رواية تعافيت بك الجزء الثاني الفصل الخامس والثمانون 85 بقلم شمس بكري


رواية تعافيت بك الجزء الثاني الفصل الخامس والثمانون بقلم شمس بكري 

"الفصل الخامس و الثمانون"

"رواية تَعَافَيْتُ بِكَ_الجزء الثاني"

_________________________


" لا خير لي بعدك في دنياي، فمنكِ أملي و لكِ مسعاي"

_________________________


اكتفيت من الدنيا بنفسٍ طيبة و كفيت لكل العالم شري، فلم يأتٍ يومٌ و أردت فيه أن يتبدل خيري، لم أرد يومًا أن يمدحني أيًا منهم لكن فقط وددت أن ينالوا من عطفي و خَيري، وددت فقط أيامًا عادية بنفسٍ هادئة لا يقارنها خوفي و لا يمس مذاق الحزن جوفي.


رفع الرجل صوته مرحبًا بهم:

"الله أكبر، تبع الأستاذ رياض !! حبيبنا الغالي، دي البهايم بترقص من فرحتها بيكم، أنا نفسي عاوز ارقص من فرحتي"


حاول "عامر" كتم ضحكته لكنه فشل في ذلك فالتفت يوليهم ظهره حتى سأله "وليد" بنبرة هامسة:

"بتضحك على إيه يا حيوان ؟!"


_"مش قادر امنع نفسي أني اتخيل الراجل دا و البهايم بيرقصوا ترحيبًا بينا"

رد عليه "عامر" بذلك حتى كاد يضحك "وليد" هو الأخر حينما تخيل المنظر لكنه تحلى بالثبات ثم اعتدل هو و "عامر" فتحدث الرجل بعد التعارف عليهم:


"طب اؤمروني يا بهوات عاوزين إيه ؟! خير رقابتي سدادة ليكم"


قبل أن ينطق أيًا منهم تدخل "عامر" يقول بمرحٍ و حماسٍ نبع عن تلقائيته:

"عقبال ولادك و حبايبك إن شاء الله عندنا عقيقتين بتوع ابني و ولاد أخويا و عاوزين عِجلين حلوين زيك كدا علشان الأضحية."


تلاشت البسمة من على وجوه الجميع و خيم الصمت و في تلك اللحظة هل الركض يفيد بشيءٍ ؟! أم أنهم سيلاحقون مصيرًا مجهولًا لم يعلمه أيًا منهم ؟، تأهب جسد الرجل و طغى الضيق على ملامحه و ظهر ذلك من خلال نظرة عينيه فاقترب منه "خالد" بلهفةٍ يقول بتوترٍ إثر حديث الأبله الذي وقف يرمش ببلاهةٍ:


"معلش يا معلم اعذره، هو الفرحة مش سيعاه و الكلام داخل في بعضه، معذور اصله جاي بعد شوقة"


نظر له الرجل نظراتٍ ثاقبة ثم قال بقلة حيلة:

"لا حول ولا قوة إلا بالله، حصل خير يابني، ربنا يكرمه و يتربى في عزه....بـس الكلام كدا ميصحش، عيب كدا"


قبل أن ينطق أيًا منهم تدخل "وليد" يقول بحنقٍ:

"الله !! ما خلاص يا معلم متكبرش الموضوع، قولنالك فرحان و العيل جاي بعد شوقة، و بعدين هو قال عِجلين يعني حاجة معتبرة، أومال لو كان قال خروفين بقى ؟!"


شهق "حسن" في تلك اللحظة بدهشةٍ فيما لطم "طارق" وجهه بكلا كفيه و هو يقول بأسفٍ على تلك اللحظة:

"بيعكها ابن مرتضى، بيعكها على دماغنا"


اتسعت عيني الرجل بدهشةٍ و ظهر الشر في نظراته و لم يختلف حال "خالد" عنه كثيرًا بل نظر لهما بسخطٍ و في تلك اللحظة رفع "ياسين" ذراعيه يقول بشجاعةٍ:

"بــس !! الباقي عليا أنا يا معلم"


نظروا له بدهشةٍ جميعهم فاقترب هو منهما يمسكهما من ثيابهما من الخلف و ابتسم بسمةٍ هادئة تزامنًا مع قوله:


"هدي نفسك يا معلم، أنا هريحك و أريح الدنيا كلها"


سحبهما بعد جملته تلك من ملابسهما و أشار لـ "حسن" و "ياسر" يتبعانه للخارج، خرجا خلفه كليهما و هو يقوم بجر الأخرين حتى وصل للخارج فقال بصوتٍ عالٍ لهما:


"و رب الكعبة اللي هسمع صوته فيكم لأجيب أجله و آكله للبهايم، ولا منك ليه ؟! لو واحد فيكم خرج برة العربية أنا هروحه سحب في العربية"


نظر "عامر" و "وليد" لبعضهما فصرخ "ياسين" بصوتٍ عالٍ:

"حــسـن !! يــاسر !! افتحوا العربية"


فتح "ياسر" السيارة و هو يحاول جاهدًا كتم ضحكته فقام "ياسين" و "حسن" بوضعهما في السيارة و أغلق عليهما "ياسين" بعدها و هو يشير لهما بالتريث.


جلس "وليد" و "عامر" داخل السيارة بمللٍ بعدما دخل الثلاثة مرةً أخرى للداخل فتحدث "وليد" بتعجبٍ:

"هو ماله ؟؟ أول مرة أشوفه متعصب كدا، الواد كان هادي"


رد عليه "عامر" مفسرًا:

"كدا ياسين متعصب بجد، اسألني أنا على قلبته ممكن يكسر الدنيا و بعدها يفوق كأن محصلش حاجة"


حرك "وليد" رأسه متفهمًا فقال "عامر" بتوترٍ و صوتٍ مهتز:

"هو....هو أنا عكيت الدنيا أوي ؟؟ على فكرة مكانش قصدي أصلًا"


رد عليه "وليد" بثباتٍ:

"أنتَ مغطلتش ياض في حاجة، دا حقك، دا أنتَ مكبره كمان، عارف العِجلين بكام ؟! هو اللي مخه ضيق، مش احسن لو كنت قولتله عاوز جِديين حلوين و لا خروفين ؟!"


ابتسم "عامر" بوجهٍ مبتهج و هو يقول بمرحٍ:

"أيوا صح !! طب و الله أنتَ بتفهم، أقولك ؟! فيه سندوتشات لسه في الشنطة هاتهم ناكلهم لحد ما يخلصوا"


ابتسم له "وليد" فقام "عامر" بسحب الحقيبة الممتلئة بالطعام يأكلا منها سويًا و قبل أن يشرعا في تناول الطعام تحدث "عامر" بحماسٍ تغلفه اللهفة:


"تيجي نعمل تيك توك ؟!"


ابتهج وجه "وليد" و ابتسم ببلاهةٍ فيما أخرج "عامر" هاتفه و شرع في فتح التطبيق لتصوير الفيديو القصير لهما سويًا.


