رواية تعافيت بك الجزء الثالث الفصل السادس عشر 16 بقلم شمس بكرى


 رواية تعافيت بك الجزء الثالث الفصل السادس عشر

”تراها من بعيد تبدو كهلال العيد”
_________________________

قام "ياسين" بتمرير السكين على عنق الماشية كما ورد في السُنة بالطريقة الصحيحة حتى ارتخى جسد الأضحية وقامت بتحريك كامل جسدها و الدماء تنثر من عنقها.

فيما قفز الصغار بمرحٍ و حماسٍ، فلهث "ياسين" بقوةٍ ثم قال:

"يلا يا عمار....أنتَ اللي هتدبح التاني"

_"نــعـم !! أنتَ بتدبسني ؟؟"

حرك رأسه موافقًا يثير استفزازه ثم أضاف:

"آه..... أومال أنا علمتك ليه؟؟ هقوم بالعجلين لوحدي ؟؟ أجهز يلا علشان العروسة تشوفك يا عموري"

كان "ياسين" يتحدث بخبثٍ فيما هز "عمار" رأسه موافقًا بقلة حيلة، ثم نظر لـ "خلود" وهو يقول بمرحٍ أمام الجميع:

"افرحي يا بنت المحظوظة، بوريكي كل النسخ مني في يوم واحد، أي خدمة"

ارتفعت الضحكات على حديثه، بينما هي ابتسمت له ثم أشارت بابهامه له، كأن كل شيءٍ على ما يرام.

أخرجت الأضحية الروح كاملةً وارتخى جسدها تمامًا، بينما "ياسين" تحرك مبتعدًا عنها وهو يقول بصوتٍ متقطعٍ:

"ارفعها يا خالد مع ياسر و قطعوا في المخزن و استنوا على التانية لحد ما أنضف هنا و نمسح الدم"

رد عليه "عامر" مُسرعًا:
"لأ أومال مين هيوقع التانية دي، حطوها في المخزن و خلي أبوك و أبويا يقعدوا جنبها، و أنا و أنتَ وهما نخلص التانية دي"

رد عليه "عمار" بسخريةٍ:
"ماهو قالك أنا اللي هدبح، يعني انتم ممكن تقطعوها وخلاص"

رد عليه "رياض" مسرعًا:
"لأ كلكم وقعوها مع بعض علشان عمار يدبح، يلا و ملكوش دعوة بالتقطيع، هبدأ أنا و فهمي نقطع سوا"

نطق "عُمر" بحماسٍ:
"حلاوتك يا حج رياض، هقف أقطع معاكم علشان خاطري"

رد عليه "فهمي" بنبرةٍ ضاحكة:
"ماشي، تعالى شوفني أنا وجدك رياض، تعالى معانا يا زين، خلي يونس هنا معاهم علشان يمسح الدم و يناولهم الخرطوم"

بعد مرور دقائق نقل الشباب الأضحية التي ذُبحت أولًا نحو المخزن، بينما "رياض" بدل ثيابه بأخرى و بجواره "فهمي" ثم بدأ كليهما في تقطيع اللحم وبجواره "عمر" و "زين" يقومان بمساعدتهما.
_________________________

في الداخل قام "ياسين" بإزالة آثار الذبح تمامًا ويعاونه في ذلك "يونس" و بقية الشباب، حتى انتهوا من ذلك فقال "ياسين" بثباتٍ وهدوء:

"هاتو التانية بقى، و نادوا عمر و زين علشان يتفرجوا هما كمان"

ركض "يزن" ابنه نحو المخزن الذي يقف به الرجال بعدما أخرجوا الماشية الأخرى، ثم قال بحماسٍ:

"يا عُمر يا زين...يلا علشان تشوفوا عمار وهو بيدبح"

ركض الصغيرين نحوه يصرخان بمرحٍ، و كذلك بقية اطفال الحارة، بينما "خالد" قام بفكها من المخزن الأخر بعدما أغلق عليها حتى لا ترى ذبح الأخرى.

دلف بها "خالد" و عاونه "يونس" نحو المدخل، لكن الصعوبة كانت باديةً منذ البداية حيث كانت أكبر حجمًا من الأخرى و كذلك أشد قسوة.

