رواية جبران العشق الخاتمة الجزء الثاني بقلم دينا جمال


 رواية جبران العشق الخاتمة الجزء الثاني 

العشق 
ما به 
مخيف غريب ساحر 
حالة خاصة من الوعي واللاوعي
فقاعة من جمر النار تسلب لبك تدخل إليها بملئ إرادتك وترفض الخروج من جديد 
قد لا تشعر بحرارة الجمر بقدر ما تشعر بلوعة العشق 
للعشق مفاتيح لا أحد يملكها هي التي تملك الجميع تفتح قلب من تشاء لطوفان من المشاعر ينجرف داخل القلب يأكل في طريقه كل كسرٍ ، يرمم كل شرخ ، يعيد الحياة لقلبِ جاف من جديد 
العشق جبران ، ينقذ الغريق ، يرمم القلوب ، سكينة تلتف حول الروح تهدهدها 
حين يرتوي القاع الجاف وينبض من جديد
العشق يجبر ينقذ يرمم يروي 
للعشق جبران يعيد الحياة لقلوب العاشقين !!
_________________
مرت الأيام تلتها الأسابيع ها هما أسبوعين آخرين رحلا يركضان بعيدا دون سابق إنذار العاشرة صباحا أمام مكتب الشؤون في كلية التجارة تجلس أمل على مقعد جانبي تعض أظافرها قلقا تنتظر حسن بفروغ الصبر ، يكاد قلبها يتوقف خوفا ، حين ذهبت لتقديم أوراقها في الجامعة هذا الصباح سخرت منها الموظفة تخبرها متهكمة ( إحنا مش هنخلص بقى من العيال بتوع المعادلة دول ما انتوا لو كنتوا ذاكرتوا وجبتوا مجاميع من الأول ما كنتوش قرفتونا القرف دا كله )
لم تتحمل أمل الإهانة فصرخت في الموظفة تدافع عن حقها :
-أنتِ ست ما عنديش لا دم ولا إحساس ، ما تعرفيش ظروف اللي قدامك عشان تحكمي عليه بالشكل المهين دا 
وعليه بالطبع رفضت الموظفة قبول أوراق أمل من الأساس تخبرها أنه لن يتم قبولها بالجامعة حتى لو رأت القمر في وضح النهار ، وعليه بالطبع ايضا تواصلت أمل مع حسن تخبره بكل ما حدث فما هي إلا نصف ساعة وكان أمامها أخذ منها الأوراق يطلب منها انتظاره وها هي تنتظره منذ ما يقارب ساعة وهو لم يعد بعد ، انتفضت حين رأته يتقدم ناحيتها تسير تلك الموظفة جواره إلى أن صارا أمامها ، نظرت السيدة لأمل مرتبكة خائفة لتبتلع لعابها تهمس متلجلجة :
-أنا آسفة ، أنا آسفة يا بنتي ... ربنا يعينك يارب وينجحك ، ورقك اتقبل خلاص جدول المحاضرات وأماكنها بينزل على النت ، عن اذنكوا ، أنا آسفة مرة تانية اتمنى تسامحيني

وهرولت تغادر لتنظر أمل لحسن في ذهول لا تصدق ما حدث توا ، من الجيد الزواج برجل مهم إذا ابتسمت سعيدة ودت أن تعانقه ولكن كيف تفعل في الحرم الجامعي مدت يدها تمسك بكف يده تعطيه ابتسامة كبيرة سعيدة تتمتم ممتنة :
- بجد أنا مش عارفة اشكرك ازاي يا حسن ، كفاية أنك جيت جري مجرد ما قولتلك إني عندي مشكلة ، أنا كنت فاكرة خلاص إني حلمي ضاع ، بس أنت هنا وحليت المشكلة وما قبلتش اهانتي وخليتها تعتذرلي أنا بجد مش عارفة اشكرك إزاي ربنا يخليك ليا يارب 