في الداخل وقع الاختيار على الماشيتين أخيرًا و تم دفع المبلغ المالي و قام صاحب المزرعة بأمر العمال بنقلهم للسيارة، و من بعدها خرج الشباب من المكان و قبل وصولهم للسيارة تحدث "ياسر" بتشفٍ:


"تلاقيهم متكدرين في العربية و مفيش واحد فيهم طايق نفسه، يستاهلوا هما الجوز"

نظر له الشباب بثقةٍ و كلًا منهم يؤكد صدق حديثه بنظراته 


_"بحبك يا صاحبي.....من و أنا لسه بَحبي و أنا مسنود عليك"

كانا كلًا منها يرددها و هما يجلسان في السيارة يقوما بتصوير الفيديو عبر أحد التطبيقات و كأنهما لم يفعلا شيئًا من الأساس.


وصل الشباب للسيارة حتى تفاجئوا بـ بما يفعله كليهما في السيارة حينها تلاشت ثقتهم و حل الوجوم محل الراحة في وجوههم، حينها اقترب "خالد" من السيارة يفتحها بعدما خطف المفتاح من "ياسين" ثم فتح النافذة المطلة عليهما و مال عليها فترك "عامر" الهاتف و كذلك اعتدل "وليد" في جلسته بوقارٍ يتنافى مع ما كان يقوم بفعله منذ قليل، حينها قال "خالد" بتهكمٍ حينما رآى مظهرهما الجاد:


_"يا جدع ؟! اللي يشوفكم كدا يقول موظفين في شئون الطلبة ؟! حاضر، احفظوا القعدة دي بقى علشان إن شاء الله هتقضوا اللي جاي من حياتكم كلها على تربيزة ميمي بنفس الوضع"

نظر "عامر" لـ "وليد" بخوفٍ فركب الشباب السيارة تباعًا و كلًا منهم ينظر لهما بتوعدٍ.

_________________________


في بيت آلـ "الرشيد" جلست "خلود" بجانب والدتها تقول بحنقٍ و "أحمد" بجوارها:

"يا ماما بقى !! يعني من ساعة ما عرفت أني هبقى خالتو و أنا مشوفتهاش، هي فين ؟!"


زفرت "زينب" بقوةٍ ثم قالت:

"لا حول ولا قوة إلا بالله، يا بنتي هي دلوقتي عند زهرة حماتها، بكرة في العقيقة هنشوفها إن شاء الله، ذاكري أنتِ بس"


زفرت "خلود" بيأسٍ فيما تحدث "أحمد" بضجرٍ منها:

"بطلي نفخ بقى !! بكرة هنشوفها، هي عند حماتها أنتِ أيه مزعلك ؟!"


ردت عليه بقلة حيلة:

"كنت عاوزة احضنها كدا و أفرح بيها علشان هي كان نفسها من بدري تخلف، عاوزاها تيجي تقعد معانا هنا بصراحة"


رد عليها "أحمد" بضجرٍ:

"يعني الناس طلبوها مننا و عم رياض طلب أنها تبقى تقعد عندهم متخليش شكلنا وحش بقى"


حركت رأسها موافقةً على مضضٍ فقال "أحمد" بهدوء:

"بعدين مش أنتِ كنتي فرحانة ؟! إيه مخك اتلط ؟!"


ابتسمت له "خلود" و قالت بحماسٍ:

"لأ مبسوطة علشان خديجة أوي، هي كانت قالتلي إنها خايفة من تأخيرها دا، و فرحانة علشان ليدو و عبلة، و فرحانة لهدير و حسن أوي، بصوا كل حاجة حلوة منها لله الدروس منكدة عليا حياتي"


تحدثت "زينب" تقول بآسفٍ:

"البت بنت أم يارا بتاعة الخضار بنتها برضه في ثانوية عامة و الفلوس معاها مش مكفية، عمالة تندب حظها انها مدخلتش دبلوم"


سألها "أحمد" مستنكرًا:

"يا سلام ؟! هتفرق إيه بقى دبلوم من ثانوية عامة !!"


ردت عليه والدته بتعجبٍ:

"مش عارفة و الله يا أحمد، بس هي حاطة في دماغها إنها مش هتتعب في الدبلوم زي الثانوية"


تدخلت "خلود" تقول بحنقٍ:

"دا إيه الهطل دا ؟! لأ طبعًا كلها تعب و مجهود، هي ثانوي دي بيذاكروا فيها و دبلوم بيغنوا ؟! طب ما زمايلي في دبلوم و بيتعبوا و يذاكروا و ربنا يصبرهم لازم يجيبوا مجموع عالي علشان يدخلوا كلية محددة و لو محصلش فرصه بتضيع، أنا بتعصب من الناس اللي بتقارن بين كل حاجة دي، كل حاجة فيها تعب و مجهود و كل حاجة عاوزة وقت و طاقة علشان تاخد منها حقك، الدبلومات الفنية أو أيًا كانت هما زيهم زي أي طالب و اللي يقلل منهم يبقى غبي، لأنه ببساطة طالب زيه زي كل الطلاب بيحاول و يجاهد طول السنة و بياخد دروس كمان و يعمل معادلة علشان الكلية، يبقوا أكيد بيتعبوا"


تحدث "أحمد" بنبرةٍ ضاحكة:

"أنتِ لسه بتتعصبي من التصنيفات ؟! ريحي نفسك يا خلود الناس مش هتبطل تقارنهم ببعض، دا وضع من قديم الأزل"


ردت عليه هي بنبرةٍ جامدة:

"علشان عنصريين، أي حد في دبلوم يبقى فاشل و مش بتاع علام و أي حد أدبي يبقى بيتدلع و داخل ثانوي يهزر، هما ناسيين إن مفيش حاجة واحدة و إن كلنا غير بعض، دبلوم زيه زي ثانوية عامة و أي طالب يبص لغيره إنه أقل منه و ميستحقش يبقى محتاج يتعلم الأدب من جديد قبل ما يتعلم"


جلس "أحمد" بجوارها يربت على رأسها و هو بمزاحٍ حتى يشاكسها بعدما وجدها منفعلة بذلك الشكل:

"انصرفوا.... انصرفوا....هتهدى أهيه متخافوش"


حاولت دفعه بعيدًا عنها لكنه تمسك بها أكثر و هو يضحك معاندًا لها، حينها رفعت صوتها تقول بضجرٍ منه:

"بس بقى !! أنتَ مروحتش معاهم تجيب البهايم ليه ؟!"


ابتعد عنها على مضضٍ و هو يضحك عليها ثم اوقف الضحكات و قال بنبرةٍ هادئة:

"قالولي أفضل هنا و هما راجعين في الطريق هيكلموني اقابل عمار و نروح نجهز المخزن"


حركت رأسها موافقةً فتنهدت "زينب" و قالت بنبرةٍ هادئة ممتنة لله:

"الحمد لله ربنا طمن قلبي على خديجة و أحمد كمان، عقبالك يا خلود تخلصي السنة دي على خير و تدخلي الجامعة إن شاء الله"


ابتسمت لها "خلود" بهدوء ثم قالت لهما:

"طب أنا هدخل اذاكر بقى عن اذنكم، يدوبك ألحق قبل ما اليوم يتلغبط"


دلفت غرفتها و هي تتنهد بعمقٍ ثم جلست على مكتبها الذي جهزته هي و أعدته حتى يناسبها و قبل أن تبدأ المذاكرة نظرت للحائط و للجمل التحفيزية التي كتبتها هي بخط يدها و التي عبارة عن حديث "عمار" في وريقات صغيرة ملونة و كان أخرهم جملته حينما قال:


"أنا واثق إنك خلود هتتحدى خلود و تكسبها كمان"

ابتسمت بحماسٍ ثم قامت بفتح كتابها لتبدأ في المذاكرة و هذه هي المرة من المرات النادرة التي تذاكر هي فيها دون أن يأمرها أحدٌ بذلك، لكن شجاعتها و حماسها كانا الدافعان لها حتى تتحرك و تتخلى عن كسلها.

