رواية وريث آل نصران الجزء الثالث الفصل السادس والثمانون 86 بقلم فاطمه عبد المنعم


  رواية وريث آل نصران الجزء الثالث الفصل السادس والثمانون بقلم فاطمه عبد المنعم

 يا بخت من يقدر يقول ....
واللى فى ضميره يطلعه...
يابخت من يقدر يفضفض بالكلام ...
وكل واحد يسمعه...
يقف فى وسط الناس يصرخ .. آآآه ياناس
ولاملام
يجى الطبيب يحكى له ع اللى بيوجعه ...
يكشف مكان الجرح ويحط الدوا ...
ولو أنكوى
يقدر ينوح
وأنا اللى مليان بالجروح ...
ما أقدرش أقول
ما أقدرش أبوح
والسهم يسكن صدرى ما أقدرش أنزعه

(صلاح جاهين, عن القمر والطين) 

تشعر بالتوتر وكأنها فتاة في العشرين مشاعرها تعصف بها خاصة وهي تجلس أمامه الآن وتراه وللمرة الأولى مريض، بادرت بنتها الأصغر بقول:
كده يا عمو تقلقنا عليك برضو؟
ابتسم "نصران" ورد عليها بلطف:
لو هشوفك يا مريم يبقى نقلقك اه. 

ضحكت على قوله وقالت "شهد" التي ظهر على وجهها جليا أنها ليست على ما يرام:
ألف سلامة عليك يا عمو. 

_ الله يسلمك يا "شهد"...جاية على عينك أنتِ يا ست هادية علشان خدنا منك "ملك" مش كده؟
ابتسمت "هادية" وردت عليه:
لو مش عايزة اجي مكنتش جيت، بس هو ينفع برضو تبقى تعبان ومنجيش نشوفك. 

دخلت "سهام" بصحبة تيسير التي قدمت لهم المشروبات ثم وجهت "سهام" سؤالها لشهد:
بقيتي كويسة دلوقتي؟ 

انكمش حاجبي نصران وسأل "شهد":
مالك؟ 

بررت سريعا متهربة من أسئلتهم:
مفيش حاجة يا عمو، أنا كويسة كنت دوخت شوية بس. 
علم أن هناك شيء خفي ولكنه لم يضغط عليها وجذبت "سهام" أحد المقاعد لتنضم إلى جلستهم هذا الانضمام الذي تبعه توتر ساد على الجلسة وصمت من الجميع لم يقطعه إلا قول نصران:
طاهر كان قالي حاجة كده يا ست هادية بخصوص المحل والبيت. 

انتبهت له وسريعا ما ردت:
أيوه أنا كنت عايزة أقولك إن الظروف الحمد لله بقت أحسن كتير وعايزة اشتريهم، بدل الإيجار اللي بتاخده مره وعشرة مبترضاش. 
قالت جملتها الأخيرة معاتبة فابتسم...هو بالفعل يعلم أن أوضاعهم المادية تحسنت خاصة بعد أن نقلت ملك ملكية ما ورثته لابنه، وحصر هو الثمن ووضعه في حساب بنكي باسم والدتها بناءا على طلب "ملك". 

انتظرت "هادية" رده فقال بهدوء:
البيت أنا اشتريته، والمحل كمان يعني أنتوا بتأجروا مني أنا...وأنا مببيعش حاجة بتاعتي. 

رفعت "هادية" حاجبها بغيظ وردت:
خلاص يبقى نشوف حاجه غيرهم. 

ضحك حتى أشعل الضيق نيرانه في "سهام" وخاصة وهو يرد:
عيب يا ست هادية الكلام ده، احنا أهل وبالنسبة للبيت والمحل لو عايزة تشتريهم أنا ممكن أتنازل وأوافق بس بالتمن اللي أنا أقوله. 

تعلم ما يفعل جيدا، سيخبرها بأقل سعر لينفذ رغبته وأثناء شرودها تابع هو:
بس أنتِ عندك حق الحاجة دي لازم تبقى باسمكم رسمي، وأنا هكتبها باسم بناتي، المحل باسم مريم، والبيت باسم شهد. 

_لا طبعا مش موافقة. 
قالت هذا بانزعاج وأكملت برجاء:
يا حاج نصران الله يباركلك بلاش مناهدة، أعتبرني غريبة وجاية اشتري، أنا اللي بقولك اهو عاملني زي الغرب. 

أغلق الحديث في هذا الموضوع بقوله:
طب أجلي الكلام دلوقتي يا ست هادية. 

أشارت "مريم" بعينيها لشقيقتها على "سهام" التي تتأفف في الدقيقة أكثر من عشر مرات، لكن "شهد" كانت في عالم آخر حتى لم تنتبه حين قال:
قولي لتيسير تشهل في الغدا علشان الست هادية وبناتها يتغدوا
معانا. 
قبل أن تنطق "سهام" قامت "هادية" واعتذرت:
مرة تانية يا حاج معلش....وألف سلامة عليك مرة تانية. 