ارتسمت ابتسامة كبيرة سعيدة كلماتها تشعره بالفخر والاعتزاز بذاته أمسك بكفها يردف مبتسما :
- أنتِ مراتي يا أمل وأنا قولتهالك قبل كدة ما تستنيش مني كلمة بحبك كل يوم ، بس اي حاجة هتحصل في اي وقت هتلاقيني دايما موجود في ضهرك 
وصمت للحظات قبل أن يردف مبتهجا :
-دلوقتي نروح نحتفل بقبولك في الكلية قبل معمعمة الكلية والمحاضرات دا أنتِ هتتنفخي يا بنتي ، بكرة تقولي ياريت اللي جرى ما كان 

وأمسك بيدها يتحركان معا إلى حيث تقف سيارته خارج الجامعة اقتربا منها ليفتح لها باب السيارة ابتسمت له تدلف إليها ليجلس جوارها ما أن فعل مالت إليه تلثم وجنته بقبلة خاطفة لتتسع بسمته وضع يده على خده يغمزها بطرف عينيه يغمغم في خبث :
-والله وبقيتي منحرفة يا نوسة 
وضعت كفيها على وجهها تضحك تبتسم خجلة ليضحك هو بملئ شدقيه أدار محرك السيارة يذهب إلى أحد فروع مطاعم الأطعمة السريعة القريب منهم وقف أمام المطعم ليتذكر ما حدث قبل أشهر حين كان هو وأمل في أحد فروع ذلك المطعم وظهر كمال ليدمر حياته مرة أخرى ، ذكرى مريرة لن ينساها ببساطة أبدا ، أجفل حين شعر بيدها تمسك بكف يده نظر إليها ليجدها تبتسم تشجعه تخبره بأنه عليهم تجاوز تلك الذكرى تنهد يومأ لها فتح باب السيارة المجاور له ، نزل لتفعل هي الأخرى أمسكت بيده يتقدمان للداخل طلبا الطعام ليتوجها إلى إحدى الطاولات ، دق بأصابعه عدة مرات يريد سؤالها عن شيء ولكنه يشعر بالتوتر من فعل ذلك تنهد بعمق يشجع نفسه ، رفع وجهه إليها تنهد يسألها :
-أمل ، هو أنتِ ممكن يعني تكوني لسه في زعل جواكِ مني بسبب الطريقة اللي اتجوزنا بيها قبل ما نتطلق 
ابتسمت عينيها قبل شفتيها تحرك رأسها للجانبين بهدوء مدت يدها تمسك بكف يده تضغط بإبهامها بخفة على ظهر يده تردف :
- بص يا حسن أنا وأنت عارفين إن بداية الحكاية كانت غلط تماما ، أنت ما تقبلتش رفضي ليك وبعدت على الأقل تديني فرصة أفكر وجوازنا بالطريقة دي كان كارثة حرفيا ، أنا كنت بحقد عليك وبكرهك في الوقت دا بشكل مش طبيعي لولا بس الموقف اللي حصل  لما يعني كمال خطفنا غير وجه نظري ناحيتك كتير بس بردوا كان لسه عقبة البداية الغلط ، ما كنتش عايزة احس اني عايشة معاك مجبرة
عشان كدة أنا فرحت لما انفصلنا كنت عايزة لما نرجع القى معاك بكامل إرادتي بدون أي غصب أو إجبار عشان تبقى علاقة سوية، ودا اللي حصل وصدقني أنا دلوقتي قلبي كله حب بس، ضحك سعيدا يحرك رأسه رفع يدها الى فمه يلثم باطن كفها بقبلة عميقة لتخفض عينيها خجلا تنهد تخرج الأحرف من أعماق قلبه :
-أنا بحبك أوي يا أمل ، بجد من أول لحظة وقعت عيني عليكِ فيها وأنا حبيتك ، مع أن حبي ليكِ كان ضد القوانين أنا كنت في مأمورية ما ليش رفاهية إني أحب اصلا ، و جالي تحذيرات كتير من الإدارة اني لو ما بطلتش جري وراكِ هتفصل ، بس تعرفي أنا كنت موافق اتفصل بس أفضل معاكِ

