اسكريبت انا مش جاهزه اخلف (كامل) بقلم الست نور


اسكريبت انا مش جاهزه اخلف بقلم الست نور 

- أنا مش جاهزة أخلف.

- ولا أنا كمان جاهز.

- إذًا؟

- نأجل سنة؟

- موافقة.


أنا ست عاطفية، لكن عقلي بيحركني، يعني قراراتي أغلبها إن مكنش كلها باخدها بعد تفكير، اتجوزت راجل عاقل راسي ومحترم وابن أصول، لكن أنا عصبية وهو بيكره التعامل مع الأطفال مش بيلاقي نفسه وسطهم بيحس بصداع رهيب لمجرد سماع صوت بُكاهم.


- أنا محتاجة أقلل عصبية، ومحتاجة منك تنبهني لو اتعصبت بلا سبب وبدون داعي وبداعي برضو احتياطي بحيث أكظم غيظي وقت الغضب.

- أنا حاولت أحب الأطفال بس مبستحملش بحس بتوتر من صوتهم وضجيجهم اللي بيعملوه.

- أنا هساعدك.

- وأنا عمري ما هخذلك.


عيوبنا مكشوفة قدام بعض، وده لمصلحتنا إحنا يا نتقبل بعض على عيبنا وده في الغالب هييجي يوم والطرف التاني يقول تعبت مبقتش قادر أستحمل، يا نساعد بعض نتغير للأفضل وده الأسلم لينا ألا وهو الإقلاع عن صفاتنا السيئة لأجل نبقى ...

أهدى ..

ءأمن ..

أجمل، قلبًا وقالبًا ...


متخيل يا مؤمن زوج وزوجة بيطوروا من نفسهم وبيذاكروا وبيتعلموا ويحضروا ندوات ويسمعوا بودكاست إزاي يبقوا بابا وماما أسوياء لولادهم علشان ميجيبوش نسخة أطفال متوترة ميعرفوش يربوهم تربية سليمة وتخرج للمجتمع تزيده مرض، ميكونوش بذرة فعالة وبذرة إصلاح ومؤثرة في حياة أي حد يقابلهم!


- نور!

- عين نور يا أنس!

- تسلملي عيونك يحبيبي، اسمعي دي ..

- كُلي آذان مُصغية ...

- ذهبت أسماء بنت يزيد خطيبة النساء للنبي صلى الله عليه وسلم وهو في جمع من أصحابه فقالت: (يا رسول الله إن الله رب الرجال ورب النساء، وإن الرجال إذا ذهبوا للغزو نالوا كذا وكذا، ونحن قعيدات في البيوت، فمالنا يا رسول الله؟

- صلى الله عليه وسلم حبيبي يا رسول الله 

- عليه أفضل الصلاة والسلام، المهم يا ستي حسّن النبي صلى الله عليه وسلم كلامها وتعجب من جمال أسلوبها وحسن سؤالها ثم قال لها: اسمعي وأخبري من وراءك من النساء بأن حسن تبعل إحداكن لزوجها وقيامها بحقه يعدل ما هناك، وقليل منكن تفعله)

- يعني إحنا ثوابنا عظيم؟

- أكيد والشيخ شرحلي إن رعاية الأبناء من حقوق الزوج، ومن أوامر الشريعة للرجل والمرأة على السواء، وكلنا راعٍ وكلنا مسئول عن رعيته.

- خلينا نحتسب الأجر في رحلة تعلمنا دي.

- يلا بسم الله.


كل خطوة بتزيدنا قرب من بعض ولفهم بعض أكتر وأكتر، خلافات الزوجين هادئة طول ما الطرفين بيغضوا الطرف عن أخطاء بعض وبيعطوا الخطأ حجمه الطبيعي بدون تهويل، وإحنا فهمنا ده بدري بدري وهذا من فضل ربي.


- أنس!

- عين أنس يا نور.

- تسلملي عيونك يحبيبي، اسمع معايا قرأت أي من النصائح للوالدين المقبلين على أن يصبحا آباء:

- اطربيني يا ست نور.

- احفظ سمعهم عن الشرور وأعينهم عن القبائح.

- يعني أولادنا نتاج ما بيسمعوه مننا ومن غيرنا واللي بيشوفوه.