ردت" سهام" بدلا عنه هذه المرة تحاول مرضاته:
مينفعش لازم تتغدوا. 
رفضت "هادية" تماما فهي تعلم أنه مريض ولا يصح أن تبقى أكثر وحثت بناتها على القيام قائلة بابتسامة:
مرة تانية إن شاء الله. 

كن ينصرفن ولكن قطع انصرافهن صوت "نصران" :
خليكِ يا شهد عايزك في كلمتين. 
توقفت "شهد" وأمام نظرات زوجته ووالدة شهد وشقيقتها المتسائلة صرفهم بضحك:
معلش يا ست هادية سيبيلي البت اللي مغلباني دي شوية. 

هزت رأسها موافقة ولكن نبهت على ابنتها:
تخلصي وتيجي علطول أنا مستنياكي. 
بعد قولها هذا انصرفن ولم يبق بالغرفة سوى نصران الذي جلس على فراشه و"شهد" الجالسة على المقعد المقابل له... هربت بنظراتها منه ولكنه قال ما أجبرها على النظر له:
أنا من أول ما الواد طاهر قالي إنه عايز يتجوزك وأنا قولتله لا. 

طالعته باستغراب فأكمل مفسرا:
مش كرها فيكِ ده خوف عليكِ وعليه، هو كان لسه طالع من تجربته مع مراته مشاعره مش ثابتة ومتلغبط وكمان موت الغالي كل دي حاجات كانت تخليني أتوقع إنه حتى لو بيحبك سهل أوي يفشل... وأنتِ صغيرة وكنت متأكد إن الست هادية هتقول ايه يخليني اديها لواحد معاه عيل، هتتجوز علشان تربي عيل مش ابنها. 
قبل أن تتحدث أوقفها بإشارة من يده متابعا بابتسامة:
متقوليش حاجة يا بنتي، الكلام ده أي حد يقوله، أنا نفسي هقوله لو بنتي رفيدة جت قالتلي أنا عايزة اتجوز واحد مطلق قبلي ومعاه عيل... ومع ذلك أنا سيبتكم قولت رأيي وسيبتكوا تجربوا بنفسكم بس اللي اكتشفته إن طاهر بيحبك بجد مش بيعدي بيكِ تجربة قبلك فشلت، لقيته وشه نور ومبسوط وحاله أحسن، ولقيتك أنتِ كمان بتحبيه وعارفة أنتِ عايزة ايه فقولت يبقى أنا كنت غلط. 

تناول كوب المياه من جواره وارتشف منه ثم أعاده مكانه وطالعها وهو يتحدث من جديد:
يمكن أنا كنت غلط لما قولت إنكم مشاعركم مش ثابتة وافتكرت إن كل واحد فيكم شايف الموضوع غلط، بس اللي أنا متأكد إني مش غلط فيه هو إنكم دمرتوا بعض. 
نزلت دموعها ومسحتها بعنف بظهر كفها وهو يضيف:
هو دمرك لما شك فيكِ، وهو اتدمر ببعده عنك... أنتم الأتنين حالكم اتقلب، هو مبقاش عارف يرجع طبيعي زي ما كان وعلى فكرة كان هيضيع نفسه في سكة مش بتاعته. 
لم تفهم عبارته لكنه قصد بها تلك المهدئات التي أصبح الإفراط في استخدامها من عادات ابنه خاصة بعد غيابها، لم يفسر لها بل أكمل:
وأنتِ بقيتي تطلعي غضبك في كل اللي حواليكِ حتى لو هتأذي نفسك وأظن الموقف الأخير دليل، أنا عارف إن طاهر وجابر اتخانقوا علشانك، والحكاية اللي قالها طاهر دي مدخلتش دماغي، علشان أنا عارف جابر وعارف إنه طفس ومن ساعة ما شافك أول مره هنا وهو نيته من ناحيتك مش خير. 

عند هذه النقطة تحديدا انفجرت في البكاء، تعالت شهقاتها وزاد نحيبها فطالعها بريبة دفعته لسؤالها:
في ايه يا "شهد"؟ 
أصبحت تسرق الأنفاس بصعوبة من بين شهقاتها فطلب منها:
لو في حاجة يا بنتي قولي، محدش هيقف معاكِ غيري.. 

