رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الثالث (ولعشقها ضريبة) الفصل الرابع والعشرون
مبديًا كدا بعتذر عن قصر الفصل بس أنا حقيقي تعبانة
لا البراء زار ولا خيالك عادا
ما أكذب الآمال والميعادا
عجباً لحبك يا بخيلة كيف يخلق
من جوانح عابد حُسادا
إني لأهتف حين أفترش المدى
وأرى الجحيم لجانبي مِهادا
توقفت عن ضربه وعن الحركة والنفس..إتساع العينين مع تصارع ضربات القلب أنبأه بـ أنها بوادر الصدمة..ليُخفف قبضته حول ذراعيها ثم قال وهو يتنهد
-أنا عارف إنها صدمة..بس مكنش ينفع أقولك قبل كدا
نظرت له وكأنها بـ عالم أخر ليُحركها بين يديه ثم هتف بـ جدية
-روجيدا فوقي...
نظرت إليه بـ غضب وكأنه أخرج لها البطاقة الخضراء لتبدأ نوبة غضب وهى تضربه بـ كل قوتها ثم هتفت بـ شراسة
-يا متخلف أنا كنت هتجوز وأنا متجوزة..أنا متجوزة واحد غبي..مش هسامحك يا جاسر...
حاول التصدي لضرباتها ولكنها كانت تزداد جنونًا..أمسك يديها بعد عناء ثم قال وهو يلهث
-إهمدي بقى يا بت أنتي الله
-صرخت هاتفة:أهمد!!..أنا هطلع غلب السنين اللي فاتت دي على جتتك...
وبدأت في ركله بـ قدميها..حاول تثبيتها ولكنها شراسة أُنثى أكتشفت لتو مدى غباءها..فـ لم يجد بدًا من القول
-الملاية اللي عليكي وقعت...
شهقت وسكنت..ليبتسم بـ خبث وهو يستطيع تقييدها..وضعها أسفله على الفراش مُحكمًا لقيدها ثم همس بـ مكر
-كان لازم يعني أقول كدا عشان تهمدي
-صرخت بـ حدة قائلة:سبني يا جاسر عشان أنا متغاظة منك..أوعى
-ضحك بـ سخرية وقال:ااااه أبعد مين يا ماما..دا أنا ما صدقت قربت
-وأنا مش هنولهالك..إبعد بقى...
كانت تُحرك رأسها بـ كل الإتجاهات حتى تناثرت خُصلاتها حول وجهها ليدخل معظمها بـ فاها..بينما هو يُراقبها بـ تسلية
وجدها تُجاهد في إبعاد خُصلاتها عن فاها فـ أحكم يديها بـ يدٍ واحدة ثم الأخرى حركها وبدأ في إبعاد تلك الخُصلات عنها بـ إبتسامة لعوب..تنهدت بـ يأس وهى ترى نظراته التي تلتهمها ثم همهمت
-ناوي على إيه يا بن الصياد؟!
-إقترب أكثر وهمس بـ خبث:ناوي على دا يا ست أم جُلنار...
كان يقترب بـ بطء منها ظنًا أنها ذابت بين يداه لترتخي قبضته عنها وقدماه قد فكت حِصارها..لتبتسم هى بـ مكر وقد أوهمته أنها ستُبادله إلا أن رُكبتها كانت تضربه أسفل معدته ليتأوه بـ صوتٍ مكتوم وإبتعد عنها
لتنهض هي سريعًا تقوم بـ لف نفسها بـ الملاءة جيدًا..كانت عيناها تنظران إليه بـ نصر..وإبتسامة جعلته يغتاظ إرتسمت على وجهها..لتعقد يديها أمام صدرها ثم قالت بـ صرامة
-إحكيلي حضرتك أنا لسه مراتك إزاي!
-رد عليها ولا تزال نبرته مكتومة:مش رادد
-رفعت منكبيها وقال:أنت حر..بس صدقني هتندم...
نهض فـ تراجعت خطوة كـ رد فعل..ليضع يده بـ جيب بنطاله وترك صدره العريض في مواجتها ثم تشدق
-هتعملي إيه!
-ردت عليه بـ ثقة:سبها لمكر الستات..وأظن أنت عارف أنا هعمل ايه
-نفخ بـ غيظ:أنتِ عايزة إيه؟
-عاوزة أفهم أنا لسه حرم سيادتك إزاي
-عض على شفتيه ثم قال بـ غضب:الطلاق تحت التهديد مبيقعش..يعني ميتحسبش طلاق
-ضيقت عيناها وتساءلت:تهديد إزاي وأنت كنت جايلي بـ إرادتك!
