رواية مهووس بك ياصغيرة ( 2 ) الفصل الرابع 4 بقلم رونا فؤاد

 


رواية مهووس بك ياصغيرة ( 2 ) الفصل الرابع 

صاح بغضب ; انتي عارفه كويس عملتي ايه 

.... احسنلك متستفزنيش اكتر من كدة ياغزل واسمعي الكلام 

نظرت له بتحدي : طيب لا ياادهم مش هسمع كلامك 

ترك ذراعها لتترنح للخلف بينما يقول بوعيد : يبقي هتجني علي نفسك ياغزل طالما عانديتي......رفع أصبعه في وجهها وتابع بلهجه شديده : انا لغايه دلوقتي كنت صبور وهادي معاكي بس واضح انك فهمتي صبري وهدوئي غلط ولغيتي وجودي.... من دلوقتي 

خروج من البيت من غير اذني ولو خطوة واحده لا 

احتدت نظراتها ليتابع : وشغل كمان لا ياغزل 

.........!! 

وكأنه فجر للتو البراكين التي كانت تغلي بداخل عقلها بأنتظار الوقت الملائم لتنفث نيرانها الهواء وتغشي رؤيتها وتفكيرها ... فهاهو أدهم زهران الذي كانت تخشاه امامها..! 

بتلك اللحظة لم تري انها من استفزته ....! لم تري انها من أخطأت بالأساس..... لم تري انه تحمل وحاول جهده الا يصل معها الي هنا.....!! لم تري حقا شئ إلا انها ستواجهه اسوء كوابيسها التي طالما خافت منها وهي العوده مجددا لسجن سيطرته....!! 

..... ذلك السجن الوهمي الذي نسجته في خيالها حتي اضحي اسوء كوابيسها...! 

لا تعرف حقا لماذا بقيت تلك الذكريات من بدايه زواجهم محشورة براسها وكأنها تخزنها بداخلها لتخرجها بأي لحظة فتشحذ قوتها بها ضد عودته لفرض سيطرته عليها......!! 

ليخرج صوتها متحديا وهي تقول : ومين قال ان هسمحلك تعمل كدة 

احتدت نظراته تزامنا مع صدمه ملامحه مما نطقت به وكأنها تقصد القضاء علي اخر ذره تعقل لديه بتحديها الغير محسوب العواقب....

ليقول بنبره مخيفه بالرغم من هدوئها :  نعم.. قولتي ايه..؟ 

رفعت عيناها اليه وهي تتمسك بثباتها قائلة : اللي سمعته ياادهم.... مفيش حاجة اسمها خروح لا وشغل لا..... استحاله اسمحلك تعمل كدة ولا تلغي وجودي تحت أي مسمي بيديك الحق ده ..... شغلي وحياتي برضاك او غصب عنك هكملهم

هناااا.... وهنا فقط اشتعلت النيران التي من شأنها القضاء علي حياتهم..... توهجت نظرات الغضب بعيناه وكأن كل ما حدث غير كافي لتزيد سوء الوضع بتلك الكلمات التي نطقت بها والتي لا يستطيع تحت أي مسمي ان يصمت عنها بينما تتحدي رجولته بتلك الطريقه.....!! 

تعلم جيدا ان كان عليها احتواء الوضع ليس زيادته سوء ولكن ماحدث قد حدث...! 

كور ادهم قبضته بغضب شديد حارق فلو ترك تلك القبضه لتحولت بلحظة لصفعه قويه تهوي علي وجهها لعلها تفيق وتعرف عواقب تحديها له بتلك الطريقه الغاشمه ليهتف بها بصوت جهوري : انتي بتقولي ايه.... انتي اتجننت و ناسيه بتكلمي مين.... ؟! 

اخذت كلامه بمعني اخر لتقول بشراسه ; 

بكلم أدهم بيه زهران...! 

قاطعها بحنق شديد وهو يمسك ذراعها بقوة ;

جوزك..... جووزك ولا نسيتي 

هزها بقليل من القوة وهو يتابع بينما يضغط علي حروفه : كلام مين اللي مش هتسمعيه..... مين اللي بتقوليله مش هسمحلك وغصب عنك..... مين اصلا اللي واقفه قدامي ترد عليا بالطريقه دي.....!! 

