رواية تعافيت بك الجزء الثاني الفصل الواحد والثمانون بقلم شمس بكري
"رمضان أهلًا... مرحبًا رمضان"
_________________________
ترك المعاصي في رمضان ليس إدعاء للمثالية او تناقض بالشخصية.. هو حبل رجاء بين العبد وربه على أمل لا ينقطع
قد تكون قليل العبادة في رمضان لكن اعلم أن تعظيمة لشهر رمضان ( بإجتناب المحرمات ) من أعظم القربات
"وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ"
*************
بعد نهاية السحور في بيت عائلة آلـ "الرشيد" اجتمعت الفتيات مع بعضها في شقة "مشيرة" فيما تحرك الشباب كلًا منهم إلى غرفته في شقة والديه، كان "وليد" جالسًا في غرفته متذمرًا بعدما تركته "عبلة" و ذهبت مع الفتيات.
فُتح باب غرفته فجأةً فانبسطت ملامح وجهه ظنًا منه أنها هي من طرقت الباب لكن خاب أمله حينما وجد والدته أمامه و هي تبتسم له، زفر بقوةٍ ثم قال بصوتٍ مىتراخي:
"تعالي يا ماما، فيه حاجة و لا إيه ؟!"
دلفت "مروة" له و هي تبتسم ثم قالت بهدوء:
"عديت على اوضتك لقيت النور مفتوح و عرفت إنك لسه صاحي منمتش، إيه اللي مصحيك كل دا"
تنهد هو بقلة حيلة ثم قال:
"مش عارف أنام علشان عبلة مش هنا، اتعودت أنام و هي جنبي و في حضني"
ابتسمت له "مروة" ثم قالت بسخريةٍ عليه:
"طب و الله كنت عارفة إنك هتقول كدا، أنا اللي مربياك و حفظتك خلاص"
قالت حديثها ثم اقتربت منه تجلس مقابلةً له على الفراش و هو يبتسم لها ثم قال بمرحٍ:
"إيه هتنامي في حضني أنتِ و لا إيه ؟!"
حركت رأسها موافقةً ثم اعتدلت بجواره تمدد جسدها و هي تقول:
"آه و فيها إيه ؟! خدني جنبك كدا لحد ما تنام و بعدها هروح اوضتي يكون مرتضى طلع"
حرك رأسه موافقًا ثم أخفض رأسه يضعها على صدرها حتى لفت هي ذراعيها حوله و هي تمسد على رأسه فقال هو بسخريةٍ:
"عملتي كدا مع وئام ؟؟ و لا دي حاجة مخصوص ليا أنا بس ؟!"
ردت عليه بنبرةٍ ضاحكة:
"عارفة إنك سوسة و هتخرب الدنيا علشان كدا روحتله هو الأول نيمته و اطمنت عليه و عديت عليك أشوف الحب اللي مسهرك"
تنهد هو بعمقٍ ثم قال بنبرةٍ خافتة:
"مش فكرة حب قد ما هي فكرة أني بتطمن و هي معايا، وجودها لوحده بيخليني متطمن أني مش لوحدي، كنت بخاف من نفسي بس و هي موجودة أنا مش بخاف، عرفت تطمني بنت اللذين"
ردت عليه "مروة" بنبرةٍ ضاحكة:
"دا انتوا بهدلتوا بعض، بقى بعد كل دا، يبقى دا حالكم ؟؟ دنيا غريبة"
ابتسم هو حينما تذكر ماضيهما فقال بصوته الرخيم:
"مكانش ينفعني غيرها من بين كل ستات الأرض، عبلة بس اللي بقدر أقولها أنا خايف و أقدر أقولها أنا ضعيف و اقدر اقولها أنا محتاجك، عبلة بس اللي اقدر اعري نفسي قدامها و أنا عارف إنها هتساعدني و تشد أيدي علشان اصلح غلطي، كل مرة أغلط فيها بلاقيها واقفة معايا زي الأم اللي بتحمي ابنها، مكانش ينفع دي متتحبش، اللي زي عبلة دي يتقفل عليه من الدنيا كلها علشان متبقاش زيهم"
تنفست بعمقٍ ثم قبلت وجنته و قالت بصوتٍ مرتاح:
"ربنا يخليكم لبعض يا رب، و إن شاء الله نفرح بعيالكم قريب يا رب، أنتوا و كل مشتاق للنعمة دي"
ابتسم هو بسمة هادئة تشكلت على محياه و استمرت والدته تربت على رأسه حتى نام هو بجوارها و بين ذراعيها دون أن يشعر هو بنفسه.
_________________________
في شقة "ياسين" جلس بجوار زوجته بعد عودتهما من شقة "ميمي" فسألها هو بنبرةٍ هادئة حينما لاحظ شرودها:
"هو أنتِ زعلانة علشان مروحتيش لعيلتك ؟؟ حاسس إنك متضايقة"
حركت رأسها نفيًا ثم قالت:
"لأ خالص، هو أنا بس عاوزة أعرف لما كلموا عمو رياض هو عمل إيه ؟!"