نظر لها "عمار" مُضطربًا بخوفٍ ثم ازدرد لعابه وهو يقول:

"هو أنا اللي هدبح دي؟؟شكلها صعب أوي، مش متطمن"

رد عليه "ياسين" بسخريةٍ:
"لأ مسمحلكش !! دي معمولها ماسك امبارح و متروق عليها عند عم أنور، دي قلبها أبيض اوي"

صدح صوت الماشية بقوة جعلت أجسادهم تجفل من ذلك الصوت، حتى قال "يونس" بمرحٍ:

"صادقة يا روحي من غير حلفان"

سأله "عامر" بسخريةٍ:
"أنتَ بقيت فاهم لغتها زي أبوك ؟؟ قالت ايه بقى ؟؟"

رد عليه بنبرةٍ ضاحكة:
"بتقولكم اتعاملوا معايا بحنية، أنا اتدفع كتير فيا"

ارتفع صوت الضحكات على سخريته، حتى قال "خالد":
"طب يلا يا ابن الظريف تعالى اربط معايا الحبل، اجهزوا"

أمسك الشباب الحِبال يقومون بعقده حول رجولها، بينما "عمار" خلع قمصيه ثم اقترب من "خلود" يقول بسخريةٍ:

"بوريكي كل حاجة أهو !! خليكي بقى كدا أنانية، أنا اجدع منك على فكرة"

حاولت كتم ضحكتها فيما ألقىٰ القميص على كتفها وهو يقول بضيقٍ زائفٍ:

"لو القميص اتكرمش هزعلك !!"

ردت عليه بسخريةٍ:
"مالكش دعوة، هكويهولك يا خفيف"

اقترب منها يهمس بنبرةٍ خافتة:
"ادعيلي علشان شكلها صعب، أوعي تدعي عليا تفرمني، سلكي نيتك"

ربتت على كتفه بسخريةٍ ثم قالت بتحذيرٍ:
"التيشيرت لو اتوسخ هتبقى مصيبة !! دا أبيض يا عمار"

تحدث هو بعد حديثها بتهكمٍ:
"على أساس أني داخل العب ساعة كورة في نادي ؟؟ فوقي يا سكر أنا داخل أدبح، ولا أنتِ خايفة بقى ؟؟"

سألها بنبرةٍ أهدأ فقالت هي بتأكيدٍ:

"أكيد طبعًا خايفة.... التيشيرت فاتح ولونه أبيض يعني هيطلع عين أمي"

دفعها بيده يمازحها محاولًا كظم غيظه ثم التفت فأوقفته بقولها:

"عمار...."

التفت لها يطالعها باستفسارٍ، فأضافت هي بوجهٍ مبتسمٍ:

"خلي بالك...."

أبتسم لها وقبل أن تتسع بسمته أضافت بمرحٍ:

"على التيشيرت"

عض شفته بتوعدٍ فيما راقصت له حاجبيها تثير استفزازه، فقال هو بتوعدٍ زائفٍ:

"ماشي.... ماشي يا منعنع"

اقترب "عمار" منهم ثم قال:

"يلا نيموا الجثة علشان نبدأ"

قال "عمر" بسخريةٍ:
"لسه مباقتش جثة.... هتبقى على إيدك إن شاء الله"

تجهز الشباب بالحبال عدا "ياسين" الذي وقف ينتظر فعلهم لِيُكمل معهم ويقوم بايقاعها، بدأ الشباب بالفعل حتى شعر "عامر" بالألم في مرفقه لذلك رفع صوته لابنه يقول:

"عُمر....تعالى شد الرِجل"

اقترب "عُمر" منه يقوم بشد البنطال من ركبة والده، فسأله "عامر" بتعجبٍ:

"أنتَ بتعمل إيه يا متخلف؟؟"

"بشد الرِجل زي ما طلبت مني"

انفعل "عامر" وهو يقول:
"بتشد رجلي أنا ليه ؟؟ شد معايا رجل الجاموسة بالحبل يا أهطل"

انتبه له "عمر" لذلك قال بلهفةٍ:
"آه معلش، مفطرتش والله يا حج، حقك عليا"

 ضحك "عامر" رغمًا عنه فيما قال "ياسين" بنبرةٍ عالية:

"شدوا يلا يا رجالة"

قام الثلاثة بشد الحبال فيما دفعها هو بيده حتى سقطت أرضًا، فقفز عليها "ياسين" و جاوره "يونس" يكبلان حركتها، فاقترب "عمار" في الخفاء يمسك عنقها وهو يقول بنبرةٍ عالية:

"بسم الله... اللهم هذا منك ولك.... الله أكبر بسم الله..... حـــلال الـلـه أكـبـر"

فور انتهاءه بالحديث، أخرج السكين من خلف ظهره ثم مررها على عنقها فجأةً حتى ظهرت الدماء وقبل أن يقوم الشباب، رفع "ياسين" صوته بنبرةٍ عالية:

"مــحـدش يــتـحـرك !! هتفرتكنا كلنا لو حد قام، خليكم"

ازدادت مسكة الشباب لها و بالفعل كما هو متوقع حاولت الدفع بعنقها، حيث أوشك "ياسين" على الاصطدام بالحائط لكنه اخفض رأسه بسرعةٍ كبرى ثم قال بصوتٍ عالٍ:

"ابعدوا عنها علشان تفرفر"

ابتعد عنها الشباب حتى أخرجت الروح تمامًا وهي تحرك جسدها تحتك بالأرض أسفلها، فقال "ياسر" وهو يُشمر ساعده و يرفع اكمامه:

"يلا علشان نشفي و نقطع....استعنا على الشقا بالله"

ضحك عليه الشباب فسأله "ياسين" بمرحٍ يمازحه:

"تموت أنتِ في الفقرة دي، على قلبك زي العسل"

حرك "ياسر" رأسه موافقًا ثم أمسك أدوات الذبح و التقطيع وهو يقول ورايا يا رجالة"

حملوا الذبيحة الأخرىٰ يتوجهون بها لنفس مكان الثانية، فيما قام "يونس" برفع بنطاله ثم أمسك أدوات التنظيف و المسح وهو يقول بنبرةٍ مرحة:

"يلا لقد حان وقت التنظيف، مين هيعمل معايا يا رجالة"

ركضت نحوه "جاسمين" تقول بحماسٍ:
"أنا بص همسك الخرطوم طالما مدبحتش معاهم، ماشي ؟؟؟"

ابتسم لها ثم حرك رأسه موافقًا، فاقتربت منهما "نـغم" تقول بحماسٍ:

"عاوزة أقف معاكم هنا ينفع ؟؟ بس مش همسح علشان بقرف"

ابتسم لها "يونس" ثم وضع لها المقعد البلاستيكي الصغير وهو يقول بنبرةٍ ضاحكة:

"اقعدي هنا علشان متتبهدليش، و أنا همسح الدم و جاسمين تمسكلي الخرطوم"

حركت رأسها موافقةً ثم جلست بجواره على المقعد فيما أمسك هو أداة المسح ثم اقترب من "جاسمين" يقول بنبرةٍ هادئة:

"ثبتي الخرطوم هنا و أنا همسح على البلاعة بس حاسبي تبهدلي نفسك، ماشي ؟؟"

حركت رأسها موافقةً وهي تبتسم له بينما اقترب "يزن" يقول بضجرٍ:

"أنا عاوز أعمل أنا كمان اشمعنا هي ؟؟ اصلًا هي مش هتعرف ولو فتحت الخرطوم هتبهدل الدنيا"

رد عليه "يونس" مُسرعًا:
"لأ بقولك إيه ؟؟ مش وقتك خالص روح مع زين و عمر أمسك وقطع مع جدو رياض، حلو كدا ؟؟"

حرك رأسه موافقًا بحماسٍ ثم ركض للخارج بينما "يونس" فتح المياه من خلال الصنبور الموضوع ثم وقف ينظف المدخل الرخامي و "جاسمين" بجواره تمسك خرطوم المياه وهو يمسح أمامها بينما "نـغم" قفزت تقول بحماسٍ:

"أنا هطلع أجيب عصير، أجيبلك عصير معايا يا يونس ؟؟ فيه كتير فوق"

ابتسم "عمار" وهو يقول بنبرةٍ ضاحكة:

