رواية جبران العشق الجزء الثاني الفصل الخامس عشر
لو فاكر أنك فهمت اللعبة
تبقى اللعبة
لعبتك !
____________
دخل إلى الغرفة يُغلق الباب خلفه أقترب من وتر فالتفتت له عرف من نظرات عينيها المضطربة أنها تُخفي الكثير ، اقتربت منه ارتمت بين أحضانه تعانقه تتمسك بثيابه ،منذ أن عاد من الخارج وهو يلاحظ حالتها الغريبة تلك ولكن لم تسنح له الفرصة ليعرف ما بها ، رفع يده يمسح على خصلات شعرها القصيرة يسألها قلقا :
-مالك يا وتر ، شكلك متضايق ومتوتر أوي في إيه
ابتلعت غصتها تشدد على عناقه قبل أن تهمس مختنقة :
- فاكر ليلة دخلتنا يا جبران ، لما قولتلك أن أنا مش مستعدة أنك تلمسني ، وأنت وقتها قولتلي أنك عمرك ما هتفرض نفسك عليا وقعدنا نهزر ونضحك
قطب جبينه لا يفهم سر تلك الذكرى و لكنه حرك جبينه لأعلى وأسفل فتنهدت غص صوتها بالبكاء تهمس بحرقة :
-أمنية حكتلي عن جبران الحقيقي وعن ليلة فرحهم ، قد إيه كان شخص بشع معدوم الأخلاق والضمير ، كانت نفسها تدخل الكلية كان نفسها تبقى دكتورة ، بس هو بكل وضاعة دمر حياتها
الآن فقط فهم سر حالها ،قبل أن يقول شيء ليهدئها ابتعدت عنه تمسك بذراعيه اضطربت حدقتيها تهمس متوترة:
-جبران في مصيبة بتحصل ولازم تعرفها ، الراجل اللي اسمه رزق دا بيتحرش بأمنية أنا شوفته بعيني ، ويا عالم ممكن يكون عمل إيه تاني ، المفروض أن ابنه غايب بقاله 10 سنين
توسعت حدقتي جبران ذهولا أثر ما يسمع منها ، ابتلع لعابه متوترا يهمس يسألها :
- أنتِ متأكدة من الكلام اللي بتقوليه دا يا وتر؟
حركت رأسها لأعلى وأسفل تردف سريعا:
-والله شوفته وهددته حتى أنه لو قربلها تاني هحدفه من على السلم ، ما هو بردوا مش شيخ جامع إنت بتقول أنه بيعمل بلاوي قد كدة ما جاتش على دي يعني ، يا نهار أبيض يعني ممكن سعد يكون ابن رزق
قالتها وشهقت بعنف تحرك رأسها للجانبين تنفي تلك الفكرة المقززة ، عقد جبران جبينه لعدة لحظات يفكر قبل أن يحرك رأسه للجانبين ينفي تلك الفريضة :
- لاء ما أعتقدش ، لأني لما رجعت قالي أنت سافرت وسيبت مراتك وابنك ، يعني سعد كان اتولد ، هو في الأغلب ما بدأش يعمل القذارة دي غير بعد سفر ابنه عشان يخضع أمنية ويخوفها ، بس دلوقتي يا وتر أنا بجد صعبان عليا سعد أوي ، أنتِ مش متخيلة هو متعلق بيا إزاي ، الولد دا لو عرف الحقيقة لما الحكاية تخلص ، هيتعقد عمره كله
غيم الحزن على وجهها تحرك رأسها لأعلى وأسفل توافق ما يقول ، جبران محق والصغير لا ذنب له في شيء ، انتبهت على صوت يأتي من خارج الغرفة لم يكن سوى صوت رزق وهو يصيح باسم جبران يطلب منه النزول :
- واد يا جبران ، أنت هتفضل راقد جنب المصراوية ، انزل يا واد
ضحكت ساخرة تحرك رأسها للجانبين يائسة ، نزل جبران أولا وبدلت هي ثيابها أخيرًا ، فتحت باب الغرفة لتخرج فرأت أمنية تفتح باب غرفتها ، اقتربت منها تنظر حولها تتأكد أن لا أحد يسمعهم قبل أن تُخفض صوتها تسألها :
- وتر أنا عارفة أنك شوفتي رزق واللي عمله ، بس صدقيني والله أنا عمري ما سمحتله أنه يلمسني ، أوعى تكوني قولتي لجبران بدل ما تقوم حريقة بسببي وساعتها رزق هياخد سعد ويحرمني منه ،ودا الحاجة الوحيدة اللي أنا عايشة عشانها