ابتسم لها بحرجٍ منها ثم قال:
"للأسف يعني قالهم إنك بنته و مش هينفع تقضي رمضان بعيد عنه، و قال لعمو طه أنه لو عاوزك تفطري معاه يستنى بعد أول ١٠ أيام في رمضان"
نظرت له بدهشةٍ فوجدته يومئ لها ثم أضاف مؤكدًا:
"و الله قاله كدا، و قاله كمان إنك هتفضلي مع جوزك مكان ما يكون، و قاله انتم عندكم بنات كتير لكن دي واحدة أنا معنديش غيرها"
ابتسمت رغمًا عنها ثم أضافت:
"لأ و أنا أصدق عادي إن عمو رياض يعمل كدا، على العموم أنا مش زعلانة و الله و برضه كنت معاكم مبسوطة يعني مش زعلانة و أول مرة أحس بأجواء رمضان كدا"
رد عليها هو مُسرعًا:
"و إن شاء الله لحد أخر رمضان تكوني معانا مبسوطة، و متخافيش عمو محمود كلمنا و عزم الكل تاني جمعة في رمضان و كلنا هنروح حتى ميمي معانا، هو حجز اليوم من دلوقتي"
ظهرت البهجة على ملامح وجهها و هي تبتسم بعينيها قبل فمها، فقال هو بنبرةٍ هادئة:
"يلا بقى ندخل ننام الصبح طلع، يلا علشان نلحق الفطار عند ميمي، اللي بيتأخر عامر بيقسم نصيبه"
_________________________
في اليوم التالي اجتمعت عائلة "ياسين" في شقة "ميمي" ليتناولوا فطار أول يومٍ برمضان مع بعضهم.
قبيل المغرب بلحظاتٍ كان "عامر" يتمم على العصائر و الحلويات و يضعهم في الأطباق و بجواره يجلس "يونس" و هو يطعمه و يُسقيه العصائر ليتذوقها.
اقترب منهما "ياسين" و هو يقول بسخريةٍ:
"أنتَ بتجرب في يونس يا عامر ؟! عمال تأكل الواد و تشربه بتجرب فيه ؟!"
رد عليه "عامر" بسخريةٍ:
"لأ يا خفيف علشان يشبع و أكل أنا منابه، كدا أضمن"
في تلك اللحظة قام "ياسين" برفع صوت القرآن الكريم على التلفاز مع انتشار نسمات الهواء المعبقة بروحانياتٍ رمضانية، و تجهيز وجبة الإفطار في البيوت و كأن لهذه الأيام عبيرها الخاص بها يأتٍ كل عامٍ مرةٍ واحدة تطيب أرواحنا.
استنشق "ياسين" الهواء داخل رئتيه يسحب تلك الرائحة المنتشية إلى صدره و قال بنبرةٍ هائمة:
"الله !! شامم يا عامر ؟! تحس إن الجو ريحته حلوة أوي"
استنشق "عامر" الهواء ثم قال بنفس الهيام الذي يتحدث به الأخر:
"الله !! ريحة ورق العنب و صينية الرقاق مجننين أمي"
في تلك اللحظة اقترب "خالد" و هو يقول بسخريةٍ منه:
"أنتَ بتكلم مين يا ياسين ؟! دا قلبه موجود في معدته، هو دا بيحس زينا ؟!"
نظر له "عامر" و قبل أن يصيح في وجهه وجده يحمل صينية الرقاق في يده و حينها قال موجهًا حديثه لها:
"الله !! كلها عشر دقايق و تجمعنا ترابيزة واحدة، مش هسيبك أنا و الله"
خرج "ياسر" يحمل طبق التقديم و بداخله ورق العنب فقال "عامر" مسرعًا يقترح عليهم:
"بقولكم إيه يا جماعة ؟؟ ما تسيبوني أنا و الترابيزة نتفاهم سوا النهاردة و انتم خليكم مع العصاير و الحلويات دي ؟؟"
نظر لها ثلاثتهم بحنقٍ و في تلك اللحظة خرج "عمار" بطبق كبير الحجم به قطع الدجاج المشوي، حينها ارتمى "عامر" على الأريكة و هو يقول بنبرةٍ هائمة:
"يلهوي !!! صحيح رمضان شهر الخير و الله"
_________________________
في بيت آلـ «الرشيد» اجتمعت العائلة بأكملها في الطابق الأول يتناولون الفطور سويًا في أول يومٍ يجمعهم مع بعضهم و لم ينقص البيت سوىٰ "خديجة".
نظر "وليد" للطاولة حوله فوجدها تخلو منها على غير العادة، زفر بقوةٍ و هو يفكر في مثل هذه الأيام يقوم هو باعطائها التمر لتتناوله و تكسر صيامها عليه، و كذلك هي تناوله كوب العصير.