حنانه الفائض جعلها تقول من بين شهقاتها:
والله يا عمو جابر ده أنا مليش دعوة بيه، وحاول معايا أكتر من مرة وأنا كنت بصده، بس اخر مره لما كنت قاعده في الكافيه جالي وقعد معايا ساعتها مراته كانت جت البيت عندنا واتخانقت علشان هو قالها إنه عايز يتجوزني، وفي اليوم الوحيد اللي سمحتله يقعد معايا فيه كنت بزعق على اللي مراته عملته ولما قالي إنه عايز يتجوزني كلمته بالراحه وقولتله إني مش هينفع اتجوز واحد متجوز غيري ، وقومت ارد على أختى ورجعت ومعرفش حصلي ايه بعد كده، مبقتش دريانة بالدنيا...طاهر قالي إنه أكيد حطلي حاجة في العصير اللي كنت بشربه. 
زاد نحيبها وقصت له كل شيء، حدثته عما أخبرها به "طاهر" وعن كيف أحضرها من ذلك الملهى الليلي وعن حالتها ثم وصلت إلى نقطة الشجار وبعد ذلك هتفت بقهر:
والله العظيم ده كل اللي حصل... محصلش حاجة تانية. 

ظن أنها تبكي بسبب ما حدث لكنها تابعت بانفعال شديد امتزج بعبراتها:
بس انا سمعت الست اللي بتشتغل هنا اللي اسمها تيسير والبنت اللي معاها بيقولوا إن السوق كله النهاردة بيتكلموا فيه عني... 

انكمشت تقاسيمه وزادت شهقاتها التي هتفت من بينها بصعوبة:
بيقولوا إني... أغمصت عينيها بألم شديد وهي تنطق بما يقتلها:
مرافقاه. 

في نفس التوقيت كان "طاهر" في غرفته في الأعلى يحدث ابنه ضاحكا:
بص كده. 
نظر "يزيد" إلى ما صنعه والده بالمكعبات وهتف بانبهار:
حلو أوي البيت ده، يلا بقى نعمل كوبري. 

اعترض طاهر هاتفا بغيظ:
لا أنت كده مش عايز علبة مكعبات، أنت عايز شركة تخلصلك كمية المشاريع اللي في دماغك دي، قوم روح لرفيدة صحيها غصب عنها وقولها يلا نعمل كوبري. 

قبله ابنه وجمع ألعابه وهرول ناحية غرفة عمته فابتسم "طاهر"... لم يكد يغادر حتى وجد أحدهم يدق الباب فسمح له بالدخول، لم يكن سوى " تيسير" التي طلبت منه:
الاسطى "عز" تحت يا أستاذ طاهر وعايزك. 
أخبرها أنه سيأتي وبالفعل نزل ليجده يقف في الخارج فقال باستغراب:
ايه يا بني الأدب اللي حل عليك ده؟... أنت مدخلتش وواقف برا ليه؟ 

حك "عز" عنقه بتوتر لا يعلم من أين يبدأ ولكنه استحضر شجاعته ليقول:
هو أنا جاي اطمن على الحاج بس فيه حاجة عايز أقولهالك ومش هينفع تتقال جوا. 

انكمش حاجبي "طاهر" باستغراب وأتبع ذلك باستفساره:
حاجة ايه دي؟ 

فكر كثيرا حتى حسم أمره ليبدأ الحديث:
في كلام كده داير من الصبح في البلد، أنا لقطته من على القهوة، والله أنا ما كنت هنطق بس دي سمعة واحدة ومش أي واحدة. 

شعر "طاهر" بأن القادم هو الأسوء بل كان على يقين تام من ذلك وبسبب هذا انفعل وهو يسأله:
ما تخلص يا "عز"... واحدة مين دي وفي ايه؟ 

_ في كلام داير إن " شهد" بنت الست "هادية" مرافقة "جابر" وإنك عرفت إن مشيها بطال علشان كده سيبتها. 
جحظت عيناه بغير تصديق، وظهر هذا بوضوح على وجهه مما دفع "عز" لقول:
أنا مكنتش عايز أقولك أقسم بالله، بس مش هينفع أسمع الكلام ده وما اجيش اقول. 

كانت في الدقيقة ذاتها تبكي وكأنها المرة الأخيرة تفرغ كل ما لديها من دموع، دقائق شعرت فيها بكل ما هو قاتل، مشاعر مزقتها حتى قطع جلستها مع "نصران" دخول "طاهر".... طالعه والده فعرف أنه علم شيء، وجهه يعبر عن هذا بكل سهولة لذلك حين قال:
شهد لو سمحتي عايزك في كلمتين. 
وجهه مقتضب ونبرته جامدة جعلت والده يقول:
لا أنا اللي عايزك في كلمتين... قومي يا شهد واتطمني. 

رسالته لها جعلته تطالعه بدموع فهز رأسه لها بمعنى أن تتطمئن وتتيقن أنه سيحلها... لم يأبه بانفعال ابنه فقط جعلها تخرج حتى لا يحدث أي صدام ثم أمره:
اقعد يا " طاهر" . 