انفلت لسانها بعنفوان : ايه كمان هتخرسني..... ؟! قاطعها بغضب شديد : 

لازم اخرسك ....... اخرسي خالص ومتنطقيش اي كلمه تانيه عشان هفقد اعصابي اللي انا ماسكها بالعافيه و مستحمل كل اللي بتعمليه من زمان 

انتزعت ذراعها من يده وبادرت برد الهجوم ; 

وانا كمان استحملتك كتير اوي.... استحملت سجنك ليا وفرض رأيك وسيطرتك علي حركتي سنين...... استحملت غيرتك المجنونه وعصبيتك علي اتفهه الاسباب  

احتدت نظراته بينما تندفع تلك التهم من فمها والموجهه اليه ..... : استحملت منك كتير اوي واخرهم كل تصرفات الست والدتك  

اهتاجت اعصابه بينما تصوره انه المذنب الوحيد بينما هي ملعقه بيضاء من الحليب لم تخطيء ليهتف بغضب شديد واستهجان :استحملتي ايه تاني سمعيني ... استحملتي حبي اللي هو الوش التاني لغيرتي المجنونه اللي بتتكلمي عليها... استحملتي خوفي اللي هو سجني ليكي..... استحملي عصبيتي اللي بتخرج بعد ما بعدي عشرين موقف ليكي....... استحملي ست اد والدتك طلبت منك بكافه الطرق تتحمليها.... قولتلك الف مرة تعبانه وحالتها النفسيه زي الزفت من ساعه موت ابويا

هز كافه بخزي وتابع : بس ليه تجي علي نفسك عشاني

هتفت باستنكار بينما كل واحد اصبح يميل الاتهامات للآخر :انا ياادهم...!! 

كل ده ومش باجي علي نفسي عشانك ومتحمله

هز راسه ورمقها بنظرات عتاب وخزلان وهو يتابع : لا في التحمل تعالي انا أقولك مين متحمل.... انا اللي متحمل كل عمايلك وعمايلها كل واحدة فيكم الف شكوي وانا اطبطب واقول معلش... اصالحك واصالحها اهديكي واهديها اطلب منك مليون مرة تتحمليها ومفيش فايده.. 

:دلوقتي انا اللي غلطانه

:لا انا اللي غلطان اني مرمتش امي في الشارع عشان خاطرك

:مقولتش كدة...... كل اللي طلبته يكون لينا بيت مستقل عشان المشاكل

تهكم : اه حاضر وليه لا... ارمي امي لخدامه تراعيها اخر ايامها والا تعاقبيني

: اعاقبك..!!! 

اومأ وهو ينظر لعيونها :اه ولا فاكرة اني مش فاهم اللي بتعمليه

امسك ذراعها بعنف وقد فاض الكيل... سنه ياغزل... سنه كامله وانا فاهم وعامل نفسي مش واخد بالي

سنه كامله بتجي في حضني تقضيه واجب كل أسبوع ولا عشر ايام لما تلاقيلي وقت ضمن يومك اللي بتقضيه وانتي بتحاولي تثبتي لأمي انك احسن منها

ولادك واخدين كل وقتك عشان توريها انك ان احسن منها.... اخوكي... شغلك... بيتك كل حاجة اهم مني عشان انا خلاص مبقاش ليا وجود في حياتك اصلا... فاهم وعامل نفسي مش واخد بالي.   فاهم وبقول مش قصدها اكيد ...بس دلوقتي كلامك وضح كل حاجة...... طبعا ماهو أدهم وحش...ساجنك ومقيد حريتك 

تهكمت بمرارة : أدهم اللي قال آخر نفس، ليا يكون في حضنك

:لما حضنك كان حياتي كلها مش تقضيه واجب....... بلاش نتحاسب احسن عشان انا جبت اخري ولما هطلعك برا حياتي هتندمي ياغزل 

اتسعت عيناها بصدمه ; تطلعني برا حياتك 

اومأ لها قائلا وهو يتطلع لعيونها : زي مانتي مطلعاني برا حياتك ولا فاكرة اني غبي ومش فاهم   ..... لا انا فاهم وشايف بس كنت اهبل وبقول لنفسي بتحبك مش قصدها بس ادي انتي هو قولتي بلسانك كل حاجة..... واكتشفت دلوقتي ان بعد كل اللي بينا مش شايفه مني إلا سجن وحبسه وفرض رأي مش شايفه اني بحارب عشان اتغير عشانك مش شايفه اني قبلت حاجات كتير عشانك.... 

