رواية تعافيت بك الجزء الثالث الفصل العشرون 20 بقلم شمس بكرى


 رواية تعافيت بك الجزء الثالث الفصل العشرون 


_اذا ثَقُلَ حِملُكَ أنا هنا....
وإن مال كَتِفكَ أطمئن فأنا هنا 
_________________________

يوم الجُمعةِ صباحًا قبل موعد الصلاة خاصةً في شقة "ياسين" كان المشهد من أكثر المشاهد المُحببةِ للقلوب، حيث وقف و بجواره "يزن" و خلفه "خديجة" و الفتاتين يرتدين ملابس الصلاة وهو يأم الصلاة بهم، لحظة هدوء و سَكينة تسكن البيت و كذلك قلوبهم آمنين في كنف الله ورعايته.

_السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله.

سَلَّم "ياسين" بعد قول التشهد أولًا ثم كرروا هم من بعده يلقون التحيات، ثم رفع كفيه يدعو الله بعد صلاته وهم معه أيضًا، يعلمهم طريقة الصلاة فلازالوا في حيرةٍ من بعض الأمور في الصلاة لذلك يحرص هو على الاجتماع بهم حتى يثق أنهم تعلموا الصلاة منه ويعتمد كلٍ منهم على نفسه.

التفت لهم ثم رفع صوته بقول اذكار ما بعد الصلاة ينطقها بتروٍ وهم خلفه بنبرةٍ يغلبها النعاس، حتى انتهى أخيرًا فوجدهم على وشك الحِراك فرفع صوته أكثر حتى خرجت نبرته جامدة بقوله:

_اقــعدوا !! مفيش نوم تاني.

ضحكت "خديجة" رغمًا عنها بينما "جاسمين" نطقت بضجرٍ:

_يا بابا عاوزين ننام حرام، دا ظلم.

حرك رأسه موافقًا ثم أضاف بسخريةٍ:

_أيوا أنا راجل ظالم، اترزعي بقى

ألقت رأسها على قدم والدتها تقول بمعاندةٍ:

_طب والله لأنام هنا.

ربتت "خديجة" على ظهرها وهي تضحك رغمًا عنها، بينما نطق "يزن" بعدما تثاءب:

_طب ننام شوية بس ؟؟.

حرك رأسه نفيًا ثم أضاف:

_قولت لأ، هنفطر لحد ما الجمعة تبدأ وبعدها بقى ننزل مفيش نوم تاني خالص.

بدا الضُجر على أوجه الثلاثةِ فيما ارتمت "نـغم" للخلف تمام موضعها حتى رفعها "ياسين" وهو يقول مُتكئًا على حروف كلماته:

_احنا هنام ؟؟ اصحي يا بت.

رفعت "خديجة" صوتها تقول بنفاذ صبرٍ:

_لأ كدا كتير بقى !! بقولك إيه سيب العيال تنام النهاردة الجمعة، إيه الصداع دا من الصبح، ما تنام يا سيدي.

رد عليها هو بسخريةٍ:

_دا بدل ما نقعد مع بعض أسرة كلنا كدا علشان نتعود على بعض؟

سألته "خديجة" بسخريةٍ:

_يا سلام ؟؟ يعني هما الساعتين دول اللي هيخلوا الحب يولع في الدُرة ؟؟.

ضحك عليها الصغار، فيما رمش هو ببلاهةٍ ثم تحدث بدهشةٍ غلفت حديثه:

_أنتِ مين ياما ؟؟ بجد والله حصلك إيه؟ الخِلفة غيرتك.

أشارت للصغار بقولها:

_عيال قوموا ناموا شوية وهبقى أصيحكم على الضهر، قوموا.

ركضوا خلف بعضهم فور إنتهاء حديثها، بينما "ياسين" ضرب كفيه ببعضهما فوجدها تحذره بقولها:

_أنا داخلة أنام أنا كمان، عارف لو صحيتني، هشغل جناني عليكم طول اليوم، مفهوم ؟؟.

رفع طرف شفته يقول بسخريةٍ:

_يا سلام ؟؟ شوف مين اللي كانت بتصحى تعمل قلبان يوم الجمعة تصحي العمارة كلها معاها.

