رواية وريث آل نصران الجزء الثالث الفصل الثاني والثمانون بقلم فاطمه عبد المنعم
أحمق من ظن أنه يعرف البشر حقا، إن ردود أفعالهم مذهلة دائما، مذهلة لدرجة أن تجعلك عاجزا، تجعلك تتأمل في صنع الخالق، وتتيقن من أنك حين قلت فلان لا يفعلها أبدا لم تكن إلا أحمق كبير.
لأول مرة تعرف شعور القطط أثناء الترقب، كان هو شعورها تماما وهي تجلس في سيارة "عيسى" في الخلف تراقبه هو ووالده وقد جلسا في الأمام.
لم تتوقع أبدا أن يستطيع الإفلات هكذا من سؤال والده حين التقا به أثناء رحيله من منزل عمها بعد ما سمعاه، توقف فؤادها حين نادى "عيسى":
بابا.
ولكنه عاد للدق من جديد وهو يتابع محاولا بصعوبة التحكم في ذاته:
هو أنت هنا بتعمل ايه؟
لم يكن " نصران" في حالة تسمح له بالحديث أبدا، وعلم "عيسى" هذا فتابع حديثه مبديا لوالده وكأنه لم يسمع ما دار بينه وبين "كوثر":
أنا كنت جاي علشان " علا" اللي كل شوية تنطلي،
كنا معديين وقولت اجي أشوفها عايزة ايه ...
كان وجهه مكفهر، محاولة أن يبدو طبيعيا صعبة للغاية، لكن حالة "نصران" لم تسمح له أن يلاحظ، لم تسمح له إلا أن يقول:
روحني يا "عيسى".
أتى إلى هنا سيرا، ولكنه لا يستطيع العودة هكذا، لذلك أخذ ابنه يده و" ملك" خلفهم في اتجاههم إلى السيارة، فاقت من شرودها حين لاحظت أنه اقترب من محل والدتها، هي في مأزق الآن، تريد النزول من أجل الاطمئنان على شقيقتها، ولا تريد أيضا خوفا من حدوث أي شيء بينه وبين والده... لم يبعدها عن هذا التفكير إلا أنه أوقف السيارة بالقرب من محل والدتها ووجه سؤاله وهو يطالعها من المرآة الأمامية:
هتنزلي ولا هتيجي معانا يا "ملك".
نظرت إلى وجهه في المرآة فلمحت رغبته الملحة في أن ترفض النزول، لمحت غضبه الذي يحاول بكل قوته ألا يظهر، كانت تفكر ماذا تفعل هل تنزل أم لا، هو أخفى على والده أنه سمع أي شيء وقطع تفكيرها صوته وقد بدا انفعاله جليا في نبرته العالية:
ما تخلصي هتغوري ولا هتيجي معانا.
كررت خلفه باستنكار:
أغور؟
كذلك استدار له والده يطالعه بنظرات حادة وتحدث بغضب:
اسمع أنا مش فايقلك أنت التاني... ما تتكلم عدل.
لم ترد أن يحدث أكثر من ذلك فتحدث بحرج مما قاله " عيسى" وارتباك:
محصلش حاجة يا عمو... عن إذنك.
تبعت قولها بنزولها من السيارة وأغلقت الباب خلفها، تنهد "عيسى" بانزعاج، هو يبذل طاقة جبارة حتى يحافظ على هدوءه قبل أن ينتصر اضطرابه ويتحكم به... لم يرد أن تنزل أبدا ولم يرد أن يقول هذا.
ما إن ابتعدت هي عن السيارة حتى تجمعت الدموع في مقلتيها، كانت على وشك الذهاب معه لكن بعد طريقته لم تفعلها.
كانت في طريقها للصعود إلى منزل لكنها وجدت والدتها و"مريم" على الدرج، انكمش حاجبيها وخاصة أن الوقت متأخر وسألتهما:
في ايه؟
ردت "مريم" بما زرع القلق في قلب شقيقتها:
"شهد" مرجعتش و تليفونها اتقفل.
جملة واحدة ولكنها نجحت حقا في جعلها في أقصى حالات قلقها ولكن شقيقتها تابعت:
بس طاهر اتكلم من شوية وقال انه جايبها وجاي ومنقلقش.. لكن هو كمان بقاله شوية مش بيرد.
كانت والدتها تحاول للمرة المائة الاتصال به ولكن لا من جديد إنه لا يرد.
★***★***★***★***★***★***★***★
وصل "عيسى" ووالده أمام المنزل، لم ينتظر "نصران"
مرافقة ابنه بل خرج هو أولا متجها إلى الداخل، كان يريد أن يكون أول وجه يراه هو وجهها، وجه زوجته، وكما تمنى تماما اصطدم بها أثناء دخوله ولكن الغريب أن القلق قد أخفى ملامحها وكذلك "حسن" الذي يهرول خلفها طالبا من بين أنفاسه اللاهثة:
يا ماما استني بس أنا هروحله.
