رواية تعافيت بك الجزء الثالث الفصل الخامس عشر 15 بقلم شمس بكرى


 رواية تعافيت بك الجزء الثالث الفصل الخامس عشر

_”بلاقي فيكِ الونس و أنا الغريب في الدنيا دي”
_________________________

_”يلــهواي....العجول هــربت"

صرخ "يونس" بتلك الجملة حينما قفزت الماشية الأولىٰ و الأخرىٰ خلفها، وفي ذلك الحين سادت لحظات الهرج و المرج وسط الصرخات العالية من الكِبار قبل الصِغار، لذلك ركض الشباب خلف بعضهم يحاولون الإمساك بالأضاحي التي ركضت كما الخيل الجامح فلم يعد يقو أي هزيلٌ على مواجهته.

صرخت الفتيات في الأعلى و تباينت ردود أفعالهن ما بين الضحكات و بين الخوف خاصةً وسط الصرخات من النساء و الشباب في المنطقة، و كل ذلك و الشباب يحاولون ملاحقة أيًا من الأضحيتين حتى اقترب "عامر" من الحبل المربوط في عنق إحدى الأضحيتين، لذلك أمسكه بيده ظنًا منه أنه سيطر عليها، لكنه تفاجأ بها تقفز فوق الحجر الموضوع و تحسبه خلفها حتى اصطدم ببطنه في شوارع الطرقات وهو يصرخ متألمًا و الشباب خلفه يصرخون باسمه حتى قام "ياسر" بتبديل وجهته و دخل أحد الأزقة الضيقة ثم خرج من الجهة الأخرىٰ ليصبح مقابلًا للأضحية حينها توقفت هي عن الركض وقد ترك "عامر" الحبل وهو يقول متألمًا بصراخٍ:

"آااااه....دا أنتِ جاموسة بنت عِجل بصحيح يخربيتك"

اوشكت على العودة للخلف وقبل أن يحدث ذلك قفز "ياسر" عليها وهو يقول بصوتٍ عالٍ:

"ناولني الحبل يا عامر....بــسرعة"

حاول "عامر" الاعتدال وهو يصرخ من ألم جسده، فيما اقترب شابين من المنطقة يعاونان "ياسر" في الامساك بها، بينما "عامر" وقف مُمسكًا بالحبل في يده وهو يقول متوعدًا:

"وربي ما هسيبك غير لما آكل كل حاجة فيكي، أقولك ؟؟ مش هضحي بيكي هاكلك أنا وأجيب واحدة غيرك علشان الثواب"

قام "ياسر" بالاقتراب منه بعدما تأكد من سكونها و احكام الشابين لها، ثم سأله بلهفةٍ:

"عامر أنتَ كويس ؟؟ التيشيرت اتبهدل دم خالص، تعالى نشوف الصيدلية"

رد عليه بتعبٍ:
"مش مهم خلينا بس نوديها المخزن علشان نشوف التانية راحت فين"

حرك رأسه موافقًا ثم عاد يمسكها من جديد وهو يقول بسخريةٍ:

"كدا و بندخلك المخزن أومال بكرة هتعملي إيه في ياسين؟؟"

رحل بها "ياسر" و "عامر" سويًا و الشابين معهما و في تلك اللحظة انتشرت التصفيقات لهما و التصفيرات العالية من الشباب، حتى ركض لهما "رياض" و "فهمي" و سأل الأول:

"مشوفتوش التانية راحت فين ؟؟ خالد و ياسين و يونس جريوا وراها"

رد عليه "ياسر" بلهفةٍ:
"طب أمسك دي كدا علشان طلعت عين اللي خلفونا، التانية كدا هتطلع على الطريق، خليك هنا يا عامر و أنا هروح أشوفهم"

قام "عامر" بامساكها و قد اقترب منه "عمر" و "زين" و بقية الشباب يدخلونها المخزن، دون أن ينتبه "عامر" إلى الجروح التي ظهرت في بطنه و مرفقه.
_________________________

ركضت الماشية الأخرى في الحارة المجاورةِ لهم و "ياسين" و "خالد" خلفها و "السائق" و معاونه أيضًا، حتى أوشكت على الاصطدام بسيارة نقل أثاث منزلي، لكنها حاودت للجهةِ الأخرىٰ لتغير مسارها و تصبح في حارةٍ أخرىٰ و قد مرت بعدة محلات تجارية تعرض من خلالها سكان المنطقة إلى الفزع وربما الهلع أيضًا و ارتفعت صرخاتهم.

ركض "ياسين" بكامل قوته خلفها حتى توقفت هي فجأةً فابتسم هو بظفرٍ و قال بصوتٍ متقطعٍ:

"أيوا بقى يا شيخة.....طالما وقفتي يبقى كدا تعبتي"

التفتت تنظر له فوجدت "خالد" يقف وهو يلهث بنفسٍ متقطعٍ، و جاوره "يونس" حينها دارت من جديد تركض في الحارة الأخرى فقال "ياسين" بتهكمٍ:

"لا يا جدعان أنا تعبتلها، دي عاوزة ترامادول علشان تدبح دي"

قال حديثه ثم استأنف ركضه و خلفه البقية حتى وجدها تركض نحو محل الحلاقة الموجود بالمنطقة، فصرخ الشاب الجالس على المقعد يضع القناع على وجهه و فزع "أنـور" الحلاق حتى سقطت الأدوات من يده فيما ظهر الخوف على بقية الزبائن و هبوا منتفضين من مجالسهم بينما الماشية توقفت أمام المرآة تصيح بملء صوتها.

