رواية عشق الصقر الفصل السادس عشر 16 بقلم سارة حسن


رواية عشق الصقر الفصل السادس عشر  بقلم سارة حسن 


في وقت الغروب و قد اوشك الليل علي إسدال ستائرة لحجب الشمس بنورها ، تقف ناظرة لسطان الذي يركض في المحيط المتاح له و من حوله ذلك السور الخشبي و المستندة عليه تتأمله.

تنهدت و عينيها تنظر لابعد من ذلك السور الخشبي، تحاول ان تكسب شقيقتها و لكن نظراتها العدائيه دائما ما تظهر لها كره لم تصنعه يوماً.... 

رغم محيطها الهادئ، الا انها تشتاق لمكان مولدها، عائلتها الصغيرة والدها و والدتها، ذلك الدفئ الذي افتقدته رغم محاولة جدها و عمها بتعويضها ذلك ، الا انها تشعر بتلك الانقباضه في يسار صدرها دون سبب. 

ابتسمت لسلطان الذي اصدر صهيلًا عاليًا  مستمتعًا بحركته الحرة، كم يشبه صاحبه! 

قوي و مسيطر ، هادئآ و متهورًا، تراه مغرور لكن مع من يطلب المساعده يكون في منتهي اللين و الرحمه، عينيه في غضبه كا ليل سماء ملبدة بالغيوم ، اما هدوءه صافيه في ليله مقمرة. 

ضربت علي جبينها بخفه، تخشي علي نفسها من وصولها ان اصبحت تتغني به في فكرها. 

زاد صهيل سلطان و ازدادت حركته غير المعتاد، التفت خلفها و جدته قادمآ، تحفزت مستعده لاعتراض منه علي خروجها كا كل مرة. 

وقف بجانبها بمسافه كافيه و مد يده لسلطان بقطع السكر الذي التهمها الآخر بسعادة. 

قال صقر بهدوء : واقفه بقالك كتير اوي ، حتي ما اتحركتيش من مكانك 

التفتت برأسها اليه و لهيئته ، ذلك الجلباب و تلك العباءة حول كتفيه و عمامته، لم تكن تتخيل في احلامها ان تنجذب لرجل مثله يوما ما. 

خرجت من شرودها علي صوته مجددا : ايه الي واخد تفكيرك اوي كده 

_ انت هنا من امتي؟ 

تكلم صقر و اجابها : من وقت ما وصلتي 

تسائلت كارما: غريبه ما شوفتكش

اجابها و هو يمسح علي رأس فرسه: كنتي غرقانه في تفكيرك، ما حبتش اقطع قعدتك مع نفسك 

ابتسمت بهدوء و قالت : و ايه اللي خلاك تقرر تظهر دلوقتي 

نظر اليها و قال صقر : ايه اللي شاغل بالك و مخليكي واقفه لحالك كده 

بادلته النظر بعينين حائرتين و قالت : مش عارفه

قضب جبينه و هتف: مش عارفه ايه؟ 

تنهدت و احتارت في إجابتها، ثم قالت بأندفاع: و تفتكر انت الشخص المناسب اللي ممكن احكيله 

اجابها علي الفور بنبرته الواثقه: انا اكتر شخص هاتلاقيه فاهمك

ارتبكت قليلا و قالت مستنكرة: مش صح علي فكرة 

ابتسم بجانب فمه و قال صقر : كل واحد ادري بحاله 

استدارت له بكامل جسدها باندفاعيه غير مبررة: مش ها تبطل غرورك ده 

فعل المثل و قف قبالتها مجيبًا: تبقي بتكذبي علي نفسك لو مصدقه انه غرور

قبضت بيدها علي السور و هتفت: يعني ايه

نظر لها تلك النظرة التي زلزلتها، و كأنه يقر بشئ لم ينطقه لسانه بعد، شئ لم يظهر للنور لم يخرج من بين ثنايا قلبه، و لكن ظهر في عينيه بلغه ابلغ من الحديث

اخفضت عينيها و دارت برأسها عنه، و لم تسيطر علي تلك الرعشة البارده التي اصابتها . 

خلع صقر عنه عباءته الصوفيه و القاها علي كتفيها ثم عاد لوقفته مرة اخري. 

اغمضت عينيها لا تعرف تأثرا بدفئ عباءته ام رائحته التي تغلغلت لانفها دون رحمه. 

مر وقت قصير ، قالت كارما بصوت خافت: يالا نرجع

اوما برأسه و صارت بجانبه، في نفس الطريق الذي شاهد إصابته، نظرا لبعضها و عادت هي براسها مرة اخري و لم تري تلك الابتسامه النادرة و الخاصة بها ، و عند اقترابها من البيت خلغت عباءته قائله في خفوت: شكرا 

و لم تنتظر اجابته و هي داخله للبيت الكبير. 

،،،،،،،،،،،،،، ،،،، 

أنا عاتب عليك يا بن رحيم 

ضحك صقر مقبلا رأس جده و قال : كله الا عتابك يا جدي ماقدرش عليه 

لوي عتمان فمه و قال : غايب ليه عني

جلس صقر قبالته و قال : بشوف الشغل المتأجل من وقت الحادثه 

نظر له عتمان و قال : و انا مش واعيلك يا بن رحيم 

اخفض صقر عينيه و قال : مافيش حاجه تتقال يا جدي 

ثم التقط تلك الصورة بجانب جده و قال مبتسمآ: كل ما ادخل عليك لوحدك تكون بتقرا قران او ماسك صورة ستي الله يرحمها 

اخذها منه عتمان و وضعها بجانبه بحرص قائلا بخفوت: دي اللي بتصبرني لحد ما يجي معاد اللُقا

تسائل صقر و قال : لو كانت عايشه، كنت هاتفضل تحبها كده 

تنهد عتمان و قال بحنين: لو كانت عايشه عمر ما حبي ليها كان ها يقل ، مهما عشت 

تكلم صقر متحيرآ : امتي عرفت انك عشقت 

_ لما القلب يتنفض وقت ما تشوفها، لما تحس بحزنها من غير ما تحكيه، و عينيك تدور عليها في كل مكان ، لما تعرف انها الشق التاني لروحك 

تاه صقر بحديث جده ، و شعر أنه الُقي في ذلك السحر. 