لاحظت "عبلة" شروده و أدركت سببه فقالت بنبرةٍ هامسة:
"لما تخلص فطار ابقى كلمها، هي مش لوحدها متخافش"
طالعها بتعجبٍ فأومأت هي له بأهدابها و حينها ابتسم هو ثم قال:
"أنا مش خايف، كل الحكاية إن دا أول رمضان هي مش معايا فيه، و في نفس الوقت أنتِ معايا و موجودة، كنت عاوزكم انتم الاتنين بصراحة"
ابتسمت هي له و في تلك اللحظة صدح صوت أذان المغرب عاليًا فزادت البهجة و الهمهمات السعيدة بين الجميع، و في تلك اللحظة و كعادتهما وقفت "خلود" و معها "سلمى" بجوار عمهم "محمود" فابتسم هو لهما ثم أمسك الكوب الخاص بكلٍ منهما و أمسك ملعقة صغيرة يضعها في فم كلتاهما على حِدة
طالعت "جميلة" الموقف بتعجبٍ فقال "طارق" مفسرًا:
"هي دي عادتهم، عمو محمود اتعود يفطر سلمى و خلود البلح باللبن بايده هو، من صغرهم علشان هما آخر بنتين في العيلة"
حركت رأسها موافقةً بتفهمٍ ثم ابتسمت له فقام هو بوضع التمرة داخل فمها و هو يبادلها البسمة بمثيلتها، تحدث "محمود" بنبرةٍ هادئة:
"كل سنة و انتم طيبين يا ولاد، ربنا يسعدكم و يخليكم لبعض يا رب، و نفضل كل سنة كدا متجمعين سوا، يلا افطروا علشان نلحق نصلي كلنا سوا"
تناولوا الفطور مع بعضهم في جو مرحٍ تسوده البهجة و الخير و كأن قلوبهم المكلومة طابت جروحها و تلملم شتاتها.
بعد نهاية الفطور طلب "حسن" من زوجته أن تتبعه نحو شقة والدها، فصعد هو أولًا و هي خلفه بتعجبٍ و حينما دلفت غرفتها وجدته ينتظرها و هو يبتسم لها، أقتربت منه تسأله بتعجبٍ و لهفةٍ:
"فيه إيه يا حسن ؟! خضتني، حصل حاجة و لا إيه ؟؟"
حرك رأسه موافقًا ثم اقترب من خزانة ملابسها يفتحها و أخرج منها حقائب الملابس ثم اقترب منها يقف مقابلًا لها و هو يقول بنبرةٍ هادئة و وجهٍ مبتسمٍ:
"شوفي دول كدا ؟؟ أنا جيبتهم ليكي من عند عمو حسان، يا رب يعجبوكي"
عقدت ما بين حاجبيها بتعجبٍ فقام هو بإخراج أول فستانٍ و قد كان باللون الأبيض و به زهور صغيرة الحجم باللون "اللافندر" ثم قام بإخراج خمارٍ بنفس لون الزهور و اقترب منها و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"دا ذوقي أنا، و الباقي ذوق جميلة هي اللي اختارتهم ليكي، طالما عندك النية إنك تغيري لبسك أنا واجبي أساعدك في حاجة زي دي"
اخذت منه الملابس و العبرات تلمع في عينيها فقال هو بصوته الرخيم:
"جربيهم كدا و جربي تلبسي الخمار و شوفي الفرق بينه و بين الطرحة العادية، قارني الاحساسين ببعض و أنتِ هتعرفي"
اقترب منها يطبع قبلة هادئة على جبينها ثم خرج من الغرفة حتى يترك لها حرية التصرف، تنفست بعمقٍ تحاول الثبات أمام نفسها و تحاول أيضًا التحكم في دموعها، و حينها قامت بتبديل ثيابها و التي لم تختلف كثيرًا عنما سوف ترتديه، قامت بارتداء الفستان ثم قامت بلف الخمار الذي ناسب ملامحها التي زادت هدوء و براءة.
تمكنت هي من وضع الخمار فوق رأسها و خاصةً أنها تتابع منذ قدومها من العُمرة كيفية ارتدائه حتى تمكنت هي من ضبطه و أحكامه فوق رأسها حتى غطت به كتفيها، تنفست بعمقٍ و راحةٍ حينما وجدت الملابس فضفاضة تُخفي معالم جسدها و كذلك خصلاتها الناعمة الكثيفة التي دومًا تظهر من أسفل الحجاب.
طرق باب الغرفة، فاقتربت هي تفتحه له و هي تبتسم بسعادةٍ بالغة، فاقترب منها هو بفرحةٍ و فخرٍ بها فسألته هي بحماسٍ:
"إيه رأيك ؟! شكلي حلو في الخمار ؟! أنا مبسوطة فيه أوي"
تفحصها هو من رأسها حتى أخمص قدميها ثم قال هائمًا بها:
"زي الملايكة يا هدير، شكلك فيه حلو أوي و أحلى حاجة العين تشوفها و ترتاح، اللهم صل على النبي، دا مزودك جمال"
ابتسمت هي فسأل هو مسرعًا بلهفةٍ:
"ذوقي عجبك ؟؟ دا الوحيد اللي اختارته أنا و اتمنيت أشوفك فيه"
ردت عليه هي بحماسٍ:
"أنا مشوفتش الباقي بس و الله دا أحلى من أي حاجة تاني في الدنيا، كفاية أنه ذوقك أنتَ و اختيارك أنتَ يا حسن"
حديثها زاده فرحةً لذلك اقترب منها يحتضنها مربتًا على كتفيها ثم قال بهدوء:
"ربنا يكرمنا سوا إحنا الاتنين و يديم وجودك ليا يا هدير، أنا مش عاوز اكتر من كدا، عاوزك بس تكوني موجودة"
_________________________
بعد مرور أسبوع و تحديدًا في الجمعة الثانية التي حددها "محمود" لاجتماع العائلتين سويًا ، اجتمعت الفتيات مع بعضهن في الطابق الأول و الرجال في الأسفل و الشباب معهم.
