رواية تعافيت بك الجزء الثالث الفصل الثامن عشر 18 بقلم شمس بكرى


 رواية تعافيت بك الجزء الثالث الفصل الثامن عشر


هذا الكتف لك حين تميل وحين تشعر بأن حملك ثقيل.
_________________________

رحلوا بصغارهم نحو الداخل بينما "عمار" جلس على المقعد في الشرفة بمفرده بعدما دلف الجميع للداخل، ثم أخرج هاتفه يفتحه على صورتها في الملعب حينما كانت تُشكل بكفيها معًا نمط القلب وكأنها تحاوط القمر.

اتسعت ابتسامته أكثر وهو يرى صورتهما على الدراجة النارية وهي تضحك بسعادةٍ من خلفه، ثم صورتهما في صلاة العيد مع بعضهما كأول مناسبةٍ تجمعهما سويًا.

تعمق في الصور و ازدادت ضحكاته أكثر حينما تذكر تذمرها و ضيقها حينما يشاكسها هو، كان غافلًا عن ذلك الخبيث الذي صدح صوته يدندن بخبثٍ:

"يا بختك ياللي صاحي الليل ما دام كان السبب واحدة، ومين يقدر ينام الليل وهو خياله مع واحدة"

التفت "عمار" ينظر خلفه بدهشةٍ بعدما وقع بصره على صاحب الصوت ليقول بتعجبٍ:

"أنـــتَ !!"

ابتسم صاحب الصوت بزهوٍ واقترب منه بحماسٍ يقول بسخريةٍ:

"آه....أنـــتَ"

تنهد "عمار" بقلة حيلة فيما جلس "يـونس" مقابلًا له يضحك عليه وهو يدندن بمرحٍ:

"يا بختك ياللي صاحي الليل"

راقبه "عمار" بنظراتٍ ثاقبة و عينين ثابتتين على ذلك الذي سأله بتعجبٍ:

"مالك بتبصلي كدا ليه؟؟ كدبت أنا يعني ؟؟ مش أنتَ سهران بتحب ؟"

أطلق "عمار" زفيرًا قويًا ثم قال بقلة حيلة مُستسلمًا لذلك الصغير:

"آه بحب....بس اللي بحبها دي مراتي بقى، يعني معايا رُخصة يا خفيف"

اقترب منه "يونس" يسأله بمرحٍ:

"ايش تقصد يا عمار ؟؟ بتلمح؟؟"

_"لأ....بلقح"

جاوبه ببساطةٍ يسخر منه، فيما ضيق "يونس" جفونه ثم سأله بتوجسٍ:

"عليا أنا !! دا أنا ملاك بريء"

رد "عمار" بتهكمٍ يُقلد طريقة "يونس" في التحدث:
"يا شيخ ؟؟ بإمارة القُصة دي حلوة اوي ولا بإمارة لو اتقدم لبنتك واحد زيي هل تقبل بيه ؟؟ اسكت بقى كاسفنا و عررنا، اتقل ياض"

ابتسم "يونس" بسخريةٍ وهو يقول بصوتٍ عَلا نسبيًا عن السابق:
"يا سلام ؟؟ شوف مين بيتكلم ؟؟ مش أنتِ اللي حاكيلي عن قصتك، بس أنا عاوز أسألك هل أنا مقفوش أوي يا عمار ؟؟"

_"مــقــفـوش !! دا أنا عارف و أبوها عارف و أمها عارفة و خالها عارف و جدودها كلهم عارفين، فوق يا يونس، مفاضلش غيرها هي متعرفش"

كان ذلك قول "عمار" بعدما رفع صوته أقرب للانفعال يرد على استجواب "يونس" الذي ضحك رغمًا عنه وهو يقول بقلة حيلة:

"أعمل إيه طيب ؟؟ مش كنا صحاب ومرة واحدة كدا بعدوها عني ؟؟ أنا ماكنتش بسيبها"

ضحك "عمار" رغمًا عنه ثم قال يُذكره بما مضىٰ عليهما:

"فاكر أول يوم ليها في الحضانة لما كانت عمالة تعيط عاوزة مامتها و أنتَ جيبتلها حاجة حلوة و بوستها ؟؟ عيل قذر و سافل من يومك"

لوح له "يونس" بكفه وهو يقول مُتهربًا من الحديث:
"يوه بقى !! كانت بوسة بريئة على خدها علشان متعيطش، بس كانت عسل"

رفع "عمار" قدمه يضربه في ركبته حتى تأوه "يونس" وهو يقول بعدها:

"خلاص بهزر، ياعم لاغيني كدا وسيبني أقل أدبي، زهقت من احترامي دا، عاوز انحرف يا عمار"

تشدق "عمار" مُتسائلًا بضجرٍ:
"أنتَ ملبوس يالا ؟؟ مذبذب يعني ؟؟ بس مش هلوم عليك، ماهو اللي يتربىٰ وسط كل دول لازم يتهطل"

رفع "يونس" طرف أنفه بتشنجٍ، وفي تلك اللحظة صدح صوت هاتف "عمار" برقم "خلود"، فابتسم بهدوء ثم ضغط على زر الايجاب، حتى أطلق "يونس" صفيرًا عاليًا تبعه بقوله:

"أيوا يا عم، اللي عطاك يعطينا"

أمسك "عمار" زجاجة المياه يقذفه بها، ثم تحرك من أمامه يستند على درابزون الشُرفة وهو يقول بنبرةٍ هادئة:

"صاحية ليه لحد دلوقتي مش عوايدك يعني، فيه حاجة ؟"

ردت عليه بنبرةٍ هادئة:
"بصراحة يعني أنا قاعدة في اوضتك أهو بس مش عارفة أنام، ريتاج معايا نايمة في حضني أهو، لاحظت إنها شبهك أوي ونفس لون عيونك"

ابتسم هو بعينيه قبل فمه، فأضافت وهي تربت على خصلات الصغيرة:

"لاحظت حاجة كمان فيها، بتنام حاطة أيدها الاتنين تحت خدها زيك، حاسة أني شايفة عمار صغير قُصادي"

رد عليها بنبرةٍ ضاحكة:
"كدا بَصرة بقى، أنا شوفت خلود الصغيرة في جاسمين، و أنتِ شوفتي عمار في ريتاج، محدش أحسن من حد"

انفلتت ضحكة خافتة من بين شفتيها، ثم تنهدت بعمقٍ وقالت:
"على رأيك، المهم تصبح على خير، ومتنساش تصحيني أصلي الفجر، ممكن ؟؟"

_"دا عز الطلب، من عيوني"

اتسعت بسمتها ثم سألته بهدوء:
"ماشي، تصبح على خير بقى علشان عاوزة أنام، عاوز حاجة؟"

أصدر صوتًا من حنجرته يدل على النفي وقبل أن تغلق المكالمة، تحدث هو مسرعًا يمنعها من ذلك بقوله:

"خـــلــود !!"