-وضع يده على عيناه وهمس:قبل ما أجيلك يا روجيدا..مسألتيش نفسك إيه اللي حصل طول الليل أو أنا كنت فين!
-أبتلعت ريقها وقالت:عرفني كل حاجة..إحكيلي اللي حصل...
أخفى وجه بين يداه وهو يتنفس بـ حدة..لم يُصدق أنه سيُعيش تلك الأحداث مرةً أخرى..ليهمس بـ جمود
-حاضر
"عودة إلى وقتٍ سابق"
بعد دلوفه خارج المنزل ذاك اليوم..كان يشعر بـ صعوبة بـ التنفس..كاد أن يبكي..هذا المشهد يتكرر ولكن بـ طريقة أبشع..بـ طريقة تعجز هى عن تحملها..هبط الدرج بـ تعجل وصعد سيارته..وقبل أن يتحرك بها وجد من يضع سلاحًا ما بـ رأسه وبـ لهجة مصرية خشنة تشدق صاحب المُسدس
-إتحرك بسرعة...
إلتقت عينا جاسر بـ عيني الأخر والتي كانت سوداء كـ سواد الليل..تحرك جاسر بـ سكون ليس خوفًا ولكن هُناك شيئًا ما بـ نظرات الأخر تُخبره بـ أن ما قادم لن يكون بـ هينٍ
ثلاثون دقيقة من القيادة لتتوقف السيارة أمام بناية من ثلاث طوابق..يقف أمام البوابة السمراء الضخمة ثلاث رجال ذوي بنية ضخمة..حثه المجهول بـ جمود
-إنزل معايا...
ترجل جاسر من السيارة بـ ملامح صلبة كـ الصخر..جامدة كـ الرخام..الغضب يأكل كل جزء في جسده ولكنه تحامل على نفسه فـ القادم أسوء..سار أمام الأخر حتى دلفا البناية .. ليقوم أحدهم بـ وضع عُصبة على عيناه ثم ساعده على الصعود
كل ما أثار إنتباهه صوت خطواته ومن معه..تنفسه الساخن هو ما ألهب الأجواء حوله..حتى وقف الجميع ليدفعه أحد الرجال إلى غُرفةٍ ما ثم أغلق الباب..نزع جاسر العُصبة عن عيناه ودار حول نفسه يتأمل الغُرفة..لا شئ بها..خالية ذات حوائط عفِنة وقطرات المياه تتساقط من السقف..ثوان وإشتعلت الأضواء حوله ونفس الصوت الخشن تشدق بـ جمود
-طبعًا مش محتاج تعرف إحنا مين..عمتًا مش هتفرق بس كل اللي هقولك عليه إنه يا تطلق مراتك يا إما...
-هدر جاسر بـ قسوة: يا إما إيه؟!...
ضحك المجهول بـ صوته كله ثم قال بـ خبث
-طب بص وراك كدا...
ظهرت القسوة على معالم وجهه بـ قوة ليلتفت خلفه..فـ وجد شاشة صغيرة لم ينتبه إليها لتُنير فجأة وهو يجد طفلته تجلس على قدم أحدهم و بـ يده سلاح موجهه إلى طفلته التي لا تعي ما يحدث وهى مُلتهية بـ تلك الحلوى
إتسعت عيناه بـ قوة ثم صرخ بـ حدة وظل يضرب الحائط عدة مرات بـ قبضته..إستمع إلى ذلك الصوت مرةً أخرى
-إسمعني كدا و فّوق..يا تطلقها يا إما الصبح تطلع على الأرافة وتدفن بنتك
-همس بـ فحيح:أنت شايف إني بتهدد!
-رد الأخر بـ هدوء:أنا مبهددتش..أنا بقول اللي هيحصل..يا كدا يا كدا يا صياد
-هتندموا
-وقتها نبقى نتفاهم..المهم ثواني و اسمع ردك...
تنفس جاسر بـ حدة ولم يرد ليسمع صوت الأخر يقول بـ نبرة غير مُبالية
-أنت حر..يلا إتفرج على دماغ بنتك وهى بتتفجر...
إلتفت جاسر بسرعة إلى الشاشة وهو يرى ذلك المجهول على أتم الإستعداد ليقتل إبنته..هدر جاسر بـ نبرة مُميتة
-لااااء..خلاص .. أنا موافق
-أهو كدا تعجبني...