دلف "ياسين" في تلك اللحظة و خلفه "يونس" و "خالد"، فيما قال "ياسين" ببلاهةٍ ساخرة:

"معلش يا عم أنور...أصلها حالفة ما تِدبح غير لما يتعملها ماسك، عروسة بقى و بتدلع"

رمش الرجل ببلاهةٍ و خوفٍ معًا، فيما قال "يونس" بمرحٍ:

"لأ ومش كدا و بس، دي حالفة يتعملها زفة زيها زي أي عروسة....صح يا بابا ؟؟؟"

صاحت الماشية بصوتها كأنها ترد عليه فسأل "أنور" بتهكمٍ:

"ودا إيه دا إن شاء الله ؟؟"

رد عليها "خالد" بسخريةٍ:

"لأ أبدًا دي بتقولك أنها مستعجلة قدامك قد إيه ؟؟"

نظر له "ياسين" و فور التقاط نظراتهما سويًا انفجر كليهما في الضحك بهيستيريةٍ حتى توقفا أخيرًا و أخرجوها بمساعدة البقية ليتوجهون بها نحو المخزن.

عادوا بها أخيرًا بعد تعبٍ و طيلة السير في الحارات و الأزقة الضيقة و قد قابلهم "ياسر" في الطريق، و مع دخولهم الشارع صفق لهم الصغار و الكبار معًا و كذلك الفتيات من الأعلىٰ.

قام "ياسين" بربطها بجوار الأخرىٰ أخيرًا وهو يزفر بتعبٍ فاقترب منه "يزن" يقول بلهفةٍ:

"أنا كنت خايف تتعور، كنت هعيط والله، خلاص مالكش دعوة بيها"

ابتسم له "ياسين" ثم حمله على ذراعه يربت على ظهره وهو يقول مُطمئنًا له:

"متخافش هي أول مرة يعني ؟؟ أنا زي الفل أهو و بكرة هاخد حقي منها إن شاء الله"

رد عليه "يزن" ببراءةٍ:
"خوفت تعورك زي عمو عامر، ربنا ياخدها و نخلص بقى، عاملة زي الجاموسة"

سأله "ياسين" بتعجبٍ:
"عامر اتعور ؟؟ إزاي ؟؟"

رد عليه مُفسرًا:
"في بطنه، القميص بتاعه عليه دم و أيده كمان بس هو مقالش إنها وجعته"

قبل أن ينطق "ياسين" وصله صوت "عامر" في الخارج يقول منفعلًا بضجرٍ:

"أقسم بالله كلمة كمان و أسحلك زي ما سحلتني كدا، ما تشوف مجايبك يا عم رياض ؟؟"

خرج "ياسين" بابنه محل الصوت المرتفع فوجد "عامر" غاضبًا و منفعلًا و "ياسر" يحاول تهدئته فسألهم بحيرةٍ:

"فيه إيه يا جدعان في الليلة اللي مش فايتة دي ؟؟ معصبين عامر ليه ؟؟ أكيد فيه مصيبة ؟؟"

رد عليه "عامر" بنفس الانفعال:
"ياعم ياسين مش عاجبه الفلوس و بيقولك فين الشاي بتاعي ؟؟ بعد كل دا في الأخر يقولك عاوز اكرامية ؟؟ الناس اتفرجت علينا و اتبهدلنا و بيقولك متفقناش على كدا ؟؟ طب يمين على يمينه ما فيه جنيه كمان هيتدفع"

تحدث الرجل بغضبٍ هو الأخر:
"يا باشا كدا كدا دا حقي، و أنا متفق مع الحج على كل حاجة، ما ترد يا حج ؟؟"

أشار لـ "رياض" الذي قال بضجرٍ:
"يابني أنتَ بتبجح ليه ؟؟ قالولك هينزلوها هما، فخمت نفسك و كلهم اتسحلوا و الراجل اتعور و الحارة كلها خايفة، أنتَ ليك حق المواصلات و كوباية الشاي أكتر من كدا مش هدفع، ويلا طريقك أخضر إن شاء الله ؟؟"

ألقى السائق النقود على مقدمة السيارة وهو يقول بمعاندةٍ:
"لا يا باشا كدا مش كويس، الكلام دا مفيش منه، أنا جاي علشان تعب المشوار في الأخر أخد المواصلات بس ؟؟ دا أنتَ راجل كُبرة عيب كدا!!"

قام "ياسين" بترك "يزن" على ذراع "يونس" ثم اقترب منه يقول بنبرةٍ جهورية:

"اغلط كدا بروح أمك علشان مرجعكش بلدك تاني، ولو رجعت هيبقى على كفنك عِدل، خِــلصنا و حقك وصلك، كلمة كمان هقفل عليك معاهم، خدت حق مشوارك و انتهينا، بتكتر ليه بقى ؟؟"

اقترب "ياسر" يهدئه بقوله:
"أهدى يا ياسين أنتَ كمان، هنهدي واحد يطلع التاني ؟؟"

اقترب "خالد" يزيح أخوته ثم قال بثباتٍ:

"هي دقيقة واحدة لو مركبتش عربيتك و اتكلت على اللي خلقك أنا، هبعت روحك هناك، وكفاية اللي حصل في أخويا بسبب عظمة اللي خلفوك، غور يالا !!"

أخذ السائق النقود من جديد ثم ركب سيارته و معه الشاب الذي يعاونه، بينما "ياسين" التفت لـ "عامر" يسأله بلهفةٍ:

"وريني اتعورت فين ؟؟"

لوح له "عامر" بلامبالاةٍ فيما ركض "يونس" نحو الأعلىٰ فور استماعه للحوار الدائر بين أعمامه، ثم دلف للمكتبة الخشبية الموضوعة في صالة الشقة يسحب علبة الاسعافات الأولية ثم ركض للأسفل من جديد تحت نظرات الدهشة من الفتيات و "ميمي".

