رواية عشق الصقر الفصل الواحد والعشرون 21 بقلم سارة حسن


 رواية عشق الصقر الفصل الواحد والعشرون بقلم سارة حسن


دخل البيت الكبير، خطواته توحي بأندفاعه و حفيف عباءته من حوله ترفرف لسرعته. 

قال صقر متسائلا بقلق: خير يا جدي 

التفت اليه عتمان و قال : مش خير يا صقر مش خير يا بني 

انقبض قلبه و دارت عينيه في وجوه الموجودين، لم يجدها، قال بتوجس : ايه الى حصل 

اجابه جده قائلا: كارما مش لاقينها، دورنا عليها في البيت كله مالهاش آثر 

قضب جبينه ببارتياب و تسائل : محدش شافها و خارجه مثلا 

نفي رحيم و قال : سالنا الموجودين هنا محدش شافها 

اضطرب للحظه و تسرب القلق اليه، نظر لشقيقته و قال : امتي اخر مرة شوفتيها يا زهره 

اجابته علي الفور : العصر تقريبا، كنت عندها في اوضتها و بعدين دخلت اي

صمتت لبره  و عينيها علي ايناس بشك، هتف بها صقر بنفاذ صبر : و بعدين 

_دخلت علينا ايناس و قالت انها عايزة تتكلم معاها لوحدها و انا خرجت، و من بعدها مشوفتهاش

التفتت جميع الاعين لها ، ارتبكت ايناس و اهتزت و هي تري خطوات صقر اليها. 

عينيه لم تنذر بالخير ابدا ثم

قال بصوتآ خشن اجش : عملتي ايه

تلجلجت الكلمات علي لسانها و اجابته بارتباك: ع عادي يعني و انا هاعملها ايه 

احتدت عينيه و صرخ بوجهها مما جعلها تنتفض مكانها خوفا: مش هاعيد سؤالي تاني 

من هذا؟ 

هل هذا صقر الذي تعرفه.. 

الذي امامها رجل يكاد يجن من غيابها عن عينيه، تنظر اليه بأستغراب و حنق لما كل هذا ، ماذا حدث له و لهدوءة المحتفظ به دائما، متي وصل صقر لتلك الحاله. 

التمعت عينيها بالحقد و قالت مشدده علي كلماتها: قولتلها اللي المفروض يحصل ، قولتلها اننا مكتوبين لبعض من و انت عيل صغير و انا كنت بضافير، و ان البلد كلها عارفه إني هاكون مرات الكبير، قولتلها انها حراميه زي امها 

ثم صرخت بوجهه و قالت : قولتلها انك حبيبي و مش هاتكون لحد غيري

شهقت كل من زهرة و والدتها وولطمت سعاد علي وجهها من اندفاع ابنتها، قبض صقر علي يده بقوة و كان علي وشك صفعها عدة صفعات متتاليه لعلها تفيق من هواجسها. 

جذبها من ذراعها حتي كاد يتهشم بيده و هزها و صرخ بها بغضب : يا ويلك مني لو حصل لكارما حاجه بسببك يا ايناس.. كلامك ده ها تتحاسبي عليه بعدين، لكن بعد ما ارجع بيها 

ثم تركها و اهتزت مكانها، ركضت عليها والدتها محتضنه اياها و هي كا متخشبه بين ذراعيها ، مسح رحيم علي وجهه با اعصابآ متعبه و قال لوالده الهادئ بريبه: انت كويس يا با 

استند عتمان علي عكازة و تحرك لخارج البيت قائلا: ها ستناهم بره، مابقتش اعرف اخد نفسي هنا، اللطف من عندك يا يارب 

،،،،،،،،،،،،،، ،،، 

اتجه للغفير و سأله : كارما خرجت من البوابه الكبيرة 

اجابه الغفير : لا يا بيه، الست هانم راحة ناحيه االاستطبل 

توجه سريعآ للاستطبل، بحث عنها و لم يجد لها آثر ايضآ

التفت حول نفسه يحاول تهدئه افكاره المتزاحمه  ، يخشي خروجها بمفردها مرة اخري و يحدث ما حدث المره الماضيه. 