"عودة إلى الوقت الحالي"
وضع سبابته وإبهامه على أنفه ثم قال بـ نبرة خافتة
-بس طلعت وجيت عشان أطلقك وقبلها كنت برجع بنتي..صدقيني لو مكنتش بعدت كانت جُلنار مش هتبقى بينا دلوقتي...
كانت واقفة في ذلك الركن بـ الغُرفة..تحتضن الملاءة إلى صدرها..دون رد ليرفع رأسه فـ وجد عيناها خالية وتعابير وجهها لا يُمكن تفسيرها
نهض من مكانه وإتجه إليها ثم وضع يديه على ذراعها ليرفع رأسها إليه وتساءل
-مش هتقولي حاجة!
-إبتسمت من زاوية فمها وقالت:أقول إيه!..أقول إنك برضو شايف إنك ضحيت وأنت عملت كدا عشان خاطرنا..أعمل إيه !..بيحصل كل دا من ورايا ولا أعرف ولا حتى أشاركك وجعك..يا جاسر أنا تعبت بجد..كل عذر أقبح من ذنب..عاوزني أقول إيه!..أقولك إني مسمحاك يا حبيبي وأنت إتصرفت صح وبراڤو..دا اللي أنت عاوزة!..مش هنولهوك
-همس بـ ألم:متقسيش عليا..أنا مكنتش عارف أتصرف..كنت بين نارين
-وضعت يدها على وجهها وهمست:سبني لوحدي..أنا عاوزة أكون لوحدي بعد إذنك...
-لثم جبينها وقال بـ طاعة:حاضر..إستريحي وكلي وأنا هسيبك تفكري...
عاد يُلثم وجنتها مرةً أخرى ودلف خارج الغُرفة لتتجه إلى الفراش وتجلس عليه ثم همست بـ غيظ
-أعمل معاك إيه بس!..أنا تعبت...
**************************************
وقفت بسنت في منتصف الردهة وهى تُحاول الإتصال بـ شقيقتها التي إختفت ولكنه هاتفها لا يعمل..أنزلت الهاتف عن أُذنها وهى تُهمهم بـ قلق
-أنتي فين بس يا روجيدا!...
نظرت إلى صابر القادم من الجهة المُقابلة للغُرفة فـ هرولت إليه وسألته
-ها لاقيته!
-حرك رأسه نافيًا ثم قال:ولا العريس موجود
-ضربت بسنت على فخذيها قائلة:يادي الليلة البني..راح فين هو كمان!!
-ضحك صابر وقال:طالما لا العريس ولا العروسة موجودين يبقى هربوا وعملوا فرح مع نفسهم...
نظرت إليه شزر ولم ترد..مُنذ أن أخبرها مُنسق الحفل عن تأخر العروسين..إتجهت إلى غُرفة روجيدا لتتفاجأ بها فارغة..لتتصل بـ صابر الذي إمتنع عن حضور الزفاف من أجل رفيقه وتفهمت هى ذلك كما تفهم موقفها عن مُمانعتها لحضور حفل خطبة جاسر وأخبرته عن إختفاء روجيدا فـ أتى على وجه السرعة
بـ الرغم من علم صابر أن إختفاء روجيدا له علاقة بـ جاسر ولكن إختفاء شريف هو الأخر جعل القلق يتسرب إليه..إتجه إلى بسنت وقال بـ جدية
-إحنا نروح دلوقتي عشان جُلنار مع جدتها بس ومينفعش نسيبهم أكتر من كدا
-أنا قلقانة على روجيدا أوي
-عانقها بـ حنو وهتف:متخافيش إن شاء الله هتكون بخير
-بادلته العناق وقالت بـ رجاء:يارب..مش بعد أما تلاقي فرحتها تروح منها كدا
-وأنتي عرفتي منين إنها فرحانة؟..فكرك هتفرح وهى بعيد عن جاسر!!
-مبقتش عارفة حاجة..بس روجيدا إتأذت كتير ومحتاجة ترتاح بقى
-تنهد وقال:هما الإتنين إتأذوا كتير محتاجين يرتاحوا...
وضعت رأسها على صدره وهى تشعر بـ حجم قلقها يتضخم ليهمس صابر وهو يربت على ظهرها
-يلا نمشي..ملوش لازمة الوقفة هنا...