كانت الأجواء مرحة و هادئة في آنٍ واحدٍ بسخرية كلًا من "عامر" و "وليد" مع بعضهما، فتحدث "حسن" بسخريةٍ موجهًا حديثه لـ "عمار":
"بس سيبك أنتَ يا عمار، الفيديو بتاعك في المسجد منور، ما شاء الله، مصر كلها دعيتلك تتجوزها"
ضحك الشباب عليهما فقال "عمار" بقلة حيلة:
"أعمل أيه بس ؟! عامر حب يوجب معايا راح منزل الفيديو و كتب عليه ادعوا لعموري يتجوزها، أقول إيه بس ؟!"
تدخل "وليد" يقول بنبرةٍ جامدة:
"أنا لو منك أقطع علاقتي بيه أحسن، اللي زي عامر دا عاوز الضرب و الله"
تحدث "عامر" بضجرٍ:
"يا جدعان !! إحنا في رمضان يعني شهر خير و الناس كلها بتدعي فيه لبعض، دا جزاتي أني طلبتهم يدعوا لعموري ؟!"
تدخل "خالد" يقول بيأسٍ:
"أنا حطيت صوابعي العشرة في الشَق منك خلاص، أخري جاب أخره منك"
سخر منهم بملامح وجهه و استمرت الجلسة بينهم على ذلك الوضع بين السخرية و المرح و المزاح و الهذل.
_________________________
في الأعلىٰ عند الفتيات كانت جلستهن مرحة و خاصةً مع وجود "خديجة" و الفتيات معها فتحدثت "جميلة" تسأل بهدوء:
"بقيتي في الشهر الكام يا سارة أنتِ و إيمان ؟!"
جاوبتها "سارة" مبتسمة بهدوء:
"أنا في الشهر الرابع و إيمان في التالت، ادعولنا بقى معاكم ربنا يسهل إن شاء الله"
دعت لهما الفتيات و في تلك اللحظة كانت "عبلة" تجلس منزويةً عنهن تشعر بالتعب و الوهن والخمول أيضًا، لاحظتها "خديجة" فاقتربت منها تقف بجوارها تسألها بهدوء:
"مالك يا عبلة ؟! إيه اللي مخليكي مسهمة و سرحانة كدا ؟! أنتِ كويسة ؟!"
حركت رأسها موافقةً ثم أضافت بصوتٍ خافتٍ:
"كويسة يا خديجة بس حاسة نفسي همدانة و مش قادرة، مع أني متسحرة كويس، بس بقالي اسبوع كدا من أول رمضان و أنا بتعب أوي"
ربتت على كتفها ثم قالت تضامنًا معها و تؤازرها:
"طب قولي لوليد ياخدك و تكشفي بعد الفطار كدا غلط"
ردت عليها ترفض فكرتها:
"لأ مش مستاهلة، أنا كويسة الحمد لله هما شوية برد تقريبًا، بعد الفطار إن شاء الله هاخد دوا، أنا بس محتاجة أريح شوية"
حركت رأسها موافقةً ثم ربتت على ظهرها و جلست بالقرب منها تتابعها بعينيها، و في تلك اللحظة تحدثت "ريهام" تثني على هيئة "هدير" بقولها:
"ما شاء الله يا هدير، شكلك حلو أوي في الخمار، منور وشك اللهم بارك"
ردت عليها بامتنانٍ:
"تسلمي يا ريهام دا من ذوقك بس، عقبالكم كلكم إن شاء الله"
ردت عليها "إيمان" ببساطةٍ:
"أنا نفسي برضه، أولد بس على خير و إن شاء الله ألبسه"
تدخلت "جميلة" في تلك اللحظة تقول بحماسٍ و لهفةٍ:
"أنا عن نفسي ممكن أساعدكم، أنا اختارت لـ هدير الهدوم، إيه رأيكم ؟!"
ردت كلًا منهن بحماسٍ و هي تفكر جديًا في الأمر، فيما حركت "خديجة" رأسها نحو "عبلة" و قد لاحظت ارتخاء جسدها و شحوب وجهها و قبل أن تبدي اي رد فعل سقطت "عبلة" مغشيًا عليها من على الأريكة حتى صرخت "خديجة" باسمها و ركضت نحوها و كذلك الفتيات أيضًا.