ابتسمت وتر تومأ برأسها ، ربتت على كتفها بخفة تطمئنها :
- ما تخافيش ما قولتلوش حاجة ، تعالي ننزل يلا عشان نتعشى
تحركت وتر خطوتين ووقفت حين سمعت أمنية تهمس باسمها لفت رأسها لها فتنهدت أمنية تقول :
- رغم إني ما بحبكيش بجد ، بس حقيقي شكرًا أنك سمعتيني النهاردة ، وبعدتي رزق عني وما حكتيش حاجة لجبران
رسمت وتر ما يشبه ابتسامة على شفتيها تومأ برأسها ، تحركت وتر تنزل أولا ومن بعدها أمنية ، تحركت عيني وتر تبحث عن ابنتها فرأتها تجلس هناك جوار سعد يطعمها في فمها ولكن ما لاحظته أن يد الصبي كان متسخة من اللعب وكايلا تلتقط العدوى في لمح البصر ، تحركت ناحيتهم وقفت أمام سعد تطلب منه وهي تبتسم :
- سعد روح أغسل إيدك يا حبيبي عشان متوسخة من اللعب ، وأنا كمان هاخد كايلا أغسلها أيدها ، عشان ما ينفعش تاكلوا بإيديكوا كدة
شعرت أمنية أن وتر تُهين ابنها فتحركت سريعًا وقفت أمام وتر تحادثها محتدة :
- أنا ابني أيده نضيفة ، وبعدين اتكلمي معاه بأسلوب أحسن من كدة
توسعت حدقتي وتر ذهولا ، أمجنونة تلك الأمنية ما الذي قالته جعلها تغضب هكذا ، قطبت جبينها تحادثها محتدة هي الأخرى :
- أنتِ مجنونة يا أمنية ، الولد أيده متوسخة من اللعب ، أنا كل اللي قولته أنه يغسل أيده عشان بيأكل كايلا ، وكايلا بتتعب على طول ، وبردوا ابنك هيتعب لو كل وأيديه متوسخة
قلب حسن عينيه ساخرا ينظر إلى جبران يطلب منه أن يتدخل ويوقف حرب الضراير التي على وشك أن تبدأ ، زفر جبران أنفاسه غاضبًا قبل أن يتحرك يقف في المنتصف يردد حانقًا :
- أنتوا ما بتزهقوش من الخناق ، أمنية وتر ما قالتش حاجة غلط ، لو كانت حتى أتكلمت مع سعد بطريقة ما عجبتنيش كنت أنا اللي حاسبتها دا إبني زي ما هو ابنك مش عايز اسمع هطل تاني خالص ، أنا هاخد سعد وكايلا أغسلهم أيديهم ، حطي أنتِ وهي العشا عشان نتعشى
وقفت أمنية أمام وتر كل منها تعقد ذراعيها أمامها تنظر للأخرى ، تحدثت أمنية أولا تردد ساخرة :
- ما تتحركي
ابتسمت وتر في تحدي تنظر إليها من أعلى لأسفل تتهكم منها :
- ما تتحركي إنتِ الأول، ولا أنتِ عاوزة توزعيني عشان تقفي أنتِ مع جبران
زفر جبران حانقا ، لا يعرف كيف يمكن أن يقدم شخص عاقل بكامل قواه العقلية على الزواج من اثنتين أو أكثر ، فهو يكاد يصدم رأسه في الحائط وإحداهما ليست زوجته من الأساس ، رفع رأسه لأعلى يصرخ :
- يارب ارحمني منهم ، بدل ما أطلقهم وأخلص
نظرت أمنية لوتر شرزًا قبل أن تتحرك صوب المطبخ ، اخفضت وتر صوتها تهمس حانقة :
- جبران أنت هتبات في أوضتنا النهاردة سيبك من جو الحج متولي اللي أنت عايش فيه دا ، أنت جوزي أنا
اومأ برأسه موافقا ، بعد مدة التفوا جميعا حول طاولة مستديرة كبيرة الحجم أقدامها قصيرة ليتناولون طعام العشاء ، قطعت أمنية قطعة من الدجاجة تضعها أمام جبران تنظر لوتر تردد وهي تبتسم :
- كل يا جبران أنا عارفة أنك بتحب الصدر من زمان