_________________________


في شقة "رياض" كانت "خديجة" تجلس في الشرفة تقوم بكتابة بعض الملاحظات التي سوف تساعدها في التعامل مع الأطفال، و اندمجت في عملها ذاك حتى اقتربت منها "زهرة" تحمل في يدها كوبين من العصير الطازج و هي تقول بمرحٍ:


"يلا يا خديجة، اشربي العصير"


ابتسمت "خديجة" بيأسٍ و أغلقت الدفتر و هي تقول بقلة حيلة:

"يا ماما حرام و الله أنا مش قادرة من الصبح عمالة آكل و أشرب بس، اقعدي معايا و متشغليش بالك بقى"


جلست "زهرة" و هي تقول برفضٍ قاطعٍ:

" مستحيل !! يا سلام ؟! لازم أغذيكي و أخلي بالي منك، ياسين قالي إنك مهملة في نفسك و أنا مش هقبل بكدا خالص"


تنفست "خديجة" بعمقٍ ثم قالت بتوترٍ و كأنها تخشى التحدث:

"عارفة يا ماما !! أنا كنت خايفة أوي يكون فيه حاجة تمنع الخلفة علشان أنتِ متتغيريش معايا، أنا بحبك أوي بس الوسواس مسكني بقى و خلاني افكر في حاجات كتير كلهم أصعب من بعض"


امسكت "زهرة" وجهها بين كفيها و هي تقول لها بعاطفة الأمومة الطاغية:

"صدقيني و الله مفيش حاجة بأيدينا خالص، منكرش أني أكيد كنت هزعل طبعًا بس علشانك قبل ياسين، أنا ست و عارفة دماغك لفت ازاي و راحت فين، أنا بحبك أنا كمان و قولتلك أني ما صدقت ربنا كرم ياسين بيكي علشان تكوني بنت ليا أنا قبل ما تكوني مراته هو، فيه أم برضه تزعل بنتها ؟!"


حركت "خديجة" رأسها نفيًا و هي تبتسم لها و كذلك "زهرة" التي قالت بهدوء:

"طب يلا اشربي العصير، اشربي بدل ما اوريكي شغل الحماوات"


_"ياريت و الله يا ماما، أنا نفسي اشوفك حما من ساعة ما اتجوزت، محصلش برضه"

ردت "خديجة" بذلك على حديثها و هي تبتسم حتى طالعتها "زهرة" بدهشةٍ ثم ضحكت عليها بيأسٍ.


دلف "رياض" الشقة في تلك اللحظة يبحث عنهما حتى وجدهما في الشرفة تجلسان سويًا، اقترب منهما و في يده حقائب بلاستيكية كبيرة الحجم و هو يقول مرحبًا بها:


"البيت نوره بقى بيزيد بوجودك، وحشتيني يا خديجة"


ردت عليه هي بهدوء:

"و حضرتك كمان و الله وحشتني أوي، عامل إيه ؟!"


جلس بجوارها و هو يقول بنبرةٍ ضاحكة:

"أنا زي الفل، بس قوليلي أنا وحشتك أكتر و لا ياسين ؟!"


ردت هي بخجلٍ منه:

"حضرتك وحشتني و هو كمان"


تدخلت "زهرة" تقول بضجرٍ منه:

"هو أنتَ غاوي تكسفها ؟! ما تسيبها في حالها بقى !!"


حرك رأسه موافقًا ثم قال بقلة حيلة و غُلبٍ:

"ياستي خلاص بهزر معاكم، بعدين اطلعي منها أنتِ و خليكي في حالك أنتِ و أبو طويلة"


ابتسمت "زهرة" رغمًا عنها فيما تحدث هو موجهًا حديثه للأخرى:

"طمنيني اخبار الفكرة بتاعتك إيه ؟!"


ردت عليه بحيرةٍ:

"مش عارفة و الله لحد دلوقتي، بس لما بشوف الردود و تفاعل الناس على الموضوع بحس إنه مبشر، هو بس عاوز مني شوية شرح و مجهود و ياسين الفترة دي مشغول مع عامر و ياسر، بعدها إن شاء الله هنرتب كل حاجة"


تدخلت "زهرة" تقول بحماسٍ:

"أنا عندي ليكي فكرة، إيه رأيك تبدأي يالمدرسة عندنا ؟! فيها مدرسين كتير و كلهم هيفهموا كلامك، و كمان الاخصائيين اللي عندنا عددهم كبير أوي و مبيعملوش حاجة غير لو فيه خناقة بين الطلاب بس"


ردت عليها "خديجة" بحماسٍ:

"بجد ؟! ينفع ؟ طب هروح ليهم ازاي ؟!"


ابتسمت "زهرة" لها و هي تقول:

"هتروحي معايا بصفتك بنتي، حد هيقدر يمنعك يعني ؟! جهزي بس كل حاجة و يوم الحد هنروح سوا و هعرفهم كلهم، إيه رأيك ؟!"


حركت رأسها موافقةً فقال "رياض" بثباتٍ:

"طب ادخلوا بقى جهزوا الأكل و أنا هكلم العيال و اتطمن عليهم، مش عارف ليه حاسس إن عامر جرى البهايم كلها و وقع المزرعة على دماغهم"

_________________________


أسفل شقة "ميمي" و خاصةً في المخزن الذي يقع بجوار البيت وقف كلًا من "عمار" و "عبدالرحمن" سويًا ينظفا المخزن و يقوما بتجهيزه و بعدما انتهيا أخيرًا ارتميا سويًا على الأريكة المتهالكة الموضوعة بالمخزن فتحدث "عمار" بتعبٍ واضحٍ:


"يلهوي ياما ؟! تعبت يا عمار، خلاص مش قادر، أخواتك يخلفوا و احنا نشيل الطين ؟!"


تحدث "عمار" بصوتٍ ضعيف ساخرًا على حالهما:

"عارف المشكلة فين ؟! إن إحنا شيلنا الطين بجد مش هزار، عم لطفي فاكر المخزن ارض ذراعية، حد يزرع هنا بتنجان ؟!!"


ضحك "عبدالرحمن" رغمًا عنه و "عمار" أيضًا فقال الأول متمنيًا بحالمية:

"و الله اللي مصبرني أني عمري ما هجرب الجو دا، علشان كدا بعمل معاك بقلب جامد، حِلني بقى لحد ما أبقى خال دا لو اختي وافقت تتجوز أصلًا"


ابتسم له "عمار" و قال بودٍ:

"ما هما ولاد أخواتك أنتَ كمان، هو أنتَ غريب عننا ؟! بكرة أنتَ بنفسك تهرب منهم و خصوصًا عمر ابن عامر"


دلف "أحمد" في تلك اللحظة عليهما و هو يرحب بهما حتى ردا عليه التحية كليهما فقال هو بثباتٍ و هدوء:

"هما كلموني و زمانهم جايين في الطريق خلاص، كلها نص ساعة، انتوا عاوزين حاجة اعملها أو أجيبها ليكم ؟!"