مش شايفه اني بخاف عليكي من الهوا..... بموت من الغيرة ولا قاصد اخنقك ولا اسجنك 

كل الي شايفاه ان أدهم وحش..... أدهم اكبر منك.... أدهم مجنون.... غيور.... حابسني.... بيلغي شخصيتي.... هو ده الكلام اللي بتريحي بيه ضميرك وتبرري بيه لنفسك 

اهتزت نظرات عيونها لتخفضها من أمام عيناه بينما يواجهها بتلم الحقيقه التي كانت تعترف بها لنفسها.... انه لم يعد أدهم زهران السابق من أجلها ومع ذلك تغاضت عن تغيره وتابعت تلك الحرب والتي لاتعرف انها تحارب نفسها وقلبها الذي انشطر بينما نطق بنبره خاويه : مكنتش اعرف ان دي بس فكرتك عني.... اه ياغزل فيا عيوب الدنيا والاخره بس اللي بيحب مش بيشوف العيوب ولو بيشوفها بيعديها او بيحاول يصلحها..... 

ياريتنا ما فتحنا الكلام ده اصلا عشان مسمعش كلامك عن اد ايه انتي شايفاني راجل سيء بالطريقه دي..... 

اخترقت كلماته صدرها لتشق الدموع طريقها عبر حلقها وتلمع سريعا بعيونها التي رفعتها اليه فرأت كم جرحته ليكمل وهو يهز راسه بينما تريها عيناه كم خزلته : مش هقولك عندك عيوب عشان بجد انا فعلا مش بشوف عيونك.... طلع زي مابيقولوا مرايه الحب عاميه

نظر لها و اكمل بسخريه  : عشان كدة انتي شايفاني كويس اوي عشان مش بتشوفي بمرايه الحب 

امسكت ذراعه سريعا وهي تهز راسها..... فهي تحبه ولكنها أخطأت فقط وركصت خلف انفعالها لتقول برجاء : أدهم... ابعد يدها عن ذراعه بجفاء واتجه الي الخارج بخطوات سريعه لتركض خلفه تحاول اللحاق به وهي تناديه بصوت معذب .. أدهم..! 

التفت لها ماان خرجت من الباب خلفه قائلا بحدة : قولت رجلك متخطيش برا الباب 


...... صفق باب سيارته التي قادها بسرعه كبيرة وهو يخرج من البوابه مبتعدا وكأنه يهرب....يهرب من تلك المواجهه التي لم يكن يتخيل ان تحدث بينهما مجددا......! 

تلك المرة منذ سنوات حينما افضت بكل مايجول بخاطرها منه تكررت ولكن بصورة ابشع.... تأزمت ملامحه بقوة بينما ازدادت وطاة هذ الألم بصدره ليجذب ربطه عنقه ويفك بضع ازار من قميصه في محاوله منه لتهدئه أنفاسه المتلاحقه والتي بدأت تخرج بصعوبه من صدره ... أوقف سيارته واخرج هاتفه من جيبه ليطلب سريعا الطبيب الخاص به ... دكتور عزيز 

: اهلا ياادهم بيه... 