زفرت بقوةٍ ثم حدثت نفسها بنبرةٍ خافتة:

_مش هنخلص كدا، بس ملحوقة.

انتبه لها فسألها باهتمامٍ:

_أنتِ بتقولي إيه؟ سمعيني كدا.

تنهدت بعمقٍ ثم تحركت من مكانها تمسك يده تسحبه معها وهي تقول بهدوءٍ زائفٍ:

_تعالى بس كدا أنا هريحك و أريح الدنيا كلها، تعالى.

سار معها مَدهوشًا حتى دخلت غرفتهما ثم اغلقت الباب وقالت بنبرةٍ هادئة وملامحها تبدو ساخرةً:

_نام، شوفت حل بسيط وسهل إزاي ؟؟ نام أبوس راسك دماغنا ورمت.

تحركت من أمامه نحو الفراش تنام عليه، بينما هو دلف بجوارها ثم قال بنبرةٍ خبيثة:

_حيث كدا بقى هلبس وأروح عند أمي أقعد معاها وروني بقى مين هينزلكم بليل يوديكم بيت الرشيد.

تقلبت على الفراش بسرعةٍ كبرى حتى أصبحت تواجهه ثم سألته ببراءةٍ:

_هو إحنا هنروح بليل عندنا؟؟

حرك كتفيه وقَلب فمه ثم أضاف بحيرةٍ:

_مش عارف والله، خلاص بقى ناموا وأنا هنزل وابقى هبقى اجيلكم بليل.

أمسكت زراعه وهي تقول بلهفةٍ:

_استنى بس الكلام أخد وعطا !! أنا أصلًا مش جايلي نوم، نقعد سوا شوية.

رفع حاجبيه يستنكر قولها بسخريةٍ فابتسمت هي له ثم قالت بنفس الهدوء:

_بعدين يعني الساعة معاك بالدنيا كلها، ها يا مهلبية هنروح؟

ضحك رغمًا عنه فسألته بنفس الطريقة:

_هنروح ؟؟

حرك رأسه موافقًا بقلة حيلة فشهقت بقوةٍ ثم صفقت بكفيها معًا، بعدها اقتربت منه تقول بحماسٍ:

_مش أنتَ عاوزنا أسرة نحب في بعض ؟؟ تعالى أبوسك.

أمسكت وجهه تقبل وجنته وهو يضحك رغمًا عنه بسبب عفويتها،  حتى قالت تشاكسه:

_قلبك أبيض بقى الدار أمان.

رفع ذراعه يضمها إليه وقال بنبرةٍ لازال بها أثر ضحكاته:

_والله العظيم أنتوا شقة مجانين.

_بس بنحبك.

قالتها بمرحٍ جعله يتنهد بعمقٍ ثم قبل رأسها وقال بثباتٍ:

_أنا كمان بحبكم أوي.

وضعت رأسها على صدره ثم سألته بحذرٍ:

_"ياسين".....ينفع أنام ؟؟

 أخفض رأسه يطالعها بحاجبٍ مرفوعٍ بينما هي قالت بس بقلقٍ من نظرته تلك:

_خلاص مش مهم كدا كدا هتنزل وانام.

شددت مسكته لها بغيظٍ جعلها تضحك رغمًا عنها وهي ترى غيظه مُشتعلًا.
_________________________

أمام بيت شباب "الرشيد"

وقف "وليد" ينتظر قدوم البقية، فاقتربت منه "عبلة" تقول بنبرةٍ ضاحكة:

_مالك يا عم ؟؟ أفرد وشك علينا.

رد عليها بضجرٍ:

_عاوز أنام، عمك "محمود" شغال رن من الصبح، هو إحنا هنهرب؟؟

تنهدت بعمقٍ وهي تقول بقلة حيلة:

_قدرنا هنعمل إيه ؟؟

_هاتي بوسة
رد عليها بذلك حتى نظرت له بدهشةٍ، تحولت إلى الضحك وهي تراه يشاكسها وبعد مرور ثوانٍ نزلت "جميلة" على يدها "روشان" صغيرتها، فابتسمت لها "عبلة" ثم أخذت منها الصغيرة بينما "وليد" سألها بتعجبٍ:

_اومال فين بناتك و"طارق"؟؟

ردت عليه بقلة حيلة:

_"طارق" طلع عند "وئام" فوق والبنات معاه، و أنا نزلت بقى بدل ما اطلع وانزل تاني.

