رواية جمرية الصقر الفصل السابع 7 بقلم سلوي عوض


 رواية جمرية الصقر الفصل السابع 

زبيدة: يا مرك يا زبيدة، بتك حطت راسك في الطين.
جمريه : مفيش حاجه يا أمي، والله مفيش حاجه.
عمار : انزلي تحت دلوقتي يا جمريه!
زبيدة : مش هتنزل من هنا غير لما أفهم في إيه!
عمار : وأنا جولت انزلي يا جمريه.

تسحب جمرية نفسها وهي باكية، دموعها تنساب على خدها. تتحدث في نفسها بصوت مكتوم:
"يامري؛ أمي هتفضحني... وأنا معملتش حاجه."

بعدما ينفرد عمار بزبيدة، يبتسم بخبث ويقول:
عمار: كويس إنك طلعتي يا مرات أبوي.
زبيدة : بتلعب لوحدك يا ود أمين؟ مش متفجين نلعبها سوا؟
عمار : مخك تعبان جوي يا مرت أبوي وعلى قده. يعني تفتكري إني أروح أجيب رجاله، أدفع لهم فلوس، وأخليهم يضربوني ويعوروني عشان أعمل نفسي غلبان وأخش قلب بنتك؟

يضحك بخفة، ثم يتابع
اسمعي يامرت ابوي اللي حصل اتفقت مع شوية رجاله يدوني علجة تمام، واحد منهم جرحني جرح بسيط في يدي . بعدها، رحت لجمرية وجلت لها: "الحقيني يا جمرية! مش بتك ممرضة وكلت حلاوة بالشطة عشان تجيب لي سخانة. واللي حسبته لجيته صعبت على بتك و جعدت تعالجني في أوضتها. ثم يتابع و كنت هرن عليكِ عشان تطلعي تمسكينا ؛ بس انتي مخك تخين، وجيتي في وقت مش مناسب.

زبيدة : وهي صدجتك؟
عمار: ما انتي عارفه إن بتك هبلة. صدجتني ووجعت في الشبك. بس عندنا مشكلة.
زبيدة : مشكلة إيه بجى؟
عمار: الرجاله اللي ضربوني لسه باجي ليهم 50 ألف جنيه.

زبيدة (بفزع): يا نهار إسود! كنت ضربتك أنا وعورتك ببلاش.
عمار : مش بجولك مخك تخين. على العموم، انتي حرة. لو الفلوس ما اتدفعتش النهارده بالليل، الرجالة هييجوا يخربوا الدنيا فوج دماغنا.

زبيدة تتنهد بضيق ثم تقول بتذمر:
زبيدة: هجبهم، بس نخلص الموضوع ده.

عمار: استني قبل ما تنزلي. هتهددي جمرية وتجوليلها كتب الكتاب السبوع الجاي. هي كده مش هتعرف تتكلم. قولي لها: "لما انتو عاشجيم بعض ورايدين بعض مجولتوش ليه؟"

زبيدة تبتسم بنظرة شريرة وتقول:
زبيدة: يا بوي على مخك. أحسن إنك مطلعتش زي أبوك، معيفهمش واصل.
عمار: تربيتك يا زبيدة.

تنزل زبيدة إلى جمرية، تجدها جالسة تبكي بحرقة. تقترب منها بخبث، ثم تقول ببرود:
زبيدة: مش كنتِ تجولي إنكم عاشجين بعض؟ إحنا هنلمّكم ونجوّزكم بدل الفضايح دي. احمدي ربك إن محدش من الخدم شافك.

ترفع جمرية رأسها وتنظر لها بحسرة ودموعها تغطي وجهها، لكنها لم ترد.
#بقلم_سلوى_عوض
_________________________________

في منزل الصايغ

تصل السيارة أمام بيت العائلة في الصعيد. يخرج منها صقر، والده محمود، طارق، والأولاد. فور نزولهم، يركض الأولاد نحو جدتهم نجاة بحماس.

