رواية عامل المشرحه الفصل الاول بقلم رحاب القاضي
#عامل_المشرحه
عارفين لما الحظ السئ بتاع الناس كلها يتجمع في شخص واحد ... اهو الشخص ده انا يوم ما لقيت شغل بمرتب كويس اقدر من خلاله اعيش كويس وابدأ حياتي بشكل احسن من الاول تطلعلي مصايب زرقا وادخل في حوارات لو كنت سمعت عنها قبل كده اكيد كنت هقول دي تخاريف ، انتو نفسكم ممكن لما تسمعو حكايتي تقولو عليا بخرف او بقول كلام مش منطقي بس اللي حصل معايا كان كله حقيقي وايوه انا شوفت ارواح ناس ميته وكمان اذوني
وقبل ما احكيلكم حكايتي اعرفكم بنفسي انا اسمي عرفه السيد عندي 28 سنه واخد دبلوم صنايع وكنت شغال عامل في قهوه وفي يوم وانا في شغلي جالي واحد صاحبي اسمه رؤوف وقالي ..
- انت يا ابني مش ناوي يتوب عليك ربنا من شغلانة القهوه دي وانك بتخدم علي الناس اللي جايه تضيع وقتها دي في حاجه غير كر الله
=يعني هو انا يا شيخ رؤوف كنت لقيت شغلانه احسن من كده وكنت قولت لا
- طيب واللي يدلك علي شغلانه احسن من دي مليون مره تعمل ايه ؟
فرحت اووي من كلامه وقولتله اني موافق طبعا وخصوصا انه كان مفهمني ان الشغلانه دي بتاعت القهوه فيها ذنب كبير عشان كنت بقدم شيش وبساعد الناس انها تلهي وقتها في حاجه غير ذكر الله ، وطلب مني اروحله بالليل بعد ما اخلص شغلي وهيقولي ايه الشغل الجديد بتاعي ده اللي المفروض هسيب شغلي في القهوه وهبدأ فيه
وفعلا بالليل روحتله واخدني وروحنا مستشفي كبيره وخاصه بتاعت الناس الاغنيه اللي الدخول فيها بس بأد كده ، وبعد ما وصلنا هناك شوفت سبب مشاكلي كلها وهو الاستاذ فخري ده كان الراجل الموظف هناك اللي المفروض هو اللي هيشغلني
وقابلنا كويس وجابلنا حاجه ساقعه من الكافيتريا تحت وطلعنا مكتبه فوق وكان مكتبه جنب المشرحه بتاعت المستشفي والمشرحه دي كانت كبيره جداً دي كانت واخده نص الطابق التاني بتاع المستشفي ، وعرفت بقي ان فخري ده هو اللي مسؤل عن الجثث الداخله والخارجه من المستشفي بيسجلها عنده في كشف بالبيانات بتاعتها ، وبصلي وهو مبتسم ابتسامه بسيطه كده وقالي
- بقولك ايه يا عرفه انت هتشتغل هنا في حاجه بسيطه بس عايزه قلب جامد انت هتبقي عامل في المشرحه كل شويه تدخل تطمن علي الجثث وتساعد الدكاتره اللي بتشرح وتنضف المكان ، انت هتكون بالنهار ويوسف زميلك هيكون بالليل
= تمام بس المرتب بتاعي هيكون اد ايه انا كنت باخد في القهوه 3500 جنيه مش عايز اقل منهم
لقيته ضحك وقالي اني هاخد 6000 جنيه ده غير ان في زيادات تانيه لو سمعت كلامهم في الشغل وعملت اللي هما عايزينه ، ما فهمتش قصده ايه وما حبيتش اركز بصراحه هو يقصد ايه بالكلام ده ومن فرحتي بالمبلغ اللي هاخده كل شهر ما اهتمتش ورجعت البيت وانا مبسوط جدا ان خلاص لقيت شغل بمبلغ كويس ، بس كنت قلقان شويه من المكان دي مشرحه مش ملاهي اصلا وهبقي وسط جثث وناس ميته والله واعلم الناس دس ميته ازاي مقتوله ولا حصلها ايه
عدي اليوم عادي وتاني يوم روحت الشغل الجديد ده والغريب ان رؤوف صاحبي جه معايا عشان يوصلني وقال ايه يطمن عليا انا كنت مصدقه وما كنتش شايف ان في صاحب ممكن يعمل مع صاحبه زي ما هو بيعمل معايا كده ومش عشان الشغل لا ده هو اكتر من موقف بيقف جنبي فيهم وللحق انا مستجدعه معايا اووي بالمواقف دي