في الأسفل ركضت "خلود" نحو مجلس الرجال و هي تقول بلهفةٍ و خوفٍ:
"يا وليد ألحق عبلة أغمى عليها، تعالى بسرعة"
ركض في تلك اللحظة كلًا من "وليد" و "طارق" سويًا و خلفهم "محمد" بقلقٍ على ابنته فتحدث "طه" موجهًا حديثه لابنه:
"روح يا أحمد هات دكتورة منى من أول الشارع، قولها تيجي بسرعة"
ركض "أحمد" من البيت فورًا و وقفوا الشباب بخوفٍ و قلقٍ حتى تحدث "محمود" يطمئنهم:
"اقعدوا يا جماعة، خير إن شاء الله، اتفضلوا"
في الأعلى ركض "وليد" أولًا فوجد الفتيات يحاولن حملها، اندفع هو نحوها بخوفٍ و هو يربت على وجنتها و يقول بخوفٍ:
"عبلة ؟! فوقي يا عبلة مالك؟!"
اقترب منه "طارق" فحملاها سويًا يضعونها على الفراش، فاقتربت "خلود" بزجاجة العطر الخاصة بها تعطيها لهم، اخذها منها "طارق" ثم قام بسكب العطر على راحة يده و قرب كفه من أنفها حتى فاقت هي بملامح وجه ممتعضة، فتنهد "وليد" براحةٍ ثم سألها بلهفةٍ:
"أنتِ كويسة ؟! طمنيني عليكي حصلك إيه بس ؟! مالك"
ردت عليه "خديجة" بقلة حيلة:
"هي قالتلي انها تعبانة من أول رمضان، و اتكلمنا شوية سوا، بس معرفش أنها تعبانة للدرجة دي"
نظر لـزوجته بلومٍ و معاتبةٍ و هو يقول:
"ليه معرفتنيش إنك تعبانة ؟! مقولتليش ليه طيب ؟!"
قبل أن ترد عليه هي دلف "أحمد" الغرفة و معه الطبيبة و هو يقول:
"دكتورة منى جت أهيه يا وليد، اتفضلوا برة لحد ما تكشف عليها"
خرجوا جميعًا من الغرفة عدا هو أصر يبقى معها و والدتها أيضًا و الطبيبة، و بعدما فحصتها الطبيبة ابتسمت لها و هي تقول بنبرةٍ هادئة:
"لأالموضوع يستاهل أني أسيب الفطار و أجيلك، ألف مبروك يا ستي"
ظهر الاستنكار على وجوههم و هم ينظرون لبعضهم، فقالت الطبيبة بوجهٍ مُبتسمٍ:
"ألف مبروك يا جماعة، المدام حامل، ياريت بس ترتاح شوية و متجهدش نفسها علشان هي لسه في الأول، مبروك"
خرجت من الغرفة و في تلك اللحظة اقتربت "سهير" من ابنتها تحتضنها و هي تقول بلهفةٍ و فرحٍ:
"ألف مبروك يا روح قلبي، مبروك يا حبيبة قلب ماما، الله أكبر ربنا يسعدكم"
خرجت من الغرفة فورًا، فحركت "عبلة" رأسها تنظر له بترقبٍ من الآتِ و خاصةً مع صمته و ثبات بصره في اللاشيء أمامه و حينما طال صمته وكزته في كتفه ثم حركت رأسها تستفسر منه عن صمته حتى انتبه هو لها و سألها بصوتٍ مهتز:
"هو اللي الدكتورة قالته دا صح؟؟ يعني أنتِ حامل فعلًا ؟!"
حركت رأسها موافقةً بحركةٍ خافتة فانتفض هو من جوارها و هو يقول بلهفةٍ:
"بجد ؟؟ أنتِ حامل يا عبلة ؟! يعني أنا و أنتِ هنتشارك في الحلم دا ؟!"
صمتت و لم ترد حتى اقترب منها هو يقبل رأسها ثم رفع كفيها يقبل كلٍ منهما على حِدة و رغمًا عنه نزلت الدموع على الفور من مصدرها حينها سحب الهواء إلى رئتيه ثم قال بصوتٍ مختنقٍ:
"الحمد لله، الحمد لله على كل احساس حلو بحسه في الدنيا دي و أنتِ مشركاني فيه، الحمد لله على نعمة وجودك أنتِ، أنتِ كتير اوي عليا"
ردت عليه هي تمازحه حتى لا تبدي تأثرها:
"يا عم بطل أفورة !! هو أنا أول واحدة تحمل ؟؟ مصر كلها ستات حوامل"
حرك رأسه نفيًا ثم اضاف:
"لأ، علشان أنتِ معايا من البداية و مكملة و إيدك مفلتتش مني، كفاية إنك هتكوني أم عيالي"
ابتسمت بفرحةٍ ثم أضافت:
"أنا كنت خايفة أوي إنك تكون زعلان، كنت خايفة تكون فاكر لسه بدري"
رد عليها مسرعًا بلهفةٍ:
"مستحيل !! أنا أزعل علشان رزق زي دا جاي لينا ؟؟ دا أنا قلبي اتحرك من مكانه و مش عارف راجعلي إمتى ؟!"