نزل "يونس" فوجد الشباب يحاولون مع "عامر" حتى يطمئن على جروحه، لكنه رفض، إلا أن "يونس" ركض نحوه بالعلبة وهو يقول لعمه:

"عمو ياسر العلبة أهيه شوفوا كدا قبل ما الجروح تتعبه، بسرعة بس"

انتبه له الشباب بأكملهم بفخرٍ نظرًا لصفات الشهامة التي يتمتع بها منذ صغره متأثرًا بوالده، 
و "رياض" و "فهمي" أيضًا يبتسمان له بينما "عمر" اقترب منه يقول بخوفٍ:

"علشان خاطري شوف التعويرة علشان الدم دا، أنا خايف عليك"

ربت "عامر" على خصلاته ثم قال بنبرةٍ هادئة:
"متخافش.... أنا كويس والله"

حرك رأسه موافقًا وهو يبتسم له، بينما "ياسر" قام بكشف بطنه وما إن أبصر الجروح المتفرقة في بطنه شهق بقوةٍ ثم سأله:

"هو إيه اللي حصل ؟؟ أنتَ مزعلها ولا إيه يا عامر ؟؟ ولا كأنها ليها تار معاك"

عاد الوجوم لوجهه وهو يقول:
"أقسم بالله لأوريها، ياسين بكرة صينية فتة تعويضًا ليا عن اللي حصل دا، و طبق حلويات حلو متشوح بالبصل و محدش منكم ياكل معايا"

ضحكوا عليه جميعهم، فيما قال "فهمي" بنبرةٍ ضاحكة:

"كدا أنا اتأكدت أنك بخير الحمدلله، عيني هخليهم يظبطوك، كفاية السحلة اللي استحملتها"

أجلسه "ياسر" على المقعد ثم جلس على ركبتيه أمامه يمضض جروحه بعنايةٍ، فيما سكب "خالد" مياه على راحة كفه ثم مسح وجه "عامر" بينما "ياسين" انتبه لجرح مرفقه، فاقترب منه يمسح بالمناديل القماشي يوقف النزيف، نظر لهم "عامر" بتأثرٍ ثم قال بنبرةٍ حنونة:

"ربنا يخليكم ليا....و يفضل العيد بوجودكم عيدين"
_________________________

وقفت "خلود" في شقتها تُتمم على المكان بعدما أنهت تنظيفه و ترتيبه بمناسبة العيد، تنهدت براحةٍ و ارتسم الاستحسان على وجهها، ثم امسكت بزجاجة العطر تنثر منها في الشقة حتى خرج "عـمار" من الداخل بعدما تحمم و أنهىٰ الاتمام على مظهره فوقف خلفها وهي تقوم بنثر المعطر في أركان الشقة حتى سألها مُتعجبًا:

"خلود أنتِ بتعملي إيه؟؟"

التفتت له تقول بحماس طفلة صغيرة عشية العيد:

"برش المعطر يا عمار، دي النهايات السعيدة اللي بجد، بص معايا كدا المكان بقى عامل ازاي ؟؟ حتة من الجنة"

وزع أنظاره على الشقة التي تبدل حالها بلمساتها لها وهو يبتسم، ثم قال مُستحسنًا:

"تسلم ايدك والله، لأ الفرق بان رغم أني ساعدتك برضه بس تعبك فيها بان، كل سنة و أنتِ طيبة"

ابتسمت له بسعادةٍ وهي تقول:
"و أنتَ طيب يا رب، دا أول عيد لينا هنا و على فكرة حباه أوي، حابة المكان هنا علشان بتاعي أنا و أنتَ"

اقترب منها أكثر وهو يقول بصوته الرخيم:
"ورب الكعبة أنا اللي مخليني بحب المكان دا هو إنك معايا فيه، مش متخيل إن كان ينفع حد غيرك يكون معايا هنا"

سألته بحماسٍ:
"بجد ؟ يعني العيد معايا حلو؟"

حرك رأسه موافقًا ثم أضاف مؤكدًا:

"يمين بالله العيد معاكِ عيدين"

صفقت بكفيها معًا فيما قال هو مسرعًا:

"خليكِ واقفة هنا ثواني، راجعلك"

تحرك نحو الداخل وهي تنظر في أثره بحيرةٍ ثم عاد لها بعد مرور ثوانٍ يبتسم لها ثم رفع كفه يحركها يُمنةً و يسارًا مُبتسمًا بينما هي شهقت بفرحةٍ حينما وجدت في يده ميدالية خشبية على شكل "خروف" صغير و أسفله عبارة خشبية تلتصق به:

"إحنا صحيح واحد مش اتنين، بس عيدنا مع بعض عيدين"

نطقت بفرحةٍ اعربت عن اختناق صوتها من فرط حماسها:

"الله !! حلوة أوي يا عمار، ربنا يخليك ليا يا رب، أول مرة يجيلي خروف حلو كدا في العيد، أنا هحطه في عيني"

ابتسم هو نتيجةً لفرحتها ثم اقترب منها يمسك وجهها بكفيه وهو يقول:

"ربنا يديم على قلبك الفرحة دايمًا، و يجعلني سبب الفرح دا"

رفعت نفسها تقبل وجنته ثم قالت بحماسٍ:
"أنا هروح أحطها في مفاتيحي"