المهم بعد ما وصلني انا روحت لبست الهدوم بتاعت المستشفي وهو وقف مع فخري شويه وبعدين مشي ، وانا روحت استلمت شغلي وكان يوسف الولد اللي شغال قبلي مستنيني عشان استلم منه الشغل وكان ولد شكله غلبان وسلم عليا وقالي
-اتفضل بقي يا عم عرفه انت هتستلم من تسعه الصبح لتسعه بالليل تسعه بالليل انا هكون عندك
=تمام بس قولي هو الشغل جوه نظامه ايه بيني وبينك انا عمري ما شوفت واحد ميت قبل كده فجدتي متلبشه شويه
-لا لا ما تقلقش الشغل هنا ساهل اووي بس ابقي وانت داخل قول السلام عليكم وانت طالع ارمي السلام برضو ما يضرش وبالتوفيق
قال كلامه ومشي وانا اتشجعت شويه ودخلت المشرحه او التلاجه زي ما بيقولو في بعض الاحيان ، الباب وانا بفتحه عمل صوت كده خوفني اكتر ما انا خايف ، المهم برضو دخلت ورميت السلام زي ما يوسف قالي والمكان كان بارد شويه غير باقي الاوض وريحة الادويه ماليه المكان وفي ريحه كمان زفره شويه وكانت كل تلاجه فيها جثه عليها رقم ، طلعت ونسيت ارمي السلام برضو وانا طالع فدخلت تاني بسرعه ورميت السلام وجريت
وعدت ساعه في التانيه ولقيت في دوشه بره وفجأه دخلو عليا الاوضه اللي قاعد فيها وكانت بنت ممرضه وقالتلي افتحلهم بسرعه عشان في جثه عايزين يدخلوها ، طلعت بره الاوضه وانا معايا المفتاح واتصدمت لما لقيتهم حاطين علي السرسر الطبي واحد محروق مش باين منه اي ملامح حتي السرير تحت منه كله ورق بلاستيك
ما اكدبش عليكم انا خوفت جدا لا ده اترعبت وما حستش بنفسي غير وهما بيفوقوني وقالولي ان اغمي عليا ، ودخل فخري وهو متعصب وزعق فيا وقالي
- بقولك ايه جو الدلع ده ما ينفعش انت ياما هتشوف كتير ولازم تكون متعود
=انا اسف يا استاذ فخري انا بس اتصدمت واتخضيت مش اكتر بس اوعدك ان ده مش هيتكرر تاني
-طيب قوم عشان تقف جنب الدكتور وهو بيشوف شغله وتنضف الاوضه بعد ما يخلص
قومت وجيبت سندوتش حلو كده واكلته بسرعه عشان اقدر اكمل شغل لاخر اليوم ، ودخلت عند الدكتور اللي كان عنده تقريبا بتاع الاربعين سنه او اكتر وكان راجل تنك اووي وروحه في مناخيره وكانت قدامه الجثه بتاعت الراجل اللي كان محروق ، لا لا ثواني دي طلعت واحده مش واحد
حاولت اقف جنبيه وما تابينش ابدا اني خايف وبدأ يطلب مني اعمل حاجات زي اجيبله تلج وسعات اناوله المشرط وكان لمنظر مرعب جدا ، وجالي فضول اسأله ايه سبب انه بيشرحها وليه نا يسيبوهاش تدفن علي طول ، هو رد عليا بهدوء وقالي
- اصل امها مقدمه بلاغ ان اللي حرقها يبقي جوز ابوها ، والراجل مقبوض عليه واحنا بنشوف الحقيقه
ولما سألته هيعرف الحقيقه دي منين قالي ان ام البنت اللي حصلتلها الحادثه دي قالت ان جوزها رش علي بنتها بنزين وهي نايكه فهمو بيحللو والكلام العلمي اللي انا طبعا ما فهمتش منه ولا حاجه ، وبعد ما خلص الدكتور شغله ومشي انا فضلت انضف في المكان وجه وقت اني اشيل الجثه تاني مكانها ، وبصراحه كنت خايف اقرب منها فسيبتها لاخر حاجه ، وبعدين دخلتها مكانها وطلعت بسرعه بعد ما رميت السلام وانا طالع
رجعت البيت وكنت لسه مش علي بعضي من اول يوم واللي شوفته فيه ، بالمناسبه انا ابويا وامي ماتو وانا عندي 12 سنه واتربيت لوحدي والحمد لله ربنا بعتلي ولاد الحلال اللي كانو بيساعدوني بالفلوس وفي تعليمي ولما خلصت تعليم لقيت اهو اللي يساعدني في شغلي