حرك رأسه موافقًا فوجد صوت صياح الصغار يأتي له من داخل البيت يركضون خلف بعضهم وأولهم كانت "رؤىٰ" التي وصلت قبلهم جميعًا وهي تضحك بسعادةٍ.

بينما "وليد" رفع صوته يقول بضجرٍ من صياحهم المعتاد:

_نفسي مرة نبطل دوشة، وصياح بلا هدف، بس نقول إيه ربنا يبارك فيكم.

ضحك له الصِغار، بينما نزلت سيدة من البناية المجاورةِ لهم تماثله تقريبًا في العمر،  ثم وقفت أمام "وليد" تُحييه بوجهٍ مقتضبٍ وهي تقول:

_صباح الخير، عاوزة اشتكي لحضرتك.

عقد "وليد" ما بين حاجبيه وهو يرد عليها بحيرةٍ:

_صباح النور، خير يا فندم ؟؟.

تنفست بحدة ثم قالت:

_دلوقتي الأولاد عندكم اشقيا جدًا وصوتهم علطول عالي، و علطول فوق السطح عاملين دوشة، مش كدا، المنطقة هادية ومفيش صوت لحد غيرهم.

اندفعت "عبلة" تقول بغير تعقل:

_ما تَكبري يا ستي أنتِ،  ولا سمي الله ربنا يحفظهم إيه دا.

أوقفها "وليد" بنبرةٍ جامدة:

_استني يا "عبلة"، خير يا مدام، إيه المطلوب مننا.

ردت عليها بثباتٍ:

_يبطلوا دوشة شوية، مش معقول كدا كل شوية صوتهم عالي، هما مش عايشين لوحدهم.

في تلك اللحظة نزل "طارق" و "وئام" فنظر كل منهما للأخر، بينما "وليد" قال بثبات و لربما وقاحةً كعادته:

_لما يكونوا فوق سطح أبوكِ ابقي اتكلمي، البيت دا كله بتاعنا بالسطح بكل حاجة فيه، يعني ملكهم، مش معقول هنزل عيالي في الشارع علشان المدام عاوزة تحس بالهدوء، ببساطة هما مش مضاقينن حد ياترى ليه ؟؟ لانه بيتهم هما، مش معقول هقولهم في بيتهم اسكتوا ولا احكمهم زي ما أنتِ شايفة كدا ربنا يحفظنا احنا أسرة في بعضينا.

قالها بسخريةٍ جعلها ترفع حاجبها وهي تقول بنبرةٍ جامدة:

_المفروض تربوا عيالكم أكتر من كدا، إنما الواضح إن للأسف مفيش أدب.

تدخل "طارق" يقول مندفعًا بنبرةٍ جامدة ونفاذ صبرٍ:

_عيالنا متربيين غصب عن الكل، وزي ما أخويا قالك مش هنحكمهم في بيتهم، ببساطة اقفلي شبابيك ييتك ومش هيوصلك الصوت، بعدين الدنيا كلها عندها عيال هنمشي نخرسهم علشان حضرتك؟؟.

تنهدت بضجرٍ ثم قالت بتهديدٍ:

_انتم أحرار بس المرة الجاية أنا مش هسكت، وكدا أنا حذرت.

التفتت حتى تغادر من أمامهم، فوصلها صوت "وليد" يقول بنبرةٍ جامدة قاصدًا إهانتها:

_أعلى مافي خيلك وخيل أبوكِ اركبيه، هموت العيال علشانكم؟؟ طب تصدقي عيد الميلاد الجاي بقى هجيب Dj يحيي الليلة ؟ و "عمدة" كمان.