كلاهما كان فرحا يرقص قلبه طربا ،أمل بعد أن اخيرا حققت حلم حياتها الحب والجامعة ، وحسن بعد أن اخيرا أن يحيا سعيدا بعد سنوات عذاب رأى فيها الجحيم الوانا تستعر ، سلت أمل يدها من يد حسن تمسك الشيطرة أمامها ليضحك حسن عاليا يغمزها بطرف عينيه يغمغم ضاحكا:
-الحب ولا الأكل ،الأكل طبعا يا حسن ، يا شيخة يا فصيلة كنا لسه بنحب في بعض الأكل مش هيطير

ابتلعت ما في فمها تأخذ حفنة كبيرة من البطاطا المقلية تضعها في فمها تغمغم بصوت مختنق :
-مش هيطير بس هيبرد ، وأنا ما بحبش البرجر والبطاطس باردة ، بقولك صحيح أنت عايز البطاطس بتاعتك ؟!!
________________
استيقظ صباحا يمط ذراعيه في الهواء ، فتح عينيه ينظر لمحيط الغرفة حوله منذ شهر إلى الآن وهو يمكث في منزل شقيقه بأمرٍ منه ، جبران يرفض تماما رحيله قبل أن يتأكد أنه على خير ما يرام من وجهه نظره هو ، أقسم له عدة مرات أنه شفي تماما ولكن لا حياة لمن تنادي ، قام من فراشه يبحث عن شقيقه لا أثر له عاد للغرفة ليجد صينية طعام مغطاة بمفرش أبيض يعلوها ورقة صغيرة خط عليها ( أنا روحت المعرض ، أفطر كويس وعلى الله تنزل هعلقك ، أخوك )
ابتسم زياد مقررا الهرب حرفيا ، قام سريعا يجمع ثيابه في حقيبة ثيابه ، أمسك نفس الورقة يخط على ظهرها الفارغ عدة جمل ليضعها على وسادته نزل من المنزل يغلق الباب خلفه تنفس الصعداء يشعر بأنه يهرب من الحجز ، أخرج هاتفه يطلب رقم حياة انتظر للحظات قبل أن يسمع صوتها ليبادر قائلا سريعا :
-حياة ما فيش وقت للشرح أنا هستناكي في عربيتي على أول الشارع ، بسرعة يا حياة بالله عليكِ جبران لو رجع هيعلقني من قفايا 
أغلق معها الخط يتسلب بحذر إلى الخارج ، من الجيد أنه يملك مفاتيح السيارة ، أطل برأسه من مدخل العمارة ينظر حوله حذرا قبل أن يتسلل بخفة إلى سيارته الواقفة جانبا ، ليضحك ساخرا على نفسه يتذكر ذلك الفيلم كان البطل يتسلل لخارج المنزل هربا من الشرطة ولسخرية القدر هو الشرطة هنا ومع ذلك هو من يهرب وقف بالسيارة عند الشارع الرئيسي يراقب ما يحدث حوله إلى أن رآها تخرج تتهادى الخطى تنظر حولها تبحث عنه ، تاهت عينيه في أدق تفاصيلها حياة كانت ولا تزال نبتة بيضاء طاهرة دافعت باستماتة عن تويجاتها البيضاء ، رآها تبتسم ما أن لمحت السيارة ليخرج منها سريعا التفت حول السيارة يفتح لها الباب المجاور له ، ابتسمت على استحياء ، جلست جواره أغلق الباب ليسارع يعود مكانه ،قطبت جبينها قلقة توجه حديثها إليه:
- في اي يا زياد أنت كويس قلقتني عليك ، وجبران هيعلقك ليه في اي 
توسعت ابتسامته يشعر بقلبه يرفرف فرحا ما أن شعر بقلقها عليه ، التفت إليها يغمغم سعيدا :
-بجد قلقتي عليا ، بصي إحنا نروح نفطر محتاج اتكلم معاكِ كلام كتتتير أوي ممكن