رد عليه "عمار" رافضًا:

"لأ متتعبش نفسك كل حاجة تمام تعالى اقعد لحد ما ييجوا معلش بقى مفيش شاي و لا حاجة هنا، بس هنطلع لميمي و نظبط كل حاجة سوا"


وصلت سيارة الشباب و خلفها سيارة النقل التي تحمل على متنها الماشيتين، نزلوا من السيارة جميعهم فتحدث "خالد" بنبرةٍ جامدة:

"اقسم بالله يا عامر لو عملت حاجة كدا و لا كدا لأكون مطلعه على دماغك و ساعتها !! عمر في رقبتي و أنا هربيه"


رمقه "عامر" بغيظٍ منه و كذلك "وليد" فيما تحرك باقي الشباب ليقوموا بتنزيل الماشيتين من السيارة، اجتمعت الناس إثر الصوت الذي ارتفع في محاولتهم لتنزيل الماشيتين حتى نجحوا في ذلك أخيرًا و قاموا بربطهم في المخزن.


صعدوا لشقة "ميمي" بعدما أغلقوا المخزن و حينها تحدث "حسن" بتعجبٍ من الحال بأكمله:

"متأكدين انهم هنا في أمان ؟! محدش هيحاول ييجي جنبهم ؟! أنا خايف بس المنطقة كلها تتلم و العيال تتجمع"


تحدث "خالد" بفخرٍ:

"لأ عيب عليك متخافش محدش يعرف أصلًا و بعدين العيال طالما الباب مقفول خلاص هيسكتوا"


في تلك اللحظة صدح صوت الأطفال من الأسفل عاليًا فنظر الشباب لبعضهم البعض و دلف "ياسر" الشرفة يرد عليهم و قال:


"إيه يا عُدي ؟! عاوزين إيه؟!"


رد عليه بصوتٍ عالٍ و الأطفال حوله:

"جايين نتصور مع البقرة، عمو عامر قالنا يوم ما تيجي هيصورنا معاهم، هو فين ؟! خليه ييجي يصورنا"


نظر "ياسر" لهم باستغرابٍ بينما في الداخل توجهت الأنظار نحو "عامر" الذي ازدرد لُعابه بخوفٍ و قال بتلعثمٍ واضحٍ شَوش على كلماته:

"هقولكم....أصل يعني هما أطفال و الأطفال أحباب الله....فـ بس يعني قولت افرحهم....فيه إيه بقى ؟!"


لم يأتيه الرد منهم؛ فقط النظرات مُسلطة عليه و حينها ركض "خالد" من على الأريكة و قد أدرك "عامر" الوضع و حينها ركض هو الأخر لخارج الشقةِ بأكملها فتوقف "خالد" عن الركض و زفر بقوةٍ و هو يتوعد له بينه و بين نفسه وسط الضحكات التي تأتيه من الخلف.

_________________________


انتهى اليوم دون أن أحداثٍ أخرى تذكر فقط عاد كلٍ منهم إلى بيته حتى يجتمعا سويًا في اليوم التالي في شقة "ميمي" لعمل الطعام و الوجبات و توزيعها على الناس و الجيران.


في صباح اليوم التالي يوم "الجمعة" وصلت الفتيات بأطفالها و قد كانت "ميمي" على أهبة الاستعداد و الحماس حتى ترى احفادها الجُدد، اقتربت منها اولًا "سارة" بصغيرها، فأخذته منها "ميمي" و هي تقول بشوقٍ و تأثرٍ:


"حبيب قلب تيتة يا ناس، اللهم صل على سيدنا محمد، الله أكبر"


حملته على يدها و هي تبتسم و 

دون إن تشعر بشيءٍ نزلت دموعها تأثرًا من الموقف فتحدثت بصوتٍ مختنقٍ:

"ربنا يحفظك و يبارك فيك و يجعلك ذرية صالحة ليهم و ابن حنين و طيب زي أبوك"


قالت حديثها ثم طبعت قبلة هادئة على جبينه و من بعدها أخذته بين ذراعيها تعانقه و هي تبكي مرةٍ أخرى، اقتربت منها "سارة" تحتضنها و تربت على ظهرها فقبلتها "ميمي" ثم أعطتها المولود.


اقتربت منها "إيمان" و هي تقول بمرحٍ حتى تمازحها:

"أوعي تعيطي كفاية عليا ميرفت و عياطها، شوفي زين و زينة"


أعطتها الولد فقبلته "ميمي" و أمعنت النظر في وجهه و هي تقول بصوتٍ متحشرجٍ:

"ربنا يحفظك و يجعلك العوض لأبوك من الدنيا كلها يا رب، إن شاء الله تبقى اسم على مسمى و تبقى زين الشباب كلهم زي أبوك"


أخذته منها "إيمان" ثم أعطتها "زينة" فابتسمت لها "ميمي" و هي تقول بنفس التأثر:

"اللهم صل على النبي، زي البدر في تمامه، شبه ميرفت بالظبط، ربنا يحفظها و يحميها و يبعد عنها العين و تبقى أحن عليكِ و على ياسر من نفسكم"


اقتربت منها "خديجة" و "هدير" في آن واحدٍ ففتحت لهما ذراعيها و هي تقول بحماسٍ:


"حبايب قلبي قربوا كدا، خلوني أبارك ليكم، خلوا بالكم من نفسك أنتِ و هي لحد ما إن شاء الله تخلفوا و تقوموا بالسلامة، كدا أنا ربنا جبر بخاطري و اطمنت على عيالي كلهم ناقص طارق إن شاء الله"


تحدثت "هدير" بلهفةٍ:

"و الله أنا كنت عاوزة أجيلك من بدري بس معرفتش، قولت هنتقابل سوا النهاردة، وحشتيني اوي يا ميمي"


ردت عليها "ميمي" بهدوء:

"أنتِ اللي وحشتيني اوي يا حبيبة قلب ميمي، طمنيني اخبارك إيه ؟!"

ابتسمت لها و هي تطمئنها و كذلك "خديجة" أيضًا و بعدها صعدت بقية الفتيات و النساء معهن حتى يقومن بالتجهيزات قبل صلاة الجمعة.

_________________________


في الأسفل بعد مرور بعض الوقت و خاصةً بعد الإنتهاء من صلاة الجمعة وقف الشباب في المخزن و معهم الرجال أيضًا فتحدث "وليد" بضجرٍ:


"ما تخلص يا ياسين ؟! ادبح بقى احنا قربنا نبقى العصر، مستني منهم يولدوا يعني ؟!"


حدجه "ياسين" بسخطٍ و لم يعقب على حديثه، فيما تحدث "ياسر" بنبرةٍ هادئة كعادته:

"أنتَ مستني إيه ؟! ما تخلص لسه ورانا حاجات كتير"


تنفس "ياسين" بعمقٍ ثم زفر بقوةٍ و قال بقلة حيلة:

"ماشي خلاص نزلوهم علشان يتفرجوا لحد ما أجهز العِدة"


أخرج "رياض" هاتفه يطلب من زوجته النزول مع الفتيات فيما قام "ياسين" بتجهيز نفسه و تجهيز أدوات الذبح و قبل أن يتخذ أي إجراءٍ في بداية عمله وصله صوته و هو يقول بتهكمٍ من خلفهم على أعتاب المخزن:


"شوفتوا بقى أنكم اندال و كنتوا هتعملوها من غيري ؟! مش قادرين تستنوني شوية ؟!"