قال تجهم بصوت مختنق نسبيا : كنت حاسس بنغزة ... قاطعه الطبيب سريعا دون سماع باقي شكواه  : انا موجود في المستشفي حالا تجيلي ياادهم بيه لو سمحت 

أغلق أدهم الهاتف والقاه بجواره وظل جالس لحظات خلف المقود وهو يحاول تهدئه أنفاسه قبل ان ينزل من سيارته ويتجه الي ذلك المحل الصغير الموجود بجانب الطريق....ويطلب من البائع زجاجه مياه  

اسرع ذلك الرجل العجوز يحضر لادهم زجاجة المياة ويعطيها له ليخرج أدهم بضع أوراق ماليه كبيرة من جيبه ويضعها امام الرجل ويغادر... : استني خد الباقي يابيه 

قال أدهم للرجل الذي اتسعت عيناه بعدم استيعاب : خليهم عشانك  

عاد ادهم لسيارته بينما يستمع لدعاء الرجل : ربنا يهدي بالك ويخلي لك عيالك 

ارتشف من المياة بضع قطرات واخذ نفس عميق بعدها أدار سيارته واتجه للمشفي بعد قراره بعدم الذهاب فليحدث له مايحدث..... ولكن الآن سيذهب من اجل أولاده..! 

........ 

.... 

وضعت غزل يدها علي بطنها بألم شديد وهي تستفرغ كل مافي معدتها لتجلس علي الارض الرخاميه باعياء شديد تبكي بانهيار.... فماذا فعلت وكيف استطاعت جرحه بتلك الطريقه.....!! 

............ 

.... 

مررت ماهيتاب اناملها ببطء علي شاشه هاتفها التي كانت تنظر من خلالها علي صور أدهم....! أدهم الذي لأول مرة تنظر له تلك النظره المختلفه عن كونه زوج صديقتها...!! 

شهامته ورجولته معها والتي تخالف تماما نصف الرجل الذي كانت متزوجه به جعلت تلك النظرات تلمع بعيونها...!! 

ماذا لو كانت متزوجه برجل مثله..... رجل تقف خلفه ولا تبالي،..... رجل لا تخشي شئ بوجوده..... رجل يخاف عليها من نسمات الهواء ويغار بجنون..... رجل يحبها كما يحب أدهم صديقتها...!! 

.......... 

... 

نظر ادهم الي وجهه الطبيب الذي فحصه بدقه شديده وهو يجهز نفسك لسماع خبر سئ ليتفاجيء بالطبيب يقول بنبره مطمئنه ;  الحمد لله كل حاجة كويسه ياادهم بيه 

اعتدل أدهم جالسا وهو يغلق ازارا قميصه ويسأل الطبيب : امال ايه الوجع اللي بحس بيه كل فترة ده يادكتور 

قال الطبيب وهو يجلس الي مكتبه : 

والله ياادهم بيه حالتك الصحيه كويسه جدا ومع ذلك هعمل شويه فحصوصات تانيه للاطمئنان مش اكتر...... مفيش اي داعي للقلق والوجع ده بنسبه كبيرة سببه نفسي 

نظر له الطبيب وتابع :  في حاجة مضايقه سيادتك مؤخرا  

هز أدهم راسه : لا 

قال الطبيب  : عموما سيادتك ماشي علي نظام صحي كويس وملتزم بيه ودي حاجة كويسه جدا..... وحاليا حاول تبعد عن الانفعال وعن اي حاجة ممكن تضايقك 

اومأ أدهم قائلا : تمام.... 

قال الطبيب : انا مش هكتب لسيادتك اي حاجة ولا حتي فيتامينات ممكن بس شويه رياضه هتكون مفيده مع تغيير جو 

هز  أدهم راسه قبل ان يقول بتردد ; دكتور 

نظر له الطبيب ليساله أدهم بحرج..ليهز الطبيب راسه علي الفور : لا طبعا ياادهم بيه صحه سيادك في احسن حال وتقدر تخلف عشر أطفال مش طفل واحد .. السن عند الراجل مالوش وقت للانجاب ولكن للست بتقل فرصها طبعا مع تقدم العمر 

قال أدهم بتساؤل خيرته اجابته عن عدم حمل غزل مرة اخري بعد انجاب ابنتهم سيلا وقد ظن انه السبب ; يعني..... قاطعه الطبيب مؤكدا بابتسامه ; يعني سيادتك متقلقش وبعدين انت لسه شباب ياادهم بيه..... ليه بتفكر كدة 

قال أدهم : حبيت بس اسأل 

: اطمن 

ابتسم أدهم  للطبيب :  متشكر يادكتور 

قال الطبيب وهو يصافحه : تحت امرك في اي وقت..... واول ان شاء الله ماتطلع نتيجه الفحوصات هستني سيادتك 

; تمام  

.......... 