انتظرت لعدة لحظات حتى لا تبدو لهفتها لتومأ برأسها في هدوء فابتسم مبتهجا يدير محرك السيارة ينطلق بها بعيدا 
________________
تحركت تقف أمام صورة والدها الكبيرة التي تأخذ مساحة كبيرة من الحائط أمامها تتطلع لتفاصيل التي تعرفها طوال عمرها وتشعر أنها تراها للمرة الأولى ذاك هو والدها ربما هي نظرة عينيه المختلفة عن تلك النظرة التي كانت دوما تحتل عيني سفيان وهو يضع قناع بوجه والدها فالخبث لم يكن يفارق نظراته أما الرجل في الصورة أمامها نظرات عينيه تبعث إحساس رائع بالدفء والأمان ، اجفلت على يد والدتها تنبسط برفق فوق كتفها تقف جوارها تنظر كلتاهما للصورة أمامهم تنهدت شيرين بعمق قبل أن تهمس :
- سراج كان أحن وأطيب راجل في الدنيا ، كان حب حياتي اللي اتمنيت إني اتجمع معاه ووقفت قدامنا الشياطين مجدي وأمه ، أنا شوفت العذاب ألوان بسبب مجدي ، بس عارفة أنا دلوقتي مبسوطة أنه خد حسابه على كل اللي عمله ولسه ليه حساب في الآخرة

همهمت ملك تنظر صوب والدتها تبتسم حزينة ، منذ ذلك اللقاء قبل أسبوعين في منزل بيجاد وما عادت والدتها تأتي إليها حتى لا تُغضب رسل وتتدمر العلاقة بينهما وبين بيجاد ، فلم تكن هي لتترك والدتها هكذا باتت تردد إلى شقتها الصغيرة بين الحين والآخر تطمأن عليها ، أحيانا تقضي ليلتها عندها لن تنسى أبدا ليلتها الأولي بين أحضان والدتها شعرت وقتها أنها طفلة في الخامسة من العمر ، عزفت كل منهن عن الحديث عن الماضي ربما المستقبل يستحق النظر إليه أكثر لا فائدة من البكاء على الحليب المسكوب فالهرر الجائعة سترتشفه على كل حال 
أما أسفل بيت شيرين فيقف عمر أو بمعني أصح يجلس في سيارته يضحك ساخرا على حاله بات كمراهق عاشق يتبع معشوقته في كل مكان تذهب إليه يقف يراقبها من بعيد من كان يصدق أن يؤول به الحال لما يفعل الآن يخرج من عمله متحججا فقط ليراها لا يصدق حتى أنه يفعل ذلك 
تنهد بعمق ينظر للصورة التي التقطها لها على حين غفلة على شاشة هاتفه لترتسم ابتسامة بسيطة على ثغره من كان يصدق أن مشاعره تتبدل هكذا بين أيام وليالي قليلة جداا وها هو ينتظرها أمام منزل والدتها فقط ليكن بالقرب منها في طريق عودتها للمنزل !
__________________
في أحد المطاعم تجلس حياة وأمامها زياد تحرك الطعام في طبقها شاردة وسؤال واحد يتردد في ذهنها تعلمت من قاسم إلا تخفي ما يدور بداخلها حتى لا يظل يؤرقها ليل نهار ، رفعت وجهها إلى زياد تلتقط أنفاسها تشجع نفسها قبل أن تردف تسأله:
-زياد مش هيجي يوم تندم أنك اتجوزتني ، أو يعني تتمنى جواك أن تتجوز واحدة ما اتلمستش قبل كدة 
تنهد يأسا مد يده يمسك بكف يدها يحتضنه بين كفيه رفعت عينيها إليه ليرى هناك حياة خائفة تقف بعيدا تختبئ خلف حدقتيها كطفلة صغيرة تحتاج من يطمئنها حرك رأسه للجانبين يتمتم في هدوء :
-أنتِ ما غلطتيش يا حياة عشان تتكسفي أو تخجلي من نفسك ولو للحظة ، أنتِ بطلة دافعت عن نفسها ضد كل الشياطين دي ، حياة واحدة غيرك كانت استسلمت وقالت خلاص هرضى بمصيري أو تنتحر ، أنتِ ليه مش مصدقة أنك عملتي معجزة ، أنتِ بطلة وهتفضلي كدة في نظري طول العمر ، ممكن تشيلي كل الأوهام دي من دماغك بعد إذنك