الأولاد: تيتا تيتا وحشتينا أوي
نجاة: يا مرحب، نورتوا يا حبايب جلبي

تلتفت نجاة نحو صقر، تلاحظ ملامحه المتعبة

نجاة: خيتك فين يا صقر؟ ليه مجتش معاكم؟
صقر: بَتّك عندها شغل، جاية بعد يومين
نجاة: شكلك مضايج؛ بتي فيها إيه؟
صقر: جولتلك مفهاش حاجة يا أمي

تنقل نجاة نظرتها نحو طارق، وكأنها تحاول قراءة ما يخفيه

نجاة: بتي فين يا طارج؟ وعملت فيها إيه؟
طارق: مفهاش حاجة يا خالتي
نجاة: أومال؟ سيبتوها لوحدها وجيتو ليه؟
طارق: إحنا مهملنهاش، هي اللي مهملانا على طول

تتجهم نجاة وترد بانفعال واضح

نجاة: يعني إيه مهملاكم؟ بتي دي دكتورة قد الدنيا. أنا الحج عليّ اللي جوزتهالك! ده انت حتى مطمرش فيك التربية

تستدير نحو محمود، وكأنها تنتظر منه دعماً، لكن تتابع حديثها دون انتظار رد

نجاة: أنا عاديت أخوي والعيلة كلها عشانك، خدتك ربيتك بعد ما ناسك ماتوا في العربية. كانوا هيودوك الملجأ، وأنا مرضتش. غلطانة أنا؟ غلطانة إني ربيتك مع ولادي، وعلمتك وكبرتك؟ وفي الآخر، تجول علي بتي مهملاك؟

طارق: وأنا عملت إيه لكل ده يا خالتي؟ أنا حافظ جميلك على راسي

تنقل نجاة نظرتها الحادة إلى محمود، كأنها تريد منه الدفاع عن هيام

نجاة: ما تتكلم يا محمود، مش بَتّك دي؟
محمود: اسكتي يا نجاة. بتك راكبها الغلط من ساسها لراسها

تنظر نجاة نحو صقر، الذي كان يقف بصمت، وكأنها تنتظر منه أن ينصف أخته

نجاة: وأنت كمان يا صجر؟ معندكش كلمة في حج أختك؟

يتنهد صقر، ويمسح وجهه بتعب واضح

صقر: اعملي معروف، يا أمي، همليني لحالي دلوك. أنا مانمتش بقالي كام يوم، وسايج من مصر لهنا. اطلع أرتاح وبعدين نتحددت

لكن نجاة لا تهدأ، ترفع صوتها بغضب أكبر

نجاة: مفيش حد هيرتاح ولا يمشي من قدامي غير لما أطمن على بنتي

يتوقف صقر، كأنه يحاول كبح غضبه، ثم يرد بنبرة مرهقة

صقر: بنتك، يا أمي، حياتها كلها شغل. متعرفش حاجة عن عيالها. ليلها ونهارها في الشغل. وبترجع مش قادرة تقف على رجلها. مهملة في بيتها وعيالها وجوزها

نجاة: وهو كان يحلم ببنتي ولا إنه يتجوزها؟ ده أنا أول ما وصلت مع خيريه أخت زيدان الوحدة الصحية، الدكتورة سألتني: أنتي أمها؟ قلتلها: أنا أم الدكتورة هيام محمود الصايغ. الدكتورة مصدقتش، عشان منقوله جديد، وقالتلي: الدكتورة هيام دكتورتنا كلنا، وعلى سنها الصغير دي مشهورة أوي. واسمها مسمع. حتى زيدان وهو رايح معانا وراني جايبين هيام بنتي على النت. الدكتورة الكبيرة اللي ولدت واحدة مكنش حد عارف يولدها، العيل كان هيموت في بطنها. عمل إيه طارج بجى في حياته؟ وجايين تتكلموا على بنتي؟ هي مش أختك يا صجر؟

صقر: يارب تكون مفيش غيرها في العالم دكتورة. بيتها وجوزها وعيالها فين من ده كله؟ همليني أرتاح ب٠ى، وبعد كده ابجي اتكلمي
#بقلم_سلوى_عوض
___________________________

(في إيطاليا )

لارا تدخل غرفة مكتب والدها، ياسر، حيث يجلس يراجع بعض الأوراق.