تحركت بخطواتٍ واسعة بينما هو زفر بعمقٍ ثم نظر للأخرين فوجدهم يضحكون عليه، حينها ضرب كفيه ببعضهما ثم قال بضجرٍ:

_إيه الناس المتخلفة دي ؟؟ يعني في بيتهم و هتحكم فيهم؟؟ عيال بتلعب مع بعضها، اومال لو جيبنا الباقي بقى ؟؟ دا كفاية "عُمر" ابن "عامر".

تحدث "زياد" بلهفةٍ:

_عيد ميلادنا قرب، هات "عمر" و "يونس" و كلهم ونبات سوا، إيه رأيك ؟؟.

ابتسم له ثم حرك رأسه موافقًا، بينما "وئام" قال بسخريةٍ:

_زعلانة علشان بيقعدوا يلعبوا فوق السطح ؟؟ أومال لو عرفت إن "وليد" هيجيب مرجيحة ليهم تانية هتعمل إيه ؟؟

صرخ الصغار بحماسٍ، بينما "طارق" أشار عليهم ثم نطق بسخريةٍ:

_هيجلطوها.
_________________________

أمام شقة "حسن المهدي" وقف يفتح بابها بهدوءٍ، ثم دلف بحركةٍ خفيفة حتى لا يوقظهم، وقد دلف فورًا على غرفة نومه حيث مكان تواجد "هدير" بحث عنها بعيناهِ لكنه لم يجدها، فأتاه صوتها من خلفه وهي تُنهي صلاتها.

فالتفت لها على الفور ليراها في أكثر الهيئات التي تسرق لُبه، ترتدي ملابس الصلاة وتجلس على السجادة بعد انتهاء صلاتها تقرأ أذكار بعد الصلاة وهي تُسجل عددهم على عُقل أصابعها، بينما هو تحرك منصاعًا لسطوة هيئتها تلك ثم جلس على ركبتيه أمامها وهو يبتسم حتى انتهت هي ثم اندفعت تسأله بلهفةٍ:

_كنت فين من الصُبح ؟؟ قلقتني عليك افتكرت حصل حاجة.

اتسعت ابتسامته وهو يسألها بقلة حيلة كأنه مغلوبًا على أمره:

_هو أنا عيل صغير خايفة عليا؟

حركت رأسها نفيًا ثم أضافت تُعدل على قوله:

_مش عيل صغير، بس مش بحبك تكون لوحدك، قولي بس كنت فين ؟؟.

تصنع الجدية فيما حركت رأسها للجهةِ المجاورة له لترى الحقيبة الفاخرة الموضوعة بجواره على هيئة هرمٍ باللون الأسود، فزداد فضولها، بينما هو لاحظ نظراتها لذلك اعتدل في وقفته ثم قال بنبرةٍ هادئة:

_اقلعي بس الاسدال دا وأنا هراضي فضولك اللي هياكلني دا.

وقفت بلهفةٍ تخلع اسدال الصلاة ثم فردت خصلاتها واقتربت منه تقول بحماسٍ أقرب للتوسل:

_ها بقى كنت فين؟؟ فضولي مموتني.

تحرك يقف خلفها ثم حرك خصلاتها للجانب الأيمن على كتفها، وأخرج من جيبه شئيًا يضعه حول عنقها، فشعرت هي بملمسه لذلك اخفضت رأسها للأسفل ترى مصدر ذلك الملمس فشهقت بقوةٍ ما إن أبصرت ذلك الشيء وما هو إلا سلسالٌ ذهبي اللون على هئية قرص الشمس من أحد الأفلام الكرتونية الشهيرة المُفضلة لديها، لمعت العبرات في مُقلتيها بينما هو شبك ذراعيه على خصرها و وضع ذقنه فوق كتفها وهو يقول بصوتٍ رخيمٍ:

_بكرة الساعة ٢ الضهر هيكونوا تسع سنين البيت المهجور دا نور بوجودك فيه واتحول لجنة، تسع سنين مع ونس العمر.

التفتت له بعينين دامعتين تطالعه بعدم تصديق وكأن كل ذلك من وحي خيالها، بينما هو ابتسم لها فوجدها تسأله بصوتٍ مُحشرجٍ:

_دا علشاني أنا ؟؟ كنت فاكرة إنك هتنسى والله.

