رواية جمر الجليد ج2 (وأنصهر الجليد) الفصل الثامن 8 بقلم شروق مصطفي


رواية جمر الجليد ج 2 وأنصهر الجليد الفصل الثامن بقلم شروق مصطفي 

نظرات عيونهما كانت كفيلة بأن تسحبهما بعيدًا إلى أرض خصبة، الحب تجسد أمامهما، رفعهما معًا، لا يدرون في أي سماء يحلقون، ولا بأي أرض يسيرون. وقتها، سقطت جميع الألسنة، وتحدثت الأعين.


عندما دلفت مع الممرضة إلى غرفتها، تسمرت مكانها ولم تتحرك خطوة. تفاجأت بالماثل أمامها، حثتها الممرضة على التقدم، لكن المفاجأة ألجمت لسانها، وشلت تفكيرها، ولم تقوَ على التحرك.


تقدم عاصم إليها ممسكًا بيدها، وأمر الممرضة بنظرة منه بالانصراف بهدوء، فتركتهما، وأمسك هو يديها، فتحركت معه آليًا إلى فراشها، ولم تحِد نظراتها عن عينيه. هطلت دمعاتها متفاجئة بما فعل!


وأخيرًا، خرج صوتها يكاد يُسمع من شدة اختناق دمعاتها، وكان سؤالها مصحوبًا بدهشة:


— "أنت عملت كل ده عشاني؟ طيب ليه كده؟"


ابتسم لها بعشق، وأجلسها على الفراش، وجلس بجانبها، ولم يحِد نظره عنها. أمسك وجنتيها بحنوّ بكفيه، متنفسًا بعمق، ثم قال بصوت دافئ:


— "أول ما عرفت إني بحبك، الإحساس اللي حسيته وقتها كان أكبر من إني أفهمه أو أستوعبه. أنا وأنتِ كيان واحد، وروح واحدة."


جذبها داخل أحضانه، فهو يعتبرها صغيرته التي يخشى ضياعها. جذبها وهو يعلم أنها بحاجة لمثل هذا الحضن الدافئ، مثله تمامًا؛ يحتاجه ليشعر بطعم الحضن الذي حُرم منه، ليشعر بدفئه مع من اختاره قلبه.


أخذت يداه بحركة رتيبة يربت على رأسها هامسًا:


— "اللي صابك ده صابني، واللي وجعك وجعني بجد. أنا ممكن مقدرش أوصف لك اللي أنا حاسه أو أعبّر عنه، لكن اللي أقدر أقوله… أنتِ كل حاجة بالنسبالي."


حمدت الله أنها كانت مختبئة داخله، تحتمي بدفء حضنه. ابتسامتها التي لمعت على وجهها أضاءته برغم شحوبه، كانت عاجزة عن وصف إحساسها، وعجز اللسان عن النطق بالكلمات.


تعطّلت لغة الكلام، وتبدّلت بلغة أخرى… لغة العيون.


تملصت من بين أحضانه وخرجت لمواجهته، التمعت عيناها ببريق غريب… مزيج من حب، ولهفة، وعشق، وقوة. نعم، تعترف الآن… هو قوتها بعد استسلامها وضعفها. لا تدري كيف لم تفهم ذلك من قبل، وكيف أضاعت كل الفرص بجانبه. تلوم حالها على عنادها المستمر له في السابق، وعلى كل لحظة لم تكن فيها بجانبه كما يستحق.

بقلم شروق مصطفى

لم تتوقع فعلته أبدًا… حلق شعره بالكامل فقط لدعمها، ليسبقها بخطوة، فقط ليرفع عنها أي شعور بالحرج والخجل. كل هذا رأته في نظرات عينيه.


تناست التعب وآلام الجلسة، غابت عمّن حولها، فقدت كل تركيزها في عينيه. لأول مرة، عيناه تسحرها لعالم آخر.


وأخيرًا، خرج صوتها، لم تدرِ كيف تصف له إحساسها، لم تجد الكلمات التي تعبّر عما بداخلها. هي فقط تريد أن تختبئ داخله، أن تتلاشى في وجوده. نظراتها فضحتها، تحدّثت بصوت مرتجف، وترددت:


— "أنا… أنتَ…"


لكنه منعها عن الكلام، وضع يده أمام شفتيها، لا يريد سماع شيء. يكفيه نظرتها التي كانت كفيلة بكل الكلام…


تاه داخل عيونها، وعلم ما يجيش داخلها، فجوابها قد وصل إليه من لمعان عينيها، ومن نظراتها، ومن دفء أنفاسها.