التفتوا نحو مصدر الصوت و سرعان ما ابتهجت وجوههم بعد رؤيتهم له فركض نحوه "وليد" و هو يقول بصوتٍ عالٍ:

"يــوسـف !! نورت الدنيا"


احتضنته "يوسف" و هو يبتسم بخفةٍ ثم قال بصدقٍ:

"وحشتني و الله يا وليد، وحشتني أوي، مبروك يا سيدي ياسين قالي إنك هتبقى أب خلاص"


ابتسم له "وليد" هو الأخر ثم قال بعدما خرج من عناقه:

"عقبالك إن شاء الله، ربنا يكرمك بس و تلاقي بنت الحلال"


ضحك له "يوسف" ثم اقترب من الرجال و الشباب الذين رحبوا به بحماسٍ و حفاوةٍ حتى وصل لـ "ياسين" الذي عانقه بشدة و هو يقول بصوتٍ تخللته الراحة:


"الحمد لله إنك جيت، كنت هزعل و الله لو محضرتش، طمني عليك"


رد عليه يُطمئنه بنبرة ثابتة:

"أنا زي الفل متخافش، الحمد لله الشغل هناك ماشي تمام، و أنا مبسوط، طمني أنتَ"


ابتسم له "ياسين" ثم قال:

"الحمد لله إنك بخير، أنا يا سيدي زي الفل و مراتي حامل كلها شهور و تحضر عقيقة ابني هو كمان"


ابتهج وجه "يوسف" و ظهر ذلك على ملامحه ثم بارك لـ "ياسين" و اقترب من "عامر" و "ياسر" يقول مستسلمًا:

"أهو أديني جيت أحضر العقيقة، علشان تعرفوا إن كلمتي واحدة"


رد عليه "عامر" بثباتٍ:

"طول عمرك قد القول و راجل كمان يا يوسف، صدقني كدا الفرحة كملت بيك و بوجودك وسطنا"


ابتسم "يوسف" له فتحدث "مرتضى" بسرعةٍ كبرى:

"يلا بقى مفيش وقت علشان الناس مستنية".


بعد مرور دقائق نزلت الفتيات و اجتمع الأطفال في الخلف يقفزون بمرحٍ و أصوات بهجتهم تنتشر في المكان حتى قام الشباب بإسقاط الماشية الأولى أرضًا و حينها قام "ياسين" بوضع السكين على رقبتها و هو يقول بثباتٍ:


"بسم الله .... الله أكبر....اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد و بارك في مولودونا و اجعله خير الذرية الصالحة لوالديه، اللهم أن هذا لك و إليكَ وهذه العقيقة عن عمر ابن عامر فهمي، فتقبل اللهم منا و بارك لنا فيما رزقتنا....بسم الله حلال الله أكبر"


مرر السكين على رقبة الماشية الأولى بعد حديثه حتى ظهرت الدماء فورًا فتراجع الشباب من عليها حتى تخرج منها الروح بسلامٍ دون أذىٰ، و حينها صرخ الاطفال في الشارع بفرحةٍ و النساء أطلقن الزغاريد، فأمر "ياسين" الشباب بقوله:


"ارفعوها بقى و دخلوها و أنا هنضف المكان علشان التانية تيجي"

تكاتف الشباب مع بعضهم و قاموا برفع الماشية بعد ذبحها و حينها تحدث "يوسف" بثباتٍ:

"بقولكم إيه ؟! هقطع و أسلخ أنا"


اقترب منه "ياسر" ثم قال بهدوء:

"تمام و أنا معاك، بتعرف تقطع و لا هتكسفنا ؟!"


ابتسم له "يوسف" ثم قال بثقةٍ:

"متقلقش، ثق فيا، هنجهزها بس لحد ما نخلص و نشوف التانية"


بعد مرور بعض الوقت و بعد تنظيف المكان و اخفاء أثر الذبح قاموا بجلب الماشية الأخرى و كرر الشباب الكرة من جديد و قاموا بايقاعها أرضًا حينها اقترب "ياسين" بنفس الوضع و هو يقول بثباتٍ و هدوء:


"بسم الله .... الله أكبر....اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد و بارك في مولودونا و اجعله خير الذرية الصالحة لوالديه، اللهم أن هذا لك و إليكَ و هذه العقيقة عن زين و زينة ابناء ياسر سمير ، فتقبل اللهم منا و بارك لنا فيما رزقتنا....بسم الله حلال الله أكبر"


قام بذبح الماشية الثانية بنفس الطريقة التي سبق و استخدمها في ذبح الأولىٰ على طريقة السُنة الإسلامية، و حينها سألت "سلمى" بتعجبٍ:

"هو احنا ليه بندبح للمولود لما يتولد ؟! أنا دي تالت مرة أحضرها بس مش فاهمة ليه"


ردت عليها جميلة مفسرةً:

"دي سُنة عن سيدنا محمد صل الله عليه وسلم، بمعنى إن سيدنا محمد عقَّ عن الحسن و الحسين لكلٍ منهما شاتين، و دي بتكون لله خالصة النية، و ممكن نقول اسم المولود أو نكتفي بالنية، يعني أستاذ عامر و دكتور ياسر نيتهم خالصة لله فيها، و دي بتكون شكر لله على فضله و نعمته".

ابتسمت لها "سلمى" بتفهمٍ و كذلك بقية الفتيات بعدما فهمن مقصدها و نيتها.

_________________________


بعد مرور ساعاتٍ قليلة قاموا بتسوية الطعام و تغليفه في العلب البلاستيكية كما فعلوا في عقيقة "فارس" سابقًا، و نظرًا لكثرة العدد و العمل المتعاون بينهم كانت النتيجة فوق الرائعة و مذهلة في آنٍ واحدٍ.


كان "يونس" في تلك الاثناء في الغرفة التي ظل بها الأطفال الثلاثة، فكان يقف مبتسمًا و هو يراهم بحجمهم الصغير مقارنةٍ به، وقف بجوار الفراش يبتسم بخفةٍ و كأنه يرتكب جريمة خاصة أن الغرفة فارغة من الكبار بعدما خرجت "سارة" و "إيمان" لتناول الطعام و الدواء.


دلفت "ريهام" صدفةً تبحث عنه حينما وجدته مختفيًا من الخارج فدلفت الغرفة بهدوء لتجده يجلس على ركبتيه مستندًا بحسده على الفراش و هو يتابع الصغار و كأنه تولى حمايتهم منذ صغرهم.


ابتسمت "ريهام" رغمًا عنها و اقتربت منه بهدوء تجلس بجواره و هي تقول بنبرة هامسة:

"شوفت النونة يا يونس ؟!"


حرك رأسه موافقًا و هو يبتسم لها فحملته هي و قالت له بنبرةٍ هادئة:

طب أنتَ هنا بتعمل إيه ؟! مش قولتلك خليك مع تيتة ؟"


رد عليها ببراءةٍ تتناسب مع عمره و هو يشير على الصغار:


"عاوز ألعب"


"دول مش زي يونس، دول صغيرين، مش يونس بقى كبير و بيروح الحضانة؟! صح ؟!"


