رواية تعافيت بك الجزء الثاني الفصل التاسع والسبعون 79 بقلم شمس بكري


رواية تعافيت بك الجزء الثاني الفصل التاسع والسبعون بقلم شمس بكري

"تأنسنا بقدوم من أحببنا و طابت ليالينا، فراح عنا الحزن و ابتهجت أراضينا"

_________________________


السلام عليكم ورحمه الله وبركاته..))"


احيوا سُّنة التبشير بدخول رمضان:


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

كان رسول الله ﷺ يُبَشِّر أصحابه بقدوم رمضان فيقول:

"قد جاءكم شهر رمضان شهرٌ مبارك، كتب الله عليكم صيامه، فيه تُفتح أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب الجحيم، ‏وتغل فيه الشياطين، فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر، من حُرِمَ خيرها فقد حُرِم"..


كانت بجواره تسير وسط الخيام الرمضانية و الأجواء المُبهجة حولهما و الأغاني الرمضانية تعزف على أوتار الفؤاد تبهجه و تبشره بما هو آتٍ، وقفا سويًا أمام أحد المحال المختصة في الصناعات اليدوية و حينها أخرج ورقةً من جيب بنطاله قد دون بها الاسماء حتى ضحكت ما إن ابصرت الورقة بين يديه و هي تقول بنبرةٍ ضاحكة:


"إيه دا ؟! هو أنتَ كاتب الاسامي في ورقة ؟؟ ليه يا ياسين ؟!"


رد عليها بقلة حيلة:

"هعمل إيه يعني يا خديجة ؟! قولت علشان منساش حد كتبتهم من أول ميمي لحد فارس كمان"


ردت عليه هي بعدما تنفست بعمقٍ:

"ربنا يكرمك و يجبر بخاطرك زي ما علطول بتجبر بخاطر الكل كدا، ربنا يجعله في ميزان حسناتك إن شاء الله"


ابتسم لها ثم حرك رأسه موافقًا بإيماءةٍ بسيطة و منها توجه نحو المحل و هي تقف بجوراه، حينها أخرج الورقة من يده يعطيها للرجل و هو يقول:

"عاوز ميدالية لكل الأسماء اللي هنا على شكل فانوس صغير"


أخرج له الرجل الانماط لينتقي منها حتى اختار اوسطهم حجمًا و هي معه ثم طلب من الرجل عملهم بالاسماء، حينها اخبره الرجل متأسفًا:

"ما شاء الله حضرتك عاوز كتير، و الولد اللي بيشتغل معايا بيجي متأخر، لو مش هتقدر تستنى ممكن تسيب رقمك و على يوم الجمعة تيجي تاخدهم مننا، دا موسم كل سنة و حضرتك طيب"

رفع "ياسين" كفه يحك فروة رأسه بحيرةٍ و هو ينظر لها يستعين بها حتى قالت هي بهدوء:

"خلاص نيجي يوم الجمعة ناخدهم مش مشكلة، أنتَ برضه عاوز طَلبية كاملة ما شاء الله"


حرك رأسه موافقًا ثم التفت للرجل يتبادل معه الأرقام و أتفق معه على الموعد ثم و قد دفع المبلغ مُقدمًا للرجل ثم أمسك يدها حتى يرحلان سويًا، توقفت هي عن السير حينما رآت الديكورات الضخمة و كان أبرزهم فانوس كبير يصل حجمه غالبًا لارتفاع سِتة أمتار، شهقت بقوةٍ و اتسعت عينيها حتى التفت هو ينظر لها بتعجبٍ و هي ترمش ببلاهةٍ و قبل أن يسألها هو سبقته هي و قالت:


"إيه دا ؟! فانوس مين دا كله ؟؟ هيتحط فين دا ؟! هو فيه حد هيبات فيه ؟!"


جاهد ليكتم ضحكته و هو يقول بنبرةٍ هادئة تحمل السخرية بين طياتها:

"آه، عاملينه علشان بكار و رشيدة يباتوا فيه، أو ظاظا و جرجير مش متأكد بصراحة"


عقدت ما بين حاجبيها حتى أدركت مقصد حديثه الساخر عليها فـ شهقت بقوةٍ و قد ضحك هو بيأسٍ منها و حينها تمسكت في ذراعه و هي تقول بمرحٍ:


"هنسامحك بس علشان أنتَ موجب معانا بزيادة"


توقف عن السير و هو يقول مُشيرًا برأسه نحو الفانوس كبير الحجم:

"تعالي أصورك عنده يلا، هما حاطينه أصلًا علشان الناس تتصور جنبه، مش علشان حد يبات فيه"


قبل أن ترد عليه سحبها هو خلفه حتى اقترب من التجمهر حتى أتىٰ دورها فقام هو بالتقاط الصور لها و هي تضحك بملء شدقيها حتى التقط صورة لهما سويًا بجوار الفانوس و الأضواء المُزينة.


شعرت هي بالتعب من كثرة المشي على قدميها فطلبت منه الجلوس لو قليلًا حينها أخذها نحو أقرب محل "عصير قصب" و جلس معها هناك يأخذا قسطًا من الراحة فيما تحدث هو متأسفًا:

"مفيش هنا عصير قصب باللبن للأسف، هي كوباية قصب ترد روحنا و بعدها نتوكل على الله نشوف ورانا إيه"


حركت رأسها موافقةً بحماسٍ حتى طلب هو العصير لهما و بعدما رحل العامل أمعن هو النظر في وجهها فوجدها تجول بالمكان بنظراتها دون أن تتحرك من موضعها، الأضواء و الأغاني و الأطعمة الخاصة بـ "رمضان" و الحلويات و المكسرات كل ذلك كانت تتابعه و هي تبتسم حتى سألها هو بنبرةٍ ضاحكة:

"عجبتك الغورية ؟! إيه رأيك في رمضان فيها بقى ؟!"

ردت عليه هي بلهفةٍ:

"تحفة، حاسة أني شامة ريحة رمضان و الله، مش عارفة إزاي بس حاسة بيه و الله"


رد عليها هو بنبرةٍ ضاحكة:

"يمكن علشان الجو هنا أصلًا كله روايح رمضان ؟! سبحان الله تحسي إن حتى الشعائر بتاعته حلوة، كل سنة و أنتِ طيبة"


"و أنتَ طيب و بخير إن شاء الله، يمكن دا أول رمضان لينا سوا، بس أنا حاسة إن فرحتي فيه بمقام كل السنين اللي فاتت و الله"


ابتسم لها بسعادةٍ حتى تنهدت هي بعمقٍ ثم قالت:

"و بصراحة دا أول رمضان أكون مرتاحة فيه كدا، يعني مش زعلانة من حد و بكلم الكل، حتى عمتو مشيرة و جميلة كمان معانا، و هدير بقت صاحبتي، و بقى عندي صحاب هنزل أصلي معاهم، إجمالًا يعني دا أول رمضان أكون منتظرة تعاملي مع الناس فيه"


رد عليها هو بنبرةٍ هادئة و كلماتٍ رزينة:

"و الله كلهم بيحبوكي أصلًا، بس الشيطان بقى لما بيدخل النفوس و يوسوس فيها، بمعنى أنه بيخلي القلوب نفسها تقسى على بعض، في حين إننا كلنا هنقف قدام ربنا نطلب منه السماح"


تحدثت هي بلهفةٍ طالتها لمحة حزنٍ و غلفها صوتها المُنكسر:

"ياسين !! هو أنا ضعيفة ؟! يعني مش عندي شخصية ؟! أنا مش بعرف أزعل من حد خالص، و لما حد بيكلمني أنا بنسى أصلًا إنه زعلني و الله، معودتش قلبي يشيل من حد، بس أنا مش عاوزة أكون ضعيفة من غير شخصية"


ابتسم لها وهو يقول بكلماتٍ تُطمئنها بقوله:

"لأ شخصيتك مش ضعيفة، الضعيف هو اللي بيسيب غضبه يتحكم فيه، لكن أنتِ طيبة و قلبك لَيْن، يعني دي حاجة حلوة اوي للقلوب تتسم بيها"


سكت عن الحديث ثم أضاف مُكملًا:

الناس اللي بتحن بكلمة مهما كان اللي قدامهم مزعلهم، دول شخصيتهم مش ضعيفة بالعكس دول قلوبهم نضيفة وليهم الجنة


"يدخل الجنةَ أقوامٌ أفئدتهم مثل أفئدة الطير"

أفئدتهم هنا يعني قلوبهم هينة لينة

" تَحرم النَّار على كلِّ هيِّن ليِّن قريبٌ سهل"


حركت رأسها موافقةً بحماسٍ بعد حديثه و هي تشعر بسعادةٍ بالغة تجتاحها و هو يثني على لين قلبها و طيبتها التي لم تكرهها هي ذات يومٍ.

_________________________


أخذ "وليد" ما قام بجلبه و هو يبتسم بسعادةٍ متخيلًا فرحتها و للحق لم تكن فرحتها بمفردها بل فرحته هو أيضًا فلازال هناكَ طفلًا صغيرًا يسكن بداخله يفرح بتلك الأشياء و الأجواء المُبهجة.


وضع الأشياء على الطاولة و هو يبتسم بخبثٍ ثم عاد للأريكة يجلس عليها من جديد غير مكترثًا من الأساس أو هكذا يبدو و بداخله حماسٌ يتنافى مع بروده حتى خرجت هي من الداخل و في تحمل الطعام حتى تضعه على طاولة السُفرة فتفاجأت بعدة أشياءٍ عليها جعلتها تشهق بقوةٍ ثم تركت ما بيدها و هي تقترب من الأشياء


اقتربت تمسك الأشياء وجدت فانوسًا إطاره أسود اللون من الأعلى و الأسفل و حوافه زجاجية أقرب إلى هيئة النوافذ و بداخله عَروسٌ تمسك في يدها ميدالية تحمل اسمها "عبلة" و بجوارها فانوس من خامة الخشب عليه صورتهما في زفافهما و بجواره سبحة الكترونية و معه مُصحف التدبر و التفسير و معهم عدة ديكورات للشقة، و كان أبرزهم أشكال خيامية باللون الأحمر عبارة عن رجلٌ يمسك في يده مصفاة و أمامه عربة الحلويات الشهيرة بصنع "الكنافة" و بعض الأشكال الخاصة بعادات الشعب المصري في شهر رمضان المُعظم.

وقف هو في الخلف يراقبها و هي تمسك الأشياء حتى التفتت له تسأله بصوتٍ باكٍ:

"الحاجات دي بتاعتي صح ؟!"


"لأ بتاعة أمي و جايبهم أعايرك بيهم، ذُل يعني"

رد عليها هو بذلك بلامبالاةٍ جعلتها تبتسم من بين دموعها ثم ركضت إليها حتى ارتد جسده من قوة دفعها عليه، فابتسم هو بهدوء ثم رفع ذراعيه يحاوطها و هو يقول بصوته الرخيم:


"يعني عاوزاني أزعلك برضه ؟! دا أول رمضان ليا و أنتِ معايا و مراتي يا عبلة، مقدرش أضيع فرحتك بالشهر دا حتى لو أنا مش مركز"


ابتعدت عنه تسأله بصوتٍ باكٍ:

"طب ليه مجبتش مع طارق و وئام ؟! فرقت إيه بقى ؟!"


رد عليها مفسرًا بعدما ابتسم لها:

"علشان كنت عاوز حاجة أنا اللي أختارها، حاجة عارف انك محتاجها، سألتهم على مصحف التفسير قالولي مش موجود، علشان كدا جيبته أنا ليكي من مكان تاني، و لسه هنجيب حاجات تاني للشقة و هجيبلك إسدال حلو علشان خوفت ذوقي ميعجبكيش"


حركت رأسها موافقةً و هي تبتسم ثم التفتت تنظر للطاولة و هي تبتسم أكثر حتى قال هو بنبرةٍ هادئة:

"هناكل و لا أخد الحاجة أديها لأمي ؟! خلصيني أنا جعان"


اقتربت منه تقبل وجنته ثم قالت بحماسٍ:

"ثواني و الأكل يجهز، أنا قولت ليدو حبيبنا مبيغلطش"

ضحك هو عليها ثم قال:

"طب جهزي الأكل لحد ما أنزل لـ وئام و أطلع تاني، ثواني مش هتأخر"

نزل من شقته متوجهًا نحو شقة أخيه بعدما أمسك حقيبة صغيرة في يده، وقف أمام الباب ثم طرق عليه بهدوء حتى فتح له شقيقة و هو يقول متشفيًا به:


"عبلة نكدت عليك و طردتك ؟! يلا يا حلو فوق السطح، بات زي الكلب فوق، علشان تسمع الكلام بعد كدا"


رد عليه بثقةٍ و ثباتٍ:

" هما ١٠ دقايق و هتشوف الأستوري في كل حتة، هو أنا عبيط ؟!"


عقد "وئام" ما بين حاجبيه فسأله الأخر باستعجالٍ:

"المهم !! فين فارس صاحي و لا نايم ؟! لو صاحي ادخل هاته"


تحرك شقيقه من أمامه ثم عاد له بعد مرور ثوانٍ يحمل صغيره على يده حمله منه "وليد" و هو يبتسم بخفةٍ و خاصةً كلما حمل ذلك الملاك على يده، رفعه يقبل قمة رأسه ثم قال بنبرةٍ هادئة:


"عاوزك تكبر بسرعة كدا و تشتغل معايا في الجنان، الحقني قبل ما أهدى و أركن شوية"

تدخل "وئام" يقول بحنقٍ:

"يا عم الله يهديك بقى !! مكفاكش جريي وراك، عاوزني أجري ورا ابني كمان ؟! ارحمني"


ضحك "وليد" رغمًا عنه ثم قبل "فارس" مرةً أخرى و أعطاه لوالده و هو يقول بنبرةٍ هادئة:

"أمسك ثواني كدا"


أخذه منه شقيقه و هو ينظر له بحيرةٍ حتى أخرج "وليد" من الحقيبة فانوسًا متوسط الحجم و قد طبع عليه صورة "فارس" منذ أول أيام ولادته و صورة أخرى لـ "وليد" و "فارس" معًا.


ابتهج وجه "وئام" فورًا و هو يرى الفانوس حتى تحدث "وليد" مردفًا:

"دي حاجة بسيطة بقى لابني، إن شاء الله رمضان الجاي يكون شد حيله و أجيبله واحد تاني أحلى، ربنا يباركلك فيه


ظهر التأثر على وجه "وئام" و لمعت العبرات في عينيه و حينها فرد ذراعه الأخر حتى ارتمى "وليد" عليه، فقام هو بالتربيت على ظهره و هو يقول:


"ربنا يخليك ليا و ليه يا رب، أنتَ ابني البِكري مش فارس، يا بخته إنه هيكبر عنده عم زيك كدا"


قبل "وليد" كتفه ثم قال بصوتٍ متهدجٍ:

"يا بختي أنا بأبوه و بوجوده، مرمطك ورايا كتير حقك عليا"


ابتسم له "وئام" فتنفس "وليد" بعمقٍ ثم قال بلهفةٍ:

"ينفع أخده يقعد معايا فوق شوية ؟!"