لارا: فاضي أتكلم معاك يا بابا؟
ياسر: آه، تعالي يا لارا

تجلس لارا أمامه بتردد وكأنها تبحث عن الكلمات المناسبة.

لارا: إيه رأيك في شغل ليو؟
ياسر: ممتاز. الدكتور قال إن المهارات اللي عنده ملهاش علاقة بفقدان الذاكرة، بتفضل موجودة ومبتروحش.
لارا: بس لو الكوابيس اللي بتجيله دي تقف، طب ممكن أخده ونخرج؟
ياسر: تمام، اخرجوا، بس أي مكان حوالينا. ميلانو لا.
لارا: ليه؟ مش يمكن يفتكر حاجة؟
ياسر: لا. الدكتور قال حاليًا مش لازم يتواجد في أي مكان له علاقة بالماضي.
لارا: حاضر يا بابا.
ياسر: خدي بيترو معاكي.
لارا: بس بيترو بيضايق ليو.
ياسر: لا، انتي فاكرة كده، بس هو بياخد باله منه دي تعليمات مني. يلا روحي وابعتيلي نصر.
لارا: حاضر.

تخرج لارا لتبحث عن نصر. تجده يقف مع أحد الموظفين، وتنادي عليه.

لارا: نصر، بابا عايزك.
نصر: حاضر.

يدخل نصر غرفة المكتب، ويغلق الباب خلفه.

نصر: أوامر حضرتك يا باشا.
ياسر: البضاعة وصلت ولا لسه؟
نصر: وصلت يا فندم.
ياسر: المرة دي مش إحنا اللي هنقوم بالعملية.
نصر: أومال مين هيقوم بيها؟
ياسر: ليو اللي هيقوم بالعملية كلها، بس بعد ما تجيبلي باقي المعلومات عنه.
نصر: أنا يا فندم كل المعلومات اللي قدرت أجيبها عنه إنه اسمه يوسف حمدان، وجيه إيطاليا من مدة، وعايش مع جماعة مصريين، وبيشتغل في محل بيتزا.
ياسر: ما انت قولتلي قبل كده. إيه الجديد؟
نصر: الجديد يا فندم من خلال مراقبتي لميمو صاحبه. كان بيسأل عنه في كل مكان. آخر حاجة وصلت لها إن كان في واحد مصري كان مع ميمو، راحوا سألوا عليه في المينا. الكارثة بقى إني لما سألت هناك، واحد قالهم إنه كان هنا من شهرين.
ياسر: مش لازم يخرج برا توسكانا تاني. وإيه حكاية بيترو مع ليو؟
نصر: أصل... أصل حضرتك...
ياسر: انطق.
نصر: أصل بيترو اضايق إن حضرتك مفضله عن الحرس ومكبره عليهم.
ياسر: طيب. بعدين أشوف حكاية بيترو. روح انت، وهاتلي كل المعلومات الناقصة عنه.
نصر: تحت أمر حضرتك.

ينصرف نصر، ويظل ياسر جالسًا يتأمل التفاصيل التي سمعها، بينما أفكاره تتصارع في رأسه.
#بقلم_سلوى_عوض
____________________________________

في منزل جمريه بالصعيد

زبيدة وهي تنظر إلى ابنتها جمريه بحدة
زبيدة: أنا هستر عليكي. مش هجول لحد، في النهاية انتي بتي.
جمريه: والله يا أمي محصلش حاجة.
زبيدة: (بحدة) مجولنا خلاص، جومي حضّري العشا.

تخرج جمريه من الغرفة وهي تحاول كتم دموعها. أثناء ذلك، ينزل عمار من الطابق العلوي، ينادي عليها.

عمار: تعالي يا جمريه، عايزك.
جمريه: (بتنهيدة) خير يا عمار، تاني؟
عمار: أنا هقولهم إننا هنخرج بكرا، وانتي جولي موافجة.
جمريه: طب... وجرحك؟
عمار: أنا بجيت زين، الفضل لربنا وليكي. لازم أتحددت معاكي بعيد عن البيت.
جمريه: حاضر.