أوقفها قبل أن ترحل وهو يمسك مرفقها ثم قال بمرحٍ:

"استني بقى خدي العيدية قبل ما ننزل، لازم استفتح بيكِ"

ضحكت بفرحةٍ كبرى وظهر الحماس على انفعالات جسدها، فيما أخرج هو النقود من جيبه ثم قال بنبرةٍ هادئة:

"كل سنة و أنتِ طيبة يا خلود"

خطفتها من يده وهي تقول:
"مين الكداب اللي فهمني إن المتجوزين كبروا على العيدية، دي طلعت حلوة اوي اوي"

قربها منها يضع كفيه خلف ظهرها وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
"طب و أنا مش هاخد العيدية بقى ؟؟ خليكي شوافة"

قلبت عيناها بتفكيرٍ ثم سألته:
"نعم عاوز إيه ؟؟ خير ؟؟"

ارتسم الخبث على وجهه وهو يقول بنبرةٍ هادئة:

"مش هتقوليلي برضه أعمل إيه علشان اللي ميمي شافته، ولا هي بتقفل عند العبدلله؟؟؟"

ضحكت رغمًا عنها ثم قالت بلهفة تحاول اخفاء خجلها منه:

"والله العظيم كانت مخنوقة و شكلها مكتئبة قولت أقوم أروق عليها"

رد عليها بقلة حيلة زائفة:
"طب والله العظيم أنا مكتئب و منطفي اكتر منها، و حاسس اني زعلان"

سألته بلهفةٍ:
"ليه؟؟ مالك ما أنتَ كنت كويس"

رد عليها ببراءةٍ و حزنٍ زائفٍ:
"محدش كوالي الجلابية بتاعتي وأمي هي اللي كانت بتكويهالي، ماتيجي تكويهالي قبل ما ننزل، ولا رضيكي أروح لأمي مكرمش؟"

نظرت له بخبثٍ هي الأخرى ثم قالت بثباتٍ:

"يا سلام ؟؟ على فكرة إحنا كدا اتأخرنا عليهم و مش هنلحق نقضي اليوم مع البنات و العيال و كدا هيزعلوا مني"

رد عليها بلامبالاةٍ:
"ما يزعلوا، هما زهقوا من بعض خلاص، لكن أنا عريس جديد يعني لسه متعودتش، اقعدي معايا و هزودلك العيدية"

تحركت من أمامه وهي تقول:
"أنا داخلة ألبس علشان ننزل، ورايا علشان تلبس يلا، بطل لكاعة و سفالة"

رفع صوته يقول بضجرٍ:
"يعني أنتِ عمالة تدخلي السرور على قلب المسلمين كلهم و جاية عندي أنا التوزيع وقف ؟؟ ما ترد يا منعنع ؟!!"

ضحكت هي بصوتٍ عالٍ فيما قال هو بمرحٍ:

"معروفة ضحكت يعني قلبها مال"
_________________________

في بيت آلـ "الرشيد" اجتمعت الفتيات و النساء معًا في الطابق الأول، لكن سهرتهن كانت مختلفة و من نوعٍ أخر حيث ارتداء المنامات الجديدة و خصلاتهن المفرودة، و قد قامت الفتيات بإجبار النساء حتى يشاركهن التزيين و فرحة العيد.

كانت الفتيات الصغيرات وسطهن تضيف مرحٍ خاصةً وسط الغناء و المرح بينهن، و أكثر الفتيات فرحًا كانت "فاطيما" بتلك الأجواء التي تعشقها و تفضلها، و أيضًا "ليلى" و فتيات "طارق" الثلاثة أو كما يلقبهن هو "الفراشات" الخاصة بحديقة قلبه.

_أهلًا أهلًا بالعيد....مرحب مرحب بالعيد"

صدحت كلمات الأغنية في الشقة و هن يصفقن معها بمرحٍ و يتمايلن بأجسادهن و الفتيات الصغيرات ترقص وسطهن حتى صدح صوت هاتف "مشيرة" فأجابت مسرعةً على "وليد" الذي قال بثباتٍ:

"عمتو، خلي حد من البنات عندك يعمل طقم شاي و يجيب مياه سقعة علشان كلنا مكسلين و مكسحين، العِجل طلع عين أبونا"

ردت عليه بنبرةٍ ضاحكة:
"قاعدين حارسينه يعني ؟؟ طب يا سيدي كل سنة و أنتم طيبين، هبعتلكم الحاجة و ادخلوا اعملوها تحت عندكم"

أغلقت معه ثم قالت للفتيات:
"يلا بقى تلاتة منكم كدا ياخدوا الكولمن و الكوبايات و الكاتيل علشان ينزلوهم تحت، يلا قبل ما جنونته تطلع و يتعصب علينا، دا تربية مجانين"

تحدثت "مروة" بسخطٍ منها:
"أقسملك بالله لو ما لميتي نفسك لأقوم أوريكي يا مشيرة، عدي ليلتك معايا"

ردت عليها "مشيرة" بضجرٍ:
"اهو شغل المجانين هيطلع أهوه، ريحي يا مروة و أهدي شوية"

تدخلت "زينب" تقول بنبرةٍ ضاحكة:
"ما تهدي منك ليها....خلاص وجعتوا دماغ أبونا، الليلة عيد"

نطقت "سهير" بتهكمٍ:
"عيلة غاوية هم و غم زي الواد طارق ابني، جينات وراثية لافة عليكم كلكم وفي الآخر محدش مجنون غيركم يا عيلة الرشيد"

انتشرت الضحكات، فيما سألت "رؤى" والدتها بتعجب:

"ماما هما بيتخانقوا ليه؟؟"

ردت عليها "هدى" بنبرةٍ ضاحكة:
"لأ يا حبيبتي دول كدا بيحبوا في بعض، مش بيتخانقوا ولا حاجة"

اتسعت عينيها ببلاهةٍ بينما "فاطيما" لاحظت تحرك والدتها فاقتربت منها تمسك كفها وهي تقول:

"هاجي معاكِ عند بابا تحت"

ردت عليها "هدير" بضجرٍ:
"مش هنشوف بابا أصلًا يا بنتي، هننزل الحاجة ليهم و خالو وليد هياخدها مننا، خليكي هنا"

ردت عليها بمعاندةٍ:
"لأ هاجي و اشوف بابا و علي"

تحدثت "عبلة" بلهفةٍ:
"يلا قبل ما يتعصب عليا ويقولي بتتلكعي، انجزي أنتِ و بنتك يا باردين، تعالي يا جميلة معانا"

خرجت الفتيات من الشقة فيما قالت "هدى" بسخريةٍ وهي تُعدل ابنتها على ذراعها:

"خليكي كدا يا سلمى يا حبيبتي، أكل و مرعى وقلة صنعة، مفيش منك أي منفعة"

ردت عليها براحةٍ تخللت نبرتها:
"يا شيخة ربنا يديم الاحساس دا علينا، جماعة أنا حبيت الحمل دا اوي، ينفع أعمل امتداد ؟؟"

نظروا جميعهم إلى "سهير" التي قالت بسخريةٍ:

"يخربيت اللي ربط الجاموسة سابك"
_________________________

في الأسفل نزلت الفتيات بالاشياء للرجال و الشباب معًا، و أول من لاحظهن كان "حسن" حيث طلت "هدير" و "فاطيما" معها تمسك بكفها وهي ترتدي إسدال الصلاة، فابتسم تلقائيًا وهو يقول بمجرد اقترابهما منه:

"عيشت على قد ما عيشت بس دي أول مرة أشوف العيدين جايين مع بعض"

ضحكت له "هدير" بينما "فاطيما" فردت له ذراعيها وهي تقول بمرحٍ:

" احضني يا حسن علشان أقولك كل سنة و أنتَ طيب"

مال عليها يحملها بين ذراعيه ثم قبل جبينها ثم قال بمرحٍ:
"يعني يا قليلة الأصل لو محضنتكيش مش هتقوليلي كل سنة و أنتَ طيب ؟؟"

حركت رأسها موافقةً وهي تضحك فيما احتضنها هو يشدد مسكته لها وهو يقول:

"كل سنة و أنتِ طيبة و معايا يارب، أنتِ وماما وعلي كمان"

ردت "هدير" تؤمن خلف حديثه:
"يا رب و يخليك لينا أنا و هما"

نزلت الفتيات خلفها بالأشياء فحملها منهن "حسن" بعدما ترك ابنته، حتى رحلت الفتيات عدا "جميلة" التي لاحظت انشغال "طارق" في الهاتف، فرفعت كفها تلوح له حتى انبته لها فقام لها مُبتسمًا وهو يقول:

"عاوزة حاجة ؟؟؟"

حركت رأسها نفيًا ثم قالت بمرحٍ:
"رؤى بتقولك هتطلع امتى ؟؟ و روزي و روشان برضه"

سأله بخبثٍ وهو يجاهد لكتم ضحكته:
"يا شيخة ؟؟؟ بقى هما البنات اللي بيسألوا هطلع امتى ؟؟"

حركت رأسها موافقةً وهي تضحك له، فيما اقترب منها وهو يقول بنبرةٍ هادئة:

"هرن عليكِ قبل ما أطلع علشان نقعد سوا و نسهر مع بعض، أصل بصراحة يعني وحشتوني، قاعد مع شباب أرق واحد فيهم حسن مثلًا يعني"

ضحكت له ثم قالت قبل أن تتحرك من أمامه:
"هنروح نصلي سوا كلنا، أوعى تنزل قبلنا و تعملها فينا"

حرك رأسه موافقًا وقبل أن ترحل من أمامه اوقفها بقوله:
"جميلة.....كل سنة وكل عيد و أنتِ طيبة"

_"و أنتَ طيب يا طاروق"

قالتها بمرحٍ قبل أن تركض نحو الداخل فيما ضحك هو ثم قال بتعجبٍ:

"ساعات بحس أني مخلف أربعة والله، فيها عرق طفولة بس سكر"

_"أنتَ بتكلم نفسك يا حمايا ؟؟"

تفوه بها "مازن" مُستفسرًا بسخريةٍ جعلت "طارق" يعض شفته ثم التفت له يقول بغيظٍ:

"مالكش دعوة يا ابن البارد، خليك في حالك، وكلمة حمايا دي مسمعهاش منك، بتعصبني"

ابتسم له باستفزازٍ وهو يقول:
خلاص أبو خطيبتي إن شاء الله"

حمله "طارق" على كتفه ثم دلف بها للداخل لدى الرجال وهو يقول بضجرٍ:

"أقسم بالله أرميه تحت العجل، ابعدوه عني وخلوه يتلاشاني"

قفز الصغار يغنون في آنٍ واحد و لازال "زياد" على كتف "طارق":

"تلاشاني...تلاشاني...علشانك مش علشاني"

دلف "وليد" في تلك اللحظة يقول بسخريةٍ:

"مش قولتلكم علمناهم السِكة ركنونا على الدِكة ؟؟ أهوه طارق دا المفروض يقولي يا حمايا، بس نقول إيه بقى ؟؟ قطة بتاكل و تنكر"