رفع حاجبه يسأله بثباتٍ:

"الفانوس و لا فارس ؟!"


"دي محتاجة سؤال ؟! الفانوس طبعًا"

رد عليه "وليد" بذلك حتى ضحك أخيه و شاركه الضحك هو الأخر، فقال "وليد" بهدوء:


"عاوزه ييجي يقعد معايا شوية، أنا مش هعرف أنام دلوقتي و هو لسه قدامه كتير، و بعدين بوجب معاك اهوه، علشان تعرف تقعد مع هدى"


تحدث أخيه بحنقٍ:

"أمشي يالا يا سافل من هنا، أقولك ؟! خده أسبوع بقى"


أخذ "وليد" الصغير و صعد و هو يضحك على شقيقه الذي صفع الباب بقوةٍ، دلف "وليد" شقته و هو يضحك و الصغير على ذراعه، فاقتربت "عبلة" منهما بفرحةٍ و هي:


"فارس !! هاته يا وليد علشان خاطري أنا بحب أشيله أوي"


أعطاه لها و هو يبتسم حتى حملت الصغير و هي تهدهده بكلماتها و تربت عليه بكلا كفيها و في الحال ابتسم "فارس" بنعومةٍ تُلائم عمره، فيما وقف "وليد" يتابعهما بعينيه و آنذاك شرد و هو يتخيل "عبلة" في أمومتها بالطبع ستكون رائعةً في هذا الدور فحتى الآن في بعض الأحيان يراها مثل والدته و هي تصحح مساره و تُعدل أخطائه.

_________________________


في شقة "رياض" جلس "ياسين" مع والده في الشرفة بعدما أنهى مشواره مع زوجته بينما هي جلست مع زُهرة في الخارج و هي تعرض أمامها ما قاما بشرائه سويًا و قد كان هو الأسرع حينما قام يتخبئة العروس.


سأله والده بسخريةٍ:

"شكلك فلست و الصرف بان ؟؟ شوفت أخرة الجواز إيه يا ياسين ؟؟"


ابتسم له "ياسين" بخفةٍ ثم حرك رأسه للأمام ينظر جهة جلوسها و هي تتحدث بحماسٍ مع والدته فعاد بظهره للمقعد و هو يقول:


"بصراحة ؟! فلست آه، بس كله فِدا ضحكتها و إنها تكون فرحانة، و بصراحة المكافأة جت في وقتها، أنا هكمل صرف منها و أشيل المرتب علشان رمضان و العيد"

ربت "رياض" على فخذه و هو يقول بنبرةٍ هادئة:

"ربنا يخليك ليها و تعيش و تسعدها إن شاء الله، عقبال ما تجيب لعيالك معاها و تفرحهم هما كمان زيها"


ابتسم"ياسين" و هو ينظر لوالده الذي قال بثباتٍ:

"طبعًا مش محتاج أقولك إنك عارف مكان الفلوس و عارف كل حاجة هنا، يعني تاخد اللي أنتَ عاوزه، بلاش بقى كسوف و جو إن رجلك شالتك دا"

رد عليه بعدما زفر بقوةٍ:

"معايا و الله متخافش، بس لو احتاجت حاجة هجيلك أكيد"


ابتسم له "رياض" ثم أضاف:

"طب أنا و فهمي بنحضر الحاجة بتاعة رمضان، هتحضروا معانا ؟!"


رد عليه بلهفةٍ:

"أكيد طبعًا، دي أرزاق ناس و خالد و عامر و ياسر دافعين الفلوس بقالهم شهرين و أنا معاهم، يوم الجمعة إن شاء الله نتجمع عند ميمي و نعملهم"

_________________________

عاد "ياسين" مع زوجته للشقة و هي تزفر بقوةٍ بعدما ارتمت على الأريكة فطالعها هو بسخريةٍ وهو يقول:

"ما شاء الله طول ما أنتِ في الشارع بتلفي زي النحلة، نيجي البيت هنا تبقي كتكوت ضعيف الجناح يا ولداه"


ردت عليه هي بانهاكٍ واضحٍ:

"أنا طول عمري بكره الخروج و اللف و الفُسح بس اقول إيه بقى ؟! الله يسامحك أنتَ السبب"


رفع حاجبيه معًا بغير تصديق بعد حديثها اللائم له حتى تحدث بحنقٍ و هو يقول:

"تصدقي أنا محدش رباني ؟! و بني أدم سافل كمان ؟! أنا مهزق علشان عاوز أفرحك.... طب أقولك ؟! مفيش مفاجأة بقى"


اندفعت هي من موضعها و هي تقترب منه تقول بلهفةٍ:

"لأ علشان خاطري خلاص بهزر و الله قلبك أبيض يا مهلبية بقى"


رمش ببلاهةٍ بعد كلمتها تلك حتى زفر بقوةٍ ثم قال بنفاذ صبرٍ:

"المهم الشنط دي وسطهم شنطة مكتوب على رمضان شهير الخير، افتحيها و شوفي اللي فيها"


طالعته بسخريةٍ و هي تقول:

"و الله ؟! دا على أساس إن الشنط الباقية مكتوب عليها حرب أكتوبر العظيم ؟! ما كلهم رمضان يا بني ؟!!"

رد عليها بتهكمٍ:

"يا سكر ؟! بقولك مكتوب عليها رمضان شهر الخير، مش رمضان مبارك، إيه الدماغ دي"


رمقته بغيظٍ ثم توجهت نحو الحقائب تتفحصها حتى وقع بصرها على مُرادها و حينها شهقت بقوةٍ حينما فتحت الحقيبة و وجدت العروس بداخلها، وقفت بعدها بسرعةٍ تتوجه نحوه تسأله بلهفةٍ:


"إيه دا ؟! أنتَ جيبت العروسة ؟!عرفت ازاي أني كنت عاوزاها ؟!"

رد عليها بثقةٍ:

"دا شغلي أنا بقى متشغليش بالك أنتِ، و بعدين كنتي قولتي إنك عاوزاها لازمتها إيه الدراما دي ؟! هو أنا بخيل ؟!"


ردت عليه هي بتوترٍ:

"مش كدا بس....بس احنا جيبنا حاجات كتير و كلهم أنا اللي كنت عاوزاهم، قولت أكبر بقى علشان مبقاش عيلة قدامك"

زفر هو بقوةٍ ثم قال بنبرةٍ جامدة إلى حدٍ ما:

"ماشي يا خديجة، بس الكلام دا لو احنا غُرب عن بعض، إنما أنتِ مراتي، يعني ملزومة مني أنا، لما تكوني عاوزة حاجة قوليلي، قدرت اجيبها يبقى الحمد لله خير و بركة، مقدرتش يبقى ربنا يقدرني و اجيبها بعدين"


حركت رأسها موافقةً و هي تبتسم له ثم قالت بحماسٍ:

"يعني لو طلبت أي حاجة هتعملهالي ؟! من غير مناقرة معايا؟!"