- بالظبط، ده كمان نقطة مهمة لازم نعمل بيها وهي لازم يجدوا فيك الاهتمام بالصلاة والقرآن مع ضرورة تعليمهم للقرآن؛ لأنه يرسخ العقيدة.

- أنا بإذن الله ناوي على كده فعلًا وهنبدأ معاهم تربية سليمة على أسس إسلامية قوية لأن مَن لازم القرآن ما ضلّ ولا تاه.

- ولازم نبقى كلمة واحدة مينفعش أنا أوجههم في ناحية وأنت في ناحية تانية فهنتفق على منهج موحد للتربية.


كام معلومة مهمين وبدأنا نطبق وقتي، صلاة في وقتها تحديد وِرد يومي لملازمة القرآن، نحفظ سمعهم عن الشرور بإن القرآن يفضل شغال ونس في الشقة، وعينهم بإنها تقع على كل خير.


- أنس!

- يا عيون أنس.

- أختي وولادها جايين النهاردة.

- ...

- هنحاول نطبق معاهم.

- هحاول أطول بالي وأحبهم حاضر.

- وأنا مش هسيبك.

- يباركلي فيكِ يارب.


أختي عندها كريم ومكة ماشاء الله تبارك الله، كريم رابعة ابتدائي ومكة في kg2، أطفال لُذاذ وخُفاف لكن أشقية ويحيروا.


- أهلًا وسهلًا اتفضلي يا حبيبتي اتفضلي.

- إزيك يا نور ياحبيبتي وحشاني، إزيك يا أنس أخبار صحتك أي.

- بخير الحمدلله والله اتفضلي طيب، أومال فين أبو كريم؟

- بيركن العربية تحت وجاي.

- طب اتفضلوا أنتوا وأنا هقف أستناه.


أخدت أختي وشيلت بنتها بحب ولهفة ودخلنا لجوا وكريم وقف مع أنس يستنى باباه.


لمس كف أيده بحب وهمس بصوت خفيف:

- عمو أنس ممكن سؤال؟

- اتفضل ياحبيب قلبي.


نزلت على ركبي على الأرض ومسكت أيديه بحنية وبصتله:

- أنت هتجوزني بنتك؟

- بنتي مين؟

- اللي حضرتك هتخلفها.

- مين قالك كده؟

- مامي وخالتو نور اتفقوا إن أول بنت لخالتو فهي هتبقى بتاعتي.

- بس هي مش عروسة لعبة يا حبيبي وبعدين إيه عرفك إن أول خلفتنا بنت مش ممكن يطلع ولد ويبقى صاحبك؟

- لأ يا عمو النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا تكرهوا البنات فإنهن المؤنسات الغاليات"

- الله! صلى الله عليه وسلم، مين علمك الكلام الحلو ده يا حبيبي؟

- بابا لما بتخانق مع مكة بيقولّي كده.


لسة ببوس أيده ودماغه وبطلع من جيبي فلوس بطبقها في أيده دخل أبو كريم:

- دي ليك ياحبيبي.

- لا يا عمو مينفعش.

- خد من عمك يا كريم عيب ترد أيد الكبير، والنبي قبل الهدية يحبيبي.

- أهلًا إزيك يا أبوحميد أي يعم كل ده بتركن عربيتك؟

- أهو والله يادوبك ركنتها وطلعت في الأسانسير على طول، امسك من أيدي دول بس.

- أي لزومه التعب ده بس؟

- ولا تعب ولا حاجة دي حاجة بسيطة.

- تسلم يا غالي تعالى اتفضل.

- يزيد فضلك يارب أي الواد كريم صدعك مش كده؟ حِكم ابني وأنا عارفه فيلسوف على صغير.

- ابنك ماشاء الله تبارك الله ربنا يحميه ويباركلك فيه ميتشبعش من كلامه يا أبوحميد ده نتاج تربيتك مش كده؟

- المدام والله هي اللي تعبانة معاهم أنا يادوبك بشارك على قد ماقدر، لكن هي اللي الله يباركلها منتبهة ليهم.

- ربنا يباركلك فيهم يارب ويفرحك بيهم.


"الله أكبر ... الله أكبر"


- على مهلك يا كريم.

- الصلاة يا ماما مينفعش نتأخر ربنا بينادينا للصلاة، يلا يا بابا؟

- يلا يا حبيبي، أي يا أنس مش جاي ولا أي؟


أنس سرح شوية في كلام نور وفجأة فاق ورد:

- لأ جاي طبعًا، يلا بينا.