انتبهت للهفته في ذكر اسمها فهمهمت بتعجبٍ، حينها تشكل العبث على ملامح وجهه و قال بمرحٍ قاصدًا مشاكستها:

"Seni seviyorum, يا منعنع"

ضحكت هي بصوتٍ عالٍ جعله يضحك هو الأخر، حتى قالت بيأسٍ من بين ضحكاتها:

"ارحمني أبوس عيونك يا شيخ ترحمني، كرهتني في الأغنية"

رد عليها بنفس الخبث:
"غريبة أومال أنا حبيتها ليه؟؟"

سكتت عن الحديث، فيما قال هو بنبرةٍ هادئة بعدما عاد لشخصيته الطبيعية:

"روحي نامي يلا علشان بكرة الصبح هجيلك بدري، عاوزة حاجة ؟؟"

ردت عليه بنبرةٍ ضاحكة:
"آه....عاوزاك تشوف المنعنع"

رفع حاجبيه مستنكرًا فيما أغلقت هي الهاتف قبل أن ينطق هو و تستمر المشاكسة بينهما، ثم شددت عناقها على الصغيرة وهي تقول بنبرةٍ ضاحكة:

"تعالي في حضني و أنتِ شبهه كدا، على رأي الهضبة اهوأي حاجة تيجي من ريحة الحبايب"

قبلت رأس الصغيرة التي نامت في وضعٍ يُشبه نفس وضع أبيها وعمها، ثم شردت في ملامحها التي تشبه ملامحه كثيرًا وخصيصًا منطقة الأعين، عند تلك النقطة تحديدًا انعطف تفكيرها في جهةٍ أخرى ألا وهي كيف سيكون طفلها من "عمار".

على الجهة الأخرى نظر "عمار" في الهاتف مُبتسمًا وهو يستند على الدرابزون فوصله صوت "يونس" يقول بخبثٍ:

"نور عيني قلبي من جوة من غيره و غيره من هو، دا تعبني وبرضه عاجبني"

تبدلت نظرته إلى الشر ثم اقترب منه يمسكه من عنقه وهو يقول من بين أسنانه:

"تحب أعرف أبوك يا سافل يا منحط يا عديم الأخلاق"

حرك رأسه موافقًا ثم أضاف مؤكدًا بسخريةٍ وطريقةٍ ملتوية تشبه طريقة الفتيات:

"قوله، بابا عارف عني كل قذوراتي و تحركاتي في المكان"

ضحك "عمار" رغمًا عنه ثم خفف قبضته على عنق "يونس" وهو يسأله بضجرٍ:

"ياض أنتَ إيه اللي بيحصلك معايا ؟؟ يخربيت سفالتك وقذارتك"

ضحك "يونس" وهو يجاوبه بمشاكسىةٍ:

"جايز علشان سافلين زي بعض"

جلس "عمار" مُبتسمًا بيأسٍ و جلس مقابلًا له "يونس"، فسأله "يونس" بنبرةٍ هادئة:

"هو أنتَ لما حبيت خلود استنيتها ليه يا عمار ؟؟ واسمحلي أقول عليها خلود ودا طبعًا لأنها كانت بتشيلني وأنا صغير و تعتبر من المُساهمين في تربيتي"

كان يتحدث بلباقةٍ ورسميةٍ فيما تشدق "عمار" بنذقٍ:

"تربيتك ؟؟ تربيتك الناقصة، لامؤاخذة يعني"

رفع "يونس" كفه يُحييه ثم وضعه على صدره وهو يقول بمرحٍ:

"حبيبي يا دكتور خد راحتك ولا يهمك"

زاحمت الضحكة وجه "عمار" وحينما وجد الفضول يطل من نظرات الأخر تنهد بعمقٍ ثم قال:

"علشان أنا شوفت خلود بجد، مش عارف ليه ومش عارف ازاي بس بجد هي شدتني من أول مرة، معرفش علشان الشكل ولا علشان شخصيتها، بس الغريب أني من أول مرة اتشغلت بيها، واللي بيشغل القلب فِتنة وغواية، وهي غوتني بصراحة، استنيتها علشان كانت بتكبر قدامي، بقيت حابب وجودها و حابب شخصيتها، كنت بشوفها تدافع عن الناس كلها، وقصاد مشاكلها أضعف من جناح الطير، وأنا بقى عاهدت قلبي أنا استنى اللي شغلته، علشان هو مشغلهوش غير طيفها"

سطع الإعجاب على نظرات "يونس" الذي سأله بانبهارٍ:
"طب مزهقتش يا عمار ؟؟ مشوفتش حد غيرها ؟؟"

حرك رأسه نفيًا ثم أضاف:
"بالعكس تعبت و يئست و زهقت، بس كنت مستني نتيجة صبري و واثق إن اللي علق قلبي بيها مستحيل يعدي كدا، ودا في أي حاجة عمومًا يا يونس، سواء حلم ودراسة أو حب وعلاقة، عليك السعي، أنا سعيت في حُبي ليها لما وقفت قدام ربنا عهدته أني مش هغضب ربنا فيها، و كذلك دراستي طلبت من ربنا ينجحني و يوفقني بس قبلها كنت بذاكر و اتعب علشان اوصل للدكتور عمار، افتكر إن أي حاجة حطيت قدامك فيها ربنا، ربنا هيكرمك ويجبرك فيها، أما بقى حتة مشوفتش غيرها دي، لأ شوفت كتير و مش هكدب كمان كانوا أحلى من حيث الملامح، بس لأ مفيش فيهم خلود، هي واحدة بس يا يونس، كل الناس مشيت و عدت على القلب عادي، إلا هي استوطنت المكان زي ما بيقولوا كدا"