حرك رأسه موافقًا فقبلته هي ثم قالت بنفس الهدوء:

"دول صغيرين بوسهم و خليهم نايمين كدا و تعالى برة معايا نلعب مع بابا و تيتة، ماشي ؟"


رد عليها بلهفةٍ:

"و خديجة"


ابتسمت له بقلة حيلة ثم قبلت وجنته و قالت:

"حاضر و نلعب مع خديجة كمان، يلا بقى علشان يناموا، يونس شاطر و هيسيبهم صح ؟!"


اقترب هو منهم يقبل كلٍ منهم على حِدة ثم حرك رأسه موافقًا و هو يبتسم لها و قبل أن يخرج من الغرفة مع والدته اقترب منهم يضع الحلوى الذي وضعها في جيبه بجوارهم على الفراش حتى حملته "ريهام" هي تقول بفخرٍ:

"تصدق ياض بحبك أنتَ و أبوك ؟! عسل يا يونس عسل"


قبلته على وجنته و هي تضحك بمرحٍ حتى تفاجئت بـ "خالد" يقف أمامها و هو يقول بسخريةٍ:

"الواحد يبقى ماشي في أمان الله يلاقي نفسه بيتعاكس و كمان بيتحب، و تيجوا تشتكوا من المعاكسة ؟! طب اتقوا الله"


ضحكت هي رغمًا عنها فأشار "يونس" على الصغار و هو يقول بمرحٍ:

"بص يا خالد بص"


حرك "خالد" رأسه نحو الصغار و ابتسم رغمًا عنه ثم اقترب منهم يطالعهم من عِليته ثم اخفض جسده يقبلهم على حِدة بتأثرٍ فاقتربت منه زوجته تقول بنبرةٍ هامسة:

"شكلهم حلو أوي جنب بعض، ما شاء الله ربنا يحفظهم و يبعد عنهم العين"


حرك رأسه موافقًا ثم حمل "يونس" و قبله هو الأخر و قال بثباتٍ يتنافى مع هزل كلماته:

"مش كنت عاوز نونة ؟! ربنا كرمك بـ تلاتة في ساعة واحدة يا ابن المحظوظة"


ضحكت "ريهام" على طريقته فغمز لها بعبثٍ و هو يقول:

"عقبالك إن شاء الله لما تجيبلنا نونة أنا و يونس نلعب بيها كدا أصل الوحدة صعبة بعيد عنك يا ريهام ياختي"

ضحكت هي عليهما ثم تركت الغرفة بأكملها بعدما رمقته بتكبرٍ فيما قبل "خالد" وجنتي صغيره ثم خرج به هو الأخر.

_________________________


_"يا وقعتك السودا !! قولت للراجل عاوزين عجلين حلوين زيك كدا ؟! و هو سِكت ؟!"

تفوه "يوسف" بذلك مستنكرًا حديث "عامر" و الشباب فرد عليه "عامر" بقلة حيلة:


"الله !! طلعت مني بعفاوية، كان قاصدي أقوله عاوزين عجلين حلوين زي اللي عندك كلهم، اتفاجئت بنفسي بقوله كدا، الحمد لله عدت على خير"


تدخل "حسن" يقول متهكمًا:

"عدت على خير ؟! إمتى دا ؟! بإمارة ما البيه أتدخل يقوله خرفان ؟! انتوا مع بعض متنفعوش سوا !! تخرسوا خالص"


رد عليه "يوسف" بسخريةٍ يقلل من حجم الأمور:

"لأ خلاص طالما وليد و عامر مع بعض و اتكلموا المفروض استغرب انتوا رجعتوا ازاي أصلًا، الحمد لله إنه معزمش البهايم عليكم"


رد عليه "وليد" بضجرٍ:

"هو اللي راجل قفوش، الواد كبره و احترمه و قاله عِجلين و أظن هو عارف العِجلين تمنهم كام"


تحدث "ياسين" بيأسٍ من الاخر:

"وليد ممكن يقنعك من هنا لبكرة باللي هو عاوزه، بس مستحيل يقتنع إنه غلطان، لما خلاص جيبت أخري"


تحدث "خالد" منهيًا ذلك الحوار:

"طب يلا ريحنا و شربنا الشاي، يلا علشان الحاجة تتوزع قبل ما تبرد، أظن كلكم متقسمين"


وقف "وليد" ثم قال موجهًا حديثه للأخر:

"يلا يا يوسف علشان نروح سوا احنا نوزع، و الباقي عارفين برضه أماكنهم"


رحل الشباب تباعًا مع بعضهم يقومون بتوزيع الوجبات الغذائية على الأقارب و الجيران و العمال في الطريق حيث تم توزيعه بالعدل و نظرًا لحجم الدبائح الكبيرة كانت الوجبات كثيرة و نال منها الجميع.


بعد عودتهم من التوزيع التفوا حول المائدة الكبيرة يتناولون الطعام سويًا و وسطهم "يوسف" يشعر أنه وسط عائلته الحقيقية و أخوته و خاصةً بعد ترحيب الرجال به و كأنه أحد أبناء العائلة و عاد لهم بعد غيابٍ طال.


مال "ياسين" على أذنه يقول بنبرةٍ هامسة:

"كل و بطل تفكر كل شوية، اللمة دي مش هتشوفها غير بعد اربع شهور في عقيقة ابن وليد و كام شهر إن شاء الله عقيقة ابني، كُل طالما مصمم تسافر الصبح"


رد عليه "يوسف" بقلة حيلة:

"أنا جيت علشان أنتَ حلفتني و علشان إصرارك على حضوري، بس والله الاتوبيس هيطلع الفجر و لازم أكون فيه، يا كدا يا هستنى اسبوعين كمان و ساعتها هيبقى ضرر ليا، يرضيك ؟!"


حرك رأسه نفيًا فيما حرك "يوسف" كتفيه ببساطةٍ فقال "رياض" لهما:

"ياسين و يوسف !! كلوا و بطلوا كلام، الكلام مش هيطير منكم"

ابتسم كليهما له ثم عادا لتناول الطعام و كذلك النساء و الفتيات يأكلن في الغرفة الكبيرة بالداخل مع بعضهن، و كانت الفرحة تموج بأصواتها وسطهم جميعًا حتى البيت نفسه زادت بهجته و كأن جدرانه أقسمت على مشاركتهم تلك الفرحة.

________________________


بعد مرور يومين كاملين و خاصةً يوم الأحد صباحًا في شقة "رياض" ارتدت "خديجة" ثيابها و تممت على مظهرها فاقترب منها يقف بجوارها و هو يقول بثباتٍ:

"مش فاهم لازمته إيه مشوارك مع ماما دا ؟! خديجة أنتِ حامل و شكلك تعبانة، اقعدي شوية بس و ريحي كدا و سيبي كل حاجة"


ردت عليه هي بسرعةٍ:

"لأ و الله مش تعبانة و إذا كان قصدك على المغص يعني دي حاجة عادية بتحصل، متخافش أنا مع ماما مش لوحدي"


زفر بقوةٍ ثم حرك رأسه موافقًا على مضضٍ و قال بقلة حيلة:

"طب يلا علشان اوصلكم بابا نزل و أنا يدوبك هروح الشغل، يلا يا كتكوتة"


تحركت من أمامه بحماسٍ و هو خلفها حتى قابل والدته في صالة الشقة، اقترب منها يقبل رأسها ثم قال بهدوء:

"صباح النور يا زوزو، جهزتي خلاص ؟!"