- عقبال ما تصلوا نكون إحنا حضرنا العشاء.

- لمؤاخذة يا نور نسيت أسلم الواد كريم ده لوك لوك ورا بعض مش بلحق أعمل أي ولا أي.

- لا ولا يهمك ربنا يباركلك فيه يا أبو كريم.

- نور جهزي الأكل عقبال ما نيجي.

- حاضر.

- يلا يا أبو حميد ويلا يا شيخ كريم.


مسكت أيد كريم ونزلنا صلينا في المسجد وبعد ما خلصت أنا سندت على عمود في المسجد وسرحت شوية.

- مالك؟

- بقولك يا أبو حميد، أنت شايفني إزاي؟

- إزاي يعني أي؟ عينين ورجلين وأيدين.

- مش بهزر يعم، يعني قصدي كشخص، هل شوفت مني شيء وحش؟

- لأ بالعكس ده أنا من وقت مانت اتقدمت لأخت مراتي وقولتلهم جوزها ده لُقطة ويا بخت أختك بيه، محترم ولسانك جميل مبينطقش بأي كلام بذيء لا شتيمة ولا نميمة ولا بتغتاب حد في غيبته، بس ليه السؤال ده؟

- يعني أنفع أب؟

- فهمتك.

- فهمت أنا ليه سرحان؟

- كنت زيك كده وقتها من إحداشر سنة ونفس السؤال بيدور في دماغي، هل أنا قدها؟ قد إني أجيب طفل وأربيه؟

- واكتشفت أي إجابة سؤالك؟

- اكتشفت إننا عمرنا ما كنا جاهزين لأي حاجة، لا عمرنا كنا جاهزين لشغل ولا لجواز ولا أي خطوة في حياتنا، إحنا بنخطو الخطوة ونقول بسم الله وربنا بيوفق من فوق ويكرمنا ويسدد خُطانا، لذلك أنا عمري ما كنت جاهز أبقى أب بس لما بقيت أب شيلت المسئولية وعرفت إن كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته فلازم أحسن كل شيء لأني هتحاسب على تربيتهم.

- ولو معرفتش أربيهم تربية ربنا يجازيني خير عليها؟

- أنت أحسن اللي بين أيديك وربنا هيكرمك بنبتة طيبة لأن البذرة طيبة ياحبيبي فعمر ما التفاح هيطرح شوك، ده يكفي إنك زوج صالح لو ولادك قلدوك بس هتطمن عليهم وعلى تربيتهم.

- مش عارف أقولك أي يابوحميد ربنا يعلم فرحتني إزاي وخلتني أتفائل باللي جاي ويبقى عندي لهفة أكتر لموضوع الأولاد ده.


غمزلي بعد ما طبطب على كتفي:

- الحق هاتهم صغيرين ورا بعض علشان لما تكبر وتحضر حفل تخرجهم صحابهم يفتكروك أخوهم مش أبوهم.


أخدنا الطريق كله ضحك لحد ما وصلنا الشقة ولقينا السفرة محطوطة والأكل عليها والستات في المطبخ.


- حاسبي يا مكة الطبق يا حبيبتي.


الطبق وقع اتكسر ونور طلعت بخضة وهمست في سرها:

- يارب استر ميتعصبش يارب هو بيكره الدوشة والعصبية.


قرب منها بعصبية

- ينفع كده يا مكة مش تحاسبي؟ 

مكة على وشك الدموع:

- والله غصب عني يا بابا.


قرب منها بهدوء:

- حرام عليك يابوحميد تخوف البنت منك، وأي يعني طبق اتكسر فدا مكة مليون طبق مش المهم إنك كويسة يا حبيبة عمو؟

- أنت مش هتزعقلي زي بابا يا عمو؟

- لا يا حبيبتي وبعدين بابا مزعقلكيش علشان الطبق هو خاف تكوني اتجرحتي.

- بجد؟ صحيح يا بابا؟

- صحيح يقلب بابا.


كانت ليلة من أسعد لياليا وبعد ما مشيت أختي وجوزها قعدت في البلكونة برواق ولقيته داخل عليا بكوبايتين شاي.


- أنت جيت؟

- جبتلك شاي.

- تسلم يحبيبي من يد ما نعدمها.

- آمين يارب ويباركلي فيكِ وفي صنع أيديكِ الأكل النهاردة كان زي العسل.