منع شفتيها قبل أن تنطق، هامسًا:


— "هششش… مش عاوزك تقولي حاجة. أنا حاسس بيكي من غير كلام، حسيت بيكي هنا."


وأشار إلى موضع نبض قلبها، ثم أكمل بصوت دافئ:


— "حسيت بدقاته… وشوفت في عيونك كل حاجة."


وجهت أنظارها إليه ممتنة، فقد شعرت بالكثير من الأحاسيس في داخلها، لكنها لم تحسن إخراجها بالكلمات، فصمتت.


تفهم موقفها، لكنه في تلك اللحظة لم يستطع مقاومة رغبته في تذوق شفتيها، فاقترب أكثر، وأخذها في قبلة طويلة، يبث فيها مدى عشقه لها. لم يبتعد عنها إلا عندما أحس باحتياجها لبعض الهواء، ثم أسند جبينه على جبينها مبتسمًا.


اكتسى وجهها بحمرة الخجل، فخبأت رأسها داخل صدره، تتمسح به كالقطة الصغيرة. ابتسم لفعلتها، وربّت على رأسها بحنان، ثم همس في أذنها:


— "ماشي… اتكسفي دلوقتي، بس بعد كده مفيش هروب مني تاني. خدي وقتك، بس متاخديش على كده، هسيبك ترتاحي… عايزة أجيب لك حاجة من بره؟"


انتظر ردها، لكنه اندهش عندما أحس بانتظام أنفاسها. نظر إليها وابتسم بحنان، ثم تمتم بصوت خافت:


— "نفسي أعرف، كل ما أحضنك تنامي على طول… إيه السر؟"


رفع يده من خلف ظهرها، ودثرها جيدًا بالغطاء، ثم خرج بهدوء كي لا يوقظها. وقف للحظة بجوار الباب، وأخرج هاتفه لإجراء مكالمة للاطمئنان على أخيه. لكنه فجأة، تفاجأ بالماثل أمامه و…؟

ـــــــــــــــــ

كثرت الحواجز، لكن هذا الأخير كُسر، وهُدم ما تبقى بينهما!


منذُ أول لقاء، لم يكونا على وفاق، كان بينهما جدارٌ عالٍ من الصدام، والآن... سقط تمامًا.


جميعنا لسنا ملائكة، ومن الطبيعي أن نقع في الأخطاء، فهذا طبع البشر، لكن ماذا يحدث لو سقط الإنسان من عين المرأة؟ هل يمكنه استعادة ثقتها مرة أخرى؟ أم أن الوقت قد فات؟


تنهدت مي، فمشاعرها لا تزال متخبطة. كيف لها أن تثق به بعد الآن؟ نعم، لقد صارحها منذ البداية بأنه ليس بملاك، وأنه وقع في الكثير من الأخطاء، وارتكب بعض الذنوب، لكنه ندم على ذلك. حينها، شعرت بصدق كلماته ووافقت على مساعدته للتقرب إلى الله. لكنها الآن تتساءل: كيف أتعامل معه وكأن شيئًا لم يكن؟ كيف أنظر إليه؟


عقلها لم يستوعب بعد ما رأته بعينيها. لم تخبر أحدًا بما اكتشفته، لكنها تدرك أن مجرد الحديث عنه صعب. ماذا تقول؟ إنه أغضب الله ووقع في الكبائر؟ أم تتحدث عن قسوته وعنفه؟


العقل والقلب يخوضان صراعًا مريرًا. عقلها يرفض رفضًا قاطعًا أن تكمل طريقها معه، فهو طريق مليء بالمطبات، بينما قلبها يريد أن تمنحه فرصة أخرى، ربما تكون هي اليد التي تنتشله من الظلام كما وعدته.


لكن عقلها يتمرد... مجرد ذكر اسمه يجعلها ترتجف رهبة ونفورًا.


تنهدت بيأس ووجع داخلي، شاردة في اللا شيء، بينما دموعها تنهمر على وجنتيها.