ابتسم "يونس" بسعادةٍ بالغة وظهر الحماس على وجهه، فتنهد "عمار" ثم أضاف بوجهٍ مبتسمٍ:
"ذاكر و اجتهد وكدا كدا هي هنا معاك و اختك بس افتكر إنك ملزم تراعي ربنا يا يونس في اللي ليك، علشان الدور مسيره ييجي عليك....فاهم يا يونس ؟؟"

حرك رأسه موافقًا ففتح "عمار" ذراعه له، حينها اقترب منه "يونس" بين ذراعيه فربت "عمار" على ظهره بحنوٍ ثم سأله بنبرةٍ خافتة:

"شاغل بالك بيها ليه يا يونس؟؟"

تنهد "يونس" بعمقٍ ثم قال بتأثرٍ:
"مش عارف بس أنا واخد عليها، كنت بحب العب معاها أوي و اهديها لما تعيط وتيجي عندنا تلعب معايا واشيلها، كنت فاكر اني هفضل معاها علطول وهفضل وراها في ضهرها، نـغم طيبة أوي بتحب الكل وغلبانة اوي يا عمار، و بتخاف من كل حاجة، بس أكيد هييجي يوم وتكبر وتبطل خوف صح؟؟ 
ولا هتفضل زي ماهي ؟؟ 
هي نغم وأنا يونس ؟"

ضحك "عمار" رغمًا عنه وهو يقول:

"ياريت تفضل هي نغم وأنتَ يونس، لا دنيا تغيركم، ولا بعد يفرقكم"
_________________________

في صباح اليوم التالي في شقة "رياض" استيقظ هو أولًا و "خديجة" أيضًا في موعد مبكر عن البقية، وكعادة "رياض" دومًا يشعر بالألفة معها لذلك طلب منها أن يقوما بتحضير الفطور سويًا، لذلك شعرت هي بالحماس ثم دلفت معه المطبخ تسأله بتعجبٍ:

"طب هنعمل إيه بقى ؟؟ الناس كلها قافلة يعني مش هينفع نستعن بأي معونة خارجية"

ضحك على حديثها ثم أضاف بسخريةٍ:
"ولا أي استعانة أصلًا، هو أنا هاوي ولا إيه، بعدين أنا هعملكم فطار يليق بالعيد الكبير"

عقدت ما بين حاجبيها فيما فتح هو الثلاجة ثم أخرج منها طبقًا مُغلف ثم وضعه على الطاولة الرخامية وهو يقول بمرحٍ:

"هنفطر كبدة و أنتِ تعملي بطاطس محمرة علشان مبعرفش اقشرها أو اقطعها، اتفقنا يا عسلية ؟؟"

_"قشطة يا مهلبية"

ردت عليه بنبرةٍ ضاحكة جعلته يضحك بسعادةٍ ثم جلس على الطاولة الرخامية، وجلست هي أمامه تقوم بتجهيز البطاطس، كان هو يتحدث وهي تستمع له تارةٍ تضحك بسعادةٍ وتارةٍ بسخريةٍ وتارةٍ يضحك هو على طريقتها وقد اندمجا سويًا مع بعضها، حتى قال "رياض" بحماسٍ:

"هعملكم شوية كبدة بقى !! تاكلوا صوابعكم وراها، وأحلى حاجة إن أبو طويلة مش هنا علشان ميخلصهاش، خلينا ناكل بنفس"

حمحم "ياسين" خلفه بخشونةٍ، فكتمت هي ضحكتها، بينما "رياض" التفت له يقول بحديثٍ يتنافىٰ مع سابقه:

"ابن حلال مصفي لسه حالًا بقولها مش هقدر أمد أيدي في الأكل من غير ابني ما يكون معايا"

رفع "ياسين" حاجبيه بسخريةٍ، بينما "رياض" تحرك من مكانه ثم اقترب منه يهدده بقوله:

"هروح أصحي زُهرة و البنات وأبوس يزن، اقف بأدبك، مفهوم؟"

تحرك من المطبخ بينما "ياسين" ضحك بيأسٍ رغمًا عنه، فاقتربت منه تقول بنبرةٍ هادئة ووجهٍ مبتسمٍ:

"صباح الخير، نمتوا كويس؟"

رد عليها بقلة حيلة:
"الواد يزن كل شوية يصحى يقلقني ويرجع ينام تاني، و الحيوانات الصغيرين فاتحين الموبايلات وخصوصًا عمر، أكيد مكانش فيها نوم، بس أهو ارتاحنا"

حركت رأسها موافقةً، بينما "يزن" ركض نحو المطبخ ينادي عليها بقوله:

"صباح الخير يا ماما...أنا جيت"

اخفضت جسدها تحمله بين ذراعيها وهي تقول بلهفةٍ:

"حبيب ماما وعيون ماما، صباح النور على عيونك، وحشتني"

وضع رأسه على كتفها، بينما هي ربتت على ظهره وهي تبتسم بحب، فقال "ياسين" بسخريةٍ:

"يا بختك يا ابن المحظوظة، شوفت الأهالي، مش أبويا اللي كان بيخبي مني الكبدة؟؟ هي دنيا كدا كلها قايمة على الحظوظ"

ضحكت "خديجة" رغمًا عنها من سخريته وفي تلك اللحظة ركضت نحوه الفتاتين تصرخ كلتاهما باسمه، فضحك هو ثم حملهما مع بعضهما بين ذراعيه وهو يقول بمرحٍ:

"يا سلام ايوا كدا هو دا الصباح العسل، حبايب عُمر ياسين"

_________________________

في شقة "ميمي" بدأ الشباب في تجهيز أنفسهم حتى يرحل كلٍ منهم إلى وجهته، لكن الحال كان غريبًا حيث قام "عُـمر" برفع صوت المهرجانات الشعبية وهو يغني معها أثناء ارتدائه ثيابه تمام المرأة، و كان "زين" جالسًا بجوار "ميمي" و "عمار" الذي جلس يرتشف الشاي فيما تحرك "عُـمر" نحو "زيـن" يمسك يده ثم سحبه يرقص مع وقد اندمج الأخر معه يرقص بمرحٍ على تلك الموسيقى الصاخبة.