كانت "هادية" عند البوابة في الخارج ومعها ابنتها، قالت بحزن حقيقي:
تفتكري تيسير قالت لملك إن احنا تحت؟ 
امتعضت تعابير "مريم" وهي تصارح والدتها:
معرفش بس الست اللي اسمها سهام دي قالت هتندهلها، وبعدها مجابتش سيرة... أنا مبحبش الست 
دي بحسها بتتعامل معانا من تحت الضرس، ده واحنا بنتكلم مع عمو قالت كلمة أوف دي بتاع 50 مرة في دقيقة واحدة. 

صدرت عن "هادية" تنهيدة متعبة ثم أخبرت ابنتها:
ملناش دعوة بيها، احنا اللي لينا عندها اختك بس... اجري كده شوفي "شهد" خلصت ولا نمشي احنا وتبقى تيجي هي. 
هزت رأسها موافقة وتحركت نحو الداخل ولم يكن في حسبانها أن يقطع طريقها قبل الدخول وفي الحديقة تحديدا "حسن"... شهقت بصدمة وقال هو بنبرة متوعدة:
أهلا... أهلا بالهانم اللي كانت هتضيع مستقبلي... راحة تتبلي عليا عند الدكتورة يا مريم؟ 

رفعت سبابتها تحذره:
أولا ابعد كده، ثانيا أنا مش بتبلى عليك أنت فعلا كنت بتضايقني... ثالثا بقى متمثلش اللي يشوف كده يقول الواد أول دفعته كل سنة وأنا اللي وقفت في طريق نجاحه. 

كرر خلفها باستنكار:
طريق نجاحي؟ 
ضحك وهو يتوعدها بتشفي:
ماشي يا " مريم" ، ابقي شوفي بقى مين هيساعدك في الحاجات اللي بتطلب منك في الكلية... أنا هعرفك قيمتي. 

ضحكت بسخرية وهي تخبره:
ولا يهمني، ووسع بقى من سكتي بدل ما تبقى الشكوى المرة دي لأهلك. 

_ مريم هو ليه يعني؟... ليه بتصديني بالشكل ده؟ 
كانت نبرته هنا جادة عكس نبرته المازحة معها وأدركت هي أنه وصل إلى نقطة لا تريد النقاش فيها فكانت ستغادر ولكن أوقفها قوله:
الهروب مش حل على فكرة، وخصوصا إنك عارفة كويس إنك بتحبيني وبتستخبي ورا أسلوبك الناشف معايا علشان قلبك ميفضحكيش. 

نظرت لعينه تسأله بتصنع الاستهتار:
وده عرفته لوحدك بقى؟ 
كانت نظراته صادقة وكذلك حديثه الذي سلب فؤادها:
اسألي نفسك... هي أكتر واحدة مش هتكدب عليكِ وهتقولك الحقيقة. 

تذكرت ألمها منه، تذكرت تلك المحادثات التي كانت تُرسل لها بشكل يومي له مع فتيات، أشياء كثيرة قضت بسببها فترة حزينة، فترة لا تحب تذكرها... حتى مع قسمه بأنه لا يرى سواها لا تستطيع نسيان ما عاشته لذلك دون تردد قالت له:
أنا نفسي فعلا مبتكذبش عليا، بس أنت بتكذب يا "حسن".
جملة قاتلة تفوهت بها ووجدت بعد ذلك " شهد" تخرج فرافقتها، لمعت الدموع في مقلتيها، ترى انجذابها له وفي نفس الدقيقة ترى حين حدثها أنه لا يريد سواها ورأت محادثاته مع الاخريات.
استدارت تلقي عليه نظرة وقد خيم على عينيها الحزن فوجدته يطالعها بعينين برعا في نفي ما قالته عنه... في نفي أنه كاذب، برعا في أن يقولا لها أنه حقا يحبها. 

★***★***★***★***★***★***★

كانت ترغب وبشدة في اللحاق بوالدتها، ولكن حين نزلت لم تجدها، لم تجد أمامها في المطبخ سوى "سهام" فترددت بعض الشيء ثم سألت:
هي ماما مشيت؟ 

وضعت "سهام" الطبق الحاوي للحساء على الحامل المعدني وهي ترد بتهكم:
اه مشيت... معلش بقى مره تانية أصلك مكنتيش فاضية المرة دي. 

رمقتها "ملك" بدهشة وهي تعترض على ما تقول بقولها:
هو ايه اللي حضرتك بتقوليه ده؟ 

تركت "سهام" ما بيدها واستدارت لها تقول بابتسامة مستهزئة:
حضرتي؟... والله ما في حد يتقاله حضرتك غيرك، بلفتي الواد وكلتي بعقله حلاوة زي ما عملتي مع "فريد" بالظبط... اللي يشوفك يوم كتب الكتاب وأنتِ بتعيطي ولا كأنه يوم إعدامك، ميشوفكيش فوق دلوقتي، أنا محروقة على ابني اللي راح وهو مخدوع فيكِ وصعبان عليا الموهوم اللي فوق اللي فاكر إنك بتحبيه بس الحقيقة أنتِ عارفاها كويس. 