حرك رأسه مستنكرًا فقالت هي بنفس الحماس:

"طب بص !! أنا فيه حلم نفسي احققه أوي، و بما إنك مهندس يبقى أنتَ اللي هتحققه مفيش غيرك"


باتت ملامحه أكثر تعجبًا بعد حديثها فيما أضافت هي بسرعةٍ كبرى:

"بص !! طول عمري نفسي في بيت شبه الميكرويف، تقدر تعملهولي ؟! و كدا يبقى جِميل في رقبتي مش هنساه طول عمري"


انكمشت ملامحه و ظهر الامتعاض في وجهه و هو يقول:

"بيت زي الميكرويف ؟؟ ازاي دا ؟! الميكروويف انهي ؟! بتاع تسخين الأكل ؟!"


حركت رأسها عدة مراتٍ موافقةً بحماسٍ ثم أضافت:

"أقسم بالله هو دا بيت أحلامي، مش عاوزة غيره، فكر فيه بس و لو عملته اسمك هيفرقع في مجال الهندسة"


_"أو يفرقع في وشي، أيهما اقرب يعني لخراب البيوت"


رد عليها بذلك بتهكمٍ حتى قالت هي مفسرةً بتلقائيةٍ:

"بص و الله فكرته عاملة ازاي، مكان دافي و ضلمة و بيدور حوالين نفسه و فيه نور علشان لو احتاجناه، و كل شوية حد يفتح يحطلك أكل، و الله العظيم أنتَ الكسبان، فكر بس مش هتخسر حاجة يا مهلبية"


لوى فمه بتهكمٍ ثم قال:

"وكسة عليا و على سنين عمري اللي ضاعت في هندسة، خوشي يا خديجة سخني الأكل، خشي الجوع غلط عليكي"

حدجته بسخطٍ ثم تحركت من أمامه و هي تغمغم بحنق عليه حتى قال هو بنفاذ صبرٍ:


"هي فاكرة نفسها من فصيلة الكتاكيت بجد و لا إيه ؟؟ يا وقعة سودا ؟! دي بقت فرخة بجد ؟!"

_________________________

في يوم الجمعة و خاصةً بعد الصلاة و تحديدًا في شقة "ميمي" جلس "ياسين" و أخوته و ذويهم يقومون بتعبئة الحقائب الخاصة برمضان كهادتهم كل عامٍ و تلك المرة زادت بهجة المكان بوجود الفتيات معهم و النساء

و كالعادة في وجود "عامر" لم يعرف الهدوء لهم سبيلًا حيث قام باضافة البهجة للمكان و قام بتوصيل هاتفه عبر الشاشة تتابع عليها أغاني رمضان بمختلف الازمنة و الأنواع فجلسوا جميعًا مع وجود النساء الكبار والدات الشباب معهم و الكلمات الأتية خلفهم:


"رمضان كريم فتاح يا عليم....٣٠ يوم فيه هنا و سعادة..... قعدة رمضان حلوة يا جدعان شهر الإحسان كله عبادة....رمضان كريم فتاح يا عليم....٣٠ يوم فيه هنا و سعادة..... قعدة رمضان حلوة يا جدعان شهر الإحسان كله عبادة.."

كان "عامر" يجلس على الأريكة و هو يصفق بكفيه معًا تارةٍ و تارةٍ أخرى يعاونهم في إعداد الحقائب و هم يضحكون عليه.

كانت "خديجة" تجلس بجوار "رياض" تعاونه في تعبئة أكياس الأرز و هو يمرح معها و يشاكسها و "ياسين" بجوار "خالد" يتممان على الحقائب و محتوياتها، و الفتيات أيضًا يقومن بإعداد باقي المكونات و معهن النساء و "ميمي" وسط عائلتها التي لم تربطها بهم يومًا رابطة الدم، و كان "عمار" يجلس بجوار "يونس" و كليهما يضع لُعبة صغيرة في الحقيبة بعد إنهاء الاتمام عليها.

اقتربت "خديجة" من "رياض" تسأله بنبرةٍ هامسة:

"هما عمار و يونس بيحطوا إيه الشُنط يا بابا ؟! مش كل حاجة قصادنا هنا ؟!"


حرك رأسه موافقًا ثم أضاف ببهجةٍ:

"دي لعب و فوانيس بنحطها في الشنط علشان الأطفال تفرح بالشنط، فيه اطفال بتبقى فاهمة و عندها حساسية من حاجة زي دي، بس دي حاجة بسيطة تخليه يفرح يعني، في النهاية دي رزق من ربنا للعباد و رايح لعباد تانيين يا حبيبة بابا"

حركت رأسها موافقةً بتأثرٍ و أعجبتها الفكرة خاصةً أن اللعبة في يد "يونس" لم تكن رديئة.


جلس "ياسر" أمام الحقائب يقوم بعدها و مراجعة الاسماء و العدد المطلوب تجهيزه، فرفع صوته يقول بمرحٍ:

"لأ بجد عاش يا جماعة !! ما شاء الله قربنا نخلص العدد المطلوب"


سألته "إيمان" بتعجبٍ و هي تمسك بأحد الأكياس البلاستيكية تقوم بتعبئة المعكرونة:

"إيه دا ؟! طب و باقي الحاجة ؟! ما شاء الله فاضل كتير أوي"


رد عليها "فهمي" مفسرًا:

"هنوديهم المائدة يا ايمان، و برضه هنعمل كام شنطة على جنب احتياطي يعني"


حركت رأسها بتفهمٍ فاقترب "يونس" من "رياض" و هو يركض نحوه و يقول:

"بص يا جدو !! بص عمار ؟!"

وجهوا بصرهم نحو "عمار" الذي وقف باحراجٍ و هو يقول:

"معلش يا جماعة لعبة و اتكسرت بتحصل، لم ابنك يا خالد بقى !!"

رفع صوته فيما ضحكوا عليه جميعًا فأمسك "عامر" بـ "يونس" يحمله بيده و هو يقول بضجرٍ زائفٍ و كأنه يهاتف رجلًا مثله:

"جرى إيه ياض ؟! أنتَ هتفتن من اولها على عموري ؟! ما يكسر اللعبة يعني هو كان كسر مشاعر أبوك ؟!"


ارتفع صوت الضحات عليهما بعد حديث "عامر" و طريقته حتى قبله "يونس" على وجنته و هو يضحك، و حينها زادت الضحكات أكثر و صوت "رياض" و هو يقول بنبرةٍ ضاحكة:


"رزعك بوسة سكتك و جابلك الخرس بيها، شكلك بقى وحش"


هزه "عامر" في يده و هو يقول بنبرةٍ جامدة:

"ولا ؟! لو فاكر إنك كدا بتضحك عليا و بتثبتني علشان مزعقش ليك !!...."

سكت هنيهة عابرة ثم أضاف:

"يبقى برافو عليك بوسني الناحية التانية بقى"


قبله "يونس" على وجنته الأخرى بمرحٍ فتحدثت "ميمي" بتهكمٍ ساخرٍ:

"ما شاء الله طالع لابوه و أعمامه هيجيبوا من برة يعني ؟!"