... فرك أدهم وجهه بقليل من الغضب الممزوج بالحيره بعد كل ماحدث..... هل هو السبب بكل ماحدث بينهم..... هل طباعه الصعبه ولدت بداخلها عقده لم تستطيع تجاوزها علي مدار السنوات...... ذلك الكلام سمعه منها تلك المرة التي انفجرت بها به ومن بعدها حاول تخفيف وتدارك أخطائه..... اذن أين الخطأ..... هل كان عليه أن يتحكم باعصابه اكثر.... هل توقفت عن حبه.   هل فرق السن بينهم.... هل عجز عن احتواءها..... هل.... هل.... هل.. ؟! 

اسئله كثيرة دارت بعقله...... لا يعرف اجابتها ولا يستمع الا لصوتها الذي يتردد بعقله..... 

..... لا يستوعب مايحدث لها وكأنها تبحث عن أي شئ يضايقه وتفعله...... أصبحت تبحث عن مشاكل وتعاسه بحياتهم 

لم تعد تلك المرأه التي تريد ارضاءه.... أصبحت متمرده علي كل شئ وهو لم يعد يعرف ماذا يفعل معها....... نعم عجز تمام خاصه بعد تلك المشاحنه التي دارت بينهما اليوم.....! كيف تستطيع أن تتحدث بتلك الطريقه بعد هذا الخطأ الذي ارتكبته بالذهاب لمنزل عمر وهي تعرف حساسيته تجاه الأمر.... 

تلك المرة تجاوزت الحدود كثيرا....! ؟

كل مرة يتلمس لها الأعذار ويقول ان اغلب ماتفعله طيش ليس اكثر...... 

ولكن تلك المرة يأخذه تفكيره لسبب اخر     ..... وهو انها لم تعد تحبه    ...! 

نظر الي تلك الصور الموضوعه علي جانب مكتبه باطار ذهبي أنيق وقد احتلت غزل اغلب تلك الإطارات..... فهو لا يشبع ابدا من النظر الي صورتها..... نظر الي صورتها وهي تضحك وصورتها برفقه أطفالهم وتلك الصورة التي تنظر له بحب بها..... 

تنهد وهو يتذكر كلامها ولا يعرف كيف قالته له....! 

خرج من شروده علي صوت : أدهم بيه... 

رفع عيناه الي حارس الأمن الذي دخل الي مكتبه قائلا : سيادتك لسه هتفضل هنا

اومأ قائلا : اه ياعادل 

قال الرجل بقلق : سيادتك كويس 

اومأ قائلا : اه.....

: طيب تحب اجيب لسيادتك حاجة 

: لا متشكر... اتفضل انت انا هفضل عنا عشان عندي شغل 

خرج الحارس وأغلق الباب ليخلع أدهم جاكيته ويتمدد علي الاريكة الجلديه بمكتبه ويعود مجددا لتفكيره....!.. 

....... 

دارت غزل حول نفسها بقلق وشعور مقيت بالذنب يتملكها فلم تقصد ابدا ان تصل اليه مخاوفها بتلك الطريقه...... نظرت الي هاتفه بينما لايجيب علي اتصالاتها لتتجه الي مها بعد تردد كبير ولكن يقتلها شعورها المقيت بالذنب.... وكأن من كانت تتحدث معه هي ﷼اخري تلبستها وليست هي..... 