هو الذي دائما ما كان قلبه ملكه و لا سبيل ليهبه لأي من كانت من بنات حواء ، حتي انه كان يتعجب من اقوال البعض عن العشق و الهوي ، و لكن الغريب ان لاول مرة يستمع لحكاوي جده و يشعر انه يتفهما و مدرك معانيها، يشعر انها توصف تلك الاحاسيس بداخله ، التي تحدث معه لاول مرة . 

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

خرجت للحديقه تقطف بعض من وريقات النعناع، فجاءه سقطت تلك الكرة بجانبها و تعالا صريخ الاطفال علي الجهه الاخري من السور لفقداهم الكرة. 

ضحكت كارما و جذبتها و توجهت لهما من البوابه و التي كانت مفتوحه، هلل الصغار بفرح لعدوة كرتهم مرة اخري، 

القتها كارما اليهم فاندفعوا مرة اخري باللهو بها كا مباراة بينهم. 

التفت الداخل و لكن توقف لذلك الذي وجدته قبالتها قائلا: حظي حلو اني شوفتك

عادت بخطوتها للخلف و قالت بضيق: عايز ايه 

قال مجد متعمدا اسلوبآ مهذب: كان نفسي اشوفك تاني عشان اعتذرلك ، انا فعلا كان اسلوبي وحش جدا

قالت كارما بأختصار : حصل خير 

هتف مجد مجددا: مش حابب يكون في بينا اي عداوة او سوء تفاهم 

ردت كارما بإيجاز : خلاص مافيش حاجه 

_مجد

انتفضت كارما مكانها من ذلك الصوت القوي الغاضب من خلفها، التفتت لصقر الذي آتي بخطوات واسعه هاتفآ: ايه اللي بيحصل هنا 

ابتسم مجد و قال ببرود : كنت بعتذر للانسه كارما علي اللي حصل المرة اللي فاتت

تعال صوت صقر جهوريآ مناديآ علي احدي الغفر معنفآ: انا قولت اكتر من مرة البوابه ما تتسبش مفتوحه و ماحدش يسيب مكانه علي البوابه 

تلجلج الغفير امام غضب سيده ، التفت صقر لكارما آمرآ: ادخلي جوا 

لم تستخدم كارما عنادها الآن، دخلت دون جدال من غضبه 

قال مجد ببرود متعمد: ايه اللي بتعمله ده يا صقر، دي مش اصول 

احتدت عينيه و هتف به غاضبا: و الاصول انك تقف علي باب الدار تكلم الحريم، لو انت يا مجد ما تعرفش الاصول انا اعلمهالك

اجابه مجد قائلا: انا عشان عارف الاصول جيت استاذن صحاب الدار و ابلغهم اني جاي مع ابويا و عمامي الليله 

قضب صقر جبينه و قال : خير 

ابتسم مجد بأستفزاز: ايه مابتستقبلوش ضيوف 

هتف صقر بعينين كادت تحرقه: دار الجارحي مفتوحه لأي حد

اوما له مجد و اشار بأصبعيه تحية و تحرك من امامه. 

نظر صقر من خلفه بغضب و اندفع للداخل، قابلته كارما التي مازالت واقفه علي درج باب البيت، وقف قبالتها هاتفآ بها بحده : ايه طلعك من الدار 

رفعت سبابتها وقالت بحذر: ممكن تهدي شويه 


احتد صوته اكثر قائلا: ايه طلعك برة، و ايه وقفك معاه 

رمشت بعينيها عدة مرات من اندفاع كلماته و قالت : ايه بينك و بينه بتكره كده 

كاد يجن منها و من اسألتها في ذلك التوقيت الغير مناسب كليآ. 

انفعل صقر اكثر قائلا: اكره و لا احبه يخصك في إيه، كنتي واقفه معاه ليه 


اجابته كارما و قالت : ماكنتش واقفه، كنت بطلع الكورة بتاعت الولاد اللي بيلعبوا برة و لاقيته في وشي، كان بيعتذر عن طريقته اخر مرة 

قال صقر من بين اسنانه : و لما شوفتيه ما دخلتيش ليه، و تطلعي ليه من اساسه 

هتفت قبالته قائله : صقر انا مش محبوسه علي فكرة ، ايه يعني لما اخرج برة البوابه انا ما اتحركتش من قدامها 

صمت قليلا ، فا ظنت ان نوبة عصبيته لم تنتهي ، و سيطولها بعض من غضبه او كلماته اللاذعة ، لكن اندهشت عند همسه الخافت لها : انا خايف عليكي 

رفعت عينيها اليه و تسائلت بقلب مضطرب: من ايه 

كانت إجابته الصادقه: من كل حاجه، من اي حد ممكن يفكر انه يمسك، من اي أذي ممكن يطولك، من نظرة خبيثه تشوف طرفك 

اضطربت و تبعثرت الكلمات هنا و هناك، لم تنتظر اكثر و ركضت امام عينيه لداخل الدار، و عينيه تبصرها يتمني لو اتخذت بين جفونه مسكنآ

الفصل السابع عشىر من هنا

تعليقات



×