— "يا رب، أعمل إيه؟ يا رب، خليك جانبي وساعدني، أنا بجد مش قادرة أخد قرار. يا رب، لو فيه الخير يسّره لي، ولو فيه شر أبعده عني. يا رب، لو فعلًا هو ندم على اللي عمله، ولو في إيدي أساعده، مش هتردد، لكن جوايا موجوع... اتكسرت، مش قادرة أبص في عينيه. مكنتش متخيلة إن الراجل اللي كنت بتمناه، اللي كنت شايفاه أماني، يكون كده... يكون عنيف وقاسي بالشكل ده."


كانت تحدث نفسها، تشكو حالها إلى الله، فما أجمل أن تشكو إليه وأنت على يقين بأنه يسمعك.


تذكرت ذلك اليوم، عندما رأته أمام منزلها، ينظر إليها بنظرات شيطانية. لو كانت النظرات تحرق، لاحترقت من شدتها. يومها، هربت منه إلى شقتها، ولم تشعر بالأمان نحوه منذ ذلك الحين.


قاطع أفكارها صوت طرق على باب غرفتها، ثم جاء صوت شقيقها هيثم يسأل بلطف:


— "مي، إنتِ صاحية؟ عايز أتكلم معاكي شوية."


مسحت بسرعة آثار دموعها، لكنها لم تستطع إخفاء انتفاخ عينيها، ثم ردّت بتوتر:


— "آه... آه، صاحية. ادخل يا هيثم."


دلف هيثم إلى الغرفة بابتسامة دافئة، وجلس بجانبها.


— "ميوش، حبيبتي، عاملة إيه؟ بقالك يومين حابسة نفسك هنا، وحشتيني ووحشني هزارك الرخم جدًا."


أراد إخراجها من حالة الحزن التي وجدها عليها، لكنها نظرت إليه بحدة:


— "ما تقوليش الاسم ده، أنت عارف إني مش بحبه!"


قهقه ضاحكًا، وكان قاصدًا استفزازها:


— "خلاص، خلاص، هتضربيني ولا إيه؟ طيب، يا ميوي... حلو كده؟"


رسمت ابتسامة رقيقة على شفتيها، وردّت بهدوء:


— "آه، حلو كده."


لكن سرعان ما عاد الصمت من جديد، هاربة من نظراته التي كشفت حالها.


— "مالك يا حبيبتي؟ إنتِ متغيرة، ومش عاجباني. فجأة كده."


توقف لبرهة، ثم تابع بجدية:


— "قوليلي، إيه اللي مضايقك؟ إحنا مش أصحاب ولا إيه؟ مش كنا متفقين إننا مش بنخبي حاجة عن بعض؟"


صمت هيثم قليلًا، ثم أكمل بلهجة مرحة ليخفف الأجواء:


— "أنا عارف إني قصّرت معاكي الفترة اللي فاتت، بس ده بسبب بنت خالتك يا ستي! مش سايباني لحظة، بنحضر في شقتنا… عقبالك يا مِدوّخة الراجل معاكي!"


ثم عاد إلى الجدية، ونظر إليها بتمعن:


— "طمنيني بجد… معتز صدر منه شيء ضايقك؟ لو مش مرتاحة، قوليلي."


ردّت بإجابة مختصرة، لا تريد أن تشوّه صورته أمامهم أو تعقّد الأمور أكثر:


— "صدقني، مفيش… شوية إرهاق وضغط مش أكتر."


رغم إجابتها المقتضبة، إلا أنه شعر بأنها تخفي شيئًا، لكنه لم يرد الضغط عليها. تنهد، ثم قال:


— "عموماً، أنا اتكلمت مع معتز، وأجلنا كتب الكتاب ليكون مع يوم الفرح، عشان تاخدي وقتك براحتك وما نبقاش استعجلنا كمان… إيه رأيك؟"


أجابت بصوت خافت، كأنها بالكاد نطقت الكلمات:


— "اللي تشوفه…"


لم يُفاجأ هيثم ببرود ردّها، لكنه لم يعلّق. وبعد لحظات، هتف إليها:


— "طيب يا ستي، ابقي كلميه… لأنه قلقان عليكي أوي، وتليفونك مقفول بقاله يومين! بيكلمني من تليفوني عشان يطمن عليكي. وعزمته على الغداء النهارده، عاوز يشوفك ويتكلم معاكي!"


شهقت بغير وعي، واتسعت عيناها برهبة عند سماع اسمه! تمالكت نفسها أمامه، لكنها في داخلها شعرت أن كيانها كله قد اهتز. لم تكن مستعدة لمواجهته الآن… ليس بهذه السرعة!