ماذا حدث لها... تغيرت كثيرا ولا تعرف لماذا...... فلماذا دوما تكون بحاله التأهب للحرب معه...... مع انه وطنها عالمها ولا يستطيع احد محاربه وطنه وعالمه

نظرت لها مها بقلق حينما دخلت غرفتها بهذا الوقت المتأخر :مالك في ايه...؟

قالت غزل بدون مقدمات : طنط لو سمحتي اتصلي بأدهم

عقدت مها حاجبيها وقامت مقعدها بقلق :أدهم...! في ايه ماله..؟ 

قالت وهي تفرك يدها ; أصله مش بيرد عليا وانا هموت من القلق عليه

نظرت لها مها بطرف عيناها ثم عادت لتجلس مكانها وقالت بهدوء :قلقانه عليه..؟ 

قالت غزل بتأكيد ; طبعا قلقانه عليه مش جوزي وابو ولادي 

قالت مها ببرود وهي تتطلع بملامح وجهها الممتقعه  :  اطمني هو كويس

سألتها غزل بلهفه : كلمتيه...؟

اومات مها لتقول ; هو كويس..... طيب هو فين..... 

: كويس.... و في الشركه 

طاطات راسها واستدارت لتغادر لتوقفها مها : انتي بتعملي كده ليه ؟ 

قالت غزل وهي تلتفت لمها : بعمل ايه..؟ 

قالت مها : انتي فاهمه..... عارفه انه هيضايق ليه بقي روحتي....  ؟

قالت غزل بضياع : عشان غبيه ومكنش عارفه انه لسه بيفكر كدة 

قالت مها باتهام : ناسيه عمر عمل معاكي ايه..؟ 

قالت غزل بدفاع : انا كنت عند اوركيد 

هزت مها كتفها : بس بالنسباله مش، كدة 

قالت غزل بقليل من الانفعال : يبقي متحاسبينيش علي تفكيره

تنهدت مها وقالت :  بصراحه انا تعبت في فهمك 

نظرت لها غزل لتكمل مها ; بتخربي حياتك بايدك كل يوم اكتر من الي قبلها

هزت غزل كتفها باقرار :متتعبيش نفسك

انا اصلا مش فاهمه نفسي...  

مفيش حد بيبقي قاصد يخرب حياته 

وبعدين ياطنط اعذريني ماحضرتك يعني ..... واونكل سليم...... سكتت غزل فليس هناك من داعي لفتح مشاجرة اخري باخبارها انها ليست بأفضل منها في تصرفاتها مع زوجها الراحل 

تغيرت ملامح مها والتي كانت كل كراهيتها لغزل في انها تري نفسها بها دون ارادتها 

لتقول غزل سريعا باعتذار ; انا اسفه 

هتفت مها بحنق ; انتي غبيه ومتعملتيش مني...... نظرت غزل لها لتتابع مها وهي تتجه لتقف امامها : اه انا خربت حياتي.... كنت بقف لسليم الند بالند.. عمري ما حاولت اشوف ايه بيريحه عشان اعمله وكنت فاكرة اني كدة هبقي مرتاحه... تهكمت من نفسها : وياااه علي الراحه اللي انا عايشه فيها بعد موته وكل مواقفي معاه بتتعاد قدامي  وانا شايفاك بتغلطي نفس الغلطات مع أدهم...... هزت راسها باسي وتابعت :

سليم مكنش بيحبني زي ماادهم بيحبك.... بس اقولك ده مش مبرر لأن كان بأيدي احببه فيا بس انا كرهته فيا بعمايلي زيك بالظبط.... 

عقدت غزل حاجبيها بعدم فهم.... هل تنصحها الان..... لتقول باتهام ; 

حضرتك بتتكلمي وكأن قلبك عليا

قالت مها بجديه وهي تهز راسها ; قلبي علي أدهم ابني.... عاوزاه مبسوط...... إنما انتي انا ياما نصحتك وانتي بتسيبي النصيحة وتمسكي في الأسلوب وانا متعودش احسب الكلمه قبل مااقولها.... اللي انتي فيه ده انتي الوحيده السبب فيه.... الست هي اللي تقدر تصلح حال بيت أو تهدمه 

هزت مها راسها بخزي وتابعت بلوم شديد : كنت فاكراكي عاقله بس كل ما بتكبري بتتجنني وتتصرفي غلط..... ومسيرك هتضيعيه من ايدك بتصرفاتك 

كورت غزل قبضتها وعاد الألم يراود معدتها من جديد لتنظر مها ليدها التي وضعتها فوق بطنها : مالك...؟ 

قالت غزل وهي تهز راسها : مفيش..  