"اللي اعرفوا إن الصنايعي إكراميته شاي، عصير دي جديدة عليا"

ضحكت الفتيات عليه بينما هو قام بتدوير "الماسحة الخشبية" في كفه وهو يقول لزوجته:

"ما تطلعي تعمليلي كوباية شاي علشان يومنا لسه طويل ؟؟"

حركت رأسها موافقةً ثم التفتت حتى تصعد للأعلى فأوقفها بقوله المرح:

"وياريت لو تحطيلي فيه نعناع، أصلي طول عمري بحب الشاي يبقى منعنع" 

ركضت نحو الأعلى بخجلٍ من بقية الفتيات، فيما قالت "خديجة" بسخريةٍ:

"خلود بقت بتتكسف و عمار اللي يكسفها ؟؟ لقد هرمنا والله، دا كان حلم بعيد بجد"

رد عليها "عمار" بنبرةٍ ضاحكة:
"فعلًا دعوة عرفات اللي فات ربنا استجاب ليها، و بقت معايا"

سألته "سارة" بسخريةٍ:
"وهي إيه الدعوة إن شاء الله ؟"

رد عليها مُفسرًا بمرحٍ:
"كنت بدعي ربنا يجمع لحمتنا في حلة شوربة واحدة"

ضحكت عليه الفتيات، فسأله "يونس" ببلاهةٍ:

"يعني ندعي بيها على ضمانتك؟ أنا صاحبك حبيبك أوعى تسوحني ؟؟؟"

سألته "إيمان" بخبثٍ:
"هتدعي لمين يا قلب عمتو؟؟"

رد عليها بخبثٍ يماثلها:
"لشباب المسلمين يا عمتو ربنا يكرمهم كلهم بالحلال، مخك راح فين بس ؟؟"

ابتسمت له باستفزازٍ وهي تقول:
"مراحش في حتة يا قلب عمتو، ربنا يكرم الشباب كلهم بالحلال يا رب"

كانت "خديجة" على علمٍ بما يدور حولها لذلك قالت بنبرةٍ ضاحكة:

"أنا هطلع اسخن الأكل و أحط الشوربة علشان نفطر و الرجالة تفطر برضه، عن اذنكم"

صعدت للأعلى فقابلتها "خلود" تمسك صينية الشاي وهي تقول:

"أنا عملت شاي لكل الرجالة أهو، بس حطيت السكر برة علشان معرفش بيحبوه إزاي"

استحسنت "خديجة" فعلها ثم تحركت نحو شقة "ميمي" خاصةً المطبخ تقوم بالتجهيز للطعام، و قد اندمجت فيما تفعله حتى استمعت لصوت باب الثلاجة يفتح خلفها، فالتفتت تقول بفزعٍ:

"حرام عليك يا ياسين خضتني، طب كُح ولا غني ولا اعمل أي حاجة، حرام عليك"

رفع حاجبه بسخريةٍ، ثم قال بنبرةٍ تهكمية:

"يا سلام ؟؟ هو حد يقدر يطلع هنا غيري كدا ؟؟"

قبل أن ترد عليه صعد "عمار" يمسك في يده طبقًا من اللحم وهو يقول بتعبٍ:

"معلش يا أم يزن، عمو رياض بيقولك دا هيتسوى علشان نتغدا بيه، امسكي"

ابتسمت له وهي تمسك منه الطبق، بينما "ياسين" رمش باحراجٍ حتى خرج "عمار" من المطبخ، فقالت هي بسخريةٍ:

"محدش هيقدر يطلع هنا فعلًا، مش قادرة أقولك إزاي دي منطقة محظورة"

اقترب منها مبتسمًا وهو يقول:
"خدتيني في دوكة كدا ومقولتش كل سنة و أنتِ طيبة، ولا حتى خدتي عيدية، إيه النضج دا ؟؟"

ابتسمت بقلة حيلة وهي تقول:
"هعمل إيه يعني ؟؟ خلاص كبرنا بقى يا ياسين، كل سنة و أنتَ طيب بقى"

أخرج من جيبه ورقة نقدية يضعها في يدها وهو يقول بنبرةٍ ضاحكة:

"خُدي دول بقى مشي حالك بيهم، لحد ما أكل الفتة بقى و أفوق و اوزع العيدية، كل سنة و أنتِ طيبة يا كتكوتة"

اتسعت ابتسامتها أكثر وهي تقول:

"و أنتَ طيب يا رب، ربنا يخليك لينا و يبارك في عمرك إن شاء الله"

اقترب هو يقبل رأسها ثم قال بنبرةٍ هادئة:

"إن شاء الله، ربنا يبارك فيكم ويقدرني و افرحكم إن شاء الله علطول، وافضل ألم وراكي كتير"

ردت عليه بنبرةٍ ضاحكة:
"ماهو كدا كدا يعني ؟؟ مش بمزاجك يا مهلبية"

غمز لها بمشاكسىةٍ ثم قال بنبرةٍ خافتة:

"تَراها وَتظلُ حائرًا، أهيَّ شمسٌ مُشرقةٌ قَد سَطُعَت أمَّ أن أهِلة الأَعَّيادِ بِضِحكَتِها لِتوِها طَلُعَت"

رفعت عيناها نحوه فغمز مشاكسًا لها وهو يقول:

"خلاص يا ست الكل طالما سكتي يبقى كدا اتثتبي"

حركت رأسها موافقةً وهي تكتم ضحكتها، بينما هو تنهد بعمقٍ ثم قال بمرحٍ:

"كدا عيدت عليكِ، و ثبتك و غازلتك، عن أذنك بقى أروح اكمل التقطيع مع ياسوري و عموري، عاوزة حاجة يا ست الكل ؟؟؟"

حركت رأسها موافقةً وقبل أن تنطق و تطلب منه، قال هو بمرحٍ يشاكسها:

"طب سلام عليكم أنا كنت عارف إنك مش محتاجة حاجة مني"

خرج من المطبخ بينما هي ضربت كفيها ببعضهما وهي تقول:

"كنت هقوله يجيبلي الحَلة أبو طويلة، هجيب مين بقى يجيبهالي"
_________________________

في بيت آلـ "الرشيد"

كانت الأوضاع مرحة و مُسلية للغاية حيث قام الشباب مع بعضهم بمهمة الذبح بواسطة "وئام" الذي تعمد فعل ذلك بعدما تعلمها من "ياسين" ذات مرةً.

نزلت "هدى" ترمقه بفخرٍ وهي تقول بنبرةٍ مرحة:

"سيبك أنتَ شكلك كان حلو اوي و أنتَ بتدبح، كنت كاريزما وسكر، ابقى اعملها تاني وغلاوة مروة بقى"

ضحك على طريقتها وهو يقول:
"عملت إيه يعني ؟؟ دبحتها كأني بدبح فرخة بالظبط، حاضر المرة الجاية هخليكي تشوفي و تفرحي مرضية كدا يا عيون وئام؟"

انتبهت لما قاله فسألته بتعجبٍ:
"عيون وئام ؟؟ من بدري مسمعتهاش منك، كنت بحبها منك أوي، قولت زهقت مني ومنها"

حرك رأسه نفيًا ثم تنهد بعمقٍ وقال:

"يا شيخة حرام عليكِ، ازهق منك برضه ؟؟ دا أنتِ اسم على مسمى كان زماني من غيرك خارب الدنيا، اتنيلي يا هدى"

ابتسمت له وهي تقول بنبرةٍ ضاحكة:
"هو أنا سبحة قصادك ؟؟"

حرك رأسه نفيًا ثم أضاف:
"لأ....بس أنتِ سبب كفيل يخليني أقوم نفسي و أصلحها علشانك، طلبتك من ربنا وهو كرمني بيكي و بعيالي، حاليًا بقيت المعلم وئام الجزار، حلو كدا ؟؟"

ضحكت له فاقترب منه "وليد" يسأله بتعجبٍ:

"حسن بيشفي جوة، عاوز اسألك بقى هنروح لبنات العيلة أمتى نعيد عليهم ؟؟ نروح النهاردة؟؟"

عقد "وئام" ما بين حاجبيه يسأله باستغرابٍ:

"النهاردة ؟؟! إزاي وهدير معانا هنا، وخديجة وخلود عند ميمي؟؟ و باقي البنات هنا؟؟"