— "ج… جاي النهارده؟! ليه؟ لا، بلاش يجي!"


انتبهت إلى نفسها، فحاولت تصحيح كلامها بسرعة، لكنها زادت الطين بلّة بتوترها الواضح:


— "أقصد… جاي إمتى؟"


نظر إليها هيثم بتمعن. تأكد من شكوكه بأن هناك خطبًا ما، لكنه لم يرد إجبارها على الاعتراف، وفضّل أن تبوح من تلقاء نفسها. فأجاب بهدوء:


— "على الغداء… يلا، هقوم أنزل أجيب حاجات لماما طلبتها مني."


نهض متجهًا نحو الباب، لكنه قبل أن يخرج، استدار نحوها بابتسامة خفيفة، وناداها بلطف:


— "مي!"


رفعت رأسها نحوه محاولةً الحفاظ على هدوئها، فهزّت رأسها كإشارة له أن يتكلم. عندها، قال بصوت حنون لكن جاد:


— "عاوزك تصلي صلاة استخارة لمدة ثلاث أيام بعد ما تقعدي معاه النهارده. أياً كان السبب اللي مضايقك… سواء زواجك من معتز أو أي سبب تاني، وتأكدي… لو جيتي وقلتيلي إنك مش مرتاحة، أنا هُنهي كل شيء!"


لم ينتظر ردّها، بل خرج وأغلق الباب خلفه، تاركًا إياها في دوامة من الأفكار والمشاعر المتضاربة.


نظرت إلى أثره بعد خروجه، وقلبها يعلو ويهبط من شدّة التوتر منذ أن سمعت بمجيء معتز اليوم… كيف ستواجهه؟!


داخل غرفتها، كانت مي لا تزال تفكر في حيلة لتجنب رؤيته اليوم. لم تكن مستعدة لمواجهته، لم تكن مستعدة لسماع صوته، أو رؤية عينيه اللتين طالما نظرتا إليها بحب، لكنها الآن تخشى أن ترى فيهما شيئًا آخر… شيئًا قد يؤلمها أكثر.


قطع شرودها دخول والدتها، التي رمقتها بنظرة ضيق وقالت باستنكار:


— "إنتي لسه ما لبستيش يا بنتي؟! مش أخوكي قالك إن خطيبك جاي؟ قومي يلا، الراجل بره، البسي حاجة واطلعي سلّمي عليه. أخوكي قاعد معاه، وبعدين تعالي ساعديني في المطبخ!"


حاولت مي التظاهر بالتعب، علّها تفلت من هذه المواجهة:


 "ماما، أنا حاسة إني تعبانة أوي بجد… مش هقدر أطلع و—

--

في مكان آخر، خرج عاصم من الغرفة، لكنه تفاجأ برؤية الطبيب المسؤول عن حالة سيلا يمر لمتابعة بعض الحالات الأخرى. توقف الطبيب عند رؤيته، وحدّق في رأسه المحلوق بدهشة، قبل أن يبتسم ويقول مازحًا:


— "ما هذا؟!"


أشار الطبيب إلى رأس عاصم، ثم أكمل بإعجاب واضح:


— "أوه، يا إلهي! لم أرَ مثل هذا من قبل… أنت أفضل مثال للحب! أهنئ المدام بوجود شخص مثلك في حياتها، يدعمها بهذا الشكل!"


ارتسمت على وجه عاصم ابتسامة خفيفة، وهو يرد باقتضاب:


— "أشكرك جزيلًا."


أومأ الطبيب بإعجاب، ثم قال بجدية:


— "هذه لفتة رائعة منك، وستساعدها كثيرًا في المرحلة القادمة. الدعم النفسي مهم جدًا في مرحلة العلاج."


خطر في بال عاصم سؤال، فسأله بقلق:


— "ومتى تبدأ الأعراض الجانبية السلبية للعلاج الكيميائي؟ غير تساقط الشعر؟"


أجابه الطبيب بحكمة:


— "الأعراض السلبية للعلاج الكيميائي لا تقتصر على تساقط شعر الرأس فقط، بل تشمل الإرهاق الشديد، الغثيان، فقدان الشهية، انخفاض الوزن، فقر الدم، وأحيانًا التأثير على الجهاز المناعي. يبدأ ظهور هذه الأعراض عادة بعد أربعة إلى ستة أسابيع من بدء العلاج. كما أن تساقط الشعر لا يقتصر على الرأس، بل يشمل الحواجب، الرموش، وحتى شعر الجسم كله."