ألقت رأسها على كتفه تتنهد بعمقٍ فقبل هو رأسها مرةً أخرى و في تلك اللحظة طرق باب الغرفة فتحرك هو من جوارها، دلفت الفتيات خلف بعضهن و كلًا منهن تقترب منها تباركلها و تهنئها، فيما تحركت "خديجة" نحو "وليد" تحتضنه بفرحةٍ و هي تقول بصوتٍ مختنقٍ:
"ألف مبروك يا روح قلبي، ألف مبروك و ربنا يكرمك و تشوفه على خير"
احتضنها هو بين ذراعيه و هو يقول براحةٍ اختلتطت بالبكاء:
"عقبالك يا روح قلبي، ربنا يفرحني بعيالك يا رب يا خديجة، أنا فرحان أوي و حاسس أني عاوز أصرخ من فرحتي"
ردت عليه بنبرةٍ ضاحكة:
"طب ما تصرخ ساكت ليه ؟! هي اللحظات دي بتتكرر يعني ؟!"
ابتعد عنها يسألها بايجازٍ:
"يعني أنتِ شايفة كدا ؟!"
حركت رأسها موافقةً بحماسٍ حثه على التحرك حتى خرج هو من الغرفة ركضًا متوجهًا للأسفل و هو يقول للرجال بصوتٍ عالٍ:
"يا عيال !! أخوكم هيبقى أب !! افرح يا مرتضى حفيدك التاني جاي في السِكة"
ركض المسافة القليلة الباقية يحتضن كل من يقابله حتى وصل لـ "ياسين" الذي احتضنه بفرحةٍ و تأثرٍ و هو يقول:
"ألف مبروك يا حبيب أخوك، يتربى في عزك يا رب"
ابتعد عنه "وليد" و هو يطالعه بتأثرٍ ثم قال:
"شكرًا إنك معايا يا ياسين، شكرًا علشان بسببك اتعلمت حاجات كتيرة أوي، شكرًا علشان بسببك عرفت يعني إيه أكون زوج و ازاي أكون أب"
ابتسم له "ياسين" بتفهمٍ فاحتضنه "وليد" مرةً أخرى و تلك المرة بكى بين ذراعي "ياسين" لا يصدق إلى أي درجة طالته رحمة الله و كرمه، في كل مرّة رأى نفسه لا يستحق ما به، تفاجأ بأكثر من السابق.
_________________________
في الأعلى جلست الفتيات بجوار "عبلة" و كلًا منهن تطمئن عليها حتى اقتربت منها "مروة" تجلس مقابلةً لها على الفراش فابتسمت لها "عبلة" و في تلك اللحظة احتضنتها "مروة" بِـ حبٍ بالغٍ ثم ربتت على ظهرها و قالت:
"ربنا يقومك بالسلامة يا رب يا حبيبتي، ربنا يفرحنا بعوضك يا رب"
احتضنتها "عبلة" براحةٍ و شددت على عناقها و هي تبتسم بفرحةٍ و كذلك الفتيات حولها حتى تحدثت "مشيرة" بسرعةٍ و صوتٍ يتخلله الحماس:
"طب يلا !! الفطار قرب خلاص، كل سنة و انتم طيبين عندنا حوامل عاوزين يفطروا".
انسحبت الفتيات تباعًا و النساء أيضًا تاركين "عبلة" بمفردها على الفراش بعدما رفضوا تحركها من عليه.
خرجت "خديجة" من الغرفة أخر واحدة فوجدت "وليد" أمامها حتى غمز لها ثم دلف لزوجته فوقفت هي تبتسم بيأسٍ حتى وجدت "ياسين" أمامها و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"عقبالك يا ست الكل، إن شاء الله أشوفك أجمل و أحن أم في الدنيا كلها"
ردت عليه هي بلهفةٍ:
"يا رب يا ياسين، ربنا يكتبلنا الاحساس دا سوا أنا و أنتَ"
في تلك اللحظة اقتربت منهما "خلود" و هي تقول بلهفةٍ بعدما استمعت لحديث أختها:
"ربنا يكرمكم و يكرمنا كلنا إن شاء الله، شدوا حيلكم بقى"
اخفضت "خديجة" رأسها بخجلٍ فيما تحدث "ياسين" بضجرٍ منها:
"يمين بالله هو بعينه بجد"
_________________________
"بــــعد مـــرور أربعة أشهر"
وقف "حسن" أمام قبر والدته بعدما ألحت عليه "هدير" بذلك الطلب و كانت هي تقف بجواره أيضًا، وقفا سويًا يستمعان للقُرآن الكريم الذي يتلوه القاريء، و بعد تلاوته العطرة بصوته الخاشع رحل من أمامهما، فاقترب "حسن" من اللحد و هو يقول بصوتٍ مختنقٍ نتيجة البكاء:
"السلام عليكم يا أمي، ازيك يا غالية، وحشتيني أوي، أنا جيبتلك ونسي معايا علشان أعرفك عليها، مع إن هي اللي مصممة على كدا، كان نفسي أعرفك عليها و تاخديها في حضنك، إن شاء الله نتقابل سوا في مكان أحسن من دا، حضنك وحشني أوي يا نادية، اتمرمط أنا من بعدك، بس الحمد لله على قد التعب دا ربنا عوضني.... و بقت معايا أغلى ما في الدنيا كلها"
قال جملته بعدما التفت ينظر لها و هو يبتسم و هي الأخرى ابتسمت له ثم اقتربت خطوةً تقف في مقدمته أمام اللحد و هي تقول:
"السلام عليكم يا ماما، كان نفسي نتقابل سوا في الدنيا، بس محصلش نصيب، أنا بس جاية عاوزة أشكرك على حسن، جاية أقولك أني كسبته من الدنيا دي كلها، أنا بقيت إنسانة و عندي مشاعر و بحس لما بقيت معاه، شكرًا لـ تربيتك و عاوزة أقولك إن أرزاق الدنيا كلها انا خدتها في وجود حسن، و مهما عملت مش هوفيه حقه، بس أنا جاية أقولك إن ربنا رزقني أنا و هو مع بعض بحاجات كتير، و أخرهم إن كلها ٨ شهور و أجيب "علي" إن شاء الله، صممت إنك تعرفي الخبر دا معانا، دي الهدية الوحيدة اللي قدرت اجيبها لحسن يا ماما"
اقترب منها يمسكها من مرفقها و هو يقول بلهفةٍ:
"هدير ؟! أنتي بتتكلمي بجد ؟!"