نظر لها الشباب فيما تحدثت هي بسخريةٍ موجهة حديثها للسيدات:

"ياخدوا جايزة في التثبيت هما الأربعة، و عمار معاهم إن شاء الله، هي بدايات كدا بتبان"


سعل "عمار" بشدة بعد حديثها و النظرات تتابعه و خاصةً "خديجة" التي نظرت له و هي تضحك فهرب هو من النظر لها خجلًا منها بعد طلبه يد شقيقتها، أما "عامر" فقد حمل "يونس" على كتفيه ثم اقترب من هاتفه يرفع صوت الأغاني على:

"رمضــان...رمضـان...رمضان...

رمضان...هل هلاله و ظهر و بان....رمضان.....رمضان....رمضان....هل هلاله و ظهر و بان....فكرني بحاجات....و ذكريات.....بيعدي عمر و ليها في قلبي مكان....رمضــان...رمضان... رمضان....هل هلاله و ظهر و بان....فكرني بحاجات و ذكريات....بيعد عمر و ليها في قلبي مكان....جت على بالي....ابتسامة الشعراوي....قبل المغرب و هو بيفسر القرآن....صوت المنشاوي....قراية الطبلاوي....و الشيخ محمد رفعت و حلاوة الأذان.... و الجامع اللي جنب بيتنا و هو مليان بناس كتيرة و جوة....و الجامع اللي جنب بيتنا و هو مليان بناس كتيرة برة و جوة.....و لمة العيلة و عيلة العيلة....."


عند تلك الجملة تحديدًا أشار "عامر" عليهم جميعًا فوقفوا الشباب بجانبه يصفقون معه و هم يغنون:

"لمة العيلة و عيلة العيلة..... و سحورنا مع بعض كل ليلة، طعم البلح و التمر الهندي و الكنافة....خير و بركة....أيام جميلة"


ارتفع صوت الضحكات من النساء و الفتيات حتى قام "رياض" بالغناء هو الأخر و مشاركتهم في تلك البهجة وسط الحقائب البلاستيكية و مكونات الطعام و غناء الشباب و ضحكات "يونس" وسطهم.

_________________________

وقف "محمود" أمام البيت و الشباب يقومون بإدخال الحقائب في السيارات الخاصة بهم و "طـه" يقوم بعد الحقائب و بجواره "مشيرة" أيضًا.

اقترب "وئام" من عمه "محمود" يقول بنبرةٍ هادئة:

"كدا العربية بتاعة طارق خلصتها يا عمي، نتحرك أنا و هو ؟؟"


رد عليه بهدوء:

"آه يا حبيبي توكلوا على الله أنتم و أنا هشوف وليد كدا، قولي صح الشنط اللي حسن عملها نوديها فين ؟؟"


رد عليه مفسرًا:

"هو قالي أروح أدي البواب عنده خمس شنط ت الباقي نوزعهم احنا زي كل سنة، هو بس زود السنة دي شوية على روح مرات عمي الله يرحمها"



تنهد "محمود" بيأسٍ ثم قال:

"ربنا يكرمه يا بني و يرجعه بالسلامة و يجعله في ميزان حسناته، اكتر حاجة حصلت صح في حياتي أني سلمت هدير لـ حسن"


رفع "وئام" حاجبيه و هو يقول بحزنٍ زائفٍ:

"بقى كدا ؟؟ أنا ملاحظ إن حسن هياخد مكاني و كدا كتير، جو السلايف دا مش نافع يا عم محمود"


ضحك "محمود" رغمًا عنه و هو يقول بيأسٍ:

"روح يا شيخ ربنا يكرمك زي ما أنتَ مضحكني كدا، دا عديلك، بعدين اتطمن ميتخيرش عنكم و عن تربيتكم يا وئام، مرتضى ربى صح و خرج رجالة"


بمجرد انهاء جملته وصلهما صوت "وليد" و هو يقول بصوتٍ عالٍ من الداخل:


_"هو إيه اللي نحطها في العربية بتاعتي ؟! ليه حد قالكم إنها سفينة الصحراء ؟! إيه الهم دا"


ضحك "وئام" رغمًا عنه خاصةً بعد حديث عمه فتحدث "محمود" بحنقٍ منه:

"قسمًا بالله ما شاف أدب و لا أخلاق، عيل سافل عديم الأدب"


دلفا سويًا للداخل و قد كان يتحدث "طارق" معه و هو يقول بسخطٍ:

"يا بني آدم افهم !! أنا و وئام هنروح نلف القاهرة كلها، أنتَ يدوبك هتروح السويس و معاك أحمد، خد الشنط وديهم معاك في عمارة حسن، هتخسر إيه؟!"


رد عليه بضجرٍ:

"هو البعيد أحول ؟؟ بتقولي هتروح السويس و في نفس الوقت عاوزني أروح بيت حسن ؟؟ و بعدين العربية هتجيب أخرها مني كدا"


تدخلت "خلود" تقول بثباتٍ:

"أنا عندي فكرة حلوة تخلصكم من كل الصداع دا، تسمعوني ؟"


نظروا لها جميعًا خاصةً بعدما دلفت هي الطابق المخصص لمناسبات العائلة، فقالت هي:


"عربيتنا فاضية و مركونة و بابا هيخلص و يطلع ينام، هاتوا الشنط و أروح أنا و هو نوديهم و نكسب ثواب، حلوة الفكرة دي"


نظر كلًا من "طارق" و "وليد" لبعضهما حتى تحدث "طـه" بتهكمٍ:

"بصالي في شوية الراحة ؟؟ ماشي يا خلود اطلعي البسي و تعالي يلا نروح سوا"

قفزت هي عدة مراتٍ ثم ركضت من أمامهم جميعًا فتحدث "مرتضى" بسخريةٍ:

"البت دي سوسة و أقطع دراعي إن ما كان وراها مصيبة سودا، أنا عارف الواد عمار جه طلبها ازاي ؟!"


ضحكوا عليه جميعًا و خاصةً "طـه"، أما "مشيرة" فصدح صوت هاتفها و حينها ظهر التوتر على وجهها فضغطت على زر كتم الهاتف وقتما وقع بصرها على اسم المتصل، لاحظ "وليد" توترها لكنه لم يهتم من الأساس.

تحدث "محمد" مؤكدًا عليهم جميعًا:

"طارق و وئام معاكم العنوان بالاسم و كل حاجة تمام، أحمد و وليد بقى هتروحوا عند إسماعيل و هو هيتصرف متشغلوش بالكم، هو عارف الناس هناك"

حركوا رأسهم بموافقةٍ فقال "محمود" مسرعًا:

"قبل ما تتحركوا انقلوا الشنط لعمكم طه في عربيته علشان الحاجة تروح عند حسن"


تحرك "أحمد" و معه "وئام" يحملان الحقائب و قبل أن يخرج "وليد" من المكان اوقفه "محمود" حينما وضع يده على كتفه و هو يقول بصوتٍ خافتٍ:


"ربنا يكرمك و يجبر بخاطرك و يطمن قلبك و يعوضك زي ما أنتَ طمنت قلبي على بنتي كدا، روح يا بني ربنا يرزقك بذرية صالحة"


تأثر "وليد" من حديث عمه و ظهرت الدموع فورًا و شعر بارتجافة قلبه، فربت "محمود" على كتفه و هو يقول:

"رمضان مبارك عليك يا بني، شكرًا.... شكرًا إنك صونت لحمك"


ابتسم له "وليد" و دون أن يشعر بنفسه اخفض جسده يقبل كف عمه ثم قال بصوتٍ مختنقٍ:

"شكرًا ليك أنتَ يا عم محمود علشان كلامك حسسني أني مش وحش و مش مؤذي، اتطمن هدير و هدى في رقبتي و أنا أخوهم"


حرك رأسه مومئًا على حديثه و كأنه يؤكد صدق حديث الأخ، فتحدث "أحمد" بصوتٍ عالٍ:


"يلا يا وليد علشان منتأخرش"

تحرك "وليد" للخارج بعدما ابتسم لعمه و قبل أن يخرج من المكان كانت عمته تتحدث في الهاتف ثم اغلقته فورًا حينما شعرت به خلفها، و حينما التفتت له سألها هو بثباتٍ:

"فيه حاجة و لا إيه ؟؟ إيه اللي مخوفك كدا ؟!"