ترك "طارق" الصغير ثم اقترب من "وليد" وهو يقول بخبثٍ:

"لأ وعلى إيه ؟؟ أنا هريحك خالص و اكسر الدِكة....فوق دماغك إن شاء الله"

قبل أن يتحرك "وليد" رفعه "طارق" على كتفه وهو يقول بصوتٍ متقطعٍ:

"يا عيال اللي هييجي يضرب الواد دا معايا هيدله العيدية مرتين، مين جاي"

ركض الصغار نحوه فيما ضحك "وليد" وهو يَسبهم، حتى قام "مرتضى" يقول بمرحٍ:

"واد يا طارق لو ضربتهولك بالحزام هاخد كام ؟؟؟"

رفع "وليد" رأسه لوالده وهو بنبرةٍ جامدة:

"خليك يا ميمو ..... طب وغلاوة أمك لأطلق مروة منك"

أشار "مرتضى" للبقية وهو يقول بخبثٍ:

"طب بقولكم إيه، مش الواد دا عامل قدوة و مربيكم ؟؟ يلا امتحان عملي جماعي بقى"

صرخ "وليد" وهو يضحك يمنعهم من الاقتراب علمًا بالقادم، بينما اجتمع عليه الصغار و الشباب يدغدغونه بقوةٍ وهو يضحك و يتوسلهم بالتوقف نظرًا لعلمهم بنقطة ضعفه الوحيدة التي يكرهها و يكره كل من يستغلها، لكنه لم يرد إفساد فرحتهم خاصةً مع ارتفاع الضحكات و قفزات الصغار بحماسٍ 
_________________________

في شقة "ميمي" اجتمعوا بأكملهم بصغارهم في الشقة، فقال "خالد" بضجرٍ:

"يابني عاوزين ننام، نروح نرتاح شوية و نيجي الصبح مش هنهرب يا عامر"

رد عليه "عامر" بمعاندةٍ:
"قولت لأ، هنسهر سوا هنا، مينفعش ننام ليلة العيد، لازم نسهر ونشوف العيد و حلاوته، دا أنا دافع دم قلبي في التسالي والحاجة، اترزع بس عمار زمانه جاي و صلاة العيد فاضل عليها ساعتين"

سألته "خديجة" بتعبٍ وهي تحاول غلب النعاس:

"طب ينفع البنات تدخل جوة ترتاح قبل الصلاة ؟؟ هنزهق كدا والله"

رد عليها برفضٍ:
"مش هينفع والله، قولت كلنا هنقعد هنا نسهر سوا، طالما هنقضي العيد كله هنا، و أنا عاملكم مفاجأة"

نظروا له بانتباهٍ فيما أمسك هو جهاز التحكم الخاص بالشاشة ثم فتحها على فيلم مدته ساعة ونصف تقريبًا، فسأله "زين" بتعجبٍ:

"إيه دا يا عمو عامر؟؟؟"

رد عليه مُفسرًا بفخرٍ:
"دي حصيلة ٣ سنين من فيديوهات العجول الهربانة، جمعتهم و عملتهم فيلم بالميمز بتاعتي طبعًا، علشان نتفرج سوا كلنا"

قفز الصغار بفرحةٍ فيما قالت "جاسمين" ببلاهةٍ:
"وهو أنتَ كنت معاهم يا عمو عامر ؟؟ عرفت منين؟؟"

رد عليها "يزن" بضجرٍ:
"يابنتي جمعهم من على النت"

تحدثت هي بضجرٍ مماثلًا له:
"يا غبي.....هما صوروها ازاي ؟؟ هي قالت إنها هتجري ؟؟؟"

انتبه لها الجالسون ينظرون بتعجب من سؤالها الذي لم يخطر ببال أيٍ منهم، فيما مال "عامر" على أذن "يونس" يهمس له بسخريةٍ:

"متخيل إن دي هتبقى خالة عيالك ؟؟ مبروك عليك لبست في حيطة سد"

لوىٰ "يونس" فمه يمنةً ويسرى بتهكمٍ، فيما قال "عمر" بتعجبٍ:

"صح هما بيصوروها إزاي ؟؟"

تحدث "ياسين" بسخريةٍ:
"خلاص هنسيب كل حاجة بقى ونمسك هما صوروها ازاي، فتحتي على اللي خلفونا فتحة مش هنعرف نقفلها"

طُرق باب الشقة في تلك اللحظة فركضت "نغم" تفتحه وهي تقول بحماسٍ بعدها:

"خالتو خلود.... وحشتيني اوي"

قبلتها "خلود" على وجنتها ثم دلفت تصرخ بمرحٍ بعدما رآت الفتيات بينما "عمار" أبتسم لها وهو يقول مشاكسًا لها:

"دا إيه الفراشة الحلوة دي؟؟ مالك عاملة زي الفراشات كدا ليه"

حركت كتفيها بتعجبٍ بينما هو دلف ثم أغلق الباب خلفه فوجد "عامر" يسأله بضجرٍ:

"اتأخرت كدا ليه ؟؟ مستنينك من بدري ما كنت جيت على الصلاة وخلاص"

رد عليه ببرودٍ:
"معلش....خليها عليك"

تحدث "عامر" بضجرٍ:
"اصرفها منين يعني معلش؟؟ اتأخرت ليه يا أخينا ؟؟"

تنهد "عمار" بضجرٍ ثم قال:
"كنت بكوي الجلبية يا عامر"

سأله "عامر" بخبثٍ:
"وهي الجلابية تخليك تتأخر كدا ؟؟ مش ماليين عينك ؟؟"