_ الحق "طاهر" يا "نصران".
هذا ما قالته بلوعة ما إن رأت وجه زوجها ومنقذها، هوى قلب " عيسى" أرضا وقد سمع جملتها وأسرع يسأل:
في ايه يا "حسن" ؟
قالت هي بخوف يقتلها على ابنها، وخاصة أن فقيدها السابق كانت خسارته في أيام مثل هذه وفي توقيت متأخر كهذا أيضا:
طاهر خد رفيدة من بدري وخرجوا، كنا بعد العشا بشوية، دلوقتي لقتها بتتصل بيا وبتقولي ابعتي حد يلحق "طاهر" بيتخانق مع "جابر" برا قبل مدخل البلد بشوية.
ما إن سمع "عيسى" الطرف الآخر للشجار حتى قال مسرعا لشقيقه وهو يهرع إلى سيارته:
يلا يا "حسن".
قبل أن يتحرك " نصران" الذي شعر أنه سيفقد قواه كليا، وكأن طاقته أوشكت على النفاذ من فرط ما تعرض له اليوم، منعه "حسن" بقوله:
خليك أنت يا بابا... احنا هنفضها ونيجي.
أكمل مطمأنا والده:
أنا كمان اتصلت بالرجالة على المدخل وقولت لواحد منهم يخرج يشوف في ايه برا... اتطمن.
لم يهتم بأي كلمة تفوهوا بها بل ركب السيارة معهم وقبل أن تأتي "سهام" هي الاخرى تحرك "عيسى" قاصدا بالسيارة وهو يلقي جملته:
خليكِ هنا وحسن هيبقى يطمنك.
بكت بحرقة وقد حرمها من الذهاب وهي تُقتل خوفا على ابنها، كررت هي الاتصال "برفيدة" لتعلم ما يحدث عندها لكن ابنتها لم تكن في حالة جيدة أبدا وهي ترى شقيقها يتشاجر مع ذلك المعتوه و"شهد" جوارها تصرخ طالبة من "جابر" التوقف وتحاول فتح السيارة ولكن لا من فائدة.
لم يصلا إلى هذه النقطة من فراغ بداية وصولهم إلى هذه النقطة كانت عند اتصال "مريم" به، مريم التي طلب منها متابعة تصرفات شقيقتها، بعد أن أثارت قلقه أخبرته أنهم تواصلوا معها وقالت أنها تجلس عند الجسر ذلك الذي مر عليه في طريق عودته ولم تكن هناك، قرر الذهاب إلى هناك للتأكد وقابل شقيقته في طريقه للخروج فسألها:
يزيد نام؟
هزت رأسها نافية وهي تخبره:
لا قاعد مع ماما فوق... بقولك ايه أنت شكلك خارج ما تاخدني معاك أحسن أنا نفسي أخرج أوي.
أشاح بذراعه وتابع طريقه معلقا بضجر:
اخدك معايا فين أنتِ كمان.
بدر شيء ما إلى ذهنه جعله يتراجع مسرعا ويقول:
ولا أقولك تعالي يلا.
قفزت بمرح وهي تطلب منه بحماس:
خمس دقايق هلبس وجاية.
_ هما 3 لو ملبستيش همشي... بسرعة يا "رفيدة".
هكذا حثها وهي تهرول تجاه غرفتها وتنفيذا لطلبه انتهت سريعا من ارتداء ملابسها وخرجا معا، وصل إلى الجسر، أوقف سيارته في مكان بعيد نسبيا وطلب من " رفيدة":
بصي يا "رفيدة" انزلي كده شوفيلي "شهد" قاعدة هنا ولا لا... لو لقتيها متجيبيش سيرتي خالص اعملي انك جاية هنا صدفة واقعدي معاها خمس دقايق وقوموا...
قاطعته صائحة باعتراض:
قول كده بقى يا "طاهر" يعني أنت خدتني معاك علشان "شهد" مش علشان ترفه عن أختك الغلبانة المحبوسة ما بين أربع حيطان.
فتح لها الباب قائلا بغيظ:
انزلي يا اختي واعملي اللي قولتلك عليه...
لما ابقى ارفه عن نفسي الأول هبقى أرفه عليكِ.
بعد أن نزلت سألته من الخارج:
طب ولو ملقتهاش يا "طاهر" اعمل ايه؟
طالعها بنظرة مشتعلة جعلتها تتراجع سريعا وهي تنبهه:
على فكرة بقى أنت لو بصتلي كده تاني هقول لبابا.
هكذا حذرته وهي تتجه للبحث عنها، بحثت في المكان بأكمله ولم تجد لها أثر؛ لذا عادت له بخيبة أمل لكنه توقع أنها ليست هنا، ركبت شقيقته من جديد جواره ولاحظت الضيق البادي على وجهه فسألته:
هو في حاجة يا "طاهر".