نظرت وتر حائرة لأمنية ، هي تعرف أنها تكرهه ولكن لمَ تفعل ذلك هي حقًا لا تفهم ، ربما هو فقط شعورها بالغيرة منها ، هي فقط تعاندها لا أكثر ، ابتسمت وتر لها ولم تفعل شيئا ، فرأت كيف اهتزت حدقتي أمنية توترًا ، ابتلعت لعابها تُكمل طعامها في صمت قاطعه صوت رزق وهو يسأل جبران عما فعل اليوم ، ابتلع جبران الطعام قبل أن ينظر لوالده يردد باسما :
- الحمد لله يا حج ، بدأت أفهم الشغل ماشي إزاي ، ومعاملات التجار وحسن دماغه مفتحة عني ، بيتعلم أسرع وبيسد معايا
ابتسم رزق ينظر صوب حسن يردد :
- أنا من أول ما شوفتك وأنا قلبي اتفتحلك والله ، المهم يا واد عايزين نشوفلك عروسة ، نقي وشاور على أي بنت من بنات البلد وأنا أجوزهالك
توسعت حدقتي وتر تنظر صوب حسن تحرك رأسها للجانبين تحذره من أن يفعل ستقيم قيامته لأجل صديقتها ، ابتسم حسن يحرك رأسه يجيب بهدوء:
- بإذن الله ، لو شوفت واحدة وعجبتني هقولك يا حج رزق
هنا احتدت حدقتي وتر غضبا ، قطبت جبينها نظرت إلى حسن ومن ثم إلى رزق تصيح فيه :
- اييييه ، أنت فاكر نفسك مين ، زمان جوزت أمنية لجبران غصب عنها ودمرت أحلامها ، ودلوقتي مستعد تدمر حياة أي بنت تانية ، قال يا فرعون إيه فرعنك قال ما لقتش حد يلمني
في الوضع الراهن الذي وضعتهم وتر فيه برعونتها ولسانها السليط خاصة أن وجه رزق اشتعل غضبًا ، لم يكن أمام جبران سوى أنه طلب من سعد أولا :
- سعد خد أختك واطلعوا العبوا برة
شعر سعد بالخوف من نبرة أبيه الغاضبة اومأ برأسه أمسك بيد كايلا يخرج بها سريعا ، هنا لف جبران رأسه إلى وتر ورفع يده وصفعها ! ، شهقت توسعت حدقتيها مما فعل ، أمسك جبران بعضدها يصرخ فيها :
- إياكِ تكرريها وتهيني أبويا تاني يا وتر ، فاهمة ؟
رفعت يدها تتلمس خدها تنظر له مصعوقة لم يفعلها من قبل ، لم ترتفع يده عليها أبدا ، رأت في عينيه الكثير من كلمات الأسف والاعتذار ، قامت وتركت المكان وصعدت تركض لأعلى زفر جبران أنفاسه حانقا ، تحرك إلى الحديقة يشعل سيجارة يدسها بين شفتيه ، أقترب حسن منه أخفض صوته يحادثه متضايقًا :
- اللي إحنا فيه دا ما ينفعس ، إحنا مش طالعين رحلة يا جبران ، وتر لازم ترجع القاهرة ، إحنا ما بنعملش حاجة غير أننا متشتتين بسبب خناقات وتر وأمنية ، ووتر ورزق
اومأ جبران برأسه حسن محق فيما يقول ، انتبها كلاهما حين خرج رزق إلى الحديقة أقترب من جبران يبتسم رفع يده يربت على كتفه يتحدث متفاخرًا :
- تعرف أنك كبرت في نظري يا واد أنك ما خليتهاش تهين أبوك ، رغم إني متوكد أنك بتعشق التراب اللي هي بتمشي عليه ، أنا رايح زيارة لناس معارفنا وهتأخر ناموا أنتوا، يلا سلام عليكم
تحرك رزق وغادر ، نظر جبران إلى حسن يهمس سريعًا :
- أنا هتحرك وراه ، خد بالك أنت من الليلة دي ، وأبقى أتكلم مع وتر وفهمها أنا عملت كدة ليه
اومأ حسن برأسه يوافق ، تحرك جبران سريعا من الباب الخلفي ، الساعة لا تزال التاسعة والقرية التي هو فيها الآن تعطيه شعور أنها الثانية بعد منتصف الليل لا أحد يتحرك في الطرقات حتى القطط نامت ، تحرك بخفة يترك مسافة كبيرة بينه وبين رزق حتى لا يشعر ، لاحظ أن رزق يتوجه إلى المقابر في القرية ، اختبئ جبران خلف غرفة حارس المقابر يطل برأسه بحذر بين دقيقة وأخرى يرى رزق يقف بمفرده لا أحد آخر ، بعد عدة دقائق رأى رجل يخرج من المقابر لم يستطع تبين ماهيته جيدًا ولكنه سمع رزق يقول له :