رد عليها بمزاحٍ يقصده:

_ممكن أنساكِ عادي بس منساش اليوم دا على فكرة.

أصدرت صوتًا من فمها يدل على الاستياء، فضحك هو ثم قال:

_مينفعش أنساه اليوم دا، تسع سنين احضني يا "حسن" و أفلام كرتون و الحياة أحلوت بوجودك.

نظرت لعنقها ثم نظرت للحقيبة وهي تسأله بلهفةٍ:

_طب ودول جيبتهم برضه علشاني ؟؟ شكلهم حلويات وكدا كتير عليك.

ضمها إليه من جديد يهمس لها بنبرةٍ رخيمة تؤثر عليها:

_كله فدا عيونِك يا حلوة الملامح

ارتمت عليه تنطق بحماسٍ وقد نطق معها في نفسٍ واحدٍ:

_احـــضــني يـا حــسن.

ضحكت بصوتٍ عالٍ وهو أيضًا ضحك معها ثم قبل رأسها وقال مُتمنيًا ذلك من كل قلبه:

_يا رب طول العمر هنا معايا.

تنفست بعمقٍ ثم رددت خلفه:

_يا رب.

صدح صوت "فاطيما" الناعس به أثر النوم عاليًا، لتقطع لحظتهما تلك حتى ارتسمت الضحكات اليائسة وكأن صوت تلك الصغيرة رسالةٌ توصل لهم أن هذا الصوت هو أساس الحياةِ.
_________________________

في شقة "فهمي" صدح صوت الشاشة التلفزيونية عاليًا و "عُـمر" يجلس أمامها و بين ذراعيه شقيقته "ريتاج" تتابع معه باهتمامٍ وقد جذبتها الأصوات العالية و الألوان الزاهية المنبعثة من الشاشة.

خرج "عامر" من الداخل وقبل أن يرفع صوته وينادي على صغيره تفاجأ به يجلس بشقيقته بين ذراعيه يربت على رأسها حتى اعتادت هي على الجلوس بتلك الطريقة بين ذراعيه، ابتسم تلقائيًا، ثم اقترب منه يقول بنبرةٍ هادئة:

_براءة، كنت همسكك أمسح بيك البلاط على الدوشة دي كلها.

ابتسم له "عُمر" بينما الأخرى غمغمت بحروفٍ قد تبدو مُبهمة، لكنه فهم عليها، و حملها وهو يقول بنبرةٍ ضاحكة:

_ أيوا ياختي بابا، بابا اللي مبتنيميهوش يا بنت الزنانة.

خرجت "سارة" من الداخل تقول بحنقٍ:

_هتبطل ظُلم إمتىٰ ؟؟ أفهم بس.

جاوبها ساخرًا:

_لما تبطلي زن أنتِ وبنتك.

أشارت على صغارها وهي تقول بمرحٍ:

_ماهي ساكتة أهيه في حضن أخوها و ماما "سيدة" نفسها قالتلي هادية زي عمها الحمد لله مطلعتش زي أبوها.

رفع حاجبه بشرٍ فصدح صوت جرس الباب في تلك اللحظة فاقترب هو يفتحه فوجد "يونس" و "زين" و "زينة".

رحب بهم بمرحٍ وهو يقول:

_أهلًا أهلًا بالثلاثي المرح، خير يا حبايبي على الصبح جايين ليه ؟؟

رد عليه "يونس" مُفسرًا بنبرةٍ ضاحكة:

_جايين نجيبلكم الحاجة الحلوة دي، تيتة "عفاف" عملتها وقالت لازم تدوقوا منها.

خطفها منه "عامر" فيما اقتربت منهم "سيدة" ترحب بهم ثم قالت بلهفةٍ:

_تعالوا يلا نفطر سوا، ادخلوا.

رد عليها "زين" بأسفٍ:

_فطرنا يا تيتة شكرًا، هاتي بس "عمر" علشان يقعد معانا لحد قبل الصلاة.

