه بأناملها :

جوزي حبيبي الي فاضحني ف كل حته

_ وبعد دقائق ...

_الحمدلله ... قالها قصي بعدما أنتهي من تناول الفطور

كارين :

أنت لحقت تاكل !!

أجاب عليها :

أنا قعدت عشان خاطرك ... يدوب نلحق نروح أنا وحبيبتي والصغنن... قالها وأمسك يد صبا لتنهض معه

كارين :

طيب كملو أكلكو حتي وأمشو بعد كده براحتكو

نظر إلي صبا وقال لكارين :

ما إحنا هنكمله ف القصر لما نروح

لكزته صبا بمرفقها ... ضحكت كارين وقالت :

ماشي ياعم ربنا يسعدكو ويهدي سركو ... وخد بالك منها وأوعي تزعلها تاني المرة الجاية هاجي أخدهم بنفسي ومش هاتشوفهم تاني

قصي وهو يقبل يد صبا :

إن شاء الله مش هيحصل حاجه تاني .. يلا عن أذنكو

حمل صغيره ع كتفه مستندا ع ساعده و ساعده الآخر تستند عليه صبا بيدها وذهبا إلي قصرهما الشاهد ع أيامهما السعيدة منها والحزينة أيضا.


**********""""""""""*********""""""********


_ حبيبتي وخطيبتي ومراتي الدكتورة هاجر... متستغربيش دي حفلة خطوبتنا وكتب كتابنا ... معلش بقي حبيبك مجنون ونفسه يعيش كل لحظة كان بيحلم بيها معاكي ... حبيت أعملك مفاجاءة وطبعا ده بعد إذن باباكي عمو سعيد وبالإشتراك مع علياء ... وبقولك أدام أهلي وأهلك وكل الناس الي بنحبهم ...

ظهر إليها من خلفها بدون أن تنتبه مرتديا حلة باللون الأزرق القاتم مثل لون عينيه و خصلاته مصففه بعنايه ولحيته مشذبه بأناقة ... رائحة عطره سبقته نحوها فألتفتت إلي مصدرها لتجده يمسك بعلبة مغلفة بالمخمل قام بفتحها أمامها ليظهر منها خاتم تلمع منه دمعة ماسية ... شهقت بسعاده وكفيها ع فمها عندما جثي ع إحدي ركبتيه أمام المدعوين من الأهل والأصحاب اللذين ظهروا للتو ...

_ تتجوزيني ... قالها وينتظر منها الإجابة لكن خجلها أمامه وأمام والدها وعائلتها جعل لسانه يعجز عن النطق فأكتفت بالإيماء له بالموافقة ... تعالت الزغاريد والموسيقي المهنئة للعروسين ... قام آسر بوضع الخاتم ف بنصرها بيدها اليمني و قامت هي بالعكس ... وكان يحرص ع عدم ملامستها منتظرا عقد القران أن يتم ... وصل المأذون الشرعي لتبدأ التهليلات والمباركات وجلس بين آسر ووالد هاجر عم سعيد وبدأ ف إلقاء خطبة ماقبل عقد القران ثم بدأت المراسم وهاجر كانت كالتي تطير بداخل حلم تتمني أن لاتستيقظ منه لتعود إلي الواقع ع جملة المأذون :

بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما ع خير إن شاء الله ...

وما إن إنتهي المأذون ليمسك آسر بيديها يقبلهما أمام الجميع وقبل جبهتها قائلا :

بحبك يا حلالي

لم تصدق ما حدث فهذا جنون كل شئ حدث بسرعة الضوء لم يتثني لها التنفس حتي ...

عانقتها علياء :

ألف ألف مبروك ياقلبي ... شوفتي عرفت أضحك عليكي

وجاءت والدتها أيضا أخذتها بين زراعيها :

مبروك ياقلب ماما وعقبال ليلتكو الكبيرة

وجاء أخواتها يهنئونها أيضا وكذلك أقاربها ومعارفهم ... بدأت موسيقي لأغنية هادئة ... جذبها آسر قائلا لوالدها :

عن إذنك ياعمي ممكن أرقص مع مراتي

أجاب عليه عم سعيد بمزاح :

خدها يابني والنعمه ما هي راجعه تاني

هاجر بحزن مصتنع قالت :

كده يابابا !!

عانقها والدها وقال وهو يقبل رأسها :

لاء ياروح بابا ده أنا ع عيني إنك تتجوزي وتسيبينا بس مادام سعادتك هتبقي معاه مش مشكله كله يهون عشانك

شدت من معانقة والدها لتنهمر من عينيها دموع الفرحة والسعاده

قال لها آسر هامسا :

حبيبتي معلش أستأذنك روحي مع علياء جوه الفيلا غيري الأسود الي أنتي لبساه ده عشان الفوتوسيشن

هاجر:

أنا لبستو عشان كنت فكراك بتخوني وبتخطب واحده غيري

ضحك آسر ليسحرها بجاذبيته :

عارف ياقلبي بأمارة ماشي ياآسر ياجذمة ومشرطي حبيبي الي هتشرحيني بيه وهتخلي وشي خريطة صح !

أحمرت وجنتيها بشدة وهي تنظر إلي علياء بتوعد :

بقي كده يا علياء

ضغط ع وجنتها بأصبعيه قائلا :

ده أنا مسجلك كل الي قولتيه

إبتسمت بخجل وقالت :

قلبك كبير يا آسورتي

آسر :

طبعا لازم يبقي قلبي كبير عشان أنتي جواه يا عجورتي

أتسعت عينيها وقالت بحنق :

يا أي !!!

قهقه وكاد يسقط ع الأرض من الضحك وقال :

أصدي يا هاجورتي... يلا بقي إعملي الي قولتلك عليه ومستنيكي بس بسرعه

_ بدأت الأغنية من جديد لتتساقط أوراق الجوري الحمراء والياسمين الأبيض فوقها وهي تخرج من الباب إلي الحديقة وهي شديدة الروعة والجمال بثوبها الأبيض الصدفي المتلألأ ف الضوء ... وحجابها الذي يحيط وجهها المستدير ذو الوجنتين المتوردتين ...وحين رآها أسرع نحوها لتصبح بين يديه كالفراشة تطاير بين زراعيه برشاقة ع أنغام الموسيقي الساحرة.


_ وفي الركن البعيد تقف علياء تنظر إليهما وتتخيل نفسها بين يدي من يملك قلبها ويآسره بعشقه لها ... ترقرق الدمع ف عينيها الكحيلتين ... نظرت إلي أسفل لتواري عبراتها ليصل لأنفها رائحته التي تشعل قلبها بحبه وتفاجأت بملمس أنامله ع طرف ذقنها يرفع وجهها ليحدق بعينيها الساحرة وأخرج محرمته الحريرية من جيب سترته الخارجي وجفف عبراتها قائلا :

تتجوزيني يا علياء ؟؟؟

أومأت له وقالت :

أنا مش عايزة حاجه من الدنيا غيرك أنت يا يوسف

تفوهت بكلماتها وحروف إسمه لتثير جنون عشقه ... جذبها إلي صدره وعانقها بقوة هامسا :

بعشقك 

الفصل الخامس والعشرون من هنا

تعليقات



×