لم تحصل على إجابة وأكمل هو طريقه ناويا الذهاب إلى ذلك المقهى الذي كان يتردد عليه معها، والآن أصبحت تذهب إليه بمفردها، لم يستغرق " طاهر" الكثير ليصل إلى هناك وقبل أن يدخل أتاه اتصال رد عليه بلهفة قائلا:
شهد جت الكافيه؟
رد عليه صديقه العامل بالمقهى والذي كلفه بمتابعتها، كان هناك ضوضاء شديدة حوله جعلت "طاهر" يقول بانزعاج:
ايه الصوت ده أنت فين؟
أجابه مسرعا:
أيوه الأنسة "شهد" جت واللي اسمه جابر ده كمان جه، هي كانت كويسة بس راح قعد معاها وبعد شوية حسيتها مش مظبوطه، كأنها شاربة وبعدين خدها وخرجوا فمشيت وراه علشان حسيت انها مش كويسة...
حديثه هذا أفلت أعصاب "طاهر" الذي سب "جابر" بغضب وسأل محدثه:
خدها وراح فين؟
_ هو قاعد في بار... انا وراهم متخافش
صاح ردا عليه بضيق:
وما اتصلتش تقولي الزفت الكلام ده ليه... ابعتلي ال location دلوقتي.
برر مسرعا عدم اتصاله:
انا مكنتش أعرف انك رجعت من الرحلة... هبعتلك ال location دلوقتي.
لم يستغرق الأمر الكثير بالفعل أرسل له الموقع الذي يبعد عن مكانه نصف ساعة، أسرع هو في قيادته وشقيقته تسأل بإلحاح:
طاهر هو حصل ايه؟
لم يرد ولم تكن حالته تسمح بهذا فسألت مرة ثانية:
طب هو احنا رايحين فين طيب؟
مطت شفتيها بضيق من عدم رده ثم قالت وكأنها تسأل للمرة الأولى:
طاهر طب ممكن تقولي مين الناس اللي احنا رايحين عندهم؟
تجاهلها متعمدا فسألته متجاهلة تجاهله:
هما الناس دول عندهم شهد؟.... هو أنت متضايق ل...
صاح بانزعاج وقد نفذ صبره من إلحاحها:
اسكتي بقى يا "رفيدة"... اسكتي أنا مش ناقصك.
_ طب احنا رايحين فين طيب؟
رد على هذا بضجر قائلا:
يووه
توقف بسيارته أمام ذلك الملهى، جحظت عيناها وهي تسأله بصدمة:
ايه المكان ده يا " طاهر" ؟...من امتى واحنا بندخل الأماكن دي؟
أمرها وهو يتوجه للنزول من السيارة:
خليكِ هنا ومتتحركيش.
مظهر المكان الخارجي أغرى فضولها فهزت رأسها معترضة وهي تقول بإصرار:
لا أنا عايزة أدخل أشوف بيعملوا ايه جوا... وأنت داخل جوا تعمل ايه؟
_ بيرقصوا جوا.
هكذا قال وهو يجذب المفتاح ليغلق سيارته عليها حتى لا تستطيع النزول فاعترضت صائحة:
وأنت داخل تعمل ايه؟
بعد أن تأكد تماما من إغلاق السيارة أعطاها الإجابة:
داخل أرقص.
تأففت بانزعاج وهي تراه يذهب بمفرده إلى الداخل، بقت هي في سيارتها تعبث بالهاتف أما هو فدخل إلى
المكان، شاور له صديقه فلمحه وذهب ناحيته وقبل أي شيء سأله:
هما فين ؟
أشار له عليهما، اشتعلت النيران بداخل "طاهر" وهو يراها ويبدو جليا أنها ليست في كامل إدراكها، أخذ يقترب منهما ليجد "جابر" يجذبها قائلا:
تعالي نرقص يلا.
هزت رأسها نافية وقد شعرت بدوار شديد يهاجمها وهي تقول بكلمات متقطعة:
لا... لا.. مش..مش عايزة.
وكأن إرادتها سُلبت منها ليسحبها "جابر" قائلا بضحكة واسعة:
تعالي بس.
جذبها "طاهر" منه ودفعه بغضب ليسقط على الأرضية، كان يترنح من إثر ما شربه فلم يقدر على القيام لحظتها لكنه سبه ورد "طاهر" على ذلك بقوله:
لما تبقى تصلب طولك وتعرف تقف زي الرجالة ابقى تعالالي يا روح أمك.
كان الجميع يتابعهم، ولم يرد هو أي شجار الآن حتى تخرج من هنا سليمة، كان يمسك مرفقها جيدا ليخرج بها وبالفعل تشبثت هي به قائلة بضحك:
هو أنت هنا بتعمل ايه؟
مر جوار صديقه فسأله:
هي شربت؟
_ لا مشربتش... هي كده من ساعة ما كانوا في الكافيه، من بعد ما جه قعد معاها بربع ساعة وهي بقت كده.