ضحك الجالسون عليهم، بينما "خالد" خرج من الداخل يعنفهم بقوله:

"اترزع بقى يا زفت منكو ليه، الناس لسه بتصحىٰ وانتم قالبينها مهرجان ؟؟ اقعدوا بقى كدا عيب"

جلس الصغيرين بضجرٍ بينما "خالد" اخفض الصوت فيما تحدث "عامر" بحنقٍ من فعله:

"بومة، يمين بالله بومة عدوة الفرحة، وابنه بومة زيـ....."

توقف "عامر" عن الحديث وعن الاسترسال حينما وصله صوت الآتي:

_"حبيبي ولا على باله شوقي إليه...... ولا شاغل باله أنادي عليه...... وليالي كتير أفكر فيه وأحن إليه ولا داري"

خرج "يونس" من الداخل يغني بانسجامٍ تام لا يبالي بمن حوله، حتى وجدهم ينظرون له بدهشةٍ وخاصةً "خالد" الذي التفت ينظر لابنه بتعجبٍ، بينما "يونس" وضع المنشفة على وجهه وهو يستطرد الغناء بكلماته:

"كفاية أنه بقاله ليلة ويوم علطول في خيالي ومفيش نوم وليالي كتير أفكر فيه وأحن إليه ولا داري، ولا شاغل باله أنادي عليه وليالي كتير أفكر فيه وأحن إليه ولا داري"

تابع "خالد" تحرك ابنه للداخل من جديد ثم التفت لهم يسألهم بنبرةٍ أقرب للانفعال:

"إيـــه دا ؟؟! الواد دا حصله إيه؟"

تحدث "عامر" بسخريةٍ:
"على ما أتوقع كدا أنه عنده مراهقة مُبكرة"

صدح صوت "يونس" من الداخل يُكمل الغناء بقوله:

"عيونه فيها كلام يتقال في ليل خلاب.....ملا قلبي غرام في أحلى عذاب وبقالي كتير افكر فيه وأحن إليه ولا داري"

حينها أضاف "عامر" بطريقةٍ تهكمية ساخرة:
" أو مراهقة متأخرة مش قادر أحدد بصراحة"

تحدث "خالد" بسخريةٍ:

"بس مراهق..ماشي يا ابن ريهام"

قالها "خالد" بتوعدٍ خاصةً حينما ارتفع صوت تصفيقات "يونس" بمرحٍ.
_________________________

في شقة "فهمي" صدح صوت جرس الباب فركضت "خلود" تفتحه علمًا بأن الطارق ماهو إلا "عمار"، كانت تبتسم بحماسٍ بينما هو بمجرد ما فتحت له ابتسم لها وقبل أن تنطق هي، قد سبق هو ومد قبضة يده المتكورة، فحركت رأسها لليسار قليلًا وكأنها تستفسر منه، بينما هو أشار نحو قبضته برأسه ثم قال بإيجازٍ:

"اخبطي إيدك في أيدي"

كورت قبضتها تضرب قضبته فيما ابتسم هو بجانب فمه، ثم فتح كفه بعدما ضربت قبضته، لتجد بداخلها قطعة حلوىٰ مُغلفة تفضلها هي، ابتسمت بسعادةٍ وهي تقول:

"الله....جيبتها منين؟؟"

حرك كتفيه يقول ببساطةٍ:

"خدت بالي إنك بتحبيها علشان كدا جيبتها وأنا طالع"

اقتربت تقول بحماسٍ:
"محصلش، بحبك أنتَ والله"

قبل أن ينطق هو حمحم "عامر" من خلفهما يقطع عليهما تلك اللحظة، حتى ابتعدت عنه على الفور بينما "عمار" التفت له يقول بضجرٍ:

"يا عم ارحمني، هادم اللذات، لسه بسحب منها كلمتين حلوين"

تحدث "عُمر" بضجرٍ يتدخل في الحديث بقوله:

"ارحموا أمي أنا ودخلوني، وروح أسمع الكلمتين في شقتك بقى، دخلوني"

دلف "عمر" بعدما حدجهم بسخطٍ، فيما نظر "عمار" في أثره في قال له بنبرةٍ خافتة:

"الواد ابنك دا باينه مترباش"

رد عليه "عامر" مؤكدًا:
"ياجدع اتنيل مش لما أبوه يتربى"
_________________________

وقف "ياسين" ينتظر أسرته بجوار باب شقة والده، حتى رفع صوته بنفاذ صبرٍ:

"يلا يا جماعة هنتأخر، عاوزين لسه نوصل قبلهم"

خرجت له "زهرة" تقول بنبرةٍ هادئة:

"يا حبيبي خديجة بتلبسهم جوة، اهدا كدا و هتلحقوا إن شاء الله"

حرك رأسه موافقًا بقلة حيلة، فيما خرجت "جاسمين" من الداخل ترتدي طقمًا رياضيًا باللون الأبيض و قامت بوضع رابطتين في خصلات شعرها كما تلقبهم هي "قطتين" ثم خرجت تقول بلامبالاةٍ وبنبرةٍ طفولية:

"كان فيه واحدة ست عندها ستاشر بنت، كان فيه واحد ست عندها ستاشر بنت، جُم وقالولها يا ماما....."