ردت عليه بتوترٍ:

"ها.... لأ عادي مفيش حاجة، أنا كنت بكلم حسان علشان أعرف هييجي إمتى، بس هو قالي إن دا موسم و مينفعش يقفل النهاردة"


حرك رأسه موافقًا ثم زفر بقوةٍ قبل أن يسألها بثباتٍ:

"عاوزة حاجة أجيبهالك من السويس ؟! شوفي كدا ؟!"


حركت رأسها نفيًا ثم قالت:

"ارجعوا بس بالسلامة أنتم، ربنا يستر طريقكم و يجعله في ميزان حسناتكم كلكم"

حرك رأسه موافقًا ثم ربت على كتفها و قال بهدوء:

"يا رب.....كل سنة و أنتِ طيبة يا عمتو، دا أول رمضان و أنا طايقك فيه"

شهقت بقوةٍ فضحك هو ثم اقترب منها يقبل رأسها و قال:

"بهزر معاكي يا ستي، كل سنة و أنتِ طيبة، المهم اعمليلي حاجة حلوة لحد ما أرجع"

ابتسمت هي له ثم هزت رأسها موافقةً فتحرك هو من أمامها و هي تنظر في أثره بهدوء و تأثرٍ.

_________________________


بعد مرور عدة أيام و خاصةً بعد انتهاء رحلة العمرة الخاصة بـ "حسن" و "هدير" معًا وقف الشباب معًا في المطار يستقبلون عودتهما.


لاح طيف "حسن" أمام "عامر" فرفع صوته يقول بمرحٍ:

"يا حج حسن !! نورت مصر"


ضحك "حسن" بشدة و "هدير" أيضًا التي حاولت كتم ضحكتها حتى أقتربت من الفتيات تسلم عليهن بحماسٍ و شوقٍ لأول مرّة تشعر به تجاههن، و كذلك وقف "حسن" وسط الشباب يرحبون به و هو يعانق كلًا منهم حتى اقترب منه "وليد" يسأله بمرحٍ:

"جيبتلي مية زمزم و لا لأ ؟؟ اقسملك بالله هشربك مياة من منبع النيل لحد ما تتعلم الادب"

ضحك "حسن" بيأسٍ ثم قال بقلة حيلة:

"و الله العظيم جيبتها ليك و الله و ظبطك من هناك، ابعد عني بقى بلاش ذنوب الله يرضى عليك"


رمقه "وليد" بغيظٍ ثم حرك رأسه يطالع ابنة عمه و هو يقول بنبرةٍ هادئة:

"ازيك يا هدير ؟؟ حمدًا لله على سلامتكم، ربنا يتقبل إن شاء الله"

ابتسمت له و هي تقول:

"ربنا يكتبهالك يا وليد، ربنا يكرمك و يرزقك بزيارة لهناك و تحس اللي حسيته و أنا هناك"


أقترب "طارق" من "حسن" يعطيه مفاتيح السيارة و هو يقول بنبرةٍ هادئة:

"مفاتيح عربيتك أهيه، روحوا ارتاحوا بقى و نبقى نتقابل لما نجيلكم، عم محمود كان عاوز ييجي بس بكرة هو العيلة كلها هتيجي ليكم"


تحدث "ياسين" مسرعًا:

"استنوا بس قبل ما أنسى أنا جايب ليكم فوانيس صغيرة كدا بمناسبة رمضان، كل واحد باسمه"

ابتهج وجه الجميع بعد حديثه فأخذ الحقيبة البلاستيكية من حقيبة زوجته ثم قام بإعطاء كلًا منهم هديته و هو يبتسم لهم و كذلك فعلت "خديجة" مع الفتيات


بعدها تحدث "عامر" بلهفةٍ:

"نتصور بقى، بلاش فقر و خلونا نتصور جنب المطار، يا ستار منكم"

وقف الرجال بجانب بعضهم و كذلك الفتيات فنادى "عامر" أحد العاملين بالمكان و طلب منه التقاط الصورة لهم سويًا في صورةٍ عائلية جمعتهم سويًا.

_________________________

في اليوم التالي في شقة "حسن" كان جالسًا على الأريكة يتذكر والدته و عاداتها في مثل تلك الأيام بقرب شهر رمضان، لمعت العبرات في عينيه تأثرًا حتى أقتربت "هدير" تجلس بجواره و هي تقول بمرحٍ:


"الشقة كانت وحشاني بصحيح، بس برضه المكان هناك أحلى مليون مرة، يا رب اكتبهالي تاني"


ابتسم لها حتى سألته هي بتعجبٍ من صمته و حالته:

"مالك ساكت كدا ليه ؟! أنتَ زعلان إننا رجعنا ؟! صح"


حرك رأسه موافقًا ثم أضاف:

"كنت فرحان و أنا هناك أوي و حسيت إن فيه نور غريب بيدخل جوة قلبي، بس أنا افتكرت أمي الله يرحمها كانت في الأيام اللي زي دي لازم تجيب حاجة رمضان و كانت علطول تروح بنفسها للناس تديهم الحاجة، لما روحنا العمرة أنا طلبت من ربنا يسامحني علشان ماكنتش بحب الأيام دي، أو كنت بتوجع فيها"


عقدت ما بين حاجبيها و هي تحرك رأسها مستفسرةً فأضاف هو مُفسرًا بعدما تنفس بعمقٍ:

"رمضان لواحد زيي و العيد بيكون صعب أوي، الناس كلها مع بعض عزومة و لمة و أهل يسألوا بس أنا كل سنة كنت اتمنى الموت علشان أهرب من الوجع دا، و خاصةً مع نظرات الشفقة من الجيران، بس على قد كدا عم مرتضى و الشباب عمرهم ما خلوني أحس احساس وحش، كانوا معايا علطول، و بصراحة أنا كنت بفرح أوي و أنا وسطهم"


حركت رأسها موافقةً بتفهمٍ فأضاف هو بهدوء:

"بس السنة دي بقى رمضان جاي عليا و أنا أكتر إنسان فرحان في الدنيا كلها، عندي بيت و معايا مراتي فيه، و عندي عيلة زي عيلة الرشيد هقعد وسطهم كدا و أنا ليا وضعي، ما أنا واخد بنتهم بقى"


ضحكت "هدير" رغمًا عنها من بين دموعها فقال هو بنبرةٍ هادئة:

"ربنا يخليكوا ليا يا رب، و يبارك في وجودك يا هدير"


ردت عليه هي بنبرةٍ هادئة:

"يا رب، أنا عاوزة أقولك حاجة، إن دا أول رمضان أعرف المفروض نتصرف فيه ازاي، و عاوزة أقولك حاجة و ربنا يسامحني بقى، دا أول رمضان هصلي التراويح فيه، بس أنا ناوية أكمل بعض رمضان كمان"

حرك رأسه موافقًا ثم أضاف بعدما تنفس بعمقٍ:

"ربنا يكرمك و يثبتك و خدي رمضان دا فرصة علشان نبدأ سوا"

ردت عليه هي بلهفةٍ:

"طب يلا ؟! أنتَ قولتلي هنروح نجيب حاجة رمضان و هنروح لميمي، يلا علشان هي وحشتني اوي، كلهم جُم و مشيوا خلاص"


تنهد بعمقٍ ثم سحبه نحوه و هو يقول بخبثٍ:

"طب إيه طيب ؟! بقالي كتير مسمعتهاش، نسيتيها ؟!"