لم يتوقف عن شتمه وهو يجذبها لتخرج معه، وهي تسأله:
احنا هنروح عند حورية؟... علشان تقولها شهد معملتش كده صح؟
أنهت قولها ونامت على كتفه فكادت تسقط أثناء سيرها فعدلها هو قبل أن تسقط لتقول:
أنا... أنا.. بردانة، اه أنا بردانة أوي.
طالعها بغضب وهو يقول:
خلاص احنا داخلين العربية.
لم يرد أن يقول لها أي شيء الآن فهي ليست في حالتها الطبيعية ولكنه وجدها تجذب الجاكيت الخاص به سائلة بضحكات لا تعلم سببها:
مش هتديني ده؟...اديني الجاكيت.
كان خريفيا يرتديه فوق سترته الصيفية الخفيفة ولم يكن ثقيل من أجل التدفئة ولكنه خلعه لها، كادت أن تسقط من جديد وهو يخلعه فثبتها وألبسها إياه ثم حملها متجها إلى سيارته فأغمضت عينيها واستكانت رأسها على صدره، وما إن وصلا للسيارة حتى شهقت شقيقته بصدمة سائلة:
مالها "شهد"؟... وايه اللي دخلها هنا؟
وضعها " طاهر" في الخلف وطلب من شقيقته:
ارجعي ورا جنبها يا رفيدة.
أسرعت "رفيدة" تجلس في الخلف من أجلها وأكملت هي نومها وقد ساعدتها "رفيدة" على الاعتدال وهي تسأل بانفعال:
يا طاهر رد بقى... شهد مالها؟
رد بنفس النبرة المنفعلة:
معرفش يا "رفيدة"، معرفش مالها، لما تفوق تبقى تقولنا هي مالها.
قاد السيارة راحلا من هذا المكان، وتوقف عند أول محل يبيع القهوة وابتاعها ليعود بها إلى شقيقته طالبا:
صحيها واسقيهالها.
تناولت منه ما أحضره وحاولت إفاقتها ولكنها كانت تفتح عينيها تطالعها وتعود للنوم من جديد فقالت
" رفيدة" بخيبة:
طاهر أنا مش عارفة أشربهالها.
_ أنا غلطان إني جيبتك أصلا.
هكذا قال لشقيقته وهو يقوم بإيقاف سيارته ويتجه إلى المقعد الخلفي، عدل من وضعية "شهد" وربت على وجهها بخفة مناديا باسمها عدة مرات حتى استجابت له وفتحت عينيها، ما إن فتحتهما حتى نبهها قائلا:
شهد فوقي معايا كده.
قرب الكوب من فمها طالبا برفق:
اشربي يلا.
انكمشت تعابيرها وهي تطالع الكوب باستغراب فحسها بضجر:
أنتِ هتعملي حويطة عليا أنا وتشوفي بشربك ايه... ده أنتِ طوب الأرض مغفلك وساقيكِ، قومي ياما اشربي.
هزت رأسها نافية، وهي تشعر وكأن رؤيتها مشوشة فعاد للرفق من جديد وهو يقرب الكوب من فمها قائلا:
يلا يا "شهد" علشان خاطري.
ابتلعت بالفعل واستطاع أن يسقيها الكوب كاملا بصعوبة، ثم سمع سؤال شقيقته التي نامت "شهد" على كتفها من جديد:
هو مين يا طاهر طوب الأرض دول وغفلوها ازاي؟
صاح بنزق:
"رفيدة" افصلي بقى... ايه متعبتيش؟، بطاريتك مفضيتش؟
رمقته بإنزعاج وهي تقول متوعدة:
ماشي يا طاهر.
أكمل هو طريقه إلى قريتهم ولكنه شعر بسيارة ما تتبعه، عرف صاحبها سريعا إنها سيارة "جابر"، لم يهتم به وتابع طريقه ولكنه حين اقترب من مدخل بلدته بدأ " جابر" في ضرب سيارته بخاصته، استغل أنهما بالقرب من مدخلا القريتين حيث لا أحد ليشتبك معه، كان غاضبا من أخذ "طاهر" لها وإهانته هكذا، وكان ثملا لا يرى أمامه يتحكم فيه غضبه، أوقف "طاهر" سيارته وقد طفح كيله منه فحاولت شقيقته منعه وهي ترى ما يحدث:
بتعمل ايه يا "طاهر" سيبك منه... ده شكله مجنون.
نزل وأغلق السيارة عليهما حتى لا يستطيعا النزول، فأوقف "جابر" سيارته هو الاخر ونزل له وهو يصيح:
أنت مالك أنت يا**** و مالها علشان تيجي تاخدها وتمشي.