حركت "ملك" رأسها بغير تصديق، عادت تنظر لها من جديد وتسألها:
ايه هي الحقيقة بقى؟ 

_ أنتِ داخلة البيت ده علشان باصة لقدام، باصة انك عايزة تبقي مرات الكبير، تبقي مكاني... حدثتها "سهام" بغل:
أنتِ وأنا عارفين كويس أوي إنك بتلعبي على كبير. 

اتهامات جعلت "ملك" تبتسم بسخرية، هل تقول أنها تعرف؟... هي لا تعرف أي شيء، استجمعت قواها لترد عليها ثم قالت:
لو "فريد" كان مخدوع فيا، و"عيسى" موهوم... يبقى حضرتك بتقولي على نفسك إن جوزك الله يرحمه والد طاهر كان مخدوع فيكِ وعمو نصران موهوم، هو مش حضرتك برضو اتجوزتي عمو نصران بعد وفاة أخوه اللي كنتِ متجوزاه؟ وعندك ابن منه كمان؟ 

اشتعلت عيناها ودت "سهام" لو قتلتها وهي ترد عليها بحدة:
أنا اتجوزت نصران علشان ظرو.... 

قاطعتها "ملك" مسرعة:
ظروف، ما أنا برضو لما اتجوزت عيسى كان علشان ظروف... الصدق ينطق في حديثها وفي مقلتيها وهي تدافع عن نفسها:
أنا مضحكتش على حد يا طنط، أنا حبيت "فريد" ولحد النهاردة عندي مشكلة وبتوجع عليه بدل المرة ألف، أنتِ مش في حياتي علشان تعرفي ايه بيحصلي من ليلة موت فريد، وعلى فكرة أنا حبيت "عيسى" هو مش موهوم ولا حاجة ومش مضطرة اثبتلك ده... 

تصنعت "سهام" الشفقة وهي تقول لها مستهترة بمشاعرها:
يا حرام... صعبتي عليا أوي. 

ضحكت "ملك" و هزت رأسها بالنفي وهي تخبرها:
أنتِ اللي صعبانة عليا، مفكرة إني جاية أنافسك على حاجة متهمنيش أصلا، متقلقيش أنا مش جاية علشان أبقى ست البيت ده... لو أنتِ كل اللي يهمك أنك تفضلي مرات الكبير... 
احتدت تعابيرها وهي تلقي الحقيقة على مسامعها:
فأنا مش زيك... وما احبش إني ابقى في يوم من الأيام بفكر بالطريقة دي. 

ابتسمت "ملك" أمام نظرات "سهام" الغاضبة وقالت جملة واحدة فقط:
عن اذنك يا طنط. 
استدارت لتغادر من هنا وفي الخلف عيون لو كانت تقتل نظراتها لخرت "ملك" صريعة الآن. 

★***★***★***★***★***★***★

كانت "ملك" في طريقها لغرفتها لاستبدال ملابسها والذهاب لوالدتها ولكن نادتها "رفيدة" فابتسمت وتحركت ناحية باب غرفتها المفتوح، دخلت لتجدها تلعب مع الصغير فقالت "رفيدة":
بص بقى أنت تلعب مع " ملك" ملعبتش معاها خالص النهاردة. 
ضحكت "ملك" وهي ترد عليها:
قولي كده بقى عايزة تخلصي من الواد. 
استدارت وعرضت على الصغير:
أنا راحة عند ماما اشوفها، تيجي معايا؟ 
هز رأسه بحماس وقطع جلستهم هذه صوت "هالة" التي قالت:
الشوكولاتة  بتاعتك يا أنسة "رفيدة".
حملت منها " رفيدة" المشروب الساخن واستئذنتها برفق:
استني يا هالة. 

انتبهت "ملك" لما يحدث حيث أحضرت "رفيدة" أكياس بلاستيكية وأعطتهم للفتاة قائلة بابتسامة:
خدي دول علشانك. 

نظرت "هالة" باستغراب لما في الأكياس ثم قالت مسرعة:
لا شكرا.. وبعدين ده شكلهم جديد. 

_ لا خديهم علشان خاطري، هما أصلا جبتهم وبعدين حسيت انهم مش لايقين عليا، بس أنا متأكدة هيبقوا حلوين عليكِ... خديهم بقى علشان خاطري. 
هي ترى أنها فتاة في نفس عمرها تقريبا، بالتأكيد تدرس وتحتاج للملابس لذلك أرادت مساعدتها وقدرت "هالة" هذا وشكرتها بامتنان:
ربنا يكرمك يارب. 

انصرفت بعد ذلك وبيدها الأكياس، وما صنعته "رفيدة" معها جعل ابتسامتها لا تفارقها أبدا. 