حركت رأسها موافقةً و هي تبتسم له و العبرات تلمع في مقلتيها حتى احتضنها و هو يبكي و هي شاركته البكاء أيضًا، فقال هو بصوتٍ مختلط المشاعر:
"ياما أنتَ كريم يا رب، الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، الحمد لله....عرفتي إمتى ؟!"
سألها بنفس نبرة الصوت المختنقة فردت عليه هي:
"عرفت امبارح بليل لما جيبت التحاليل، قولت نعرف كلنا سوا و ماما معانا، حبيت أعرفها بنفسي و ابننا مع بعض يا حسن"
احضتنها من جديد و هو يتنفس بعمقٍ و في تلك اللحظة صدح صوت هاتفه برقم "وليد" فأخرج الهاتف من جيبه و قبل أن يتحدث هو تكلم "وليد" بلهفةٍ:
"يا عم حسن أنتَ فين ؟! النتيجة قربت تطلع، يلا علشان نكون سوا، أحمد و سلمى على أعصابهم من الصبح"
رد عليه "حسن" بمرحٍ:
"حقهم، دي نتيجة ثانوية عامة و عم محمد مضيقها عليهم، المهم ؟! جهزت كل حاجة ؟!"
رد عليه بخبثٍ:
"كل حاجة جاهزة و زي الفل، متتأخرش علينا بس"
أغلق معه الهاتف ثم قبل قمة رأس "هدير" من جديد و هو يقول:
"أنا مكدبتش لما قولت إن مكانش ليا عزيز في الدنيا دي و أنتِ خدتي مكان الكل، أنتِ أدتيني حياة جديدة أنا كنت بتمنى بس أحلم بيها، بسببك أنتِ هعيشها و ألمس أحلامي يا هدير، أنا بحبك اوي"
ضحكت هي من بين دموعها، فوجه بصره نحو اللحد و هو يقول بصوتٍ باكٍ:
"شوفتي ابنك و هو فرحان ؟! الحمد لله على كل حاجة صعبة شوفتها، عرفتني قيمة الحلو اللي بعيشه"
ربتت "هدير" على كتفه و هي تقول بنبرةٍ باكية:
"يلا يا حسن هنتأخر و محدش يعرف احنا فين، خلينا نكون معاهم في الفرحة دي"
حرك رأسه موافقًا ثم ودع والدته و هي أيضًا معه و توجها سويًا نحو بيت آلـ الرشيد.
_________________________
في بيت آلـ «الرشيد» كانت "عبلة" تجلس بجوار أختها و بطنها منتفخة بشدة و شكلٍ ملحوظ على الرغم من كونها في شهرها الرابع.
و كان "أحمد" يجلس أمام الحاسوب يتفحص الموقع الخاص باعلان نتائج الثانوية العامة و "خلود" بجواره.
سألته "عبلة" بتوترٍ:
"ها يا أحمد ؟؟ وصلت لحاجة ؟!"
رد عليها بنفس التوتر هو الأخر:
"لسه يا عبلة، فاضل ساعة بس أنا بحاول علشان لما يتفح أكون دخلت قبل الزحمة، خير إن شاء الله"
زفرت "سلمى" بقوةٍ و هي تحرك قدميها معًا فاقتربت منها "خلود" تجلس بجوارها تحتضنها و هي تقول بنبرةٍ هادئة:
"اهدي بقى خلاص، أنتِ عملتي اللي عليكي و كلنا شاهدين، خير إن شاء الله يا سلمى"
حركت "سلمى" رأسها موافقةً ثم نظرت لـ "أحمد" بخوفٍ من القادم، و كأنها تسأله بنظراتها عن ثقته بها، حتى حرك رأسه موافقًا و هو يبتسم لها.
في تلك اللحظة دلفت "خديجة" و الفتيات معها و كانت أخرهن "سارة" بعدما أصبحت في أيام حملها الأخيرة و شارفت على الدخول في الشهر التاسع، جلست الفتيات مع بعضهن و كلًا منهن تسأل عن النتيجة حتى وصلت "هدير" هي الأخرى و معها زوجها.