- بجد؟

- أها والله 

- طب بقولك أي؟ عندي حاجة حابة أقولهالك.

- وأنا كمان عندي حاجة حابب أقولهالك.


نور بحماس:

- طب نقول مع بعض.

- يلا.


هما الاتنين في صوت واحد:

- أنا عايزة أخلف.

- أنا عايز أخلف.


نبرة حماس ونظرة تلهف وبدأوا يحكوا لبعض إنهم حابين يقللوا المدة اللي حطوها لنفسهم فاتحولت لمدة 6 شهور بدلًا من سنة.


- هنتعلم أي جديد النهاردة؟

- لازم نعلمهم إنهم يراقبوا الله في أفعالهم وليس الناس، وأنت عارف إن الضرب بعد عشر سنين ومينفعش نضربهم قدام حد من زمايلهم أو أخواتهم.

- والضرب هدفه التأديب وليس الانتقام فأول ما الطفل يتوجع أو يبكي لازم نوقف العقوبة فورًا .

- مع العلم إن الضرب مش بنلجأله دايمًا والعقوبة على قد الفعل.


قررنا نعمل خير ونتعاون فيه ألا وهو الإطعام بنية إن ربنا يصلح بيننا وبينا ويكتبلنا ذرية صالحة.


- أنا حاسة إني ناسية حاجة جنب الإطعام.

- فاكهة، أنا جبتها وسايبها تحت عند عمي محمد البواب يغلفهالنا في أطباق.

- طب كويس جدًا يلا ننزل الحاجات دي في العربية.

- لأ أنتِ هاتي مفاتيح العربية وشنطتك وانزلي قدامي وأنا عمي محمد طالعلي ينزل معايا الحاجات.

- طب أساعدك؟

- لا يحبيبي مش عايز أتعبك انزلي أنتِ.


نزلت وقفت تحت قدام العربية وفتحت الباب بتاع شنطة العربية علشان نحط فيها الوجبات وشوية ولقيت أنس نازل ووراه عمي محمد ومعاهم الوجبات.


- ودي كده الفاكهة يا أنس يابني والعدد زي ما طلبت بالظبط وكمان ربك بيبارك في اللقمة وزاد عن العدد ده.


أنس عدّ حوالي 10 وجبات وأداهم لعمي محمد وقاله دول ليك ولحبايبك ونفس العدد قدامهم أطباق فاكهة، وهو موقفش دعاء لينا لحد ما مشينا وإحنا عارفين وجهتنا لمعهد الأورام.


- أنس أنت خد وزع وأنا هقف هنا أناولك ولو حد جالي هنا هديه أنا.


بقيت أنا واقفة أدي أي عامل يعدي أو حد محتاج وأنس بيعزم على الزوار اللي بايتين برا المعهد مستنيين يطمنوا على حبايبهم وربنا يشفي كل مريض.


- أنتوا بتوزعوا أكل؟

- أيوة يا طنط استني أجبلك.

- لا يا حبيبتي أنا مش عايزة أكل.

- أومال عايزة أي وعنيا ليكِ؟

- هتديني أي شيء أطلبه؟

- طبعًا.

- طب أنا عايزة أول ابن ليكِ.

- أي؟

- خوفتي؟

- بس أنا مش عندي ولاد.

- بكرة ربنا يرزقك بأول ولد وقتها تديهوني؟

- أنتِ بتقولي أي يا ست أنتِ!

- عزيز عليكِ مش كده؟

- ده حتة مني عايزاني إزاي أفرط فيه؟

- الضنا غالي مش كده؟ أهو أنا ابني بين الحياة والموت وما باليد حيلة، طب أنتِ عارفة إنه أنا بعد ولادته جالي نزيف وشيلت الرحم؟ يعني ده آخر أمل ليا في الدنيا وبعدها أنا ممكن أموت؟

- بعد الشر متقوليش كده أكيد ربنا هيشفيه ويعافيه ويطمنك عليه، هو ابنك اسمه أي؟

- ده صورته يحبيبي واسمه رُحيم ودي رقم الأوضة بتاعته.


صوتها مش بيفارق خيالي، وقلبي بيتقبض مجرد ما أفتكر جملتها في البداية وهي عايزة تاخد ابني مني، بقيت أسأل عليها يوميًا وبعد الشغل آخد أنس ونروح نطمن عليها وعلى ابنها ولو محتاجة حاجة.