قالها صابر وهو يتوسل إليها فـ مُنذ أمس وهما يتناوبان البحث عن العروسين ولكن لا شئ..حتى أنها أصرت على الإتصال بـ الشرطة ولكنه منعها خوفًا من تدخل جاسر
رفعت رأسه وتنهدت ثم قالت بـ توسل أخير
-طب عشان خاطري نتصل بـ البوليس ونتطمن بس
-داعب وجنتها بـ حنو وقال:يا حبيبتي والله خير..طالما جاسر مظهرش هو كمان يبقى أكيد معاه
-عقدت حاجبيها وتساءلت:طب وشريف
-إبتسم وقال:طالما مفيش أثار خناق أو دم يبقى هو كويس متخافيش
-متأكد يا صابر
-لثم وجنتها وهمس:متأكد يا روح صابر..ويلا عشان وشك بقى أصفر وبان عليكي التعب...
أومأت بـ رأسها ليضع يده حول خصرها و وضع رأسها على صدره وإتجه بها خارج النُزل
**************************************
وضعت وشاحها الاسود على رأسها بـ إهمال لتتطاير منه خُصلاتها البنية المائلة للإصفرار ثم زعقت بـ صوتها وهى تتجه إلى باب المنزل
-أيوة جاية ياللي بتخبط...
ثم فتحت الباب لتتسع عيناها وهى ترى شريف أمامها يتكئ بـ يده على الباب و بذلته مُهترئة عليه..عيناه بدت وكأن صاحبهما يُعاني من ضياع..شهقت وصكت صدرها ثم هتفت بـ جزع
-يالهووي..شريف باشا مالك؟
-همس وهو ينظر إلى عيناها:أنا عاوز فطيرة سكر من اللي كلتها قبل كدا
-سحبته من يده وقالت:طب تعالا إدخل...
تبعها مسلوب الإرادة وقد بدى على وجهه الإرهاق والتعب كما لو أنه لم يذُق النوم أبدًا..ساعدته يجلس على أحد الأرائك ثم قالت وهى تتجه إلى المطبخ
-ثواني وراجعة...
ولم تنتظر رده لتدلف المطبخ وتعود حاملة معها كأسًا من الماء لتضعه بـ يده وهو لم يحتج سماع أمرها بـ إرتشافه..ليرتشفه على دفعةٍ واحدة..جلست أمامه وهى تتطلع إلى وجه بـ أسف ثم تساءلت
-خير مالك يا باشا!..على ما أظن إن دي صباحيتك
-ضحك بـ تهكم وقال:لا صباحيتي ولا مساءيتي..مفيش فرح أصلًا
-تساءلت بـ غباء:العروسة ماتت؟!
-لأ العريس والعروسة هربوا من فرحهم...
ثم إنفجر ضاحكًا وكأنه إستمع إلى مزحة..نظرت هى إليه بـ تعجب واضح من حالته فـ قد بدى وكأنه فقد عقله..بعدما هدأت نوبة ضحكة قال
-أول فرح فالدينا..يطفش منه العرسان
-وأنت عرفت منين؟
-نظر إلى المطبخ وقال:بقولك إيه أنا جعان..أعمليلي الفطاير بالله عليكي
-لوت شدقها وقالت:طيب..خليك هنا...
ثم نهضت وإتجهت إلى المطبخ وبقى هو جالسًا وحده..نزع عنه سترة بذلته فـ قد أحس بـ عدم الإرتياح..ثوان وسمع صوت سُعال ليعلم أنه منصور والد مروة..لينهض سريعًا ما أن رآه يدلف وهو يُنادي
-بت يا مروة!..مين اللي كان بيخبط؟!
-أنا يا عم منصور...
هتفها شريف وهو يتجه إلى منصور يُعاونه على الجلوس..فـ نظر إليه الثاني بـ دهشة لشريف الذي يبدو مُهترئ المظهر..ثم تدارك نفسه وقال مُرحبًا بـ سرور
-يا أهلًا يا سعادة الباشا
-عاتبه شريف قائلًا:ما أنت كنت بتقولي يا بني..إيه اللي جد؟!
-جلس منصور وقال بـ إبتسامة:الناس مقامات يا باشا
-جلس هو الأخر ثم رد الإبتسامة قائلًا:المقامات دي إحنا اللي إخترعناها كلنا ولاد تسعة يا راجل يا طيب...