تصبحي علي خير.. 

هزت مها راسها بعد خروج غزل.... أحبت رؤيه عذابها وقلقها عليه لتتأكد انها مازالت تحبه ولكنها فقط تسيء التصرف 

....... 

... 

في الصباح عادت لتستفرغ مجددا لتقول ام حسن بقلق  ; أنتي كويسه ياهانم 

هزت غزل راسها بينما انتفخت عيناها من كثره البكاء طوال الليل : اه 

خدي سليم وسيلا يفطروا وانا نازله وراكي 

جلست علي طرف الفراش وعاودت الاتصال به بيأس..... لن يجيب وهي تستحق فهي جرحته ولكن دون ارادتها.... هي فقط مشتته ضائعه... كانت بحاجة للحديث معه عن مخاوفها بدلا من ترك الأمر يتفاقم بداخلها بتلك الطريقه... 

..........! نظرت مها الي احفادها بابتسامه لتأخذهم بحضنها وتسأل ام حسن :غزل فين. ؟

قالت المرأه : نازله ورايا... بس شكلها تعبانه يامها هانم 

اومات مها قائلة : طيب يلا جهزي الفطار للولاد 

ابتعدت قليلا وتحدثت في الهاتف : أدهم صباح الخير ياحبيبي

: صباح الخير

: ايه ياابني انت فين كل ده..؟ 

قال أدهم باقتضاب : عندي شغل 

قالت مها باستنكار متظاهرة بعدم معرفتها بما دار بينه وبين زوجته : شغل ايه اللي بتباب فيه برا

: شغل مهم... معلش ياماما مضطر اقفل 

أغلق الهاتف لتنظر الي غزل التي نزلت بحاله يرثي لها وهي تتنهد بتعب حقيقي...! 

فلاهي مرتاحه ولا ابنها مرتاح.... هل جفا هناك امرأه تبحث عن تعاستها بيدها 

.... 

نظرت غزل لاطفالها والحزن مليء قسمات وجهها المتألم 

لتقول مها وهي تحاول مغايره الجو ; سليم القمر اللي عيد ميلاده بكره.... يلا افطر بسرعه عشان ننزل سوا نشتري الهديه اللي تعجبك

صفق سليم بحماس لتبتسم له غزل بحب 

بينما جلست مها بجوارها قائلة : اقعدي مع نفسك وشوفي ايه وصلكم للحاله دي.... لسه الأوان مفاتش عشان تصالحوا اخطاءكم

نظرت لها غزل بامتنان.... مما هي مصنوعه تلك المرأه المليئه بالتناقضات...! قبل ان تتساءل كانت تجيب علي نفسها... انها امرأه مثلها  ومثل كافه النساء اتحرك وفق لمشاعرها.... احيانا تكرهها وأحيانا تشعر بالشفقه عليها وأحيانا تحبها.... كما هي بالضبط تائهه في، دوامه التناقضات الموجوده بداخلها....! 

............... 

.... مر النهار علي غزل بينما تتهادي وسط داهاليز تفكيرها ومشاعرها لتدرك انه محق وأنها تغيرت دون ارادتها....... قطع تفكيرها رنين هاتفها : هاي ياغزول ازيك.... 

: ماهي عامله ايه...؟ 

عقدت ماهيتاب صوتها : مال صوتك ياغزل..؟ 

قالت غزل باقتضاب : ابدا مفيش

تنهدت ماهيتاب قائلة : طيب انا معنديش شغل وهعدي عليكي... صوتك قلقني... 

........... 

... 

نظرت ماهيتاب لوجوم غزل بتساؤل : 

في ايه بقي مش عاوزه تحكيلي...؟ 

هزت غزل راسها : مفيش حاجة.... 

: مفيش حاجة ازاي .... شكلك متخانقه مع أدهم 

ظلت غزل صامته بينما لاتشعر بالرغبه في التحدث الي احد ولكن ماهيتاب لم تيأس لتطل تستحثها علي الكلام.... تريد ان تسمع كل شئ يحدث بينهم..... تريد أن تعرف الكثير والكثير عن أدهم....!! 