ركض "عمر" من الداخل وعلى يده شقيقته، فنهره "عامر" بقوله:

_قولتلك متجريش بيها قبل كدا، هتقعوا وكدا غلط.

رد عليه "عُـمر" بلهفةٍ:

_ماشي خلاص، بس هروح معاهم وأرجع معاك بعد صلاة الجمعة، ماشي ؟؟

أقترب "يونس" يحمل الصغيرة على يده ثم أستأذنهم بقوله:

_معلش يا عمو "عامر" هاخدها معانا نلعب معاها بدل ما تفضل لوحدها، أنا جايب ليها حاجة حلوة هناك، ممكن ؟؟.

تدخلت "سيدة" تقول بارتياحٍ ظهر في نبرتها:

_ياريت يابني علشان نعرف نعمل الغدا، خدها معاكم بس اوعوا تقع و سلملي على ماما وعمتو و البت "يسر" هي فين؟؟

رد عليها "يونس" بقوله:

_قاعدة مع عمتو "إيمان" هناك.

تحدث "عامر" بنبرةٍ هادئة:

_طب يلا على هناك وخلوا بالكم من نفسكم، خلي بالك منهم يا "يونس"

رد عليه بأدبٍ:

_في عينيا يا عمو "عامر" متقلقش.
_________________________

في شقة "عفاف" والدة "خالد" صدح صوت الجرس فتحرك "ياسر" يفتحه ليجد الصغار أمامه فضحك وهو يقول:

_إيه دا "عامر" دبسكم فيهم؟؟

تحدث "عُـمر" بمرحٍ يقول:

_لأ أنا اللي اتلككت علشان أجي.

دلفوا للداخل، فشاكسهم "خالد" يوجه حديثه إلى "عُمر" بقوله:

_يـلـهواي، جيت ليه يا رخم؟؟

رد عليه يثير استفزازه:

_جيت علشان ارخم عليك.

ضحك البقية عليهما، فيما اقترب منه "خالد" يُعبث بخصلاته حتى ضحك الصغير ثم قبله على وجنته، ورغمًا عن "خالد" ربت عليه وكأنه يرى "عامر" بنسخةٍ مُصغرةٍ به.

اقتربت منهم "إيمان" تقول بمرحٍ:

_تعالوا أنا خلصت الكيكة دوقوها علشان قبل الصلاة تروحوا لميمي مع بعض، يلا.

ركضوا نحوها، بينما "ريهام" حملت الصغيرة على يدها وهي تهدهدها والأخرى ترقص فرحًا بين كفيها، فقالت بسخريةٍ:

_ما شاء الله روحها حلوة زي سلالتها كلها، عسل بحبها أوي.

ردت عليها "إيمان" بنبرةٍ ضاحكة:

_هي بصراحة تتحب، مقطقطة أوي تحسي إنك عاوزة تلفيها في ساندويتش وتاكليها.

تحدثت "زينة" بضجرٍ:

_و أنا مش مقطقطة؟؟

سألتها "ريهام" بسخريةٍ:

_إيه غيرانة ولا إيه ؟؟

حركت رأسها ثم ركضت نحو والدتها تتمسك بها، فقال "ياسر" بسخريةٍ:

_الانتقال من غيرانة من أمها لغيرانة على أمها.

ارتفعت الضحكات على سخريته، فيما قالت "زينة" بمرحٍ:

_و بغير عليك يا ياسوري برضه.

أرسل لها "ياسر" قبلة هوائية فغمزت له هي تشاكسه بنظراتها.
_________________________

بعد مرور عدة ساعات تحديدًا
في شقة "عمار" حاولت "خلود" التواصل معه عبر الهاتف حتى أجابها أخيرًا فاندفعت تسأله:

_مش بترد عليا يا "عمار" بقالي كتير بحاول أوصلك، ينفع كدا؟؟

سألها بتعجبٍ:

_مالك يا ستي في إيه؟؟.

ردت عليه بضجرٍ:

_هروح مع "خديجة" و "ياسين" البيت عندنا طالما هتتأخر وابقى عدي وخدني وخلاص.