دلف "وليد" لهم الغرفة التي تقبع بها زوجته و الفتيات فاقترب منها يقبل قمة رأسها ثم قال ممازحًا لها:
"ازيك يا بطيخة ؟! أنا مش فاهم إيه البطن دي كلها ؟! أنا لو بفطرك فتة العيل مش هيبقى وضعه كدا في بطنك"
ضحك عليها الجميع فقالت هي بنفاذ صبرٍ و قلة حيلة:
"يا جماعة خرجوه بيعصبني، على الوضع دا هيولدني في الخامس"
اقتربت "هدير" تجلس بجوارها و هي تقول بصوتٍ هاديءٍ:
"بالمناسبة دي أنا حامل يا جماعة، الحمد لله اتأكدت امبارح"
صرخت الفتيات بحماسٍ و اقتربت منها "خلود" تحتضنها و كذلك "خديجة" أيضًا و "جميلة" و "هدى" كلًا منهن كانت تحتضنها بفرحةٍ، و بعدها "ريهام" ، فتحدثت "مشيرة" تقول بفرحةٍ:
"عقبال خديجة و جميلة إن شاء الله و يا رب نبارك لسلمى بالمجموع اللي نفسها فيه يا رب"
آمن الجميع وراء دعاؤها حتى صرخ "أحمد" مهللًا:
"فتح !! الموقع فتح أهوه"
اقتربت منه "خلود" مسرعةً و كذلك "خديجة" أيضًا فيما ارتمت "سلمى" بين ذراعي "عبلة" و الأخرى تربت عليها بخفةٍ تدعم خوفها و قلقها و في تلك اللحظة قفز "أحمد" و هو يقول مهللًا:
"الـلـه أكـبـر !! ٩٦٪"
قفزت "سلمى" و هي تصرخ في تلك اللحظة بصوتٍ عالٍ ثم اقتربت من الحاسوب تتأكد و حينما لمحت النتيجة صرخت من فرحتها و بكت و ضحكت و اختلطت مشاعرها ببعضها و هي ترى نتيجة تعبها و دراسة عامٍ كاملٍ دون كللٍ أو مللٍ منها، لم تشعر سوى بوالدتها و هي تحتضنها و "إيمان" تقول بمرحٍ:
"ألف مبروك يا سلمى، و الله لأزغرطلك"
انهت جملتها ثم أطلقت الزغاريد العالية تعلن بتلك الطريقة عن فرحتها حتى وصل الصوت للرجال بالخارج، فدلف "طارق" مسرعًا يسأل بلهفةٍ و خوفٍ:
"طمنوني عملت إيه ؟!"
اقترب "أحمد" يرتمي عليه و هو يقول بفرحةٍ و صوتٍ عالٍ:
"جابت ٩٦ ٪ يا طارق، سلمى كدا هتدخل صيدلة في النظام الجديد"
ركض إليها "طارق" يحتضنها بلهفةٍ و هو يقول بصوتٍ مختنقٍ:
"أنا كنت واثق فيكي إنك قدها و قدود كمان، الحمد لله يا حبيبتي"
بكت بين ذراعيه من فرحتها فتحدث "عامر" في تلك اللحظة بمرحٍ يمازح الجميع:
"عقبال خلود إن شاء الله خلونا نخلص بقى، الواد خلل مني يا جدعان"
نظر لها "عمار" فوجدها تخفض رأسها للأسفل بخجلٍ منهم جميعًا، أما "ياسين" فاقترب من "وليد" يسأله بنبرةٍ هامسة:
"أنتَ متأكد من اللي ناوي تعمله ؟!"
حرك رأسه موافقًا فتحدث "وئام" بقلقٍ بالغٍ كعادته:
"اقسملك بالله ما حد هيودينا في داهية غيرك أنتَ، أشرب بقى"
ابتسم له باستفزازٍ ثم تحرك نحو "محمود" و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
"يلا يا عمي، إحنا اتفقنا، قوم و كلم عمي محمد"
حرك رأسه موافقًا ثم وقف أمام الجميع و هو يقول موجهًا حديثه لأخيه:
"شوف يا محمد أنتَ كان شرطك على بنتك أنها تجيب مجموع و تدخل كلية صيدلة، و إن شاء الله هتدخلها علشان هي جابت مجموع حلو، بما أني الكبير هنا فأنا قررت إن أحمد و سلمى يكتبوا الكتاب علطول و تكون ليه، طالما حققت طلبك يبقى أنتَ تنفذ وعدك"
نزل الحديث على الجميع وقع الصاعقة لم يخطر ببال أيًا منهم أن يتحدث "محمود" بذلك الحديث حتى "سلمى" نفسها، أما "محمد" فتجمد مكانه و تسمر جسده دون أن يقو على الرفض أو القبول و بقت لحظة انتظار تمر عليهم و كأنها بمثابة الدهر الكامل، و نظرات "أحمد" تتعلق بها خوفًا من الآتِ فهل سيفي عمه بوعده ؟؟