شعر عاصم بانقباض في قلبه، لكنه تماسَك، ونظر للطبيب بإصرار قائلاً:


— "سأدعمها بالتأكيد."


ابتسم الطبيب بإعجاب، ثم ودّعه ليكمل جولته. أما عاصم، فشعر برغبة ملحة في مهاتفة أخيه… هناك شعور قوي يضغط على صدره، إحساس غريب بأن شيئًا ما قد حدث… وأن قلبه لن يهدأ حتى يطمئن بنفسه.

...


بينما كان معتز يقف أمام نافذته، كان قلبه مشغولًا بها. لا يستطيع أن يوقف تفكيره عنها، عن ما حدث بينهما، وعن صمتها الغريب الذي لم يستطع تفسيره. عندما رن هاتفه، كان صوت عاصم على الطرف الآخر، محاولًا الاطمئنان عليه.


— "حبيبي، عامل إيه؟"


أجاب معتز بصوت متعب:

— "الحمد لله، أنتم عاملين إيه؟"


سارع عاصم بالسؤال عن حالته عندما شعر بالحزن في نبرته:

— "إحنا الحمد لله، كله تمام. بس صوتك ماله؟ طمني عليك، أنت كويس؟"


تنهد معتز بصوت حار:

— "الحمد لله، متقلقش، كله زي الفل."


لكن عاصم لم يرتح لهذا الرد وأخذ يسأله عن مي:

— "اعذرني، قصرت معاك الأيام اللي فاتت، بس طمني عن أخبارك أنت ومي، حصل إيه؟"


صمت معتز قليلًا، ثم قال بحيرة:

— "والله مش فاهم، مش عارف إيه اللي حصل."


عاصم بشك:

— "غريب! فجأة كده؟ طيب، حاولت تفهم منها إيه السبب؟ على ما أفتكر، هي كانت كويسة قبلها بيوم. حصل إيه فجأة؟"


معتز شعر بالحيرة أكثر ولكنه حاول نفي أي سوء فهم:

— "أبداً والله، ما عملتش حاجة."


عاصم وهو يفكر بعمق:

— "مممم، يبقى لازم تفهم منها، وتتكلم معاها بهدوء، فاهم؟ بلاش العصبية بتاعتك."


معتز وافق على نصيحته، ثم قال عاصم:

— "تمام، هكلمك تاني أطمن على إيه اللي حصل، ومتنسيش تتكلم بهدوء. يلا سلام."


بعد المكالمة، خرج معتز من مكتبه وهو يفكر في كل ما قاله عاصم. فكر أنه يجب أن يعالج الأمر بهدوء، وأخذ قراره بزيارة مي.


بعد أن أنهى مكالمته مع عاصم، خرج معتز من شركته وهو يحمل باقة من الزهور في يده، متوجهًا إلى منزل مي. كانت عزيمته قوية، فهو يرغب في إصلاح الأمور بينهما، ويأمل أن تعود المياه إلى مجاريها بعد الخلافات التي نشبت.


عندما وصل إلى المنزل، استقبله هيثم بابتسامة، ورحب به بشكل جيد، مما جعل معتز يشعر بشيء من الاطمئنان، على الأقل من جانب العائلة. جلس مع هيثم لفترة قصيرة، في محاولة لتحضير نفسه لملاقاة مي. لكن، عندما دخلت الأم، كانت تعابير وجهها غير مطمئنة، وكأنها تحمل همًا عميقًا في قلبها.


فجأة، نادت الأم على هيثم ليذهب معها، وكان هناك شيء غريب في نبرتها، جعل معتز يشعر بشيء من القلق. استأذن هيثم من معتز وقام ليذهب مع والدته، تاركًا إياه وحده في الغرفة.


نظر معتز إلى الباب الذي أغلقه هيثم خلفه، وهو يشعر بشيء غير مريح في صدره. كان هناك شيء في الجو، شيء غير عادي، يزداد غموضًا مع كل لحظة. وبدأ يفكر، هل سيواجه ما كان يخشاه؟ 

الفصل التاسع من هنا

تعليقات



×