وبالليل كنت نايم وحسيت بحركه في الاوضه ، قومت بسرعه وانا قلقان لاني عايش لوحدي وفكرت ان في حرامي في الشقه ، وياريت كان حرامي لانه للاسف كانت البنت المحروقه واقفه قدامي ، اول ما عيني وقعت عليها بكل تفاصيلها واقفه قدامي صرخت بصوتي كله وفي اللحظه دي هي اختفت
بعد ما اختفت فضلت اتلفت حواليا وانا مش عارف ده حقيقي ولا لا ، بس ممكن كان بيتهيألي عشان كنت بفكر في اللي حصل في المستشفي كتير ، ورجعت نمت تاني بس سيبت النور مفتوح وفضلت اقول لنفسي انا عليا ايه في ده كله ما ارجع القهوه احسن ويبقي بالي رايق ، بس رجعت تاني وقولت فيها ايه اما اتحمل شويه اللي بيحصل ده وبرضو المبلغ كويس ده انا سنه او سنتين احوش فيهم كويس واتجوز علي طول وتبقي عندي العيله اللي بحلم بيها وما ايقاش لوحدي تاني
وتاني يوم الصبح وانا رايح الشغل قابلت في سكتي رؤوف اللي كان جايب فطار لبيتهم ومروح وقولتله علي اللي حصلي بالليل واني لسه قلقان من الشغلانه دي واني كنت فاكر ان قلبي جامد بس الموضوع صعب ، بس هو طمني وقالي ان دي حاله نادره وبتيجي حاجات صعبه زي كده كل فتره كبيره مش علي طول وطلب مني اصلي واحافظ علي الاذكار بتاعتي
انا الاول كنت بكسل اووي علي الصلاه وما كنتش اعرف ايه الاذكار اصلا بس بسبب خوفي سمعت كلامه المره دي واول ما وصلت الشغل واستلمت العهده من يوسف روحت اتوضيت وصليت بس حسيت بتقل في رجليا اوول والكلام كنت بنطقه بالعافيه ، وبعد ما خلصت صلاه كنت عرقان اووي وكأني كنت بجري ، وفجأه سمعت صوت صرخه قويه جايه من جوه التلاجه ، قومت بسرعه وفتحت الباب ودخلت وانا بحاول افهم ايه الصوت ده
وسمعت اكتر صوت واحده بتعيط جاي من المكان اللي فيه البنت الحروقه ، جسمي كله اتنفض وانا مرعوب قربت من المكان اللي هي فيه وقبل ما افتح الباب واطلعها او اشوف في ايه سمعت صوت دخين من ورايا وحد بيقولي
-هو مش يوسف قالك ترمي السلام وانت داخل
بصيت واريا بسرعه وانا حاسس اني مش قادر اخد نفسي والمصيبه اني ما لقيتش حد ورايا واخد بعضي بسرعه وجريت بره النيله دي ، بس رجعت تاني ورميت السلام وقفلت الباب ، وحلفت اني مش هدخل تاني جوه غير لما يكون معايا حد ، وانا وقاعد بره جه فخري وقالي بصوت واطي
-بص يا عرفه امسك الكيس الصغير ده حطه في الجثه اللي جات امبارح والجماعه هيدخلو يكفنوها دلوقتي قبل ما تروح قبرها
=هو ايه الكيس ده طيب بتاع ايه ؟
- دي حاجات خاصه بالمستشفي هنا بس اوعي تفتحه حطه علي طول
-لا معلش افهم ايه الكيس ده يا استاذ فخري
= هقولك الجثه بقالها يوم بحاله هنا وكمان محروقه يعني ممكن وهي بتتكفن ريحتها تفيح او حاجه من اللي تغم علي النفس دي
سكت وسمعت كلامه واخدت الكيس ودخلت التلاجه تاني ورميت السلام وبعدين روحت وطلعت الجثه وحطيت جنبيها الكيس ودخلتها تاني ، الكيس كان صغير اصغر من كف الايد وما كنتش اعرف فيه ايه ، وكان كل همي اطلع بسرعه واول ما طلعت دخلو لجماعه اللي كفنوها وبعدين طلعو وواحد منهم اداني 500 جنيه في ايدي وقالي
-امسك الاستاذ فخري بعتلك دول
فكرتهم بقشيش او حاجه كده تحفيزيه اخدتهم وبالليل رجعت البيت وانا وطالع البيت تفاجئت بقطه سودا واقفه علي اول السلم وعينيها حمرا اووي ومش متحركه..