تنهد هو بضجرٍ ثم قال:

_لازم تروحي يعني ؟؟ مشيها وخلاص يا "خلود" ونبقى نروح مرة تانية، مفيش حد معايا في الصيدلية لحد ما "عبده" يرجع.

ردت هي بجمودٍ:

_بس أنا عرفتهم أني رايحة، و هروح مع "خديجة" مش لوحدي تعالىٰ خدني بقى وخلاص بليل وسلم عليهم.

تنهد"عمار" بعمقٍ ثم قال بقلة حيلة:

_ماشي يا "خلود" اللي فيه الخير يقدمه ربنا سلام علشان فيه زحمة دلوقتي.

أغلق معها دون أن ينتظر جوابها، بينما هي رفرفت بأهدابها عدة مراتٍ ثم أغلقت الهاتف وقامت ترتدي ثيابها حتى تذهب مع شقيقتها.

بعد مرور بعض الوقت وصل "ياسين" بهم لبيت آلـ "الرشيد" تحديدًا فوق سطح البيت فهلل الصِغار برؤية الأخرين، بينما "وليد" تحرك بلهفةٍ لأخوته يرحب بهما، ثم سأل "خلود" باهتمامٍ:

_فين جوزك ؟؟ مش جاي معاكِ؟

حركت رأسها نفيًا بأسفٍ فيما قال هو بنبرةٍ هادئة:

_مش مهم أنا هبقى أكلمه إن شاء الله، تعالي علشان مش هنبدأ الشوي من غيرك.

انتبهت "خديجة" لعدم تواجد أخيها فسألتهم بتعجبٍ:

_أومال "أحمد" فين ؟؟ مش هو كان قاعد هنا و مروحش بيته.

ردت عليها "زينب" بتفسيرٍ:

_"سلمى" عندها ميعاد مع الدكتور، و شوية و هييجوا على هنا متقلقيش.

حركت رأسها موافقةً وهي تبتسم لها، بينما "مرتضى" قال بحماسٍ غلف نبرته:

_حابب أقولكم تجهزوا نفسكم علشان قربنا نطلع المصيف، و الدلع كله هيبدأ بقى !!.

صفق الشباب وكذلك الفتيات، فيما قال "حسن" بنبرةٍ ضاحكة:

_حلاوتك يا "ميمو" أيوا كدا.

تدخل "مُحمد" يقول بضجرٍ:

_مبدأيًا مش هطلع مع "مرتضى" ولو طلعت مش هقعد معاه في شقة واحدة زي كل سنة.

رد عليه "مرتضى" بوقاحةٍ:

_ان شاء الله عنك ما طلعت، هو أنا ماسك فيك يا أخويا ؟؟ ولا شايفني هموت عليك، ولا والله لأكون هموت عليك ؟؟

انتشرت الضحكات عليهما، فيما رد "محمد" بحنقٍ:

_كل مرة نبقى مع بعض تقرفني ومعرفش أنام منك و فاكر نفسك رايح حفلة كل شوية لعب وأغاني و أكل !!

رد عليه "مرتضى" بوقاحةٍ:

_نعم يا خويا ؟؟ هو حد قالك إننا رايحين مؤتمر الصحة العالمي؟؟ رايحين مصيف يعني نزهة ننزه فيها على نفسنا، أقولك متجيش مش ناقصين صداع.

تدخل "محمود" يقول بنبرةٍ جامدة:

_بس بقى منك ليه ؟؟ أكبروا.

مال "ياسين" على أذن "خديجة" يهتف بسخريةٍ خافتة:

_طالما فتحوا موضوع المصيف، يبقى حضري جدول الخناق بقى.

رمقته باستفزازٍ ثم نظرت أمامها، بينما هو لوى فمه بتهكمٍ استعدادًا للقادم.
_________________________

في عيادة الطبيبة النسائية كانت "سلمى" تجلس بجوار "أحمد" الذي أصر على مرافقها هو بنفسه، وعلى يده ابنته تضع رأسها على صدره ثم رفعت رأسها تقول بضيقٍ:

_عاوزة أمشي.