توقفت عن الغناء حينما أوقفها "ياسين" بقوله ساخرًا:

"١٢ يا بنت الهبلة، كان فيه واحدة ست عندها ١٢ بنت، خلتيهم ١٦ منين"

ردت عليه بمعاندةٍ:
"لأ هما ١٦ وعلى فكرة بقى كدا أحلى"

رفع صوته يعاندها بقوله:
"لأ، علميًا الست بتولد لحد ١٢ مرة، خلتيهم ١٦ منين هي أرنبة؟"

ردت عليه بسخريةٍ:
"يعني هي ١٢ مش أرنبة؟؟"

ضحكت "زهرة" بصوتٍ عالٍ بينما "ياسين" ضيق جفونه وهو يقول:
"هو أنتِ مفيش كلمة تتقالك ملهاش رد عندك ؟؟ بس هقوله إيه خالك مين يعني ؟؟؟"

خرجت "خديجة" بالأثنين الاخرين ومعها الحقائب وهي تقول براحةٍ أخيرًا:

"طلعت روحي لحد ما وصلنا لكدا، يلا بسرعة بقى قبل ما ينزلوا المشوار مش بعيد"

اقترب "رياض" منهم يقترب من أحفاده يعطي كلٍ منهم ورقة مالية في يده وهو يقول بمرحٍ:

"دي العيدية أهيه أنا مش ناسي بس دي العيدية الكبيرة، التانية دي كانت صغيرة"

صرخوا بمرحٍ بينما هو وقف أمام "خديجة" يمد يده لها وهو يقول بنبرةٍ هادئة:

"عيديتك أهيه، كل سنة وأنتِ طيبة يا حبيبة بابا"

أخذتها منه بوجهٍ مبتسمٍ بينما "رياض" وقف أمام "ياسين" وهو يقول بخبثٍ يشاكسه:

"عينه طالعة على العيدية، هيموت وياخدها، بعينك"

رد عليه "ياسين" بسخريةٍ:
"شكرًا معايا فلوس كتير، مش عاوز منك حاجة خلاص"

ضربه "رياض" على وجهه بخفةٍ ثم مد يده له بالنقود وهو يقول بودٍ:

"ياض دا أنتَ الأساس بتاع الشجرة دي، تكمل من غيرك برضه يا مهلبية ؟؟"

ابتسم "ياسين" بسعادةٍ بينما "رياض" احتضنه يُربت على ظهره، فيما نطق الأخر بمرحٍ:

"طب والله كنت عارف إنك مش هتنساني، دا أنتَ الغالي"

رد عليه "رياض" بنبرةٍ ضاحكة:
"لأ يا روح أبوك علشان متضحكش على العيال وتاخد منهم العيدية، عيب عملتها قبلك دي"

ربت "ياسين" بكفه على كتفه وهو يقول بتمني:

"ربنا يباركلي فيك ويجعلك دايمًا خير ليا قبلهم هما"
_________________________

بعد مرور ساعة تقريبًا من وصول  "ياسين" وأسرته لشقتهم، جلس على الأريكة ينتظر قدوم شباب عائلة الرشيد بصغارها وعلى مقربةٍ منه "نـغم" تنظر من الشرفة بحماسٍ، فسألها بتعجبٍ:

"مستنية إيه يا نـغم ؟؟"

ردت عليه بحماسٍ شديد:
"مستنية خالو و كلهم يا بابا، مازن و زياد وفارس هيجيبولي حاجة حلوة معاهم، أنا بفرح أوي لما ييجوا"

حرك رأسه موافقًا بينما صرخت هي بحماسٍ:

"وصلوا يا بابا، وصلوا خلاص"

أغلق التلفاز ثم رفع صوته يقول:

"يلا يا خديجة العيلة وصلت"

ركضت من الداخل وخلفها التوأم، فضحك "ياسين" ثم أضاف ساخرًا:

"عاملين زي البطة اللي في توم وجيري كانت بتجري وعيالها وراها كدا برضه"

وكزته في كتفه، بينما ضحك هو رغمًا عنه وهو يرى صغاره أمام الباب يقفون في انتظار العائلة، وبعد مرور ثوانٍ معدودة صدح صوت جرس الباب، ليتقدم "ياسين" و يفتحه فوجد الشباب أمامه و معهم "مرتضى" و "طـه"

رحب بهم بحفاوةٍ يسلم عليهم، بينما هم دلفوا جميعًا وخلفهم صبية العائلة الصغار يمسكون في أيديهم هدايا للصغار.

أتت لهم "خديجة" ترحب بهم وهي تبتسم لهم، وتحتضن الجميع عدا "طارق" فقط سلمت عليه بالنطق.

اقترب كلٍ منهم يسلم عليها ويعطيها النقود لها و للصغار، بينما "وليد" غمز للصغار ليتقدم كلٍ منهم يقدم الهدايا لأولادها، فتحدثت "خديجة" بمعاتبةٍ:

"ليه كدا تاعبين نفسكم هو احنا غُرب يعني ؟؟ عيب والله"

تحدث "مرتضى" بمرحٍ:
"ياستي خليهم يهادوا بعض هما غرمانين حاجة، الشباب هما اللي دافعين"

ابتسمت لهم، ثم دلفت للداخل تقوم بجلب التقديم لهم، حينها تحرك "وليد" مستغلًا انشغال البقية، ثم دلف لها يحمحم بهدوء حتى التفتت له مبتسمة، فاقترب منها يقبل قمة رأسها ثم قال بنبرةٍ هادئة:

"كل سنة وأنتِ طيبة يا خوخة"

ردت عليه بنبرةٍ ضاحكة:

"وأنتَ طيب يا سيدي، خير ؟؟"

أخرج من جيبه ورقة بيضاء يمد يده لها وهو يقول بثقةٍ:

"نسيتي ولا إيه ؟؟ كل عيد كبير لازم تدعيلي دعوة وتاخدي اللي فيه النصيب، يلا نصيبي فين من الدعوة ؟؟؟"

ابتسمت له بتأثرٍ وهي تقول:
"ربنا يباركلي فيك وتفضل معايا علطول و متزعلش أبدًا في حياتك كلها و يباركلك في مازن و زياد و تشوفهم أحسن ناس في الدنيا و يجبر بخاطر قلبك فيهم"

لمعت العبرات في في عينيه تأثرًا بدعائها له، ثم اقترب منها يضمها إليه وهو يقول بنبرةٍ متحشرجة:

"ربنا يباركلي فيكِ أنتِ، يلا مدي إيدك في جيبي واللي تحسبيه خُديه"

مدت كفها بالكامل في جيب قميصه البيج، بينما قال هو يحذرها:

"لو غوطي إيدك هزعلك !!"