- أديني جتلك أهو يا شيخ جابر ،سمعت عنك كلام كتير ، المقبرة المرة دي كبيرة ، وكل الشيوخ اللي جبتهم قالوا الرصد اللي عليها واعر ، وأنت صيتك مسمع في كل مكان
مقبرة !! بالطبع تحوي أثار حاول ألا يصدر أي صوت يحاول جاهدا أن يتبين ملامح وجه الرجل الواقف أمام رزق دون فائدة ، العتمة تغطي وجهه بالكامل ، سمع ذلك المدعو جابر يقول :
- أنا روحت المقبرة يا حج رزق ، واتكلمت مع الراصد ، واحد من الدجالين اللي أنت جبتهم اتحدى الراصد ودا خلاه غضبان ، وترضية الراصد دم ، دم يتقدم كقربان على باب المقبرة
توسعت حدقتي جبران ذهولا ، ما الهراء الذي يهذي به ذلك المختل ، عن أي دم يتحدث ربما يقصد دم حيوان مثلا ، ويبدو أن رزق كان عنده نفس السؤال فتحدث يسأله :
- دم حيوان يعني ؟
ضحك جابر يسخر مما قال يحرك رأسه للجانبين يردد ساخرا :
- حيوان إيه بس يا حج رزق ، هو أنت لسه راجع من الحج وهتدبح وتخمس ، على العموم أنا وأنت هنروح المقبرة لما القمر يكمل ، ساعتها الراصد هيقولنا نوع القربان اللي هو عايزه
كاد جبران أن ينفجر في الضحك يخبره أن الراصد المزعوم لديه زوق معين في اختيار وجباته ، انتبه على صوت رزق يُحادث جابر :
- ماشي يا شيخ جابر وأنا هستناك ، مع السلامة
تحرك جبران يبتعد سريعا يتحرك في طريق آخر غير طريق عودة رزق حتى لا يراه الأخير ، فتح هاتفه يبحث عن موعد إكتمال القمر ، تنهد حائرا عليه أن يُبلغ تلك المعلومات لحسن
___________
خرج من غرفة مكتب المدير ، يتحرك صوب غرفة تخزين الأدوية ، فتح بابها بالمفتاح الذي بحوذته ، يتحرك صوب أحد الكراتين فتحها يضع علب الدواء جانبا ينظر لما داخل العلبة غاضبًا ، ذلك السم عليه أن يتخلص منه قبل أن يسلمه لهم بعد عدة ساعات ولكن كيف يفعل ذلك ، عقد جبنيه يفكر قبل أن ترتسم على شفتيه ابتسامة كبيرة ، حمل أحد الكراتين وتوجه إلى مصرف مائي قديم قريب من المستشفى ، بدا يمزق محتويات كل كيس يفرغه في المصرف واحدًا بعد الآخر إلى أن أنتهى منهم جميعا بعد جهد شاق ، دخل إلى الوحدة صعد إلى مكتبه جلس هناك يلتقط أنفاسه ترتسم على شفتيه ابتسامة سعيدة ، ما هي إلا ساعة تقريبا ورأى الجوكر يدخل إلى مكتبه ، رغم أنه كان يغطي وجهه بقناع ألا أنه استطاع أن يرى الغضب المتقد في مقلتيه أقترب منه يقبض على تلابيب معطفه بيد واليد الأخرى يريه مقطع فيديو له وهو يتخلص من كنزهم :
- أنت عارف البضاعة اللي أنت رميتها في المجاري دي ، إحنا دخلناها إزاي في ظل أن الحكومة عاملة بدل الكمين ألف ، أنت فاكر أنها هتعدي بالساهل ، هتدفع تمن اللي عملته دا غالي أوي ، أعتبره آخر إنذار ليك يا طه ، لو اتكررت تاني لا اللي برة ولا اللي جوا هينقذوك من أيدي فاهم ؟
- دكتور طه في إيه ؟
خرج صوت صبا من الخارج ، دفع الجوكر طه بعيدًا عنه يهمس له يتوعده :
- مش دي البت السكرتيرة بتاعتك لو شافتني هخلصلك عليها
انتفض طه سريعا يقف أمام الباب يرده م
بجسده ما أن حاولت صبا فتحه ، ابتلع لعابه ينظر إليها يردف سريعًا متوترًا :