- بقولك أي يا أم رُحيم.

- قوليلي يا حبيبتي.

- ما تيجي تشاركيني الإطعام، أنتِ مش قولتي نفسك حلو في المطبخ؟

- أها طب وأشاركك إزاي أنتِ عارفة البير وغطاه.

- يستي شاركيني بالطبخ وأنا وأنتِ نجهز الأكل أنتِ متعرفيش إن اللقمة تزيح النقمة ولا أي؟

- والله عندك حق، طب شوفي عايزاني أمتى أساعدك وأنا معاكِ.

- يلا دلوقتي نشتري طلبات الإطعام سوا.


نزلنا السوق ولأنها ست بيت شاطرة اشترت أنضف خضار وأطعم فاكهة وربنا كان مبارك في الفلوس فعدينا على بتاع لحمة واشترينا تلاتة كيلو وقررنا نعمل إطعام دسم ومعاه رز وخضار.


- الحقيني يا أم رُحيم دايخة مش قادرة.

- يالهوي مالك مالك حد يلحقنا بسرعة يا ناس يا خلق ياهو الست وقعت من طولها


كنت في الشغل وجالي اتصال من نور فرديت لقيت أم رُحيم بتقول إحنا في مستشفى ****


- مالها يا أم رُحيم نور مالها؟

- مش عارفة والله يا أنس يابني كانت زي البدر ووشها منور مرة واحدة وقعت من طولها في السوق.

- طب الدكتور فين يطمننا عليها ويقول مالها؟


الدكتورة خرجت من الأوضة وابتسمت لأنس وأم رُحيم:

- أنتوا أهلها؟

- أها يا دكتورة، مراتي مالها؟

- اهدى بس ومتقلقش مراتك بخير أنت متعرفش إنها حامل ولا أي؟

- حامل!


بمجرد استغرابي ودهشتي لقيت زغروطة بترن في المستشفى وأم رُحيم جريت دخلتلها.


- طب إزاي يا دكتورة؟

- إزاي أي؟ مش بتقول إنك جوزها؟

- أها بس قصدي إحنا كنا مأجلين موضوع الخلفة ودكتورها كان كاتبلها برشام.

- عادي بتحصل كتير ربك لما بيريد متسألش ليه، مش يمكن آن الأوان يجيكم خلف صالح ينور الدنيا؟


نزلت على الأرض سجدت وعيوني دمعت وأنا بفتكر كلام أبو حميد وبحمد ربنا:


 "عمرنا ما كنا جاهزين لأي حاجة، لا عمرنا كنا جاهزين لشغل ولا لجواز ولا أي خطوة في حياتنا، إحنا بنخطو الخطوة ونقول بسم الله وربنا بيوفق من فوق ويكرمنا ويسدد خُطانا"


- أهو جوزك جه هخرج أنا أستناكم برا، مبارك عليكم يا أبو جود.

- تسلمي يا أم رُحيم بس اشمعنا جود؟

- جود معناه الكرم، الحُسن، الفعل الجيّد، وكمان بيطلق على المطر الغزير، من قولهم: جادت السّماءُ، 

فلو ربنا أكرمكم بولد فهو جود لأن مامته جادت بالخير وربنا رزقها بيه وهي في طريقها لعمل الخير.

- شكرًا أوي حقيقي إنك كنتِ معاها ومسيبتيهاش.

- لو على الشكر فمراتك عملت كتير، اعذروني ثواني بيتصلوا من عند ابني.

- طيب ابقي طمنينا ومتمشيش قبل ما نوصلك.

- حاضر، تسلم يارب خليك أنت مع مراتك دلوقتي وافرحوا بالخبر.


دخلت على نور لقيتها بتملس على بطنها وبتبتسم وبتردد في خفوت "جود"


- شوفت يا أنس، أنت تريد وأنا أُريد والله يفعل ما يريد ووقتما يريد.

- سبحانك يارب إحنا بنخطط وربنا بيقدر الوقت المناسب، أنا حاسس إني مش قادر أخبي فرحتي و...


دخلت بسرعة وهي بتنهج وبتقطع في الكلام:

- اللقمة تزيح النقمة، والله اللقمة تزيح النقمة والله ما كذبتي يا نور والله ما كذبتي.