حركت رأسها موافقةً و هي ترد عليه تحيته ثم رحبت بزوجته و أخبرتها بالاستعداد و حينها قال "ياسين" متوسلًا لوالدته:


"خلي بالك منها يا ماما علشان ديه في الطراوة، متخليهاش تتعب نفسها بالله عليكِ"


ردت عليه والدته تطمئنه بقولها:

"متخافش هي معايا مش مع حد غريب و أنا هستأذن بدري و أرجع معاها علشان مترجعش لوحدها متقلقش عليها"

طالعته "خديجة" بقلة حيلة و هي تهز كتفيها، فيما تحرك هو و هما خلفه لخارج الشقة.


وصل هو أمام المدرسة و أوقف سيارته حتى نزلت والدته و قبل أن تلحقها "خديجة" أمسك يدها و هو يؤكد عليها حديثه السابق:


"خديجة ؟!! خلي بالك من نفسك ابوس ايدك، اوعي المراجيح اللي جوة دي تغريكي و تنسي إنك حامل، ركزي ها !! ركزي"


ابتسمت هي بيأسٍ و قالت:

"و الله العظيم أنا تعبت خلاص، ثق فيا بقى عيب عليك أنا مع ماما و هي أكيد مش هتسيبني، اتطمن يا مهلبية"

رمش ببلاهةٍ فيما نزلت هي من السيارة ثم أقتربت من والدته حتى رحل هو بعدما تأكد من دخولهما.


دلفت "زهرة" بها غرفة المعلمين و هي ترحب بهم ثم قالت بمرحٍ:

"خديجة بنتي و حبيبتي، هي مرات ابني بس أنا عاملة نفسي مش واخدة بالي"


ضحكت المعلمات عليها و كذلك "خديجة"، فقالت أحداهن بمرحٍ:

"زهرة مأكدة على الاجتماع دا من كام يوم، لحد ما حمستنا إننا نقابلك يا خديجة، ما شاء الله شكلك هادية و رقيقة و ملامحك جميلة"


ابتسمت لها "خديجة" ثم قالت بخجلٍ من حديثها:

"متشكرة لحضرتك جدًا تسلمي من كل أذى يا رب"


تحدثت أخرى تقول بحماسٍ:

"ها يا ستي اشرحي لينا فكرتك بقى علشان نفهمها !! إيه هي ؟!"


قبل أن تتحدث "خديجة" فتحت الغرفة و دلفت منها سيدة تناسب "زهرة" في العمر و قد نظرت لهن بتعجبٍ فقالت احدى المعلمات مرحبةً بها:

"اتفضلي يا ميس محاسن، اقدم لكم يا جماعة ميس محاسن مدرسة منقولة هنا جديد و هتبدأ معانا من أول السنة إن شاء الله"


اقتربت منهن المعلمة ترحب بهما و هي تبتسم فقالت لها "زهرة" باحترامٍ و تقديرٍ:

"أهلًا و سهلًا بحضرتك، أنا سمعت كتير عن حضرتك بس دي أول مرة نتقابل، إن شاء الله تكون معرفة خير"


ردت عليها المرأة بتقديرٍ يناسب تقديرها فقالت لها المعلمة:

"طب مين العسولة مش تعرفينا ؟!"


ابتسمت لها "زهرة" و هي تقول بفخرٍ و حماسٍ:

"آه طبعًا دا شرف لينا، دي خديجة بنتي"


رحبت بها السيدة و ابتسمت لها فتحدثت المعلمة الأخرى تقول بحماسٍ:

"تعالي بس يا ميس محاسن علشان نشوف خديجة هتقولنا إيه، أنا متحمسة لكلامها أوي"


جلست السيدات و وقفت "خديجة" في المنتصف في موقفٍ لا تحسد عليه خاصة أن جميعهن في انتظار حديثها هي، تنفست بعمقٍ و راجعت ما مر عليها و تدربت على القيام به و حينها قالت بثباتٍ أجادت رسمه:


"الفكرة اننا عاوزين نركز أكتر مع الأطفال يعني الموضوع ميقتصرش على المادة العلمية بس، لأ...يكون لأسباب نفسية كمان بمعنى إن الطفل ياخد حريته في المشاركة و التعبير عن رأيه و يسأل ليه و ازاي و من حقه يجاوب غلط و يتكلم و يبطل خوف، فيه اطفال بتبقى مطفية تمامًا، عاوزين احنا نركز معاهم، نديهم اهتمام أكتر و نلاحظ وجودهم، يعني مثلًا لو كل مدرس دخل الفصل و بص على الطلاب حواليه مش هيلاقيهم نموذج واحد، هيكونوا مختلفين بكل الاشكال، منهم اللي بسبب صحابه و منهم اللي بسبب عيلته و منهم اللي مش فاهم نفسه، كلهم بلا استثناء عندهم مشاكل، دورنا إننا نشوف كل طفل مطفي و نوره، نشاركه و ندعمه و نشيل عنه خوفه"


لاحظت الاهتمام المرسل من نظراتهن فأكملت حديثها باستفاضة أكثر تفسر لهن الأمر و كيفية التعامل مع الأطفال الصغار في مختلف الأعمار.


انهت حديثها فوجدت الشكر و الثناء عليها و على تفكيرها و أخلاقها حتى ابتسمت "زهرة" بفخرٍ و زهوٍ و هي ترى النظرات موجهة نحو ابنتها، حتى تحدثت احدى المعلمات:

"صح هيكون فيه تكريم بليل في نادي نقابة المعلمين لينا و زهرة اسمها موجود، أكيد هتيجي !! و ميس محاسن كمان تيجي تشوف الدنيا و تتعرف علينا أكتر"


تحدثت "زهرة" بحماسٍ:

"هاجي و أجيب خديجة معايا و ياسين و رياض، علشان يصوروني مش أكتر"


ابتسمت لها "خديجة" فيما تحدثت "محاسن" بحماسٍ هي الأخرى:

"خلاص طالما كلكم هتروحوا و أنا عارفاكم يبقى هاجي إن شاء الله، كفاية إن خديجة هتيجي"


ردت عليها "خديجة" بوقارٍ:

"متشكرة لحضرتك جدًا دا شرف ليا والله، و إن شاء الله نتقابل على خير.

_________________________


في وسط النهار عاد "وليد" و "حسن" من عملهما لبيت آلـ "الرشيد"، فتحدث "وليد" موجهًا حديثه للأخر:

"ما تبات هنا و خلاص يا حسن، هتمشوا ليه يعني ؟! أنا بقيت ببات هنا من ساعة حمل عبلة"


رد عليه "حسن" رافضًا حديثه:

"يا عم خليني أروح بقى، أنا باخد راحتي في بيتي و هدير كمان بترتاح هناك، حلو كدا احنا هنا من يوم الجمعة"


حرك "وليد" رأسه موافقًا بقلة حيلة فتركه "حسن" و توجه نحو شقة "محمود" و قبل أن يتوجه "وليد" نحو شقتهم تفاجأ بـ "مشيرة" تنزل أمامه و هي تبتسم له ترتدي ملابس أنيقة، فسألها بتعجبٍ:


"رايحة فين دلوقتي كدا ؟!"


ردت عليه بثباتٍ زائفٍ:

"رايحة أجيب شوية حاجات مهمة، مش هتأخر، أنتَ عاوز حاجة ؟!"