ضحك منصور وإتكئ بـ يديه على رأس عصاه واضعًا ذقنه عليهما ثم تساءل
-إعذرني يا بني..بس إيه اللي جابك ومنظرك كدا؟؟...
نظر شريف إلى قميصه المُجعد بـ تجهم ثم قال دون أن ينظر إلى منصور
-مفيش يا عم منصور
-مفيش إزاي؟..على كلام البت مروة أنت فرحك كان إمبارح
-فرك شريف عيناه وقال:لا عاد فيه فرح ولا يحزنون يا عم منصور..أنا سبت الفرح وجيت...
عجز منصور على التعليق لما قاله شريف ليبقى الصمت سيد المكان قبل أن يتساءل منصور بـ دهشة وحاجبين مُقطبين
-سبت فرحك إزاي يا بني!..طب والعروسة؟
-رد شريف وكأنه شئٍ عادي:هى كمان طفشت من الفرح...
صدمة أخرى لجمت منصور وهو يقول بـ داخله أن هذا الرجل الذي أمامه إما جُنَ أو كان يحلُم..ليتساءل مرة أخرى
-معلش إعذرني على أسئلتي..بس أنتوا كان حد غاصبكوا!
-حرك رأسه نافيًا وقال:أبدًا
-أومال إيه!!
-تنهد شريف ثم قال مُبتسمًا:سمعت نصيحة حد قالهالي..إن لو الحب من غير كرامة ميبقاش حب دا يبقى تضيع وقت..وأنا سمعت نصيحته وإشتريت كرامتي
-إبتسم منصور وقال:وحاسس إنك مبسوط!
-سلط نظره على بُقعةٍ ما وتشدق بـ إبتسامة صادقة:مكنتش هحس إني مبسوط أكتر من دلوقتي..أنا فعلًا كنت موهوم..كنت بجري ورا سراب...
وعلى الجانب الأخر كانت كرة الشعر تبتسم وهى تستمع إلى حديثه ولكنها لم تستطع ألا ترى ملامحه لتُخرج رأسها ونظرت إليه عند قوله "سمعت نصيحة حد قالهالي"..لتتسع إبتسامتها وبدأت ضربات قلبها تعلو وهو يُعيد عبارتها..إذًا كان يحتاجها هي دونًا عن أحدٍ أخر..إذًا هى تؤثر به وهو يستمع إليها
تضرجت وجنتها بـ قوة عندما لاحظت نظرته العميقة إليها وإبتسامة..أصدق إبتسامة قد تراها على وجهه بـ حياتها..لتعود إلى داخل المطبخ وقلبها ينتفض كـ أرنب مذعور
بقى نظره مُعلق على البُقعة التي إختفت بها وهو يُفكر مُبتسمًا..ليست سوى كرة شعر قصيرة القامة مرحة الروح..طيبة القلب ذات عينان تُشبه المها لشدة إتساعتها..ضحك على نفسه التي بدأت تشعر بـ إنجذاب ناحية تلك الفتاة الريفية البسيطة
فاجأه صوت منصور قائلًا
-ما دام أنت شرفتنا وإحنا لسه مفطرناش..إيه رأيك تفطر معانا؟...
هم شريف أن يتحدث ولكن قاطعه منصور قائلًا
-أنا مباخدش رأيك..أنا بقولك بس
-إبتسم شريف وقال:وأنا مكنتش هرفض..لأني فعلًا جعان...
ضرب منصور على فخذه بـ خفة ثم تشدق مُبتسمًا بـ بساطة
-حيث كدا..قوم إغسل وشك وإتوضى وصلي
-حاضر يا عم منصور...
أشار منصور إلى أحد الأركان ثم قال وهو ينظر إلى شريف الواقف أمامه
-الحمام أهو..والقبلة تدي وشك لباب البيت مع زاوية يمين
-تمام يا راجل يا طيب...
توجه إلى المرحاض وفعل ما قاله منصور..وهى تستمع إلى كل هذا الحديث..وتبتسم..شيئًا جديد عليها لأول مرة تشعر به..يجعلها تبتسم كلما سمعت صوته..فراشات تطير أسفل معدتها كُلما رأت إبتسامته..أليس ما تشعر به غريبٌ حقًا!!
الجميع كان يجلس على طاولة أرضية موضوع عليها فطائر السكر ذات الرائحة الطيب..وكؤوس الشاي بالحليب التي رُصت بجانب الفطائر..رفع منصور أكمام جلبابه ثم قال بـ إبتسامة و فخر
-فطاير السكر بتاع البت مروة بنتي..لا يُعلها عليها..حظك فـ رجليك النهاردة
-إبتسم شريف وقال:منا عارف..أنا شكلي جاي مخصوص عشان فطاير السكر..دي ليها معايا ذكريات من دهب...