- صبا ، أنتِ ايه اللي رجعك دلوقتي ؟
عقدت صبا جبينها لا تفهم لما يقف هكذا ، حمحمت تقول متوترة :
- مش لاقية موبايلي ، ممكن أكون نسيته في مكتب حضرتك ، ممكن بس أدخل أشوفه
عقد جبينه غاضبا يحرك رأسه للجانبين رافضا يردد بصوت حاد :
- لاء مش ممكن ، معايا حد جوا
ولكن صبا البلهاء رفعت كتفيها ابتسمت تردف ببساطة :
- طب استأذن منه، هدخل أشوف الموبايل بسرعة وأخرج
زفر أنفاسه غاضبا الحمقاء لمَ لا ترحل ببساطة ، عقد جبينه يتحدث غاضبا :
- معايا واحدة يا صبا وما ينفعش تدخلي تشوفيها بالمنظر اللي هي عليه ، محتاجة توضيح أكتر من كدة
توسعت حدقتيها ، شحب وجهها أثر ما قال ، ابتلعت غصتها وهي التي كانت تظن مختلف ، عادت خطاها للخلف تملأ الدموع عينيها ، نظرت إليه عدة لحظات تعابته قبل أن تهرع تخرج من المستشفى ، هنا زفر طه أنفاسه أغلق الباب وعاد ينظر للجوكر الذي طفقه بنظرة ساخرة يتوعده :
- واضح أن الكتكوتة غالية عليك أوي ، لو اتكررت تاني يا طه ، هدبحلك الكتكوتة ، وأنت عارف إحنا ما عندناش عزيز ولا غالي ، وأعمل حسابك أن بابا هو اللي هيشيل حق البضاعة اللي أنت رميتها ، هتدفع بابا مبلغ جامد أوي يا طه
دفعه في كتفه وتركه وخرج ، زفر طه أنفاسه حانقًا يستند إلى مكتبه خلفه ، يفكر قلقا عليه أن يجد طريقة أخرى ليتخلص من سمومهم دون أن تتأذى صبا المسكينة ولكنه يجب أن يعرف من قام بتصويره وهو يتخلص من المخدرات
___________
عودة إلى حيث منزل رزق ، حمحم حسن يدق باب غرفة وتر دخل فرآها تقف أمامه فتح شفتيه يحاول أن يبرر :
- وتر افهمي
قاطعته قبل أن يقل حرفا آخر :
- أنا فاهمة يا حسن أنا مش غبية ، أنا اللي اتغابيت تحت لما زعقت في وش رزق ، جبران عمل كدة خوفا عليا من رزق ، صحيح أنا هطلع القلم دا على جتته ، بس أنا فاهمة أنه كان خايف عليا ، واوعى أنت تسمع كلامه ، أمل أصلا نفسيتها زي الزفت مش ناقصة حقيقي أنك تتجوز عليها وتحقق الكابوس اللي أمها بتزرعه فيها كل ليلة
تنهد حسن قلقا حائرا ، مسح وجهه بكف يده أشتاق لأمل ، أشتاق لها لحد كبير ، أراد أن يقول شيئا ولكنهما سمعا معا صوت كايلا تصرخ ، هرعت وتر تركض وحسن يهرول للخارج ، خرجا إلى الحديقة فرأت وتر سعد يُمسك بذراع كايلا يمنعها من أن تركض ، اقتربت منهم تسألهم قلقة :
- في إيه يا سعد ، كايلا بتصرخي ليه ؟
أشارت كايلا إلى الطريق الفارغ أمامها تصيح غاضبة :
- جدو ، جدو كان هنا وسعد مسك ايدي وأنا كنت عاوزة ألوحله وسعد مسك دلاعي وزعق وقال لاء
نظرت وتر إلى سعد ، نزلت على ركبتيها أمامه تسأله :
- إيه اللي حصل يا سعد
توتر الفتى خائفا من زوجة أبيه ابتلع لعابه يهمس مرتبكًا :
- كايلا شافت راجل غريب ماشي في الشارع وعدى من قدام البوابة قعدت تصرخ وتقول جدو وكنت عاوزة تجري تروحله بس أنا مسكت دراعها وما رضتش اخليها تروح لأن دا مش جدو رزق ، دا راجل غريب أول مرة أشوفه ، بس الراجل دا بص لكايلا وضحك وشاورلها ومشي
عقدت وتر جبينها قلقة مما قال سعد ، عادت تنظر لابنتها تسألها :
- كايلا ، دا جدو مين ؟
عبست الصغيرة تكتف ذراعيها أمامها تردف حزينة :
- جدو سفيان مشي وزعل !!