لكمه "طاهر" فتراجع للخلف وهو يعقب اللكمة بقوله:
ده أنت ليلة أبوك سوده النهاردة.
كونه ثملا ساعد "طاهر" في ضربه ضربا مبرحا، هرعت "رفيدة" إلى هاتفها تتصل بوالدتها وهي ترى الشجار يشتعل بين الثنائي، و أيقظت "شهد" التي بدأت في استعادة ادراكها تدريجيا، حاولت فتح عينيها جاهدة لترى ما يحدث في الخارج فشخص بصرها وهي تقول:
يانهار أبيض.
حاولت فتح الباب والنزول على الرغم من ألم رأسها غير المحتمل ولكنها لم تستطع وقالت "رفيدة" التي تبكي بخوف:
طاهر قافله.
انتبها معا حين هرول "جابر" لسيارته ظنا أنه يهرب وكذلك ظن "طاهر" وقبل أن يستدير أتى "جابر" بآلة حادة من سيارته ضرب بها "طاهر" على رأسه، تأوه عاليا وصرخت شقيقته و"شهد" باسمه، في هذه اللحظة أتى حارس المدخل بناءا على أمر رب عمله أن يترك مكانه ويتجه للخارج، وما إن لمحه "جابر" حتى توجه إلى سيارته مسرعا، كان المشروب يتحكم به فيتصرف بجنون... سالت الدماء من رأس "طاهر" ودقائق وأتت سيارة بها والده وشقيقيه، نزل "نصران" أولا هرع ناحية ابنه بقلب دخلت دقاته سباق عنيف، شعر أنه سيسقط توا ولكن أخذ "طاهر" يمسح الدماء التي تسيل ويضع يده على رأسه محاولا محاولة فاشلة طمأنة والده بقوله:
أنا كويس يا بابا.
هرول إليه "عيسى" و "حسن" وسنداه وصاح "حسن" بغضب:
ايه اللي حصل يا "رفيدة".
_ معرفش والله العظيم، اللي اسمه جابر ده قطع علينا الطريق وطاهر نزل واتخانقوا، أكملت بصعوبة من بين شهقاتها:
وهو ضرب طاهر ببتاعة كده على دماغه وجري بالعربية.
مُسح كل شيء من ذاكرة شهد، اخر ما تتذكره أنها كانت بالمقهى تجلس بمفردها، أتى بعدها جابر ولا تتذكر أي شيء آخر، تحاول تجميع الأحداث ولكن لا تستطيع، لم تتوقف دموعها عليه وسمعت " عيسى" يسأل "رفيدة":
هو دخل كده؟
كان يشير على مدخل القرية التي يقبع " جابر" بها فهزت "رفيدة" رأسها بالإيجاب فحث "عيسى" والده:
خد يا بابا أنت وحسن "طاهر" واطلعوا على المستشفى خلي الدكتور يشوف دماغه، وأنا هروح أشوف ابن منصور عايز ايه.
أخذ "حسن" المفتاح من جيب "طاهر" بعد أن دله عليه فتح الباب الخلفي ليجلس "طاهر" جوار "رفيدة" التي جاورتها "شهد"، كانت " رفيدة" في حالة انهيار ومسكت سريعا كف "طاهر" الذي قال مطمئنا:
متخافيش أنا كويس.
طالعته "شهد" بدموع ورمقها هو بعتاب ثم سريعا ما أعمض عينيه من ألم رأسه التي مازال يضع يده عليها، ركب "نصران" في الأمام جوار "حسن" وأعطى أوامره بنبرة عالية:
تعالى ورانا بعربيتك يا "عيسى"، متروحش عندهم دلوقتي.
خاف أن يصيبه مكروه أيضا، هو لا يتحمل، عيناه المتلهفة والمليئة بالقلق لا تفارق "طاهر"، لن يقدر على إصابة اخرى، غادر " حسن" إلى المشفى وتصنع "عيسى" أنه لم يسمع شيء توجه بسيارته قاصدا منزل "منصور"، لمح سيارة " جابر" في طريقه وظل يلاحقها حتى وصلا أمام منزل "منصور"، نزل " جابر" مترنحا من السيارة، وكان غضب "عيسى" ظاهرا على وجهه الذي أصبح شديد الاحمرار من فرط الانفعال، سدد له ركلة أولا تبعها بصياحه:
افتح يا منصور واتفرج على ابنك.
هذه الضوضاء أيقظت كل من في المنزل، وما إن تم فتح الباب حتى جذب عيسى "جابر" من ملابسه يدخل به إلى حيث والده الذي وقف في الردهة مذهولا... انتفض "جابر" وسعى ليرد الضربة له فتفاداها "عيسى" وأسقطه أرضا، تأثير الشراب ظاهر جليا عليه... دخل منصور بينهم يحاول الفض ولكن صرخ "عيسى":
ابنك ال *** ده مسك في اخويا على اول البلد، وأنا أخويا راجل وكفيل بيه بس علشان ابنك بيتطوح ومش شايف قدامه راح جاب حاجة بطحه بيها وطلع يجري....