رد عليه "وليد" بضجرٍ:
"أنا لو روحت مش هرجع غير بعد اجازة العيد، نخلص المشوار النهاردة و نخلص وهدير نروحلها في أي يوم وخلاص"

انتبه لهما "طارق" لذلك اقترب منهما يقول بضجرٍ منه:

"نفسي تبطل اندفاع مرة واحدة في حياتك !! دلوقتي لما ندخل على البنات بيوتهم و نفرحهم أكيد دا هيفرق معاهم، إنما نتغابىٰ ليه ونروح عند الناس؟"

رد عليه "وليد" بضجرٍ:
"علشان بعدها فرح عبدالرحمن ومش هنفوق وبعدها الشغل و زحمته، وبعدها عزومة عمك محمود بتاعة كل عيد، هنروح أمتى ؟؟؟"

حك "طارق" فروة رأسه، فاقترب "أحمد" يقول بتهكمٍ:

"أنا كريه ما على قلبي الغباء، ما نروح الصبح يا اغبيا ؟؟ بعدها نيجي نشوف الحنة بتاعة عبدالرحمن، شوفتوا الحل سهل أوي ازاي ؟؟ خديجة و خلود في شارع واحد، وهدير بعدهم بحاجة بسيطة، متصدعوناش"

تحرك من أمامهم بضجرٍ وهو يرمقهم بسخطٍ، فيما تشدق "وليد" بنذقٍ:

"الواد دا بقى أذكىٰ مني ولا أنا اللي كنت بتغابىٰ ؟؟"

رد عليه كلٍ من "طارق" و "وئام" في آنٍ واحدٍ بنفس الصوت:

"لأ أنتَ اللي بتتغابىٰ...يا غبي"

رفع حاجبه بشرٍ وهو يقول:

"آه....كنت بحسب"

ضحك كليهما وهو معهم، وفي تلك اللحظة اقترب منهم  "علي"  بخوفٍ يركض من الشارع الأخر، فسأله "وليد" بتعجبٍ من مظهره:

"مالك فيه إيه؟؟"

رد عليه "علي" وهو يلهث بصوتٍ مُتقطعٍ:

"مازن و زياد اتخانقوا في الشارع اللي ورانا و العيال عاوزين يضربوهم، و معاهم فاطيما و فارس"

انتبه له الشباب بينما "وليد" ركض مسرعًا وخلفه بقية الشباب نحو الشارع الأخر.
_________________________

في شقة "ميمي" اجتمعت الفتيات و معهن الصغيرات و السيدات يتناولن الفطور، و تتوسطهن "ميمي" التي قالت بفرحةٍ:

"ما شاء الله متجمعين علطول في الخير يا رب، ربنا يحفظكم ويبارك ليكم كلكم في أولادكم، سواء الستات الكبيرة أو البنات الصغيرة"

ردت عليها "زينة" بمرحٍ:
"ويخليكي لينا يا تيتة و نفضل نيجي هنا علطول و أنتِ معانا"

ابتسمت لها وهي تقول بتمني:
"يا رب يا زينة البنات، بس تفتكري أنا هعيش كل دا ؟؟"

ردت عليها "يسر" بحماسٍ:
"بابا قال أي حاجة عاوزينها نقول يا رب ونطلب اللي نفسنا فيه، ممكن كلنا نقول يارب تيتة ميمي تفضل معانا علطول ؟؟"

شهقت "جاسمين" بفرحةٍ وهي تقول:
"أنا بقول كدا علطول، بقول يارب متوهش من ماما زي المرة اللي فاتت...لما جيبنا هدوم العيد، و يارب مشمـ....مأشمـ....يلهوي اسمها إيه ؟؟؟"

سألتها "خلود" بنبرةٍ ضاحكة:
"هي إيه ؟؟ قصدك مأمشيش ؟؟"

حركت رأسها موافقةً بحماسٍ ثم قالت:
"أيوا صح برافو عليكي هي دي يا خلود....بس مش هقولك شاطرة، علشان مقعدتيش جنبي"

اقتربت منها "خلود" ثم جلست على المقعد و أجلستها على قدمها وهي تقول بمرحٍ:

"بس أنا مقدرش ازعلك بقى"