ثم غمزها بـ الخفاء لتضع عينيها بـ صحن الفطائر الخاص بها خجلًا..ليبتسم هو ويقوم بـ قضم قطعة كبيرة من فطيرته ليُصدر أصوات تلذذ كـ تلك التي أصدرتها ذلك اليوم..لتتضرج وجنتها بـ حُمرة ما زادتها إلا فتنة
**************************************
تأففت وهى تُعدل من وضع تلك الكنزة التي بـ الكاد تصل إلى خصرها للمرة التي لا تعلم عددها..فـ جميع الثياب على نفس المنوال..يبدو أنه كان مُخططًا لكل ذلك..نظرت إلى ذلك السروال من خامة الچينز الذي بـ الكاد هو أيضًا يصل إلى مُنتصف فخذها..لو بقت بـ ثوب زفافها لكان أفضل لها ولكن كيف السبيل وقد مزقه هذا الأحمق لتسير خُطته على خير ما يُرام
فتحت الباب وهى تُخرج رأسها فقط حتى لا يُفاجأها كعادته..تنهدت بـ راحة وهى تجد الممر خالي أمامها..حاولت إنزال كنزتها القصيرة لتُتمتم بـ غيظ
-منحرف...
صعدت تلك الدرجات قليلة العدد لتصل إلى سطح اليخت..الرياح المُحملة بـ رذاذ مياه البحر بقت تضربها حتى أنعشت خلاياها..تحركت قدميها إلى مكان القيادة وليتها لم تتحرك..حبست أنفاسها وهى تراه بـ تلك الهيئة الجذابة
كان يرتدي قميص أبيض فُتحت جميع أزراره ليتطاير بـ فعل الرياح فـ تظهر عضلات صدره ومعدته التي بدت لامعة وكأنها مصقولة أسفل أشعة الشمس..وسرواله من اللون الجليدي يصل إلى ما بعد رُكبتيه..ونظارته الشمسية التي لم تُضف إلى هيئته سوى جاذبية وإثارة
فكرت بـ العودة وقد خذلتها ساقيها بـ الإنصياع لها عندما سمعت صوت صفيره ونبرة خبيثة هتفت
-إيه يا إخواتي المُربى دي!...
لعنت تحت أنفاسها..وتيبست قدماها..أحست بـ توقف حركة اليخت ولم تستطع الحركة..سمعت صوت خطواته تقترب وعجزت عن التنفس..شعرت بـ يداه حول خصرها ثم همسة بـ جانب أُذنها بـ نبرة ماكرة
-أنا لو أعرف إنه هيكون كدا كنت جبته أقصر...
حقًا أطلق ماردها..كانت غاضبة إلى أقصى حد..لذلك ضربت كفه الذي حول خصرها ثم هتفت بـ حدة
-إبعد إيدك يا جاسر
-تذمر قائلًا:هو أنتي مفيش فـ قاموسك غير كلمة إبعد!
-إلتفتت إليه وردت بـ تشفي:أه..ولعلمك...
رفعت سبابتها بـ وجهه وضيقت عيناها ثم تشدقت بـ تحذير
-مش هتلسمني ولا هتقرب مني إلا لما أسامحك!
-أتسعت عيناه وهتف بـ غضب:نعم يا روح طنط!
-وضعت يدها بـ خصرها وقالت:أه واللي عندي قولته...
عض على شفتيه بـ غيظ وهو يرى المكر يتراقص بـ فيروزها..تظن أنها لُعبة..حسنًا سيضع هو قوانينها ولتجرؤ على الإعتراض
تساءل بـ صوتٍ ملئ بـ الغضب والإحباط
-وأنتي كدا بتعاقبيني!!
-مطت شفتيها:حاجة زي كدا
-والمفروض الحصار دا هيتفك أمتى!
-إبتسمت بـ خبث:لحد أما أرضى عنك يا كوكو...
ثم قبضت على ذقنه بـ خفة وتحركت من أمامه بـ خطى مُتغنجة بـ غرض إستفزازه ليضع يده على صدره ثم همس وهو يتأملها بـ نبرة على وشك البُكاء
-طب وأمتى هنول الرضا يا حتة مربى!!...