نزلت " ندى" من غرفتها ومعها "ميار" وقفا على الدرج يتابعا ما يحدث بعيون شاخصة، لم تستطع "ندى" منع ابتسامة ظهرت على وجهها وهي ترى ما يحدث لجابر الذي لا يترك فرصة لإهانتها إلا وفعلها.
دفع "منصور" عيسى بعيدا عن ابنه صارخا بحدة:
الكلام مش كده.
_ أيوه عندك الحق الكلام مش كده.
كان كالثور الهائج لا يتوقع أحد خطوته التالية، قال جملته هذه واتجه ناحية الطاولة جاذبا المزهرية من عليها وعلى حين غرة هشمها على رأس جابر قائلا لوالده:
الكلام بيبقى كده، علشان نبقى خالصين.
شهقت "ميار" بصدمة وهرع "منصور" إلى ابنه الذي تأوه عاليا، وجه نظرات قاتمة لعيسى متوعدا:
ده أنت مش هتخرج من هنا سليم النهاردة.
اختفت الابتسامة تماما من وجه "ندى" وهي ترى تأزم الوضع ثم سمعت عيسى الذي هتف:
لا هخرج زي ما دخلت... ابنك عملها الأول، وده رد على عملته مش جايين نجر شكله من الباب للطق... ده الحق.
_ اتصلي بالدكتور بسرعة يا "ندى".
هكذا أعطى أوامره لزوجة ابنه التي استدار " عيسى" لها وقد انتبه لوجودها، سريعا ما عاد ينظر لمنصور الذي سأله وهو يرى ما أصاب ابنه:
حق؟... هو أنت تعرف الحق؟، احنا أول ناس لينا حق عندكوا يا بن نصران، حق لو خدناه هتترمي أنت وأهلك كلهم برا البلد.
فقد "جابر" وعيه تماما، لم يعد "منصور" ينتبه لأي أحد سوى ابنه، وضع يده على رأسه يحاول إيقاف النزيف ولكن ما قاله "عيسى" جعله ينظر له حيث قال ردا على حديث "منصور":
وأنا ليا عندك حق لو خدته هاخد روحك.
حديث يحمل أكثر من معنى، يحمل ماضي لا يعرفه أحد، ويحمل الكثير من التلميحات ... صرخ بزوجة ابنه لتتعجل فقالت:
اتصلت يا عمو والله، قال عشر دقايق وهيكون هنا.
زاغت نظرات " منصور" وتردد كثيرا ولكنه قال:
حق ايه ده؟
أعطاه "عيسى" ابتسامة ساخرة وخرج من المكان بأكمله بعد أن أتم ما أتى لأجله.
★***★***★***★***★***★***★
كان "نصران" و"حسن" مع "طاهر" وقد طلب "نصران" من ابنه:
خد يا "حسن" اختك و"شهد" روحهم وأنا هستنى.
رفض رفضا قاطعا:
لا يا بابا أنا مش همشي غير مع "طاهر"، هتصل بعز يجي ياخد العربية ويروحهم.
خرج الطبيب قاطعا حديثهما طمأنهم بأنه بخير، لا شيء إلا كدمات بسيطة إثر الشجار، أما عن جرح رأسه فلقد تم عمل اللازم معه وتبعه بقول:
أنت بس تراقبوه اليومين الجايين علشان لو حصل أي نزيف داخلي لقدر الله نلحقه بس إن شاء الله مش هيحصل.
دخلا له الغرفة كان يجلس على الفراش مستندا بظهره على الوسادة وقد تم تضميد جرحه بضمادة معقمة... هتف " نصران" مؤنبا:
كده يا طاهر ، كده تجرينا وراك، ده أنت معملتهاش وأنت عيل....اتخانقت مع ابن منصور ليه؟
_ أنا كويس يا بابا محصلش حاجة.
كان هذا رده الذي جعل والده يستشيط غضبا وهو يكرر عليه:
اتخانقت مع الزفت ده ليه؟
حاول "حسن" إخماد ثورة والده وبرر "طاهر":
هو كان شارب، وقعد يخبط فيا بالعربية واتخانقنا.
علق " نصران" على حديثه بغضب:
طب هو شارب، أنت بقى تعمل زيه وتنزل تجر في شكله ما تسيبه وتمشي.
قطع حديثه دخول "رفيدة" التي هرولت ناحية شقيقها واحتضنته قائلة بحزن:
أنت كويس صح؟
ربت على كتفها مطمئنا ثم همس لها خلسة:
أنا وأنتِ قابلنا شهد في الكافيه وواحنا راجعين جابر قطع الطريق علينا واتخانقنا.