أبتسم له "عمار" وهو يقول:
"لو عليا كان نفسي أجي من بدري والله، بس نعمل إيه بقى ؟؟ كله إلا الجلابية"

دلف يجلس بجوار الشباب ثم قال بنبرةٍ ضاحكة:

"هي العيال دي حلوة كدا ليه ؟؟ ما شاء الله عاملين زي الورد"

رد عليه "خالد" بسخريةٍ:
"عقبال الورد بتاعك ما ييجي ينور هنا هو كمان"

_"يسمع منك ربنا، اتمنى والله"

مالت "جاسمين" على أذن "خديجة" بعدما وقفت على الأريكة وهي تقول بنبرةٍ خافتة:

"ماما ادخل أجيب الحاجة ؟؟"

حركت رأسها موافقةً فركضت "جاسمين" و سحبت "نغم" معها، حتى سألتها "زينة" بتعجبٍ:

"رايحين فين ؟؟؟ هتناموا؟؟"

تدخلت "يسر" تقول بسخرية:
" مش هينفع عمو عامر قال اللي هينام هيضربه"

ردت عليها "جاسمين" بسخريةٍ:
"اشمعنا ريتاج نايمة بقى ؟؟ علشان بنته يعني ؟؟"

رد عليها بتبجح:
"آه ياختي معاها واسطة، اطلعي منها ولو مراتي عاوزة تدخل تنام عادي، أنا راجل ضلالي"

ردت عليه بلامبالاةٍ:
"مش هديك الحاجة اللي هجيبها دلوقتي ومش هدي عمر كمان"

رد عليها "عمر" بضجرٍ:
"الله ؟! و أنا مالي أنا يا ستي؟"

حركت كتفيها ثم ركضت نحو الداخل ومعها "نغم" وبعد مرور ثوانٍ خرجت كلتاهما تمسك حقيبة في يدها ثم اقترتب كلٍ منهما على حدة تقوم بالتوزيع على الشباب و الفتيات.

كانت الأكياس صغيرة بها قطعة شيكولاتة مُغلفة و معها ورقة صغيرة بها جمل تهنئة بمناسبة العيد، ومعها بالون صغير، و عملات ورقية جديدة الإصدار.

اقتربت "نغم" من "يونس" تقدمها له وهي تقول مبستمة:

"كل سنة و أنتَ طيب يا يونس"

أبتسم لها وهو يأخذ الكيس الصغير منها ويقول:

"و أنتِ طيبة يا نغم عيد مبارك عليكِ"

حركت رأسها موافقةً فيما قال هو دون أن ينتبه لنظرات البقية:
"حلوة الأوصة دي أوي، شكلها كدا أحلى"

سألته بلهفةٍ:
"بجد ؟؟ ماما هي اللي عملتهالي و قالتلي برضه شكلي كدا أحلى"

حرك رأسه موافقًا ثم قال:
"طنط خديجة بتعمل كل حاجة حلوة، تسلم ايدها...خليها كدا علطول بقى"

حركت رأسها موافقةً ثم تحركت من أمامه، فمال "عامر" على أذنه وهو يقول بنبرةٍ هامسة:

"أبوها قاعد لو مش واخد بالك"

رد عليه "يونس" بنفس الهمس:
"مين ياسين ؟؟؟ دا حبيبي....لحد دلوقتي يعني"

قربه منه "عمار" وهو يضحك بيأسٍ، فيما قالت "ايمان" بمرحٍ:

"حلوة أوي الحاجات دي بس اشمعنا يعني ؟؟؟"

ردت عليها "نغم" مردفةً:
"دي علشان تبقى ذكرى حلوة للعيد، ماما ساعدتنا فيهم، كل سنة و أنتِ طيبة يا خالتو إيمان"

ردت عليها "إيمان" المباركة ثم سألت "جاسمين" تشاكسها:

"و أنتِ يا بت مش هتقوليلي كل سنة و انا طيبة؟؟ مش مالية عينك"

ردت عليها بنبرةٍ ضاحكة:
"أنا هقولها لعمو ياسر... علشان هو شاطر و قالي شكلي حلو"

أوشكت "ايمان" على الركض خلفها، فيما اقتربت "جاسمين" من "يزن" تجلس بجواره وتمسك بذراعه حتى ضحك هو ثم سأل "عمار" بتعجبٍ:

"أنا عاوز عبدالرحمن، هو فين؟"

رد عليه بسخريةٍ:
"عقبالك ياسيدي مش فاضي، عريس و بيجهز نفسه، بس بكرة هيجيلك"

قام "عامر" من على المقعد ثم قام بتشغيل الشاشة وهو يقول:
"بس مش عاوز ولا نفس، يلا علشان العجول الهربانة هتبدأ أهو".

انتبه الجالسون له بينما هو قام بتشغيل المقطع الذي قام بتجهيزه احتفالًا بليلة العيد.
_________________________

استمرت جلستهم تقريبًا لمدة ساعتين ثم تجهزوا بعدها لصلاة العيد بعدما صدح صوت التكبيرات عاليًا منذ بداية شروق الشمس في المكبرات و المساجد.

نزل كلٍ منهم بأسرته نحو الساحة الواسعة يقضون بها صلاة العيد وسط الحشد الكبير المختلط من كل الأفراد، في منظرٍ تبتهج العين برؤيته حيث ارتدى الرجال العباءات البيضاء و كذلك الصغار، فيما ارتدت النساء اسدالات الصلاة كلٍ منهما مثل صغيرتها.