ازاح عمته عن رأسه و مسح علي شعره، توقفت يداه عندما وقع نظرة عن مكان احدي الفرس الفارغة ، لم يفكر مرتين و هو يفك سرج سلطان و يصعد فوقه،  منطلق به لذلك المكان لعله يجدها به... 


انطلق بفرسه بسرعة عاليه، ممسك بلجامه بقوة و الفرس و كأنه يطير علي السحاب دون اي عوائق، كان اقرب للفارس الممتعض حصانه بحثآ عن الاميرة.. 

الاميرة التي وجدها مستنده علي تلك الشجرة العتيقه، نزل من علي حصانه و هرول اليها ثم وقف امامها، يأخذ انفاسا متتاليه براحه لرؤيتها امامه. 

كارما 

كان ندائه هادئا و خافتآ، به من الخوف و العتاب ايضآ


رفعت رأسها لاعلي و نظرت اليه و جثي امامها ، ضيق عينيه من بكائها و عينيها الحمراء المنتفخة، شعر بتلك الوخزة لرؤيتها بتلك الحاله

قال و هو يتفرس ملامحها بقلق جلي علي ملامحه: ليه كده 

مسحت عبراتها بظهر يدها بقوة و استقامت واقفه دون ان تجيبه، اتجه اليها و وقف امامها مانعآ مرورها قالت له بضيق : مالكش دعوة بيا 

هتف بها صقر : ايه اللي حصل وصلك لكده

صرخت بوجهه قائله : اللي وصلني لكده! كذبك اللي وصلني لكده 


اشار لنفسه و قال مستنكرا: كذبي انا 


كادت ان تتركه دون اجابه، لكنه لاول مرة يحذبها من ساعدها و قال بانفعاال : لما اكلمك تقفي و تكلميني 

هدرت به و هي تدفع يده بعيدا عنها  : انا ما بنفذش اؤامر 

لوح بيده و قال بصبرآ نفذ صارخآ بها: اي اؤامر يا كارما ، فيكي ايه، طايحه و اخده في وشك، خرجتي برة الدار من غير اذن حد و محدش عارف ليكي طريق، و قدامك اهو بعد كل غضبي منك و خوفي عليكي مستنيكي تهدي و اسمع منك حصل ايه، و انتي كل اللي بتفكري فيه اؤامر ! اوامر ايه، ده لو حد غيرك اللي عمل كده كنت عرفته ازاي ينفذ اؤامر صقر الجارحي. 

لم ترمش بعينيها حتي انتهي، و لم تخفض عينيها عنه طوال حديثه، حتي بعد ما تنتهي، مازالت تحدق به بتلك الطريقه المحيره له. 

خرج صوتها و قالت كارما : جدي اللي طلب منك تتجوزني 

اجاب علي الفور : جدي ما يعرفش بالقاعده ، و كلامي حصل من غير ترتيب حتي مني 


اتبتلعت ريقها و اهتزت العبرات بمقلتيها : اختي بتحبك 


بهتت ملامحه للحظه ، و استعاد صقر طبيعته مجيبا عليها :

عمري ما اتعاملت معاها بطريقه غير زهرة

اغمضت عينيها لبره و اردفت: 

كرها هايذيد ليا اكتر 

اخذ نفس عميق و قال و هو يرفع يده و يمسح علي شعرة : مش بأيدي، ايناس طول عمرها قدامي من قبل ما انتي تظهري بسنين، اهالينا زمان قالوا انتوا لبعض، بس لما كبرنا كل حاجه بتتغير 

قاطعته وقالت بتعب : ماتغيرش يا صقر ، انت كنت عارف 

_ انا عمري ما وعدتها و لا حد من البيت اتكلم في الموضوع ده، هي اللي اختارت تفضل عايشه في وهم، عمري ما عاملتها اكتر من معاملة زهرة 

مسحت علي وجهها و قد بلغ منها االارهاق ، القي عليها نظرة حانيه، ود لو يهدئها بين ذراعيه، لو له الحق في ان يزيح تلك العبرات عن و جهها.. 