ابتسمت تشعر بجسدها يرتجف من لذة مشاعره الصادقة صوبها يكفي كلماته التي أوصلت إليها شعور أنها حقا بطلة كما قال !! حمحمت محرجة تحاول سحب يدها من يده ليضحك بخفة يترك كفها غمزها بطرف عينه اليسرى يغمغم عابثا :
-لاء كدة مش هينفع العسل دا كله ، أنا هاخد ميعاد من جبران واجي اتقدملك ونعمل أحلى فرح 
اختفت أنفاسها تتدافع دقات قلبها زفاف لها ستصبح عروس ؟! وترتدي فستان زفاف أبيض كما تمنت يوما وظنت أنه حلم مستحيل المنال ولكنه ها هو على وشك أن يتحقق ، حُرق الشيطان وتحررت البريئة والسعادة تقف أمامها تفتح ذراعيها لها لتخطو داخل العالم من جديد 
_____________
المعرض على وشك الافتتاح أخيرا العمل يكاد يقتله ما بين الورشة والمعرض يتحرك في حلقة لا تنتهي الأيام تتأكل والمعرض على وشك الافتتاح وقف أمام جامعة القاهرة من الخارج ينظر للقبة العالية يبتسم كان هنا قبل سنواات طوال صحيح أنه لم ينجح في جامعته ولكنه لا زال يحمل الكثير من الذكريات اللطيفة عن شبابه قبل أن يتغير كل شئ ، رآها تخرج من باب الجامعة لترفع ذراعها الأيمن تلوح له سعيدة تحركت ناحيته سريعا ما أن وقفت أمامه بادرت تغمغم متلهفة :
-جبران أنت جيت بجد أنا قولت هتبقى مشغول بسبب المعرض ، أنا قدمت ورقي واتقبلت وهعمل ماجستير هنا أنا مبسوطة أوي يا جبران بجد مبسوطة 
ابتسم سعيدا وهو يراها هكذا تكاد تقفز من الفرح ، عينيها تلمع ابتسامتها تأكل وجهها انتهى الماضي بكل ما كان يحمل من ذكريات مريرة وندوب مؤلمة حادة ، شبك يدها في يده تسير جواره لا يتوقفان عن الحديث رغم أنها تراه كل يوم تقريبا إلا أنها حقا تشعر بالاشتياق إليه ، اشتاقت للجوء لصدره ليلا لتستمع إلى كلمات غزله قبل النوم ، وصلا إلى الحارة ليوصلها إلى منزل والدتها ما أن دلفا إلى مدخل العمارة مالت صوبه تهمس سريعا:
-على فكرة أنت وحشتني أوي
ولثمت وجنته بقبلة خاطفة لتركض لأعلى تسمع صوت ضحكاته تصدح من خلفها ، تحرك متجها صوب منزله اشتاق إليها كما الصحراء للمطر يشعر بأنها بعيدة كالشمس عن القمر ولكن صبرا فشقيقه مريض وعليه الاعتناء به وجود وتر الآن سيقيد حركتها وسيشعر زياد بأنه حمل ثقيل عليهم ، فتح الباب بمفتاحه توجه صوب غرفة شقيقه فتحها ليقطب جبينه غاضبا حين رأى الفراش فارغ ودولاب الثياب مفتوح على مصراعيه وفارغ ايضا ، الطعام لم يمس وورقة بيضاء تركها شقيقه الاحمق على الفراش التقطها سريعا يقرأ ما خط عليها 
( مراد أنا حقيقي مش هينفع أفضل أكتر من كدة ، أنا بقيت كويس بس أنت مش عايز تصدقني ، كفاية كدة شهر وزيادة وأنا مفرقك عن مراتك وأنا بصراحة عايز ابقى عم ، ما تزعلش مني ماشي ، أخوك )
ضحك عاليا الأحمق سيهشم عظام وجهه ما أن يراها ، وقف للحظات يفكر في خطة خبيثة سريعا التقط هاتفه يبحث عن رقم وتر ليطلبه لحظات وأجابت ليخفض صوته وبنبرة تملئها الألم همس بصعوبة :
-وتر ، أرجوكِ تعالي أنا مش عارف مالي جنبي بيقطع وزياد مش هنا
لم تنتظر لحظة أخرى تخبره أنها ستأتي في الحال تحرك سريعا صوب غرفة نومهم يختبئ خلف الباب 
أما هي فنزلت تركض دون أن تردف بحرف تحركت تهرول الخطى في الشارع صوب منزله تقبض على ميدالية المفاتيح في يدها دست المفتاح في قفل الباب دلفت سريعا تصيح باسمه دخلت إلى غرفة نومهم فتحت الباب ليختفي هو خلفه دخلت إلى الغرفة تنادي باسمه :
-جبران، جبران أنت فين جبران
صرخت مذعورة حين شعرت بأن هناك من يحضتنها من الخلف لتسمع صوت ضحكاته حلوة قطبت جبينها غاضبة تتحرك بين يديه بعنف تصرخ فيه :
- اوعى يا جبران أنا غلطانة إني كنت خايفة عليك ، اوعى سيبني ما تشلنيش بقولك 