رفعت حاجبها تسأله بشرٍ:

"بتقول إيه ؟؟ سمعني كدا؟؟"

ابتسم لها بحبٍ ثم قال:

"خدي عُمري كله فداكِ"

امسكت بكفها أوراقًا مالية، فقالت ببراءةٍ:

"هما اللي طلعوا كتير أعمل إيه؟"

رد عليها مُبتسمًا:
"خديهم و ربنا يجعلهم في ميزان حسناتنا سوا، هتطلعيهم لله ؟؟"

حركت رأسها موافقةً بحماسٍ، فقبل رأسها ثم ربت على ظهرها، بينما هي تنهدت براحةٍ خاصةً حينما وضع رأسها على صدره كعادته منذ صغره.

دلف "ياسين" في تلك اللحظة وحينما رآهما قال بنفاذ صبرٍ:

"اللهم طولك يا روح على العلاقة الزفت دي، أقسم بالله بدأت أحقد بجد عليكم حاسب ياعم"

ابتعد عنها "وليد" وهو يضحك ثم قال بطريقةٍ تمثيلية يوجه حديثه لها:

"ربنا يكفيكِ شر المحروم من النعمة لما يشوفها مع غيره، اكمنه يعيني معندوش أخت بنت مش مقدر مشاعري ليكِ"

ضحكت "خديجة" على طريقته، بينما "ياسين" اقترب منه يضع يده على كتفه و نظراته توحي بالشر وهو يقول:

"العيدية بتاعتي فين ؟؟ هتاكلها عليا ولا إيه ؟؟ اطلع ياض"

قبله "وليد" على وجنته ثم قال بمرحٍ قاصدًا إشعال نيران غيظه وكأنه لم يسمعه:

"عن اذنك بقى هطلع اقعد مع ولاد أختي حبيبتي، وأنتَ اظبط الشاي وتعالى ورايا"

تحرك من المطبخ، فيما قال "ياسين" بضجرٍ:

"دا أنتَ مستفز"

_"بس حبيبك"

قالتها "خديجة" بمرحٍ فنظر لها بسخريةٍ ثم ضحك رغمًا عنه.
_________________________

في شقة "عمار" وصلوا رجال العائلة لديه يقومون بالزيارة لـ "خلود" كأول مرةً في بيتها الجديد منذ أن أصبحت زوجة "عمار".

كانت "خلود" تشعر بسعادةٍ بالغة وسطهم خصيصًا و "عمار" يجلس معهم يرحب بهم بأدبٍ و ذوقٍ ويقدم لهم المشروبات و الحلويات، فجلعها تشعر بالفخر أمامهم و هي تطالعه بوجهٍ مبتسمٍ.

رحلت العائلة من شقة "خلود" فأغلقت الباب خلفهم بعدما نزل معهم "عمار" يقوم بتوصيلهم وهي تتنهد براحةٍ وفرحٍ وهي تقبض على الأوراق المالية في كفها، فتح هو باب الشقة ودلف منه ثم اغلقه ومد يده لها يقول بثباتٍ:

"هتطلعي بالعيدية دي نقسمهم بما يرضي الله، ولا ازعلك يا خوخة؟"

حركت رأسها نفيًا ثم أضافت بلهفةٍ:

"أنسى العيدية دي بتاعتي أنا، مستحيل تاخد منها حاجة"

رفع حاجبيه يقول مستنكرًا:

"بقى كدا !!! طيب يا ست خلود"

اقتربت منه تقول بندمٍ:
"خلاص متزعلش، بس هتاخد الربع بس أكتر من كدا لأ"

رد عليها بقلة حيلة:
"ماشي يا ستي هاتي أي حاجة، أنا يعني هقول لأ"

اقتربت منه تجلس بجواره وقبل أن تقوم بفرز النقود خطفهم هو من يدها ثم ركض حتى صرخت بتذمرٍ ثم ركضت خلفه تقفز على ظهره وهي تقول بنبرةٍ جامدة:

"مليش فيه هات الفلوس، هات الفلوس كلها أنتَ غشاش ومش هديك حاجة، هات يا بارد"

سحبها هو نحوه حتى أصبحت مقابلةً له ثم سألها بنبرةٍ هامسة:

"تاخديهم وتاخدي قدهم مرتين كمان ؟؟"

طالعته بريبةٍ وهي تسأله:

"إيه دا ؟؟ ازاي دا ؟؟"

تشكل العبث على ملامح وجهه وهو يقول:

"قوليلي أعمل إيه علشان أشوف اللي ميمي بنت المحظوظة شافته ؟؟؟"

ردت عليه بضجرٍ:
"يوه بقى ؟؟ بطل سفالة وقلة أدب، طب أنا متربيتش ويوم ماحد رباني كان وليد، أنتَ إيه بقى ؟؟"

رد عليها بسخريةٍ:
"هو أنا مقولتلكيش ؟؟ مش أنا تربية عامر أخويا ؟؟ آه والله نفس الفصل بتاع السفالة وقلة الأدب، يرضيكي انحرف على كَبر بعد ما فضلت محترم قدام الكل؟"

سألته باهتمامٍ:
"هتنحرف على كَبر إزاي يعني؟"

حرك كتفيه ببساطةٍ وهو يقول:
"مش عارف والله، ادعيلي ربنا يهديني بقى وأبطل شقاوة"

امسكت سترته تحذره بقولها:
"تتشاقىٰ هنا وتقل أدبك هنا أنا راضية إنما تفكر بس مجرد فكرة كدا إنك تغلط برة، هزعلك"

ابتسم بانتصارٍ ثم حملها على ذراعيه بُغتتةً، فسألته بفزعٍ:
"نزلني !! بقولك نزلني هصوت وأقول إنك بتضربني وأنا محامية هبهدلك، شكلك متعرفش الفرق بين الحبس و السجن و هتتسوح"

رد عليها بثقةٍ لم تكن بمحلها:
"لأ عارف طبعًا هي دي محتاجة ؟؟"

سألته بحماسٍ:
"بجد؟ طب اقول فرحتني والله"

رد عليها بنفس الثقة يجاوبها:
"السجن للرجالة والحبس للجدعان، مش محتاجة يعني"

ضحكت بصوتٍ عالٍ على ثقته التي تتنافى مع القول الممازح، بينما سألها هو بنبرةٍ هادئة:

"انزلك بقى ولا أكمل لحد جوة؟؟ توصيلة ببلاش أهو"

حركت رأسها موافقةً ثم قالت بدلالٍ:

"حيث كدا بقى كمل لجوة و عدي على السفرة دي هات التفاح اللي عليها وبالمرة بقى المطبخ أعمل سندويتش علشان جعانة"

حرك رأسه موافقًا وهو يبتسم لها وقبل أن تظهر فرحتها أنزلها على الأرض وهو يقول بنبرةٍ جامدة:

"ورايا يا بت !!"