لم تفهم ما يقول إلا حين سألها والدها عما حدث فكررت حديث شقيقها دون تفكير:
أنا وطاهر قابلنا شهد في الكافيه وواحنا راجعين جابر قطع الطريق عليه واتخانقوا.
حضر "عيسى" إلى المشفى، وجدها تقف أمام الغرفة بتردد تخشى الدخول، هو يدرك أنها سبب ما فيما حدث وخاصة حين نادى اسمها فانتفضت، سريعا ما تحكمت في أعصابها سائلة:
في ايه يا "عيسى"؟
_ هو طاهر وجابر اتخانقوا ليه؟
توقعت سؤال كهذا ولكنها حقا لا تعرف الإجابة ولا تتذكر شيء سوى جلوسها في المقهى، رد هو بدلا عنها بنظرات حادة:
اتخانقوا علشانك صح؟
هتفت بحدة وقد نشط أسلوبه دفاعاتها:
قولتلك معرفش.
رد على قولها بنفس أسلوبها:
أنا يوم ما أخويا غلط في حقك وقفت قدام الكل وغلطته، غلطت أخويا علشانك ودي عندي كبيرة أوي، أنا معرفش اللي حصل بس متأكد إنك سبب، علشان كده بقولك تت....
قطع حديثه خروج " رفيدة" التي قالت:
أنت كنت فين يا عيسى كل ده... ادخل لبابا بيسأل عليك.
استجاب لها ودخل لوالده، وحينها نبهت رفيدة "شهد" مسرعة:
طاهر بيقولك لو حد سألك في ايه... قوليله إن احنا اتقابلنا صدفة في الكافية وواحنا راجعين جابر كسر علينا واتخانقوا.
_ هو ايه اللي حصل يا "رفيدة"؟
سألتها " شهد" بحزن فرفعت كتفيها دليل على عدم المعرفة وهي تقول:
معرفش... اسألي "طاهر".
لم تستطع الانفراد به لسؤاله إلا حين توصيلها للمنزل حيث طلب من " حسن" التوقف وحمد الله أن والده وشقيقه الاخر في السيارة الاخرى...
نزل معها ليقفا على مقربة من منزلها فوجهت سؤالها بعينين دامعتين:
هو أنتوا اتخانقتوا ليه؟
كان حديثه معاتبا وهو يقول لها:
أنا اللي المفروض اسألك ايه اللي حصل يا "شهد"... أنتِ عارفة أنا جايبك منين؟
جاوب هو بدلا منها بتأنيب:
جايبك من بار يا " شهد" ، كنتِ مع "جابر"
شهقت بصدمة وأكمل هو بانفعال:
أنتِ عارفة هو كان ممكن يعمل فيكِ ايه؟... أظن إنك أكيد عارفة واحد خد واحدة شبه فاقدة لإدراكها وراح بيها كباريه، الخطوة اللي بعد الخطوة دي معروف هتكون ايه.
تتابعت عبراتها وهي تنفي عن نفسها كل هذا:
أنا مروحتش معاه، أنا مش فاكرة غير إنه قعد معايا في الكافيه.
رد على هذا بغضب:
ماهو ده السبب، شوفي حطلك ايه في اللي شربتوه في الكافيه، السبب في كل ده أنك ادتيله فرصة أصلا يقعد معاكِ يا "شهد"، قبل كده كنتِ بتصديه، المرة دي سمحتيله يقعد وأديكِ شوفتي النتيجة.
هي بالفعل سمحت له بالجلوس ولم تقم بطرده ككل مرة ولكنها فعلت هذا حتى تستنكر عليه أفعال زوجته التي أتت إلى منزلها واتهمتها بما لم تفعله، حاول تهدئتها وبعد هذا قامت لترد على شقيقتها وحين عادت لا تدري ما حدث، تتابعت عبراتها وهو يكمل:
كنتِ بتقوليلي الصبح أنا مش عيلة علشان تفضل ماشي ورايا حتى وأنت مسافر، عارفة أنا لو مكنتش وصلتلك النهاردة كان حصل ايه؟، هو شرب لما مبقاش شايف وقام ورانا لحد ما اتخانقنا علشان ازاي اخدك منه وامشي... أنتِ وصلتينا لنقطة
شعر بالعجز لا يستطيع الإكمال، أغمض عينيه بتعب فأكملت هي ماسحة دموعها:
أنا أسفة على اللي حصلك بسببي... وكان ممكن تقولهم عادي على اللي حصل ومتداريش عليا
رد عليها بتعب:
حركة وسخة أوي وأنتِ عارفة انها متطلعش مني....