في غرفة أمين
 تدخل زبيده الغرفه لتوقظ امين

زبيدة: جوم يا همّي، يا اللي جاعد في خلجتي. ما تعملش حاجة في حياتك غير تاكل وتكركر في الجوزة.
أمين:طب، على سيرة الوكل، جعان.
زبيدة: جمريه بتحضر الوكل، ياك تشبع.
أمين: كده برضو يا زبدتي؟ مش أنا أمين حبيبك؟
زبيدة: حبك حنش.

تدفع زبيدة الباب وتخرج غاضبة. أمين يضحك 

أمين: شوفوا المرة يا ولاد، قال حبني حنش. أومال هي إيه؟ لا صح، هي عجربة . ميته بس ناخد الجرشينات والأرضيات، وأخلّص منك يا عجربة.

يخرج أمين من الغرفة بعد دقائق، ليجد السفرة مجهزة.

أمين: يا جمريه، يا جمريه، فين الوكل؟
جمريه: ما الوكل جدامك أهو يا عمي.
أمين: إيه ده؟ فول وعدس ومسجعية؟ إيه الفجر ده؟ أومال فين اللحم والطيور؟ أنا شجيان طول النهار، وتحطولي الوكل ديتي؟

تتدخل إحدى الخادمات، وهي تتحدث بخجل.

الخادمة: الست جمريه وصتنا من عشيه. كان نفسها في الوكل ديتي.
أمين: ما طفحش. توكلونا على مزاجكم؟
زبيدة: جمريه، فين الوكل؟ إيه اللي جايباه ده؟ ماجصينش حرجه جلب.
أمين: وانت كنت فين يا حيلة أبوك؟
عمار: كنت مع صحابي.
زبيدة: الوكل جي، اطفح وانت ساكت.

تنظر إلى جمريه بنظرة خبيثة، قبل أن تلتفت نحو عمار.

زبيدة: ده أنا كنت باعته عمار يجيبلي حاجة.
عمار: (يبتسم بهدوء) صح يا جماعة. أنا هآخد جمريه ونفطر برّا بكرا.
زبيدة: وماله؟ اطلعوا اتهووا.
أمين: أنا مفهمش حاجة.
زبيدة: مش لازم تفهم. وانت من إمتى بتفهم؟
#بقلم_سلوى_عوض
____________________________

في منزل الصايغ

صقر: طارج تعالى نطلع نشربوا جهوه 
طارق : حاضر ياصقر 
نجاة: اتصل بأختك يا صقر، ماعيتحركش من جدامي غير لما أطمن على بتي.
صقر: حاضر يا أما.

يخرج صقر هاتفه المحمول ويتصل بهيام أكثر من مرة، لكن لا أحد يجيب. يغلق الهاتف وينظر إلى والدته.

صقر: بتك مابتردش، مش جولتلك مش فاضية لينا؟
نجاة: (بغضب وهي تنظر إلى طارق) عملت إيه في بتي يا طارق؟ وانت يا صجر بتداري عليه؟

طارق ينظر إلى الأرض بصمت. صقر يلتفت إليه بنظرة حادة، ثم يقوم من مكانه.

صقر: يلا يا طارج، نطلع .

طارق يهز رأسه بالموافقة ويتبع صقر بهدوء. يخرجان من المنزل ويتجهان إلى المقهى القريب. 

صقر: خير يا طارج، في إيه؟ ليه خلّيتنا ناجي البلد بسرعه؟

طارق ينظر حوله بتوتر، ثم يرفع عينيه نحو صقر، يتحدث بصوت منخفض وكأنه يخشى أن يسمعه أحد.

طارق: أنا في مصيبة كبيرة يا صقر... وللأسف مهدد بالحبس.

صقر ينظر إليه باندهاش وحزم في نفس الوقت، ينتظر منه أن يشرح أكثر.

تعليقات



×