بعد انتهاء الصلاة وقفوا يتلقطون الصور مع بعضهم كلٍ منهم بأسرته ثم مع بعضهم ثم الصغار بمفردهم و كذلك الفتيات حتى اقترب "عمار" من "خلود" وهو يقول بنبرةٍ مرحة:

"حد بقى ييجي يصورني أنا و مراتي، هي جت عليا يعني ؟؟"

اقترب منه "عامر" يقف مقابلًا لهما وهو يقول بمرحٍ:

"مراتك و أنتَ حر، اتصور معاها زي ما أنتَ عاوز، اومال ملبسينك جلبية بيضا ليه ؟؟"

وقف "عمار" مبتسمًا و كذلك هي تبتسم بخجلٍ خاصةً حينما وضع كفه في ظهرها يقربها منه و قبل أن تتفاجأ همس في أذنها بقوله:

"كل عيد و أنتِ العيد نفسه"

رفعت عيناها له ونظر هو لها فالتقط "عامر" لهما الصورة سويًا وهما ينظران لبعضهما.

أنهى التقاط الصور لهما ثم أرسلها له على الفور وهو يقول بمرحٍ:
"بعتهالك أهو علشان تلحق تنزلها، يلا أي خدمة، العيد الجاي يكون معاك عمار صغير على ايدك"

ضحك "عمار" له و كذلك "خلود" ابتسمت بخجلٍ، بينما هو أخرج هاتفه ثم قام بتنزيل الصورة عبر موقع انستجرام وقام بالاشارة لها و قد كتب أسفل الصورة:

"أنا الطير و هي ليا جناحين.... بوجودها العيد بقى عيدين"

وصلها أشعارٌ من التطبيق فقامت بفتحه حتى وقعت عينيها على الصورة و الشرح التوضيحي الذي جاور اسمها، بينما هو راقبها مبتسمًا، فوجدها تهمس له بقولها:

"صحيح دا اول عيد لينا سوا يعني، بس والله أحلى عيد علشان معاك يا عمار....ربنا يخليك ليا و تفضل صاحب طريقي طول العمر"

غمز لها وهو يقول:

"معاك للأبد يا سُكر..."

بعد مرور ساعة تقريبًا انقلب الوضع رأسًا على عقب حيث وصل الشباب أسفل بيت "ميمي" و بدلوا ثيابهم بأخرى هالكة قديمة حتى يقومون بذبح الأضحية.

قام "ياسين" بتجهيز المكان و الأسلحة الخاصة بالذبح ثم قال بنبرةٍ هادئة:

"يلا يا شباب هاتوا الأول"

تحدث "عامر" بنبرة جامدة:
"تجيبولي بنت الجاموسة اللي عملت فيا كدا امبارح أطلع طاقتي فيها، معلش اعتبروه انتقام بقى"

رد عليه "ياسر" مؤيدًا:
"والله لأجيبلك حقك منها، تعالى معايا بس نجيبها من المخزن"

كان "ياسين" واقفًا في مدخل البيت و الصغار بجواره، بينما "جاسمين" ركضت له تقول بحماسٍ:

"بابا عاوزة أقف معاك علشان اتعلم، عاوزة أدبح زيك"

رد عليها بنفاذ صبرٍ:
"أمشي من قصادي يا بنت المجانين بدل ما اتجنن عليكي"

ضربت الأرض بقدمها وهي تقول:

"والله العظيم دا ظلم"

امسكها "رياض" وهو يقول بنبرةٍ ضاحكة:

"هو فعلًا ظالم... استني بس يدبحلنا و ناكل اللحمة بعدها ندبحه أنا و أنتِ"

حركت رأسها موافقةً بحماسٍ بينما "خالد" سحب الأضحية نحو الداخل، حينها قام "ياسين" بتخبئة السكين خلف ظهره، ثم قال بثباتٍ:

"من غير لف كتير الحبال تتربط في الرجول بالراحة و نسحب مرة واحدة، اقسم بالله لو حصل غباء كل مرة، هسيبها"

رد عليه "خالد" بضجرٍ:
"ما تنجز يا سيدي، اقف بس على جنب لحد ما نوقعها"

مرت عدة دقائق قام "عامر" فيها بربط الحبال حول قدمها، وقد عقده بارتخاءٍ حتى يسهل عليهم سحبها، تحدث "فهمي" بتعجبٍ:

"مين اللي هيوقعها دي شكلها صعبة أوي"

رد عليه "خالد" مُفسرًا:
"كل واحد هيسحب رجل و عمار يكتف راسها و ياسين يدبحها"

نطق "عمر" بحماسٍ في تلك اللحظة:

"و أنا هاكلها... اقصد كلنا يعني"

وقفت الفتيات على الدرج يقومون بالتصوير بينما الشباب فعلوا كما خططوا للإيقاع بالأضحية، وحينما سقطت أرضًا و سادت لحظات الهرج و الترقب و الخوف من القادم قفز "عمار" عليها يكبل حركة جسدها فيما اقترب "ياسين" يُخبيء السكين خلف ظهره ثم قال بصوتٍ عالٍ:

"بسم الله الرحمن الرحيم....حـــلال الـلّـه أكبر"

قام بتمرير السكين على عنقها كما ورد في السُنة بالطريقة الصحيحة حتى ارتخى جسد الأضحية وقامت بتحريك كامل جسدها و الدماء تنثر من عنقها.

فيما قفز الصغار بمرحٍ و حماسٍ، فلهث "ياسين" بقوةٍ ثم قال:

"يلا يا عمار....أنتَ اللي هتدبح التاني"

تعليقات



×