شهقت وتر مذعورة للمرة الثانية تذكر ابنتها اسم والدها الميت ، كيف لكايلا أن تعرف سفيان وقد مات قبل حتى أن تولد ، الأمر يصبح مخيفًا أكثر ، انتبهت على صوت جبران وهو يدخل إلى الحديقة هبت واقفة تحركت إليه تصيح قلقة :
- كايلا شافت سفيان والمرة دي سعد قدام سعد وكانت عاوزة تجري عليه لولا سعد لحقها ، كايلا بتشوف سفيان إزاي يا جبران ، أنا هتجنن !
_______________
قرابة السادسة صباحًا ، تحركت هي ووالدتها إلى محطة القطارات كل ذرة فيها تخبرها أن ما تفعله خاطئ بنسبة ألف في المئة ولكنها يئست من جميع المحاولات ، قررت أن تسير وفق التيار ، ربما القطيع طريقهم صحيح وهي فقط من كانت تعاند ، طوال الطريق ووالدتها تبتسم لها تشجعها تخبرها أن ما يفعلانه صحيحا وهي على أتم ثقة من أن ما يفعلانه كارثة بكافة المقاييس ، بعد عدة ساعات وصل القطار إلى المحطة نزلت منه تنظر حولها تتمنى في تلك اللحظة رؤية حسن ليمنعها عما ستفعل ، شعرت بيد والدتها تمسك بذراعها تجذبها معها وبعد الكثير من الأسئلة وصلوا للقرية المنشودة في بدايتها وجدوا مقام غير مكتمل البناء يحمل اسم الشيخ جابر ، هنا ابتسمت والدتها تقول سعيدة :
- مش قولتلك دا راجل صالح وولي
لم ترد تشعر بأن قواها خائرة من القلق فقط ، أمسكت والدتها بيدها وتولت مهمة البحث عن منزل الشيخ جابر إلى أن وصلوا لبيت كبير له باب عالي من الخشب ، رفعت سيدة يدها تدق الباب مرت عدة دقائق وفتح الباب وظهر جابر من خلفه على شفتيه ابتسامة واسعة يرحب بها :
- يا أهلا ، يا أهلا بمرات المقدم حسن ، حملك مطلوب وطلبك موجود ، والحل بس في ايد الشيخ جابر
________________
- يعني أنتِ متأكدة يا حورية أنه راقي بالقرآن
همست بها حياة قلقة تنظر للفتاة جوارها ، فحركت حورية رأسها لأعلى وأسفل تقول سريعا :
- ايوة يا ست حياة بقولك حالي اتعدل على أيده ،راجل طيب وبيتقي الله ، تعالي معايا هي ساعة زمن واحدة هيرقيكي ويزيح عن نفسك الهم والحزن دا كله ، وترجعي تنوري من تاني ، مش هنتاخر هنرجع قبل ما زياد بيه يرجع
اومأت حياة برأسها ، تنهدت تقول سريعا :
- طيب أنا هقوم أغير هدومي ، ونروح بس هنرجع على طول قبل ما زياد يرجع ، هو اسمه ايه صحيح الشيخ دا
- الشيخ جابر يا ست حياة ، اسمه الشيخ جابر في البلد اللي جنبنا على طول