انتبه علي صوتها المتسائل بحيرة : تفتكر قرار رجوعي كان غلط! 

_ حتي لو ماكنتيش موجوده ماكنتش هاتجوزها  

حاوطهم الغروب ، و اضاف للمكان من حولهم لمسه من السحر، تركها ثم وقف علي ذلك الحجر الكبير، الذي اوضح له رؤية البلده بأكملها ، و كانه فارس يطمئن علي حاشيته من أعلي . 

نظرت لظهره المتصلب و كأنه يفكر بشئ جذب انتباه عنها 

تسائل صقر دون ان يلتفت لها : ليه كلام اختك آثر فيكي كده، يعني .. انتي لسه ما قولتيش رأيك موافقه او لا 

زاغت عينيها بارتباك و التفت لها دون ان يتقدم لها قائلا : 

هو شعور ايناس فارق معاكي ليه

ضمت شفتيها و اجابته بخفوت: مش سهل تكون اختي بتحبك 

هتف صقر بها بصوتآ هادئا و لكنه قوي مسيطر آ : و انا بحبك ..ليه مصعبه الحقيقه دي 

رفعت عينيها اليه و اجابته معترفه بصوتآ مهتز :

عشان لاقيت نفسي.. بحبك

لحظه.. لحظه.. 

هل ما استمعه صحيح!! 

استغرق منه الامر بضع لحظات، مجرد لحظات حتي تقدم و وقف امامها باعين لامعه عاشقه، ضحك بخفوت و قال و كأنه يتأكد من ما استمعه: انتي قولتي صح 

اومات براسها و ارتسمت ابتسامتها رغم ملامحها المرهقة. 

تقابلت عينيها و كأنها خيوط ذهبية تشبه تلك التي في وقت الغروب، في سماء تشبه عينيه، واسعه و بها من البراح ما يجعلها تحلق به، تلك العيون السوداء التي تنظر اليها الان بأحتواء في اكثر اوقاتها هشاشة. 


اتسعت ابتسامته و قال بعد ان تنهد بعمق : انا راضي جدا بعد الفرهده دي، تكون دي مكآفاتي 

صمت لبره و قال و عينيه تؤكد علي حديثه امام عينيها : اوعي في يوم اي حد يشككك في حبي ليكي او يخوفك مني، كارما لما بتغيبي عن عيني و بكون مش عارف طريقك، برج من دماغي بيروح و ببقي مش شايف قدامي 

قالت له بصوتآ غلفه الهدوء : حسيت إني مخنوقه و مش عارفه اروح فين، اول مكان فكرت فيه ، المكان ده، مكانك

_ مكانا  ، قالها برقه قاطعآ حديثها 

فا ضحكت بخفوت و هتفت بخجل : يعني ماحدش جه هنا معاك قبلي؟ 

_ و لا من بعدك  

ابتعدت بعينيه عنه، غير قادرة علي كل تلك الاحاسيس اتجاه، كل تلك الجاذبيه التي يمتلكها ، دون ان يفعل شئ، فقد يحدثها و يبتسم و ينظر اليها بتلك الطريقه التي تشعرها انها الانثي الوحيده  علي الارض. 

انتبهت علي صوته الاجش المسيطر برنته قائلا: خير البر عاجله

ارتفعت حاجبيها للسماء و قالت بدهشة: بسرعه كده 

مال للامام و نظر لتلك الدموع المازالت عالقه بعينها و وجنتيها و بصعوبه قيد فكرة ان يزيلها و همس لها : مش عايز حواجز بيني و بينك 

ابتعدت خطوة للخلف و غزا الحمره و جنتيها و هتفت قبل ان تتجه للفرس و تركبه برشاقة : هافكر و ابعتلك الرد مع جدي

تتدلل! 

ضحك صقر و ركب سلطان بقوة و اشار لها بتلك الطريقه التي يعرف انها تستفزها ووفعلها عن قصد، تسابقوا معا للوصول و تركك لها المجال ان تكون الرابحه ، فأي سباق سيحدث وهي قد كسبت و هو قد أعلن رايته لها...

الفصل الثانى والعشرون من هنا

تعليقات



×