ربت "أحمد" على رأسها ثم قال بنبرةٍ هادئة تتناسب مع عمرها:

_نشوف ماما علشان فيها واوا ونمشي بس، ماشي.

حركت رأسها موافقةً، فيما قالت "سلمى" بضجرٍ من تواجدها:

_معرفش جت معانا ليه ؟؟ كنت عارفة أنها هتزهق كدا وحرام تفضل متذنبة.

قبل أن يرد عليها هو ذكرت عاملة الاستقبال اسمها حتى تدخل، فاستندت على زوجها وهي تدخل للطبيبة.

بعد مرور دقائق بعد مقابلتها مع الطبيبة ومتابعة أخبارها شفهيًا، استقامت على الفراش الطبي و الطبيبة تُمرر الجهاز على بطنها تتابع به حالة الصغير ثم قالت بنبرةٍ حماسية:

_ما شاء الله ربنا يحفظه، ولد.

ضحكت "سلمى" بفرحةٍ وكذلك "أحمد" أيضًا بينما سألتهما الطبيبة بمرحٍ:

_ها ناويين تسموه إيه بقى؟؟

هتف كليهما في آنٍ واحدٍ:

_"رُحَــيِّم"

ابتسمت لهما الطبيبة ثم قالت بنبرةٍ ضاحكة:

_حلو اسمه، ربنا يكرمك ويوصل بالسلامة إن شاء الله، أهم حاجة الدوا بمعاده و الأكل تهتمي بيه.

حركت رأسها موافقةً وهي تبتسم بسعادةٍ لا تدري سببها على الرغم من أن تلك هي مرتها الثانية، لكنها تتوق لرؤية النسخة المُصغرة من زوجها "أحمد".

خرجت من العيادة معه ثم ركبت السيارة وركب هو الأخر وابنته بجوارهما، فيما قال هو بمرحٍ:

_هنعدي بقى نجيبلهم حاجة حلوة طالما متجمعين وطالما اتطمنا إنك وهو بخير.

سألته بحاجبٍ مرفوعٍ وكأنها تتأهب لجوابه:

_يا سلام ؟؟ كل دا علشان طلع ولد يعني ؟؟ ولا عادي ؟؟.

رد عليها يشاكسها بقوله:

_ريحي ياختي حتى لو جايبالي عروسة لعبة برضه هفرح بيها، كفاية إنه منك.

حركت كتفيها بتعالٍ وهي تقول:

_إذا كان ماشي، تاخد ١٠/١٠.

ضحك رغمًا عنه ثم قال بسخريةٍ:

_واحدة نايمة بقالها قرن ويوم ما هتصحى هتاكل دماغي و تعمل مشاكل، اقسم بالله مش هناولهالك.

سألته بنبرةٍ جامدة:

_يعني أنا بتاعة مشاكل ؟؟

حرك رأسه نفيًا ثم أضاف:

_لأ أمي اللي قاعدة في البيت هي اللي بتاعة مشاكل.
_________________________

حاولت "خلود" التواصل مع "عمار" مرارًا و تكرارًا وكعادتها منذ الصباح التواصل معه صعبًا، حاولت عدة مرات حتى رد عليها أخيرًا بقوله الذي أعرب عن نفاذ صبره:

_إيه يا "خلود" ؟؟ عاوزة إيه مفيش صبر خالص ؟؟

ردت عليه بنبرةٍ جامدة:

_بتزعقلي ليه يا "عمار" ؟؟ دا جزائي أني بتطمن هتيجي امتى ؟؟ كنت هقولك لو تعبان خليك و أروح مع "خديجة" و "ياسين" وخلاص.

زفر بقوةٍ ثم قال بعجالةٍ:

_ماشي شوفي اللي عاوزاه، سلام.

أغلق في وجهها بينما هي تسمرت محلها من طريقته الغريبة ثم أغلقت الهاتف بضيقٍ  ثم خطر ببالها فكرةٌ جعلتها ترفع رأسها ثم جلست بجوار "وليد" تقول بنبرةٍ جامدة:

_أنا مش هروح بيتي، هبات هنا.

تعليقات



×