كانت بتردد ورا بعض وأنا وأنس مش فاهمين لحد ما طلبنا منها تحكي براحة وبدأت تتكلم من وسط دموعها:

- ابني يا نور هيعملوله عملية استئصال الورم وهيرجع سليم ومعافى بنسبة كبيرة وابني خلاص هيرجع لحضني أحمدك وأشكرك يارب، يا مانت كريم يارب.


على أثر صوتها كان دخلوا الممرضين والدكاترة اللي في الطرقة وكله واقف في ذهول ومستعجب وبيردد في استغراب وفي الحقيقة إن رب السماء لا يغفل ويجبرك حين تظن أن الجبر آتٍ لامحالة؛ فهو الذي قال في حديث قدسي "أنا عند ظن عبدي بي..."


- جود يا جود.

- نعم يا عيون جود.

- يا ولد يا بكاش هتعمل زي بابا؟

- وأنا وبابا أي يا ماما؟

- واحد يحبيبي، ألا هو فين بابا؟

- قاعد مع العيلة الكريمة برا ولمّ الرجالة وهياخدهم وننزل نصلي المغرب في المسجد وبيقولك متنسيش تجهزي السفرة عقبال ما نطلع ولو عايزة حاجة من تحت قوليلي قبل مانزل.

- أها يحبيبي خد الصينية دي للست اللي باخدك وبروحلها بنديها اللي نقدر عليه وقولها كل سنة وأنتِ طيبة ورمضان كريم وشوفها لو محتاجة حاجة وتعالى قولّي.

- حاضر يا ست الكل.

- يحضرلك كل خير يحبيبي.


كنا عازمين عيلة أنس وأخواتي بإجوازتهم ومراتاتهم أول يوم رمضان عندي وبقيت كل سنة بعمل العادة دي ولازم يبدأوا فطار عندي ويختموا رمضان يوم الوقفة عندي وفي العيد بنخرج كلنا نتفسح.


- يا أم جود يلا تعالي نطلع الأكل من الفرن.

- حاضر جاية أهو.

- مالك واقفة عندك بتبصي على أي؟


كنت واقفة في البلكونة فجتلي أختي وبصتلي باستغراب وأنا بتابع خروج أنس وابني جود من المسجد ومش سامعة كلامها وحاطة أيدي على قلبي.


- ابني!


صرخة خرجت مني هزّت أركان الشقة وخرجوا كل الستات من المطبخ واللي كان قاعد في الصالون جريوا عند البلكونة وبصوا مكان ما ببص كان موتوسيكل خبط جود وداس عليه والواد اتشقلب كذا مرة عالطريق.


- لا لا جود ابني لااا يا جوووود.

جريت نزلت تحت بالإسدال والستات ورايا والناس اتلمت وأنا دخلت وسطهم معرفش إزاي أخدت جود من حضن أبوه وضميته ليا بلهفة.


- أنا بخير يا ماما.

- جود أنت بتتكلم أنت بخير يا حبيبي؟


فحصته وبصيت على هدومه ملقيتش دم فسألته بقلق:

- فيه حاجة بتوجعك؟

- لأ أنا كويس.


وقف قدامنا كلنا وسط ذهول كل اللي حضر الموقف ده الموتوسيكل عدى عليه ومجرالوش حاجة.


جود حط أيده في جيبه وطلع منهم 3 حبات تمر:

- التمر ده فداني! مش أنتِ قولتي يا ماما اللقمة بتزيح النقمة؟ أهو طنط اللي افتكرتيها في إفطار ادتني 3 حبات تمر وقالتلي افطر بيهم المغرب وتقريبًا ده كل اللي كان موجود عندها بس هي حبت ترد زيارتك، بس ردها كان عظيم شوية والتمرات اللي حطتهم في جيبي اتعجنوا وأنا سليم زي مانا.


الرجالة والستات ضربوا كف على كف ورددوا في صوت واحد "سبحانك يارب .. حكمتك يارب"


نظرت لـ أنس ونظراته احتوتني وفهم اللي بيدور لعقلي فوجهنا نظرنا للسماء وقلب يردد:


"أُناجيك أنا الضعيف آتيك بالقليل فتكرمني بالكثير، أنت الجواد المعطاء وعطاؤنا أمام عطائك قليل"💗


#الست_نور

لمتابعه روايات سكيرهوم زورو موقعنا علي التلجرام من هنا 



 

تعليقات



×