ولا حياة لمن تنادي رفعها بين أحضانه يلتف بها حول نفسها لتتحول صرخاتها الغاضبة إلى أخرى سعيدة خاصة حين صرخ عاليا يخبرها :
- بحبك يا وتر قلب السواح 

وتلك الجملة لها مفعول السحر على قلبها تشعرها بالانتماء له وكأنها جزء من كل ، وقف معها أمام المرآة ليدس يده في جيب سروال يخرج هديتها وضعها حول رقبتها برفق يغلقها رفعت وتر يدها تتلمس القلادة التي تلتف حول جيدها في المنتصف نقش ( وتر السواح ) 
تلمستها بأعين تلمع فرحا وضعت يدها على فمها قبل أن تلتفت إليه تعانقه سعيدة تغمغم فَرِحة:
- بحبك يا جبران بحبك أوي 
طوقها بذراعيه يشعر بعبيرها يزلزل كيانه من كان يصدق أن الوتر سيعزف على قلبه لحنا لم يسمعه قلبه قبلا ، ضحكت برقة حين مال يحملها بين ذراعيه كالعروس لتتعلق برقبته تسند رأسها إلى صدره ، رنين صوت هاتفه كان أكثر من مزعج في تلك اللحظة شهقت متفاجئة حين ألقاها جبران على الفراش تنظر له بذهول انتزع هو هاتفه من جيب سرواله يسب المتصل خاصة حين أبصر اسم زياد فتح الخط يصيح فيه محتدا :
- أنت يا إبني تعمل الخير باليمين وتمسحه بالشمال عايز إيه دلوقتي يا زفت 
صمت للحظات يستمع إلى ما يقول أخيه قبل أن تتشنج قسمات وجهه يسب زياد بصوت عالي سمعت الأخير تأفف يغمغم حانقا:
- أنت كمان بتضحك يا حيوان وخلاص ما حبكش تتصل بيا عشان تتقدم لحياة إلا دلوقتي ، عدي عليا يوم الخميس بليل على9 ولو سمعت نفسك قبل يوم الخميس الساعة 9 ما عنديش بنات للجواز
وأغلق الخط في وجهه لتنفجر وتر في الضحك على ما حدث توا ، وضع جبران يمناه على خاصرته يغمغم متوعدا :
- اضحكِ اضحكِ ، دا أنا هخليه يعمل عجين الفلاحة لما يجي اللي كله بط بط هطلعه على جتته وز وز  
شمر عن ساعديه ابتسم يردف في خبث يغمزها بطرف عينيه :
- أما أنتِ بقى فعلى رأي المثل اللي يختشي من بنت عمه ما يجبش منها خضار قصدي عيال 