★***★***★***★***★***★***★

أيام متواصلة تحسنت فيها حالة نصران كثيرا وهذا سمح لعيسى بالذهاب إلى القاهرة، ذهب لغرض واحد فقط، هو مقابلة من لا تكف عن الإلحاح على مقابلته... كان يجلس في معرضه وحدثه "بشير" بضيق:
عيسى الحال ده مبقاش نافع، لازم نبص لشغلنا بقى... أنت طول ما أنت في اسكندرية نص الشغل واقف. 

_ هو أنا مش بجيلك؟... بطل زن بقى، وبعدين باسم مهدي اللعب على الاخر مستني يشوف الأول احنا خطوتنا هتبقى ايه، فسيبه مستني على نار بقى. 

قطع رده دقات الموظف على الباب وقد اصطحب "علا" معه، دخلت وتنقلت بعينيها بين الاثنين ثم قالت:
لو سمحت عايزاك في كلمة لوحدنا. 

جاء رده جافا:
بشير صاحبي واللي عايزة تقوليه قوليه قدامه. 

طالعت "بشير" فلوح لها بابتسامة صفراء أثارت غيظها ولكنها جاهدت لتثبت وهي تقول له:
أنا مش عايزة منك أي حاجة غير هي حاجة واحدة بس... عايزاك تبعد عن أخويا. 
تأثرت وهي تسترسل في الحديث:
أنت فضحته وبوظت ليلة فرحه وخليته نام ولا الدبيحة في وسط البلد كلها، ابعد عنه واحنا هنبعده عن سكتكم خالص. 
نزلت دموعها وهي تطلب برجاء:
سيبه يشوف حياته، وشوف حياتك... كفاية بقى خوف عايشين فيه ليل نهار واحنا بنفكر مين فيكم هيعمل ايه في التاني. 

مسحت دموعها بعنف وهي تعرض عليه بتوسل:
بص هقولك حاجة خليك بعيد ولو عملك أو عمل لملك أي حاجة تاني أنا مش هنطق، حتى لو لاقيتك حاطط رقبته تحت رجلك مش هقول حاجة. 
أشفق عليها "بشير" حقا، وقام "عيسى" من مكانه قائلا:
بقولك ايه يا "علا"... أنا هخليني معاكِ للاخر وهسمع كلامك ومش هاجي جنب أخوكِ لحد ما اعرف الحركة الزبالة الجاية منه ايه، بس قبل ما اعرفها هكون حاطط رقبته تحت جزمتي ومترجعيش تعيطي بقى. 

أدركت أن ما تصنعه لن يأتي بفائدة حتى تطلب منه أن يبعد وهي غير واثقة من أن شقيقها سيبتعد عنه وعن " ملك" ، توعده هذا جعلها تهز رأسها موافقة بيأس وترحل من المكان كليا، ما إن تيقنا من مغادرتها حتى قال "بشير":
صعبانة عليا. 

استدار يطالعه بحاجب مرفوع وهو يرد:
ميصعبش عليك غالي يا حبيبي، اللي صعبانة عليك دي وقفت مع أخوها وهي شايفاه بيدمر حياة اللي حواليه ومش مرة واحده لا أكتر من مره... وقفت معاه قصاد بيريهان وقالت إنه صادق وملك كذابة، هي زيهم متفرقش عنهم. 

بدا الضيق على وجه " بشير" وقال بحزن:
بس أنا حاسس إنها غيرهم، هي جاية بتطلب إن كل حاجة تقف، لو هي زيهم كانت هتيجي تقولك ده أخويا هيعمل ويسوي... وكم.... 

_ بشير. 
قالها "عيسى" بغضب شديد جعل صديقه ينفعل وهو يسأله:
في ايه يا "عيسى"؟ 

حذره بنبرة بان فيها أنه يقصد كل كلمة مما يتفوه بها:
دي بالذات لا يا " بشير" ... ومش علشاني على فكرة، ده علشانك أنت، ما هو التِعبان لما يتلون ويدخل حياتنا ونسيبه واحنا عارفين انه تعبان نبقى مختومين على قفانا، البت دي شبه أخوها وشبه أمها وحتى لو فيها حاجة كويسة انت شوفتها وأنا مش شايفها هتيجي وقت الجد وتعين أخوها على ظلمه زي ما بتعمل علطول، أنت علشان أخويا أنا بنصحك... 

هتف "بشير" بتوتر:
ايه يا عيسى المحاضرة دي كلها، هو أنا قولتلك إني بحبها؟ 

_ بس بتدافع عنها بقلب أوي، فأنا برسيك علشان لو حسيت ناحيتها بأي حاجة تعرف إن مش دي اللي تستاهلك. 