شهقت بدهشةٍ من كلمته ثم كررت خلفه باستنكارٍ:

"بت !! خد عليا أوي"

ركضت خلفه ثم قفزت على ظهره حتى ضحك هو وضع كفيه خلف يسندها ويحمل ثقل جسدها ثم ركض بها للداخل وهي تضحك مثل الطفل الصغير وهب طريقة تتعلق به بينما هو ابتسم بشرٍ ثم قال بنبرةٍ خافتة:

"الحمد لله نسيت العيدية، وبرضه هشوف اللي ميمي شافته"
_________________________

في شقة "حسن" كان يقوم هو بالتجهيز ترحيبًا بالعائلةِ وهو يعمل بفرحةٍ وحماسٍ شديد، فاقتربت "فاطيما" منه تناوله علبة العصير وهي تسأله:

"هتحط إيه تاني يا حسن ؟؟"

حرك كتفيه بحيرةٍ ثم رفع كفه يحك فروة رأسه، فأتت "هدير" من الداخل وفي يدها قالب حلوى قامت هي بصنعه فسألها هو:

"هدير ؟؟ حلو كدا ولا ابعت أجيب حاجة تاني ؟؟؟"

زفرت بيأسٍ ثم سألته بنفاذ صبرٍ:
"ألطم يا حسن ؟؟ اقسم بالله كدا زي الفل أوي أوي، نجيب إيه تاني طيب؟؟"

خرج "علي" لهم وهو يقول:
"ناقص بس نفتح محل وكدا تبقى فل أوي"

تحدث "علي" مُفسرًا:
"انتم مش فاهميني، أنا فرحان انهم جايين أكتر منكم، يعني عيلتي داخلة ليا كدا حاجة حلوة أكيد عاوزهم يكونوا مبسوطين، أنا بستنى زيارتهم دي أكتر منكم أصلًا"

ابتسمت له "هدير" وهي تقول بتفهمٍ:
"عارفين والله، وهما بييجوا هنا علشان أخوهم مش علشاني يعني، و ميمو جاي علشانك مش علشاني بس لو حد فيهم غلط و أداك العيدية هزعله، دي بتاعتي أنا"

رد عليها مستسلمًا:
"أنتِ صح، العيدية دي بتاعتك والعيلة بتاعتي أنا، أنا موافق يا حلوة الملامح"

ابتسمت بتعالٍ وهي تقول:
"شاطر يا أبو علي، ربنا يحرسك"

صدح صوت جرس الباب فعاد له الحماس من جديد وهو يقول:

"وصلوا يلا بسرعة"

تابعته "هدير" وهو يتجه نحو الباب قبل صغاره، حينها شعرت بسعادةٍ وهي ترى ارتخاء ملامحه عند رؤيته للعائلة يدلفون من باب الشقة وحماسه في الترحيب بهم.
_________________________

”في اليوم التالي“

هو اليوم المُخصص لزفاف "عبدالرحمن" وقد كان العمل على قدمٍ وساقٍ من قبل الشباب في شقة "ميمي" و معهم "وليد" بصغاره.

طرق "عبدالرحمن" باب الشقة ودلفها بوجهٍ مُقتصبٍ، فسأله "وليد" بتعجبٍ من حالته:

"مالك ياض ؟؟ حد زعلك على الصبح ؟؟؟؟"

رد عليه بضجرٍ:
"عمي المحروس على الصبح شايفني عريس نازل وفرحان، يقولي متجيش تعمل هيصة تحت البيت مش عاوزين حد يتكلم، و بنتي ثانوية عامة بتذاكر مش فاضية"

سأله "ياسين" بحيرةٍ:
"طب ما يمكن البنت فعلًا بتذاكر يا عبدالرحمن، عادي"

ابتسم بوجعٍ وهو يقول:
"بنته مش في البيت أصلًا يا ياسين، بنته عند خالتها في اسكندرية بتغير جو، هو قاصد ينكد عليا مش أكتر علشان ماخدتش واحدة منهم، يا أخي نكد عليا"

اقترب منه "عمار" يقف أمامه وهو يقول:
"اسمع يا عبدالرحمن علشان متعصبش عليك، فرح نفسك وفرح عروستك وسيبك من عيلتك دي، محدش فيهم ليه حاجة عندك، هتنكد على نفسك علشانهم ؟؟؟"

حرك رأسه نفيًا، فاقترب منه "وليد" يقول بخبثٍ:
"بقى عمك بيقولك مش عاوزين هيصة ؟؟؟ وماله"

نظر له "عامر" مُبتسمًا بخبثٍ وكذلك "وليد" الذي غمز له ففهم الأخر نظرته على الفور، بينما "عمر" ركض نحو الموسيقى يرفع صوتها وهو يقول بمرحٍ:

"دا محترم دا من بيت كرم دا....راجل على صاحبي أنا.....قد الكلام دا.... أسطورة جامدة....كاتب كتاب في الجدعنة"

ضحك "عبدالرحمن" وهو يرى الشباب يغنون مع بعضهم ويصفقون، بينما "ميمي" رفعت كفيها تدعو الله أن يحفظ فرحتهم وتتم بكل خير.
_________________________

بعد مرور بعض الوقت نزل الشباب مع بعضهم بصغارهم للأسفل، ولكن بدون "وليد" و"عامر".