رد عليها نافيًا ثم سألها من جديد:

"طب أجي أوصلك طيب ؟! الليل قرب يدخل و كدا مش هنلاقي مواصلات"


ردت عليه مسرعةً:

"لأ خليك، أنا هروح لوحدي المكان مش بعيد، شكرًا يا وليد، خليك بس مع مراتك و خلي بالك منها"

عقد ما بين حاجبيه حتى رحلت هي من أمامه و هي تبتسم له بتوترٍ فيما نظر هو في أثرها بتعجبٍ و قلب شفتيه بحيرةٍ من أمرها.

_________________________


في عيادة الطبيبة النفسية "هناء" كانت تجلس "مشيرة" أمامها و هي تقول بنبرة هادئة:


"حاسة أني بقيت أحسن بكتير بعد جلسات العلاج اللي كملتها هنا، ماكنتش متخيلة إن ممكن ييجي يوم و أعرف فيه الفرق بين الحياة و الموت، أنا بقيت بفكر في كل اللي حواليا أكتر من نفسي، مشيرة القديمة لو كانت لسه موجودة كان زماني ميتة، أنا رجعت تاني بفرح بكل حاجة بسيطة، حتى كلمة صباح الخير بقت بتفرحني، أنا كدا بقيت كويسة صح ؟!"


ابتسمت لها "هناء" و هي تقول بنبرة صوتٍ هادئة:

"أنتِ كويسة بالظبط من ٩ شهور، من أول مرة جيتي هنا فيها علشان أعالجك من عقدك و ساعتها قولتيلي أنا عاوزة أكون إنسانة بتحس، احنا كملنا الخطوات سوا و أنتِ كان عندك إرادة كبيرة أوي تغيرك، أظن كدا بقيتي على الأقل بتعرفي تقعدي وسطهم صح ؟!"


حركت رأسها موافقةً فقالت "هناء" بثباتٍ:

"كلنا كبشر جوانا الخير و الشر يا مشيرة، بمعنى اننا فينا الحلو و الوحش بس بنسب متفاوتة، بيحصل لينا كم صدمات و أزمات يعيد تأهيل نفسنا من تاني، زي مثلًا اللي حصلك دا موت مشيرة المسالمة و صحى مشيرة تانية عاوزة تاخد حقها من أي حد، طبقًا للدراسات العلمية دا اسمه "الأنا العليا" بمعنى إن فيه مرحلة جوانا بتوصل إن الإنسان يفضل نفسه على كل اللي حواليه، عاوز حقه بأي شكل و بأي طريقة مهما كانت، اللي حصل خلى الأنا العليا عندك فاقت و صحيت تاخد حقها، كل الجلسات اللي فاتت كنا بنموت فيها الأنا العليا علشان نصحي مشيرة التانية، أظن أنتِ حاسة بالفرق"

ابتسمت لها "مشيرة" ثم حركت رأسها موافقةً بتفهمٍ و استمر الحديث بينهما حتى نهاية الجلسة و خرجت "مشيرة" من الغرفة فوجدته يجلس في الخارج و هو يبتسم بثقةٍ و قال بثباتٍ:

"ماهو أنا مش عيل صغير يا عمتو علشان تشتغليني كل دا"

اتسعت عينيها بدهشةٍ من تواجده هنا خاصةً و هو يتحدث بتلك الثقة أما هو فرفع حاجبه لها و هي تطالعه بتوترٍ و تفرك كفيها معًا.

_________________________


في سيارة "ياسين" بعد عودته من عمله كانتا والدته و زوجته في الخلف على الأريكة فيما قال هو بضجرٍ:


"يعني مش كفاية شحططة الصبح و بليل كمان ؟! خير يا زوزو ؟!"


ردت عليه والدته بضجرٍ:

"هو أنتَ ابن ضرتي ؟! بقولك رايحة اتكرم يا جزمة، تعالى علشان تفتخر بأمك"


رد عليها هو بعدما ابتسم لها:

"مش محتاجة تكريم أنا علطول فخور بيكي أصلًا، و رياض كمان"


سألته تلك المرة "خديجة" بتعجبٍ من عدم تواجده:

"هو عمو رياض مجاش ليه صح؟"


رد عليها "ياسين" بسخريةٍ:

"عمو فهمي عاوزه ضروري، أنا بس مستغرب إنك رايحة و إنك مصممة تحضري الحفلة"


ابتسمت هي له فيما تحدثت والدته تقص عليه حديث زوجته في الصباح و فخر النساء بها و بفكرتها التي تسعى لنشرها.


وصل "ياسين" معهما للنادي فنزلوا من السيارة و دلفوا للنادي و بعد مرور دقائق قليلة جلسوا معًا على طاولةٍ واحدة يشاهدون الأجواء حولهم حتى اقتربت منهم المعلمات أصدقاء والدته يرحبن به و هو يرحب بهن، جلسوا جميعًا مع بعضهم حتى اقتربت منهم "محاسن" نظر لها "ياسين" متعجبًا فقالت له "خديجة" بنبرةٍ هامسة:


"دي طنط محاسن، مدرسة جديدة زميلة طنط زهرة كانت معانا الصبح"


حرك رأسه موافقًا ثم وقف احترامًا لها دون أن يمد يده فقالت "زهرة" بفخرٍ:

"اقدملك بقى ياسين ابني، مهندس معماري"


ردت عليها السيدة بمرحٍ:

"الله أكبر ربنا يحفظهم ليكي، عيني عليهم باردة"


جلست معهم على نفس الطاولة تتابع الأجواء حولها فسألتها إحدى المعلمات:

"هو حضرتك جاية لوحدك ؟؟ مش معاكي حد ؟!"


ردت عليها بوجهٍ مُبتسمٍ:

"ابني و جوزي جايين في الطريق، بس أنا سبقتهم خايفة اتأخر"

تفاهموا حديثها و حينها بدأت الاسماء تذكر لتكريمهم على مجهود طوال العام فقالت "زهرة" بحماسٍ:


"يلا يا خديجة علشان تصوريني"


ابتسمت لها "خديجة" و رحلت معها فيما جلس "ياسين" يتابعهما بنظره و اامعلمات تنسحب من جواره تباعًا عدا "محاسن" التي قالت بهدوء:


"ما شاء الله ربنا يحظك لوالدتك شكلك بتحبها أوي"


انتبه لها و قال بوقارٍ و عزةٍ:

"حضرتك اهو قولتي والدتك، يعني هي كل حاجة ليا، آه بحبها و أوي كمان"


ابتسمت له و هي تقول:

"ربنا يحفظها ليك و يحفظك ليها، و يحفظلكم خديجة، مع أني عاوزة أخدها منكم"


عقد ما بين حاجبيه ينتظر منها تكملتها فقالت هي بحماسٍ:

"أنا عاوزة أطلب منكم ايد خديجة لابني هو زمانه جاي في الطريق و هتشوفه و إن شاء الله ربنا ييسر"

رمش ببلاهةٍ عدة مراتٍ لم يصدق ما يسمعه هل تلك المرآة مجنونة ؟! تطلب من الله التيسير في أمر الزواج لابنها من زوجته ؟! أخذه تفكيره لتلك النقطة و سرعان ما اتسعت عينيه بشررٍ و هو يفكر فيها و هي تطلب الزواج لابنها من زوجته و بكل راحةٍ و تيسيرٍ !!!

الفصل السادس والثمانون من هنا 

تعليقات



×