ابتسم "بشير" وتحدث بغيظ:
أنت بتقول كلام غريب، أنا هما اللي شوفتها فيهم مرتين اتنين... خلتني خلاص حاسس ناحيتها بحاجة، قوم يا أخويا نشوف شغلنا بلا غم. 
كان حديثه من وراء قلبه، هو بالفعل منذ لقائه الأول بها وقد لفته شيء ما، شيء لا يعلمه... لذلك تصرف معها بذلك الأسلوب البارد في لقائه الثاني معها، نفض عن رأسه هذا التفكير وهو يقنع نفسه بأن كل هذا ليس إلا هراء. 

★***★***★***★***★***★***★

رحل إلى القاهرة أول أمس واختارت "ملك" أن تقضي الأيام عند والدتها وخاصة بعد يقينها من تحسن حالة والد زوجها، كانت "هادية" في الأسفل وقد سأمت من إحداهن بسبب مماطلتها فقالت بتعب:
يا ست خلصينا بقى أنا زهقت. 

صاحت السيدة باستنكار شديد:
هو أنتِ جاية تتخلقي عليا أنا ولا ايه؟ 

_ يا ستي هو أنا جيت جنبك، أنتِ عمالة من الصبح تناهدي فيا وأنا ساكتة.
ردت عليها الشارية بتبجح:
أنا جاية هنا بفلوسي واعمل اللي انا عايزاه. 

انفعلت هادية تماما لذلك قالت بغضب:
طب يلا امشي من هنا، أنا مش هبيع النهاردة. 

ردت عليها الواقفة وقد استخدمت ما لديها لمعايرتها:
بدل يا حبيبتي ما جاية تزهقي عليا أنا روحي ربي بنتك اللي البلد كلها ماشية بتتكلم عليها هي و ابن منصور اللي ماشية معاه. 

توسعت عينا هادية بصدمة وصاحت باستنكار:
ده أنتِ ولية قليلة الأدب... قطع لسان اللي يتكلم نص كلمة على بنتي وقطع لسانك قبل منهم . 

صاحت السيدة لتجذب انتباه الجميع:
تعالوا يا خلق اتفرجوا... تعالوا اتفرجوا على الست هادية 

نجحت في جذب الانتباه وأكملت متصنعة ببراعة أنها المظلوم:
واقفة تتكلم معايا ولا كأني بشحت ولما بنصحها علشان بنتها اللي فضيحتها على كل لسان خارجة تشتمني وعايزة تضربني. 
لقد نجحت حقا فيما أُرسلت لأجله، شلت الصدمة هادية، ما هذا الذي تسمعه تمنت لو تبلعها الأرض، كانت "ملك" قد سمعت ضوضاء ففتحت شرفة غرفتها وما إن رأت ما يحدث حتى هرعت إلى هاتفها سريعا وهي تهرول للأسفل من أجل والدتها. 

في الأزمات لا ننظر إلى الساعة ولكن تكون أقصى أمانينا هو أن ينتهي هذا الوقت، بالفعل مرت ساعة وربما أكثر... تغير فيها الوضع تماما تقف "هادية" في الشرفة في الأعلى وجوارها من جهة "ملك" و "مريم" ومن الجهة الاخرى "شهد" من يراها الآن يدرك أنها ذابلة تماما... يقفن ويطالعن هذا الحشد أمام المحل، لن تكون مبالغة إذا قيل أن القرية بأكملها مجتمعة هنا وفي المنتصف "طاهر" الذي صاح عاليا ليسمع الجميع:
لا أنا عايز البلد كلها تحضر اللي هيحصل هنا.... مش عايز نفر ميبقاش موجود، اللي لسانه ضحك عليه وقاله يتكلم في عرض واحدة قبل اللي اتخرس وسابه يتكلم.... ابتلعت "شهد" ريقها بخوف، كانت دقات قلبها تعصف بها وأخواتها ووالدتها في ذهول.... كان "عيسى" في سيارته عائدا، وانكمش حاجبيه حين رأى هذا الجمع، أوقف السيارة ونزل سريعا منها فسمع صوت شقيقه يقول:
مين أول وسخ قال الكلام ده؟ 

رفع "عيسى" رأسه لملك الواقفة في الشرفة لكنه لم يستطع لفت انتباهها، يود أن يعرف ما يحدث، لمح "عز" فهرول ناحيته سائلا:
هو ايه اللي بيحصل ؟ 

علا صوت "طاهر" من جديد فجذب انتباههم رغما عنهم وخاصة حين قال للسيدة التي تسببت في أول بذرة لهذا الحشد:
أنتِ بقى كنتِ بتقولي ايه؟ 

ابتلعت السيدة ريقها بتوتر وهي تحاول الرد:
أنا... أنا كنت بنصحها بس تخلي بالها منها علشان الكلام اللي داير. 