وقف "خالد" يبحث عنهما بنظراته، حتى اقترب منه "ياسر" يسأله متعجبًا:
"هو إيه اللي حصل ؟؟ راحوا فين؟؟؟"

رد عليه "خالد" بقلة حيلة:
"هيكونوا فين ؟؟ أكيد فيه مصيبة نازلة على دماغنا أو اتصرفوا من دماغهم، على العموم هانت"

فور انتهاء جملته وصل "وليد" مع "عامر" بصغارهم، فسألهم "ياسين" بضجرٍ:

"كنت فين منك ليه؟؟ يلا علشان العروسة خلصت ويدوبك عبدالرحمن رايح على القاعة"

حرك كليهما رأسه موافقًا، بينما بدأ تحرك الشباب كما هو مُخطط حيث "عمار" يقود سيارة الزفاف و "عبدالرحمن" معه بها، بينما الشباب كلٍ منهم ينقل أسرته معه حيث مركز التجميل الذي تتجهز به العروس.

بعد القيادة و الضجة التي أحدثوها على الطريق أوقف "عمار" السيارة أمام المركز فنزل منها "عبدالرحمن" بلهفةٍ و خلفه "عمار".

حينها انتشر صوت الزغاريد فور وصوله و زاد التوتر على "مريم" حتى اقتربت منها "خلود" بزجاجة المياه تقدمها لها وهي تقول بنبرةٍ هادئة:

"أهدي، أهدي وخدي نفسك"

ردت عليها بلهفةٍ:
"خلود أنا شكلي حلو ؟؟ باين أني عروسة ؟؟"

تدخلت والدتها تقول بنبرةٍ ضاحكة:

"أنتِ عبيطة يا مريم ؟؟ ربنا يهديكِ يا بنتي و يشفي عقلك المريض دا"

دلف "عبدالرحمن" بعدما سمحت له العاملة، بينما "مريم" التفتت له على الفور تطالعه بشغفٍ وعينين لامعتين كما نجوم السماء، فابتسم "عبدالرحمن" رغمًا عنه، فكم كان الطريق صعبًا للغاية، لكن في نهاية المطاف وصل لها أخيرًا، اقترب منها يقبل قمة رأسها ثم طالع عينيها بشغفٍ وهو يقول:

"يمكن الطريق كان طويل عليا أوي علشان أوصل للحظة دي يا مريم، بس الحمد لله وصلتلها، مبروك عليا وجودك في حياتي"

ابتسمت بخجلٍ، بينما هو أمسك كفها يسير بها نحو الخارج فوجد والديه و شقيقته ينتظرونهما ليرحبون بهما بحبورٍ و فرحةٍ غلفت وجوههم.

رآها "عمار" تقف في الخلف على استحياءٍ فاقترب منها يقول بنبرةٍ هامسة:

"يا شيخة الواحد نفسه بقت بتروح لحاجات غريبة أوي، كل ما يشوف فرح ريقه يجري كدا"

رفعت حاجبها، فأضاف هو ببراءةٍ:

"مخك راح فين يا سكر؟؟ عليكِ من تاني، نفسي في فرحي عليكِ من تاني حاسس اني اتكروت أول مرة بصراحة"

ابتسمت له ثم ضمت ذراعه وهي تقول بنبرةٍ خافتة:
"خليك معايا بس كدا جنبي علشان متوترش، ولما نروح نعمل فرح على الضيق كدا، مرضي؟؟"

غمز لها ورافق غمزته تلك قوله:

"مَرضي يا سُـكر"

تحركت السيارات من جديد ومن المفترض أن تتجه نحو قاعة الزفاف لكن ما حدث أن السيارات جميعها قامت بتغيير المكان، فسأل "عبدالرحمن" صديقه الذي يقود السيارة و "خلود" بجواره:

"عمار ؟؟ العربيات راحت فين؟"

حرك كتفيه ثم قال بحيرةٍ:
"مش عارف بس وليد و عامر غيروا السكة وكلنا ماشيين وراهم، ممكن يزفوك شوية ؟؟"

رد عليه "عبدالرحمن" بقلة حيلة:
"طب خلينا وراهم كدا لحد ما نشوف أخرتها إيه، ربنا يسترها"

التفت لـ "مريم" يسألها بنبرةٍ هادئة:
"عرفتي بقى أنهم مكانش ينفع يكونوا معاكي يا مريم ؟؟ كانوا هيبوظوا فرحتك"

تنهدت بعمقٍ ثم قالت:
"كنت فكراهم بيحبوني، بس هما كانوا بيسخنوني عليك علشان عارفين إنك بتحبني وغيرانين، صدقني مش ندمانة غير أني كنت قكراهم صحابي"

ربت على كفها ثم قال بنبرةٍ هادئة:
"متزعليش نفسك هما الخسرانين، وجودك مكسب لأي حد يا مريم وأنا أول الكسبانين"

ابتسمت له ثم وضعت رأسها على كتفه وهي تتنهد براحةٍ، بينما حصل ما هو غير متوقع حيث توقفت السيارات في مقدمة شارع "عبدالرحمن" وبعدما التعجب على الجميع وخصيصًا "عبدالرحمن".

اقترب من سيارته "وليد" و معه "عامر"، فسألهما هو بدهشةٍ:

"هو إحنا هنا جايين نعمل إيه؟؟"

غمز له "وليد" وهو يقول بمشاكسىةٍ:

"جايين نعمل المراجعة النهائية"

ضحك "عبدالرحمن" بسعادةٍ بينما "خلود" وصلتها رسالةٌ من أحد المجموعات على موقع التواصل الاجتماعي، فضغطت على الاشعار ثم شهقت بحماسٍ وهي تقول:

"الحقي يا مريم، دول بنات الجروب صحابنا كلهم راحوا الفرح و مستنيينا هناك"

سألها "عمار" بتعجبٍ:
"جروب !! جروب إيه دا ؟؟"

ردت عليه "خلود" بمرحٍ:
"جروب Sunrise novels بنات كلهم صحابنا وراحوا الفرح".

نظر "عبدالرحمن" و "عمار" لبعضهما بحيرةٍ، بينما ارتفع صوت الالعاب النارية في السماء ليبدأ الإحتفال المصغر أسفل بيت "عبدالرحمن" أو ليبدأ العبث أيهما أقرب.

تعليقات



×