قبلتها "جاسمين" على وجنتها، بينما "نـغم" قالت بمرحٍ:

"ينفع نصوركم علشان دي اول مرة متتخانقوش سوا ؟؟ يارب تفضلوا كدا علطول"

ارسلت لها "جاسمين" قبلة في الهواء ثم قالت:
"خدي بوسة أنتِ كمان علشان بحبك برضه وبحب يسر و زينة و كله بقى وخلاص"

ضحكت عليها الفتيات، بينما "زهرة" قالت بحماسٍ:
"إن شاء الله السنة الجاية تفطروا من غيرنا و نكون كلنا روحنا الحج ونقف على عرفة"

سألتها "جاسمين" بحماسٍ:
"هتكوني زي الناس اللي شوفتهم امبارح ؟؟ عاوزة أروح معاكي، ممكن ؟؟"

تدخلت "سيدة" تقول بنبرةٍ ضاحكة:

"إن شاء نخلي العيال يسرقوا بنك و نروح نعمل حج كلنا، علشان يكفي"

سألتها "زينة" بتعجبٍ:
"مش كدا حرام ؟؟"

ردت عليها "سيدة" ببراءةٍ:
"ماهو الغرض شريف، رايحين عُمرة"

تدخلت "عفاف" تقول بضجرٍ:
"هتفسدي العيال اسكتي يا سيدة، هيفتكروا إن السرقة حل لكل حاجة"

ردت عليها "يسر" بمرحٍ:
"أنا كل يوم بسرق بابا وبروح أقوله أني سرقت علشان حرام، يونس قالي أقوله علشان متبقاش حرام"

نظروا لها بتعجبٍ فقالت بلهفةٍ:

"يونس اللي قالي أقوله والله، هو مينفعش أقوله ؟؟"

ابتسمت "ريهام" بسخريةٍ وهي تقول بتهكمٍ:

"ما شاء الله مشكلتها انها بتقول لابوها مش إنها بتسرق، نبيهة زي اللي خلفتك"
_________________________

في الأسفل جلسوا الرجال يتناولون الفطور قبل استئناف العودة إلى التقطيع و التوزيع كما عادتهم في ذلك اليوم، بينما "عمار" صدح صوت هاتفه برقم "عبدالرحمن" فستأذن منهم و ترك الطعام يجاوب على المكالمة فوصله قول صديقه يقول باختناقٍ:

"عمار أنا مخنوق.....و مش عاوز أكمل الفرح"

اتسعت عينيه بدهشةٍ وهو يقول:
"دلوقتي يا عبدالرحمن ؟؟ بعد كل دا جاي دلوقتي عاوز تسيب الفرح ؟؟ مالك يابني؟؟"

رد عليه بنبرةٍ أقرب للبكاء:
"مش لاقي حد يقف معايا، مفيش غيرك أنتَ بس، بكرة الحِنة ومش لاقي حد أعزمه، حتى عمامي وعماتي بعزمهم بعد الصلاة محدش باركلي، فرحتي مطفية يا عمار"

تنهد "عمار" بضجرٍ ثم قال بصوتٍ غلبه الحزن:
"حقك عليا أنا منهم كلهم، أنا معاك زي ماقولت، علشان خاطري متزعلش نفسك وافرح و فرح عروستك"

مسح "عبدالرحمن" وجهه ثم قال بصوتٍ متحشرجٍ:
"كان بِــ وِدي والله بس غصب عني، أنا معرفتش أعمل إيه علشان كدا كلمتك، توهت ولقيت نفسي بكلمك...سلام يا عمار". 

قبل أن يوقفه "عمار" قد سبقه "عبدالرحمن" وأغلق الهاتف، بينما "عمار" نظر للشباب بتمعنٍ ثم قال بعدما رفع صوته:

"شباب هو أنا لو عملت حاجة تزعلكم مني هتعملوا إيه؟؟"

نظروا له بأكملهم، فقال هو ببراءةٍ:

"أي حاجة أي حاجة...هتزعلكم؟"

حركوا رأسهم بموافقةٍ فقال هو بمرحٍ زائفٍ ألبسه وشاح البراءة:

"حبايب قلب اخوكم...على البركة"

تعليقات



×