أنا مش عايز أسفك، أنا عايز منك حاجة واحدة بس
أكمل وهو يطالعها برجاء:
الدراسة بدأت، شوفي مصلحتك،
و ابعدي عن أي حاجة تأذيكي، علشان نفسك قبل أي حد، علشان اللي حصل النهاردة ده لو كان اتقال منه كلمة واحدة كانت سيرتك هتبقى لبانة في بوق الرايح والجاي وأنا مرضهاش ليكِ حتى لو أنتِ مش بيفرق معاكِ الناس وكلامهم.
نزلت أمها التي ما إن لمحتهم حتى هرولت ناحيتهم تتيقن من أن ابنتها بخير فلقد تواصل معها حسن وأخبرها أن ابنتها آتية معهم، جذبتها وهي تسألها:
ايه اللي حصل؟
رد هو بدلا عنها:
محصلش حاجة يا طنط، أنا ورفيدة قابلنا شهد وكنا بنوصلها بس حصلت خناقة بيني وبين واحد على الطريق، معلش على اللي حصل الغلط كان عندي أنا.
_ مع جابر الخناقه دي؟
هكذا سألت فطالعت شهد الواقف أمامها والذي طلب منها بهدوء:
شهد اطلعي ممكن... عايزة اتكلم مع والدتك.
تحركت ناحية المنزل، وهنا وجه حديثه لوالدتها:
اللي حصل النهاردة ملهوش أي دعوة بشهد، أرجوكي بلاش تتخانقي معاها... أنا وجابر أساسا في بيننا خلافات كتير هي اللي اتسببت في اللي حصل.
لم تصدق حرف واحد ولكنها هزت رأسها وقالت:
سلامتك يا بني.
قبل أن تتحرك راحلة تحدث هو برجاء:
بالله عليكِ ما تيجي جنبها... "شهد" محتاجة إنك تقفي معاها أكتر الفترة دي، و صدقيني لو في أي حاجة غلط هي عرفت ده وهتتعلم منه.
وافقت هذه المرة وربتت على كتفه بهدوء ثم تحركت عائدة إلى منزلها وعاد هو إلى سيارته مقررا ألا يفتح مع "شهد" أي نقاش مجددا حتى يستطيع هو فعل فعل ذلك، كانت عودته إلى المنزل بمثابة عودة الروح إلى "سهام" التي هرعت إليه تتيقن من أنه بخير وأخذ هو يطمأنها وقد روت لها شقيقته القصة التي اختلاقاها معا، نبهها "نصران" بقوله:
روحي يا "سهام" هاتي لطاهر الأكل.
علمت أنه يصرفها فانصرفت وتركتهما في غرفة "طاهر"، دخلت إلى المطبخ بمفردها فلقد غادرت تيسير والعاملة الجديدة ولا يوجد سواها في هذا الوقت المتأخر، دخل " عيسى" المطبخ هو الآخر، ألقت عليه نظرة تجاهلها واتجه إلى البراد فقالت:
البابل تي في التلاجة اللي فوق مش هنا.
وكأنه لم يسمعها أخرج زجاجة مياه باردة واستند بظهره على البراد فسألته:
هو طاهر ايه اللي حصله؟
_ مش رفيدة حكتلك؟
هكذا رد عليها فشعرت بالحرج وأكمل هو بابتسامة:
أنا جاي احكيلك حاجة تانية.
كان تقلب بالملعقة في الطبق على النار واتجه ليقف خلفها فسألت باستغراب:
حاجة ايه؟
نطق بما جمدها:
مش الحاج نصران عرف.
أكمل بحقد شديد ناحية كل من تسبب في الماضي الذي يعاني منه حتى الآن:
عرف اللي الوسخ أخوكي عمله.
هل قال له؟... منذ أتى نصران وهي تشعر بتعامله الجامد معها، تشعر وكأن هناك شيء ظنت أنها مشاجرة "طاهر" ولكن لا، استدارت تقول بنظرات حادة:
أنت كذاب
أكد حديثه بجملة:
أقسم بالله العظيم عرف.
كانت ابتسامته متشفية ولكن كان ردها الأسرع حيث رفعت يدها وصفعته على وجهه، لا تدري كيف تجرأت على فعلها لكنها ندمت، ندمت حقا حين شاهدت الاشتعال في عينيه، تلاحقت أنفاسه من فرط الانفعال ولكنها واجهته بنظرات جامدة، نظرات حادة تبث فيها غضبها منه، أما هو ففي حركة سريعة جذب السكين من خلفها ووضع نصله على عنقها وكانت عيناه في هذة اللحظة لا تُنسى أبدا.
كانت صفعة، لكنها امتلكت من القدرة ما جعل طاقة غل جبارة تتجسد على هيئة بشر، امتلكت ما جعل ملك المفاجأة يفقد كل طاقة تعقل لديه، من يراه الآن سيقسم أنه لن يتراجع إلا بقتلها، سيقسم أنه لم ير غضب كهذا في حياته أبدا.