ضحكت تستند بمرفقايها إلى سطح الفراش تغمغم ساخرة :
-ايوة بس أنا مش بنت عمك اصلا 
زحفت يده إلى زر الإضاءة وصوته الخبيث يغمغم عابثا :
- لاء أنتِ بنت عمي من اب وأم تانيين إيش عرفك أنتِ
_______________
مرت عدة أيام أنه الأربعاء الخامسة عصرا وهو هنا للمرة التي لا يعرف عددها أمام منزل بيجاد طوال تلك الأيام ظل يأتي لهنا يتحدث مع ملك لبضع دقائق قليلة فقط قبل أن تهرب وتتركه وكأنها ساندريلا الحفل والساعة تدق الثانية عشر كل دقيقة !! اليوم اتى لينتهي كل ذلك اتى ليخبر بيجاد برغبته في أن تمكث ملك معه كزوجة في منزل زوجها ويتمنى لو يوافق جلس في غرفة الضيوف ينتظر نزول بيجاد ، إلى أن أتى اخيرا قام عمر يصافحه ابتسم يغمغم محرجا :
-أنا عارف انك بقيت بتشوفني كتير اوووي الأيام دي بس أنا جاي دلوقتي طالب منك أن ملك تيجي تقهد معايا في بيتها ، صدقني يا بيجاد أنا بحبها وهعمل كل اللي في وسعي عشان سعادتها وراحتها 

أراد بيجاد رفض الفكرة قبل حتى أن يخبر شقيقته ، قبل أيام قليلة فقط تعرف إليها ليست كارمن القديمة المصطعنة ولكن ملك شقيقته ابنه أبيه ، رفضه للفكرة يعني حرمان ملك من أن تعش حياة طبيعية وهي في أمس الحاجة لذلك ابتسم بصعوبة يومأ برأسه يغمغم :
- هسألها يا عمر اتفضل اقعد استريح 
تركه وأخذ طريقه لغرفة شقيقته قلبه يدق بعنف لا يريده أن يأخذها ويبتبعد ولا يريد بقائها حبيسة منزله صراع مخيف بين القلب والعقل لا يعرف ماذا يفعل ، تنهد بعمق يدق باب غرفة شقيقته سمع صوتها تأذن له بالدخول فتح الباب يدلف للداخل ابتسم ما أن رآها ليغمغم سعيدا:
-ايه الجمال دا ما شاء الله ، ساندريلا يا ناس
ضحكت ملك خجلة تلتف حول نفسها في فستانها الجديد جلس بيجاد على طرف فراشها يطلب منها الجلوس جواره ففعلت ابتسم مرتبكا يبتلع لعابه بين الحين والآخر لا يعرف من أين يبدأ تنهد يغمغم بحرقة :
-ملك أنا صحيح كنت قلقان وشاكك فيكِ في الأول وما انكرش إني ظلمتك زي ما الكل عمل بس والله أنا حبيتك يشهد ربي إني حبيتك من كل قلبي وكأني اعرفك من وإحنا أطفال ، بس للأسف كل عصفور لازم يوم يطير برة العش ، وأنا مش هقدر أمنعك تروحي تعيشي مع جوزك ، ومش عايزك أنتِ كمان ترفضي عيشي حياة طبيعية يا ملك حبي واتحبي وخلفي عايز اشوفلك أطفال كتير يقولولي يا خالو ، لازم تكملي يا ملك ما ينفعش تقفي عند خطوة وتفضلي تلفي حواليها. عشان كدة ممكن اطلب منك ، تحضري هدومك وتنزلي عمر مستنيكِ تحت عشان تروحي معاه 
توسعت حدقتيها ذهولا جزءً منها خائف والآخر قلق والثالث حائر للغاية ، ارتمت بين أحضان بيجاد ليطوقها بذراعيه يضمها لأحضانه دمعت عينيه يتمسك بها يشعر بها تبكي بحرقة داخل صدره 

من بعيد كانت العدسة تصور ما يحدث ترسل الصور لمن يجلس هناك خلف شاشة يراقبون ما يحدث العدسة تقترب من ملك التي تضع رأسها على صدر بيجاد تبتسم لشقيقها تبدو سعيدة تحركت الأعين التي تراقب صوب ذلك الصوت الذي تحدث فجاءة يقطع الصمت :
- kill her
تعليقات



×