حركت رأسها نفيًا ثم قالت بنبرةٍ ضاحكة:

"احــضـنـي يـا حـسـن"

احضتنها هو بعد جملتها تلك و هو يضحك عليها و هي الأخرى تتمسك به بفرحةٍ.

_________________________


فوق سطح بيت الرشيد كان "أحمد" جالسًا بجوار أخته و "سلمى" يقوم بشرح مادة اللغة الإنجليزية لهما، أنهى شرحه لـ "سلمى" ثم أتى دور "خلود" و كعادتها جعلته ينفعل و يضرب كفيه ببعضهما حتى ضحكت عليه و هي تقول بقلة حيلة:

"و الله العظيم بكرهه، مبكرهش في حياتي قد الانجليزي دا، علشان خاطري استحمل شوية"


نظر لها بيأسٍ و هو يقول:

"دا أنا ربنا نجدني من المهنة دي، لو العينات كلها زيك كدا، و مخلياني أضرب الراجل و أطحنه ما هو معاه حق، مشوفتش كدا"

ردت عليه هي بضجرٍ:

"ولا !! اهمد بقى مش ناقصاك هي، و بعدين خلينا نشوف هنتنيل نشيل أيه غير الانجليزي"


ضحكت "سلمى" عليها في حين سألها شقيقها بتعجبٍ:

"تشيلي ؟! الناس كلها بتقول هنشوف نذاكر إيه و أنتِ بتقولي هنشيل إيه ؟!"

حركت رأسها موافقةً ثم أضافت:

"آه، بعدين رمضان جاي و رمضان مفيهوش مذاكرة معروفة يعني، هو أنا بفتي ؟!"

رمقها بغيظٍ ثم وجه بصره نحو "سلمى" يسألها بتعجبٍ:

"و الأستاذة سلمى ؟! برضه ناوية تشوف هتشيل و تريح شهر رمضان ؟! و لا حاطة خطة ؟!"

ردت عليه هي بتيهٍ:

"بص !! سيبها لله زي ما تيجي تيجي، أصل أنا مش هقطع نفسي يعني دا رمضان يعني اليوم طاير فيه أصلًا


زفر هو بقوةٍ و قبل أن ينطق صدح صوت هاتفه برقمٍ انتظره هو منذ جلسته معهما حتى حان الوقت حينها تركهما و خرج ثم عاد لهما من جديد بعد مرور دقائق و هو يقول بنبرةٍ هادئة:


"عمار معايا برة، هيدخل هنا"

اعتدلت كلتاهما في جلستها و تممت "خلود" على حجابها فدلف هو يقول بنبرةٍ هادئة:

"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا آسف على الازعاج"

ردت عليه "سلمى" بنبرةٍ هادئة:

"لا ازعاج ولا حاجة، اتفضل"

دلف هو يقف بجوار "أحمد" الذي وقف يتابع شقيقته التي جلست ببرودٍ لا تكترث بقدومه، فتحدث "أحمد" بثباتٍ:

"عمار كان جاب ملازم ليكي و كشكول لسلمى علشان تعمل زيه، قولت ييجي هنا أحسن علشان يفهمنا الدنيا"

ردت عليه بنفس البرود و اللامبالاة:

"بجد ؟! طب كويس و الله، شكرًا يا أستاذ عمار، ربنا يكرمك ان شاء الله"

رد عليها هو بثباتٍ و ثقةٍ:

"هيكرمني إن شاء الله"

طالعته بسخريةٍ فجلس هو بجوار "أحمد" و أمامه الفتاتين فسأله "أحمد" بنبرةٍ جامدة:

"ينفع يا عمار نعدي شهر رمضان من غير ما يذاكروا فيه ؟!"

رد عليه "عمار" بهدوء:

"لأ طبعًا، رمضان دا شهر كله خير و بركة و العمل عبادة، يعني أتقن فيه و مهملوش علشان ملهيات الدنيا"

استطاع بفطنة حديثه جذب انتباههما، فأضاف بعدما وجد النظرات نحوه:

"بمعنى إن الأوقات دي أنا المفروض استغلها صح، بحيث أني أخرج من رمضان إنسان تاني أقوى و أنجح من اللي فات، لازم أعرف إن رمضان دا شاحن لروحنا و مجدد لطاقتنا، يعني لازم أمسك في الفرصة دي بايدي و سناني"

تحدثت "خلود" بسرعةٍ:

"ماشي، بس دا في العبادات، إنما المذاكرة ؟! صعب بصراحة"

حرك رأسه نفيًا ثم قال بثباتٍ:

"مفيش حاجة اسمها صعب، أنا اللي بقرر إيه صعب و إيه سهل، بمعنى أني لو فضلت أقول لنفسي كلام سلبي و أقلل من شأن نفسي كدا أنا مش هوصل لحاجة، و نفس الحكاية لو أنا واثق من قدراتي يبقى هقدر أبدع في كل حاجة"


تحدثت "سلمى" تسأله بخوفٍ:

"طب اذاكر ازاي ؟! رمضان و المذاكرة مع بعض صعب يتلاقوا"

رد عليها هو مفسرًا بنبرةٍ هادئة و كلماتٍ متريثة:

"لازم تعرفي إن رمضان....."

"في مصر حاجة تانية و السر في التفاصيل ؟!"

قاطعته "خلود" بذلك بعدما توقف هو لبرهة عابرة حتى حدجها "أحمد" محذرًا فتنحنحت هي باحراجٍ، كتم "عمار" ضحكته و استعاد ثباته و هو يقول:

"اليوم في رمضان بيبدأ من صلاة الفجر مش بيخلص الفجر، أحسن وقت للمذاكرة بقى من بعد الفجر لغاية الضهر، نقسم الوقت كل أربع ساعات بينهم فاصل صغير اقرأ فيه قرآن أو التزم بترديد ذكر معين"

أنهى كلماته ثم أضاف متابعًا:

"العقل في الوقت دا كله نشاط و طاقة و مش حاسس بالجوع، و لا عطش، و الملهيات مش كتير، يعني مفيش شغل بيت أو تلفزيون يلفت نظرك أو حتى النت ممكن يحصل فيه حاجة تخليك مهتم بيها أصلًا، علشان كدا دا أكتر وقت تذاكر فيه الأجزاء الصعبة اللي محتاجة طاقة و مجهود منك"


كانت كلتاهما تتابعه باهتمامٍ و كامل انصاتهما حتى أضاف هو:


"بعد الضهر الطاقة تلقائيًا هتبدأ تقل و تحس بالجوع و العطش كمان، الفترة دي لغاية العصر تنامها بعد ما تصلي طبعًا.....من قبل المغرب بساعة طبعًا هتصحى علشان تصلي العصر، الفترة دي تركز في العبادات و تقرأ القُرآن أو درس دين يفيدني في رمضان، أو تعيد فيها الجزء اللي قصرت فيه في مذاكرتك..... بعدها طبعًا الفطار و تجهيزه من الوقت دا لغاية صلاة التراويح أنت بتعيش رمضان عادي جدًا، يعني لحد صلاة التراويح براحتك، بعدها بقى حدد ساعة و نص تراجع فيها على اللي ذاكرته و راجعته أو لو حاجة لسه مخلصتهاش خلصها علشان متتراكمش عليك"


حركت "سلمى" رأسها بتفهمٍ و "خلود" أيضًا فأضاف هو:

"اقصى حد للنوم يكون ١١ بليل أو ١١:٣٠ و دا علشان جسمك يرتاح لحد ميعاد السحور، و بعدها تكرر يومك في مادة تانية و طبعًا الدروس موجودة و ليها تأثير هنروح الدروس عادي و يفضل نذاكر زي ما احنا مهما كان ميعاد الدرس، و أهم حاجة بقى أرمي نفسك على المذاكرة و خلاص، متنستناش حاجة، ذاكر و ابدأ و حاول و جاهد و افتكر إن الوقت لو فات أنتَ بس اللي هتتلام على تقصيرك، فبلاش أنتَ كمان تلوم نفسك أنك مقصر"


اشعل حديثه حماسهما حتى سألته "خلود" بلهفةٍ:

"ينفع تعملي الجدول دا ؟؟ و تساعدني فيه ؟!"


رد عليها مُبتسمًا:

"وسط الملازم دي هتلاقي الجدول بتاعك، و فيه زيه للآنسة سلمى كمان في الكشكول دا، صممي زيه في المواد بتاعتك و هتلاقي جدولي عندك اللي كنت ماشي عليه أنا"


ابتسمت له بامتنانٍ فوقف هو يقول بهدوء:

"عن اذنكم بقى علشان اتأخرت و الشباب مستنييني عند ميمي، السلام عليكم"


ردوا عليه التحية فسبقه "أحمد" و هو يقول مسرعًا:

"استنى هشوف الأسانسير شكله متعلق ثواني"


حرك رأسه موافقًا فتحرك الأول من أمامه و لحقه "عمار" و قبل أن يخرج من السطح وصله صوتها و هي تقول بسخريةٍ ظنًا منها أنه رحل خلف أخيها مباشرةً و لم تلحظ وجوده:


"هو أنا مهري هيبقى ملازم و لا إيه ؟! هيحطوها من ضمن القايمة ؟!"


شهقت "سلمى" حينما لاحظت وجوده فالتفتت "خلود" تنظر نحو موضع بصر الأخرى و حينها اتسعت حدقتي عينيها فأضاف هو بسخريةٍ:

"مين قالك إن المهر ملازم بس ؟! لأ.....و سندوتشات شاورما كمان، و كَتَر تومية"


قالها بعبثٍ ثم رماها بغمزة من طرف عينه حتى التفتت و هي تحاول كتم ضحكتها فزفر هو بيأسٍ ثم خرج من السطح و هو يضحك عليها.

_________________________


احتضنها "حسن" بفرحةٍ و هي تبكي بعد رؤيته و رؤية "هدير" معها، ثم جلس بجوارها و هو يقول بتأثرٍ:

"وحشتيني اوي و كان نفسي نروح سوا، بس وعد مني المرة الجاية نكون مع بعض سوا، دعيتلك كتير أوي و مغبتيش عني لحظة"

ربتت "ميمي" على كفه و هي تقول بصوتٍ باكٍ:

"ربنا يباركلي فيك يا حبيبي، ربنا يكرمكم و يتقبل منكم و يرزقكم بكل خير سوا يا رب"


حرك رأسه موافقًا فتحدث "عامر" بسرعةٍ كبرى:

"يلا يا حسن علشان تعلق معانا زينة رمضان، يلا يا عم و سيب الستات تقعد مع بعض"


طالعه "حسن" بتعجبٍ و قبل أن يدرك ما يحدث وجد الشباب يأخذونه معهم للأسفل حتى يشاركهم في تجهيز الزينة لشهر رمضان المبارك.


وقفوا في مدخل البيت فتحدث "خالد" بهدوء:

"بصوا هنظبط الدنيا هنا في الهدوء و بعدها بشوية تكون الرجل خفت عن الشارع و ساعتها بقى نعلق الزينة في السكوت"


نظر "عامر" للزينة الموجودة على أرض المدخل ثم تحدث بسخريةٍ:

"هي دي الزينة ؟! دي مش هتكفي حاجة !!"


رد عليه "ياسين" بقلة حيلة:

"ما هما دول اللي اتبقوا من السنة اللي فاتت، استنى بكرة نجيب شوية كمان"


تحدث "عامر" بسرعةٍ كبرى:

"طب جهز الحاجات دي و خلاص، مش مشكلة أنا طالع فوق و نازل تاني"


عقدوا ما بين حاجبيهم بتعجبٍ و بعد مرور دقائق من صعوده نزل هو مرةً و في يده السماعات الكبرى و قبل أن ينطق أيًا منهم قال هو بلهفةٍ:

"قبل ما حد فيكم يتكلم !! هشغلوا هنا بصوت واطي لحد ما نعلق الزينة، أي حاجة تحسسنا بس برمضان"


جلس وسطهم و "خالد" يقوم بتجهيز أسلاك الكهرباء و "ياسين" يقوم بفرد فروع الورق المُزينة، فوقف "عامر" يقول بقلة حيلة:

"خالد !! هو أنتَ إيه اللي يزعلك مني و يخليك تضايق ؟!"


طالعه "خالد" بتعجبٍ فتحدث هو بنفس الضعف:

"حقك عليا يا خالد، بس أنا مش قادر بجد، أعذرني يا صاحبي"

قبل أن ينطق "خالد" ركض "عامر" للخارج ثم رفع صوته قائلًا:

"يــا عــيـال..... احنا هنعلق زينة رمضان تعالوا.....كل سنة و انتوا طيبين"


صرخ الاطفال بقوةٍ و هم يركضون نحوه فتحدث "ياسر" بسخريةٍ و هو يقول:


"مكتوبالك يا خالد، عامر هيقضي عمره اللي جاي فوق السفرة"

_________________________


في بيت آلـ «الرشيد» كانت "سلمى" تتحدث عن قدوم الشهر الكريم حتى أضافت بقلة حيلة:


"بس أنا زعلانة أوي، رمضان السنة دي البيت هيكون فاضي، كلهم مشيوا و مفيش غير أنتم بس، كان نفسي نكون سوا و خاصةً لما جميلة رجعت"



تحدث "أحمد" بقلة حيلة:

"هنعمل إيه يعني ؟؟ اتجوزوا خلاص يا سلمى، عقبالك كدا إن شاء الله"


ابتسمت هي له و في تلك اللحظة قفزت "خلود" من موضعها و هي تقول بحماسٍ:

"صبرك عليا مش هزعلك و الله


نزلت من السطح للاسفل ثم طرقت الباب الذي قصدت وجهته هي في بيتهم، فُتح لها الباب فقالت هي بخبثٍ:


"الراس الألماظ في العيلة، جاية في خدمة محدش هيعملها غيرك"


كانت تتحدث بخبثٍ و عينيها تلمع ببريقٍ حاد و هي تعلم أن الشخص الذي قصدته هو الذي سيساعدها لما تريد، فمن هو و ماذا تريد ؟!


 الفصل الثمانون من هنا

تعليقات



×