ركضت غزل لتستفرغ مجددا لتتسع عيون ماهيتاب بينما تمسك بذراع غزل التي عادت الي الغرفه بوهن شديد... ايه ياحبيبتي مالك..... شكلك تعبانه.. تحبي اطلب لك دكتور

قالت غزل بوهن وهي تهز راسها : لا انا كويسه 

نظرت ماهي الي يد غزل التي تمسك ببطنها وتقول بقليل من الفضول : انتي حامل ياغزل 

عقدت غزل حاجبيها وهي تهز رأسها : لا معتقدش... 

تابعت ماهيتاب : امال التعب اللي انتي فيه من ايه...... اكيد زعلانه... قوليلي بقي 

تنهدت غزل وبدأت تخبر ماهيتاب بمشاجرتهم بسبب ذهابها لمنزل اوركيد لتجد ماهيتاب لسانها سريعا ما ينطق بمكر ;  مالوش حق ابدا أدهم يقولك كدة..... يعني ايه اللي حصل لكل ده... 

هزت غزل راسها بندم :  انا زعلته جامد اوي 

نظرت ماهيتاب بمكر حديث عليها ولاتعرف ماسبب تلك الرغبه في زياده الخلاف بينهما لتقول : وهو كمان زعلك جدا..... يعني ايه يقولك مفيش خروج ولاشغل 

وضعت غزل يدها علي بطنها والألم بداخلها يزداد لتقول ماهيتاب بقلق مزيف : لا ده انتي

شكلك تعبانه بجد.... يااااه ياغزل... طيب تعرفي انك لو حامل أدهم فعلا أدهم هيفرح جدا

نظرت بطرف عيناها الي غزل وتابعت ;   واهو تقعدي وقتها في البيت بسبب 

تابعت اللعب علي أوتار عقدتها ما ان قالت غزل برفض : 

لا معتقدش اني حامل.... وحتي لو حامل مش هقعد في البيت. .... لازم اتكلم انا وأدهم ونحل الخلاف اللي بينا  

شعرت ماهي بقليل من التوتر لتغير نبره غزل التي دوما ماكنت تتذمر بشأن أدهم والان تؤيد ان تتحدث معه لحل خلافهم لتتنهد بخبث : فكرتيني بجوزي.....دايما كانت  كنت بحاول اتفاهم معاه بس مكنش بيديني اي فرصه...... الحمد لله خلصت منه ومن ابنه اللي كان هيربطني بيه طول العمر...! 

نظرت لها غزل بدهشه  : ابنه.. ؟

اومات ماهيتاب وتابعت :  اه.... الموضوع ده محدش يعرفه خالص ياغزل...بعد جوزانا بفترة صغيرة وبعد كل مشاكلي معاه لقيت نفسي حامل... وقتها قولت زيك كدة أحوال اتفاهم معاه ونوصل لحل... بس زي ماقلت لك مكنتش، بتعرف حتجة اسمها تفاهم 

عشان كدة قولت لو الحمل ده كمل  يبقي طول عمري هبقي تحت أمره ومربوطه بيه 

سألتها غزل باستفهام ; وعملتي ايه...؟ 

قالت ماهيتاب بثبات :نزلت البيبي 

انصدمت ملامح غزل تتابع ماهيتاب : كده احسن.... ولا كنت اجيب طفل يكون سبب في ان الراجل ده يخليني تحت أمره طول العمر 

نظرت لتاثير كلامها علي ملامح غزل لتتابع بمكر شديد : لو تحبي انا ممكن اكلم لك الدكتور اللي عمل ليا العمليه  

انصدمت ملامح غزل لتهز راسها سريعا : لا لا طبعا... انتي بتقولي  ايه..!! 

قالت ماهيتاب باستدراك :  مالك اتخضيتي ليه... انا مقصدتش حاجة... انا بس كنت هكلمه اخد ميعاد تروحي تكشفي لو طلعتي حامل اهو تفكري قبل ماادهم يعرف ولو لا براحتك 

       الفصل الخامس من هنا

SHETOS
SHETOS
تعليقات



×