ضحك "طاهر" بقسوة وهو يسألها:
بتنصحيها ولا بتعايريها؟ 

اضطربت بشدة وهربت منه بنظراتها ليقول هو:
عموما هنعرف دلوقتي ولا هنعرف ايه ما انا عارف... اول واحد قال الكلام ده عبد المنصف. 
كان يشير على أحد الواقفين في الحشد فأسرع يدافع مسرعا:
والله ما حصل يا أستاذ طاهر 
_ يبقى "زينهم" 
هكذا رد عليه "طاهر" ليدفع "زينهم" التهمة عنه سريعا:
لا ما حصلش، أول واحد قال الكلام ده على القهوة خيري. 
تحرك "طاهر" ليقف قبالة "خيري" الذي احتمى بالحشد ما إن نُطِق اسمه ثم سأل "طاهر" بنبرة سمعها كل الواقفين:
قال ايه "خيري" يا زينهم. 

_ قال إنه "شهد" بنت الست هادية مرافقة جابر ابن الحاج "منصور".
قتلتها الجملة فأغمضت عينيها بألم شديد ولكنها شهقت وفتحتهما فجأة حين سمعت صوت الصفعة، صفعة مميتة من " طاهر" لذلك الرجل وهو يصيح عاليا:
ده احنا كده لسه بنبتدي. 

مجزرة... هذا أقل ما يقال عن المنظر وعما سيحدث وينويه، فهم عيسى الأمر ولاحظ أن ذلك الضابط يحاول الدخول ولكن رجال والده الذين حاوطوا المكان يمنعوا دخول أي أحد إلى هذه النقطة. 
ذهب "عيسى" ناحيته وحدثه وقد بنى رجال والده بينه وبين الضابط حائط:
عايز ايه يا باشا؟ 

_ أنا عايز اعرف ايه بيحصل هنا بالظبط. 
قالها بانفعال جعل "عيسى" يقول بابتسامة:
اهدى بس كده، كل الحكاية إن الناس اللي جوا دول كفاية أوي ومش عايزين حد لا يدخل ولا يخرج. 

هدده الضابط بغضب:
أنا لو معرفتش ايه اللي بيحصل، ومخلي الرجالة دي محاوطة المكان كده ومش عايزة حد يدخل، هروح اجيب البوكس والمكوا كلكوا فيه. 

_ هنوزع لحمة. 
قالها "عيسى" بنبرة باردة و ابتسامة متسعة ثم استدار هاتفا بنبرة عالية:
يا أهل البلد مش أنتوا واقفين علشان هنوزع لحمة برضو؟ 

أكد الجميع على حديثه فرفع كفيه يقول ببراءة:
شوفت.
_ وبالنسبة لرجالة أبويا هما واقفين كده علشان يأمنوا الواقفين دول، أنت شايف العدد برضو، البلد كلها هنا. 

سأله الضابط بضجر:
كل دول واقفين علشان اللحمة؟ 

ضحك "عيسى" وهو يخبره:
أصلها مبروكة. 
تابع يحثه:
روح القسم واسأل زمايلك هناك عن اللحمة اللي بيوزعها الحاج "نصران"، هتلاقيهم سابوا أشغالهم وجايين ياخدوا. 

في نفس اللحظة قال " خيري" بذعر بعد الصفعة التي تلقاها:
مش أنا يا أستاذ طاهر، واللي خلق الخلق ده ما كلامي، أنا سمعته من الواد نعيم الحلاق. 

كان يقف "نعيم" في إحدى الزوايا، كان سيفر ولكن لحق به طاهر أتى به للمنتصف ووجه سؤاله:
قولت ولا مقولتش؟ 

_ قولت هي جت عليا يعني 
قالها بتبجح وهو يتابع:
أهل بلد الحاج منصور كلهم بيتكلموا عليها وعلى إنها ماشية مع ابن كبيرهم. 
ركله "طاهر" في معدته فسقط في المنتصف ومن ضربه يقول بنبرة عالية:
احنا هنوزع لحمة زي ما قال "عيسى" يا أهل البلد. 
تابع بنبرة منخفضة وهو يميل على الملقى في المنتصف:
بس على روحه. 

كان "طاهر" قد أخرج سلاحه فتعالت الأصوات من حولهم وشهقت "شهد" بخوف... صوبه لعنق الواقع أمامه والذي حين رأى الخطر تراجع مسرعا يقول:
أنا مليش دعوة. 
كان نظرات "طاهر" كالإعصار دفعته لقول الحقيقة حيث نطق:
جابر ابن الحاج منصور هو اللي قالي أقول كده. 

جملة واحدة جعلت الهمسات تتعالى أكثر فأكثر خاصة حين أتى "نصران" برفقة ابنه "حسن" وبرفقة من لم يتوقعه أحد أبدا.... برفقة "جابر" ليس وحده بل أتى معه والده. 

دائما ما تصدمنا الحياة، لديها المزيد والمزيد وأحمق هو من يظن أن كل الجديد قد تم كشفه فما هو في الخفاء أكثر بكثير مما تعرفه أنت.

تعليقات



×